محمدي
23-03-2007, 07:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 000
من كلام الشيخ أدام الله عزه: سئل في مجلس الشريف أبي الحسن أحمد بن القاسم العلوي المحمدي أدام الله عزه فقيل له: ما الدليل على أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان أفضل الصحابة؟ فقال: الدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وقد ثبت أن أحب الخلق إلى الله عز وجل أعظمهم ثوابا عند الله تعالى وأن أعظم الناس ثوابا لا يكون إلا لأنه أشرفهم أعمالا وأكثرهم عبادة لله تعالى، وفي ذلك برهان على فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الخلق كلهم سوى الرسول عليه وآله السلام.
فقال له السائل: ما الدليل على صحة هذا الخبر؟ وما أنكرت أن يكون غير معتمد، لأنه إنما رواه أنس بن مالك وحده، وأخبار الآحاد ليست بحجة فيما يقطع على الله عز وجل بصوابه.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الخبر وإن كان من أخبار الآحاد على ما ذكرت من أن أنس بن مالك رواه وحده، فإن الأمة بأجمعها قد تلقته بالقبول، ولم يروا أن أحدا رده على أنس ولا أنكر صحته عند روايته، فصار الإجماع عليه هو الحجة في صوابه، ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الآحاد بما شرحناه.
مع أن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين عليه السلام احتج به في مناقبه يوم
الدار، فقال: أنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أحد غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: اللهم اشهد، فاعترف الجميع بصحته. ولم يك أمير المؤمنين عليه السلام ليحتج بباطل لا سيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول صلى الله عليه وآله وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه، مع قول النبي صلى الله عليه وآله: " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار " وإذا كان الأمر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة فقال: إن احتجاج الشيعة برواية أنس من أطرف الأشياء، وذلك أنهم يعتقدون تفسيق أنس بل تكفيره فيقولون: إنه كتم الشهادة في النص حتى دعا عليه أمير المؤمنين عليه السلام ببلاء لا يواريه الثياب، فبرص على كبر السن ومات وهو أبرص، فكيف يستشهد برواية الكافرين؟.
فقالت المعتزلة: قد أسقط هذا الكلام الرجل ولم يجعل الحجة في الرواية أنسا، وإنما جعلها الإجماع، فهذا الذي أوردته هذيان، وقد تقدم إبطاله.
فقال السائل: هب إنا سلمنا صحة الخبر، ما أنكرت أن لا يفيد ما ادعيت من فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الجماعة، وذلك: أن المعنى فيه " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " يريد أحب الخلق إلى الله عز وجل في الأكل معه، دون أن يكون أراد أحب الخلق إليه في نفسه لكثرة أعماله، إذ قد يجوز أن يكون الله سبحانه يحب أن يأكل مع نبيه من غيره أفضل منه، ويكون ذلك أحب إليه للمصلحة.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الذي اعترضت به ساقط، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطباع وإنما هي الثواب، كما أن بغضه وغضبه ليسا
باهتياج وإنما هما العقاب، ولفظ " أفعل " في أحب وأبغض لا يتوجه إلا إلى معناهما من الثواب والعقاب، ولا معنى على هذا الأصل لقول من زعم: أن أحب الخلق إلى الله عز وجل يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وآله توجه إلى محبة الأكل، والمبالغة في ذلك بلفظ " أفعل " لأنه يخرج اللفظ عما ذكرناه من الثواب إلى ميل الطباع، وذلك محال في صفة الله سبحانه.
وشئ آخر: وهو أن ظاهر الخطاب يدل على ما ذكرناه، دون ما عارضت به أن لو كانت المحبة على غير معنى الثواب، لأنه صلى الله عليه وآله قال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " وقوله: " بأحب خلقك إليك " كلام تام، وبعده: " يأكل معي من هذا الطائر " كلام مستأنف ولا يفتقر الأول إليه، ولو كان أراد ما ذكرت لقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك في الأكل معي " فلما كان اللفظ على خلاف هذا وكان على ما ذكرناه لم يجز العدول عن الظاهر إلى محتمل على المجاز.
وشئ آخر: وهو أنه لو تساوى المعنيان في ظاهر الكلام لكان الواجب عليك تحميلهما اللفظ معا، دون الاقتصار على أحدهما، إلا بدليل، لأنه لا يتنافى الجمع بينهما، فيكون أراد بقوله: " أحب خلقك إليك " في نفسه وللأكل معي، وإذا كان الأمر على ما بيناه سقط اعتراضك.
فقال رجل من الزيدية - كان حاضرا - للسائل: هذا الاعتراض ساقط على أصلك وأصلنا، لأنا نقول جميعا: إن الله تعالى لا يريد المباح، والأكل مع النبي صلى الله عليه وآله مباح وليس بفرض ولا نفل فيكون الله يحبه، فضلا عن أن يكون بعضه أحب إليه من بعض. وهذا السائل من أصحاب أبي هاشم، فلذلك أسقط الزيدي كلامه على أصله، إذ كان يوافقه في الأصول على مذهب أبي هاشم.
فخلط السائل هنيئة، ثم قال للشيخ أدام الله عزه: فأنا أعترض باعتراض
آخر، وهو أن أقول: ما أنكرت أن يكون هذا القول إنما أفاد أن عليا عليه السلام كان أفضل الخلق في يوم الطائر، ولكن بم تدفع أن يكون قد فضله قوم من الصحابة عند الله تعالى بكثرة الأعمال والمعارف بعد ذلك؟ وهذا الأمر لا يعلم بالعقل، وليس معك سمع في نفس الخبر يمنع من ذلك، فدل على أنه عليه السلام أفضل من الصحابة كلهم إلى وقتنا هذا، فإنا لم نسألك عن فضله عليهم وقتا بعينه.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا السؤال أوهن مما تقدم، والجواب عنه أيسر، وذلك: أن الأمة مجمعة على إبطال قول من زعم أن أحدا اكتسب أعمالا زادت على الفضل الذي حصل لأمير المؤمنين عليه السلام على الجماعة، من قبل أنهم بين قائلين:
فقائل يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان أفضل من الكل في وقت الرسول صلى الله عليه وآله ولم يساوه أحد بعد ذلك، وهم الشيعة الإمامية والزيدية وجماعة من شيوخ المعتزلة وجماعة من أصحاب الحديث.
وقائل يقول: إنه لم يبن لأمير المؤمنين عليه السلام في وقت من الأوقات فضل على سائر الصحابة يقطع به على الله تعالى ويجزم الشهادة بصحته، ولا بان لأحد منهم فضل عليه، وهم الواقفة في الأربعة من المعتزلة، منهم: أبو علي وأبو هاشم وأتباعهما.
وقائل يقول: إن أبا بكر كان أفضل من أمير المؤمنين عليه السلام في وقت الرسول صلى الله عليه وآله وبعده، وهم جماعة من المعتزلة وبعض المرجئة وطوائف من أصحاب الحديث.
وقائل يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام خرج عن فضله بحوادث كانت منه فساواه غيره، وفضل عليه من أجل ذلك من لم يكن له فضل عليه، وهم الخوارج جماعة من المعتزلة، منهم: الأصم والجاحظ وجماعة من أصحاب الحديث أنكروا قتال أهل القبلة.
ولم يقل أحد من الأمة: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان أفضل عند الله سبحانه من الصحابة كلهم ولم يخرج عن ولاية الله عز وجل ولا أحدث معصية الله تعالى ثم فضل عليه غيره بعمل زاد به ثوابه على ثوابه، ولا جوز ذلك فيكون معتبرا، فإذا بطل الاعتبار به للاتفاق على خلافه سقط، وكان الإجماع حجة يقوم مقام قول الله تعالى في صحة ما ذهبنا إليه، فلم يأت بشئ.
ذاكراني الشيخ أدام الله عزه هذه المسألة بعد ذلك فزادني فيها زيادة ألحقتها:
وهي أن قال: إن الذي يسقط ما اعترض به السائل من تأويل قول النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك " على المحبة للأكل معه دون محبته في نفسه بإعظام ثوابه بعد الذي ذكرناه في إسقاطه: أن الرواية جاءت عن أنس بن مالك أنه قال: لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يأتيه الله تعالى بأحب الخلق إليه قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار ليكون لي الفضل بذلك، فجاء علي عليه السلام فرددته وقلت له: رسول الله على شغل، فمضى، ثم عاد ثانية، فقال لي: استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت له: إنه على شغل، فجاء ثالثة فاستأذنت له ودخل، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: قد كنت سألت الله أن يأتيني بك دفعتين، ولو أبطأت علي الثالثة لأقسمت على الله عز وجل أن يأتيني بك.
فلولا أن النبي صلى الله عليه وآله سأل الله عز وجل أن يأتيه بأحب خلقه إليه في نفسه وأعظمهم ثوابا عنده وكانت هذه من أجل الفضائل لما آثر أنس أن يختص بها قومه، ولولا أن أنسا فهم ذلك من معنى كلام الرسول صلى الله عليه وآله لما دافع أمير المؤمنين عليه السلام عن الدخول ليكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار فيحصل له جزء منه.
(1) البحار: ج 10 ص 428 - 431.
كتاب مواقف الشيعة جزء 1
لسماحة الشيخ الأحمدي الميانجي
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 000
من كلام الشيخ أدام الله عزه: سئل في مجلس الشريف أبي الحسن أحمد بن القاسم العلوي المحمدي أدام الله عزه فقيل له: ما الدليل على أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان أفضل الصحابة؟ فقال: الدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وقد ثبت أن أحب الخلق إلى الله عز وجل أعظمهم ثوابا عند الله تعالى وأن أعظم الناس ثوابا لا يكون إلا لأنه أشرفهم أعمالا وأكثرهم عبادة لله تعالى، وفي ذلك برهان على فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الخلق كلهم سوى الرسول عليه وآله السلام.
فقال له السائل: ما الدليل على صحة هذا الخبر؟ وما أنكرت أن يكون غير معتمد، لأنه إنما رواه أنس بن مالك وحده، وأخبار الآحاد ليست بحجة فيما يقطع على الله عز وجل بصوابه.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الخبر وإن كان من أخبار الآحاد على ما ذكرت من أن أنس بن مالك رواه وحده، فإن الأمة بأجمعها قد تلقته بالقبول، ولم يروا أن أحدا رده على أنس ولا أنكر صحته عند روايته، فصار الإجماع عليه هو الحجة في صوابه، ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الآحاد بما شرحناه.
مع أن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين عليه السلام احتج به في مناقبه يوم
الدار، فقال: أنشدكم الله، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " فجاء أحد غيري؟ قالوا: اللهم لا، قال: اللهم اشهد، فاعترف الجميع بصحته. ولم يك أمير المؤمنين عليه السلام ليحتج بباطل لا سيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة والخلافة للرسول صلى الله عليه وآله وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه، مع قول النبي صلى الله عليه وآله: " علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار " وإذا كان الأمر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة فقال: إن احتجاج الشيعة برواية أنس من أطرف الأشياء، وذلك أنهم يعتقدون تفسيق أنس بل تكفيره فيقولون: إنه كتم الشهادة في النص حتى دعا عليه أمير المؤمنين عليه السلام ببلاء لا يواريه الثياب، فبرص على كبر السن ومات وهو أبرص، فكيف يستشهد برواية الكافرين؟.
فقالت المعتزلة: قد أسقط هذا الكلام الرجل ولم يجعل الحجة في الرواية أنسا، وإنما جعلها الإجماع، فهذا الذي أوردته هذيان، وقد تقدم إبطاله.
فقال السائل: هب إنا سلمنا صحة الخبر، ما أنكرت أن لا يفيد ما ادعيت من فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الجماعة، وذلك: أن المعنى فيه " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " يريد أحب الخلق إلى الله عز وجل في الأكل معه، دون أن يكون أراد أحب الخلق إليه في نفسه لكثرة أعماله، إذ قد يجوز أن يكون الله سبحانه يحب أن يأكل مع نبيه من غيره أفضل منه، ويكون ذلك أحب إليه للمصلحة.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا الذي اعترضت به ساقط، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطباع وإنما هي الثواب، كما أن بغضه وغضبه ليسا
باهتياج وإنما هما العقاب، ولفظ " أفعل " في أحب وأبغض لا يتوجه إلا إلى معناهما من الثواب والعقاب، ولا معنى على هذا الأصل لقول من زعم: أن أحب الخلق إلى الله عز وجل يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وآله توجه إلى محبة الأكل، والمبالغة في ذلك بلفظ " أفعل " لأنه يخرج اللفظ عما ذكرناه من الثواب إلى ميل الطباع، وذلك محال في صفة الله سبحانه.
وشئ آخر: وهو أن ظاهر الخطاب يدل على ما ذكرناه، دون ما عارضت به أن لو كانت المحبة على غير معنى الثواب، لأنه صلى الله عليه وآله قال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر " وقوله: " بأحب خلقك إليك " كلام تام، وبعده: " يأكل معي من هذا الطائر " كلام مستأنف ولا يفتقر الأول إليه، ولو كان أراد ما ذكرت لقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك في الأكل معي " فلما كان اللفظ على خلاف هذا وكان على ما ذكرناه لم يجز العدول عن الظاهر إلى محتمل على المجاز.
وشئ آخر: وهو أنه لو تساوى المعنيان في ظاهر الكلام لكان الواجب عليك تحميلهما اللفظ معا، دون الاقتصار على أحدهما، إلا بدليل، لأنه لا يتنافى الجمع بينهما، فيكون أراد بقوله: " أحب خلقك إليك " في نفسه وللأكل معي، وإذا كان الأمر على ما بيناه سقط اعتراضك.
فقال رجل من الزيدية - كان حاضرا - للسائل: هذا الاعتراض ساقط على أصلك وأصلنا، لأنا نقول جميعا: إن الله تعالى لا يريد المباح، والأكل مع النبي صلى الله عليه وآله مباح وليس بفرض ولا نفل فيكون الله يحبه، فضلا عن أن يكون بعضه أحب إليه من بعض. وهذا السائل من أصحاب أبي هاشم، فلذلك أسقط الزيدي كلامه على أصله، إذ كان يوافقه في الأصول على مذهب أبي هاشم.
فخلط السائل هنيئة، ثم قال للشيخ أدام الله عزه: فأنا أعترض باعتراض
آخر، وهو أن أقول: ما أنكرت أن يكون هذا القول إنما أفاد أن عليا عليه السلام كان أفضل الخلق في يوم الطائر، ولكن بم تدفع أن يكون قد فضله قوم من الصحابة عند الله تعالى بكثرة الأعمال والمعارف بعد ذلك؟ وهذا الأمر لا يعلم بالعقل، وليس معك سمع في نفس الخبر يمنع من ذلك، فدل على أنه عليه السلام أفضل من الصحابة كلهم إلى وقتنا هذا، فإنا لم نسألك عن فضله عليهم وقتا بعينه.
فقال الشيخ أدام الله عزه: هذا السؤال أوهن مما تقدم، والجواب عنه أيسر، وذلك: أن الأمة مجمعة على إبطال قول من زعم أن أحدا اكتسب أعمالا زادت على الفضل الذي حصل لأمير المؤمنين عليه السلام على الجماعة، من قبل أنهم بين قائلين:
فقائل يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان أفضل من الكل في وقت الرسول صلى الله عليه وآله ولم يساوه أحد بعد ذلك، وهم الشيعة الإمامية والزيدية وجماعة من شيوخ المعتزلة وجماعة من أصحاب الحديث.
وقائل يقول: إنه لم يبن لأمير المؤمنين عليه السلام في وقت من الأوقات فضل على سائر الصحابة يقطع به على الله تعالى ويجزم الشهادة بصحته، ولا بان لأحد منهم فضل عليه، وهم الواقفة في الأربعة من المعتزلة، منهم: أبو علي وأبو هاشم وأتباعهما.
وقائل يقول: إن أبا بكر كان أفضل من أمير المؤمنين عليه السلام في وقت الرسول صلى الله عليه وآله وبعده، وهم جماعة من المعتزلة وبعض المرجئة وطوائف من أصحاب الحديث.
وقائل يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام خرج عن فضله بحوادث كانت منه فساواه غيره، وفضل عليه من أجل ذلك من لم يكن له فضل عليه، وهم الخوارج جماعة من المعتزلة، منهم: الأصم والجاحظ وجماعة من أصحاب الحديث أنكروا قتال أهل القبلة.
ولم يقل أحد من الأمة: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان أفضل عند الله سبحانه من الصحابة كلهم ولم يخرج عن ولاية الله عز وجل ولا أحدث معصية الله تعالى ثم فضل عليه غيره بعمل زاد به ثوابه على ثوابه، ولا جوز ذلك فيكون معتبرا، فإذا بطل الاعتبار به للاتفاق على خلافه سقط، وكان الإجماع حجة يقوم مقام قول الله تعالى في صحة ما ذهبنا إليه، فلم يأت بشئ.
ذاكراني الشيخ أدام الله عزه هذه المسألة بعد ذلك فزادني فيها زيادة ألحقتها:
وهي أن قال: إن الذي يسقط ما اعترض به السائل من تأويل قول النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك " على المحبة للأكل معه دون محبته في نفسه بإعظام ثوابه بعد الذي ذكرناه في إسقاطه: أن الرواية جاءت عن أنس بن مالك أنه قال: لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يأتيه الله تعالى بأحب الخلق إليه قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار ليكون لي الفضل بذلك، فجاء علي عليه السلام فرددته وقلت له: رسول الله على شغل، فمضى، ثم عاد ثانية، فقال لي: استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت له: إنه على شغل، فجاء ثالثة فاستأذنت له ودخل، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: قد كنت سألت الله أن يأتيني بك دفعتين، ولو أبطأت علي الثالثة لأقسمت على الله عز وجل أن يأتيني بك.
فلولا أن النبي صلى الله عليه وآله سأل الله عز وجل أن يأتيه بأحب خلقه إليه في نفسه وأعظمهم ثوابا عنده وكانت هذه من أجل الفضائل لما آثر أنس أن يختص بها قومه، ولولا أن أنسا فهم ذلك من معنى كلام الرسول صلى الله عليه وآله لما دافع أمير المؤمنين عليه السلام عن الدخول ليكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار فيحصل له جزء منه.
(1) البحار: ج 10 ص 428 - 431.
كتاب مواقف الشيعة جزء 1
لسماحة الشيخ الأحمدي الميانجي