المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا سيفعل؟ ياتي بامر جديد ولكنه الاسلام


نووورا انا
16-09-2009, 09:08 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد




ماذا سيفعل؟ ياتي بامر جديد ولكنه الاسلام



حاول بعض ادعياء البابية والمهدوية ان يقدموا لما ورد من الروايات التي تقول: "ان الامام المهدي (ع) ياتي بامر جديد" تفسيرا يعطيها معنى النسخ للشريعة‏الاسلامية، وهو قول بالنبوة بمعناها الاصطلاحي الذي يعني استقلال الرسالة اللاحقة لنبي عن الرسالة السابقة لنبي آر.
والغرض من هذه المحاولة الخبيثة والمنكرة، وما يشبهها، تاييد مسلكهم الغنوصي الباطني الضال في فهم النبوة، والتشريع اصلا، وتبرير استهانتهم ‏بالكتاب والسنة، وما جاء فيهما من احكام وتكاليف . وسياتي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، ان شاء اللّ، من الشواهد التاريخية على ما ذكرناه عنهم نظريا وعمليا ما فيه الكفاية. اما هنا فان علينا التنبيه الى ان ما اعطوه‏من تفسير لهذه الروايات باطل مفضوح، لا لان القرآن، والسنة الثابتة نصا على ختم النبوة (بمعناها الاصطلاحي) برسول اللّه محمد (ص) ونفياها عمن بعده،وذلك ما يجمع عليه المسلمون، وهو كما سبق ان ذكرنا ما يفرضه ايضا مقام محمد (ص) ورتبته السماوية في العالم المخلوق مبدا ومعادا، ولا لما ورد من احاديث تنفي نسخ‏الشريعة الاسلامية الى يوم القيامة ، ولا لان موقع الامام المهدي (ع) كوصي لرسول اللّه (ص) وامتدا عنه، وشاهد لرسالته ك‏آبائه الاحد عشر (ع) لا يسمح له‏بالنسخ لما يلزم ذلك من مناقضة حتى ان بعض العلماء وقف عند ما ورد من ان الامام (ع) لا يقبل الجزية منالكتابيين وانه يقضي بعلمه من دون بينة وما يشبه‏ذلك من مسائل تصور بعضهم كونها نسخا، واجاب بما يها عن ذلك .
بل ان هذه الروايات التي ذكرت ان الامام (ع) "ياتي بامر جديد" نفسها، وبالقرينة من داخلها ترفض هذا التفسير، وتتماسك هذه القرينة على المعنى المقصود فيها مع‏الروايات التي وردت في العلامات العامة للظهور من جهة ومع ما ورد من دعوة الامام (ع) وعمله وسيرته من جهة ثنية لتعينه بصورة قاطعة لا تترك مجالا لاي معنى‏آخر. فلناخذ امثلة من هذه الروايات كالتي جاءت مسندة عن ابي بصير عن كامل عن ابي جعفر (ع) قال: قال (ع): ان قائمنا اذا قام دعا الناس الى امر جديد كما دعا رسول اللّه(ص)، وان الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغباء .
وكالتي وردت مسندة عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: قال (ع): الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء (516) فقلت: اشرح لي هذا اصلحك اللّه فقال (ع):
يستانف الداعي منا دعاء جديدا كما دعاء رسول اللّه(ص) . وفي رواية عن رسول اللّه (ص) حين سئل عن الغرباء:
من هم؟ قال (ص): الذين يصلحون اذفسد الناس الخ .
وروى بالاسناد الى عبداللّه بن عطاء قال: سالت ابا جعفر الباقر (ع) فقلت: اذا قام القائم (ع) باي سيرة يسير في الناس.. فقال (ع): يهدم ما قبله كما صنع رسول اللّه (ص)ويستانف الاسلام جديدا .
ان الامر الجديد، او الدعاء الجديد كما يبدو من المقارنة في قوله كما دعا رسول اللّه (ص) ثم قوله: بدا الاسلام غريبا ... انما هو بلحاظ غربة الاسلام حين يدعو الامام(ع) اليه انتهاء كغربته حين دعا اليه رسول اللّه (ص) ابتداء لا في اصل الدعوة، وهو ما نلمحه واضحا في الرواية الرابعة التي تقول: ويستانف الاسلام جديدا وقد تقدم في‏ما يصور حالة الامة وتردي اوضاعها عقائد وعلاقات واخلاقا قبيل الظهور في العلامات العامة، ما يساعد على استيعاب هذه الصورة لواقع علاقة الامة بالاسلام ‏آنذاك.. واذا لاحظنا مضافا لذلك واقع تعدد الاجتدات بين المذاهب المختلفة في الكلام والحديث والتفسير والاصول والفقه حتى داخل المذهب الواحد. ولاحظنا نسبة‏الاحكام الظاهرية الى الواقعية، لاتضح لنا معنى الامر الجديد، حين يرفض الامام (ع) من ذلك ما يخالف الواقع.. لا فرق بين ما كان نظريا او عمليا منه، ان الفجو ستكون‏ اذا لاحظنا ذلك بمجموعه واسعة جدا. وبذلك سيكون الامر جديدا بالفعل. قال الشريف رحمه اللّه معلقا على الحديث مجليا معناه: "هذا الكلام من محاسن الاستعارات، وبديع المجازات لانه (ع) جعل الاسلام غريبا في اول امره تشبيها بالرجل‏الغريب الذي قل انصاره، وبعددياره، لان الاسلام كان على هذه الصفة في اول ظهوره ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده وكثر اعوانه وضرب جرانه‏". وقوله (ع): وسيعود غريبا، اي يعود الى مثل الحال الاولى في قلة العاملين بشرائعه، والقائمين بوظائفه لا انه والعياذ باللّه تنمحي سماته وتدرس آياته (52).
ولذلك ورد في روايات قدمنا بعضها انه يلقى من الامة اشد مما لقي رسول اللّه (ص) نفسه وعللت ذلك بان الرسول (ص) اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبة‏المنحوتة، وان القائم (ع) يخرجون عليه فيتاولون عليه كتاب اللّه ويقاتلون عليه .
والى ذلك اشار ابن عربي في ما اوردناه آنفا عنه لدى حديثه عن معارضة اهل المذاهب له تمسكا بمذاهبهم .
وهناك وجه آخر للامر الجديد، يتصل بوراثة‏الامام واصحابه للارض كلها، وهذا ما لم يكن وقد يصعب تصوره وذلك ما ورد في قوله سبحانه: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون).
اذا كان اللّه، سبحانه، برحمته لم يسمح في مرحلة التاسيس، للرسالة الاسلامية بدءا بصاحبها محمد (ص) واوصيائه حتى الحسن العسكري (ع) تجاوز الوسائل العادية في‏الدعوة والمقابلة، فان الامر في المهدي (ع)، الثاني عشر من الاوصياء، لدى الظهور، ليس كذلك. ان الفسحة الزمنية الطويلة التي
اعطيت للناس لتفكر وتجرب‏وتكشف من آيات اللّه في انفسها وفي الافاق، ثم لتتفاعل مع الرسالة في ضوء ذلك بمهل كافية لتقطع العذر على من يابى عنادا ان يسلم وجهه للّه، فان من المفهوم ان لايترك الامام (ع) مع ما لديه من العلم الذي يقيم به الحجة والقوة التي يخضع بها العدو مجالا لخيار وراء الاسلام ولذلك ورد انه لا يقبل الجزية من اهل الكتاب، وقدقدمنا في فقرة: كيف سينتصر؟ من هذا البحث شواهد من الروايات الواردة في ذلك بما فيها تلك التي تتصل بتفسير بعض الايات ومنها قوله تعالى: (ولقد كتبنا في‏الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون) [الانبياء: 105]. فان وراثة العباد الصالحين للارض لا تتمثل بدخول الجنة بعد القيامة، وان كان ذلك قد ورد في الحديث، لان الارض تبدل غير الارض هناك، ولان الجنة عرضهاالسموات والارض كما ورد في القرآن فلا مقارنة. ولكن وراثتها، كما في بعض الاحاديث، انما هي بظهور الامام المهدي (ع)، وقد قدمنا في آخر الفقرة السابقة من هذاالبحث ما ورد من ان اللّه يملكه مشارق الارض ومغاربها.
ومن ذلك ما ورد مسندا عن الثمالي عن علي بن الحسين (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): "الائمة من بعدي اثنا عشر، اولهم انت يا علي، وآخرهم القائم‏الذي يفتح اللّه، تعالى ذكره، على يديه مشارق الارض ومغاربها" . وعن حذيفة بن اليمان عن رسول اللّه (ص) من حديث قال: "فلا يبقى على وجه الارض الا من يقول: لا اله الا اللّه" .
وذكر ابن حجر الهيثمي في تزييف دعوى مدعي المهدوية في الهند في عصره: علامات المهدي وخصائص ظهوره، ومن جملتها ان اللّه "يملكه مشارق الارض‏ومغاربها" . ومما جاء في تفسير الاية بذلك روايات منها: ما روي مسندا عن ابي الورد عن ابي جعفر (ع) قال (ع): قوله عز وجل: (... ان الارض يرثها عبادي الصالحون) قال: هم آل‏محمد . ومما ورد مسندا عن ابي صادق قال: سالت ابا جعفر عن قول اللّه عز وجل: (ولقد كتبنا في الزبور) قال: هم نحن قال: قلت ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال (ع): هم شيعتنا.
وبالاسناد الى محمد بن عبداللّه بن الحسن عن ابي جعفر (ع) قال: قوله عز وجل: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون) هم اصحاب المهدي في آخر الزمان (528).
وورد في تفسير علي بن ابراهيم عند ذكر الاية ، ورواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابي جعفر (ع) قال: هم اصحاب المهدي في آخر الزمان .
ولا اشكال بما ورد من ان هذه الوراثة دخول الجنة حين يكون التفسير تطبيقا بان تكون الوراثة في هذه وتلك..
ومما يتصل بالتفسير الذي ذكر لهذه الاية، ويشهد له ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف‏الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون) [النور:55].
فالاستخلاف، مع التمكين المطلق، يقتضي وراثة الارض ككل والظهور على الامم كلها بحيث لا يبقى نظر اتقاء لاية جهة الا اللّه. وفي دعاء الافتتاح وهو يدعو للامام‏المهدي (ع): استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا... اللّهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لايستخفي بشي‏ء من الحق مخافة احد من الخلق. وهذا ما ورد في الروايات عن اهل البيت (ع)، ففي حديث لامير المؤمنين علي (ع)، وهو يتحدث عن مرحلة التاسيس في عهد الرسول (ص) وما بعده وغلبة الاعداءلاوصياء الرسول (ص) قال(ع):
"كل ذلك ليتم النظرة التي اوجبها اللّه تبارك وتعالى لعدوه ابليس الى ان يبلغ الكتاب اجله، ويحق القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه اللّه في كتابه‏بقوله: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم). قال (ع): وذلك اذا لم يبق من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون اقرب الناس‏اليه اشد عداوة له (531) وعند ذلك يؤيد اللّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيه على يديه على الدين كله ولو كره المشركون‏" . قال الطبرسي رحمه اللّه: والمروي عن اهل البيت (ع) انها (يعني الاية) في المهدي من آل محمد ).
قال: وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين (ع) انه قرا الاية وقال (ع): هم واللّه شيعتنا اهل البيت (ع) يفعل اللّه ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة،وهو الذي قال رسول اللّه (ص): "لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلماوجورا".
قال الطبرسي: وروى مثل ذلك عن ابي جعفر (الباقر) (ع) وابي عبداللّه (ع)، فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي (ص) واهل بيته صلوات الرحمن‏عليهم. وتضمنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف، والتمكين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع) ويكون المراد بقوله: (كما استخلف الذين من قبلهم) هوان جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان ويدل على ذلك قوله: (اني جاعل في الارض خليفة) و (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض) وقوله: (فقد آتينا آل‏ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناه ملكا عظيما) قال رحمه اللّه: "وعلى هذا اجماع العترة الطاهرة واجماعهم حجة لقول النبي (ص): "اني تارك فيكم الثقلين:
كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‏" وايضا فان التمكين في الارض على الاطلاق لم يتفق فهو منتظر لان اللّه عز اسمه لا يخلف وعده‏" (534). عن رفاعة بن موسى قال: سمعت ابا عبداللّه (ع) يقول: "وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها". قال:اذا قام القائم لا تبقى ارض الا نودي فيها بشهادة ان‏لا اله الا اللّه، وان محمدا رسول اللّه". وعن ابي بكر عن ابي الحسن (ع) قال في رواية: "ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب احد الا وحد اللّه" .
ولا شك في ان ظهور اهل الايمان على الارض كلها وسيادة الرسالة الاسلامية بصورة مطلقة فيها امر جديد. وهو يعني عدم اقرار اهل الكتاب على دينهم بدفع الجزية.وهو ما ورد في الاحاديث عن اهل البيت (ع) وقد تقدم بعض منها، لان ارتفاع الشبهة بالعلم واقامة الحجة يجعل بقاءهم على دينهم معاندة للحق واصرارا على‏الباطل. ومن مظاهر الامر الجديد: عمله بعلمه من دون بينة لقد وردت روايات عديدة تفيد انه (ع) يعمل بعلمه فلا يسال احدا بينة .
فبالاسناد عن سعدان بن مسلم عن بعض رجاله عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) انه قال: "بينما الرجل على راس القائم(ع) يامره وينهاه اذ قال: اديروه فيديرونه الى قدامه‏فيامر بضرب عنقه فلا يبقى في الخافقين شي‏ء الا خافه‏" (537).وروى عبداللّه بن عجلان عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال"اذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم آل داود لا يحتا الى بينة يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه،ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم‏". قال اللّه سبحانه وتعالى: (ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) [الحجر: 75 و76].











للموضوع تتمة......

نووورا انا
16-09-2009, 09:14 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد


وبالاسناد الى ابان بن تغلب قال: قال ابو عبداللّه (الصادق) (ع): "اذا قام القائم (ع) لم يقم بين يديه احد من خلق الرحمن الا عرفه صالح هو ام طالح وذكرالاية‏". عن جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) قال: "انما سمي المهدي لانه يهدي الى امر خفي حتى انه يبعث الى رجل لا يعلم الناس له ذنبا فيقتله حتى ان احدهم يتكلم في بيته‏فيخاف ان يشهد عليه الجدار" . وذكروا من الامر الجديد:
1 هدمه لبعض المساجد والمشاهد.
2 وقتله لمن بلغ عشرين سنة ولم يتفقه .
ويبدو ان هذه الامور كانت موضع اشكال وتساؤل لدى بعضهم، بتصور انها نسخ للشريعة الاسلامية.
قال الطبرسي رحمه اللّه: فان قيل: اذا حصل الاجماع على ان لا نبي بعد رسول اللّه (ص)، وانتم قد زعمتم ان القائم اذا قام لم يقبل الجزية من اهل الكتاب، وانه يقتل من بلغ‏العشرين ولم يتفقه، ويامر بهدم المساجد والمشاهد وانه يحكم بحكم داود لا يسال عن بينة واشباه ذلك مما ورد في آثاركم،
وهذا يكون نسخا للشريعة‏وابطالالاحكامها فقد اثبتم معنى النبوة وان لم تتلفظوا باسمها فما جوابكم عنها. قال رحمه اللّه: والجواب:
انا لم نعرف ما تضمنه السؤال من انه لا يقبل الجزية من اهل الكتاب وانه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين...
فان كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به، فاما هدم المساجد والمشاهد فقد يجوز ان يختص بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى اللّه تعالى، وعلى خلاف ما امر اللّهسبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي (ص).
واما ما روي من انه يحكم بحكم آل داود لا يسال عن بينة فهذا ايضا غير مقطوع به، وان صح فتاويله ان يحكم بعلمه في ما يعلمه. واذا علم الامام والحاكم امرا من الامورفعليه ان يحكم بعلمه، ولا يسال عنه، وليس في هذا نسخ للشريعة، على ان هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية واستماع البينة، ان صح، لم يكن نسخا للشريعة، لان‏النسخ هو ما تاخر دليله عن الحكم المنسوخ، ولم يكن مصطحبا فاما اذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك ناسخا لصاحبه، وان كان مخالفه في المعنى، ولهذا اذا اتفقنا على‏ان اللّه سبحانه لو قال: "الزموا السبت الى وقت كذا، ثم لا تلزموه، لا يكون نسخا" لان الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب..
قال رحمه اللّه: واذا صحت هذه الجملة، وكان النبي (ص) قد اعلمنا بان القائم من ولده يجب اتباعه وقبول احكامه، فنحن اذا صرنا الى ما يحكم به فينا، وان خالف بعض‏الاحكام المتقدمة غير عاملين بالنسخ، لان النسخ لا يدخل في ما يصطحب الدليل .
واضاف الشيخ المجلسي بخصوص التساؤل والاشكال حول رفع الجزية، الى ما اجاب به الشيخ الطبرسي، ما اوردته كتب الحديث لدى غير الامامية من وضع‏الجزية على يد المسيح كالذي ورد عن ابي هريرة ان الرسول (ص) قال: "والذي نفسي بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب، ويقتل الخنزير،ويضع الجزية، فيفرض المال حتى لا يقبله احد" .
قال رحمه اللّه: فظهر ان هذه الامور المنقولة من سيرة القائم (ع) لا تختص بنا بل اوردها المخالفون ايضا ونسبوها الى عيسى، لكن قد رووا: ان امامكم منكم فماكان من جوابهم "يعني على اشكال عدم قبول الجزية‏" فهو جوابنا . ومن مظاهر الامر الجديد:
العدل، والغنى، والامان بصورة شاملة وهذا ما لم يحدث في اي عصر، لا لان المهدي (ع) اكثر عدلا وكرما من رسول اللّه (ص) او علي (ع) مثلا، فهو ليس الا امتدادا لهما، بل‏لان اختلاف العصر والمرحلة من حيث سعة السلطان، وظهور الاسلام، ومستوى الناس عقلا وعلما ودينا، ورقي الوسائل التي بيد الامام للحكم والمراقبة، وتقدم وسائل‏الانتاج واداء حقوق المال والعدل في التوزيع هذه وغيرها مما يتصل بها هي التي تتيح ذلك زمن الامام المهدي (ع) دون غيره، وقد تقدم في ما اوردناه من الاحاديث ماهو شاهد لذلك، فهو الذي يملا الارض قسطا وعدلا وهو الذي يظهر الدين الاسلامي على الدين كله وهو الذي يضع يده على رؤوس الناس فيكمل بها عقولهم‏و... وعن الامام علي (ع) قال: "فيبعث المهدي (ع) الى امرائه في سائر الامصار بالعدل بين الناس‏" الى ان يقول (ع): "ويذهب الشر، ويبقى الخير ويزرع الانسان مداوتخرج له سبعة امداد" "ويذهب الزنا وشرب الخمر" وعن الامام الصادق (ع) بعد ان ذكر مقابلة الناس للامام المهدي (ع) قال (ع): "اما واللّه ليدخلن‏عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر" . وعن علي بن عقبة عن ابيه قال: "اذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في ايامه الجور وامنت السبل، واخرجت الارض بركاتها ورد كل حق الى اهله‏" . وعن جابر بن عبداللّه عن رسول اللّه (ص) قال: "يكون في آخر امتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا" .
وعن سعيد وجابر بن عبداللّه قالا: قال رسول اللّه (ص): "يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده‏" . وعن ابي سعيد الخدري ان رسول اللّه (ص) قال: "يخرج المهدي في امتي يبعثه اللّه غياثا للناس، تنعم الامة وتعيش الماشية وتخرج الارض نباتها ويعط‏ى المال‏صحاحا".عن الحسن بن علي (ع) انه قال: "تواصلوا وتباروا فوالذي فلقالحبة وبرا النسمة لياتين عليكم وقت لا يجد احدكم لديناره ولا لدرهمه موضعا"، يعني لا يجد عندظهور المهدي موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل اللّه تعالى وفضل وليه المهدي (ع).
وفي رواية عن المفضل عن الامام الصادق (ع) قال: "ويطلب الرجل منكم من يصله بماله وياخذ منه زكاته فلا يجد احدا يقبل منه ذلك‏"، وتغنى الناس بما رزقهم اللّهمن فضله . ومن مظاهر الامر الجديد: انه: ليس بين الناس وبينه بريد اذا كنا قد استفدنا من ذلك حين قدمنا ما ورد من هذا الحديث سابقا في العلامات الخاصة اشارة الى التقدم العلمي في مرحلة الامام (ع)فان سماعه ورؤيته من بعد وبصورة مباشرة قد يعني مرحلة تقنية متقدمة يصبح فيها الهاتف التلفازي قائما على مستوى العالم..
ولكن ما نريد الاشارة اليه هناانعدام الواسطة بين الناس والامام (ع) كلما شاءوا امرا من الامور، وهو بهذا المستوى وبخاصة في مثل سلطان الامام (ع) سعة وامتدادا مما لم يقع نظيره بل مما يصعب‏تصوره لولا خصوصية الامام (ع) وخصوصية عصره، ولا شك في ان مثل هذه الصلة المفتوحة بين الناس والامام (ع) امر جديد، وهي ضمانة عظيمة للاستقامة على الحق‏والعدل وخلق جديد بالنسبة لذوي السلطان يتصل بخلق رسول اللّه محمد (ص) وخلق وصيه علي (ع) اللذين لم يتخذا حجابا ولم يقطعا عنهما الناس ولم يتميزا عنهم..
ومن مظاهر الامر الجديد ان: تؤتى الناس الحكمة في زمنه اشرنا الى ان العصر الذي يخرج فيه الامام (ع) عصر يبلغ فيه الانسان من العلم والتقنية كما تشير الروايات الذروة. والعلم يصحبه رقي‏عقلي وخلقي، وبذلك يستطيع اهله ان يتفهموا معنى ان يكون الامام حجة اللّه وخليفته ومحل عطائه ونظره بما يظهر على يديه من علم
يجاوز قدر العصر واهله، وبمايبرزه من امكانات لا تقع ضمن المقدور بوسيلة مادية ولا روحية عامة اي مما هي ضمن العطاء العام من القدرات الروحية كالذي بايدي الروحيين من اصحاب‏الخلوات والرياضات واهل التسخير والسحرة... ثم ان وسائل الايصال السمعية والبصرية القائمة في عصر الامام، كالتلفزة عبر الاقمار الصناعية، تتيح للامام (ع) ولاصحابه مخاطبة العالم والناس في بيوتهم، وتعريفهم‏بما حبا اللّه حجته ووصي خاتم رسله (ع) وتعليمهم الرسالة الاسلامية، كما جاء بها رسول اللّه (ص). وقد مر عن الصادق (ع) ان الدنيا تكون بمنزلة راحة يده (ع) وان الناس في المشرق والمغرب يرونه ويسمعونه وكل قوم يسمعون الحديث بلغتهم وانه (ع) كما مر عن ابي جعفر الباقر (ع): اذا قام وضع يده على رؤوس العباد فجمع‏بها عقولهم واكمل بها احلامهم . ومن الواضح ان المقصود باليد القدرة التي آتاها اللّه له علما، وهدى، وقوة حجة، وثم امكانية المراقبة والردع. وقد مر عن الامام الصادق (ع) انه (ع) يلهمه اللّه، فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه (559).
وبين هذا وذاك، وبما يقوم به من دعوة وتعريف وتعليم نظري وعملي يغير عقول الناس ونفوسهم وسلوكهم.
وقد روي عن حمران بن اعين عن ابي جعفر الباقر (ع) انه قال: وتؤتون الحكمة في زمانه حتى ان المراة لتقضي في بيتها بكتاب اللّه تعالى وسنة رسول اللّه (ص).
روى محمد بن عجلان عن ابي عبداللّه الصادق (ع) قال: (اذا قام القائم (ع) دعا الناس الى الاسلام جديدا وهداهم الى امر قد دثر، فضل عنه الجمهور، وانما سمي القائم‏مهديا لانه يهدي الى امر مضلول عنه، وسمي بالقائم لقيامه بالحق‏) . وعن الحسين بن خالد عن الامام علي بن موسى الرضا (ع) انه قال: (فاذا خرج اشرقت الارض بنور ربها ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم احد احدا).
ان وجه الفهم الصحيح للامر الجديد انه: الاسلام كما هو في النظرية والتطبيق ذلك هو المعنى المفروض بما قدمناه من وجوه المناقشة للتفسير المحرف ومن الوجوه التي يمكن ان تكون مقصودة، وهي جميعاتتماسك مع موقع المهدي (ع) بوصفه وصيا وامتدادا لرسول اللّه (ص) ومع دعوته وعمله التطبيقي بدءا من خطبته الاولى لدى الظهور حتى منتهى امره: ان الاسلام كماهو في واقعه اذا قيس ببعد الناس عنه في حياتهم نظريا وعمليا بين الانحراف والفسق والردة وبين تعدد الاجتهادات سيبدو كما قدمنا امرا جديدا في نظر الناس،ولكن ذلك امر وان يكون ما يجي‏ء به المهدي (ع) جديدا بالنسبة لاسس الاسلام، وبناه كما جاء بها القرآن والسنة امر آخر...
ومما يؤكد ذلك ما روي من:
خطبة المهدي (ع) عند اول ظهوره فعن جابر عن ابي جعفر (الباقر) قال (ع): (ثم يظهر المهدي (ع) بمكة عند العشاء ومعه راية رسول اللّه (ص) وقميصه وسيفه‏وعلامات ونور وبيان، فاذا صلى العشاء نادى باعلى صوته يقول: اذكركم اللّه، ايها الناس، ومقامكم بين يدي ربكم وقد اكد الحجة، وبعث الانبياء، وانزل الكتاب، يامركم‏ان لا تشركوا به شيئا، وان تحافظوا على طاعته، وطاعة رسوله (ص) وان تحيوا ما احيا القرآن، وتميتوا ما امات، وتكونوا اعوانا على الهدى ووزراء على التقوى، فان‏الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها، وآذنت بالوداع، واني ادعوكم الى اللّه والرسول والعمل بكتابه، واماتة الباطل، واحياء السنة‏) . وعن جابر عن ابي جعفر (الباقر) (ع) من حديث قال: (ويبعث السفياني بعثا الى المدينة، فينفر المهدي (ع) منها الى مكة، فيبلغ امير جيش السفياني ان المهدي (ع) قدخرج الى مكة، فيبعث جيشا على اثره فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفا يترقب على سنة موسى بن عمران قال: وينزل امير جيش السفياني البيداء فينادي مناد من السماء:يا بيداء ابيدي القوم فيخسف بهم‏) . الى ان يقول (ع): (والقائم يومئذ بمكة قد اسند ظهره الى البيت الحرام مستجيرا فينادي: يا ايها الناس، انا نستنصر اللّه ومن اجابنا، فانا اهل بيت نبيكم محمد، ونحن‏اولى الناس باللّه ومحمد (ص) فمن حاجني في آدم فانا اولى الناس بدم، ومن حاجني في نوح فانا اولى الناس بنوح، ومن حاجني في ابراهيم فانا اولى الناس بابراهيم‏ومن حاجني في محمد فانا اولى الناس بمحمد ومن حاجني في النبيين فانا اولى الناس بالنبيين...
اليس اللّه يقول في محكم كتابه: (ان اللّه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض، واللّه سميع عليم).
فانا بقية من آدم، وذخيرة من نوح ومصطفى من ابراهيم وصفوة من محمد (ص).
الا ومن حاجني في كتاب اللّه، فانا اولى الناس بكتاب اللّه، الا ومن حاجني في سنة رسول اللّه (ص) فانا اولى الناس بسنة رسول اللّه (ص).





المصدر
الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)