دلال
14-08-2009, 05:35 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
المد الشيعي في سوريا.. الهواجس ترسم المشهد
مصطفى عاشور
صدر منذ أيام على شبكة الإنترنت كتاب مثير بعنوان "البعث الشيعي في سوريا 1919-2007" عن "المعهد الدولي للدراسات السورية" في لندن، وسيصدر ورقيا الأيام القادمة، يتحدث عن المد الشيعي المتزايد في سوريا، ويسرد أرقاما وإحصاءات وجداول عن حالات التشيع في أوساط السوريين، محاولا قراءة هذا الانتشار الشيعي على خلفيات وسياقات سياسية.
من يطالع موقع "المعهد الدولي للدراسات السورية" سيجد أن الموقع لا يحتوي على مواد بحثية باستثناء النسخة الديجيتال من الكتاب، وكما هو معلوم من الدراسات الإعلامية فإن أخطر أنواع الدعاية التي يواجه بها أي نظام سياسي أو مجتمع هي الدعاية البنية التي تستند إلى قدر ما من الحقائق، ثم يتم إكمال بقية المشهد بمعلومات مغلوطة ومكذوبة، أو تحميل المعلومة بحمولات أكبر مما يتطلب الحدث بقصد توجيه السلوك والتأثير في نفسية الطرف المستهدف.
المحور الإيراني السوري
وهنا تبقى المشكلة الأزلية للمعلومة والتي تكمن في التفسير والتوظيف، فالكتاب يحمل أرقاما وإحصاءات وجداول ومعلومات، وذكرها يضعف درجة التحفز داخل الوعي الإنساني في مقاومة آراء معينة، وبالتالي تسهل عملية التشكيل للوعي ويصبح وعي الشخص قابلا للسماح بتسرب بعض الحمولات التفسيرية والتوظيفية التي تحملها البيانات والإحصاءات.
ارتفع المد الشيعي في سوريا مؤخرا.
لكن ذلك لا يمنع أن هناك شيئا ما يجري على الأرض، وأن التفسيرات والتوظيفات لها قدر من التجلي في الواقع، ومن ثم فإن الحكم على ما جاء في الكتاب لا يمكن أن يكون من خلال الصدق والكذب، ولكن من خلال التهويل أو التوظيف، وهذا ما يدفعنا إلى طرح ضرورة إدراك السياق السياسي الذي يصدر فيه الكتاب.
فسوريا تعاني من سياق متأزم، ففي ظل الرغبة الأمريكية والإسرائيلية لتفكيك وإضعاف التحالف السوري الإيراني، يتم التوسل بما هو مذهبي في مواجهة سياسية، ومحاولة تفجير الخلافات المذهبية في إطار المواجهة مع المحور الإيراني – السوري الممتد إلى حزب الله في لبنان وإلى بعض حركات المقاومة في فلسطين، والذي يتزايد التحاما مع الضغوط الأمريكية، لكنه التحام يخلق قدرا من الهيمنة لإيران على المشهد، وخاصة أن كلا من دمشق وطهران موضوعتان -حسب الرؤية الأمريكية- ضمن محور الشر.
فنحن إزاء نوعية من الكتب قد لا تكون مبرأة عن السياسة، والدفع بالمذهبي لخدمة الأغراض السياسية.. لكن ذلك لا يغطي على حقيقة أن هناك نفوذا إيرانيا يتمدد في المنطقة متجاوزا حدوده التقليدية وفارضا نفسه على معادلة الصراع والقوة في الشرق الأوسط التي تعاني من فراغ سياسي، فالفراغ جاذب على الدوام للمشاريع الكبرى.
التاريخ المقلق
الكتاب يقع في (140) صفحة وأسهب في التأكيد على المنهجية التي اتبعها والمصادر التي استقى منها معلوماته، وكيفية البحث الميداني، وهو ما يوحي للقارئ بأن ما يحويه من أرقام وإحصاءات صادقة وعلمية، لكن بعيدا عن ذلك الكساء العلمي المنهجي الذي حاول الكتاب أن يضفيه على محتواه.
فمع السطور الأولى تجد استدعاء للتاريخ، فيذهب إلى أن ما يجري من عمليات "تبشير شيعي" في سوريا وفي دمشق هو نوع من الرد على الاضطهاد الذي تعرض له الشيعة وآل البيت على أيدي الأمويين والذين كانوا يتخذون من دمشق عاصمة لخلافتهم، وبالتالي فـ"تشييع" دمشق هو نوع من الانتصار الرمزي على ما جرى في التاريخ من أحداث.
كذلك تم استدعاء بعض المعتقدات كنوع من الدلالة الرمزية للتأكيد على أن "تشييع" سوريا ذو أهمية خاصة، ومنها التصورات الدينية السنية بأن "المهدي المنتظر" سيظهر في الشام، والتصورات الشيعية أن هذا المهدي سيقاوم في الشام، ومن ثم فسوريا أرض معركة بين مذهبي الإسلام الكبيرين.
لكن محور الارتكاز الحقيقي للكتاب في طرحه لمسألة "التشيع" في سوريا هو: أنه لا يمكن فك الارتباط بين "النشاط التبشيري الشيعي" في سوريا بمعزل عن السياسة، فلابد من فهم العلاقة التي حكمت المجال الديني بالفضاء العام في سوريا، خاصة في ظل عهد الرئيسين الأسد الأب والابن؛ نظرا لأن علماء الدين والمؤسسة الدينية تمتعت في الفترة من 1919 - 1963م بنوع من الاستقلالية والحضور في الفضاء العام، رغم قيام الرئيس حسني الزعيم عام 1949 م بإلغاء مؤسسة الوقف التي كانت تدعم استقلالية المؤسسة الدينية عن الدولة.
وأشار الكتاب أنه مع سيطرة حزب البعث على السلطة بعد انقلاب 1963م دخلت البلاد في دوامة الدولة الأمنية وأصبحت جميع خيوط اللعبة تتجمع في يد الحاكم، ولذا تعرضت المؤسسة الدينية لعملية تطويع كبيرة لإجبارها على الخضوع للمنطق الجديد، فتم إضعاف تأثيرها في الشأن العام وأصبحت لا تتدخل إلا بقدر إضفاء الشرعية على السلطة القائمة.
التشيع في سوريا
من يطالع عناوين الكتاب الداخلية سيلحظ حجم القلق الذي يبديه واضعو الكتاب تجاه المسألة فالعناوين اختيرت بعناية كبيرة مثل (المنبوذون - موطئ قدم- ظاهرة العمائم السود - طلائع الغزو الشيعي – الاستيطان - قم الصغرى السورية - احتلال المركز) وأضاف إلى تلك العناوين قدرا من المعلومات والإحصاءات عن بدايات وحجم الانتشار الشيعي في سوريا، والظرف السياسي الذي تولدت فيه المسألة.
فأشار إلى أن التشيع في بلاد الشام كان أشبه بالجيوب القليلة الضعيفة المتفرقة التي ليس لها تأثير في المجال العام، وكانت نسبة الشيعة حتى عام 1953م لا تزيد عن 0.4% من سكان سوريا، وكان الشيعة لديهم قدر من الانحرافات التي استدعت أن ينشئ أحد علمائهم وهو "محسن الحسيني" مدرسة لتصحيحها والتي كانت أول مدرسة للتعليم الشيعي في سوريا عرفت فيما بعد بـ"المدرسة المحسنية"، فبدأت تدب الحياة في الطائفة الشيعية، وشارك أحد الشيعة في وزارة في الستينيات.
وأشار الكتاب إلى أن النصوص الفقهية الإثني عشرية كانت تنظر إلى الطائفة العلوية أو النصيرية على أنهم "كفار" رغم أن العلويين هم فرع منشق عن الشيعة الإمامية، ومع تغلغل العلويين في الجيش السوري واحتلالهم لمواقع نافذة فيه بدأت تتغير مع الوقت الرؤية الإمامية للطائفة العلوية وساعد على ذلك الأحداث السياسية.
ففي مطلع السبعينيات لجأت أعداد كبيرة من العراقيين إلى سوريا هربا من نظام صدام حسين، وكان من بينهم "حسن مهدي الشيرازي" أحد علماء الشيعة الذي أسس عام 1976 أول حوزة علمية في سوريا عرفت باسم "الحوزة الزينبية" ، ويرى الكتاب أن الشيرازي قام بـ"التبشير الشيعي" في أوساط الطائفة العلوية في محاولة لاستعادة هذا الفرع إلى أصله الإمامي الإثني عشري.
كذلك أثرت السياسة عندما تدخلت سوريا في لبنان مع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976 عندما أخذ عشرات الآلاف من العمال السوريين يعملون في لبنان وتأثر بعضهم بالمذهب الشيعي.
كما أن شيعة لبنان لعبوا دورا -حسب الكتاب- في مد جسور التواصل بين الرئيس حافظ الأسد وبين الإمام الخميني قبل الثورة الإسلامية في إيران، حتى إن الأسد عرض استضافة الخميني بعد خروجه من العراق قبيل الثورة، لكن بعد الثورة الإسلامية عام 1979 كانت قناعات الرئيس حافظ الأسد هو أن تبقى العلاقات مع طهران في إطارها السياسي بعيدا عن أي تأثيرات مذهبية.
المد الشيعي و بشار الأسد
هذا لم يمنع من وجود تسرب شيعي إلى سوريا، وتبشير شيعي داخل العلويين وهو ما استرعى اهتمام بعض المراجع الشيعية في العراق وإيران لرعاية الصحوة النامية في جبل العلويين، حتى إنه عام 1980م تم إرسال ما يقرب من (500) شاب علوي للدراسة في حوزة "قم"، وتوافد بعض كبار علماء الشيعة على سوريا لإلقاء بعض الدروس والمحاضرات، وتم بث حلقات تلفزيونية أسبوعية لأحد علماء الشيعة العراقيين وهو "عبد الحميد المهاجر" في التلفزيون الرسمي السوري عام 1992، كما تم افتتاح العديد من الحسينيات والمكتبات الشيعية في دمشق.
ويذكر الكتاب أنه لم يكن في عام 1995 سوى حوزتين في سوريا، ولم تمض خمس سنوات حتى أنشئت خمس حوزات، كما زاد عدد الحوزات في عهد الرئيس بشار الأسد، فأنشئت في الفترة من 2000 - 2006 حوالي (12) حوزة شيعية وثلاث كليات للتعليم الشيعي، وهو ما أزعج بعض علماء سوريا مثل العلامة الفقيه "وهبة الزحيلي" الذي صرح بأن "ما يجري في سوريا يجب إيقافه" أو حتى الشيخ "رمضان البوطي" القريب من النظام في سوريا الذي أبدى قلقه -في خطبة منشورة على موقعه في أبريل 2006- من دخول التشيع إلى مناطق في سوريا لم يدخلها التشيع يوما ما.
وفي مقال نشر في صحيفة الشرق الاوسط:
دراسة سورية تحذر من تأثير المد الشيعي الإيراني.. وتضاعف الحوزات
جذوره تعود إلى حسن الشيرازي الذي قال إن دمشق هي بوابة العالم العربي
لندن: «الشرق الأوسط»
حذرت دراسة للمعهد الدولي للدراسات السورية من زيادة عدد الحوزات العلمية في سورية ومن التشيع بوجهيه الديني والسياسي. وأشارت الدراسة التي نشرت أمس في 147 صفحة الى ان التشيع في سورية يأخذ طابعا دينيا سياسيا مزدوجا عبر الأنشطة الإيرانية التي تقوم على بناء وتمويل الحوزات العلمية. وبحثت الدراسة، التي دعمتها ومولتها حركة العدالة والبناء السورية المعارضة، البدايات الفعلية للمد الشيعي في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وانعكاسها على التشييع في الطائفة العلوية، وتأثير تشكيل المحور السوري الإيراني عشية حرب الخليج الأولى. وكشفت الدراسة أنه بدأ في عهد الأسد الأب احتلال الشيعة للمقامات السنية (السيدة زينب، عمار بن ياسر، والسيدة رقية، وحجر بن عدي) وتأسيس مراكز تبشير شيعي فيها بدعم من إيران والمراجع الدينية العراقية (الشيرازية)، كما كشفت الدراسة أن حافظ الأسد كان حريصاً على تشييع الطائفة العلوية لإخراجها من عزلتها الفكرية والاجتماعية وليس لأسباب دينية، وفي هذا السياق كان الأسد يدعم باستمرار التيار الشيعي في الطائفة العلوية، الذي حقق انتشاراً كبيراً، لكن الأسد الأب كان حريصاً على عدم تسييس التشيع وتصدير أفكار الثورة الإيرانية إلى سورية، ففي الوقت الذي كان يدعم التحول العلوي باتجاه العودة إلى أصله الشيعي كان يكبح فيه عمل المؤسسات الإيرانية ويخضعها للمراقبة والتقييد من جهة أخرى.
وبحثت الدراسة بشكل مفصل أبعاد قضية التشييع في عهد الرئيس السوري بشار الأسد، ودور النظام السياسي والجهاز الأمني في دعم وحماية التشيع في المجتمع السوري، والظروف السياسية والاجتماعية المحلية والدولية التي أدت إلى انفجار قضية التشيع في سورية. وكشفت الدراسة عن تحول التشيع الديني في عهد الأسد الأب إلى تشيع سياسي في عهد الأسد الابن، ودعم التشيع السياسي أمنياً وسياسياً، ما أدى إلى انتشار غير مسبوق للحوزات التعليمية والمؤسسات الدينية، موضحة أنه خلال ست سنوات فقط تم إنشاء ثلاثة أضعاف ما أنشئ خلال ربع قرن من الحوزات العلمية في سورية. بالإضافة إلى غض النظر عن تدفق الأموال من الحكومة الإيرانية في المجالات الثقافية والدينية. ووفقا للدراسة التي أعدها باحثون سوريون يعيشون ويعملون في سورية فإنه بين عام 2001 وحتى عام 2006 أنشئت في قرية «السيدة زينب» بدمشق اثنتا عشرة حوزة علمية وثلاث كليات للتعليم الشيعي، كما حصلت أول جامعة إسلامية شيعية متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص أمني للعمل داخل سورية في 2003 .
وقالت الدراسة، التي أعلن عن نتائجها في مؤتمر صحافي أمس في لندن، إنه وبما أن التعليم الديني في سورية يخضع لإدارة قسم التعليم الديني في وزارة الأوقاف السورية، فإن الحوزات العلمية خرجت عن رقابة الأوقاف، وأنه تم تأسيس «مديرية الحوزات العلمية»، حصلت على موافقة الأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية السورية. وقالت الدراسة ان المديرية باشرت عملها في 2005، وأرسلت أول كتاب لها إلى إدارة الهجرة والجوازات في 16 أغسطس 2005 للموافقة على «اعتماد خاتم مديريتها كونها الجهة الوحيدة المخولة بمخاطبة إدارة الهجرة والجوازات» وذلك على خلاف كل مؤسسات التعليم الديني الخاصة، التي تجعل وزارة الأوقاف هي الجهة الوحيدة المعتمدة لمخاطبة «إدارة الهجرة والجوازات».
وقالت الدراسة إنه برغم أن مظاهر التشيع بدأت مع بدء العلاقة الخاصة بين إيران وسورية بعد الثورة الإيرانية 1979، والحرب العراقية ـ الإيرانية (1980 ـ 1988)، الا ان المخاوف من زيادة التشيع لم تبلغ يوما المستوى الذي تبلغه اليوم. وأوضحت ان انشاء «مديرية الحوزات العلمية» يعد فقط أحد المؤشرات المهمة للتسهيلات غير الاعتيادية التي أصبحت تحظى بها مؤسسات الشيعة، موضحة أن الحوزات التي تم أنشاؤها هي: «حوزة الإمام علي» أو «الحوزة الحيدرية»، و«حوزة الإمام جواد التبريزي» التي أنشئت عام 2003، و«حوزة الإمام الصادق»، و«حوزة الرسول الأعظم»، و«حوزة الإمام المجتبى» ومؤسسها هندي الجنسية، و«حوزة الإمام الحسين»، و«حوزة الإمام زين العابدين»، و«حوزة قمر بني هاشم»، و«حوزة إمام الزمان التعليمية»، و«حوزة الشهيدين الصديقين»، و«حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية» التي أنشئت عام 2002، و«حوزة فقه الأئمة الأطهار» التي أنشئت عام 2006. وعالجت الدراسة الجذور التاريخية للتشيع في سورية، مشيرة في هذا الاطار الى الدور الكبير الذي لعبه رجل الدين الشيعي حسن الشيرازي الذي، كما تقول، كان له دور تاريخي في التشيُّع العلوي. والشيخ حسن الشيرازي (1935 ـ 1981) هو عالم دين عراقي من أصل إيراني، وتتحدر عائلته من أسرة دينية إيرانية عريقة من منطقة شيراز، وهو الأخ الأصغر للمرجع الشيعي آية الله العظمى محمد الشيرازي، وقد اعتقل مرات عدة في العراق وانتقل إلى سورية، وحمل فكرة أخيه في استعادة الفرع الشيعي (العلويين النصيريين) إلى المذهب الأم (الجعفرية الاثني عشرية)، ولعب دوراً رئيسياً في تأسيس تيار للتشيع في أوساط الطائفة العلوية (النصيرية) في سورية بتوجيه من أخيه المرجع. وقد اغتيل في لبنان عام 1981، ويُنسب اغتياله إلى المخابرات البعثية العراقية. وذكرت الدراسة أنه في عام 1972 زار الشيرازي على رأس وفد من العلماء الشيعة سورية وذلك لـ«إجلاء الهوية الدينية للعلويين»، مساهمة منه في إزاحة الضباب التاريخي الذي يلفُّهم، الذي كان «منذ توليه مقام المرجعية.. يفكر في قضية العلويين، باعتبارهم جزءاً من العالم الشيعي الذي يشعر بمسؤولية عنه».
وقالت الدراسة ان الشيرازي التقى مع عدد كبير من شيوخ العلويين (74 سوريا، و6 لبنانيين) وقرروا إصدار بيان ينسب العلويين للشيعة الجعفرية الاثني عشرية، ويؤكد أن «التسمية: (الشيعي والعلوي) تشير إلى مدلول واحد، وإلى فئة واحدة هي الفئة الجعفرية الإمامية الاثنى عشرية». وقد طبع البيان في طرابلس لبنان بعد ثلاثة أشهر من هذا الاجتماع، في ديسمبر (كانون الاول) من عام 1972 وقدم له الشيرازي بفتوى تتضمن أيضاً التصريح بأن العلويين شيعة.
ووفقا للدراسة فقد نشط حسن الشيرازي ـ منذ ذلك الحين وحتى تاريخ مقتله سنة 1981 ـ في الجبل العلوي بشكل لم يسبق له مثيل من نشاط رجال الدين الشيعة، الإيرانيين أو العراقيين، على الأراضي السورية، فإضافة إلى الدروس والمحاضرات التي كان يحرص على إلقائها ولا يدع مناسبة دينية واجتماعية للطائفة إلا ويشارك فيها، فقد قام ـ وبمساعدة بعض شيوخ الطائفة ـ ببناء بعض المساجد والحسينيات في اللاذقية ومنطقة الساحل السوري.
وكان الشيرازي يرى أن «سورية هي بوابة إلى العالم العربي وإلى العالم بأسره؛ فهي كانت وما زالت جسراً بين العالمين الإسلامي والعربي». فاستثمر الشيرازي هذا الموقع الاستراتيجي بإنشاء الحوزة العلمية في «السيدة زينب». وقالت الدراسة ان الفترة الذهبية للتشيع في سورية هي الفترة الممتدة بين عامي 1970 ـ 2007، فما قبلها لا يعتبر التشيع ظاهرة، ولم يتعد عدد الذين تشيعوا بضع مئات. فإذا قدر عددهم بما دون الألف، فإن عدد السُّنة الذين تشيعوا في عهد حافظ الأسد (أي في الفترة 1970 ـ 1999) يقدر بـ 6960 كحد أقصى، بما نسبته 43%، وعدد السنَّة الذين تشيعوا في الفترة 1999 ـ 2007 يقدر بـ 8040 كحد أقصى بما نسبته 50%.
وعلى هذ الأساس فإن المعدل السنوي للتشيع في الوسط السني حتى ما قبل عام 1970 كان 20 شخصاً في السنة، وفي عهد حافظ الأسد 1970 ـ 1999 كان المعدل 232 سنياً في السنة، أي أنه تضاعف قرابة 12 مرة عن الفترة التي سبقته، وفي عهد بشار الأسد ضمن الفترة 1999 ـ 2007 فإن معدل الانتشار كان 1005 سنيين سنوياً، أي أن المعدل السنوي تضاعف عن عهد الاسد الأب بما يعادل 4.3 مرة، وتضاعف بـ51 مرة عن معدل ما قبل 1970.
وخلصت الدراسة الى أنه في المدى المنظور فإن خطر التغيير الديموغرافي في سورية بسبب التشيع غير وارد، لكنها حذرت من الخطر السياسي والأمني الكامن وراء الظاهرة.
المد الشيعي في سوريا.. الهواجس ترسم المشهد
مصطفى عاشور
صدر منذ أيام على شبكة الإنترنت كتاب مثير بعنوان "البعث الشيعي في سوريا 1919-2007" عن "المعهد الدولي للدراسات السورية" في لندن، وسيصدر ورقيا الأيام القادمة، يتحدث عن المد الشيعي المتزايد في سوريا، ويسرد أرقاما وإحصاءات وجداول عن حالات التشيع في أوساط السوريين، محاولا قراءة هذا الانتشار الشيعي على خلفيات وسياقات سياسية.
من يطالع موقع "المعهد الدولي للدراسات السورية" سيجد أن الموقع لا يحتوي على مواد بحثية باستثناء النسخة الديجيتال من الكتاب، وكما هو معلوم من الدراسات الإعلامية فإن أخطر أنواع الدعاية التي يواجه بها أي نظام سياسي أو مجتمع هي الدعاية البنية التي تستند إلى قدر ما من الحقائق، ثم يتم إكمال بقية المشهد بمعلومات مغلوطة ومكذوبة، أو تحميل المعلومة بحمولات أكبر مما يتطلب الحدث بقصد توجيه السلوك والتأثير في نفسية الطرف المستهدف.
المحور الإيراني السوري
وهنا تبقى المشكلة الأزلية للمعلومة والتي تكمن في التفسير والتوظيف، فالكتاب يحمل أرقاما وإحصاءات وجداول ومعلومات، وذكرها يضعف درجة التحفز داخل الوعي الإنساني في مقاومة آراء معينة، وبالتالي تسهل عملية التشكيل للوعي ويصبح وعي الشخص قابلا للسماح بتسرب بعض الحمولات التفسيرية والتوظيفية التي تحملها البيانات والإحصاءات.
ارتفع المد الشيعي في سوريا مؤخرا.
لكن ذلك لا يمنع أن هناك شيئا ما يجري على الأرض، وأن التفسيرات والتوظيفات لها قدر من التجلي في الواقع، ومن ثم فإن الحكم على ما جاء في الكتاب لا يمكن أن يكون من خلال الصدق والكذب، ولكن من خلال التهويل أو التوظيف، وهذا ما يدفعنا إلى طرح ضرورة إدراك السياق السياسي الذي يصدر فيه الكتاب.
فسوريا تعاني من سياق متأزم، ففي ظل الرغبة الأمريكية والإسرائيلية لتفكيك وإضعاف التحالف السوري الإيراني، يتم التوسل بما هو مذهبي في مواجهة سياسية، ومحاولة تفجير الخلافات المذهبية في إطار المواجهة مع المحور الإيراني – السوري الممتد إلى حزب الله في لبنان وإلى بعض حركات المقاومة في فلسطين، والذي يتزايد التحاما مع الضغوط الأمريكية، لكنه التحام يخلق قدرا من الهيمنة لإيران على المشهد، وخاصة أن كلا من دمشق وطهران موضوعتان -حسب الرؤية الأمريكية- ضمن محور الشر.
فنحن إزاء نوعية من الكتب قد لا تكون مبرأة عن السياسة، والدفع بالمذهبي لخدمة الأغراض السياسية.. لكن ذلك لا يغطي على حقيقة أن هناك نفوذا إيرانيا يتمدد في المنطقة متجاوزا حدوده التقليدية وفارضا نفسه على معادلة الصراع والقوة في الشرق الأوسط التي تعاني من فراغ سياسي، فالفراغ جاذب على الدوام للمشاريع الكبرى.
التاريخ المقلق
الكتاب يقع في (140) صفحة وأسهب في التأكيد على المنهجية التي اتبعها والمصادر التي استقى منها معلوماته، وكيفية البحث الميداني، وهو ما يوحي للقارئ بأن ما يحويه من أرقام وإحصاءات صادقة وعلمية، لكن بعيدا عن ذلك الكساء العلمي المنهجي الذي حاول الكتاب أن يضفيه على محتواه.
فمع السطور الأولى تجد استدعاء للتاريخ، فيذهب إلى أن ما يجري من عمليات "تبشير شيعي" في سوريا وفي دمشق هو نوع من الرد على الاضطهاد الذي تعرض له الشيعة وآل البيت على أيدي الأمويين والذين كانوا يتخذون من دمشق عاصمة لخلافتهم، وبالتالي فـ"تشييع" دمشق هو نوع من الانتصار الرمزي على ما جرى في التاريخ من أحداث.
كذلك تم استدعاء بعض المعتقدات كنوع من الدلالة الرمزية للتأكيد على أن "تشييع" سوريا ذو أهمية خاصة، ومنها التصورات الدينية السنية بأن "المهدي المنتظر" سيظهر في الشام، والتصورات الشيعية أن هذا المهدي سيقاوم في الشام، ومن ثم فسوريا أرض معركة بين مذهبي الإسلام الكبيرين.
لكن محور الارتكاز الحقيقي للكتاب في طرحه لمسألة "التشيع" في سوريا هو: أنه لا يمكن فك الارتباط بين "النشاط التبشيري الشيعي" في سوريا بمعزل عن السياسة، فلابد من فهم العلاقة التي حكمت المجال الديني بالفضاء العام في سوريا، خاصة في ظل عهد الرئيسين الأسد الأب والابن؛ نظرا لأن علماء الدين والمؤسسة الدينية تمتعت في الفترة من 1919 - 1963م بنوع من الاستقلالية والحضور في الفضاء العام، رغم قيام الرئيس حسني الزعيم عام 1949 م بإلغاء مؤسسة الوقف التي كانت تدعم استقلالية المؤسسة الدينية عن الدولة.
وأشار الكتاب أنه مع سيطرة حزب البعث على السلطة بعد انقلاب 1963م دخلت البلاد في دوامة الدولة الأمنية وأصبحت جميع خيوط اللعبة تتجمع في يد الحاكم، ولذا تعرضت المؤسسة الدينية لعملية تطويع كبيرة لإجبارها على الخضوع للمنطق الجديد، فتم إضعاف تأثيرها في الشأن العام وأصبحت لا تتدخل إلا بقدر إضفاء الشرعية على السلطة القائمة.
التشيع في سوريا
من يطالع عناوين الكتاب الداخلية سيلحظ حجم القلق الذي يبديه واضعو الكتاب تجاه المسألة فالعناوين اختيرت بعناية كبيرة مثل (المنبوذون - موطئ قدم- ظاهرة العمائم السود - طلائع الغزو الشيعي – الاستيطان - قم الصغرى السورية - احتلال المركز) وأضاف إلى تلك العناوين قدرا من المعلومات والإحصاءات عن بدايات وحجم الانتشار الشيعي في سوريا، والظرف السياسي الذي تولدت فيه المسألة.
فأشار إلى أن التشيع في بلاد الشام كان أشبه بالجيوب القليلة الضعيفة المتفرقة التي ليس لها تأثير في المجال العام، وكانت نسبة الشيعة حتى عام 1953م لا تزيد عن 0.4% من سكان سوريا، وكان الشيعة لديهم قدر من الانحرافات التي استدعت أن ينشئ أحد علمائهم وهو "محسن الحسيني" مدرسة لتصحيحها والتي كانت أول مدرسة للتعليم الشيعي في سوريا عرفت فيما بعد بـ"المدرسة المحسنية"، فبدأت تدب الحياة في الطائفة الشيعية، وشارك أحد الشيعة في وزارة في الستينيات.
وأشار الكتاب إلى أن النصوص الفقهية الإثني عشرية كانت تنظر إلى الطائفة العلوية أو النصيرية على أنهم "كفار" رغم أن العلويين هم فرع منشق عن الشيعة الإمامية، ومع تغلغل العلويين في الجيش السوري واحتلالهم لمواقع نافذة فيه بدأت تتغير مع الوقت الرؤية الإمامية للطائفة العلوية وساعد على ذلك الأحداث السياسية.
ففي مطلع السبعينيات لجأت أعداد كبيرة من العراقيين إلى سوريا هربا من نظام صدام حسين، وكان من بينهم "حسن مهدي الشيرازي" أحد علماء الشيعة الذي أسس عام 1976 أول حوزة علمية في سوريا عرفت باسم "الحوزة الزينبية" ، ويرى الكتاب أن الشيرازي قام بـ"التبشير الشيعي" في أوساط الطائفة العلوية في محاولة لاستعادة هذا الفرع إلى أصله الإمامي الإثني عشري.
كذلك أثرت السياسة عندما تدخلت سوريا في لبنان مع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976 عندما أخذ عشرات الآلاف من العمال السوريين يعملون في لبنان وتأثر بعضهم بالمذهب الشيعي.
كما أن شيعة لبنان لعبوا دورا -حسب الكتاب- في مد جسور التواصل بين الرئيس حافظ الأسد وبين الإمام الخميني قبل الثورة الإسلامية في إيران، حتى إن الأسد عرض استضافة الخميني بعد خروجه من العراق قبيل الثورة، لكن بعد الثورة الإسلامية عام 1979 كانت قناعات الرئيس حافظ الأسد هو أن تبقى العلاقات مع طهران في إطارها السياسي بعيدا عن أي تأثيرات مذهبية.
المد الشيعي و بشار الأسد
هذا لم يمنع من وجود تسرب شيعي إلى سوريا، وتبشير شيعي داخل العلويين وهو ما استرعى اهتمام بعض المراجع الشيعية في العراق وإيران لرعاية الصحوة النامية في جبل العلويين، حتى إنه عام 1980م تم إرسال ما يقرب من (500) شاب علوي للدراسة في حوزة "قم"، وتوافد بعض كبار علماء الشيعة على سوريا لإلقاء بعض الدروس والمحاضرات، وتم بث حلقات تلفزيونية أسبوعية لأحد علماء الشيعة العراقيين وهو "عبد الحميد المهاجر" في التلفزيون الرسمي السوري عام 1992، كما تم افتتاح العديد من الحسينيات والمكتبات الشيعية في دمشق.
ويذكر الكتاب أنه لم يكن في عام 1995 سوى حوزتين في سوريا، ولم تمض خمس سنوات حتى أنشئت خمس حوزات، كما زاد عدد الحوزات في عهد الرئيس بشار الأسد، فأنشئت في الفترة من 2000 - 2006 حوالي (12) حوزة شيعية وثلاث كليات للتعليم الشيعي، وهو ما أزعج بعض علماء سوريا مثل العلامة الفقيه "وهبة الزحيلي" الذي صرح بأن "ما يجري في سوريا يجب إيقافه" أو حتى الشيخ "رمضان البوطي" القريب من النظام في سوريا الذي أبدى قلقه -في خطبة منشورة على موقعه في أبريل 2006- من دخول التشيع إلى مناطق في سوريا لم يدخلها التشيع يوما ما.
وفي مقال نشر في صحيفة الشرق الاوسط:
دراسة سورية تحذر من تأثير المد الشيعي الإيراني.. وتضاعف الحوزات
جذوره تعود إلى حسن الشيرازي الذي قال إن دمشق هي بوابة العالم العربي
لندن: «الشرق الأوسط»
حذرت دراسة للمعهد الدولي للدراسات السورية من زيادة عدد الحوزات العلمية في سورية ومن التشيع بوجهيه الديني والسياسي. وأشارت الدراسة التي نشرت أمس في 147 صفحة الى ان التشيع في سورية يأخذ طابعا دينيا سياسيا مزدوجا عبر الأنشطة الإيرانية التي تقوم على بناء وتمويل الحوزات العلمية. وبحثت الدراسة، التي دعمتها ومولتها حركة العدالة والبناء السورية المعارضة، البدايات الفعلية للمد الشيعي في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وانعكاسها على التشييع في الطائفة العلوية، وتأثير تشكيل المحور السوري الإيراني عشية حرب الخليج الأولى. وكشفت الدراسة أنه بدأ في عهد الأسد الأب احتلال الشيعة للمقامات السنية (السيدة زينب، عمار بن ياسر، والسيدة رقية، وحجر بن عدي) وتأسيس مراكز تبشير شيعي فيها بدعم من إيران والمراجع الدينية العراقية (الشيرازية)، كما كشفت الدراسة أن حافظ الأسد كان حريصاً على تشييع الطائفة العلوية لإخراجها من عزلتها الفكرية والاجتماعية وليس لأسباب دينية، وفي هذا السياق كان الأسد يدعم باستمرار التيار الشيعي في الطائفة العلوية، الذي حقق انتشاراً كبيراً، لكن الأسد الأب كان حريصاً على عدم تسييس التشيع وتصدير أفكار الثورة الإيرانية إلى سورية، ففي الوقت الذي كان يدعم التحول العلوي باتجاه العودة إلى أصله الشيعي كان يكبح فيه عمل المؤسسات الإيرانية ويخضعها للمراقبة والتقييد من جهة أخرى.
وبحثت الدراسة بشكل مفصل أبعاد قضية التشييع في عهد الرئيس السوري بشار الأسد، ودور النظام السياسي والجهاز الأمني في دعم وحماية التشيع في المجتمع السوري، والظروف السياسية والاجتماعية المحلية والدولية التي أدت إلى انفجار قضية التشيع في سورية. وكشفت الدراسة عن تحول التشيع الديني في عهد الأسد الأب إلى تشيع سياسي في عهد الأسد الابن، ودعم التشيع السياسي أمنياً وسياسياً، ما أدى إلى انتشار غير مسبوق للحوزات التعليمية والمؤسسات الدينية، موضحة أنه خلال ست سنوات فقط تم إنشاء ثلاثة أضعاف ما أنشئ خلال ربع قرن من الحوزات العلمية في سورية. بالإضافة إلى غض النظر عن تدفق الأموال من الحكومة الإيرانية في المجالات الثقافية والدينية. ووفقا للدراسة التي أعدها باحثون سوريون يعيشون ويعملون في سورية فإنه بين عام 2001 وحتى عام 2006 أنشئت في قرية «السيدة زينب» بدمشق اثنتا عشرة حوزة علمية وثلاث كليات للتعليم الشيعي، كما حصلت أول جامعة إسلامية شيعية متخصصة بالعلوم الدينية على ترخيص أمني للعمل داخل سورية في 2003 .
وقالت الدراسة، التي أعلن عن نتائجها في مؤتمر صحافي أمس في لندن، إنه وبما أن التعليم الديني في سورية يخضع لإدارة قسم التعليم الديني في وزارة الأوقاف السورية، فإن الحوزات العلمية خرجت عن رقابة الأوقاف، وأنه تم تأسيس «مديرية الحوزات العلمية»، حصلت على موافقة الأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية السورية. وقالت الدراسة ان المديرية باشرت عملها في 2005، وأرسلت أول كتاب لها إلى إدارة الهجرة والجوازات في 16 أغسطس 2005 للموافقة على «اعتماد خاتم مديريتها كونها الجهة الوحيدة المخولة بمخاطبة إدارة الهجرة والجوازات» وذلك على خلاف كل مؤسسات التعليم الديني الخاصة، التي تجعل وزارة الأوقاف هي الجهة الوحيدة المعتمدة لمخاطبة «إدارة الهجرة والجوازات».
وقالت الدراسة إنه برغم أن مظاهر التشيع بدأت مع بدء العلاقة الخاصة بين إيران وسورية بعد الثورة الإيرانية 1979، والحرب العراقية ـ الإيرانية (1980 ـ 1988)، الا ان المخاوف من زيادة التشيع لم تبلغ يوما المستوى الذي تبلغه اليوم. وأوضحت ان انشاء «مديرية الحوزات العلمية» يعد فقط أحد المؤشرات المهمة للتسهيلات غير الاعتيادية التي أصبحت تحظى بها مؤسسات الشيعة، موضحة أن الحوزات التي تم أنشاؤها هي: «حوزة الإمام علي» أو «الحوزة الحيدرية»، و«حوزة الإمام جواد التبريزي» التي أنشئت عام 2003، و«حوزة الإمام الصادق»، و«حوزة الرسول الأعظم»، و«حوزة الإمام المجتبى» ومؤسسها هندي الجنسية، و«حوزة الإمام الحسين»، و«حوزة الإمام زين العابدين»، و«حوزة قمر بني هاشم»، و«حوزة إمام الزمان التعليمية»، و«حوزة الشهيدين الصديقين»، و«حوزة الإمام المهدي العلمية للدراسات الإسلامية» التي أنشئت عام 2002، و«حوزة فقه الأئمة الأطهار» التي أنشئت عام 2006. وعالجت الدراسة الجذور التاريخية للتشيع في سورية، مشيرة في هذا الاطار الى الدور الكبير الذي لعبه رجل الدين الشيعي حسن الشيرازي الذي، كما تقول، كان له دور تاريخي في التشيُّع العلوي. والشيخ حسن الشيرازي (1935 ـ 1981) هو عالم دين عراقي من أصل إيراني، وتتحدر عائلته من أسرة دينية إيرانية عريقة من منطقة شيراز، وهو الأخ الأصغر للمرجع الشيعي آية الله العظمى محمد الشيرازي، وقد اعتقل مرات عدة في العراق وانتقل إلى سورية، وحمل فكرة أخيه في استعادة الفرع الشيعي (العلويين النصيريين) إلى المذهب الأم (الجعفرية الاثني عشرية)، ولعب دوراً رئيسياً في تأسيس تيار للتشيع في أوساط الطائفة العلوية (النصيرية) في سورية بتوجيه من أخيه المرجع. وقد اغتيل في لبنان عام 1981، ويُنسب اغتياله إلى المخابرات البعثية العراقية. وذكرت الدراسة أنه في عام 1972 زار الشيرازي على رأس وفد من العلماء الشيعة سورية وذلك لـ«إجلاء الهوية الدينية للعلويين»، مساهمة منه في إزاحة الضباب التاريخي الذي يلفُّهم، الذي كان «منذ توليه مقام المرجعية.. يفكر في قضية العلويين، باعتبارهم جزءاً من العالم الشيعي الذي يشعر بمسؤولية عنه».
وقالت الدراسة ان الشيرازي التقى مع عدد كبير من شيوخ العلويين (74 سوريا، و6 لبنانيين) وقرروا إصدار بيان ينسب العلويين للشيعة الجعفرية الاثني عشرية، ويؤكد أن «التسمية: (الشيعي والعلوي) تشير إلى مدلول واحد، وإلى فئة واحدة هي الفئة الجعفرية الإمامية الاثنى عشرية». وقد طبع البيان في طرابلس لبنان بعد ثلاثة أشهر من هذا الاجتماع، في ديسمبر (كانون الاول) من عام 1972 وقدم له الشيرازي بفتوى تتضمن أيضاً التصريح بأن العلويين شيعة.
ووفقا للدراسة فقد نشط حسن الشيرازي ـ منذ ذلك الحين وحتى تاريخ مقتله سنة 1981 ـ في الجبل العلوي بشكل لم يسبق له مثيل من نشاط رجال الدين الشيعة، الإيرانيين أو العراقيين، على الأراضي السورية، فإضافة إلى الدروس والمحاضرات التي كان يحرص على إلقائها ولا يدع مناسبة دينية واجتماعية للطائفة إلا ويشارك فيها، فقد قام ـ وبمساعدة بعض شيوخ الطائفة ـ ببناء بعض المساجد والحسينيات في اللاذقية ومنطقة الساحل السوري.
وكان الشيرازي يرى أن «سورية هي بوابة إلى العالم العربي وإلى العالم بأسره؛ فهي كانت وما زالت جسراً بين العالمين الإسلامي والعربي». فاستثمر الشيرازي هذا الموقع الاستراتيجي بإنشاء الحوزة العلمية في «السيدة زينب». وقالت الدراسة ان الفترة الذهبية للتشيع في سورية هي الفترة الممتدة بين عامي 1970 ـ 2007، فما قبلها لا يعتبر التشيع ظاهرة، ولم يتعد عدد الذين تشيعوا بضع مئات. فإذا قدر عددهم بما دون الألف، فإن عدد السُّنة الذين تشيعوا في عهد حافظ الأسد (أي في الفترة 1970 ـ 1999) يقدر بـ 6960 كحد أقصى، بما نسبته 43%، وعدد السنَّة الذين تشيعوا في الفترة 1999 ـ 2007 يقدر بـ 8040 كحد أقصى بما نسبته 50%.
وعلى هذ الأساس فإن المعدل السنوي للتشيع في الوسط السني حتى ما قبل عام 1970 كان 20 شخصاً في السنة، وفي عهد حافظ الأسد 1970 ـ 1999 كان المعدل 232 سنياً في السنة، أي أنه تضاعف قرابة 12 مرة عن الفترة التي سبقته، وفي عهد بشار الأسد ضمن الفترة 1999 ـ 2007 فإن معدل الانتشار كان 1005 سنيين سنوياً، أي أن المعدل السنوي تضاعف عن عهد الاسد الأب بما يعادل 4.3 مرة، وتضاعف بـ51 مرة عن معدل ما قبل 1970.
وخلصت الدراسة الى أنه في المدى المنظور فإن خطر التغيير الديموغرافي في سورية بسبب التشيع غير وارد، لكنها حذرت من الخطر السياسي والأمني الكامن وراء الظاهرة.