نووورا انا
08-09-2009, 09:19 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
علامات الظهور وموازنات القوى السياسية
كما أنّ بعض الروايات تعهّدت بذكر حالةٍ مثيرة، وهي حالة ضعف ملك بني فلان؛ إذ لم تصرّح بالجهة التي يتعلّق ظهور الإمام عليه السلام على ضعف ملكهم، ومعلوم أنّ ذلك ما تتطلّبه تقيّة الحال التي ستروى بها الرواية، ولعلّ ملك بني فلان سيكون في مناطق الظهور التي يظهر منها الإمام عليه السلام؛ إذ من غير الممكن أن يظهر عليه السلام في عنفوان الدولة التي يظهر فيها، بل لابدّ أن يظهر على أساس ضعف تلك الدولة بحيث لا تستطيع معها صدّ حركة الإمام عليه السلام ودعوته إبّان ظهوره.
بل تشددت بعض الروايات وجعلت حتمية الظهور متعلقةً باختلاف بني فلان فيما بينهم، وهو أمرٌ مقبول ضمن الحسابات المادية واللوجستية المتعارفة، فإن القوة التي ستكون معرقلةً لظهوره عليه السلام لابد من صدّها، وهذا الصدّ لهذه القوة قد لا يتناسب وحجم القوة المتاحة لدى الإمام عليه السلام قبيل ظهوره، بل لعل القوة المهيئة للامام عليه السلام هي حالات استجابة تقترنُ بقناعات القوى والأفراد التي ستنضم للإمام عليه السلام فيما بعد، أي بعد ظهوره وإعلان حركته المباركة، في حين قد لا تتهيأ تلك القوة ابتداءً، وهذا ما يجعلنا أن نقتنع أن ظهور الإمام عليه السلام لا يكون إلا على حساب ضعف القوى وشتاتها، وإلا من غير المعقول أن تكون حركة الإمام عليه السلام على أساس قوى غير متكافئة.
من هنا نجد أن التشدد في لهجة الرواية مبررة على أساس الحسابات المادية، لذا فقوله عليه السلام «ولا ترون ما تحبّون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم» ولعل الرواية ستُعطي انطباعاً معقولاً عن الحالة المتصورة وقتذاك. ففي رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديثٍ طويل:
إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم فعند ذلك فانتظروا الفرج وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم؛ إن الله يفعل ما يشاء، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبّون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة، وخرج السفياني.
وقال: لا بد لبني فلان أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق كلهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني: هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان: هذا من هنا، وهذا من هنا حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً.(25) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn25)
وروى المجلسي بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «لا يكون فساد ملك بني فلان حتّى يختلف سيفي بني فلان، فإذا اختلفوا كان عند ذلك فساد ملكهم».(26) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn26)
ولعل بني فلان الأولى إشارة إلى الحكومة الرسمية التي تتشكل من جهةٍ عائليةٍ معينة، وبني فلان الثانية قوة مضادة من عائلة أخرى تعارض الأولى. وهذا شأن بعض التشكيلات الحكومية ومعارضاتها التي تعيشها المنطقة حالياً أو كون بني فلان رمزٌ لجهة واحدة حاكمة فتنشأ من بينها معارضة تحاول الإطاحة بالحكومة القائمة.
وبسنده عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: «مَن يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم».
ثمّ قال: «إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك سنين ويصير ملك الشهور والأيّام»، فقلت: يطول ذلك؟ قال: «كلا».(27) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn27)
واسم عبد الله هل هو الاسم الصريح للحاكم الفعلي لتلك الدولة، أو هو رمزٌ لذلك الحاكم الذي يتعلق موته على أسباب الاضطراب والقلق في منطقة الظهور؟ الإجابة تظهر بالتتبع الخارجي والاستقصاء الذي يحرص عليه الكثير لمتابعة علامات الظهور المتتابعة، بل المتسارعة في التحقق إن شاء الله تعالى.
وقوله عليه السلام: «يذهب ملك سنين ويصير ملك الشهور والأيّام» دلالة على الاضطرابات السياسيّة في منطقة الظهور، وحدّة التنافسات بين الأقطاب الحاكمة، والتوجّهات السياسيّة، ولعلّها تسود حالة الانقلابات العسكريّة، وغلبة الأجنحة المتصارعة على السلطة بالقوّة، وعنف التيّارات المتنافسة، وحالة توالي الانقلابات العسكريّة يوحي إلى ضعف الجهات المتنازعة حتّى أنّها تكون في شغلٍ عن دعوة الإمام عليه السلام ومواجهته، أو لكونها ضعيفة غير قادرة أصلاً على مواجهة حركة الإمام عليه السلام وقت ظهوره.
بل يُعد اختلاف بني العباس من المحتوم الذي لابد منه والذي يتوقف عليه تحقق يوم الظهور أو على الأقل التعجيل به.
ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: واختلاف ولد العباس من المحتوم... وهو مشعر بأهمية مدخلية هذا الاختلاف على توازن القوى السياسية ومعادلاتها، واصطلاح بني العباس لعله إشارة للخط السياسي الحاكم في المنطقة، أو الذي يمثّل أهم مظاهر القوى السياسية الظالمة المناوئة لأهل البيت عليهم السلام بغض النظر عن انتماءاتها السياسية وتلويناتها الحزبية، ولا يمكننا الجزم بأن اصطلاح بني العباس الوارد في الروايات هو الانتساب لبني العباس فعلاً أي الإشارة للعباسيين، إذ لم يكن في الأفق السياسي ما يشير إلى احتلال بني العباس موقعاً سياسياً متميزاً عدا ما توقعنا أنه إشارة إلى التيارات الظالمة القائمة في المنطقة.
الهوامش
(25) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref25) بحار الأنوار52: 231.
(26) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref26) بحار الأنوار: 52/ 210.
(27) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref27) بحار الأنوار: 52/ 210.
علامات الظهور وموازنات القوى السياسية
كما أنّ بعض الروايات تعهّدت بذكر حالةٍ مثيرة، وهي حالة ضعف ملك بني فلان؛ إذ لم تصرّح بالجهة التي يتعلّق ظهور الإمام عليه السلام على ضعف ملكهم، ومعلوم أنّ ذلك ما تتطلّبه تقيّة الحال التي ستروى بها الرواية، ولعلّ ملك بني فلان سيكون في مناطق الظهور التي يظهر منها الإمام عليه السلام؛ إذ من غير الممكن أن يظهر عليه السلام في عنفوان الدولة التي يظهر فيها، بل لابدّ أن يظهر على أساس ضعف تلك الدولة بحيث لا تستطيع معها صدّ حركة الإمام عليه السلام ودعوته إبّان ظهوره.
بل تشددت بعض الروايات وجعلت حتمية الظهور متعلقةً باختلاف بني فلان فيما بينهم، وهو أمرٌ مقبول ضمن الحسابات المادية واللوجستية المتعارفة، فإن القوة التي ستكون معرقلةً لظهوره عليه السلام لابد من صدّها، وهذا الصدّ لهذه القوة قد لا يتناسب وحجم القوة المتاحة لدى الإمام عليه السلام قبيل ظهوره، بل لعل القوة المهيئة للامام عليه السلام هي حالات استجابة تقترنُ بقناعات القوى والأفراد التي ستنضم للإمام عليه السلام فيما بعد، أي بعد ظهوره وإعلان حركته المباركة، في حين قد لا تتهيأ تلك القوة ابتداءً، وهذا ما يجعلنا أن نقتنع أن ظهور الإمام عليه السلام لا يكون إلا على حساب ضعف القوى وشتاتها، وإلا من غير المعقول أن تكون حركة الإمام عليه السلام على أساس قوى غير متكافئة.
من هنا نجد أن التشدد في لهجة الرواية مبررة على أساس الحسابات المادية، لذا فقوله عليه السلام «ولا ترون ما تحبّون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم» ولعل الرواية ستُعطي انطباعاً معقولاً عن الحالة المتصورة وقتذاك. ففي رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديثٍ طويل:
إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم فعند ذلك فانتظروا الفرج وليس فرجكم إلا في اختلاف بني فلان، فإذا اختلفوا فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان بخروج القائم؛ إن الله يفعل ما يشاء، ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبّون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة، وخرج السفياني.
وقال: لا بد لبني فلان أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق كلهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني: هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان: هذا من هنا، وهذا من هنا حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً.(25) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn25)
وروى المجلسي بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «لا يكون فساد ملك بني فلان حتّى يختلف سيفي بني فلان، فإذا اختلفوا كان عند ذلك فساد ملكهم».(26) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn26)
ولعل بني فلان الأولى إشارة إلى الحكومة الرسمية التي تتشكل من جهةٍ عائليةٍ معينة، وبني فلان الثانية قوة مضادة من عائلة أخرى تعارض الأولى. وهذا شأن بعض التشكيلات الحكومية ومعارضاتها التي تعيشها المنطقة حالياً أو كون بني فلان رمزٌ لجهة واحدة حاكمة فتنشأ من بينها معارضة تحاول الإطاحة بالحكومة القائمة.
وبسنده عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: «مَن يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم».
ثمّ قال: «إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك سنين ويصير ملك الشهور والأيّام»، فقلت: يطول ذلك؟ قال: «كلا».(27) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_edn27)
واسم عبد الله هل هو الاسم الصريح للحاكم الفعلي لتلك الدولة، أو هو رمزٌ لذلك الحاكم الذي يتعلق موته على أسباب الاضطراب والقلق في منطقة الظهور؟ الإجابة تظهر بالتتبع الخارجي والاستقصاء الذي يحرص عليه الكثير لمتابعة علامات الظهور المتتابعة، بل المتسارعة في التحقق إن شاء الله تعالى.
وقوله عليه السلام: «يذهب ملك سنين ويصير ملك الشهور والأيّام» دلالة على الاضطرابات السياسيّة في منطقة الظهور، وحدّة التنافسات بين الأقطاب الحاكمة، والتوجّهات السياسيّة، ولعلّها تسود حالة الانقلابات العسكريّة، وغلبة الأجنحة المتصارعة على السلطة بالقوّة، وعنف التيّارات المتنافسة، وحالة توالي الانقلابات العسكريّة يوحي إلى ضعف الجهات المتنازعة حتّى أنّها تكون في شغلٍ عن دعوة الإمام عليه السلام ومواجهته، أو لكونها ضعيفة غير قادرة أصلاً على مواجهة حركة الإمام عليه السلام وقت ظهوره.
بل يُعد اختلاف بني العباس من المحتوم الذي لابد منه والذي يتوقف عليه تحقق يوم الظهور أو على الأقل التعجيل به.
ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام: واختلاف ولد العباس من المحتوم... وهو مشعر بأهمية مدخلية هذا الاختلاف على توازن القوى السياسية ومعادلاتها، واصطلاح بني العباس لعله إشارة للخط السياسي الحاكم في المنطقة، أو الذي يمثّل أهم مظاهر القوى السياسية الظالمة المناوئة لأهل البيت عليهم السلام بغض النظر عن انتماءاتها السياسية وتلويناتها الحزبية، ولا يمكننا الجزم بأن اصطلاح بني العباس الوارد في الروايات هو الانتساب لبني العباس فعلاً أي الإشارة للعباسيين، إذ لم يكن في الأفق السياسي ما يشير إلى احتلال بني العباس موقعاً سياسياً متميزاً عدا ما توقعنا أنه إشارة إلى التيارات الظالمة القائمة في المنطقة.
الهوامش
(25) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref25) بحار الأنوار52: 231.
(26) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref26) بحار الأنوار: 52/ 210.
(27) (http://ebook/almawood.alhakeem.com/books/alamat/alaem.htm#_ednref27) بحار الأنوار: 52/ 210.