بنت الهدى/النجف
07-09-2009, 11:48 AM
نائب رئيس مجلس محافظة البصرة الشيخ أحمد السليطي يصدر بيانا صحفيا حول الموقف من إلغاء قرار منع المطالبة بحلق اللحى
بسمه تعالى بيان حول الموقف من إلغاء قرار منع المطالبة بحلق اللحى
لا يخفى على أحـد حجم الغبطة والســرور الذي عم المؤمنين ومسـاجـدهم وحسينياتهم وجميــع مفاصل المؤسسة الدينية في العراق بعد سقوط الصنم وزوال كابوس النظام الصدامي المقبور وذلك لما عانوه من ظلم وقهر ومصادرة للحقوق ومحاربة لشعائر الدين وتطبيق العقيدة ، وراحوا يسارعون في الاستجابة لنداء مرجعيتهم العظيمة المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف وبقية مراجع الدين العظام والعلماء الأعلام بالوقوف صفا واحدا لبناء بلدهم والمساهمة بكل السبل المتاحة لرفع الظلم والحيف الذي وقع عليهم وفي مقدمة ذلك المشاركة الفاعلة في الانتخابات لاختيار العناصر الكفوءة والنزيهة والأمنية على مصالح الدين والدنيا فكانت الجمعية الوطنية التي كان لها شرف كتابة الدستور والذي حظي بمصادقة الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي رغم علمهم بأنه لا يلبي كل طموحاتهم ولكنه أفضل صيغة يمكن الوصول إليها في ظل الظروف القائمة والإمكانات المتاحة ومعرفتهم بأن العراق لا يحكم إلا من قبل أهله مجتمعين بكل أطيافهم وألوانهم وهذا ما يتطلب من الجميع التنازل عن بعض خصوصياته لصالح الآخر .
ولكن وللأسف الشديد نجد اليوم بعض المواقف المخالفة للدستور الذي استبشرنا به خيرا وظننا لوهلة ما أنه صمام الأمان الذي تنتهي عنده كل الخلافات والاختلافات ، وهذه المواقف تجلت بشكل واضح وخطير في موقف بعض أعضاء مجلس محافظة البصرة تجاه القرار الذي اتخذ من قبل المجلس نفسه في جلسة سابقة حول منع المطالبة بحلق اللحية والذي أقر بمصادقة البعض منهم إلا أنهم صوتوا ضده في الجلسة التالية في سابقة خطيرة قد تكون لها تداعيات سلبية على عمل المجلس في المستقبل .
إن القرار آنف الذكر جاء مستندا إلى مواد دستورية واضحة ولا تحتاج إلى مزيد من البيان فضلا عن عدم وجود أي نص قانوني يبرر المطالبة بحلق اللحية في المؤسسات الأمنية والعسكرية على نحو التحديد ، وإن وجدت تعليمات من هذا الطرف أو ذاك غير مستندة إلـى الـدستـور والقانون فلا قيمة قانونية لها أمام قرارات الحكومات المحلية في المحافظات غيـر المنتظمة في إقليم استنادا للمادة (115) من الدستور .
وإذا وجدت ثمة ملاحظات من قبل بعض السادة الأعضاء لعدم وجودهم في جلسة التصويت على القرار أو لضغط قياداتهم الحزبية للتراجع عن مثل هذا القرار فكان من الأفضل أن تحل المشكلة بطريقة أخرى من خلال الحوار الهادئ والبناء مع صاحب المشروع ابتداءا ومــن صوت عليه من الأعضاء فيما بعد للوصــــول إلــى تعديل النقاط المختلف عليها أو إعادة الصياغة أو غير ذلك من الحلول المرضية لكل الأطراف .
كما نود القول بأن مجرد الخوف من مأجوري الإعلام أو أعداء الإسلام وطبولهم ومفترياتهم وأراجيفهم لا يبرر الوقوع في ظلم المتدينين من أبناء شعبنا المسلم من جديد ، فقد قـــال تعالى ((الَّذِينَ قَـالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) والضغوط الحزبية ونحوها فلا تصلح جوابا بين يدي جبار السموات والأرض جل وعلا في يوم العرض الأكبر فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
كما أذكركم أيها الأخوة الأعزاء بالقسم الذي أقسمتموه والوعد الذي قطعتموه على أنفسكم لجميع الشرائح من أهل البصرة بما فيهم المستفيدين من هذا القرار بأن ترفعوا عنهم الظلم والجور والتعدي على الحقوق والكرامات الذي لحق بهم في تلك العهود الغابرة والسنين العجاف .
على أن مضمون القرار جاء منسجما مع الديمقراطية التي يتشدق بها أعداء الإسلام دائما... ، فالقرار لم يَدْعُ إلى إلـزام الناس بإطلاق اللحى ــ كما حاول هؤلاء أن يصوره ــ وإنما هو مطالبة بعدم إلزام الناس بحلق لحاهم وترك الأمــر لهم فهو من خصوصياتهم المكفولة دستوريا وشتان بين الأمرين ...
ألم يَدَّعي هؤلاء بالأمس عند المصادقة على قرار منع تداول الخمور أنه يتعارض مع الحـرية وحقوق الأقليات ؟! فعجبا والله من أمثال هؤلاء يطالبون باحترام الخصوصية الشخصية لجماعة على قلتها و... وبمصادرة هذه الخصوصية لجماعة أخرى على كثرتها والتزامها بالدين والخلق ((فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)) .
ولنذكر مجددا المستند الدستوري لهذا القرار حتى نؤكد حقنا الدستوري فيما ذهبنا إليه ، وللإشارة فقط أننا نذكر هذه المــواد حسب ترتيبها في الـدستور وليس على أسـاس قوة الـدلالة على المطلوب :
(1) المادة (2) الفقرة (أولا) البند (أ) والتي تنص على أنه (لا يجوز سن قانـون يتعارض مـــع ثوابت أحكام الإسلام) والمعروف المشهــور عنــد جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم حرمة حلق اللحية ولا عبرة بالرأي الشاذ أو آراء مدعي الاجتهاد والمتطفلين عليه من هنا وهناك ، وبالتالي فالحرمة من ثوابت الأحكام عند المسلمين لعدم وجـود الخـلاف المعتد به عليها ، وإن أصر البعض على غير ذلك فليست هذه المادة هي الدليل الأساس في استنادنا القانوني ولو شئتم غض الطرف عنها فلا مانع من ذلك .
(2) المادة (2) الفقرة (أولا) البند (ج) الذي ينص على أنه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور) ، وستأتي الإشارة إلى أن إطلاق اللحية من بين هذه الحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي .
(3) المادة (2) الفقرة (ثانيا) والتي تنص صراحة على أنه (يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهويـة الإسلامية لغالبية الشعب العراقي ، كما يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفــراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والآيزديين والصابئة المندائيين) ، فهل يشك أحد ما في أن إطلاق اللحية من الحقوق الدينية على الأقل لمن يؤمن شرعـا بحرمة الحلاقة ، وإذا كـان الدستور يمنح حق الممارسة الدينية للأقليات فهل من المعقول والمنطقي أنه يسلب هذا الحق من الأكثرية ؟! .
(4) المادة (17) الفقرة (أولا) والتي تنص على أنه (لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة) وهنا نتساءل فقط فنقول : حتى لو لم يكن هناك نصوص دينية وفتاوى فقهية تحرم الحلاقة ــ كما يدعي البعض ــ أليس من حق المواطن أن يطلق لحيته وشواربه وشعر رأسه وأن يقص كلا منها بالطريقة التي تعجبه ما لم يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة أليس هذا مــــــــن الخصوصية الشخصية وإلا فما هو المقصود من هذه الخصوصية إذن ؟ .
(5) المادة (35) الفقرة (أولا) البند (أ) والذي ينص على أن (حريـة الإنســـان وكرامته مصونة) وأشرنا أعلاه إلى أن الحرية ضمن الحدود الــدستورية تسمح لأي مواطن مـــــــن إطلاق لحيته ، كما أن إجباره وإكراهه على حلقها يعد من أوضــح مصاديـق الإهانة والامتهان للكرامـــــة في حين أن الدستور يصون كـرامة المـــواطن ولا يقبـل بهتكها والتعدي عليها.
(6) المادة (35) الفقرة (ثــانيا) والتي تنص على أنْ ( تكفل الــــدولة حمايــة الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني) ، وهل يوجد إكراه ديني أكثر من إكراه المواطن على ارتكاب المحرم بحسب وجهة نظره الشرعية .
(7) المادة (41) الفقرة (أولا) والتي تنص على أنَّ ( أتباع كـــل دين أو مذهب أحرار في : (أ) ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية ) والشعيرة هي العلامة فكل ما كان علامة للدين بحسب نظر أتباع كل ديـن أو مذهب فهم أحرار في ممارسته ، ولا خلاف في أن اللحية من أوضح علامات التدين والالتزام ومن هنا لـم يعهد عن نبي أو وصي أو ولي أو عالم أنه قام بحلقها وما ذلك إلا لكونها من علامات الالتزام بالدين ولو بحسب الظاهر .
(8) المادة (41) الفقرة (ثانيا) والتي تنص على أنْ (تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها) ومن المعلوم إن إطلاق اللحية باعتباره مرغوبا من الشارع إلى درجة الحكم بحرمة قصها وحلاقتها فهي بالتالي مما يتعبد به لله سبحانه وتعالى وعليه تكون أمرا مكفولا بنص الدستور الصريح .
(9) المادة (45) والتي تنص على أنه (لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريـات الواردة في هــذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بنـــاء عليه ، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جـــوهر الحق أو الحرية) وبالتــالي فهذا الحــق لا يجوز التعدي عليه بــل لا يجوز إلغاؤه حتى في حـال تعديل الدستور .
ومما ذكر أعلاه يتبين واضحا جليا ثبوت هذا الحق لأصحابـه ، والمطالبة بخلافه تعد تعديا على الدستور ، وأي قانون يصدر بخلافه يعتبر باطلا كما نصت المــادة(13) الفقرة (ثانيا) والتي تنص على أنه (لا يجوز سن قـانون يتعارض مع هـذا الدستور ، ويُعد بـاطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قـانوني آخر يتعارض معه) .
ولعل لقائل أن يقول إن المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية تشترط حلاقة الذقن لمن يرغب بالانتساب إليها فلا داعي لانتساب من يؤمن بالحرمة ليجنب نفسه الوقوع فيها .
ونرد على هذا القول بأن الدستور وفي المادة (16) نص على أن ( تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين ، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ) وعندما تشترط الدولة مثل هذا الشرط فهي بالتالي تحرم شريحة واسعة من مواطنيها من الانتساب لهذه المؤسسات وبشكل متعمد وهذا ما يتعارض مع المادة المذكورة .
وأخيرا نقول لماذا كل هذا الإصرار على مثل هذا الاشتراط وما هو السبب العقلائي الذي يدعو إليه وكل التقارير الصحية والعليمة تؤكد أفضلية عدم حلاقة اللحية ، وهل اللحية هي سبب تخلفنا عن ركب الشعوب المتقدمة ؟؟ ، وهل الجندي أو الشرطي يتعثر بذقنه عند تنفيذ الواجب مثلا ؟؟ أم أنه مجرد إرضاء لأعداء الإسلام ، واستسلام لرغباتهم في القضاء على كل ما يعد رمزا من رموزه ، وهذا ما يطرح ضد كل هو إسلامي كالحجاب والزواج المتعدد وقوامية الرجل وغير ذلك من الأمور التي يثيرونها دائما ويسخرون منها مع وضوح ثبوتها عند المسلمين ، وإن كنا لا نستغرب غدا أو بعده أن نسمع ممن ينتمون إلى بعض الأحزاب الإسلامية تشكيكا في شرعية مثل الأمور أيضا فحكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد .
وعليه وباعتباري عضوا في مجلس محافظة البصرة وانطلاقـا مــن الحرص على تطبيق الدستور والقانون أطالب السادة أعضاء المجلس بما يلي :
(1) مطالبة الجهات الأمنية المحلية وتلك التـي تعمل في الحـدود الإداريـة للمحافظة ببيان المستند القانوني في إكراههم لمنتسبيـهم على حلق أذقانهم ومعاقبتهم في حال عدم الحلاقة .
(2) في حال عدم وجـود مستند قانوني يُحاسبْ الضابط أو المسؤول الـذي يأمر بــذلك وفقا لأحكام القانون وفي حال وجود مستند يعمل المجلس على إبطاله وفقا للدستور .
(3) التراجع عن قرار الإلغاء واختيار التعديل بالمطالب أعلاه بـدلا عنه ، احتراما للقانــون ، ولأعضــاء المجلس الذين صوتوا لصالحه ، وحفاظا على وحدة المجلس وروح الأخـــوة والتعاون فيما بين أعضاءه ، وعدم اللجوء إلى مثل هذه الأساليب الاستفزازية في التعامل مع الرأي الآخر مستقبلا .
وفي الختام نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد إنه سميع مجيب وله الحمد أولا وآخرا .
الشيخ أحمد السليطي
نائب رئيس مجلس محافظة البصرة
بسمه تعالى بيان حول الموقف من إلغاء قرار منع المطالبة بحلق اللحى
لا يخفى على أحـد حجم الغبطة والســرور الذي عم المؤمنين ومسـاجـدهم وحسينياتهم وجميــع مفاصل المؤسسة الدينية في العراق بعد سقوط الصنم وزوال كابوس النظام الصدامي المقبور وذلك لما عانوه من ظلم وقهر ومصادرة للحقوق ومحاربة لشعائر الدين وتطبيق العقيدة ، وراحوا يسارعون في الاستجابة لنداء مرجعيتهم العظيمة المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف وبقية مراجع الدين العظام والعلماء الأعلام بالوقوف صفا واحدا لبناء بلدهم والمساهمة بكل السبل المتاحة لرفع الظلم والحيف الذي وقع عليهم وفي مقدمة ذلك المشاركة الفاعلة في الانتخابات لاختيار العناصر الكفوءة والنزيهة والأمنية على مصالح الدين والدنيا فكانت الجمعية الوطنية التي كان لها شرف كتابة الدستور والذي حظي بمصادقة الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي رغم علمهم بأنه لا يلبي كل طموحاتهم ولكنه أفضل صيغة يمكن الوصول إليها في ظل الظروف القائمة والإمكانات المتاحة ومعرفتهم بأن العراق لا يحكم إلا من قبل أهله مجتمعين بكل أطيافهم وألوانهم وهذا ما يتطلب من الجميع التنازل عن بعض خصوصياته لصالح الآخر .
ولكن وللأسف الشديد نجد اليوم بعض المواقف المخالفة للدستور الذي استبشرنا به خيرا وظننا لوهلة ما أنه صمام الأمان الذي تنتهي عنده كل الخلافات والاختلافات ، وهذه المواقف تجلت بشكل واضح وخطير في موقف بعض أعضاء مجلس محافظة البصرة تجاه القرار الذي اتخذ من قبل المجلس نفسه في جلسة سابقة حول منع المطالبة بحلق اللحية والذي أقر بمصادقة البعض منهم إلا أنهم صوتوا ضده في الجلسة التالية في سابقة خطيرة قد تكون لها تداعيات سلبية على عمل المجلس في المستقبل .
إن القرار آنف الذكر جاء مستندا إلى مواد دستورية واضحة ولا تحتاج إلى مزيد من البيان فضلا عن عدم وجود أي نص قانوني يبرر المطالبة بحلق اللحية في المؤسسات الأمنية والعسكرية على نحو التحديد ، وإن وجدت تعليمات من هذا الطرف أو ذاك غير مستندة إلـى الـدستـور والقانون فلا قيمة قانونية لها أمام قرارات الحكومات المحلية في المحافظات غيـر المنتظمة في إقليم استنادا للمادة (115) من الدستور .
وإذا وجدت ثمة ملاحظات من قبل بعض السادة الأعضاء لعدم وجودهم في جلسة التصويت على القرار أو لضغط قياداتهم الحزبية للتراجع عن مثل هذا القرار فكان من الأفضل أن تحل المشكلة بطريقة أخرى من خلال الحوار الهادئ والبناء مع صاحب المشروع ابتداءا ومــن صوت عليه من الأعضاء فيما بعد للوصــــول إلــى تعديل النقاط المختلف عليها أو إعادة الصياغة أو غير ذلك من الحلول المرضية لكل الأطراف .
كما نود القول بأن مجرد الخوف من مأجوري الإعلام أو أعداء الإسلام وطبولهم ومفترياتهم وأراجيفهم لا يبرر الوقوع في ظلم المتدينين من أبناء شعبنا المسلم من جديد ، فقد قـــال تعالى ((الَّذِينَ قَـالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) والضغوط الحزبية ونحوها فلا تصلح جوابا بين يدي جبار السموات والأرض جل وعلا في يوم العرض الأكبر فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
كما أذكركم أيها الأخوة الأعزاء بالقسم الذي أقسمتموه والوعد الذي قطعتموه على أنفسكم لجميع الشرائح من أهل البصرة بما فيهم المستفيدين من هذا القرار بأن ترفعوا عنهم الظلم والجور والتعدي على الحقوق والكرامات الذي لحق بهم في تلك العهود الغابرة والسنين العجاف .
على أن مضمون القرار جاء منسجما مع الديمقراطية التي يتشدق بها أعداء الإسلام دائما... ، فالقرار لم يَدْعُ إلى إلـزام الناس بإطلاق اللحى ــ كما حاول هؤلاء أن يصوره ــ وإنما هو مطالبة بعدم إلزام الناس بحلق لحاهم وترك الأمــر لهم فهو من خصوصياتهم المكفولة دستوريا وشتان بين الأمرين ...
ألم يَدَّعي هؤلاء بالأمس عند المصادقة على قرار منع تداول الخمور أنه يتعارض مع الحـرية وحقوق الأقليات ؟! فعجبا والله من أمثال هؤلاء يطالبون باحترام الخصوصية الشخصية لجماعة على قلتها و... وبمصادرة هذه الخصوصية لجماعة أخرى على كثرتها والتزامها بالدين والخلق ((فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)) .
ولنذكر مجددا المستند الدستوري لهذا القرار حتى نؤكد حقنا الدستوري فيما ذهبنا إليه ، وللإشارة فقط أننا نذكر هذه المــواد حسب ترتيبها في الـدستور وليس على أسـاس قوة الـدلالة على المطلوب :
(1) المادة (2) الفقرة (أولا) البند (أ) والتي تنص على أنه (لا يجوز سن قانـون يتعارض مـــع ثوابت أحكام الإسلام) والمعروف المشهــور عنــد جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم حرمة حلق اللحية ولا عبرة بالرأي الشاذ أو آراء مدعي الاجتهاد والمتطفلين عليه من هنا وهناك ، وبالتالي فالحرمة من ثوابت الأحكام عند المسلمين لعدم وجـود الخـلاف المعتد به عليها ، وإن أصر البعض على غير ذلك فليست هذه المادة هي الدليل الأساس في استنادنا القانوني ولو شئتم غض الطرف عنها فلا مانع من ذلك .
(2) المادة (2) الفقرة (أولا) البند (ج) الذي ينص على أنه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور) ، وستأتي الإشارة إلى أن إطلاق اللحية من بين هذه الحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي .
(3) المادة (2) الفقرة (ثانيا) والتي تنص صراحة على أنه (يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهويـة الإسلامية لغالبية الشعب العراقي ، كما يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفــراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والآيزديين والصابئة المندائيين) ، فهل يشك أحد ما في أن إطلاق اللحية من الحقوق الدينية على الأقل لمن يؤمن شرعـا بحرمة الحلاقة ، وإذا كـان الدستور يمنح حق الممارسة الدينية للأقليات فهل من المعقول والمنطقي أنه يسلب هذا الحق من الأكثرية ؟! .
(4) المادة (17) الفقرة (أولا) والتي تنص على أنه (لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة) وهنا نتساءل فقط فنقول : حتى لو لم يكن هناك نصوص دينية وفتاوى فقهية تحرم الحلاقة ــ كما يدعي البعض ــ أليس من حق المواطن أن يطلق لحيته وشواربه وشعر رأسه وأن يقص كلا منها بالطريقة التي تعجبه ما لم يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة أليس هذا مــــــــن الخصوصية الشخصية وإلا فما هو المقصود من هذه الخصوصية إذن ؟ .
(5) المادة (35) الفقرة (أولا) البند (أ) والذي ينص على أن (حريـة الإنســـان وكرامته مصونة) وأشرنا أعلاه إلى أن الحرية ضمن الحدود الــدستورية تسمح لأي مواطن مـــــــن إطلاق لحيته ، كما أن إجباره وإكراهه على حلقها يعد من أوضــح مصاديـق الإهانة والامتهان للكرامـــــة في حين أن الدستور يصون كـرامة المـــواطن ولا يقبـل بهتكها والتعدي عليها.
(6) المادة (35) الفقرة (ثــانيا) والتي تنص على أنْ ( تكفل الــــدولة حمايــة الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني) ، وهل يوجد إكراه ديني أكثر من إكراه المواطن على ارتكاب المحرم بحسب وجهة نظره الشرعية .
(7) المادة (41) الفقرة (أولا) والتي تنص على أنَّ ( أتباع كـــل دين أو مذهب أحرار في : (أ) ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية ) والشعيرة هي العلامة فكل ما كان علامة للدين بحسب نظر أتباع كل ديـن أو مذهب فهم أحرار في ممارسته ، ولا خلاف في أن اللحية من أوضح علامات التدين والالتزام ومن هنا لـم يعهد عن نبي أو وصي أو ولي أو عالم أنه قام بحلقها وما ذلك إلا لكونها من علامات الالتزام بالدين ولو بحسب الظاهر .
(8) المادة (41) الفقرة (ثانيا) والتي تنص على أنْ (تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها) ومن المعلوم إن إطلاق اللحية باعتباره مرغوبا من الشارع إلى درجة الحكم بحرمة قصها وحلاقتها فهي بالتالي مما يتعبد به لله سبحانه وتعالى وعليه تكون أمرا مكفولا بنص الدستور الصريح .
(9) المادة (45) والتي تنص على أنه (لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريـات الواردة في هــذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بنـــاء عليه ، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جـــوهر الحق أو الحرية) وبالتــالي فهذا الحــق لا يجوز التعدي عليه بــل لا يجوز إلغاؤه حتى في حـال تعديل الدستور .
ومما ذكر أعلاه يتبين واضحا جليا ثبوت هذا الحق لأصحابـه ، والمطالبة بخلافه تعد تعديا على الدستور ، وأي قانون يصدر بخلافه يعتبر باطلا كما نصت المــادة(13) الفقرة (ثانيا) والتي تنص على أنه (لا يجوز سن قـانون يتعارض مع هـذا الدستور ، ويُعد بـاطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قـانوني آخر يتعارض معه) .
ولعل لقائل أن يقول إن المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية تشترط حلاقة الذقن لمن يرغب بالانتساب إليها فلا داعي لانتساب من يؤمن بالحرمة ليجنب نفسه الوقوع فيها .
ونرد على هذا القول بأن الدستور وفي المادة (16) نص على أن ( تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين ، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ) وعندما تشترط الدولة مثل هذا الشرط فهي بالتالي تحرم شريحة واسعة من مواطنيها من الانتساب لهذه المؤسسات وبشكل متعمد وهذا ما يتعارض مع المادة المذكورة .
وأخيرا نقول لماذا كل هذا الإصرار على مثل هذا الاشتراط وما هو السبب العقلائي الذي يدعو إليه وكل التقارير الصحية والعليمة تؤكد أفضلية عدم حلاقة اللحية ، وهل اللحية هي سبب تخلفنا عن ركب الشعوب المتقدمة ؟؟ ، وهل الجندي أو الشرطي يتعثر بذقنه عند تنفيذ الواجب مثلا ؟؟ أم أنه مجرد إرضاء لأعداء الإسلام ، واستسلام لرغباتهم في القضاء على كل ما يعد رمزا من رموزه ، وهذا ما يطرح ضد كل هو إسلامي كالحجاب والزواج المتعدد وقوامية الرجل وغير ذلك من الأمور التي يثيرونها دائما ويسخرون منها مع وضوح ثبوتها عند المسلمين ، وإن كنا لا نستغرب غدا أو بعده أن نسمع ممن ينتمون إلى بعض الأحزاب الإسلامية تشكيكا في شرعية مثل الأمور أيضا فحكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد .
وعليه وباعتباري عضوا في مجلس محافظة البصرة وانطلاقـا مــن الحرص على تطبيق الدستور والقانون أطالب السادة أعضاء المجلس بما يلي :
(1) مطالبة الجهات الأمنية المحلية وتلك التـي تعمل في الحـدود الإداريـة للمحافظة ببيان المستند القانوني في إكراههم لمنتسبيـهم على حلق أذقانهم ومعاقبتهم في حال عدم الحلاقة .
(2) في حال عدم وجـود مستند قانوني يُحاسبْ الضابط أو المسؤول الـذي يأمر بــذلك وفقا لأحكام القانون وفي حال وجود مستند يعمل المجلس على إبطاله وفقا للدستور .
(3) التراجع عن قرار الإلغاء واختيار التعديل بالمطالب أعلاه بـدلا عنه ، احتراما للقانــون ، ولأعضــاء المجلس الذين صوتوا لصالحه ، وحفاظا على وحدة المجلس وروح الأخـــوة والتعاون فيما بين أعضاءه ، وعدم اللجوء إلى مثل هذه الأساليب الاستفزازية في التعامل مع الرأي الآخر مستقبلا .
وفي الختام نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد إنه سميع مجيب وله الحمد أولا وآخرا .
الشيخ أحمد السليطي
نائب رئيس مجلس محافظة البصرة