المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غصب عقارات الدولة، الجريمة المباركة!!


جند النور
11-09-2009, 04:38 PM
د.صباح الباوي

بعد الفراغ في السلطة الذي اعقب تغيير النظام السابق في العراق في 9 نيسان 2003 وتناغماً مع اعمال السلب والنهب والسطو المسلح التي استهدفت المال العام وطالت دوائر الدولة وممتلكاتها ومنشآتها حدثت جريمة من الجرائم المستمرة كان محلها عقارات الدولة ومجمعاتها السكنية ومبانيها الحكومية حيث استغلت مجاميع من الاشخاص المدججة بالسلاح حالة اللانظام وتلاشي القوات الامنية لتسطو سطواً مسلحاً على تلك العقارات والمجمعات السكنية وتغصبها عنوة إما من شاغليها او من الدولة باعتبارها الصاحب الشرعي للمال العام.

ولقد عنونت تلك المجاميع فعلها غير المشروع بعناوين شتى، فمن قائل انهم فقراء معدمون محرومون يستحقون باوصافهم تلك عقارات الدولة باسم العدل والقسط، ومن قائل انهم فئات حرمت من تملك اي شبر في البلاد وهذا يشرعن لها غصبها لحقها بالقوة من عيون الدولة التي طالما ادارت لهم ظهرها، ومن قائل ان عقارات الدولة كانت حكراً على ازلام النظام السابق ومقربيه وحان في العراق الجديد وقت التغيير وتعويض المغضوب عليهم ايام النظام السابق.

ومن الجدير بالذكر ان الحكومات العراقية المتعاقبة التي شكلت بعد نيسان 2003 وقفت حيرى وخجلى امام اولئك الذين سطوا على المال العام بل وتطور الامر اكثر لتكون له ابعاد سياسية وانتخابية، فصار استرضاء غاصبي عقارات الدولة ومنتهكي حرمة مالها العام امراً مألوفاً لاسيما قبل الانتخابات التي يزخر بها عراقنا الجديد وهو الامر الذي نلمس حصوله بوضوح هذه الايام والتي بدأت فيها حمى الدعاية الانتخابية ووعود المرشحين مبكراً وكأن الفعل الذي قام به الغاصبون لاملاك الدولة مبارك ومشروع رُدَّت به الحقوق والمظالم الى اهليها.

لقد ادى هذا الامر الى تشكيل مشهد تراجيدي غاية في الشذوذ والغرابة في الساحة العراقية، ففي الوقت الذي أُريد فيه للعراق الجديد ان يكون دولة القانون والمؤسسات وارسى فيه دستورُه الاسسَ اللازمة لبناء تلك الدولة وفي الوقت الذي تحرص كل الحكومات العراقية المتعاقبة على ان تكون للقانون الكلمة العليا في خطاباتها السياسية وبرنامجها الحكومي وللمشروعية القول الفصل في الحكم على التصرفات التي تصدر عن الحكام والمحكومين، نقول في هذا الوقت عينه تمر السنون على الدولة العراقية ولا ينبس احد ببنت شفة بشأن التجاوز على الاموال العامة وعقارات الدولة تحديداً ناهيك عن مباركة مستجدي الاصوات من المسؤولين الذين يباركون الغاصبين ويداهنوهم ويتوعدون من يحاول ان يقلق عليهم سكونهم في الشقق والعقارات المغتصبة بالويل والثبور.

هذا واذا كان امر غصب المال العام والسطو عليه مثار جدل في وسائل الاعلام وعند صناع القرار والمسؤولين الذين قد يرضون او لا يرضون بذلك الغصب الا ان الامر ليس مثار جدل على الصعيد القانوني فللاموال العامة كما تنص المادة 27/اولاً من الدستور الدائم حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن، كما نصت الفقرة ثانياً من المادة ذاتها على ان "تنظم بقانون الاحكام الخاصة بحفظ املاك الدولة وادارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لا يجوز فيها النزول عن شيء من هذه الاموال"، ولا يحتاج النص الى لبيب ومختص بالشأن القانوني ليبين ان اي تصرف بالاموال العامة ومنها العقارات المذكورة والتنازل عنها لا يمكن ان يحصل دونما قانون يسنه مجلس النواب ينظم هذا الامر وبالتالي فان الوعود الكريمة التي يمن بها المسؤولون في السلطة التنفيذية مهما سمى وصفهم على من اغتضب عقارات الدولة لا قيمة لها وهي مخالفة للدستور، اضافة الى ذلك فإن المساس بعقارات الدولة يعد بوضوح جريمة جنائية يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 اضافة الى التشريعات التي صدرت في عهد النظام السابق والتي لا تزال نافذة بحكم المادة 130 من الدستور الدائم كونها لم تلغ او تعدل، فالقرار رقم 36 لسنة 1994 النافذ اعتبر من سكن من غير اذن او عقد مسبق داراً او شقة تعود للغير قد ارتكب جناية تتراوح عقوبتها بين الحبس ثلاث سنوات الى السجن عشر سنوات ولكن العقوبة تكون السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات اذا كانت الدار او الشقة تعود للدولة، ومعنى هذا ان العقوبة قد تصل الى السجن مدة خمسة عشر عاماً بدلالة المادة 25 من قانون العقوبات المذكور وبالتالي فإن غصب دور وشقق الدولة يعد جناية بل ويترتب على الساكن الغاصب ان يسدد ضعف اجر المثل وضعف قيمة الاضرار الناجمة عن سكن الدار او الشقة كما نصت على ذلك المادة ثانياً من القرار رقم 36 المذكور لا ان يُباركَ غصبه ويمتدح فعله ويسترضى جنابه.

إن ارتكاب جناية غصب عقارات الدولة وشغلها بغير وجه حق قد بني كما اسلفنا على حجج مختلفة، ولكن الذي فات الغاصبين وحتى المسؤولين او بعض الاعلاميين الذين قد يلتمسون للغاصبين الذرائع ان اي حجج مهما كان وصفها وسواء اكانت اقتصادية ام اجتماعية ام سياسية لا يمكن ان تقوم كاساس لتبرير المساس بحرمة المال العام هذا اذا كان لتلك الحجج اي اساس من الصحة، فمسألة الفقر والمظلومية والمحرومية لم يثبتها دليل ومعلوم ان الشارع العراقي يتندر بحكايات عن الكثير من غاصبي شقق المجمعات السكنية الحكومية من ان لكثير منهم عقارات في بغداد والمحافظات وان الكثير منهم قد اجر الشقق التي غصبها الى اخرين بالعديد من الاوراق الخضر فضلا عن الغصب العائلي للطوابق وهو امر معروف في العديد من المجمعات السكنية الحكومية حيث تتولى عائلة بكل افرادها الفقراء غصب طابق باكمله حتى يلتم شملها، ونظرة سريعة على كراجات تلك المجمعات المغتصبة وما تحويه من السيارات الفارهة تكفي لتشرح فقر الفقراء وعوز المعوزين الذين يقطنونها، وبذلك نجزم ان الفقر وإن ثبت ووجد لا يقوم البتة اساساً لتبرير غصب عقارات الدولة، والقول بغير ذلك سيأتي بنتائج كارثية على البلاد والعباد حيث انه سيشرعن لكل من ادعى الفقر ان ينهب عقاراً دونما خشية حيث انه لن تتم مواجهته الا بتعويضات سخية وابتسامات المسؤولين الطيبين الذين لا يرضون اخراجه من العقار المغتصب خشية ان تتلبد اجواؤهم الانتخابية بغيوم غير مرغوب فيها اضافة الى ما سيتحصلون عليه من اصوات ملوثة بالمال العام الحرام من هذا المجمع السكني المغتصب او ذاك والذي يقطنه البعض ممن يهددون على مرأى ومسمع من الجميع ومن على شاشات الفضائيات بَقتُل كل من يحاول إخراجهم ولو بحكم قضائي او يُقتَل دون شقته على اساس ان من يقتل دون ماله فهو شهيد!!!.

وعلى اية حال فإن على الدولة التزاماً دستورياً في النهوض بالفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود ويكون ذلك بموجب آليات رصينة واجراءات قانونية واضحة وشفافة ومن خلال وزارات الدولة ومؤسساتها المعنية كوزارات العمل والشؤون الاجتماعية والاسكان والمراة والصحة وغيرها لا ان يكون الفقر عنواناً لحملات الغصب والفتح المبين لعقارات الدولة وممتلكاتها، ولعل من المثير للدهشة ان الحكومة قد صرفت تعويضات لغاصبي عقاراتها لترغيبهم مرة في إخلاء تلك العقارات بالتي هي احسن او لتعويضهم مرات عن الاضرار التي تلحق بالشقق التي اغتصبوها جراء تفجير هنا وتفخيخ هناك حتى يتسنى لهم شغل تلك العقارات المنهوبة وهي مهيأة بكافة مستلزماتها ومرافقها العصرية، ومعلوم ان هذا الصرف لا يجد له اساساً في اي قانون من قوانين الدولة العراقية القديمة والحديثة وهو في احد مضامينه يشكل معاقبة للفقراء الشرفاء الذين لم ينهبوا عقارات الدولة والذين يزخر بهم المجتمع وقد آثروا ان يفترشوا الارض ويلتحفوا السماء على ان يغتصبوا عقاراً وكأن الدولة بتعويض مغتصبي العقارات تعاتب من لم يسرق المال العام ويغتصب له ولاولاده شقة او داراً!!!

إن حالة الفقر والمحرومية التي يدعيها الغاصبون لعقارات الدولة لا بد ان تكون قد زالت بعد ست سنوات من الشغل المجاني لتلك العقارات ولا بد انهم قد وفروا خلال تلك السنين من المال ما يسمح لهم ان يخلوها ويبقوا على ما تبقى من ماء الوجه لاسيما ان الحكومة قد تعاملت معهم بأبوية ورحمة واجزلت لهم العطاء كما لم تجزل لاي فقير شريف لم يرض بمس اموال الدولة وعقاراتها، ونتساءل فيما اذا كان معيار الفقر هو الذي يشغل على اساسه الناس عقارات الدولة المغتصبة في زمننا الموحش هذا: افلم يئن الاوان بعد ست سنين ان يرحل الفقراء الحاليون ويتركوا تلك العقارات والشقق لفقراء جدد من الذين يملأون احياء بغداد وازقتها، الا يوجد في العراق الا هؤلاء الفقراء الذين غصبوا مجمعات الدولة السكنية واستقروا فيها ولم يبق فقراء غيرهم؟

لقد اتخذت الحكومة الحالية قرارات جريئة حول مسألة اسمتها تلطيفاً بالتجاوز على عقارات الدولة وهي في الحقيقة غصب لتلك العقارات وقد قال القضاء العراقي القول الفصل والكلمة الحقة بضرورة إخلاء تلك العقارات وتسليمها لمؤسسات الدولة، الا ان ما يثير الحيرة والاستغراب تلك التصريحات التي يدلي بها بعض المسؤولين والتي يمنحون فيها وعوداً بالابقاء على الغاصبين بل وتمليكهم ما غصبوا ويتوعدون فيها من يحاول ان يمس بأي جانٍ او يطبق بحقه حكم القضاء بإخلاء العقار، ولا ريب ان هذه التصريحات تعد انتهاكاً خطيراً لمسلمات دولة القانون ولاحكام الدستور والتشريعات النافذة ومساساً مبيناً بهيبة القضاء واستقلاله ونفاذية حكمه وعودة سريعة لعراق ما قبل القانون والمؤسسات والامن، ونرى لزاماً ان يجري محاسبة المسؤولين المحليين والحكوميين الذين يجعلون من تصريحاتهم ووعودهم الكريمة بديلاً عن الدستور والقانون وسلطان القضاء، والقول بغير ذلك يوجب على الدولة ان تتخلى عن القواعد الجنائية التي تجرم انتهاك حرمة المال العام والسطو على عقاراتها حيث اصبح وجود تلك القواعد القانونية الى جانب تلك التصريحات لا معنى له، وازعم ان دولة القانون التي نحلم بها ويحلم بها رجالات الدولة الوطنيون قد اصبحت اليوم على مفترق طرق خطير؛ فإما ان يصار الى إنفاذ حكم القانون ورد الهيبة للدولة ومؤسساتها وتطبيق حكم القضاء في قضية انتهاك حرمة عقارات الدولة، وإما ان تخلع الدولة عباءة اخرى من عباءات هيبتها وتؤثر السكوت على الانتهاك الصريح للقانون والغصب المبين للمال العام وإسكات صوت القانون وحكم القضاء.

بنت الوادي المقدس
12-09-2009, 12:46 AM
المشكله ان من يحوز تلك الاماكن التي تعود للدوله وهي مرافق مؤسساتيه
هم من الاحزاب والتيارات التي جائت كما تدعي بالحريه والديمقراطيه والرفاه للشعوب
والى الان تشغلها
وربما مثار هذا الامر من قبل الحكومه سوف يجر الويلات لان الاحزاب سوف تؤجج الشارع العراقي بشعاراتها الباذخه وبمساندة وسائل تستخدمها متى تطلب ذلك وقد تصل الى السلاح
لكن نامل ان ياخذ القانون مجراه وترجع الى الدوله فهي ملك عام ومردها للشعب