المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع: نظام الإدارة الثلاثية لمحافظة كركوك


تشرين ربيعة
31-07-2009, 02:23 PM
مشروع
نظام الادارة الثلاثية لمحافظة كركوك
والحكم الذاتي لتركمان العراق
(يكفل انهاء الهيمنة والتسلط والتبعية والاستحواذ)

إعداد: عزيز قادر صامانچي

توطئة لابد منها:

ربما ان الافكار التي يتضمنها مشروعنا هذا، تبدو للوهلة الاولى وكأنها ضرب من الخيال، وبعيدة كل البعد عن الواقعية العملية أو انها أفكار متزمته ومتجمدة تنبعث من الايديولوجية العنصرية الراديكالية، ولكن ستظهر الحقيقة غير ذلك تماماً، إذا ما تم قرآءة المشروع بدقة وتأني وبعقل متفتح، بعيداُ عن تاثيرات القوالب الفكرية المألوفة والمتداولة التي اصبحت بالية ومستهلكة وقد عفى عليها الزمن لعدم جدواها، لذلك نوصي القارئ العزيز بأن يخلي ذهنه عند قرآءة المشروع من الافكار النمطية القديمة التي تكتنفها الحلول او المقترحة المطروحة لمعالجة مشكلة كركوك والتعامل مع قضية الشعب التركماني في العراق.

هذا اولاً، ولكي يكون تقيم القارئ للافكار الواردة في المشروع صحيحاً، ينبغي عليه ان ينأى بنفسه عن اصدار احكام مسبقة او جزئية تتعلق بجزء من الفكرة، وانما ينبغي ان ينصب الحكم على كامل الافكار التي يتصمنها المشروع، وليس على كل جزء منها جزافاً. ثالثاً، ينبغي النظر الى الموضوع من وجهة نظر وتطلعات المواطن التركماني الخاصة لجهة ضمان المستقبل الزاهر للمكون التركماني في العراق، ولنيل حقوقه الاساسية المشروعة كاملةً غير منقوصة.

اني على دراية تامة بالصعوبات التي ستعترض طريق مشروعنا والعراقيل التي ستوضع امامه، لما يتضمنها من الافكار الجديدة غريبة على الاذهان المشبعة بالافكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع. كما انني على دراية ان المشوار الذي يتطلبه تجسيد هذا المشروع، سيكون شاقاً، صعباً وطويلاً، يحتاج الى العزم والتصميم والصبر طويل الامد، وليكن الامر كذلك، أليست رحلة الف ميل تبدأ من الخطزة الاولى. حتى إذا مجرد حلم، أليست الوقائع على الارض تنشأ من الاحلام، في معظم الاحوال قبل ان تتحول الى الحقيقة الواقعة ؟. واخيراً أليس من حقنا نحن التركمان ان نحلم ونعلن عن حلمنا ونناضل لاجله، كما يحلم غيرنا ويجاهر به ويخطو خطواط حثيثة لتحقيقه.؟

وعلى الصعيد الصراع السياسي نعتقد بأن طرح هذا المشروع من قبل الكيانات السياسية التركمانية وتمسكها به بجد، سينطوي على قدر كبير من الرد المناسب على تمسك تحالف الكردي بالمادة 140 واصراره على تطبيقها بغية ضم محافظة كركوك الى الأقليم الكردي، الامر الذي سيؤدي الى قطع اوصال المجتمع التركماني بتقسيمه الى إدارات متعددة فضلاً عن المركز. ومن جهة ثانية، يشكل المشروع في حد ذاته، في حال تبنيه، رفضاً قاطعاً للدستور الكردي الذي صدر مؤخراً، بل رفضأ لكل المشاريع المشبوهة التي تستهدف النيل من حقوق التركمان المشروعة، وفي اضعف الايمان يعتبر في إطار التكتيك السياسي، رفعاً لسقف مطاليب الشعب التركماني الذي يمكن الركون اليه في خضم السجال او الصراع السياسي بين الاطراف المتنافسة.

تشرين ربيعة
31-07-2009, 02:35 PM
مشروع : نظام الإدارة الثلاثية لمحافظة كركوك

في عام 2005 طرحنا نظام الإدارة الثلاثية على طالة البحث في مقالاتنا السابقة تحت عنوان (نموذج بروكسل) باعتباره الحل الامثل لمشكلة كركوك، وعقدنا عدة ندوات حوله، ولكنه لم يلقى آذانا صاغية في حينه في خضم الأفكار والمشاريع كانت مطروحة بحثأ عن حل يرضي جميع الاطراف على قاعدة التوافق المبني على نظام المحاصصة الطائفية والعرقية.

من بين تلك الحلول ما كان يسبغ وضعاً خاصاً لمحافظة كركوك والعاصمة بغداد. وقد تم صياغته في قانون الذي اصدره مجلس الحكم المؤقت في عهد بريمر، في المادة 58 ببنودها الاربعة، التي اعطت لمحافظة كركوك والعاصمة بغداد وضعاً خاصاً، غير أن الدستور العراقي عام 2005 رحل المادة المذكورة بعد حذف ثلاث فقرات منها الى المادة 140 وحدد لتطبيقها مدة زمنية انتهت في نهاية عام 2007.

لم تنجز اللجان التي تولت تطبيق المادة المذكورة، اعمالها خلال المحددة لها، ولكن الطرف الكردي ظل مصراً على تطبيقها رغم معارضة الكتل والكيانات العراقية عليها، ورغم صدور قانون الانتخابات المحلية الذي نص في المادة 23 منه على تقاسم السلطة في المحافظة بنسب متساوية (32%) لكل من الكتلة العربية والكردية والتركمانية و4% لكلدواشوريين، وان التمسك الطرف الكردي واصراره على وجوب تطبيق المادة 140 التي ادخلت في الدستور العراقي مما يؤكد على انها صيغت لتؤمن مصالح الطرف الكردي، تُقربه من هدفه النهائي المعلن وربما غير المعلن ايضا.

بدخول المادة 140 الى الطريق المسدود وتحولها الى مادة ميتة لانتهاء السقف الزمني المنصوص عليه في الدستور، ظهرتْ أفكارا وآراء وصيغ حلول اخرى في صورة مشاريع او مقترحات طرحها بعض الاشخاص او الجهات السياسية العراقية وغير العراقية، بديلاً عن المادة المذكورة، منها مشروع إقامة إقليم مستقل لمحافظة كركوك أو إقامة فيدرالية ثلاثية او رباعية تضم في ثناياها محافظة كركوك، وقد تولدتْ منها صياغة المادة 23 في قانون الانتخابات المحلية، صاغها مجموعة من النواب عرفوا بكتلة 22 تموز. تشكلت بموجبها لجنة تقصي الحقائق، ما برحت تعمل لتثبيت التجاوزات على الاملاك العامة والخاصة والتغيير الديموغرافي الذي طرأ على التركيبة السكانية لمدينة كركوك بعد 2003 لأغراض سياسية معروفة للجميع.

جدوى المشاريع والافكار المتداولة لحل مشكلة كركوك

هناك تساؤلات عدة يمكن اثارتها حول جدوى المشاريع أو الحلول المطروحة لانهاء المشكلة والصراع المحتدم، منذ عقود طويلة، حول هوية المحافظة وعائديتها او ارتباطها الاداري بالمركز، كما يطالب به الكتلتين التركمانية والعربية في مجلس المحافظة يدعمها الكتل السياسية العربية والتركمانية في عموم العراق، او بالاقليم الكردي حسب مطلب الكتلة الكردية ومن ورائها التحالف الكردي.

بإلقاء نظرة فاحصة على صيغ الحلول والمقترحات المطروحة، نجد انها تتضمن صيغاً مقبولة بمجملها او في معظم جوانبها ولكن لطرف معين دون الاطراف الاخرى. لذلك لم تسفر أياً منها الى نتيجة مرضية للجميع، هذا من جهة، وهناك اسباب وصعوبات تزيد من شدة تعقيدات الاوضاع التي اصبحت شائكة، تعترض طريق الحل والتوصل الى الاتفاق بين الاطراف على صيغة حل معين، ومن تلك الاسباب والصعوبات ما يلي:

اولاً- ملابسات الصراع الناجمة عن المخاوف من خلفية الأطماع السياسية والاقتصادية للاستحواذ على المحافظة لوجود ثروة نفطية هائلة فيها ولأهمية موقعها الجيوستراتيجي الذي يشكل عقدة المواصلات تربط المحافظات الشمالية ومنها الى اوربا ودول اواسط آسيا عبر تركيا وايران.

ثانياً- فقدان الثقة بسبب الشكوك حول نوايا الطرف الكردي لمسقبل المحافظة، بما له علاقة بوحدة العراق وسلامة اراضيه.

ثالثاً - استخدام اسلوب لوي الاذرع من قبل القوى السياسية الكبيرة للحصول على مكاسب اكثر واستحقاقات اكبر، على حساب القوى الاصغر أو الاضعف، من خلال المشاريع التي تصوغها الكتل المهيمنة على العملية السياسية التي تقدمها عادةً كطبخة جاهزة للكتل الاخرى غير المشاركة في العملية السياسية او وجودها هامشية فيها.

رابعاً- ضخامة التخريبات التي احدثها التغيير الديمغرافي في التركيبة السكانية والمجتمعية في المحافظة بعد عام 2003 وعجز الاليات الموضوعة لإزالة التجاوزات التي اطالت الاملاك العامة والخاصة والتغيير الديمغرافي الهائل الذي حدث بعد ذلك التاريخ.

خامساً - وجود مواد دستورية وقوانين حقوق الإنسان تتقاطع مع الاجراءآت الكفيلة لإزالة التجاوزات والخروقات منها، ( حق السكن والعمل والإقامة) المنصوص عليها في الدستور العراقي وفي العهود الدولية التي تمانع سلب المواطنيين من تلك الحقوق الفردية المعترف بها دستورياً ودولياً.

سادساً - فشل تجربة الديمقراطية التوافقية المتبعة في العراق الجديد لحد التاريخ لحل المشاكل، ولا ادل على ذلك من عجز البرلمان العراقي في اصدار العديد من القوانين الحيوية لالتزامه بصيغة التوافق وفق المحاصصة الطائفية والقومية العقيمة التي لا تنجب حلولاً ترضي الاطراف المتخندقة التي ترحج مصالحها الفئوية الخاصة على المصلحة العراقية العامة. لهذه الاسباب الموضوعية وغيرها، نعتقد أن المشاريع المطروحة كافة، وبضمنها المادة 23 بما فيها تقاسم السلطة، لا تجدي نفعاً لتطبيع الاوضاع وتوفير الأمن والاستقرار ولا تحسم المشاكل المعقدة القائمة التي تفاقمت بتقادم الزمن.

المشاريع المطروحة في ضوء مصالح التركمان الحيوية

بالقاء نظرة فاحصة على الصيغ والحلول المطروحة لتطبيع الاوضاع في محافظة كركوك في ضوء مصالح التركمان الحيوية، نرى انها جميعاً، بما فيها تلك التي يطالب بها بعض الكيانات السياسية التركمانية، كمطلب إنشاء إقليم مستقل يرتبط بالمركز أو إنشاء فيدرالية ثلاثية او رباعية تضم (الموصل، كركوك، ديالى وصلاح الدين ) او تقاصم السلطة بموجب المادة 23 من قانون الانتخابات المحلية المعمول به حالياً الى جانب المادة 140 التي دست في الدستور العراقي في غفلة من الزمن، نراها جميعا لا تصب في صالح التركمان في المدى المتوسط والبعيد. كما لاتحقق الهدف المنشود بالنسبة للشعب التركمان سواءً فيما يخص استعادة مدينة كركوك التي تعتبر مركزاً للالهام القومي والثقافي له، إلى سابق عهدها بحيث تعود مقولة (كركوك مدينة تركمانية وستبقى تركمانية) التي سقطت لتحل محلها مقولة (كركوك مدينة التآخي) أو(كركوك مديبة كردستانية) وللاسف الشديد.

اما فيما يخص تعرض الكيان التركماني المتناثر من اقصى الشمال الغربي الى اقصى الجنوب الشرقي الى حالة التهري والضمور التي يتعرض لها منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن، فإن المشاريع المطروحة بمجملها لا تغيير من الامر شيئاً في هذا المجال، لطالما بقي مقسماً الى خمس إدارات ( محافظات) فضلاً عن السلطة في بغداد، تهيمن عليها عناصر من القوميتين العربية او الكردية بتهميش دور التركمان فيها بدرجة خطيرة.

من وجهة نظري الخاصة

اولاً- نبدأ بآلية المادة 23 ونتسائل: على فرض نجاح لجنة تقصي الحقائق في حل المشكلة بالتعويل على فقرات المادة 23 في تثبيت التجاوزات على العقارات، ونفترض ايضاً انها نجحت في تثبيت حجم التغيير الديموغرافي الحاصل بعد 2003، ورفعتْ توصياتها الى البرلمان العراقي، وعلى فرض موافقة البرلمان العراقي على توصيات لجنة التقصي، واصدر قانوناً يقضي ازالة تلك التجاوزات، وعُرض القانون على المجلس الرئاسي وفق الآلية الديمقراطية، فهل يُتوقع مصادقة المجلس الرئاسي على مثل هذا القانون.؟ هذا اولاً، ومن ثم هل يُتوقع صدور قرار تنفيذي حاسم من الحكومة الحالية اوالحكومات المقبلة، يقضي ازالة التجاوزات التي تُعد بمئآت الالوف من الوحدات السكنية التي اصبحت تحيط بالمدينة من جهاتها الاربعة، وإعادة أكثر من 600 الف نسمة نزحوا بصورة غير شرعية الى كركوك.؟ علماً هناك مواد في الدستور العراقي منقولة من قوانين الامم المتحدة لحقوق الإنسان وفي العهود الدولية تنص على (حق السكن والعمل والتنقل والإقامة) للمواطنين حسب اختيارهم ولا يجوز حرمانهم منه، الامر الذي يقف حائلاً لتنفيذ قرار إزالة التجاوزات وترحيل النازحين، وعليه فإن الجهود التي تبذلها لجنة تقصي الحقائق ستذهب ادراج الرياح.

ثانيا- هناك اتجاه لمنع النازحين الى ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها، وعلى رأسها محافظة كركوك، من المشاركة في الانتحابات لمدة عشر سنوات، كما هناك دعوة الى اعتماد احصاء عام 1957 في الانتخابات المقبلة في محافظة كركوك.. فالسؤال هنا: ماذا بعد انقضاء مدة عشر سنوات.؟ حيث سيعود حق المشاركة لهم ولاولادهم البالغين خلال الفترة، مما يعني في احسن الاحوال ترحيل المشكلة التي لها ابعاد اجتماعية وسياسية وثقافية ونفسية، الى وقت آخر ليس إلا ، عندئذ قد يعود الطرف الكردي مجدداً الى المطالبة باجراء استفتاء حول عائدية المحافظة وارتباطها الى الاقليم الكردي بعد انقضاء مدة السنوات العشر.. فما الذي سيتغير بالنسبة لتطلعات الشعب التركماني في الحفاظ على مركز الهامهم القومي والثقافي بإبقائها خارج الاقليم الكردي الذي تعتبره الكتلة التركمانية، هدفاً سياسيا،ً تسعى الى تحقيقه منذ امد بعيد، على هذا الاساس يمكنني القول بان المشاريع المذكورة لا تحاكي آمال وتطلعات الشعب التركماني وأن الجهود السياسية التي يبذلها الساسة التركمان في هذا المجال ستذهب بدورها ادراج الرياح.

ثالثاً- اما فيما يتعلق بالمشاريع الاخرى التي سبق وان طرحتها بعض الجهات اوالاشخاص. لقد اوضحنا ملابساتها باسهاب في مقالااتنا السابقة، ونؤكد عليها هنا مرة اخرى مبيناً، ان الافكار والمشاريع كالتي جاء في تقريرً ممثل الامم المتحدة في العراق استيفان دي مستورا الاخير، المتضمن اربعة فقرات تشكل مقترحات لحل مشكلة كركوك وبعض المناطق المتنازع عليها، بدورها سوف لم ولن تكفل بقاء محافظة كركوك خارج إطار المشروع الكردي لاكثر من المدى المنظور، طالما لا يحتمل صدور قرار حكومي يقضي ازالة التجاوزات على العقارات التي تعد بمئآت الالوف وتتعذر اعادة النازحين بمئآت الالوف ايضا الى المناطق التي نزحوا منها الى المحافظة، كما اشرنا الي ذلك فيما تقدم، وطالما ان التحالف الكردي بقي متمسكاً باجندته للاستحواذ على المحافظة بسبب ثروتها النفطية وموقعا الجيوستراتيجي الهام.

واما بالنسبة الى فكرة إقامة اقليم مستقل ترتبط بالمركز او فكرة تقاسم السلطة بين مكونات المحافظة، اواقامة اقليم من ثلاث محافظات تضم (الموصل وكركوك وديالى) بدورها لا تجدي نفعاً لحل المشاكل المتجذرة لان نظام اقليم مستقل لمحافطة كركوك سوف يصطدم بصيغة الاكثرية والاقلية ويفتح الطريق امام التحالفات التكتيكية واستمرار الصراعات حول المكاسب الفئوية، عندئذ نعود الى مربع الصيغة التوافقية التي اخفقت في ايجاد حل لاية مشكلة قائمة، الامر الذي دفع رئيس الوزراء نوري المالكي الى نبذ الديمقراطية التوافقية مفضلاً الاعتماد على الديمقراطية الانتخابية بدلاً منها، ويعني ذلك حكم الاكثرية..وبما يعني أن كلتا الصيغتين لا تنصف تواجد التركمان لا في كركوك ولا في عموم منطقة تركمان ايلي.

مطلب تحويل قضائي تلعفر وطوز خورماتو الى محافظتين

من ضمن مطالب الكيانات التركمانية لتحويل كل من قضاء تلعفر وقضاء طوز خورماتو الى محافظة، نظراً لتوفر المعايير التي تؤهل كل منهما لكي يتحول الى المحافظة، وهذا استحقاق اداري لهما بلا ادني شك لحاجتهما إلى إدارة مؤهلة اكثر لتحمل الأعباء الإدارية التي لم يعد مجلس القضاء قادرا على القيام بها. غير ان هذا الامر سوف لن تساعد على حل مشكلة محافظة كركوك لا من قريب او من بعيد، ولا تساهم في تقوية موقف التركمان ككتلة واحدة في العملية السياسية بشكل ملحوظ، وإذا كان المقصود ايضاً إقامة اقليم مستقل مؤلف من ثلاثة محافظات (كركوك وتلعفر وطوز خورماتو) بعد تحويل الاخيرين الى محافطتين وجعل ارتباط الاقليم المزمع بالمركز، في هذه الحالة ايضأ، نعتقد بانه لا يكفل انهاء الحساسيات القائمة بين القوميات المتواجد في الاقليم المزمع إقامته، كما لا تجدي نفعاً لإنهاء الصراع والتنافس على السلطة لاسباب تتعلق بالذهنية التسلطية سواءً من خلال حكم الاكثرية او من جراء مساوئ الديمقراطية التوافقية في إطار الطائفية السياسية ونزعة الهيمنة التي تتحكم في سلوك السياسيين العراقيين بشكل عام.

ولمزيد من الايضاح نبين، صحيح ان تلعفر مدينة تركمانية صرفة ولكن هناك عدد من العشائر تدعي انتماءها الى القومية العربية وهذا يعني عدد منهم سينالون العضوية في برلمان الاقليم. وهناك نسبة لا يستهان بها من الكرد والعرب في محافظتي كركوك وطوزخورماتو وعليه ان مجموع ممثلي العرب والاكراد في برلمان الاقليم عند تأسيسه، ربما يضاهي عدد ممثلي التركمان اويزيد، وعليه ستلعب المساومات السياسية والاطماع الفردية او الفئوية دورها كما جرى ويجري في محافظة كركوك حول المناصب والمكاسب.

تداعيات تناثر المجتمع التركماني

إن أكثر تداعيات التي يعاني منها المكون التركماني في العراق والتي لها تأثيرات سلبية ملحوظة في اختزال حجمه ووزنه السياسي وبالتالي اضعاف دوره في المعادلات السياسية، ينجم في الاساس عن تناثر المجتمع التركماني في اكثر من إدارة محلية فضلاً عن سلطة المركز، وستبقى هذه الحالة قائمة حتى فيما إذا تم تحويل قضائي تلعفر وطوزخورماتو الى محافظتين، إذ سيستمر تآكل ونخر المجتمع التركماني جراء انصهاره في بودقة العرب او الكرد، وبالتالي يختزل حجمه ويتراجع دوره السياسي في الحراك السياسي العراقي ربما الى مستوى الاقليات الاثنية حكماً أو حقيقةً.

على هذا الاساس ليست من الحكمة، حشد كل الجهود السياسية لمعالجة مشكلة كركوك وأغماض العين عن تداعيات المفاصل الاخرى من القضية التركمانية، ولاسيما تلك التي تعرض قوة وتماسك الكيان التركماني الى التشرذم والهزل، وبعبارة اخرى، ليس من الحكمة التصدي لمشاكل محافظة كركوك بمعزل عن مجمل قضايا التركمان، وإنما يجب التصدي لها بكل مفاصلها بحزمة واحدة من الحلول ولمعالجات.

نظرة خاطفة على إداء التركمان السياسي إزاء المشاريع المطروحة

في هذا السياق، نرى ان الإداء السياسي التركماني لم يكون بمستوى طموح الشعب التركماني، فقد اقتصر في معظم الاحوال على ردود الافعال ازاء تلك المشاريع المطروحة كطبخة جاهزة من قبل الاطراف الاخرى، كما ظلت السياسة التي اتبعتها الكتلتين التركمانية والعربية في مجلس المحافظة طيلة الفترة الماضية، منشغلة بالسجال السياسي والتجاذبات دارت حول معطيات تلك المشاريع، مما اتاح انشغالهما هذا، فرصة نادرة وفسحة من الوقت للطرف الكردي، استغلها لاجراء مزيداً من التغيير في ديموغرافية محافظة كركوك، باستخدام سياسية فرض الامر الواقع.

ومن جهة ثانية، ان انشغال الفكر السياسي التركماني في تعامله مع الافكار والمشاريع المطروحة من قبل الاطراف الاخرى للذود عن المخاطر المحدقة التي تنطوي عليها تلك الافكار والمشاريع، مما جعله عاجزأ عن بلورة مشروع سياسي خاص نابع من ضمير الرأي العام التركماني، يهدف تحقيق المصالح الحيوية للشعب التركماني، بدلاُ من انجرارها وراء المشاريع التي لا تخدم مصالحه في شيئ، حيث أن المشاريع والافكار وصيغ الحلول المطروحة تلك لايجاد حل لمشكلة المحافظة لا يشتمل بالضرورة لا من قريب ولا من بعيد، معالجة تداعيات المشاكل التي يعاني منها المجتمع التركماني في الاقليم التركماني (تركمان ايلي)، فيما يخص الحفاظ على تماسك المجتمع التركمان المتناثر على طول البلاد وعرضها، الامر الذي كان ولا يزال سبباً في اختزال عديده وانصهاره في بودقة العرب او الكرد، بفعل الضغوط السياسية ومغريات الحياة.

وعلى هذا الاساس نرى ان قضية كركوك وإن كانت القضية المركزية والمشكلة الحيوية الاولى للمكون التركماني، إلا انها ليست الوحيدة، بل هناك تداعيات كثيرة تنجم عن معوقات تحول دون امكانية حشد طاقات الكيان التركماني الفعلية وقدراته الحقيقية ووزنه السياسي سواءاً في المعادلة السياسية اوعلى صعيد التعبئة الجماهيرية والقاعدة الشعبية، للمطالبة بالحقوق المشروعة من خلال ممارسة الآليات الديمقراطية.

وان اهم هذه المعوقات تكمن في تمزق المجتمع التركماني وانتشاره جغرافياً طولياً من اقصى الشمال الغربي الى اقصى الجنوب الشرقي ومنقسم الى اكثر من خمس إدارات محلية. ومن هذه الزاوية، نرى ان المعالجات الهادفة لحل اشكاليات محافظة كركوك، لا تفضي بالضرورة الى إزالة حالة انقسام المجتمع التركماني إلى خمس إدارات محلية التي تقف حائلاً لبلوغ المكون التركماني موقعه الطبيعي والحقيقي بين المكونات الشعب العراقي.

لذلك ينبغي عند البحث عن معالجة اشكاليات محافظة كركوك اخذ تداعيات المجتمع التركماني بنظر الاعتبار بحيث يكون الحل المنشود لمشكلة كركوك بوابة لمعالجة التداعيات التي تعيق تطور المكون التركماني التي ليست ناجمة من تناثره جغرافياً فحسب، وانما من انقسامه إدارياً الى عدة إدارات، كما اشرنا اليه فيما تقدم، وبعبارة اخرى، ينبغي عدم فصل بين شقي القضية التركمانية، الاول المتمثل بمشكلة كركوك والصراع حولها والثاني المتمثل بمسألة الحفاظ على المجتمع التركماني وكيانه من الهزل الضمور، ولزيادة التاكيد على أهمية وحدة قضية التركمان، ينبغي ان لا يغرب عن البال معضلات الشق الثاني عندما يجري البحث عن الحل لمعضلات الشق الاول، حيث ان المصلحة الستراتيجية القومية والوطنية للمكون التركماني تكمن اساساً في الحفاظ على تماسك المجتمع التركماني في جميع اجزاء الاقليم التركماني (تركمانايلي) ولا يمكن تحقيق ذلك، بحسب رؤيتنا الخاصة، إلا بنظام إداري يكفل توحيد اجزاء تركمانايلي بإدارة تركمانية واحدة، مركزها في قلب مدينة كركوك. وهذا يعني بعبارة اكثر شمولية، إعتماد ( نظام إدارة ثلاثية ) للمحافظة، احداها تختص بشؤون التركمان والثانية خاصة للاكراد والثالثة للعرب.

وهذا هو المشروع المقترح الذي نشرته عام 2005 وطرحته للنقاش لاغنائه بمزيد من الاراء والافكار والملاحظات المعلوماتية، تحت عنوان (نموذج بروكسل، هو الحل الامثل لمشكلة كركوك) واكرر طرحه هنا مجدداً تحت عنوان جديد ( نظام الإدارة الثلاثية) هو الحل الامثل، بعد ان اخفقت كافة الحلول التي طرحت لحل اشكاليات الازمة السياسية حول محافظة كركوك لحد الان، ليست لأنها لا تلبي تطلعات القومية التركمانية فحسب، وانما لانها حلولاً مبتورة ثبت عقمها وعجزها عن تأمين مصالح الاطراف المتنافسة او المتصارعة، بصورة عادلة. وعليه ان الحل الامثل لانهاء التنافس والصراع يكمن في انشاء إدارات مستقلة لكل قومية من القوميات الثلاثة الكبيرة، على ان يُمنح للكتلة الرابعة ( الكلدوآشورية ) حرية اختيار الإدارة الانسب لها من وجهة نظرها.

سنعود الى نظام الإدارة الثلاثية (نموذج بروكسل) لتقديم مزيداً من التفاصيل عنه في الفقرات القادمة

1- ضبابية الرؤية وغياب الهدف.

من المعلوم ان عمر السياسية التركمانية العلنية ليس طويلاً، لذلك فإن التجربة السياسية التركمانية تعتبر حديثة العهد، لاتزيد عن عشرين عاماً تقريباً، تبدأ من تشكيل اول حزب تركماني علني عام 1990.

ولكن إذا اخذنا التقدم العلمي والتكنولوجي وثورة الاتصالات بنظر الاعتبار في مجال الاتصالات ووسائل الاعلام المرئية والمقرؤة من خلال الفضائيات وخدمة مواقع الانترنيت وتلفون النقال والصحافة المتطورة ودخولها الى العراق بشكل مكثف بعد سقوط النظام السابق التي فتحت افاقاً واسعة ورحبة امام الجميع للحصول على المعلومات في كافة المجالات، لذلك يمكن اعتبار مدة عشرين عاماً، منها ستة اعوام الاخيرة التي فتحت الابواب على مصراعيها امام المعلومات والتي اصبحت متاحة للجميع من خلال وسائل الاعلام التي تبث على مدار 24 ساعة بكل اللغات، وتغطي الاحداث اليومية بكل تفاصيلهاً الدقيقة، مما يجعل الاعوام الستة الاخيرة ليست بمدة قصيرة لتنمية الثقافة السياسية والاعلامية والديمقراطية.

لقد استثمرتْها بجدية بعض الاطراف السياسية احزاباً او كتل او كيانات، ونجحت في اعطاء نقلة نوعية لإدائها السياسي رغم ان بعضها حديثة التشكيل، تشكلت بعد سقوط النظام السابق، بينما ظلت كيانات سياسية اخرى جامدة، وعاجزة عن مواكبة التطورات في مجال العملية السياسية، ربما لأنها ظلت منشغلة بالتعامل اليومي مع مستجدات الاحداث المتسارعة وتداعياتها، والتهت بالامور الشكلية التافهة لمجرد تسليط الاضواء على اعمالها الشكلية التي لاتسمن ولا تغني الشعب من الجوع، كما لا تجدي نفعاً لحل المشاكل العالقة والمزمنة، الامر الذي يشير بوضوح الى ضبابية الرؤية وغياب الهدف الستراتيجي المحدد والواضح.

لقد اضطرت مثل هذه الكيانات السياسية على الاكتفاء باظهار ردود الافعال ازاء الاحداث والانقياد اضطراراً بما تطرح من الافكار والمشاريع من قبل الاطراف الاخرى، منها بعض الكيانات السياسية التركمانية والعربية في تعاملها معها، من موقع الدفاع عن وجهات النظر والمصالح الخاصة التي غالباً ما تكون غائبة في تلك المشاريع والافكار والحلول، سواءاً لجهة حل اشكاليات المشهد العراقي او تلك التي تتعلق في صميم الشأن التركماني كمشلة كركوك وغيرها التي تهدد وجود الشعب التركماني في العراق، مما يؤكد وبلا ادنى شك، غياب مشروع سياسي تركماني خالص وبسبب ضبابية الرؤية في تحديد الهدف بوضوح وشفافية، في بعض المشاريع التي ينادي بها بعض الاشخاص او الكيانات االسياسية التركمانية، بحيث يضمن للمكون التركماني مكانته الاجتماعية ووزنه السياسي ومستواه الثقافي بين مكونات الشعب العراقي، وبعبارة اخرى الافتقار الى برنامج عمل ومشروع سياسي واضحة المعالم والاهداف.

وعليه ان المطلوب هو تأسيس مشروع تركماني خالص واضحة المعالم والاهداف، على ان الاهداف المحدده فيه يجب ألا تناقض المبادئ الوطنية العامة المتمثلة بوحدة العراق ارضاً وشعباً.

2- وجود هدف ستراتيجي وغياب مشروع سياسي

لقد اثبتت الكيانات التركمانية السياسية بشكل عام، بعد النظر والحصافة، فيما يخص تحديد الهدف الستراتيجي وذلك بتمسكها بالمبادئ الوطنية من خلال تاكيدها على وحدة العراق ارضاً وشعباً وتصديها للمشاريع التي من شأنها تؤدي الى التجزأة وتقسيم العراق الى الفيدراليات والاقاليم .. لكنها أهملت تأسيس مشروع تركماني يتضمن اهدافاً تؤمن المصالح القومية التركمانية في اطار الاهداف الوطنية العراقية، لذلك نسطيع القول بوجود الكثير من السلبية في هذا المجال ، سماتها الاساسية اعتماد ثقافة التظلم. واتباع سياسة خجولة. والتردد في استعمال الحق، ومؤآثرة السلبية في استخدام الآليات الديمقراطية لانتزاع الحقوق المشروعة للشعب التركماني، لذلك يلاحظ ان سقف مطالبها واطئة على طول الخط، في كل المجالات التي تنافسها فيها اطرافاً اخرى التي جعلت سقف مطالبها عالية جداً تتجاوز الخطوط الحمراء في حين ان المطالب التركمانية لم تلامس حتى الخطوط الخصراء مع انها تعتبر مشروعة بكل المعاير الوطنية والاقليمة والدولية

3- المطلوب كسر حاجز الخوف والتردد في استعمال الحق

لعل السمة البارزة للسلبية في الايداء السياسي التركماني ترددها في اسعمال الحق بعدم اقدامها لكسر حاجز التردد في استعمال هذا الحق والدفاع عنه بكل السبل المتاحة.

لايضاح هذه الفكرة نشير الى التجربة الكردية في هذا المجال (على سبيل المثال وليس الحصر). لقد تمثلت في الخطوات التي اتخذتها القيادات الكردية في مجال كسر حواجز التردد لتحقيق اهدافها القومية المرسومة، تمثلت اولها في تكريس تسمية كردستان على شمال العراق التي لم تكون متداولة قبل بداية التسعينات من القرن الماضي. والثانية تمثلت في المطالبة بحق تقرير المصير من خلال مؤتمر المعارضة العراقية في (فيينا) عام 1992. والثالثة في مشروع الفيدرالية الكردية في المؤتمر التكميلي في صلاح الدين، تشرين الاول من العام نفسه، تعقبها مطالبات الحدودية لرسم حدود كردستان

لقد واجهت مطالب، حق تقريرالمصير، والفيدرالية الكردية، وتسمية كردستان الى مناطق شاسعة من شمال العراق التي كانت توصف بربوع العراق الحبيب، معارضة شديدة من الاطراف العراقية ودول الجوار في بداية الامر، ولكن الان لم يبق من لا يقر بمطلبهم سواءاً فيما يتعلق بحق تقرير المصير او الفيدرالية الكردية او اطلاق كردستان إلى شمال العراق سوى قلة من الناس..

وبعد سقوط النظام السابق كرس العلم الكردستاني والكتابة باللغة الكردية اسماء الشوارع والمحلات ودوائر الرسمية، كما رفع التحالف الكردي من سقف مطالبه حول مسألة السيادة والصلاحيات ومناطق النفوذ والامتيازات النفطية ويجادل الان للحصول على ما يمكنهم من الحصول عليها

هذا لايعني انني أُروج التلقيد او الاقتداء بسياسات الاطراف الاخرى اوالمطالبة بما يطالبون به تحديداً، وانما اريد فقط توجية الانظار الى مسألة واحدة فقط من تلك السياسة، وهي ما يتعلق بكسر التردد في استعمال الحق الامر الذي تتحاشاه الساسة التركمان لحد الان.

4- المطلوب من الكيانات السياسية التركمانية اجمالاً

أولا- الاقلاع عن ثقافة التظلم من التعرض للاضطهاد والتشكي من التهميش، بل ينبغي اظهار ردود فعل ايجابية مناسبة ازاء مثل هذه الممارسات باللجوء الى استخدام الآليات الدستورية والديمقرطية وعدم الاكتفاء بالتظلم والتباكي عبر وسائل الاعلام فحسب

ثانيا- كسر حاجز التردد في استعمال التسميات والمصطلحات كحق تقرير المصير مثلاً، وهو الحق الذي يعتبر متاحاً للشعوب المضطهدة في القانون الدولي، تقره الأمم المتحدة، فلماذا التردد في المطالبة بمثل هذا الحق من قبل الكيانات التركمانية طالما ان الاهداف التركمانية بعيدة كل البعد عن نعرة الانفصال او الاخلال بوحدة العراق ارضاً وشعباً، وهي ليست اكثر من المطالبة بحق الاختيار وتقرير المصير رفضاً للهيمنة والتبعية لهذه الجهة او تلك، فهي لا تقع خارج إطار تشكيل إدارة مستقلة للمكون التركماني كشكل من اشكال الحكم الذاتي استناداً على القانون الدولي والمواد الخاصة بحرية الاختيار في الدستور العراقي.

ثالثاً- عدم العزوف عن استعمال بعض المسميات مثل (تركمانستان) او(الاقليم التركماني) مثلاً، بدلاً من (تركمان ايلي) التي يثقل على لسان العرب والقوميات الاخرى, وليس هناك ما يمنع استعمال الساسة التركمان ومثقفيهم مثل هذه المصطلحات القانونية والدستورية، طالما انها اصبحت متاحة للكتل العراقية، يجاهرون بها ويدافعون عنها بقوة، فلماذا التوجس من استعمالها من قبل الكيانات السياسية التركمانية، في حين لم يعد هناك مجال للمهادنة السياسية والتخلي عن استعمال الحق والاكتفاء بالتظلم والتشكي من التهميش والغبن، قد تقوم هذا النهج السياسي التركماني على مبررات مفادها رعاية مشاعر الوطنيين العراقيين العرب وغيرهم، من جهة، ولغرض التأكيد على الالتزام الاخلاقي بفكرة الدولة الأُحادية (اليونيتارية) التي تأسست الدولة العراقية بموجبها عام 1921 حيث لم تكن تلكم المصطلحات مألوفة او متداولة قبل اقل من العقدين من الزمان، ولكن لم يعد الامر كذلك الآن، فقد اصبحت تلك المصطلحات مشاعة ومتداولة في اللغة السياسية العراقية، بل لها ذكر في الدستور العراقي، وقد تم تبنيها وتكريسها من قبل بعض الكيانات بالاعتماد على البنود الدستورية.

ألا يعني بهذا النهج البقاء في نفس المربع، في الوقت الذي طرأ على المشهد العراقي تطورات هائلة خلال الفترة الاخيرة، وألا يعتبر تخلفاً عن مواكبة التطورات الحاصلة. وعليه نعتقد بات لزاما على الكيانات التركمانية كسر حاجز التردد والانطلاق لاستعمال كامل الحق الدستوري المتاح للجميع بالتساوي.

ولا بد من عدم التقاعس في تطبيق الآليات الديمقراطية كتنظيم المظاهرات والاعتصامات عندما تدعو الحاجة اليها، وكذلك اللجوء الى المحافل الدولية لمطالبة تدخلها لإيقاف انتهاكات حقوق اللإنسان وحقوق الشعب التركماني .

رابعاً- اتخاذ تدابير عملية وجدية لتنظيم قوة رادعة للأعتداءآت على أهلنا في مناطق التركمانية. علماً بانني سعيت الى خلق مثل هذه القوة منذ عام 1993 ولكن للاسف الشديد لم تنجح المساعي التي بذلتها طيلة السنوات السابقة لسقوط النظام السابق، فلو كانت تحققت مطلبنا في حينه، لما سمعنا اصواتاً تتعالى هذا اليوم مطالبة بها وبعد ( خراب كركوك)

تشرين ربيعة
03-08-2009, 09:54 AM
مشروع تركماني (حكم ذاتي) بإدارة تركمانية خالصة

استعرضنا فيما تقدم الافكار المطروحة والمشاريع المعمول بها لايجاد حل لمشكلة كركوك، التي تدولتْ، لفشل الاطراف العراقية في التوصل الى حل يرضي الجميع.

وقد أكدّنا على عدم جدوى الافكار والمشاريع التي طرحتها بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية والتركمانية وغير التركمانية، بضمنها الصيغ التي لها صبغة قانونية ودستورية مثل المادة 140 التي اصبحت مادة ميتة حكماً في الدستور، وكذلك المادة 23 الجاري التعامل معها، فضلاً عن توصيات دي مستورا في تقريره الاخير، وقد سلطنا الاضواء على جميع تلك الصيغ وخرجنا بنتيجة مفادها، لا جدوى من الحلول العقيمة لمشكلة بالغة التعقيد كمشلة كركوك تحدديداً، لما لها اطراف داخلية وخارجية وابعاد سياسية ومجتمعية وثقافية ونفسية تؤطرها طموحات مستقبلية.

وفيما يخص التطلعات والحقوق المشروعة للشعب التركماني وهو الاهم من منطلق مصالح التركمان القومية والوطنية، أن صيغ الحلول والمشاريع المقترحة اوالمشاريع المطروحة والجاري التعامل معها، لا تشكل إطاراً عاماً يحقق آمال الشعب التركماني وتطلعاته المستقبلية، ومن جهة ثانية، ليست فعالة او مغرية لحمل التحالف الكردي على التخلي عن مشروعه السياسي لضم المحافظة الى الاقليم الكردي قناعةً او رعاية لرأي العام الداخلي والاقليمي والعالمي.

إلى ذلك فإن ما يبذل من الجهود والوقت ومايخصص من الاموال، ليس اكثر من الإضاعة للوقت والجهود وإهدار للمال العام، لإنها، كما بيينا، لا تشكل حلاً حاسماً لإشكاليات القضية المأزومة بابعادها وعقدها المستعصية على الحل.

ومن جهتها فإن الجهود التي تبذلها الكيانات التركمانية إزاء تلك المشاريع العقيمة، لا تجدي نفعاً لانهاء معانات الشعب التركماني جراء تعرض نسيجه الاجتماعي للضمور والهزل منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، ولا تنهي حالة التبعية والهيمنة والتسلط الواقع عليهم منذ ذلك التاريخ، طالما ان اجندات الاطراف السياسية بنيت علىالاحلام والطموحات التي تتنكر لحقوق الشعب التركماني وتطلعاته المشروعة، طمعاً لاستحواذ على الثروة النفطية في المحافظة وموقعها الجيوستراتيجي المتميز، وما مقولات الاخوة والتعايش والتوافق السياسي والشراكة في الادارة والسلطة إلا شعارات مفروغة من المعنى تستخدمها الجهات المتسلطة على العملية السياسية للنيل من استحقاقات الطرف او الاطراف المغلوبة على امرها، تطبيقاً لاجندتها الطامعة والمتعطشة لمصادرة حق الاخر و الاصرار على عدم الاعتراف به، باستخدام شتى الطرق والوسائل القهرية غير الإنسانية، ولان الأطراف التي تطلق تلك الشعارات وتتمشدق بها لا تؤمن بها بتاتاً.

كل هذه الامور وغيرها قادتنا الى التفكير الجدي بضرورة بلورة مشروع تركماني خاص يهدف الى تحقيق المصالح الحقيقية للمجتمع التركماني، ويضع حداً لحالة التبعية والهيمنة والتسلط والاستحواذ التي يمارسها بعض اصحاب السلطة من القوميات الاخرى على المواطنين التركمان مما خلق بشكل او بآخر الاحساس بالظلم والاضطهاد والتهميش تحولت الى ثقافة التظلم والتشكي من التهميش والتحجيم، والتعرض بالظلم والاضطهاد، استشرت في الاوساط السياسية والشعبية التركمانية بمرور الزمن.

وفي الواقع ان استشراء تلك الثقافة لم تنجم عن الاحاسيس التي لا تستند على الاساس وانما لها اسباب موضوعية مبنية على ممارسات فعلية لاعمال غير الإنسانية وغير المنصفة وغير العادلة من قبل سلطة الحكم والدولة في تعاملها مع الملف التركماني في كل العهود السابقة فضلاً عن ممارسة التفرقة والتمييز والمعاملة السيئة للمواطنين التركمان في دوائر الدولة، او عند مراجعاتهم لها، مما اثار ويثير حالة الاحساس بالغبن في نفوس المواطن التركماني حقيقة او وهماً.

صحيح ان المواطنين العراقيين من جميع القوميات والطوائف يأخذون نصيبهم من الغبن والاجحاف والتعرض للظلم والاضطهاد لدوافع مختلفة واسباب متباينة قد يكون بسبب الانتماء القومي او الطائفي والعرقي والسياسي اوعلى صعيد التنافس على السلطة.

وان ما يعنينا في هذه الدراسة المتواضعة هو الاجحاف بسبب الانتماء القومي الذي يتعرض له المواطن التركماني على وجه الخصوص، وقد ازداد عمقاً بعد سقوط النظام السابق في ظل نظام المحاصصة المقيتة وعليه لأجل انهاء مثل هذه الحالة غير الطبيعية التي يعاني منها المواطن التركماني منذ تأسيس الدولة العراقية ولعدم الجدوى من صيغ الحلول المطروحة، كما اسلفنا، ينبغي ادخال اصلاحات جذرية في السياسية التركمانية الحالية على ان تتضمن معالجات جادة لتداعيات الوضع التركماني السياسي والمجتمعي والاقتصادي والمعنوي وغيرها، وتطويره نحو الافضل ليبلغ مستواه الحقيقي المطلوب، الامر الذي يدعو الى تأسيس مشروع سياسي تركماني مبني على اسس اصلاحية جذرية.

اسس بناء مشروع سياسي اصلاحي تركماني

من المعلوم ان المشاريع السياسية لا بد وأن تبنى على الأسس والمبادئ العامة وبادخال اصلاحات سياسية تقتضيه الضرورة المرحلية وفيما يخص الوضع التركماني الحالي نعتقد ضرورة مراعاة الاسس العامة التالية في بناء مشروع سياسي تركماني:

1. انهاء السياسة السلبية المشخصة وذلك بانتهاج سياسة إيجابية، تتسم بجرأة والحنكة السياسية، باستخدام فعال لمعطيات آليات الديمقراطية عندما تدعو الحاجة اليها لمقاومة الاجحاف والغبن وانتهاكات الحقوق المنصوص عليها في الدستور العراقي.

2. الاقلاع عن ثقافة التظلم والتشكي او التباكي، باستخدام ثقافة ايجابية ابداعية، من خلال مبادرات سياسية من شأنها أن تنهي السلبية التي يعتقدها البعض حالة حضارية لها علاقة بالمستوى الثقافي للشعب التركماني يُصف بـ( الافندية)، الحالة التي اضرت بالسياسة التركمانية كثيراً.

3. كسر حاجز التردد في استخدام التعابير المنصوص عليها في الدستور العراقي وفي معظم دساتير دول العالم كمطلب حق تقرير المصير للشعب التركمان طالما ان استعمال هذا الحق لا يعرض وحدة العراق الى مخاطر التجزأة او التقسيم، لسبب بسيط هو، ان وضع الجيوستراتيجي للمكون التركماني لا يساعد على ذلك كما هو عليه وضع الجيوستراتيجي للاكراد مثلاً حيث ان هناك وجود امتداد جغرافي للشعب الكردي عبر الحدود مع دول الجوار( تركيا وايران وسوريا). ولا يوجد مثل هذا الامتداد للتركمان مع اية دولة مجاورة، الامر الذي يشكل فارقاً جوهرياً بين مطلب التركمان بالفيدرالية اوتشكيل اقليم مستقل او حكم ذاتي يشمل كافة المناطق التركمانية (تركمان ايلي) تحت إدارة تركمانية مستقلة ترتبط بالمركز.

4. لا شك ان اتخاذ مثل هذه الخطوات الاصلاحية الواعدة لاعطاء نقلة نوعية للسياسة التركمانية بحاجة قبل كل شيئ الى توفير مستلزمات نجاحها وشروطها التي يمكن تلخيصها كما يلي:

أ - بداية لا بد من تحرير العقول والاذهان من القوالب الفكرية القديمة والنمطية البالية التي اعتادت عليها لتكون جاهزة لاستيعاب الافكار الحداثية الجديدة

ب - الايمان بعدالة القضية والتمسك بالمبادئ الستراتيجية التي يحددها المشروع الاصلاحي لبلوغ الاهداف الجوهرية المحددة لها.

جـ - تنطيم حملة توعية في الاوساط السياسية والشعبية لتهيئة الراي العام التركماني اولاً، لكي يكون جاهزاً لقبول الافكار الجديدة ومن ثم الانفتاح الى الاوساط السياسية العراقية والاقليمة والدولية لشرح فكرة المشروع ومضامينها وجدواها لحل مشكلة كركوك ومن خلالها انهاء معانات الشريحة التركمانية المستمرة منذ عقود طويلة جراء تناثرها على طول البلاد وعرضها.

تشرين ربيعة
03-08-2009, 10:00 AM
• لغرض تقريب الصورة للاذهان فضلنا تقسيم المشروع من الناحية التنفيذية الى مرحلتين : في الاولى، بحثنا عن مشروع الإدارة الثلاثية لمحافظة كركوك وفي الثانية بحثنا عن نظام الحكم الذاتي لتركمان العراق.

المرحلة الاولى
مشروع ( نظام الإدارة الثلاثية لمحافظة كركوك)

ان طرح هذا المشروع ليس بجديد، وقد طرجناه ونشرنا عنه في الصحف وفي مواقع انتؤنيت عام 2005 تحت عنوان ( نموذج بروكسل) هو الحل الامثل لمشكلة كركوك، وقد تضمن مشروع المرحلة الاولى هذا، افكاراً وحلولاً لمشكلة محافظة كركوك بما يضمن انهاء حالة الاحتراب السياسي والاحتقان القومي والطائفي المحتدم بين الاطراف، منذ وقت طويل، جراء التنافس او الصراع حول هوية المحافظة وعائديتها وارتباطها بحيث تحولت العلاقة بين الاطراف الى حالة جدلية تعكر الامن والاستقرار مشوبه بثقافة الكراهية والضغائن والاحقاد مما سلب راحة الجميع وافقد ثقتهم بمسقبل العلاقة السوية فيما بين ابناء الوطن الواحد.

فحوى مشروع المرحلة الأولى:

مما شك فيه ان الحلول غير العادلة التي تحقق مصالح بعض الاطراف فيما تغبن الاطراف الاخرى، كذلك الحلول الترقيعية او التجزيئية سوف لا يكتب لها الديمومة لأنها لا تحقق العدالة والانصاف، إذن لابد ان تكون الحلول عادلة اولاً وجذرية وحاسمة وليست ترقيعية او تجزيئية اوفرضية غير منصفة ثانياً.

فلما كانت قضايا الشعوب لا تقبل تجزئة وعليه يجب ان يكون التعامل مع القضية التركمانية جذرياً وشاملاً يستهدف معالجة اشكاليات الصراع حول محافظة كركوك من جهة وتكون مجدية لإزالة المعوقات التي تعترض نهوض المكون التركماني في هذا الجزء من العراقمن من جهة ثانية.

والحل الذي نطلع اليه ونعتقده يجب ان يكون حلاً عراقياً وعادلاً شاملاً وجذريأ وغير ترقيعية للمشاكل العالقة، ولكن لا بأس في هذا المجال الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى، وتطويرها بحيث تلائم ظروف العراق المغايرة للظروف التي تحيط بتجارب تلك الشعوب، وأن أفضل تلك التجارب او النماذج بحسب تقديرنا هو(نموذج بروكسل) وقد سبق لنا نشر معلومات أولية عنها عام 2005، وسنعود عليه هنا بشيء من التفصيل كما في ادناه.

والجدير بالذكر ان رئيس جمهورية العراق الأستاذ جلال الطالباني أشار في مقابلة تلفزيونية إلى (( نموذج بروكسل )) لحل مشكلة كركوك ولكن لم نعد نسمع شيئاً عن طرحه هذا أو أي خطوة عملية بهذا الاتجاه، ربما لاعتراض الجناح الكردي الاخر على طرحه.

هذا ونتوقع ان يكون من بين توصيات ممثل الأمم المتحدة في بغداد صيغة حل مشابهة لتجربة بروكسل ( الادارة الثلاثية) ربما في حالة فشل المادة 23 أو دخولها كالمادة 140 إلى الطريق المسدود، في نهاية المطاف.

وعليه يكون من الضروري للكتلتين التركمانية والعربية في مجلس المحافظة والكيانات السياسية التركمانية دراسة هذا الموضوع دراسة مستفيضة لغرض الإلمام بكل جوانبها الايجابية باعتباره الحل الأمثل لمشكلة كركوك، يضمن وحدة العراق أرضاً وشعباً، ويفتح الطريق لمعالجة تداعيات القضية التركمانية برمتها.

ولعل الكثيرين لم يطلعوا على مضامين فكرة (نموذج بروكسل) لذلك يكون من المفيد اعادتها هنا فيما يأتي :- وينبغي التنويه بدايةً أن (نموذج البروكسل) او بالاخرى (نظام الإدارة الثلاثية) لمحافظة كركوك يشكل المرحلة الاول من المشروع اما المرحلة الثانية من المشروع فهي ما يخص بحث نظام (الحكم الذاتي التركمان) في العراق، يأتي لاحقاً.

نموذج بروكسل :- مدينة بلجيكية تتألف من ثلاث قوميات أوربية شأنها في ذلك شأن محافظة كركوك متعدد القوميات بعد ان طرأ على واقعها القومي التغيير الديموغرافي كما ذكرنا.

ووفق صيغة بروكسل تكون هناك ثلاثة مجالس إدارة محلية في المحافظة، واحد لكل قومية، يتولى إدارة المنطقة ذات الكثافة السكانية للقومية المعنية، تتعلق بالشؤون الإدارية والتعليمية والثقافية والخدمية والأعمار والإنشاء والاسكان، وغير ذلك من الأمور الحياتية الضرورية. يكون موقع مجلس الإدارة المحلية في المنطقة ذات الكثافة السكانية لكل القومية.

لتوضيح ذلك نقول : يكون هناك مجلس إدارة محلية للاكراد في المنطقة ذات الأكثرية الكرديه وعلى رأسه محافظ منتخب من قبل الأكراد ، ومجلس آخر ينتخب من قبل التركمان يترأسه محافظ تركماني منتخب، ومجلس ثالث يٌنتخب من العرب. هذه الإدارات تتولى شؤون الأفراد المنتمون للقومية المعنية من كل الوجوه.

وعلى هذا المنوال يكون هنالك بلدية خاصة لكل منطقة وكذلك دائرة الأشغال العامة ودائرة النفوس والتسجيل العقاري والضريبة خاصة لكل منطقة، على أن يبقى القضاء والموارد الطبيعية والثروة النفطية بيد السلطة المركزية مستقلاً وكذلك الجيش والشرطة والأمن مع وجود مراكز الشرطة المحلية في كل منطقة من أبناءها.

بإلقاء نظرة سريعة على خارطة مدينة كركوك، يتضح لنا وجود تكتلات سكانية للقوميات في المناطق الخاصة بها .. فالمناطق الكردية تقع في الشمالي الشرقي والشمال الغربي من المدينة عموماً وهي ( الشورجة ، رحيم آوه ، اسكان ، تبة، طيران) والقرى الكردية تقع داخل محافظة كركوك. ويمكن ان تشكل رحيم آوا مركزاً للادارة المحلية الكردية.

اما المناطق ذات الكثافة السكانية للتركمان فهي عموماً في الوسط والجهة الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية وهي ( المصلا ، جاي، بيربادي، جقور، طريق بغداد، تسعين، ومنطقة المحطة وصاري كهيه وقورية وشاطرلو وجينيجلار ..الخ )

وهناك ايضا قرى تركمانية تحيط بمدينة كركوك قضاء التون كوبري ذات أكثرية تركمانية، وناحية تازة خورماتو ودافوق التركمانيتين،والقرى التركمانية (كمتلر- قزليار- باجوان- ليلان- بشير- حمزلي- جرداغلي- ترك الان- كوبزاوا- يايجي- بلاوا- حصار- ترجيل- مطارة- خوروز- يحياوة- قره تبه. ويكن اتخاذ من طريق بغداد مركزاً للادارة المحلية التركمانية.

اما المناطق ذات الكثافة السكانية العربية فهي تتكون من المجمعات السكنية التي تحيط بالمدينة من جهتها الجنوبية، شرقاً وغرباً، ويمكن اتخاذ من قضاء الحويجة مركزاً لإدارة شؤون العرب في المحافظة والقرى المحيطة بها.

وبعبارة اخرى ان القرى والنواحي والاقضية ستكون تابعة الى مجلس ادارة محلية حسب انتمائها للقومية وبالاكثرية السكانية.

وهناك مناطق وسطية مختلطة من القوميات، يمكن تصور خط فاصل بين مناطق الكثافة السكانية للقوميات - شارع المجيدة والاوقاف - ينحرف شمالاً نحو شارع الجمهورية والاطباء اما في صوب ((القلعة)) شارع سوق الكبير - القيصرية ، صعوداً نحو إمام قاسم .

ولاشك ان التدخل السكاني في مناطق مختلطة قد يثير بعض المشاكل والصعوبات إدارية ولكن من الممكن التغلب على هذه الصعوبات من خلال أعطاء الحرية للافراد والعوائل ان تختار مابين الارتباط بالادارة التابعة للقومية التي ينتمون اليها او بقائهم في ادارة المنطقة التي يعيشون فيها .. مع اتاحة الحرية لنقل محل السكن او تغيير الارتباط الإداري حسب رغبة المواطنين انفسهم ومتى ما شاءوا ذلك.

علماً بمرور الوقت، عندما يكبر حجم العائلة، بحيث لا يتسع مسكن واحد لكل افراد العائلة عندئذ قد تختار الافراد البالغين بعد زواجهم السكن في المناطق التابعة الى القومية التي ينتمون اليها، مما تساعد على حل مشكلة التداخل بصورة تلقائية .

نسجل هنا ملاحظة هامة أن التقسيم المقصود ليس على أساس جغرافي وإنما على أساس اثني ( قومي) والملاحظة الثانية تتعلق بالقومية الآشورية والكلدان وغيرهم من أتباع الطوائف الأخرى ينبغي ان يكون لهم مطلق الحرية في اختار أحدى الإدارات المحلية الثلاثة لتمشية أمورهم.

والجدير بالذكر، أن انتشار استخدام وسائل الاتصالات الحديثة ( كالحاسوب والانترنيت والبريد الالكتروني وتلفون النقال، التي سيعول عليها على نطاق واسع لانجاز المعاملات في المستقبل القريب، كما هو معمول به في الدول المتقدمة دون الحاجة الى المراجعات الشخصية، سيساهم كثيراً في حل مشكلة التداخل السكاني والصعوبات النابعة عن المراجعات الشخصية لدوائر الدولة.

هيئة تنسيق محايدة

اما فيما يخص التنسيق بين الادارات الثلاثة، هناك هيئة تنسيق محايده يتم تعيين اعضاءها من قبل المركز، تقوم هذه الهيئة بتنسيق الاعمال والاختصاصات بين مجالس الادارة المحلية الثلاثة، والاشراف على توزيع الميزانية المخصصة للمحافظة والاشراف على صرف الجزء المخصص للمشاريع المشتركة التي تستفاد منها المحافظة بالكامل. تتألف هذا الهيئة من اعضاء البرلمان العراقي.

هذه باختصار، فهي صيغة نعتقدها اكثر قبولاً من صيغة المجلس الواحد الذي يضم كل الاطراف كما هو معمول به الآن وإن كان اعضاءه ينتخبون بطريقة ديمقراطية، ولكن مع ذلك فقد اثبتت التجربة السابقة عدم جدواها لتحاشي الاحتكاك داخل المجلس الواحد .

ملاحظات هامة:

1- إن النظام الإدارة الثلاثية كما بيناه فيما تقدم، ليس مقتبس بكل تفاصيله من التجربة البلجيكية وذلك لاختلاف ظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية بين بلجيكيا وهي دولة اوربية متقدمة، ومحافظة كركوك وهي محافظة في العراق الذي يعتبر ضمن مجموعة الدول النامية ان لم نقل مختلفة.

2- وينبغي التاكيد هنا بشكل قاطع على ان نظام الإدارة الثلاثية لا يهدف تقسيم المحافظة جغرافياً، وانما (اثنياً) اي حسب الانتماء القومي للتركيبة السكانية لمحافطة كركوك تتولى كل إدارة الشؤون القومية التي يمثلها في المرحلة الاولى على ان يتبعها ابناء القومية في كل اجزاء منطقة (تركمان ايلي) (المناطق التركمانية) من تلعفر الى مندلي في المرحلة الثانية وهذا يعني إقامة شكلاً من اشكال الحكم الذاتي المحلي، كذلك الامر بالنسبة الى القوميتين الكردية والعربية.

3- فضلنا تقسيم المشروع من الناحية التطبيقية الى مرحلتين، او خطوتين في الاولى، قدمنا صيغة الحل لأزمة كركوك بديلاً للحلول والمقترحات الطروحة التي اثبتت التجارب السابقة عدم جدواها لإيجاد حلول ترضي كافة الاطراف ويضع حداً للاحتراب المزمن والقائم بينها منذ امد بعيد.

اما الثانية فهي تتعلق بالاصلاحات السياسية التي تستهدف معالجة التداعيات التي يعاني منها المكون التركماني في عموم المناطق التركمانية جراء تناثره في طول البلاد وعرضها، بما يشكل عامل اضعاف للمجتمع التركماني في إظهار قدراته الحقيقية ودوره الإيجابي في بناء العراق. الامر الذي يتطلبه الضرورة التاريخية لمستقبل التركمان في العراق، فهو لا يقل أهمية من اشكاليات الصراع حول هوية محافظة كركوك وعاديتها في حد ذاته.

وهذا ما سنعالجه لتونا، في المرحلة الثانية من المشروع، تحت بند الحكم الذاتي لتركمان العراق.

تشرين ربيعة
03-08-2009, 10:05 AM
المرحلة الثانية
مشروع نظام الحكم الذاتي لتركمان العراق

بداية نود التنويه ان الحكم الذاتي الذي نطرحه لا يستلهم عن ما سبق طرحه من قبل رئيس جمهورية العراق الاستاذ جلال الطالباني بصفته رئيساً للعراق او للاتحاد الوطني الكردستاني وحاول ترويجه من خلال مستشاره (التركماني) مظفر ارسلان الذي واجه رفضأ قاطعاً من الجهات السياسية التركمانية وشخصياتها في حينه.

اما المشروع الذي نطرحه نحن هنا فهو مختلف تماماً عن مشروع المشار اليه من وجوه عدة منها :

1- من حيث الايديولوجية والاجندة السياسية والاهداف والتطلعات المستقبلية

2- مشروع الطالباني يشمل محافظة كركوك تحديداً ويبقي المناطق التركمانية خارج إطار مشروع الحكم الذاتي مجزأة ومتناثرة، بينما مشروعنا يشمل كافة المناطق التركمانية بضمنهم تركمان اربيل ويستهدف توحيد اجزائها ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وتحت إدارة تركمانية واحدة

3 - مشروعنا لا يتجه نحو التقسيم الجغرافي وانما يستهف معالجة تداعيات التداخل الجعرافي بين القوميات.

4- يؤكد المشروع الذي نطرحة ارتباط منطقة الحكم الذاتي التركماني بالمركز تحديداً وبشكل قطعي ونهائي

5- سيتضح هذه الفروقات وغيرها للقارئ جلياً من خلال قرآئته للمشروع .

حيثيات المشروع الحكم الذاتي لتركمان العراق

لقد بينا حيثيات مشروع الإدارة الثلاثية فيما تقدم (المرحلة الاولى) ومن خلالها اشرنا الى تطلعات المجتمع التركماني، التي تتعلق بالحفاظ على تماسكه، وانهاء الحالة التبعية والهيمنة والتسلط الواقع على المواطنين التركمان منذ عقود خلت، واكدنا على ضرورة التصدي على مثل تلك الممارسات غير الإنسانية والاوضاع السياسية والاجتماعية غير الصحية لمكون يتطلع الى بلوغ موقعه الطبيعي ضمن مكونات المجتمع العراقي، لكي يمارس دوره الفاعل في البناء العراق الجديد، كما أكدنا على ان الحاجة تدعو لهذه الغرض الى انشاء مشروع سياسي متكامل يتضمن معالجة تداعيات كافة الكيان التركماني التي تضعه في خانة الاضعف بين الكيانات السياسية العراقية.

ولما كانت الحلول والافكار المطروقة لا تعالج التداعيات القضية التركمانية ولا تشكل البيئة السليمة لتحقيق الآمال والتطلعات الشعب التركماني ولا تشكل اياً منها حلاً يرضي جميع الاطراف المتصارعة، كما اسلفنا، لذا نعتقد ان الحل الجذري الحاسم يكمن في (نظام الادارة الثلاثية لمحافظة كركوك) و(الحكم الذاتي لتركمان العراق). وهذا يعني التعامل مع القضية التركمانية كوحدة واحدة لا تقبل التجزأة او التقسيم الى مشكلة خاصة بمحافظة كركوك واخرى خاصة بمناطق التركمان االمتناثرة او كل على حدى.

ولغرض تقريب الصورة الى الاذهان وتوضيح الفكرة الجديدة والمغايرة جذرياً عن الافكار القديمة التي اصبحت بالية لا جدوى منها في حل المشاكل العالقة، نود ان نبين ان المشروع الذي نقدمه يعالج في مرحلته الاولى معضلة محافظة كركوك، بأعتماد نظام إدارة ثلاثية في المحافظة.

اما في مرحلته الثانية فهو يعالج انشاء نظام حكم ذاتي يشمل كافة المناطق التركمانية من اقصى الشمال الغربي الى اقصى الجنوب الشرقي بربطها بالادارة المركزية تتولى شؤون التركمان في محافظة كركوك والقرى والنواحي والاقضية التابعة لها.

ولغرض تطوير وضع المكون التركماني الى حكم ذاتي مستقل في هذا الجزء من العراق يتطلب ربط كافة مناطق (تركمانابلي) التي يشكل التركمان فيها الاكثرية، الى الإدارة المحلية الخاصة التي تتولى شؤون التركمان في محافظة كركوك كما اسلفنا. وهذه المناطق كما هو معروف هي( قضاء تلعفر والنواحي والقرى التابعة له) وتركمان اربيل، وتركمان في قضاء طوز خورماتو والنواحي والقرى التابعة له، والتركمان في الاقضية والنواحي والقرى في محافظة ديالى.

هذه هي الفكرة الاولية والخطوط العريضة لمشروع الحكم الذاتي لتركمان العراق تنطلق اساساً من فكرة نظام الإدارة الثلاثية، قادتنا اليها تجربة (نموذج بروكسل)

وهنا نؤكد مرة اخرى على النقاط المهمة التالية:

أ - إن نظام الإدارة الثلاثية وكذلك نظام الحكم الذاتي المحلي الذي نقترحه لا يتخذان التوزيع الجغرافي اساساً للمعاجة وانما يتخذ الانتماء القومي الثقافي والتجانس الفكري اساساً للنظام المقترح، ولكن ليس بمفهومه العنصري، لانشاء حكم ذاتي مستقل بالنسبة الى المكون التركماني او اندماجي بالنسبة الى القوميات الاخرى العرب والاكراد والكلدوآشوريين.

ب - استخدمنا تسمية الحكم الذاتي لتركمان العراق ولم نستخدم تسمية تركمانستان العراق تحاشياً الإيماء بالفرز او التقسيم على اساس جغرافي وتجنباً لإثارة الحساسيات لدى الجهات الوطنية العراقية التي يشاركها التركمان في القضايا الوطنية الاساسية، رغم انني شخصياً اميل الى استعمال مصطلح (تركمانستان) العراق بدلاً من (تركمان إيلي) كسراً لحاجز التردد في استعمال الحق.

جـ - يكون ارتباط الحكم الذاتي للتركمان بالمركز تحديداً وبشكل نهائي ودائم.

د - تكون الموارد والثروات الطبيعية في عموم العراق ملك العراقيين جميعاً، كما نص عليه الدستور العراقي، استثمارها والتصرف بها اقتصادياً ومالياً يكون من اختصاص الحكومة الاتحادية حصراً.

هـ - يكون القضاء والشرطة والجيش من مؤسسات الدولة العراقية.

و - توزع الميزانية المخصصة لمحافظة كركوك الى الإدارات الثلاثة بأشراف هيئة تنسيقية محايدة، ويكون التخصيص المالي الى إدارة الحكم الذاتي عند تأسيسه، وفق نظام مالي يوضح بقانون.

• ان تطور التقني لثورة الاتصالات التي دخلت العراق بعد سقوط النظام السابق من شأنه يساهم بشكل ايجابي في تسهيل الامور الادارية واجراء المعاملات في الدوائر حيث ان من شأنها تقرب المسافات وتتجاوز الفجوات على الارض وتزيلها.

صعوبات تعترض المشروع

أقول مستدركاً، من المؤكد ان المشروع الذي نحن بصدده، سيواجه اعتراضات كبيرة من قبل مختلف الجهات السياسية وغير السياسية، وان بعض هذه الاعتراضات تنجم عن اختلافات في وجهات النظر وتقاطعات مصالح الاطراف لاختلاف اجنداتها، واعتراضات اخرى قد تنجم عن صعوبة هضم الافكار الجديدة عندما تطرح لتحل محل الافكار القديمة رغم ان الاخيرة اصبحت بالية وعقيمة لا تجدي نفعاً لمعالجة المشاكل العالقة. وهذا أصعب مهمة تواجه المتجددون اصحاب الافكار الجديدة

من هنا اتوقع اعتراضات واسعة وصعوبات تطبقية كبيرة ستواجه فكرة مشروع الإدارة الثلاثية التي اعتقدها الدواء الوحيد الناجع لمعالجة المرض المزمن الذي يعاني منه المجتمع التركماني على وجه الخصوص، منذ تأسيس الدولة العراقية، وربما قبلها بفترة طويلة في العهد العثماني، غير ان الاعتراضات والصعوبات التي ستواجه هذا الشروع سوف لن تكون اكثر من الصعوبات التي واجهت وتواجه المشاريع المطروحة التي لم تسفر الى نتائج ملموسة لحد الان. ولا اعتقد، أنها ستؤدي الى نتائج ترضي جميع الاطراف المتصارعة، مما يعني من جهة اخرى، ان الجهود التي تُبذل لهذه المشاريع لا تؤدي الى الامن والاستقرار والتعايش السلمي ولا تحقق العدالة في الاستحقاقات، ولا المساواة في سلم درجات المواطنة، لذلك فهي ليست سوى مضيعة للوقت والجهود.

وإذا كان مشروعنا هذا غير قابل للتطبيق من الناحية العملية او يصتدم بالمواد الدستورية فان المشاريع الاخرى اثبتت التجارب بعدم جدواها وان مطلب تقاسم السلطة بموجب المادة 23 من قانون الانتخابات المحلية وكذلك المادة 140 التي انتهى مفعولها دستورياً.

والأهم بالنسبة للطرف التركماني، أنه سيكون هو الخاسر الاكبر في حال تطبيق اياُ من المشاريع المطروحة في غياب مشروع تركماني خالص نابع عن ضمير الشعب التركماني، يؤمن بمصالح وتطلعات الشعب التركماني. وفي ادناه نلقي الضوء على هذه الامور الجوهرية.

الاسباب الموجبة والمبررات

هناك جملة من الاسباب الموجبة والمبررات المنطقية، تشكل ارضية الانطلاق للبحث عن افكار حديثة لبناء مشروع سياسي مختلف عن المشاريع المطروحة التي اخفقت في إيجاد حل توافقي سواءً في إدارة مجلس المحافظات والمناطق المختلطة قومياً وطائفياً اوعلى صعيد التحالفات السياسية في ظل الظروف الحالية التي ابتلى بها العراق بعد الاحتلال. نورد من الاسباب والمبررات مايلي:

1- اخفاق الحلول المطروحة وثبوت عدم جدواها لإنهاء حالة الاحتراب والاحتقان والتخندق لاجل الاستحواذ على المكاسب تتجاوز الاستحقاقات المشروعة، وفقدان الامل من تغيير نزعة الغاء الاخر عند معظم المنخرطين في العملية السياسية

2- فشل الديمقراطية التوافقية من جهة، والخشية من الديمقراطية الانتخابية (حكم الاغلبية) من ان تتحول الى الديكتاتورية، من جهة ثانية.

3 - الحديث عن الاخوة والمواطنة والهوية العراقية ثبت انها ليست اكثر من شعارات براقة تطلق لاخفاء ورائها الاجندات الحقيقية، وتستخدم لاغراض الدعاية الانتخابية.

4- العدالة الاجتماعية والمساوات وحقوق الانسان والقوميات، ليست سوى عبارات تجميلية تتضمنها البيانات في المؤتمرات ولأغراض الدعاية الانتخابية والإعلام السياسي.

5- من شأن الانظمة العراقية السابقة واللاحقة ان تُبقي القوي قوياُ وتقوي مركزه اكثر فاكثر في حين تُبقي الضعيف مراوحاً في محله إن لم تضعفه أكثر.

6- لم يعد هناك مبرر للمواربة والتزلف، كما لم يعد هناك مجالاً للانجرار وراء رغبات الاخرين وطموحاتهم. فيما يتعين على التركمان تقديم التنازلات او يفرض عليهم حلولاً مبتورة لا تخدم مصالحهم من قريب اوبعيد.. والى متى التردد والوجل من المطالبة بحقوق المكون التركماني كاملة والاعلان عنها بكل صراحة وشفافية.. والى متى اتباع سياسية المداهنة وتجميل الصورة لدى الذين لم ينصفوا وداعة هذا المكون يوما من الايام.

7 - في الوقت الذي نرى سقف مطالب الاطراف الاخرى عالية في كل المساومات السياسية، نرى سقف مطالب التركمان منخفضة ومتواضعة على الدوام.

8- لقد حان الوقت للسياسة التركمانية بان تتصف بمزيد من الجرأة والايجابية في الاعراب عن آمال الشعب التركماني وتطلعاته وتعلن عنها بكامل الحرية والشفافية وتناضل من اجل قضاياه المصيرية بكل الطرق المتاحة والوسائل المشروعة .؟

9- عدم التردد في استعمال الحق اوالتحاشي لاستعمال المسميات المعاصرة والمتداولة.. لماذا يحق للاكراد مثلاً اطلاق تسمية كردستان على المناطق التي يعتبرونها موطن الاكراد إدعاءً، فيما يطلق التركمان على المناطق التي يعتبرونها موطنهم (تركمان ايلي) ويتحاشون اطلاق تسمية (تركمانستان العراق) عليها مثلاً.. ولماذا لا تكون للتركمان وهم القومية الثالثة في العراق إدارة مستقلة تتولى شؤونه من تلعفر الى مندلي، لماذا يبقون خاضعين لهيمنة الاخرين وسلطتهم الجائرة بتمزيق كيانهم الى إدارات متعددة.. هل بالامكان وقاية المجتمع التركماني من الانصهار في هذه البودقة او تلك في مثل هذه الظروف القهرية.

10- المفارقة الاكثر مدعاة للدهشة ان الاكراد الذين نسبة نفوسهم يتراوح ما بين 14-17 بالمائة، وقد رفضوا الخضوع لحكم السلطة المركزية المباشر عليهم وتحقق لهم ذلك، وهم اليوم يحاولون احتواء التركمان، الذين يشكلون القومية الثالثة في العراق، ونسبة نفوسهم تضاهي 55-60 بالمائة من عدد نفوس الاكراد مع ذلك تسعى القيادة الكردية لضم التركمان تحت حكمهم المحلي الى جانب ضم الاقليات الاخرى،أليس من حق التركمان مقازمة مسعى الكردي للهيمنة ورفضه كما فعلوا هم في رفض هيمنة الأكثرية العربية في العراق.

في ضوء هذه التساؤلات وغيرها نرى أن ليس امام الكيان التركماني سوى اتباع احد المسارين:

الاول- اتباع منهج سياسي ايجابي وفاعل بمعنى ادخال اصلاحات سياسية جوهرية للسياسة الحالية لاعطاء نقلة نوعية، من خلال انشاء مشروع سياسي يكون بمثابة خارطة الطريق للوصول الى الاهداف المرسومة فيه برؤية مستقبلية تضمن للشعب التركماني الحياة الحرة الكريمة.

الثاني - الاستمرار على النهج السياسي الحالي بما فيه من الامور السلبية التي يتعلق بالاداء السياسي التركماني في بعض المجالات، وقد اشرنا اليها بالتفصيل فيما تقدم في اعلاه. والى جانبها بعض الامور الايجابيه التي تعتبر منجزات لا ينبغي التعتيم عليها، وهي ما يتعلق بالامور التنظيمية والثقافية والإعلامية بفضل الفضائيات وخدمة الانترنيت وفي مجال عمل المنظمات المدنية وإن كان بعضها يعمل لتأمين مصالح شخصية اكثر من تقديم الخدمة للمجتمع التركماني وبعضها تشكل واجهات سياسية صورية تشوه صورة التشكيلات التي تتحدث باسمها او تمثلها، هذا باقتضاب شديد لا اريد الخوض بتفاصيله في هذا المجال.

تشرين ربيعة
03-08-2009, 10:06 AM
في ختام هذه العجالة المتواضعة، ليس لي وانا بلغت من العمر عتيه سوى الاعراب عن أملي بان ارى اليوم الذي يستعيد فيه شعبنا التركماني عافيته وقد تخلصت السياسة التركمانية من السلبيات التي تعيق عملها وتغلبت على الصعوبات التي تعترض طريقها واحتل الكيان السياسي التركماني موقعه في المعادلة السياسية العراقية كعنصر اكثر فعالية ضمن الكيانات الاخرى، واصبح كيانا يتمتع بحكم ذاتي ضمن العراق الواحد الموحد، وقد ضمن تماسك المجتمع التركماني ووحدته تحت إدارة خاصة به، تُخلصه من حالة التبعية والهيمنة وتسلط الجهات الاخرى التي ما برحت تفتك بنسيج مجتمعنا التركماني منذ تشكيل الدولة العراقية والى يومنا هذا.

وهذا ما نصبو اليه في مشروعنا السياسي الذي نقدمه لكل من يهمه الشأن التركماني ويتفانى من اجله بكل نزاهة وشرف واخلاص ولاسيما الشباب التركمان الناهض أملي كبير فيهم بأن يكملوا بكل جدارة واخلاص المشوار الذي بدأ به المناضلين التركمان الذين قدموا الكثير من التضحيات والشهداء بغية تحقيق الاهداف الحيوية المنشودة في هذا المشروع الذي يبدو بعيد عن المنال في هذه المرحلة الحالية وربما القادمة ولكن تحقيق الاهداف المرسومة فيه ليس مستحيلاً إذا ما تضافرت جهود الخيرين من ابناء شعبنا الغيارى وكانت هناك إرادة سياسية قوية مشفوعة بعزم وتصميم ، إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلابد ان يستجيب له القدر.

المشروع مطروع للتحاور والنقاش وتبادل الآراء والافكار حول ابعاده من كل الوجوه

نرحب بالآراء والتعليقات والملاحظات القيمة، فعلى الرحب والسعة.

هذه فرصة تاريخية نادرة لاينبغي افلاتها كغيرها من الفرض التي ضاعت، والتاريخ لايرحم