خادم الشيخ الكوراني
08-08-2009, 01:23 AM
الاسم والنسب:
السيّد رضا ابن السيّد محمّد ابن السيّد هاشم بن مير شجاعة علي النقوي الموسوي الهندي(1) النجفي، يرجع نسبه الى الامام علي الهادي عليه السلام.
الولادة:
ولد في النجف الاشرف في ثامن ذي القعدة 1290ه ـ كما حدّث به) رحمه اللّه) اَّقا بزرگ الطهراني(2 ( وكان خامس اخوته الستة.
والده:
كان والده من أعاظم العلماء (3) ونذكر هنا مختصرا عن هذا العالم الجليل:
السيد محمد بن السيد هاشم بن الأمير شجاعت على الموسوي الرضوي النقوي الهندي (1242 هـ- 1323 هـ) له العديد من المؤلفات منها:
2ـ كتب تقريرات سائر مشايخه منها: بحث الشيخ محسن خنفر(1270هـ)، درس الشيخ العلامة الأنصاري، درس السيد حسين الكوهكمري، درس السيد على بحر العلوم، بحث السيد المجدد الشيرازي، تقرير نفسه عند تدريسه للشيخ محمد تقي حفيد صاحب " الجواهر " .
3ـ في الرجال: نظم اللئال، منتخب تلخيص المقال.
4ـ في الاصول: حقائق الاصول في اصول الفقه وحاشية على فرائد الشيخ الانصاري.
5ـ في الفقه: الصراط المستقيم والمنهج القويم في الفقه، متن وشرح له، شوارع الاعلام في شرح شرائع الاسلام ، رسالة في صلاة المسافر، وغير ذلك من المصنفات.
الدراسة والنشأة
هاجر به والده إلى سامراء سنة 1298ه ـ وله من العمر ثمان سنوات ـ حين اجتاح النجف و باء الطاعون(4(، لحضور درس المجدّد الشيرازي(5. (وكانت سامراء آنذاك حاضرة الحوزة العلمية حيث اجتمع العلماء والفقهاء حول المجدّد الشيرازي، حافلة بنوادي البحث والتدريس وكان للادب العربي فيها شأن مرموق، فنهل السيّد الرضا من موارده العذبة فيها ومكث في سامراء مكبّاً على طلب العلم(6(، فنشأ بها على والده، وتعلّم المبادئ، وقرأ مقدّمات العلوم وبعض كتب الادب، حتى عاد مع أبيه سنة (1311هـ ) إلى النجف الاشرف فأتمّ السطوح وحضر الفقه والاُصول على علمائها .
أساتذته :
حضر على جملة من الاعلام منهم(7):
1ـ الشيخ محمّد كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند صاحب الكفاية (1329هـ).
2ـ الشيخ حسن بن الشيخ صاحب الجواهر .
3ـ أبوه، السيّد محمّد الهندي(1242 هـ - 1323 هـ) .
4ـ السيّد محمّد الطباطبائي .
5ـ الشيخ الملا محمّد الشربياني (1248ـ 1322 هـ).
6ـ الشيخ محمّد طه نجف (1241ـ 1323 هـ)
مشايخه بالاجازة:
ويروي إجازة عن أبيه وعن الشيخ أسد الله الزنجاني (1282ـ 1354 هـ)والسيد حسن الصدر (1272هـ ـ 1354هـ) والسيد أبي الحسن الأصفهاني(1284هـ ـ 1365هـ).
كما كتب له الشيخ حسين بن علي البحراني مؤلف " بلغة المرتاد " إجازة متوسطة باسم بلغة الرضا في الإجازة لسيدنا الرضا.
مكانته العلميّة :
لم تسلّط الاضواء على الجوانب العلميّة للسيّد الرضا، حيث طغى عليه الجانب الادبي وشعره الرائع حيث زاول الادب زمناً طويلاً، فأبدع فيه إبداعاً كان المجلّى فيه بين جمع كبير من الاُدباء والعباقرة في زمانه(8 (، وحمل راية الادب في النجف زماناً طويلاً يزيد على أربعين سنة(9)، كلّ ذلك قلّل من سطوع ذلك الجانب العلمي المهمّ في حياة السيّد إذ عُرِف بالنبوغ المبكّر والصلاح والتقوى منذ نعومة أظفاره وانكبابه على الدرس حتى شهد له الشيخ محمّد طه نجف بالاجتهاد المطلق سنة 1322ه (10. (
وكان) رحمه اللّه (، زاهداً بالزعامة الدينية على الرغم من مؤهّلاته، شديد التواضع، رفيع الخُلق، جمّ المناقب(11 (، وديع النفس بعيداً عن الكبر والزهو، لين العريكة تقيّاً صالحاً ورعاً ديّناً خشناً في ذات اللّه(12. (
بعثه المرجع الكبير السيّد أبو الحسن الاصفهاني وكيلاً عنه إلى ناحية الفيصيلية، فكان هناك مرجعاً في الاحكام (13( وملاذ للناس .
كان لوالده الحجّة الكبير السيّد محمّد اليد الطولى في العلوم الغريبة: الجفر والرمل والاوفاق والاوراد وغير ذلك، وقد جدّ السيّد الرضا في الاشتغال بمعرفتها عنده حتى تضلّع بها وأجازه والده (14. (
قال عنه الشيخ حرز الدين : (كان عالماً فاضلاً ورعاً زاهداً عابداً، أديباً شاعراً بارعاً، مثالاً للاباء والعزّ والشرف والنبل، وكان اُصولياً منطقياً عروضياً، مستحضراً للمواد اللغويّة) (15. (
وقال عنه السيد الأمين: (كان عالماً فاضلاً، وأديباً شاعراً من الطبقة الممتازة بين شعراء عصره)(16)
وقال صاحب الحصون المنيعة: (فاضل معاصر، وشاعر بارع، وناثر ماهر، له إلمام بجملة من العلوم، ولسانه فاتح كل رمز مكتوم، ومعرفته بالفقه والأصول لا تنكر، وفضائله لا تكاد تحصر، رقيق الشعر بديعه، خفيف الروح حسن الأخلاق طيب الأعراق، طريف المعاشرة، لطيف المحاورة، جيد الكتابة، وأفكاره لا تخطي الإصابة). (17)
ادبه وشعره
والسيّد المترجم له، من أعظم الاُدباء والشعراء وقد كتب في (جميع فنون الأدب وابواب الشعر). (18)
قال الأُستاذ جعفر الخليلي عنه : ( زاول الأدب زمناً طويلاً ، فأبدع فيه إبداعاً كان المجلى فيه بين جمع كبير من الأدباء والعباقرة في زمانه ، ولقد ولع بالبديع ولعاً سما به إلى منزلة قلّ من ارتفع إليها من قبل ، وإنّ لدي الكثير من الشواهد من نظمه ونثره ، ومنها مقامات إذا شئتها شعراً كانت شعراً ببحور مختلفة ، وقواف مختلفة ، وإن شئتها نثراً كانت نثراً مسجعاً أو مرسلاً ، ولم يكن هذا غريباً بمقدار غرابة خلو هذه المقامات من التكلّف ، فقد كان إمام البديع ، وشيخ الأُدباء فضلاً عن كونه عالماً ، ومن علماء الفقه المعروفين) . (19)
وقلّما قرأ له أحد إلاّ شُغِف بشعره، وله تعلّق شديد بأهل البيت) عليهم السلام (حيث كان أعذب شعره فيهم)عليهم السلام (وكفى ذلك الفمّ الطاهر فخراً أن أنشد رائعته القصيدة الكوثرية التي لا يملّ الانسان من تلاوتها، ولا تكلّ الاسماع عن سماع موسيقاها البديعة :
أمُفَلَّجُ ثَغْرِكَ أمْ جَوْهَر ْ وَرَحِيْقُ رِضَابِكَ أَمْ سُكَّر
قَدْ قَـالَ لِثَـغْرِكَ صَانِعُهُ (اًِّنَّا أَعْطَيْنـَاكَ الْكَوْثَرَ)
كما طرق باب (الغزل الرقيق ما تطرب له القلوب وتهفو له الاسماع وتسيل له القرائح)(20)
نماذج من شعره :
ـ قصيدة يمدح فيها الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم):
أرى الكون أضحى نــوره يتوقد لأمر به نيران فارس تخمــد
وايوان كسـرى انشـق أعلاه مؤذنا بأن بناء الدين عاد يشـــيد
نعم كاد يستولي الضلال على الورى فأقبل يهدي العالمين محمــد
ـ وقد رثى جدّه الامام الحسين (عليه السلام) بلهجة الحزين الموتور بعدّة قصائد(21)، تناقلها الخطباء وحفظوها ونشروها في الافاق، وقلّما تجد خطيباً لا يحفظ للسيّد(قدّس سرّه).
صلت على جسم الحسين سيوفهم .. فغدا لساجدة الظب محراب
يدعو ألست أن ابن بنت نبيكم .. و ملاذكم ان صرف دهرٍ ناب
هل جئت في دين النبي ببدعةٍ .. أم كنت في أحكامه مرتاب
ـ الاستعداد للموت (22)
وطلب أن تكون معه في قبره، ويقال انها آخر قصائده
أرى عمـــري مـؤذنا بالذهـــاب ... تمـر لياليـــــه مـر السحـــــاب
وتفـــاجـأني بيــض أيامــــــــــه ... فتسـلخ مني سواد الشبـاب
فمن لي إذا حان مني الحمام ... ولم أستطـع منـه دفعا لمابي
ومن لي إذا قلـــــبتني الأكــف ... وجـردني غاسـلي من ثيابي
ومن لي إذا سرت فوق السرير ... وشـــيل سـريري فوق الرقاب
ومن لي إذا مـا هجـــرت الدنيا ... وعـــوضت عنها بدار الخـــراب
ومن لي إذا آب أهـــــل الــوداد ... عني وقــد يئســوا من إيابي
ومن لي إذا منـــكر جـــــد في ... سؤالي فأذهلني عن جوابي
ومن لي إذا درســـت رمتــي ... وأبلى عظـــامي عفـــر التراب
ومن لي إذا قام يــوم النشـور ... وقمت بلا حجـــة للحســـــاب
ومن لي إذا ناولــوني الكتــاب ... ولم أدر مــاذا أرى في كتـابي
ومن لي إذا امتــازت الفـرقتان ... أهـــل النعيــم وأهـــل العذاب
وكيف يعاملــــني ذو الجــــلال ... فأعــــرف كيف يكــون انقلابي
أباللطف؟ وهو الفغــور الرحيم ... أم العدل؟ وهو شديد العقـاب
وياليت شــــعري إذا سـامني ... بذنبي، وواخذني باكتســابي
فهل تحرق النــار عينــــا بكت ... لرزء القتيل بسيــف الضبابي؟
وهل تحرق النـار رجلا مشت ... إلى حرم منه سامى القبـاب؟
وهل تحرق النـــار قلبــا أذيب ... بلـــوعة نيران ذاك المصـــــاب؟
مؤلّفاته :
1 ـ بلغة الراحل : كتاب في المعتقدات والاخلاق، لم يطبع .
2 ـ الوافي في شرح الكافي في العروض والقوافي، لم يطبع .
3 ـ شرح على باب الظهار: من كتاب والده في الفقه .
4ـ سبيكة العسجد في التاريخ بأبجد : كتاب حافل بفلسفة التاريخ بأبجد، ويعدُّ نحواً من التأليف لم يسبق إليه، مخطوط .
5 ـ الرحلة الحجازية : رسالة وصف فيها رحلته إلى الحجّ سنة 1347ه، مخطوطة .
6ـ تقريرات اُستاذه السيّد محمّد بحر العلوم، مخطوط .
7 ـ درر البحور في العروض، مخطوط .
8 ـ شرح رسالة غاية الايجاز لوالده، مخطوط .
9 ـ الميزان العادل بين الحقّ والباطل، أ لّفها استجابة لرغبة الشيخ حسن عليّ بن بدر القطيفي حيث طبعها المذكور على نفقته سنة 1331ه وتقرّر تدريسها في مدارس الدولة في أواخر العهد العثماني، ولكن الانجليز منعوا نشرها بعد احتلالهم للعراق، طبعت بتحقيقي سنة 1417 هـ.
خلف السيّد ثلاثة ذكور: السيّد أحمد، السيّد محمّد، السيّد عليّ وكلّهم شعراء (23)
وفاته :
توفّي يوم الخميس 22 / جمادى الاُولى / 1362ه المصادف 26 /مارس/ 1943 م فجأة خارج النجف(24) بقرية السواريَّة (الفيصلية) بالمشخاب من توابع محافظة الديوانية بالسكتة القلبية وكان قد تنبّأ بقرب وفاته إذ رأى في المنام أنّ والده يدعوه لزيارة أحد الاضرحة المقدّسة(25 ).
ودفن في مدينة النجف الاشرف (26) يقول الاستاذ الخليلي: (حمل جثمانهالطاهر علىالرؤوس إلى قضاء أبو صخير ثمّ إلى النجف، وصلّى عليه صاحبه السيّد أبوالحسن الاصفهاني، واُدخل ضريحه ليلة الجمعة في مقبرة والده بمحلّة الحويش قرب مسجد الشيخ مرتضى الانصاري، واُقيمت له الفاتحة في مسجد الشيخ . وتأسّفه كثير من أهل الفضل والدين لفضله وقدسيّته، وأنّه مات ولم يعرف قدره ومنزلته العلمية والادبية . فهنيئ له مات داعياً إلى الحقّ مبلّغاً ومرشداً)(27).
-----------------------------------------------
(1) لهجرة احد ابائه الى الهند في عصر من عصور الاضطهاد: مقدمة ديوان السيّد رضا الهندي : 6جمع السيّد موسى الموسوي، تقديم وتعليق السيّد عبدالصاحب الموسوي، دار الكتاب الإسلامي .
(2) نقباء البشر في القرن الرابع عشر : آقا بزرگ الطهراني، القسم الثاني من الجزء الاول ص 768، تعليقات فضيلة العلاّمة الحجّة السيّد عبدالعزيز الطباطبائي الطبعة الثانية، دار المرتضى للنشر، مشهد ـ 1404ه .
(3) المصدر السابق.
(4) مقدمة الديوان: 9.
(5) نقباء البشر: 768.
(6) مقدمة الديوان: 9.
(7) نقباء البشر: 768 ـ 769.
(8) هكذا عرفتهم : جعفر الخليلي، ج1:28، الطبعة الأُولى في ايران، قم انتشارات الشريف الرضي .
(9) نقباء البشر: 769.
(10) مقدمة الديوان: 10.
(11) المصدر السابق.
(12) نقباء البشر: 769.
(13) المصدر السابق.
(14) المصدر السابق.
(15) معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء : الشيخ محمّد حرزالدين، ج1:324 ـ 325، نشر مكتبة آية اللّه السيّد المرعشي النجفي، قم ـ 1405 .
(16) من أعيان الشيعة: السيد محسن الامين، ج 32 : 77.
(17) الحصون المنيعة في طبقات الشيعة: الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا ال كاشف الغطاء (1350هـ) ج 9 ص 207.
(18) شعراء الغري: الشيخ علي الخاقاني: ج4 ، ص83 .
(19) هكذا عرفتهم 1 :37.
(20) ادب الطف: السيد جواد شبر: ج9 ، ص243 .
(21) معارف الرجال ج1:324 ـ 325.
(22) ديوان السيد رضا الهندي: ص62 .
(23) نقباء البشر: 770.
(24) معارف الرجال 1: 326.
(25) المصدر السابق.
(26) شعراء الغري / علي الخاقاني: ج4 ، ص88 . ادب الطف: ج9 ، ص243 .
(27) هكذا عرفتهم 1 :37.
السيّد رضا ابن السيّد محمّد ابن السيّد هاشم بن مير شجاعة علي النقوي الموسوي الهندي(1) النجفي، يرجع نسبه الى الامام علي الهادي عليه السلام.
الولادة:
ولد في النجف الاشرف في ثامن ذي القعدة 1290ه ـ كما حدّث به) رحمه اللّه) اَّقا بزرگ الطهراني(2 ( وكان خامس اخوته الستة.
والده:
كان والده من أعاظم العلماء (3) ونذكر هنا مختصرا عن هذا العالم الجليل:
السيد محمد بن السيد هاشم بن الأمير شجاعت على الموسوي الرضوي النقوي الهندي (1242 هـ- 1323 هـ) له العديد من المؤلفات منها:
2ـ كتب تقريرات سائر مشايخه منها: بحث الشيخ محسن خنفر(1270هـ)، درس الشيخ العلامة الأنصاري، درس السيد حسين الكوهكمري، درس السيد على بحر العلوم، بحث السيد المجدد الشيرازي، تقرير نفسه عند تدريسه للشيخ محمد تقي حفيد صاحب " الجواهر " .
3ـ في الرجال: نظم اللئال، منتخب تلخيص المقال.
4ـ في الاصول: حقائق الاصول في اصول الفقه وحاشية على فرائد الشيخ الانصاري.
5ـ في الفقه: الصراط المستقيم والمنهج القويم في الفقه، متن وشرح له، شوارع الاعلام في شرح شرائع الاسلام ، رسالة في صلاة المسافر، وغير ذلك من المصنفات.
الدراسة والنشأة
هاجر به والده إلى سامراء سنة 1298ه ـ وله من العمر ثمان سنوات ـ حين اجتاح النجف و باء الطاعون(4(، لحضور درس المجدّد الشيرازي(5. (وكانت سامراء آنذاك حاضرة الحوزة العلمية حيث اجتمع العلماء والفقهاء حول المجدّد الشيرازي، حافلة بنوادي البحث والتدريس وكان للادب العربي فيها شأن مرموق، فنهل السيّد الرضا من موارده العذبة فيها ومكث في سامراء مكبّاً على طلب العلم(6(، فنشأ بها على والده، وتعلّم المبادئ، وقرأ مقدّمات العلوم وبعض كتب الادب، حتى عاد مع أبيه سنة (1311هـ ) إلى النجف الاشرف فأتمّ السطوح وحضر الفقه والاُصول على علمائها .
أساتذته :
حضر على جملة من الاعلام منهم(7):
1ـ الشيخ محمّد كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند صاحب الكفاية (1329هـ).
2ـ الشيخ حسن بن الشيخ صاحب الجواهر .
3ـ أبوه، السيّد محمّد الهندي(1242 هـ - 1323 هـ) .
4ـ السيّد محمّد الطباطبائي .
5ـ الشيخ الملا محمّد الشربياني (1248ـ 1322 هـ).
6ـ الشيخ محمّد طه نجف (1241ـ 1323 هـ)
مشايخه بالاجازة:
ويروي إجازة عن أبيه وعن الشيخ أسد الله الزنجاني (1282ـ 1354 هـ)والسيد حسن الصدر (1272هـ ـ 1354هـ) والسيد أبي الحسن الأصفهاني(1284هـ ـ 1365هـ).
كما كتب له الشيخ حسين بن علي البحراني مؤلف " بلغة المرتاد " إجازة متوسطة باسم بلغة الرضا في الإجازة لسيدنا الرضا.
مكانته العلميّة :
لم تسلّط الاضواء على الجوانب العلميّة للسيّد الرضا، حيث طغى عليه الجانب الادبي وشعره الرائع حيث زاول الادب زمناً طويلاً، فأبدع فيه إبداعاً كان المجلّى فيه بين جمع كبير من الاُدباء والعباقرة في زمانه(8 (، وحمل راية الادب في النجف زماناً طويلاً يزيد على أربعين سنة(9)، كلّ ذلك قلّل من سطوع ذلك الجانب العلمي المهمّ في حياة السيّد إذ عُرِف بالنبوغ المبكّر والصلاح والتقوى منذ نعومة أظفاره وانكبابه على الدرس حتى شهد له الشيخ محمّد طه نجف بالاجتهاد المطلق سنة 1322ه (10. (
وكان) رحمه اللّه (، زاهداً بالزعامة الدينية على الرغم من مؤهّلاته، شديد التواضع، رفيع الخُلق، جمّ المناقب(11 (، وديع النفس بعيداً عن الكبر والزهو، لين العريكة تقيّاً صالحاً ورعاً ديّناً خشناً في ذات اللّه(12. (
بعثه المرجع الكبير السيّد أبو الحسن الاصفهاني وكيلاً عنه إلى ناحية الفيصيلية، فكان هناك مرجعاً في الاحكام (13( وملاذ للناس .
كان لوالده الحجّة الكبير السيّد محمّد اليد الطولى في العلوم الغريبة: الجفر والرمل والاوفاق والاوراد وغير ذلك، وقد جدّ السيّد الرضا في الاشتغال بمعرفتها عنده حتى تضلّع بها وأجازه والده (14. (
قال عنه الشيخ حرز الدين : (كان عالماً فاضلاً ورعاً زاهداً عابداً، أديباً شاعراً بارعاً، مثالاً للاباء والعزّ والشرف والنبل، وكان اُصولياً منطقياً عروضياً، مستحضراً للمواد اللغويّة) (15. (
وقال عنه السيد الأمين: (كان عالماً فاضلاً، وأديباً شاعراً من الطبقة الممتازة بين شعراء عصره)(16)
وقال صاحب الحصون المنيعة: (فاضل معاصر، وشاعر بارع، وناثر ماهر، له إلمام بجملة من العلوم، ولسانه فاتح كل رمز مكتوم، ومعرفته بالفقه والأصول لا تنكر، وفضائله لا تكاد تحصر، رقيق الشعر بديعه، خفيف الروح حسن الأخلاق طيب الأعراق، طريف المعاشرة، لطيف المحاورة، جيد الكتابة، وأفكاره لا تخطي الإصابة). (17)
ادبه وشعره
والسيّد المترجم له، من أعظم الاُدباء والشعراء وقد كتب في (جميع فنون الأدب وابواب الشعر). (18)
قال الأُستاذ جعفر الخليلي عنه : ( زاول الأدب زمناً طويلاً ، فأبدع فيه إبداعاً كان المجلى فيه بين جمع كبير من الأدباء والعباقرة في زمانه ، ولقد ولع بالبديع ولعاً سما به إلى منزلة قلّ من ارتفع إليها من قبل ، وإنّ لدي الكثير من الشواهد من نظمه ونثره ، ومنها مقامات إذا شئتها شعراً كانت شعراً ببحور مختلفة ، وقواف مختلفة ، وإن شئتها نثراً كانت نثراً مسجعاً أو مرسلاً ، ولم يكن هذا غريباً بمقدار غرابة خلو هذه المقامات من التكلّف ، فقد كان إمام البديع ، وشيخ الأُدباء فضلاً عن كونه عالماً ، ومن علماء الفقه المعروفين) . (19)
وقلّما قرأ له أحد إلاّ شُغِف بشعره، وله تعلّق شديد بأهل البيت) عليهم السلام (حيث كان أعذب شعره فيهم)عليهم السلام (وكفى ذلك الفمّ الطاهر فخراً أن أنشد رائعته القصيدة الكوثرية التي لا يملّ الانسان من تلاوتها، ولا تكلّ الاسماع عن سماع موسيقاها البديعة :
أمُفَلَّجُ ثَغْرِكَ أمْ جَوْهَر ْ وَرَحِيْقُ رِضَابِكَ أَمْ سُكَّر
قَدْ قَـالَ لِثَـغْرِكَ صَانِعُهُ (اًِّنَّا أَعْطَيْنـَاكَ الْكَوْثَرَ)
كما طرق باب (الغزل الرقيق ما تطرب له القلوب وتهفو له الاسماع وتسيل له القرائح)(20)
نماذج من شعره :
ـ قصيدة يمدح فيها الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم):
أرى الكون أضحى نــوره يتوقد لأمر به نيران فارس تخمــد
وايوان كسـرى انشـق أعلاه مؤذنا بأن بناء الدين عاد يشـــيد
نعم كاد يستولي الضلال على الورى فأقبل يهدي العالمين محمــد
ـ وقد رثى جدّه الامام الحسين (عليه السلام) بلهجة الحزين الموتور بعدّة قصائد(21)، تناقلها الخطباء وحفظوها ونشروها في الافاق، وقلّما تجد خطيباً لا يحفظ للسيّد(قدّس سرّه).
صلت على جسم الحسين سيوفهم .. فغدا لساجدة الظب محراب
يدعو ألست أن ابن بنت نبيكم .. و ملاذكم ان صرف دهرٍ ناب
هل جئت في دين النبي ببدعةٍ .. أم كنت في أحكامه مرتاب
ـ الاستعداد للموت (22)
وطلب أن تكون معه في قبره، ويقال انها آخر قصائده
أرى عمـــري مـؤذنا بالذهـــاب ... تمـر لياليـــــه مـر السحـــــاب
وتفـــاجـأني بيــض أيامــــــــــه ... فتسـلخ مني سواد الشبـاب
فمن لي إذا حان مني الحمام ... ولم أستطـع منـه دفعا لمابي
ومن لي إذا قلـــــبتني الأكــف ... وجـردني غاسـلي من ثيابي
ومن لي إذا سرت فوق السرير ... وشـــيل سـريري فوق الرقاب
ومن لي إذا مـا هجـــرت الدنيا ... وعـــوضت عنها بدار الخـــراب
ومن لي إذا آب أهـــــل الــوداد ... عني وقــد يئســوا من إيابي
ومن لي إذا منـــكر جـــــد في ... سؤالي فأذهلني عن جوابي
ومن لي إذا درســـت رمتــي ... وأبلى عظـــامي عفـــر التراب
ومن لي إذا قام يــوم النشـور ... وقمت بلا حجـــة للحســـــاب
ومن لي إذا ناولــوني الكتــاب ... ولم أدر مــاذا أرى في كتـابي
ومن لي إذا امتــازت الفـرقتان ... أهـــل النعيــم وأهـــل العذاب
وكيف يعاملــــني ذو الجــــلال ... فأعــــرف كيف يكــون انقلابي
أباللطف؟ وهو الفغــور الرحيم ... أم العدل؟ وهو شديد العقـاب
وياليت شــــعري إذا سـامني ... بذنبي، وواخذني باكتســابي
فهل تحرق النــار عينــــا بكت ... لرزء القتيل بسيــف الضبابي؟
وهل تحرق النـار رجلا مشت ... إلى حرم منه سامى القبـاب؟
وهل تحرق النـــار قلبــا أذيب ... بلـــوعة نيران ذاك المصـــــاب؟
مؤلّفاته :
1 ـ بلغة الراحل : كتاب في المعتقدات والاخلاق، لم يطبع .
2 ـ الوافي في شرح الكافي في العروض والقوافي، لم يطبع .
3 ـ شرح على باب الظهار: من كتاب والده في الفقه .
4ـ سبيكة العسجد في التاريخ بأبجد : كتاب حافل بفلسفة التاريخ بأبجد، ويعدُّ نحواً من التأليف لم يسبق إليه، مخطوط .
5 ـ الرحلة الحجازية : رسالة وصف فيها رحلته إلى الحجّ سنة 1347ه، مخطوطة .
6ـ تقريرات اُستاذه السيّد محمّد بحر العلوم، مخطوط .
7 ـ درر البحور في العروض، مخطوط .
8 ـ شرح رسالة غاية الايجاز لوالده، مخطوط .
9 ـ الميزان العادل بين الحقّ والباطل، أ لّفها استجابة لرغبة الشيخ حسن عليّ بن بدر القطيفي حيث طبعها المذكور على نفقته سنة 1331ه وتقرّر تدريسها في مدارس الدولة في أواخر العهد العثماني، ولكن الانجليز منعوا نشرها بعد احتلالهم للعراق، طبعت بتحقيقي سنة 1417 هـ.
خلف السيّد ثلاثة ذكور: السيّد أحمد، السيّد محمّد، السيّد عليّ وكلّهم شعراء (23)
وفاته :
توفّي يوم الخميس 22 / جمادى الاُولى / 1362ه المصادف 26 /مارس/ 1943 م فجأة خارج النجف(24) بقرية السواريَّة (الفيصلية) بالمشخاب من توابع محافظة الديوانية بالسكتة القلبية وكان قد تنبّأ بقرب وفاته إذ رأى في المنام أنّ والده يدعوه لزيارة أحد الاضرحة المقدّسة(25 ).
ودفن في مدينة النجف الاشرف (26) يقول الاستاذ الخليلي: (حمل جثمانهالطاهر علىالرؤوس إلى قضاء أبو صخير ثمّ إلى النجف، وصلّى عليه صاحبه السيّد أبوالحسن الاصفهاني، واُدخل ضريحه ليلة الجمعة في مقبرة والده بمحلّة الحويش قرب مسجد الشيخ مرتضى الانصاري، واُقيمت له الفاتحة في مسجد الشيخ . وتأسّفه كثير من أهل الفضل والدين لفضله وقدسيّته، وأنّه مات ولم يعرف قدره ومنزلته العلمية والادبية . فهنيئ له مات داعياً إلى الحقّ مبلّغاً ومرشداً)(27).
-----------------------------------------------
(1) لهجرة احد ابائه الى الهند في عصر من عصور الاضطهاد: مقدمة ديوان السيّد رضا الهندي : 6جمع السيّد موسى الموسوي، تقديم وتعليق السيّد عبدالصاحب الموسوي، دار الكتاب الإسلامي .
(2) نقباء البشر في القرن الرابع عشر : آقا بزرگ الطهراني، القسم الثاني من الجزء الاول ص 768، تعليقات فضيلة العلاّمة الحجّة السيّد عبدالعزيز الطباطبائي الطبعة الثانية، دار المرتضى للنشر، مشهد ـ 1404ه .
(3) المصدر السابق.
(4) مقدمة الديوان: 9.
(5) نقباء البشر: 768.
(6) مقدمة الديوان: 9.
(7) نقباء البشر: 768 ـ 769.
(8) هكذا عرفتهم : جعفر الخليلي، ج1:28، الطبعة الأُولى في ايران، قم انتشارات الشريف الرضي .
(9) نقباء البشر: 769.
(10) مقدمة الديوان: 10.
(11) المصدر السابق.
(12) نقباء البشر: 769.
(13) المصدر السابق.
(14) المصدر السابق.
(15) معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء : الشيخ محمّد حرزالدين، ج1:324 ـ 325، نشر مكتبة آية اللّه السيّد المرعشي النجفي، قم ـ 1405 .
(16) من أعيان الشيعة: السيد محسن الامين، ج 32 : 77.
(17) الحصون المنيعة في طبقات الشيعة: الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا ال كاشف الغطاء (1350هـ) ج 9 ص 207.
(18) شعراء الغري: الشيخ علي الخاقاني: ج4 ، ص83 .
(19) هكذا عرفتهم 1 :37.
(20) ادب الطف: السيد جواد شبر: ج9 ، ص243 .
(21) معارف الرجال ج1:324 ـ 325.
(22) ديوان السيد رضا الهندي: ص62 .
(23) نقباء البشر: 770.
(24) معارف الرجال 1: 326.
(25) المصدر السابق.
(26) شعراء الغري / علي الخاقاني: ج4 ، ص88 . ادب الطف: ج9 ، ص243 .
(27) هكذا عرفتهم 1 :37.