نووورا انا
06-08-2009, 07:12 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
شباهته (عليه السلام) بالنبيّ يوسف (عليه السلام):
أنّ يوسف كان أجمل أهل زمانه، أمّا الإمام المهديّ (عليه السلام) فأجمل منه لكونه ـ روحي فداه ـ أشبه الناس برسول الله وهو أجمل من يوسف ولكنّه لم يظهر على حقيقته الكاملة، وهذا من شؤون ولايتهم التكوينيّة.
روي في إكمال الدين عن رسول الله قال: المهديّ من ولدي،، إسمه إسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، يكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها الأمم، يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.
وبسندٍ آخر عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله: "...كنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، تكون له غيبة وحيرة حتى يُضلّ الخلقُ عن أديانهم فعند ذلك يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
وحيث إنّ رسول الله ليس له نظير إلاّ الإمام المهديّ، نعلَم أنه بمثابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). ففي خبر عن مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: "...لم يُرَ مثل نبيّ الله قبله ولا بعده".(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn8)
ملاحظة:
مفاد الخبر: أنه ليس لرسول الله نظير من الأنبياء والأوصياء سوى أئمتنا عليهم السَّلام فهم أشبه الخلق برسول الله حسبما جاء في الخبر السابق أيضاً، وورد أيضاً أنّ مولانا عليّ الأكبر إبن الإمام الحسين (عليه السلام) كان أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خَلْقاً وخُلُقاً مما يقتضي القول بأنه (عليه السلام) على مستوىً عظيم من الفضيلة والعصمة.
ورد في كتاب تبصرة الوليّ عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري قال:
وجّه قوم من المفوضة والمقصّرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد العسكري (عليه السلام)، قال كامل: قلتُ في نفسي: أسأله عمّا أعتقد وهو: أنّه لا يدخل الجنّة إلاّ مَن يعرف معرفتي وقال بمقالتي.
فلمّا دخلتُ على سيّدي الإمام أبي محمّد، نظرتُ إلى ثياب بيضاء ناعمة عليه، فقلتُ في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب ويأمر بمواساة الإخوان، وينهانا عن لباس مثله، فقال (عليه السلام) مبتسماً: يا كامل! وحَسَر عن ذراعيه، فإذا مَسْحٌ أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم، فسلمتُ وجلستُ إلى باب عليه سترٌ مرخي، فجاءَت ريحٌ، فكشفت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال (عليه السلام): يا كامل بن إبراهيم واقشعررت من ذلك وأُلهمتُ أنْ قلتُ: لبّيكَ سيّدي: فقال (عليه السلام): جئتَ إلى وليّ الله وحجّته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلاّ مَن يعرف معرفتكَ وقال بمقالتك؟ فقلتُ: أي والله، فقال (عليه السلام): إذاً والله يقلّ داخلها، والله ليدخلها قومٌ يُقال لهم الحقيّة، قلتُ: يا سيّدي ومَن هم؟ قال (عليه السلام): قومٌ من حبّهم لعليّ (عليه السلام) يحلفون بحقّه، ولا يدرون ما حقّه وفضله ـ ثمّ سكَتَ صلوات الله عليه، ثمّ قال (عليه السلام): وجئتَ تسأله عن مقالة المفوضة؟ كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول:(وما تشاءون إلاّ أنْ يشاء الله)، ثمّ رجع الستر إلى حالته ولم أستطع كشفه، فنظر إليَّ أبو محمّد (عليه السلام) مبتسماً فقال: يا كامل ما جلوسك وقد أنبأكَ بحاجتكَ الحجّة من بعدي، فقمتُ وخرجتُ ولم أعاينه بعد ذلك.
ومن وجوه الشَّبَه بينهما:
أنّ يوسف (عليه السلام) غاب زماناً طويلاً فدخل عليه أخوته فعرفهم وهم له منكرون، ومولانا الإمام الحجّة (عليه السلام) غاب عن الخلق وهو مع ذلك يسير فيهم ويعرِفَهم ولا يعرفونه.
ويوسف أصلح الله تعالى أمره في ليلة واحدة، حيث رأى فيها ملِك مصر في المنام ما رأى.
والإمام الحجّة (عليه السلام) يصلح الله أمره في ليلة واحدة فيجمع له فيها أعوانه من أقاصي البلاد، فقد ورد في إكمال الدين عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف (في نسخة: سُنّة من يوسف) يصلح الله عزّ وجلّ أمره في ليلة واحدة.(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn9)
وفي حديث مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: في صاحب هذا الأمر سُنّة من موسى، وسُنّة من عيسى، وسُنّة من يوسف، وسُنّة من محمّد.. إلى أنْ قال (عليه السلام): وأمّا من يوسف فالسجن والغيبة.(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn10)
أقول: أنظر ايّها الموالي واعتبر وتأمّل في عظمة مصيبة مولاكَ الإمام وشدّة محنته، كيف صارت الدنيا بسعتها، والأرض برحبها سجناً له (عليه السلام)، بحيث لا يأمن أنْ يظهر لجور المعاندين ومعاندتهم، ومع ادّعاء الشيعة محبتهم له والإنتساب إليه، لكن هيهات زبدٌ كزبد السيل سرعان ما يتبخر، نسأل الله تعالى أنْ يجعلنا من العارفين بحقّهم ومن المضحّين في سبيلهم، وأنْ يعجّل فرَجَه ويسهّل مخرجنا بمخرجه وظهوره المبارَك.
ومن وجوه الشَّبه بينهما:
أنّ يوسف (عليه السلام) لبث في السّجن بضع سنين (فقد روي عن رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: عجبتُ من أخي يوسف (عليه السلام) كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق وروي أنه صلّى الله عليه وآله وسلَّم قال: "لولا كلمته ما لبث في السّجن ما لبث"، وروي عن مولانا الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: جاء جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا يوسف مَن جعلكَ أحسن الناس؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن حبّبك إلى أبيك دون إخوانك؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن ساق إليكَ السيّارة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن صرف عنكَ الحجارة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن أنقذكَ من الجبّ؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن صرف عنكَ كيد النسوة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فإنّ ربّك يقول: ما دعاكَ إلى أنْ تنـزل حاجتكَ بمخلوقٍ دوني؟ إلبث في السجن بما قلت بضع سنين)(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn11) ، فزيادة السجن على النبي يوسف (عليه السلام) كان عقاباً لأنه ترك الأولى حيث استعان بالمخلوق العاصي، فهو جائزٌ إلاّ أنّ الأولى تركه لا سيّما للأنبياء، لذا لبث في السجن بضع سنين، أمّا الإمام الحجّة (عليه السلام) فلم يلبث في سجنٍ وإنما غاب عن أهل زمانه عقاباً لهم وليس له ـ روحي فداه ـ،فيشترك مع يوسف في ماهيّة الغيبة ويفترقان عن بعضهما بالأسباب الدّاعية إلى الغيبة، فالإمام القائم ضاقت عليه الدّنيا بما رحبت، فهو سجين مذ ولد إلى الآن، ويوسف غاب عن خاصّته وعامّته واختفى عن إخوته وأشكل أمره على أبيه يعقوب، مع قرب المسافة بينه وبين أهله وشيعته، والإمام القائم الحجّة (عليه السلام) غاب عن خاصته وعامته، فقد جاء في حديث محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) وأنا أريد أنْ أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدئاً: يا محمّد بن مسلم إنّ في القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم شبهاً من خمسة من الرُّسُل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمّد، صلوات الله عليهم:
فأما شبهه من يونس بن متى: فرجوعه من غيبته، وهو شابٌّ بعد كبر السنِّ، وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السَّلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته، وأما شبهه من موسى (عليه السلام) فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أنْ أَذِنَ لببه عزّ وجلّ في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه. وأمّا سبهه من عيسى (عليه السلام): فاختلاف مَن اختلف فيه، حتى قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قُتِلَ وصُلِب وأمّـا شبهه مـن جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآلـه وسلَّم فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلّى الله عليه وآله، والجبارين والطواغيت، وأنه يُنصَر بالسيف و الرُّعب، وأنه لا تُرَدُّ له راية.
وإنّ من علامات خروجه: خروج السفياني من الشام، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادٍ ينادي من السماء باسمه واسم أبيه.(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn12)
عن مولانا الإمام الباقر (عليه السلام) في بيان شباهته بجمعٍ من الأنبياء قال (عليه السلام): وأما شبهه من يوسف بن يعقوب، فالغيبة من خاصته وعامته واختفاؤه من إخوته، وإشكال أمره عل أبيه النبي يعقوب (عليه السلام) مع قـرب المسافـة بينه وبين أبيـه وأهله وشيعته.(13) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn13)
والفرق بين غيبته (عليه السلام) وغيبة النبي يوسف (عليه السلام)، هو أنّ النبي يوسف (عليه السلام) في الغيبة انقطعت صلته عن شيعته ومحبيه فلم يسمع عنهم شيئاً ولم يدروا بمكانه، أمّا الإمام الحجّة (عليه السلام) فإنّ أنفاسه الشريفة لا زالت ترافق محبّيه وعُشّاقه ومريديه، ففيضه لا يزال ينساب في قلوب خواصّ شيعته كما ينساب الماء في مسالك الأودية العميقة.
إنه الحجّة على مَن مضى ومَن بقي، إنّه الإمام المطلَق، إنّه معلّم يوسف، إنّه وجه الله الّذي يتوجّه إليه الأولياء، إنّه الحبل المتصل بين الأرض والسّماء.
الهوامش
(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref8) مكيال المكارم:1/67.
(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref9) مكيال المكارم:1/187.
(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref10) مكيال المكارم:1/187.
(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref11) مجمع البيان:5/312.
(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref12) كمال الدّين:1/327ح7.
شباهته (عليه السلام) بالنبيّ يوسف (عليه السلام):
أنّ يوسف كان أجمل أهل زمانه، أمّا الإمام المهديّ (عليه السلام) فأجمل منه لكونه ـ روحي فداه ـ أشبه الناس برسول الله وهو أجمل من يوسف ولكنّه لم يظهر على حقيقته الكاملة، وهذا من شؤون ولايتهم التكوينيّة.
روي في إكمال الدين عن رسول الله قال: المهديّ من ولدي،، إسمه إسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، يكون له غيبة وحيرة يضلّ فيها الأمم، يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.
وبسندٍ آخر عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله: "...كنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، تكون له غيبة وحيرة حتى يُضلّ الخلقُ عن أديانهم فعند ذلك يُقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
وحيث إنّ رسول الله ليس له نظير إلاّ الإمام المهديّ، نعلَم أنه بمثابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). ففي خبر عن مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: "...لم يُرَ مثل نبيّ الله قبله ولا بعده".(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn8)
ملاحظة:
مفاد الخبر: أنه ليس لرسول الله نظير من الأنبياء والأوصياء سوى أئمتنا عليهم السَّلام فهم أشبه الخلق برسول الله حسبما جاء في الخبر السابق أيضاً، وورد أيضاً أنّ مولانا عليّ الأكبر إبن الإمام الحسين (عليه السلام) كان أشبه الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خَلْقاً وخُلُقاً مما يقتضي القول بأنه (عليه السلام) على مستوىً عظيم من الفضيلة والعصمة.
ورد في كتاب تبصرة الوليّ عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري قال:
وجّه قوم من المفوضة والمقصّرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمّد العسكري (عليه السلام)، قال كامل: قلتُ في نفسي: أسأله عمّا أعتقد وهو: أنّه لا يدخل الجنّة إلاّ مَن يعرف معرفتي وقال بمقالتي.
فلمّا دخلتُ على سيّدي الإمام أبي محمّد، نظرتُ إلى ثياب بيضاء ناعمة عليه، فقلتُ في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب ويأمر بمواساة الإخوان، وينهانا عن لباس مثله، فقال (عليه السلام) مبتسماً: يا كامل! وحَسَر عن ذراعيه، فإذا مَسْحٌ أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم، فسلمتُ وجلستُ إلى باب عليه سترٌ مرخي، فجاءَت ريحٌ، فكشفت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال (عليه السلام): يا كامل بن إبراهيم واقشعررت من ذلك وأُلهمتُ أنْ قلتُ: لبّيكَ سيّدي: فقال (عليه السلام): جئتَ إلى وليّ الله وحجّته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلاّ مَن يعرف معرفتكَ وقال بمقالتك؟ فقلتُ: أي والله، فقال (عليه السلام): إذاً والله يقلّ داخلها، والله ليدخلها قومٌ يُقال لهم الحقيّة، قلتُ: يا سيّدي ومَن هم؟ قال (عليه السلام): قومٌ من حبّهم لعليّ (عليه السلام) يحلفون بحقّه، ولا يدرون ما حقّه وفضله ـ ثمّ سكَتَ صلوات الله عليه، ثمّ قال (عليه السلام): وجئتَ تسأله عن مقالة المفوضة؟ كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول:(وما تشاءون إلاّ أنْ يشاء الله)، ثمّ رجع الستر إلى حالته ولم أستطع كشفه، فنظر إليَّ أبو محمّد (عليه السلام) مبتسماً فقال: يا كامل ما جلوسك وقد أنبأكَ بحاجتكَ الحجّة من بعدي، فقمتُ وخرجتُ ولم أعاينه بعد ذلك.
ومن وجوه الشَّبَه بينهما:
أنّ يوسف (عليه السلام) غاب زماناً طويلاً فدخل عليه أخوته فعرفهم وهم له منكرون، ومولانا الإمام الحجّة (عليه السلام) غاب عن الخلق وهو مع ذلك يسير فيهم ويعرِفَهم ولا يعرفونه.
ويوسف أصلح الله تعالى أمره في ليلة واحدة، حيث رأى فيها ملِك مصر في المنام ما رأى.
والإمام الحجّة (عليه السلام) يصلح الله أمره في ليلة واحدة فيجمع له فيها أعوانه من أقاصي البلاد، فقد ورد في إكمال الدين عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف (في نسخة: سُنّة من يوسف) يصلح الله عزّ وجلّ أمره في ليلة واحدة.(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn9)
وفي حديث مولانا الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: في صاحب هذا الأمر سُنّة من موسى، وسُنّة من عيسى، وسُنّة من يوسف، وسُنّة من محمّد.. إلى أنْ قال (عليه السلام): وأمّا من يوسف فالسجن والغيبة.(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn10)
أقول: أنظر ايّها الموالي واعتبر وتأمّل في عظمة مصيبة مولاكَ الإمام وشدّة محنته، كيف صارت الدنيا بسعتها، والأرض برحبها سجناً له (عليه السلام)، بحيث لا يأمن أنْ يظهر لجور المعاندين ومعاندتهم، ومع ادّعاء الشيعة محبتهم له والإنتساب إليه، لكن هيهات زبدٌ كزبد السيل سرعان ما يتبخر، نسأل الله تعالى أنْ يجعلنا من العارفين بحقّهم ومن المضحّين في سبيلهم، وأنْ يعجّل فرَجَه ويسهّل مخرجنا بمخرجه وظهوره المبارَك.
ومن وجوه الشَّبه بينهما:
أنّ يوسف (عليه السلام) لبث في السّجن بضع سنين (فقد روي عن رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: عجبتُ من أخي يوسف (عليه السلام) كيف استغاث بالمخلوق دون الخالق وروي أنه صلّى الله عليه وآله وسلَّم قال: "لولا كلمته ما لبث في السّجن ما لبث"، وروي عن مولانا الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: جاء جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا يوسف مَن جعلكَ أحسن الناس؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن حبّبك إلى أبيك دون إخوانك؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن ساق إليكَ السيّارة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن صرف عنكَ الحجارة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن أنقذكَ من الجبّ؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فمَن صرف عنكَ كيد النسوة؟ قال (عليه السلام): ربّي، قال: فإنّ ربّك يقول: ما دعاكَ إلى أنْ تنـزل حاجتكَ بمخلوقٍ دوني؟ إلبث في السجن بما قلت بضع سنين)(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn11) ، فزيادة السجن على النبي يوسف (عليه السلام) كان عقاباً لأنه ترك الأولى حيث استعان بالمخلوق العاصي، فهو جائزٌ إلاّ أنّ الأولى تركه لا سيّما للأنبياء، لذا لبث في السجن بضع سنين، أمّا الإمام الحجّة (عليه السلام) فلم يلبث في سجنٍ وإنما غاب عن أهل زمانه عقاباً لهم وليس له ـ روحي فداه ـ،فيشترك مع يوسف في ماهيّة الغيبة ويفترقان عن بعضهما بالأسباب الدّاعية إلى الغيبة، فالإمام القائم ضاقت عليه الدّنيا بما رحبت، فهو سجين مذ ولد إلى الآن، ويوسف غاب عن خاصّته وعامّته واختفى عن إخوته وأشكل أمره على أبيه يعقوب، مع قرب المسافة بينه وبين أهله وشيعته، والإمام القائم الحجّة (عليه السلام) غاب عن خاصته وعامته، فقد جاء في حديث محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) وأنا أريد أنْ أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدئاً: يا محمّد بن مسلم إنّ في القائم من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلَّم شبهاً من خمسة من الرُّسُل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمّد، صلوات الله عليهم:
فأما شبهه من يونس بن متى: فرجوعه من غيبته، وهو شابٌّ بعد كبر السنِّ، وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب عليهما السَّلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته، وأما شبهه من موسى (عليه السلام) فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أنْ أَذِنَ لببه عزّ وجلّ في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه. وأمّا سبهه من عيسى (عليه السلام): فاختلاف مَن اختلف فيه، حتى قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قُتِلَ وصُلِب وأمّـا شبهه مـن جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآلـه وسلَّم فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلّى الله عليه وآله، والجبارين والطواغيت، وأنه يُنصَر بالسيف و الرُّعب، وأنه لا تُرَدُّ له راية.
وإنّ من علامات خروجه: خروج السفياني من الشام، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادٍ ينادي من السماء باسمه واسم أبيه.(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn12)
عن مولانا الإمام الباقر (عليه السلام) في بيان شباهته بجمعٍ من الأنبياء قال (عليه السلام): وأما شبهه من يوسف بن يعقوب، فالغيبة من خاصته وعامته واختفاؤه من إخوته، وإشكال أمره عل أبيه النبي يعقوب (عليه السلام) مع قـرب المسافـة بينه وبين أبيـه وأهله وشيعته.(13) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftn13)
والفرق بين غيبته (عليه السلام) وغيبة النبي يوسف (عليه السلام)، هو أنّ النبي يوسف (عليه السلام) في الغيبة انقطعت صلته عن شيعته ومحبيه فلم يسمع عنهم شيئاً ولم يدروا بمكانه، أمّا الإمام الحجّة (عليه السلام) فإنّ أنفاسه الشريفة لا زالت ترافق محبّيه وعُشّاقه ومريديه، ففيضه لا يزال ينساب في قلوب خواصّ شيعته كما ينساب الماء في مسالك الأودية العميقة.
إنه الحجّة على مَن مضى ومَن بقي، إنّه الإمام المطلَق، إنّه معلّم يوسف، إنّه وجه الله الّذي يتوجّه إليه الأولياء، إنّه الحبل المتصل بين الأرض والسّماء.
الهوامش
(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref8) مكيال المكارم:1/67.
(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref9) مكيال المكارم:1/187.
(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref10) مكيال المكارم:1/187.
(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref11) مجمع البيان:5/312.
(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.000/003.htm#_ftnref12) كمال الدّين:1/327ح7.