مشاهدة النسخة كاملة : الغيبة في الاسلام والديانات السماوية وغيبة الخضر عليه السلام
نووورا انا
28-08-2009, 04:38 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
الخضر عليه السلام:
قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم, إنني سأبحث عن عمر الخضر عليه السلام. وهل هو موجود إلى الآن أم لا؟ وإنكار البخاري لبقاء الخضر إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم(4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn4)، ومتابعة ابن تيمية له، واعتباره أن ذلك حقيقة, تسقط دليل من استدل بطول عمر الخضر عليه السلام على إمكانية أن يطول _ كذلك إلى هذا الحد _ عمر المهدي عليه السلام.
ولكن _ في الحقيقة _ إن هذا غير منظور بالنسبة لي, بالمقام الأوّل، وإنما اُريد أن أنبّه إلى غيبة الخضر في زمن موسى عليه السلام، وبعد ذلك سأعرج إلى ما قيل عن غيبته, حتّى إلى زمن النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, بل إلى زمننا كما يقال. وقد يقتضي هذا العرض لزوم الترابط بين هذه الغيبة, وبين العمر الطويل؛ لأنها غيبة تمتد لآلاف من السنين, وهناك من يبرهن على أنه عليه السلام موجود إلى هذا الزمن, وهذا يرد عرضاً وهو موكول إلى محله في البحث.
خلاصة الفكرة هي: أن قصة العبد الصالح, الذي قابله موسى عليه السلام, من وراء البحر, والذي لديه علم من لدن الله, والذي كان مختفياً عن الناس, ولم يعرفه أحد, إلى أن عرّف الله نبيه موسى عليه السلام به, وكشف العبد الصالح, لموسى عليه السلام, علمه الذي علمه الله إيّاه, وأحكامه بالحكم الواقعي, وليس الظاهري، وكما يبدو من مسيرة الحدث, فإنه قد عمل بما يخالف الشريعة, من العمل بالظاهر, وهذا من خصائص من له ولاية, وعلم من الله. ويتصرف بحسب ولايته. كقتله لغلام لم يفعل شيئاً يستحق القتل، وإنما سيعمل الشر مستقبلاً. وقد اعترض عليه موسى عليه السلام بموجب الشريعة, ولكن العبد الصالح أثبت له محدودية علمه, بالأمور الباطنة, مما يدل _ بالتالي _ على التفاوت بين الأنبياء, والأولياء في العلم.
هذا الرجل _ الذي قابله النبي موسى عليه السلام _ يعرفه المسيحيون, واليهود, ويقولون: إنه الخضر عليه السلام. وقد غلب عند المسلمين _ كذلك _ أنه الخضر, وفيه نصوص.(5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn5) وما وقع فيه من الاختلاف, فهو اختلاف تسمية, أو أقوال ضعيفة, وجدت للتشويش كالعادة.
ويضاف إلى كونه غائباً عن الناس أن عمره في زمن موسى عليه السلام, قد تجاوز مئات, وقد قيل آلاف الأعوام. وهذه قضية قرآنية, وليست حديثاً ليشك في سنده, أو يتمحل المتمحل في فهمه, ونقض دلالته. فالموضوع _ إذن _ ثابت بثبوت القرآن الكريم. وهو واضح, وضوح الشمس في رابعة النهار, إنه ولي من أولياء الله المكرمين بالعلم اللدني، قد اختفى عن الناس, ولم يحظ بلقائه إلاّ الأنبياء, كالنبي موسى عليه السلام، وقد أعطى النبي موسى عليه السلام, درساً قاسياً في العلم, والعلاقة بالله. فما هو _ إذن _ تفسير من يشكك بالغيبة _ أصلاً _ مع غيبة الخضر عليه السلام الواضحة قرآنياً؟
لنقرأ الآيات القرآنية بأناة, وهي وحدها كافية, أن تثبت الغيبة, والعلم اللدني الغيبي, وطول العمر, باعتبار التطبيق على الخضر, فإنه قد ولد في زمن إبراهيم عليه السلام, أو في زمن نوح عليه السلام, أو في زمن آدم عليه السلام, بحسب روايات متضاربة:
قال تعالى في سورة الكهف في قصة العبد الصالح الخضر عليه السلام مع موسى, وفتاه:
((وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً * قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً * فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً * قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً * فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً * قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً * فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً * وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً))(6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn6).
والقصة بكل وضوح _ وبحسب النص القرآني _ هي أن موسى عليه السلام, وفتاه, قد طلبا رجلاً موفقاً, والتقيا _ بعد سفر متعب, فيه مشاكل مربكة _ بهذا الرجل, الذي هو من العلماء المجهولين, قد رزقه الله _ تعالى _ العلم اللدني الحقيقي, المسمى بالانكشاف للمعلوم، فطلب منه موسى عليه السلام المصاحبة, على أن يعلمه مما علمه الله، فقال له الرجل الصالح: إنه لا يستطيع تحمّل العلم الذي معه، وبدأت الرحلة, التي وردت في القرآن, وما ورد فيها من مشاكل علمية, وفكرية, لم تحل رموزها لحد هذا التأريخ, عدا القول: بأن العبد الصالح عليه السلام كان مكلفاً بالأمر الواقعي, بينما النبي موسى عليه السلام مكلف بالأمر الظاهري. ولهذا لم يسكت موسى عليه السلام, وكان دائم الاعتراض، وكذلك لم نوفق نحن _ كبشر _ في استيضاح هذه المخالفات, باعتبارها فوق تصورنا, إذ أنها تتعلق بعلم إلهي, ممنوح, يختلف عن نظمنا الفكرية, ودساتيرنا الفقهية، فقتل الطفل _ عندنا _ غير جائز, حتّى لو كان سيرهق أبويه؛ لأنَّ العقوبة, لا تجوز, قبل الجناية, ولا جناية هنا، مع أن نوع الجناية المستقبلية, غير واضح, إذ أنه لو كانت الجناية عصيان الوالدين, وإيذائهما, فقط, فهذا مما لا يحكم عليه بالموت, أصلاً، وإذا كان هو الكفر بالله, وليس بالوالدين, وبالنعم، فيرجع الأمر إلى أحكام الردة, أو الكفر في بلاد الكفر، وهل كل كافر يجب قتله فوراً؟ ولكنها _ على كل حال _ من مسائل العقوبة قبل الجناية _ كما قلنا _ فالمسألة غير متعلقة بعلم طبيعي أبداً. وعلى كل حال فإن هذا العبد الصالح, هو الخضر عليه السلام كما نصت عليه النصوص, في هذا الشأن.
وهنا, نلحظ أموراً مهمة منها: أوّلاً: أنه كان عبداً مخفياً عن الناس, وغائباً, إلاّ عمّن يوفقهم الله للقائه. وثانياً: أنه طويل عمر، لأنه إما معاصر للنبي إبراهيم عليه السلام, أو معاصر للنبي نوح عليه السلام, أو قبله كما في الروايات _ وعلى كل حال _ فهو ليس مولوداً في زمن موسى عليه السلام, كما عليه إجماع أهل النقل. ولو فرضنا أنه في زمن موسى, فتبقى قضية غيبته عن الناس، وعدم معرفة هويته، بحيث لم يطلع عليه, وعلى علمه إلاّ النبي موسى عليه السلام، وباستثناء هذا لم يرد أيّ خبر, أو رواية, تدلُّ على حدوث اتصال علمي, أو عملي, مع الناس, مع وجود تصريح في الروايات باختفائه، وطلب موسى للرجل المختفي، وهذه هي الغيبة بعينها، وليس بعد النص القرآني الواضح من حاجة إلى دليل.
للموضوع تتمة......
نووورا انا
28-08-2009, 04:41 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ومن يريد أن يغطي الشمس بغربال, يمكنه أن يدعي عدم فهمه, لكون الخضر عليه السلام في غيبة من خلال النص القرآني, حيث يدعي أن رؤية النبي موسى عليه السلام له, لا تنفي رؤية الآخرين له، ولهذا فلا غيبة، فلو وجد مثل هكذا معترض, فهو لم يلتفت إلى أمور منها:
أوّلاً: كون هذا العبد _ صاحب العلم اللدني _ لم يحظ بلقائه, أو معرفته عن قرب, أصحاب الدراسات, والديانات, بأنفسهم, مع أنه طويل عمر، وقد يكون عمّر إلى زمن موسى عليه السلام, أكثر من ستمئة عام. وهذا الانقطاع, وعدم التواصل, هو الغيبة ذاتها.
وثانياً: إن اللقاء بالخضر عليه السلام, لم يكن لقاء شخص معروف, بل هو _ بحسب النص القرآني _ عبد من عباد الله, وقد أخفى الله هويته في القصة؛ للتعبير عن خفاء الهوية على موسى عليه السلام، وإنما عرفه بالوحي, بدليل أنه عرف أنه صاحب علم لدني، ولهذا طلب منه أن يعلمه، ومعناه أنه لم يلتق به اعتباطاً، وإنما لتشخيص الله له, عبر الرسالة السماوية، فمن لا يستطيع الناس التعرف عليه, إلاّ بإخبار من الله _ تبارك وتعالى _ عبر ملائكته, هو في حالة من الاختفاء, والغياب _ قطعاً. وهذا ظاهر من دون تأمل؛ لأن النص القرآني ناطق به، مثل كونه قد علم أن هذا الشخص عنده علم لدنيّ, وقد سلّم له بذلك, وطلب منه تعليمه: ((فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً * قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً)).
وهذا التسليم له دلالته, من نبي يوحى إليه, في زمن استقامة نبوته, واكتمالها, بعد أن صاحب فتاه يوشع بن نون, وهو من صغار أصحابه. فلو كان متيسراً لكل بشر أن يجتمع, ويطّلع على الخضر, في زمن موسى عليه السلام لما احتاج إلى إخبار إلهي؛ ليطلعه على أن عند هذا العبد الصالح علم لدني, يجب عليه أن ينقاد له, وهو ينقاد له كتلميذ _ بشكل واضح من النص(7) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn7).
فمن أراد القول _ جزماً بلا دليل _ إن النص خال من الإشارة إلى غيبة الخضر عليه السلام في زمن موسى عليه السلام, فهو إنما يجزم بأمر, لا يحق له الجزم فيه, إلاّ تعنتاً.
ولكن بالنسبة للمسلمين, لا يتوقف الأمر عند هذا الحد, فهم يروون عن أصحاب الديانات الأخرى, تسالمهم على بقاء الخضر, وتواصله مع الأولياء، ويرى المسلمون أنه كان على اتصال بالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وبعضاً من الصحابة, وربما الأولياء, إلى يومنا هذا, وهو غائب عن الناس، ولا يقدح في ذلك إنكار البخاري لبقائه عليه السلام, إلى زمن النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, فهو لا يمكنه _ أوّلاً _ أن ينفي بقاءه لما قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببرهة وجيزة؛ لعدم وجود دليل عنده قطعاً، وثانياً: إنما نفى ذلك لما يدعيه من عدم صحة الأحاديث, التي روت حوادث الاتصال بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وبين الخضر عليه السلام، وهذا مردود؛ لأن عدم الصحة, لا تعني صحة العدم؛ ولأن الأمر فيه مسألة انحياز واضحة, حيث أن رواة الأحاديث ممن لا يرون العثمانية _ وهو مما يعتبر جريمة في نظر البخاري, الذي يروي عن ابن حريز, ويوثقه, وهو اللاعن عليّ, دبر كل صلاة سبعين مرة _ هؤلاء الرواة مردودون برأي البخاري, بحسب طريقته في غربلة النصوص الحديثية, بموجب معيار معاداة عليّ, وشيعته, ومذهبه, واتّباع وصايا معاوية المؤكدة على رفض كل ما يتصل بأبي تراب عليه السلام, والروايات _ كما نعلم _ قد وردتهم عن طريق عليّ عليه السلام نفسه. فالمسألة _ إذن _ متعلقة بالميول السياسية في التعامل مع الحديث.
وعلى هذا, فليس بذي قيمة _ إذن _ تشكيك البخاري ببقاء الخضر عليه السلام إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, واختفاءه, وغيبته, إلاّ عن الأولياء, وأما استغلال هذا التشكيك, من قبل ابن تيمية, ومن والاه؛ لاعتقادهم أن نفي بقاء الخضر عليه السلام, يسقط الدليل على بقاء المهدي عليه السلام, فهذا من الوهم الساقط؛ لأن أساس التشكيك, مشكوك فيه, وهو غير علمي, ومردود سُنّياً, قبل أن يرده الشيعي؛ ولأن نفي طول عمر الخضر عليه السلام, لا يستطيع أن ينفي طول عمر نوح عليه السلام المنصوص عليه في كتاب الله تعالى, كما قلنا في مسألة البقاء, وطول العمر، فهذا فيه نص قرآني, وهو يثبت عدم الاستحالة, فلا مجال للنفي, بناءً على الاستحالة، بالإضافة إلى طول الأعمار التي ذكرها التاريخ, وسلّم بها كل المؤرخين, مثل عُمر آدم, وإدريس عليهما السلام, وشداد بن عاد, وغير ذلك, ومثل ذكر المعمرين الذين ذكرتهم كتب التاريخ, بتسليم واضح, لم يستطع ابن تيمية الاعتراض عليه. فهذا النفي لا يقدم ولا يؤخر في شيء. وهو استغلال غير ناجح, لقضية لا يستطيع إثباتها, بل الأدلّة قائمة بإثبات الضد من مقولته.
وعلى كل حال, فإن ما قصدناه من غيبة الخضر عليه السلام, ما هو متيقن من غيبته في زمن النبي موسى عليه السلام, وأنه منعزل في مكان, لا يعرفه من يرغب بذلك, إلاّ بأمر الله. ولكن لو ثبت غيبته في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, أو أنه ما زال غائباً لحد الآن, فهذا فيه زيادة تأكيد. غير أن النصوص التاريخية, والدينية, أصابها الكثير من التشويش, باعتبار أن التحكم بها _ دائماً _ بيد السلطان, والمحدّثين, وهؤلاء ضد فكرة بقاء الخضر حيّاً, ولهذا يسعون جاهدين إلى إخفاء الروايات, واختلاق روايات لا صحة لها, تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, من باب الكذب له _ حسبة(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn8) _ لقمع المخالفين من الصوفية، وقد يجد القارئ الكريم أن النقاش _ الدائر بين الصوفية والمحدّثين _ هو حوارُ من لا لقاء بينهم, وتضارب في كل قول، فكلٌ يدعي الإجماع, والدليل اليقيني, ويقيم الشبهات على الطرف الآخر, بدون نتيجة حقيقية، وكل هذا يُردّ بحديث واحد, صحيح, ورد في صحيح مسلم(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn9)، يقرر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الخضر سيقابل الدجال, في آخر الزمان, وأنه يصرح, بأن الخضر سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنباء الدجال. وهذا تصريح ما بعده تصريح.
ولمزيد من الفائدة _ في هذا الموضوع _ لا بأس بالإطلاع على مناقشة طريفة, قام بها الشيخ عليّ بن يونس العاملي رحمه الله لمسألة نفي بقاء الخضر عليه السلام واعتمادهم على رواية مكذوبة, صرحوا بضعفها, أو كذبها, وهي قوله صلى الله عليه وآله وسلم _ بزعمهم _: (لو كان الخضر حيّاً لزارني)(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn10)، وردّه برواية صحيحة _ عندهم _ تدل بنص ورد بلسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن الخضر سمع الحديث صلى الله عليه وآله وسلم صريحاً, ولهذا ذكر في الصحابة, وهي رواية صحيحة في صحيح مسلم(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn11). لكن مصيبتنا في العلم, تبقى من أعظم مصائب المسلمين, حين يترك العلماء منهجهم في اعتماد الصحاح, ويميلون إلى المكذوبات, لا لشيء إلاّ للردّ على الشيعة أو الصوفية.
وقد نبّه علماء الشيعة _ رضوان الله تعالى عليهم _ إلى هذا التناقض, وأشاروا إلى أن صحيح الرواية تقول: إن الخضر عليه السلام روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمنه:
نقرأ ما كتبه الشيخ عليّ بن يونس العاملي رحمه الله في الصراط المستقيم(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn12):
(قالوا: إنما أجرى الله عادته بالتطويل, في غير هذه الأمّة, قلنا: لا يضرنا ذلك بحال, مع اتفاق الأكثر على بقاء الخضر, والدجال, على أن ذلك وإن لم يقع لغيره, لم يدل على نفيه عنه, ويكون معجزة له, فإن كل المعجزات خوارق للعادات. قالوا: نمنع حياة الخضر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كان الخضر حيّاً لزارني) قلنا: أخرج مسلم(13) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn13)، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, في الدجال: أنه محرم عليه أن يدخل المدينة, فينتهي إلى بعض السباخ, فيخرج إليه رجل هو خير الناس, فيقول: أشهد أنك الدجال, الذي حدّثنا النبي بحديثه. فيقول الدجال: إن قتلت هذا, ثمّ أحييته, أتشكون في أمري؟ فيقولون: لا, فيقتله, ثمّ يحييه, فيقول: ما كنت فيك قط, أشد بصيرة مني الآن, فيريد الدجال قتله ثانياً, فلا يسلط عليه, فقال إبراهيم بن سعد: يقال: هذا الرجل الخضر. وذكر قول الخضر: (حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) دلَّ حديثه على اجتماعه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وفيه تكذيب: (لو كان حيّاً لزارني)). انتهى(14) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn14).
وعلى أيّة حال _ لا يهمنا النزاع الدائر بين الصوفية, والمحدّثين, حول الأدلّة الغريبة المتداولة فيما بينهم على بقاء, أو عدم بقاء الخضر عليه السلام إلى هذا اليوم, ولكن من الطريف أن نعرف _ هنا _ أن ابن تيمية, يستنكر بقاء الخضر إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الخضر لم يحضر المعارك والجهاد, وكأنه يعلم من هم الجنود, الذين نصر الله _ تعالى _ بهم دينه ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم, من إنس, وجن, وملائكة, والذين صرح القرآن الكريم بعدم إمكانية أن نراهم نحن, قال _ تعالى _: ((وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها))(15) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftn15).
ومن القضايا الغريبة أن الآلوسي صاحب تفسير روح المعاني يؤيد إنكار بقاء الخضر عليه السلام إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أيّد أدلّة النافين, وردّ بالكثير من الأجوبة عليها, وأبقى على بعضها, ولم يمنعه ذلك من تأييد الإنكار بطريقة مزاجية, فيها التفاف على الدليل النصي, الذي ينقله ويوثقه هو, ولكنه يبرر الإنكار على أساس الإشكالات مع صدق النقل عنده. ومن ذلك _ مثلاً _ أنه يروي إجازته للصلاة البشيشية عن الخضر عليه السلام نفسه!! قال(1) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn1):
(ومما ينبي على اجتماعه عليه السلام بالكاملين من أهل الله تعالى, بعض طرق إجازتنا, بالصلاة البشيشية, فإني أرويها من بعض الطرق, عن شيخي علاء الدين علي أفندي الموصلي, عن شيخه, ووالده صلاح الدين يوسف أفندي الموصلي, عن شيخه خاتمة المرشدين السيد عليّ البندينجي, عن نبي الله تعالى الخضر عليه السلام!! عن الولي الكامل الشيخ عبد السلام بن بشيش, قدس سره). انتهى.
لا نريد _ هنا _ أن ندخل في جدل حول معجزات مشايخ الآلوسي واختصاصهم بالأنبياء, حين يجتمعون بهم, ويروون عنهم الأحاديث, لكننا نتساءل عن القوانين التي تحكم صحة العلم عند الآلوسي وغيره, كيف تسوغ له أن يروي عن من أنكر وجوده _ صراحة _ في زمننا؟
والأشد غرابة من هذا, قوله بإمكانية أن يلتقي (الكامل) بالمهدي عليه السلام, وهو الذي لم يولد بعد _ كما يراه الآلوسي وغيره منهم _ قال(2) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn2):
(وادعى الشيخ الأكبر قدس سره الاجتماع مع أكثر الأنبياء عليهم السلام لاسيّما مع إدريس عليه السلام فقد ذكر أنه اجتمع به مراراً, وأخذ منه علماً كثيراً, بل قد يجتمع (الكامل) بمن لم يولد بعد كالمهدي, وقد ذكر الشيخ الأكبر _ أيضاً _ اجتماعه معه، يعني الخضر). انتهى.
يتبع.........
نووورا انا
28-08-2009, 04:47 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
وهنا _ نروي ما رواه الآلوسي من أدلّة المثبتين الروائية قال(3) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn3):
(وشاع الاستدلال بخبر: (لو كان الخضر حيّاً لزارني). وهو _ كما قال الحفاظ _ خبر موضوع لا أصل له, ولو صح لأغنى عن القيل, والقال, ولانقطع به الخصام, والجدال. وذهب جمهور العلماء إلى أنه حيّ, موجود بين أظهرنا, وذلك متفق عليه عند الصوفية _ قدست أسرارهم _ قاله النووي. ونقل عن الثعلبي المفسر: أن الخضر نبي معمر, على جميع الأقوال, محجوب عن أبصار أكثر الرجال. وقال ابن الصلاح: هو حيّ اليوم, عند جماهير العلماء, والعامة معهم في ذلك؛ وإنما ذهب إلى إنكار حياته بعض المحدّثين. واستدلوا على ذلك بأخبار كثيرة منها: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد, وابن عساكر, عن الضحاك, عن ابن عبّاس, أنه قال: الخضر ابن آدم لصلبه, ونُسيءَ له في أجله, حتّى يكذّب الدجال, ومثله لا يقال من قبل الرأي. ومنها: ما أخرجه ابن عساكر, عن ابن إسحاق, قال: حدّثنا أصحابنا, أن آدم عليه السلام لما حضره الموت, جمع بنيه, فقال: يا بني, إن الله _ تعالى _ منزل على أهل الأرض عذاباً, فليكن جسدي معكم في المغارة, حتّى إذا هبطتم فابعثوا بي, وادفنوني بأرض الشام, فكان جسده معهم, فلما بعث الله تعالى نوحاً, ضم ذلك الجسد, وأرسل الله _ تعالى _ الطوفان على الأرض, فغرقت زماناً, فجاء نوح, حتّى نزل بابل, وأوصى بنيه الثلاثة, أن يذهبوا بجسده, إلى المغار, الذي أمرهم أن يدفنوه به, فقالوا: الأرض وحشة, لا أنيس بها, ولا نهتدي الطريق, ولكن كف حتّى يأمن الناس, ويكثروا, فقال لهم نوح: إن آدم قد دعا الله _ تعالى _ أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة, فلم يزل جسد آدم, حتّى كان الخضر, هو الذي تولى دفنه, فأنجز الله تعالى له ما وعده, فهو يحيا إلى ما شاء الله تعالى له أن يحيا, وفي هذا سبب طول بقائه, وكأنه سبب بعيد. وإلاّ, فالمشهور فيه, أنه شرب من عين الحياة, حين دخل الظلمة مع ذي القرنين, وكان على مقدمته. ومنها ما أخرجه الخطيب, وابن عساكر عن عليّ رضي الله عنه, وكرم وجهه, قال: بينا أنا أطوف بالبيت, إذا رجل متعلق بأستار الكعبة, يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع, ويا من لا تغلطه المسائل, ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين, أذقني برد عفوك, وحلاوة رحمتك, قلت: يا عبد الله أعد الكلام, قال: أسمعته؟ قلت: نعم, قال: والذي نفس الخضر بيده _ وكان هو الخضر _ لا يقولهن عبد, دبر الصلاة المكتوبة, إلاّ غفرت ذنوبه, وإن كانت مثل رمل عالج, وعدد المطر, وورق الشجر.
ومنها ما نقله الثعلبي, عن ابن عبّاس, قال: قال عليّ كرم الله تعالى وجهه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, لما توفي, وأخذنا في جهازه, خرج الناس, وخلا الموضع, فلما وضعته على المغتسل, إذا بهاتف يهتف من زاوية البيت, بأعلى صوته: لا تغسلوا محمّداً, فإنه طاهر طهر, فوقع في قلبي شيء من ذلك, وقلت: ويلك من أنت فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, بهذا أمرنا, وهذه سُنّته, وإذا بهاتف آخر, يهتف بي من زاوية البيت, بأعلى صوته: غسلوا محمّداً, فإن الهاتف الأوّل, كان إبليس الملعون حسد محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم, أن يدخل قبره مغسولاً, فقلت: جزاك الله تعالى خيراً, قد أخبرتني بأن ذلك إبليس, فمن أنت؟ قال: أنا الخضر, حضرت جنازة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك, عن جابر, قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, واجتمع الصحابة, دخل رجل أشهب اللحية, جسيم صبيح, فتخطى رقابهم, فبكى ثمّ التفت إلى الصحابة, فقال: إن في الله تعالى عزاء من كل مصيبة, وعوضاً من كل فائت, وخلفاً من كل هالك, فإلى الله تعالى فأنيبوا, وإليه تعالى فارغبوا, ونظره _ سبحانه _ إليكم في البلاء فانظروا, فإنما المصاب من لم يجبر, فقال أبو بكر, وعليّ : هذا الخضر عليه السلام.
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر: أن إلياس, والخضر, يصومان شهر رمضان, في بيت المقدس, ويحجان في كل سنة, ويشربان من زمزم, شربة, تكفيهما إلى مثلها من قابل.
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر _ أيضاً _ والعقيلي, والدارقطني في الأفراد, عن ابن عبّاس, عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, قال: (يلتقي الخضر وإلياس, كل عام في الموسم, فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه, ويتفرقان عن هذه الكلمات, باسم الله, ما شاء الله, لا يسوق الخير إلاّ الله, ما شاء الله, لا حول ولا قوة إلاّ بالله).
ومنها: ما أخرجه ابن عساكر بسنده, عن محمّد بن المنكدر, قال: بينما عمر بن الخطاب, يصلي على جنازة, إذا بهاتف يهتف من خلفه, لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله تعالى, فانتظره حتّى لحق بالصف الأوّل, فكبر عمر, وكبر الناس معه, فقال الهاتف: إن تعذبه فكثيراً عصاك, وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك, فنظر عمر وأصحابه إلى الرجل, فلما دفن الميت, وسوى عليه التراب, قال: طوبى لك يا صاحب القبر, إن لم تكن عريفاً, أو جابياً, أو خازناً, أو كاتباً, أو شرطياً, فقال عمر: خذوا لي الرجل, نسأله عن صلاته, وكلامه هذا, عمّن هو؟ فتوارى عنهم, فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع. فقال عمر: هذا والله, الذي حدّثنا عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والاستدلال بهذا, مبني على أنه عنى بالمحدّث عنه, الخضر عليه السلام, إلى غير ذلك. وكثير مما ذكر, وإن لم يدل على أنه حي اليوم, بل يدل على أنه كان حيّاً في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم, ولا يلزم من حياته إذ ذاك, حياته اليوم, إلاّ أنه يكفي في ردّ الخصم, إذ هو ينفي حياته إذ ذاك, كما ينفي حياته اليوم. نعم, إذا كان عندنا من يثبتها إذ ذاك, وينفيها الآن, لم ينفع ما ذكر معه, لكن ليس عندنا من هو كذلك, وحكايات الصالحين من التابعين, والصوفية في الاجتماع به, والأخذ عنه في سائر الأعصار, أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر). انتهى.
وقد ناقش القرطبي, ما ذهب إليه البخاري, من الاستفادة من حديث: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) على موت الخضر, بأنه عام مخصص بالدجال, وعيسى, والخضر, وغيرهم للنصوص القطعية, وعلى ما فسره من العام المخصص, لا يكون دليلاً على موت الخضر, ويمكن إضافة من أعمارهم تجاوزت المئة, وهم أحياء في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ولما بعده كسلمان الفارسي رضي الله عنه, فيكون الحديث مخصصاً, إما بالنصوص, أو الواقع, كما يفترض من مفهوم التخصيص, قال القرطبي(4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn4):
(قلت: إلى هذا ذهب البخاري, واختاره القاضي أبو بكر بن العربي, والصحيح, القول الثاني, وهو أنه حيّ على ما نذكره. وهذا الحديث خرجه مسلم في صحيحه, عن عبد الله بن عمر, قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة, صلاة العشاء في آخر حياته, فلما سلم, قام, فقال: (أرأيتكم ليلتكم هذه, فإن على رأس مئة سنة منها, لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك, فيما يتحدّثون من هذه الأحاديث, عن مائة سنة, وإنما قال (رسول الله) عليه الصلاة والسلام: (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. ورواه _ أيضاً _ من حديث جابر بن عبد الله, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, يقول قبل أن يموت بشهر: (تسألوني عن الساعة, وإنما علمها عند الله, وأقسم بالله, ما على الأرض من نفس منفوسة, تأتي عليها مائة سنة). وفي أخرى, قال سالم: تذاكرنا أنها: (هي مخلوقة يومئذٍ). وفي أخرى: (ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مئة سنة, وهي حية يومئذٍ). وفسرها عبد الرحمن, صاحب السقاية, قال: نقص العمر(5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn5). وعن أبي سعيد الخدري, نحو هذا الحديث. قال علماؤنا: وحاصل ما تضمنه هذا الحديث, أنه عليه الصلاة والسلام, أخبر قبل موته بشهر أن كل من كان من بني آدم, موجوداً في ذلك لا يزيد عمره على مئة سنة, لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من نفس منفوسة) وهذا اللفظ, لا يتناول الملائكة, ولا الجن, إذ لم يصح عنهم أنهم كذلك, ولا الحيوان غير العاقل, لقوله: (ممن هو على ظهر الأرض أحد) وهذا إنما يقال, بأصل وضعه على من يعقل, فتعين أن المراد بنو آدم. وقد بيّن ابن عمر هذا المعنى, فقال: يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن. ولا حجة لمن استدل به على بطلان قول من يقول: إن الخضر حيّ لعموم قوله: (ما من نفس منفوسة) لأن العموم, وإن كان مؤكد الاستغراق, فليس نصاً فيه, بل هو قابل للتخصيص. فكما لم يتناول عيسى عليه السلام, فإنه لم يمت, ولم يقتل فهو حيّ بنص القرآن, ومعناه, ولا يتناول الدجال مع أنه حيّ, بدليل حديث الجساسة, فكذلك لم يتناول الخضر عليه السلام, وليس مشاهداً للناس, ولا ممن يخالطهم, حتّى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضاً, فمثل هذا العموم, لا يتناوله. وقد قيل: إن أصحاب الكهف أحياء, ويحجون مع عيسى عليه الصلاة والسلام, كما تقدم. وكذلك فتى موسى في قول ابن عبّاس, كما ذكرنا. وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي, في كتاب (العرائس) له: والصحيح أن الخضر نبي معمر, محجوب عن الأبصار. وروى محمّد بن المتوكل, عن (ضمرة بن ربيعة), عن عبد الله بن (شوذب), قال: الخضر عليه السلام من ولد فارس, وإلياس من بني إسرائيل, يلتقيان كل عام في الموسم. وعن عمرو بن دينار, قال: إن الخضر, وإلياس, لا يزالان حيين في الأرض ما دام القرآن على الأرض, فإذا رفع ماتا. وقد ذكر شيخنا الإمام, أبو محمّد عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي اللخمي, في شرح الرسالة للقشيري, حكايات كثيرة, عن جماعة من الصالحين والصالحات, بأنهم رأوا الخضر عليه السلام, ولقوه, يفيد مجموعها غلبة الظن بحياته, مع ما ذكره النقاش, والثعلبي, وغيرهما. وقد جاء في صحيح مسلم: (أن الدجال ينتهي إلى بعض السباخ, التي تلي المدينة, فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس _ أو _ من خير الناس...) الحديث. وفي آخره, قال أبو إسحاق: يعني أن هذا الرجل هو الخضر. وذكر ابن أبي الدنيا, في كتاب الهواتف بسند يرفعه إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه, أنه لقي الخضر, وعلمه هذا الدعاء, وذكر أن فيه ثواباً عظيماً, ومغفرة, ورحمة لمن قاله, في أثر كل صلاة, وهو: يا من لا يشغله سمع عن سمع, ويا من لا تغلطه المسائل, ويا من لا يتبرم من إلحاح الملحين, أذقني برد عفوك, وحلاوة مغفرتك. وذكر _ أيضاً _ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, في هذا الدعاء بعينه, نحو مما ذكر عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه, في سماعه من الخضر. وذكر _ أيضاً _ اجتماع إلياس مع النبي عليه الصلاة والسلام. وإذا جاز بقاء إلياس, إلى عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, جاز بقاء الخضر, وقد ذكر أنهما يجتمعان عند البيت في كل حول, وأنهما يقولان عند افتراقهما: (ما شاء الله ما شاء الله, لا يصرف السوء إلاّ الله, ما شاء الله ما شاء الله, ما يكون من نعمة فمن الله, ما شاء الله ما شاء الله, توكلت على الله, حسبنا الله ونعم الوكيل). وأما خبر إلياس فيأتي في (الصافات) إن شاء الله تعالى. وذكر أبو عمر ابن عبد البر, في كتاب (التمهيد) عن عليّ رضي الله عنه, قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وسجي بثوب هتف هاتف من ناحية البيت, يسمعون صوته, ولا يرون شخصه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, السلام عليكم أهل البيت ((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...))(6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftn6) الآية _ إن في الله خلفاً من كل هالك, وعوضاً من كل تالف, وعزاء من كل مصيبة, فبالله فثقوا, وإياه فارجوا, فإن المصاب من حرم الثواب. فكانوا يرون أنه الخضر عليه الصلاة السلام. يعني أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام). انتهى.
ونؤكد _ هنا _ إن ما يهمنا, هو إثبات غيبة الخضر, وتعقل لقاءه بالخواص, عند من يستنكر غيبة المهدي عليه السلام, ولقاءه بالخواص. هذا هو جوهر المطلب.
نووورا انا
28-08-2009, 04:50 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
الهوامش
(4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref4) يبدو أن عنده قاعدة تقول: عدم العثور على الدليل, دليل على عدم وجوده, وإلاّ فلا معنى لإنكاره ما اشتهر عندهم، والدليل على وجود مثل هذه القاعدة عنده, هو اعتباره لروايات ضعيفة السند بل موضوعة، وغير تامة الدلالة, معارضة لهذا المتواتر المشهور, وسيأتي بيان الرواية المعارضة, وحالها في الدلالة, في طي كلامنا لبيان المعالجة الغريبة, لهذا الموضوع.
(5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref5) في الأعم الأغلب أنه الخضر عليه السلام, وهناك من قال: إنه اليسع, أو إلياس، ولكن من قال ذلك, جعل الخضر, واليسع, متحدان وقد وحّد بعضهم بين الخضر, وإلياس, والنتيجة أن الخلاف خلاف أسماء وأنه هو الخضر عليه السلام.
(6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref6) الكهف: 60 - 82 .
(7) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref7) هناك من قال: إن الخضر عليه السلام نبي, وهناك من نفى ذلك، وهذا لا يقدم, ولا يؤخر، ويرى بعضهم, في قوله تعالى: ((وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)) (الكهف: 82) إشعار عن أمر الله - تعالى - وهو النبوة, إلاّ أن تكون النبوة, أخص من التبليغ الإلهي, وهو المختار, ولهذا فالمسألة فيها خلاف, وليس من نص يدل بوضوح على نبوة الخضر. وفي تفسير القرطبي 11: 39 - 41: (قوله تعالى: ((وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)) يقتضي أن الخضر نبي، وقد تقدم الخلاف في ذلك).
(8) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref8) وجِدَ في تاريخ المسلمين من يقول بجواز الكذب قربة إلى الله والعياذ بالله، ذكر الشيخ الأميني في كتابه الغدير 5: 275 و276: (وقال القرطبي في التذكار ص 155: لا التفات لما وضعه الواضعون واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة والأخبار الباطلة في فضل سورة القرآن وغير ذلك من فضائل الأعمال، وقد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث حسبة كما زعموا، يدعون الناس إلى فضائل الأعمال كما روي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم المروزي، ومحمّد بن عكاشة الكرماني، وأحمد بن عبد الله الجويباري، وغيرهم. قيل لأبي عصمة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمّد بن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة. وقال في ص 156: قد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدّثين: إن رجلاً من الزهاد انتدب في وضع أحاديث في فضل القرآن وسوره فقيل له: لِمَ فعلت هذا؟ فقال: رأيت الناس زهدوا في القرآن فأحببت أن أرغبهم فيه فقيل: فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). فقال: أنا ما كذبت عليه إنما كذبت له، وقال في التحذير من الموضوعات: وأعظمهم ضرراً قوم منسوبون إلى الزهد وضعوا الحديث حسبة فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا إليهم فضلوا وأضلوا). نكتفي بهذا القدر.
(9) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref9) صحيح مسلم 8: 199 وسيأتي نص الحديث.
(10) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref10) تفسير الآلوسي 15: 321: وفيه: (وشاع الاستدلال بخبر لو كان الخضر حيّاً لزارني وهو كما قال الحفاظ خبر موضوع لا أصل له ولو صح لأغنى عن القيل والقال, ولانقطع به الخصام والجدال).
(11) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref11) صحيح مسلم 8: 199 وسيأتي نص الحديث.
(12) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref12) الصراط المستقيم 2: 221 و222.
(13) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref13) صحيح مسلم 8: 199: وفيه: (حدّثني) عمرو الناقد, والحسن الحلواني, وعبد بن حميد, وألفاظهم متقاربة, والسياق لعبد, قال: حدّثني, وقال الآخران: حدّثنا يعقوب - (وهو ابن إبراهيم بن سعد) - حدّثنا أبي, عن صالح, عن ابن شهاب, أخبرني عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة, أن أبا سعيد الخدري, قال: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, يوماً, حديثاً طويلاً عن الدجال, فكان فيما حدّثنا, قال: (يأتي, وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة, فينتهي إلى بعض السباخ, التي تلي المدينة, فيخرج إليه يومئذٍ رجل, هو خير الناس, أو من خير الناس, فيقول له: أشهد أنك الدجال, الذي حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, حديثه, فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا, ثمّ أحييته, أتشكون في الأمر, فيقولون: لا, قال: فيقتله, ثمّ يحييه, فيقول, حين يحييه: والله ما كنت فيك قط, أشد بصيرة منّي الآن, قال: فيريد الدجال أن يقتله, فلا يسلط عليه), قال أبو إسحاق: يقال: إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام.
أقول: كلمة: (يقال) تعني - هنا - الشياع بين الرواة والمحدّثين. وقد شرح العسقلاني, في الإصابة 2: 273: ما قاله ابن إسحاق, قال: (وقال إبراهيم بن محمّد بن سفيان الراوي عن مسلم, عقب روايته عن مسلم لحديث أبي سعيد فيه قصة الذي يقتله الدجال: يقال إن هذا الرجل الخضر. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر, عن الزهري, عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة, عن أبي سعيد, في قصة الدجال, الحديث بطوله, وفيه قصة الذي يقتله, وفي آخره: قال معمر: بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس, وبلغني أنه الخضر, وهذا عزاه النووي, لمسند معمر, فأوهم أن له فيه سنداً, وإنما هو من قول معمر). انتهى. ثمّ ذكر العديد من الأحاديث الموقوفة, التي تدل على مثل هذا. وقد أكثر - كما أكثر الكتاب في القصص عن الخضر - حتّى لتظن أن كل من يغيب, هو الخضر.
(14) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref14) لم نتطرق للإثبات الشيعي لبقاء الخضر عليه السلام لسبب أن النقاش متوجه مع المنكرين، ومع ذلك فإن من يريد أن يطلع على الإثباتات الشيعية فيمكنه مراجعة الكافي في الصحيحة في الجزء 1: 525؛ والكافي 3: 222؛ وبصائر الدرجات للصفار: 424؛ وعيون أخبار الرضا للصدوق 1: 12؛ وعيون أخبار الرضا 3: 56؛ وتهذيب الأحكام 3: 252؛ والأمالي للشيخ الطوسي: 51؛ ووسائل الشيعة للحر العاملي 12: 85؛ ونوادر المعجزات لمحمّد بن جرير الطبري الشيعي: 15 - 19؛ وقد ورد على لسان الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية في دعاء: (الاحتراز عن المخافة، والخلاص من المهالك) صفحة: 399 ما يدل على سياحة الخضر بين البلدان. وهناك موارد أخرى اكتفينا بهذا.
(15) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/006.htm#_ftnref15) التوبة: 40.
(1) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref1) تفسير الآلوسي 15: 327.
(2) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref2) تفسير الآلوسي روح المعاني 15: 327.
(3) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref3) تفسير الآلوسي روح المعاني 15: 322.
(4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref4) تفسير القرطبي 11: 41 - 45.
(5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref5) إذا صح هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فيبدو أنه قاله بشكل لم يفهمه الحاضرون, لكونه سرّاً, أو رمزاً, لأمر يتعلق بالساعة, وما يجري فيها، فكلٌ فسره بما يراه, وبحدوده في الفهم، ولهذا تحرك النص بهذا الشكل، وكل هذه النصوص مبهمة, وغير منطقية, ولا علاقة لها بالواقع, إذا كان المقصود بها هو الشهادة, بعدم بقاء إنسان عمره أكثر من مائة عام، وهذا لا يمكن تفسيره، لعدم صدقه الواقعي, فهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه عمره أكثر من مائة عام, وهو لم يمت إلاّ بعد وفاة الرسول بمدة طويلة. والقائمة تطول, وقد ذكر ذلك القرطبي, بعنوان: تخصيص العام.
((ولعلَّ مثل هذه الأحاديث - في غالبها الأعم - مثيرة للشكّ والريبة, في القصد والمغزى من روايتها, بهذه الطريقة, مقرونة بفهم قاصر, منقول معها, ولا ندري, هل الهدف في هذا تضييع بعض خصائص الأسرار النبوية عن قصد, أم أن وراء الأكمة ما وراءها, إذ أن في مثلها اتهام بعدم الدقة فيما يقوله الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم, فكيف يقول الرسول الأعظم بهذا, وبين يديه مَن عمره فوق المائة؟! هذا الحديث - إذن - وبهذا الفهم, لا يصح مطلقاً؛ لأنه يخالف الواقع على أقل تقدير, ومن المستحيل أن نصف ما يخالف الواقع, بأنه صحيح الصدور؛ لأن هذا اتهام - والعياذ بالله - لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل رسالته.
(6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.313/007.htm#_ftnref6) آل عمران: 185.
المصدر
الحداثوية والقضية المهدوية
melika
31-08-2009, 05:00 PM
بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صل علی محمد وآل محمد
حبیبتی الغالیه نوررانا
مشارکه وموضوع راقی وممیز
دمتم بتالق وبارک الله بکم
ووفقکم لکل خیر..
نووورا انا
31-08-2009, 09:05 PM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ
الغالية مليكا
يسعدني تواجدك دوما شكرا لمرورك العطر
ربيبة الزهـراء
31-08-2009, 11:42 PM
باركً الله بيكٍ
عزيزتي
ووفقكٍ الله
اولاد علي
02-09-2009, 04:33 PM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ
موضوع رائع ومميز
دمتي بتوفيق الله
نووورا انا
02-09-2009, 06:48 PM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ
ربيبة الزهراء
اولاد علي
وفقك الله وجعلكم من انصار الامام المهدي عليه السلام
Dr.Zahra
03-09-2009, 03:43 AM
http://dc05.arabsh.com/i/00220/b69ltam8i46n.gif
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
http://dc04.arabsh.com/i/00220/ov52mptmr5rz.gif
بارك الله بكم اختي دائما موفقه باانتقاء المواضيع المميزه والرائعه
http://dc04.arabsh.com/i/00220/ov52mptmr5rz.gif
وفقتم
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
المـقـصـره:خادمة السيد الفالي
http://dc05.arabsh.com/i/00220/b69ltam8i46n.gif
نووورا انا
03-09-2009, 06:17 AM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ
خادمة السيد الفالي نورت غاليتي اسعدني تواجدك
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024