نووورا انا
03-09-2009, 03:30 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
شرائط الظهور
إن قانون العرض والطلب، يقتضي أن يكون الطلب متناسباً مع العرض، لأنه في غير هذه الصورة، يختل نظام الحياة والتعادل، ويسود نظام المجتمع الفوضى والاضطراب والفساد.
وكما نعلم، فإن جميع الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشر عبر التاريخ لهداية الناس، واجهوا - أثناء أداء عملهم المقدس - ردود فعل شديدة ومضادة، من قبل الناس المجحدين، من غير أن يهتموا بالهدف السامي والرسالة الإنسانية للأنبياء.. فقام الجاهلون بالتعرض والأذى للأنبياء والقادة السماويين الكبار، لدرجة أن أعظمهم وهو النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله يقول: (لم يؤذ نبي من قومه كما أوذيت)، وسبحانه وتعالى يقول (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) (1) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn1) إن استمرار هذا الاصطدام أدى إلى نتائج عنيفة كسجن ونفي وأذى الأنبياء عليهم السلام، وأكثرهم فقد حياته العزيزة في هذا السبيل، ورغم ذلك فإن الله العطوف الرحيم، ولإتمام حجته لم يبخل بنعمة وجودهم على عبادة، بل استمر العطاء، وأوجد أحد عشر رجلاً فذاً لانظير لهم (بدءاً من أمير المؤمنين عليه السلام - حتى الإمام الحسن العسكري عليه السلام) أفضل خلف لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكانوا يمتلكون أبرز الصفات الإنسانية والفضائل الإسلامية، وكانوا أفضل أفراد الأمة الإسلامية في عصرهم، وكانوا يهدفون من قيادة المجتمع الإنساني الفضيلة والعدل الإلهي، ومع ذلك وبشاهدة التاريخ، فإنهم طيلة قرنين ونصف، بعد رحيل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله كانوا بعيدين أو أبعدوا عن الساحة السياسية الإسلامية، لدرجة إنهم ما إن شرعوا يقومون في إرشاد الناس الغافلين، حتى كانوا يواجهون بالاضطهاد والسجن والقتل.. ومن هنا نستنتج أن هذا العرض السماوي (المتمثل ببعث الأنبياء والأئمة عليهم السلام)،لم يكن متناسباً مع هذا الطلب الإنساني (المتمثل بإجحاد بني البشر لرسالة السماء).
إن سوء تصرف البشر على مر التاريخ، وردود فعلهم السيئة، التي تجاوزت الحدود،كان لا بدّ أن يرى الإنسان نتائج أفعاله الدالة على التمرد والعصيان، ولهذا السبب شاءت الحكمة الإلهية أن يغيب آخر شخص من القادة العظام (الإمام المهدي عليه السلام) عن الأنظار لمدة طويلة، ليظهر لدى الناس، حس الطلب لمثل هذا الإمام العالي القدر، وفي ذلك الزمن، التي تكون فيه الأرض ممهدة، فإن الله تبارك وتعالى سيظهره ويجعله بين طالبيه.. فعندما يتهيأ الوقت المناسب في كل الأمور، وتصبح الأوضاع مساعدة لذلك، ويدب اليأس في قلوب معظم الناس، ويطلبوا من أعماق قلوبهم من الله العزيز الحكيم قائداً ومنقذاً، فإنه سبحانه وتعالى سيظهر منجي العالم لإصلاح الأوضاع المنحرفة والفاسدة إصلاحاً جذرياً، ولتبدأ عملية إنقاذ الناس من الظلم والجور، ونشر العدل والقسط.
ولكن.. لا بدّ لهذا اليوم الموعود، وهذا الفجر المقدس المنتظر من علامات وشروط.. علامات تدل عليه، وشروط تحقق نجاحه.. فإن إنتصاره ثورة ما أو تحقيق هدف منشود إنما يتوقف على توفر الظروف المناسبة، فمتى تهيأت الأجواء ومقومات النجاح تحقق الهدف.. فحركة ونهضة مثل ثورة الإمام المهدي عليه السلام التي تختزل مجهود كل الأنبياء والرسل والأئمة الأطهار عليهم السلام، وتهدف إلى تحقيق العدل الإلهي، وهداية البشرية جميعاً نحو شريعة الله الخالدة.. إذاً فنهضة المهدي عليه السلام المبتدئة بيوم ظهوره المقدس، هي حركة عميقة وشاملة ومتجذرة ودائمة وإنسانية، تتجاوز فوارق اللغة واللون والعرق والقومية، وتحقق تحرير الإنسان، ورد إعتباره وكرامته المهدورة عبر العصور، وتحاول إجتثاث الفساد والإنحراف والظلم، بكل أشكاله والوانه وصوره.
ولا يمكن لحركة شاملة وعميقة كهذه، أن تحدث من لاشيء بل ينبغي أن تسبقها إرهاصات، تهيء الأرضية المناسبة لنجاحها، ولا بدّ من توفر مقومات وشروط النجاح، ولعل أهم هذه الشروط (2) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn2) هي:
أولا: الأيدلوجية الفكرية الكاملة والقابلة للتنفيذ في كل الأمكنة والأزمنة والتي تضمن الرفاه للبشرية جمعاء:
لا بدّ أن تكون هذه الأيدلوجية، هي القانون السائد في المجتمع، وأن تكفل حل كل مشاكل البشرية، وتستأصل جميع مظالمها.. وكما نعرف أن الدين الإسلامي هو آخر الشرائع السماوية، وأن العقل البشري قاصر عن إيجاد العدل الكامل في العالم، وأن الله سبحانه وتعالى وعد في القرآن الكريم بتطبيق العدل الكامل، والعبادة المخلصة على وجه الأرض، بل كان هذا هو الغرض الأساسي للخلق: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (3) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn3).
إذاً.. ينحصر وجود هذه الأيدلوجية في الإسلام، لعدم إمكان حصولها من العقل البشري، وعدم إمكان نزول شريعة أخرى بعد الإسلام، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn4).
إذاً.. في زمن الظهور، سوف تتم تربية العالم ثقافياً من جهة الإسلام الواقعي (الأيدلوجية الفكرية)، الذي يقوم عليه نظام الإمام المهدي عليه السلام في دولته العالمية.. فالشعوب غير المسلمة، سوف تدعى إلى الإسلام، وسوف تعتنقه باقتناع وسهولة، وبالتالي تتم إزالة الإختلافات في العقائد الفكرية ويتبع الجميع الحق والحقيقة.. وكل من أسلم من جديد، أو هو كان مسلماً سلفاً، سوف يربى على الثقافة الإسلامية العامة الضرورية، ومن ثم يبدأ التصاعد والتكامل الثقافي، كل حسب قابليته وجهوده.
وللتعريف بالأيدلوجية الفكرية الكاملة المتمثلة بالإسلام نوضح:
الأحكام الإسلامية الحقيقة، التي كانت معلنة قبل الظهور.
الأفكار والمفاهيم، التي يتم تجديدها يومئذ.
الأفكار والمفاهيم الناتجة عن تطور الفكر الإسلامي.
الأحكام والمفاهيم المؤجلة، التي لم تعلن قبل ذلك، وكان إعلانها منوطاً بتحقيق الدولة العالمية.
الأنظمة التفصيلية، التي يسنها القائد المهدي عليه السلام نفسه في حدود الشريعة من أجل ضبط الوقائع المختلفة.
القواعد العامة، التي يضعها القائد المهدي عليه السلام للحكام الذين يوزعهم على الأرض.
القواعد العامة، التي يضعها الإمام المهدي عليه السلام لخاصته من أجل استمرار تربية البشرية، وتكاملها في المدى البعيد (5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn5).
وبهذه الأحكام والقواعد تستطيع الأيدلوجية الفكرية الكاملة أن تأخذ طريقاً إلى التطبيق وتربية البشرية بالتدريج.
ثانيا: وجود القائد المحنك العظيم، الذي يمتلك القابلية الكاملة لقيادة العالم كله ونشر العدل:
صفات هذا القائد المحنك، وفرها الله تعالى في المهدي عليه السلام كقائد أمثل للبشرية ليتكفل بعلمه وتعاليمه تطبيق الإسلام الصحيح في اليوم الموعود.. وبقاؤه الطويل مع أجيال عديدة من البشر، ضروري لتولية مهام القيادة في يوم الفجر المقدس.
إذاً.. قابلية المهدي عليه السلام لقيادة العالم تكتمل في:
العصمة.. بالإضافة إلى الإلهام والوحي.. ونقصد بالإلهام والوحي كما حصل لـ: مريم بنت عمران عليها السلام، وأم النبي موسى عليه السلام: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ?) (6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn6).
الرصيد الضخم من التجارب، التي يكتسبها من خلال طول الزمن في عصر الغيبة، ما يوجب له الاطلاع المباشر على قوانيين تطور التاريخ، وتسلسل حوادثه، وما يؤثر على المجتمعات البشريه.
الأعمال والتضحيات، التي يقوم بها في عصر الغيبة في سبيل الإسلام والمسلمين، ومالها من بالغ الأثر في تصاعد كماله وترسخه.
من هذا الفهم، نستطيع أن نبرهن بانفصال المهدي عليه السلام عن العصمة والإلهام، وعدم تكامله الطويل خلال الزمان.. ما يحجب عنه قابليه القيادة العالمية ولذا يلزمنا افتراض أن المهدي يولد في آخر الزمان (كما تعتقد العامة). إذاً.. بهذا التصور، المهدي عليه السلام ليس أكثر من فرد من المؤمنين المخلصين، وإذا كان القائد كذلك فكيف بالجنود والأنصار، ومع هذا التصور يستحيل القيام بالمهمة الكبرى لليوم الموعود وتنفيذ الوعد الإلهي فيه ومن هنا، لا بدّ من التأكيد على اطروحة الشيعة الإمامية لفهم المهدي عليه السلام القائمة على الإيمان بوجوده وغيبته حتى يظهره الله تعالى.
بهذا الشكل، استطعنا أن نستوعب بكل سهولة ووضوح (فضلاً عن الأدلة والنصوص) تصور الشيعة الإمامية في الإمام المهدي عليه السلام الذي يتميز بخصائص مهمة:
الإيمان بعصمة الإمام المهدي عليه السلام باعتباره الإمام الثاني عشر من الإئمة المعصومين عليهم السلام.
الإيمان بكونه القائد الشرعي الوحيد للعالم عامة، ولقواعده الشعبية خاصة، طيلة زمان وجوده، سواء كان غائباً أو حاضراً.
معاصرته لأجيال عديدة من الأمة الإسلامية خاصة والبشرية عامة.
كونه على مستوى الإطلاع على الأحداث يوماً فيوماً وعاماً فعاماً، عارفاً بأسبابها ونتائجها وخصائصها.
كونه على ارتباط مباشر بالناس خلال غيبته، يراهم ويرونه ويتفاعل معهم ويتفاعلون معه، إلا إنهم لا يعرفون بحقيقته (7) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn7).
إننا ينبغي أن نذعن بأن خصائص الإمام المهدي عليه السلام في التصور الإمامي ليست من وهم الخيال، بل هي خصائص أساسية في تكوين قيادته وتمكنه من تحقيق المجتمع العادل، كما أراده الله تعالى، وكما وعد به.. وعليه نشير إلى أن القائد العظيم، الذي هو نداء الملايين ومهوى أفئدة الأجيال ومحط أنظار الأمم ومحقق آمال الشعوب:
ولد يوم (15) شعبان عام 255 هـ، وأبوه الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأمه السيدة نرجس (مليكة بنت يشوعاء بن قيصر ملك الروم، وأمها من ولد أحد الحواريين المنتسب إلى وصي المسيح شمعون).
لا يزال حياً، ويعيش إلى الآن على وجه الأرض، يأكل ويشرب ويعبد الله، وينتظر الأمر له بالخروج والظهور.
غائب عن الأبصار، وقد يراه الناس ولا يعرفونه.
له اشراف على العالم، واحاطته بأخبار العباد والبلاد وكل ما يجري في العالم بإذن الله.
سيظهر في يوم معلوم عند الله، مجهول عندنا وتحدث علامات حتمية قبل ظهوره (أشرنا إليها في الفصل الثالث بالتفصيل).
إذا ظهر يحكم الكرة الأرضية كلها، وتخضع له جميع الدول والشعوب في العالم.
يطبق الإسلام الصحيح، كما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وآله وتنقاد له كافة الأديان والملل.
ينزل النبي عيسى عليه السلام من السماء، ويصلي خلفه.
للموضوع تتمة......
شرائط الظهور
إن قانون العرض والطلب، يقتضي أن يكون الطلب متناسباً مع العرض، لأنه في غير هذه الصورة، يختل نظام الحياة والتعادل، ويسود نظام المجتمع الفوضى والاضطراب والفساد.
وكما نعلم، فإن جميع الأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى البشر عبر التاريخ لهداية الناس، واجهوا - أثناء أداء عملهم المقدس - ردود فعل شديدة ومضادة، من قبل الناس المجحدين، من غير أن يهتموا بالهدف السامي والرسالة الإنسانية للأنبياء.. فقام الجاهلون بالتعرض والأذى للأنبياء والقادة السماويين الكبار، لدرجة أن أعظمهم وهو النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله يقول: (لم يؤذ نبي من قومه كما أوذيت)، وسبحانه وتعالى يقول (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) (1) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn1) إن استمرار هذا الاصطدام أدى إلى نتائج عنيفة كسجن ونفي وأذى الأنبياء عليهم السلام، وأكثرهم فقد حياته العزيزة في هذا السبيل، ورغم ذلك فإن الله العطوف الرحيم، ولإتمام حجته لم يبخل بنعمة وجودهم على عبادة، بل استمر العطاء، وأوجد أحد عشر رجلاً فذاً لانظير لهم (بدءاً من أمير المؤمنين عليه السلام - حتى الإمام الحسن العسكري عليه السلام) أفضل خلف لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكانوا يمتلكون أبرز الصفات الإنسانية والفضائل الإسلامية، وكانوا أفضل أفراد الأمة الإسلامية في عصرهم، وكانوا يهدفون من قيادة المجتمع الإنساني الفضيلة والعدل الإلهي، ومع ذلك وبشاهدة التاريخ، فإنهم طيلة قرنين ونصف، بعد رحيل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله كانوا بعيدين أو أبعدوا عن الساحة السياسية الإسلامية، لدرجة إنهم ما إن شرعوا يقومون في إرشاد الناس الغافلين، حتى كانوا يواجهون بالاضطهاد والسجن والقتل.. ومن هنا نستنتج أن هذا العرض السماوي (المتمثل ببعث الأنبياء والأئمة عليهم السلام)،لم يكن متناسباً مع هذا الطلب الإنساني (المتمثل بإجحاد بني البشر لرسالة السماء).
إن سوء تصرف البشر على مر التاريخ، وردود فعلهم السيئة، التي تجاوزت الحدود،كان لا بدّ أن يرى الإنسان نتائج أفعاله الدالة على التمرد والعصيان، ولهذا السبب شاءت الحكمة الإلهية أن يغيب آخر شخص من القادة العظام (الإمام المهدي عليه السلام) عن الأنظار لمدة طويلة، ليظهر لدى الناس، حس الطلب لمثل هذا الإمام العالي القدر، وفي ذلك الزمن، التي تكون فيه الأرض ممهدة، فإن الله تبارك وتعالى سيظهره ويجعله بين طالبيه.. فعندما يتهيأ الوقت المناسب في كل الأمور، وتصبح الأوضاع مساعدة لذلك، ويدب اليأس في قلوب معظم الناس، ويطلبوا من أعماق قلوبهم من الله العزيز الحكيم قائداً ومنقذاً، فإنه سبحانه وتعالى سيظهر منجي العالم لإصلاح الأوضاع المنحرفة والفاسدة إصلاحاً جذرياً، ولتبدأ عملية إنقاذ الناس من الظلم والجور، ونشر العدل والقسط.
ولكن.. لا بدّ لهذا اليوم الموعود، وهذا الفجر المقدس المنتظر من علامات وشروط.. علامات تدل عليه، وشروط تحقق نجاحه.. فإن إنتصاره ثورة ما أو تحقيق هدف منشود إنما يتوقف على توفر الظروف المناسبة، فمتى تهيأت الأجواء ومقومات النجاح تحقق الهدف.. فحركة ونهضة مثل ثورة الإمام المهدي عليه السلام التي تختزل مجهود كل الأنبياء والرسل والأئمة الأطهار عليهم السلام، وتهدف إلى تحقيق العدل الإلهي، وهداية البشرية جميعاً نحو شريعة الله الخالدة.. إذاً فنهضة المهدي عليه السلام المبتدئة بيوم ظهوره المقدس، هي حركة عميقة وشاملة ومتجذرة ودائمة وإنسانية، تتجاوز فوارق اللغة واللون والعرق والقومية، وتحقق تحرير الإنسان، ورد إعتباره وكرامته المهدورة عبر العصور، وتحاول إجتثاث الفساد والإنحراف والظلم، بكل أشكاله والوانه وصوره.
ولا يمكن لحركة شاملة وعميقة كهذه، أن تحدث من لاشيء بل ينبغي أن تسبقها إرهاصات، تهيء الأرضية المناسبة لنجاحها، ولا بدّ من توفر مقومات وشروط النجاح، ولعل أهم هذه الشروط (2) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn2) هي:
أولا: الأيدلوجية الفكرية الكاملة والقابلة للتنفيذ في كل الأمكنة والأزمنة والتي تضمن الرفاه للبشرية جمعاء:
لا بدّ أن تكون هذه الأيدلوجية، هي القانون السائد في المجتمع، وأن تكفل حل كل مشاكل البشرية، وتستأصل جميع مظالمها.. وكما نعرف أن الدين الإسلامي هو آخر الشرائع السماوية، وأن العقل البشري قاصر عن إيجاد العدل الكامل في العالم، وأن الله سبحانه وتعالى وعد في القرآن الكريم بتطبيق العدل الكامل، والعبادة المخلصة على وجه الأرض، بل كان هذا هو الغرض الأساسي للخلق: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (3) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn3).
إذاً.. ينحصر وجود هذه الأيدلوجية في الإسلام، لعدم إمكان حصولها من العقل البشري، وعدم إمكان نزول شريعة أخرى بعد الإسلام، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (4) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn4).
إذاً.. في زمن الظهور، سوف تتم تربية العالم ثقافياً من جهة الإسلام الواقعي (الأيدلوجية الفكرية)، الذي يقوم عليه نظام الإمام المهدي عليه السلام في دولته العالمية.. فالشعوب غير المسلمة، سوف تدعى إلى الإسلام، وسوف تعتنقه باقتناع وسهولة، وبالتالي تتم إزالة الإختلافات في العقائد الفكرية ويتبع الجميع الحق والحقيقة.. وكل من أسلم من جديد، أو هو كان مسلماً سلفاً، سوف يربى على الثقافة الإسلامية العامة الضرورية، ومن ثم يبدأ التصاعد والتكامل الثقافي، كل حسب قابليته وجهوده.
وللتعريف بالأيدلوجية الفكرية الكاملة المتمثلة بالإسلام نوضح:
الأحكام الإسلامية الحقيقة، التي كانت معلنة قبل الظهور.
الأفكار والمفاهيم، التي يتم تجديدها يومئذ.
الأفكار والمفاهيم الناتجة عن تطور الفكر الإسلامي.
الأحكام والمفاهيم المؤجلة، التي لم تعلن قبل ذلك، وكان إعلانها منوطاً بتحقيق الدولة العالمية.
الأنظمة التفصيلية، التي يسنها القائد المهدي عليه السلام نفسه في حدود الشريعة من أجل ضبط الوقائع المختلفة.
القواعد العامة، التي يضعها القائد المهدي عليه السلام للحكام الذين يوزعهم على الأرض.
القواعد العامة، التي يضعها الإمام المهدي عليه السلام لخاصته من أجل استمرار تربية البشرية، وتكاملها في المدى البعيد (5) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn5).
وبهذه الأحكام والقواعد تستطيع الأيدلوجية الفكرية الكاملة أن تأخذ طريقاً إلى التطبيق وتربية البشرية بالتدريج.
ثانيا: وجود القائد المحنك العظيم، الذي يمتلك القابلية الكاملة لقيادة العالم كله ونشر العدل:
صفات هذا القائد المحنك، وفرها الله تعالى في المهدي عليه السلام كقائد أمثل للبشرية ليتكفل بعلمه وتعاليمه تطبيق الإسلام الصحيح في اليوم الموعود.. وبقاؤه الطويل مع أجيال عديدة من البشر، ضروري لتولية مهام القيادة في يوم الفجر المقدس.
إذاً.. قابلية المهدي عليه السلام لقيادة العالم تكتمل في:
العصمة.. بالإضافة إلى الإلهام والوحي.. ونقصد بالإلهام والوحي كما حصل لـ: مريم بنت عمران عليها السلام، وأم النبي موسى عليه السلام: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ?) (6) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn6).
الرصيد الضخم من التجارب، التي يكتسبها من خلال طول الزمن في عصر الغيبة، ما يوجب له الاطلاع المباشر على قوانيين تطور التاريخ، وتسلسل حوادثه، وما يؤثر على المجتمعات البشريه.
الأعمال والتضحيات، التي يقوم بها في عصر الغيبة في سبيل الإسلام والمسلمين، ومالها من بالغ الأثر في تصاعد كماله وترسخه.
من هذا الفهم، نستطيع أن نبرهن بانفصال المهدي عليه السلام عن العصمة والإلهام، وعدم تكامله الطويل خلال الزمان.. ما يحجب عنه قابليه القيادة العالمية ولذا يلزمنا افتراض أن المهدي يولد في آخر الزمان (كما تعتقد العامة). إذاً.. بهذا التصور، المهدي عليه السلام ليس أكثر من فرد من المؤمنين المخلصين، وإذا كان القائد كذلك فكيف بالجنود والأنصار، ومع هذا التصور يستحيل القيام بالمهمة الكبرى لليوم الموعود وتنفيذ الوعد الإلهي فيه ومن هنا، لا بدّ من التأكيد على اطروحة الشيعة الإمامية لفهم المهدي عليه السلام القائمة على الإيمان بوجوده وغيبته حتى يظهره الله تعالى.
بهذا الشكل، استطعنا أن نستوعب بكل سهولة ووضوح (فضلاً عن الأدلة والنصوص) تصور الشيعة الإمامية في الإمام المهدي عليه السلام الذي يتميز بخصائص مهمة:
الإيمان بعصمة الإمام المهدي عليه السلام باعتباره الإمام الثاني عشر من الإئمة المعصومين عليهم السلام.
الإيمان بكونه القائد الشرعي الوحيد للعالم عامة، ولقواعده الشعبية خاصة، طيلة زمان وجوده، سواء كان غائباً أو حاضراً.
معاصرته لأجيال عديدة من الأمة الإسلامية خاصة والبشرية عامة.
كونه على مستوى الإطلاع على الأحداث يوماً فيوماً وعاماً فعاماً، عارفاً بأسبابها ونتائجها وخصائصها.
كونه على ارتباط مباشر بالناس خلال غيبته، يراهم ويرونه ويتفاعل معهم ويتفاعلون معه، إلا إنهم لا يعرفون بحقيقته (7) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.453/011.htm#_ftn7).
إننا ينبغي أن نذعن بأن خصائص الإمام المهدي عليه السلام في التصور الإمامي ليست من وهم الخيال، بل هي خصائص أساسية في تكوين قيادته وتمكنه من تحقيق المجتمع العادل، كما أراده الله تعالى، وكما وعد به.. وعليه نشير إلى أن القائد العظيم، الذي هو نداء الملايين ومهوى أفئدة الأجيال ومحط أنظار الأمم ومحقق آمال الشعوب:
ولد يوم (15) شعبان عام 255 هـ، وأبوه الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأمه السيدة نرجس (مليكة بنت يشوعاء بن قيصر ملك الروم، وأمها من ولد أحد الحواريين المنتسب إلى وصي المسيح شمعون).
لا يزال حياً، ويعيش إلى الآن على وجه الأرض، يأكل ويشرب ويعبد الله، وينتظر الأمر له بالخروج والظهور.
غائب عن الأبصار، وقد يراه الناس ولا يعرفونه.
له اشراف على العالم، واحاطته بأخبار العباد والبلاد وكل ما يجري في العالم بإذن الله.
سيظهر في يوم معلوم عند الله، مجهول عندنا وتحدث علامات حتمية قبل ظهوره (أشرنا إليها في الفصل الثالث بالتفصيل).
إذا ظهر يحكم الكرة الأرضية كلها، وتخضع له جميع الدول والشعوب في العالم.
يطبق الإسلام الصحيح، كما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وآله وتنقاد له كافة الأديان والملل.
ينزل النبي عيسى عليه السلام من السماء، ويصلي خلفه.
للموضوع تتمة......