نووورا انا
16-09-2009, 09:08 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
ماذا سيفعل؟ ياتي بامر جديد ولكنه الاسلام
حاول بعض ادعياء البابية والمهدوية ان يقدموا لما ورد من الروايات التي تقول: "ان الامام المهدي (ع) ياتي بامر جديد" تفسيرا يعطيها معنى النسخ للشريعةالاسلامية، وهو قول بالنبوة بمعناها الاصطلاحي الذي يعني استقلال الرسالة اللاحقة لنبي عن الرسالة السابقة لنبي آر.
والغرض من هذه المحاولة الخبيثة والمنكرة، وما يشبهها، تاييد مسلكهم الغنوصي الباطني الضال في فهم النبوة، والتشريع اصلا، وتبرير استهانتهم بالكتاب والسنة، وما جاء فيهما من احكام وتكاليف . وسياتي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، ان شاء اللّ، من الشواهد التاريخية على ما ذكرناه عنهم نظريا وعمليا ما فيه الكفاية. اما هنا فان علينا التنبيه الى ان ما اعطوهمن تفسير لهذه الروايات باطل مفضوح، لا لان القرآن، والسنة الثابتة نصا على ختم النبوة (بمعناها الاصطلاحي) برسول اللّه محمد (ص) ونفياها عمن بعده،وذلك ما يجمع عليه المسلمون، وهو كما سبق ان ذكرنا ما يفرضه ايضا مقام محمد (ص) ورتبته السماوية في العالم المخلوق مبدا ومعادا، ولا لما ورد من احاديث تنفي نسخالشريعة الاسلامية الى يوم القيامة ، ولا لان موقع الامام المهدي (ع) كوصي لرسول اللّه (ص) وامتدا عنه، وشاهد لرسالته كآبائه الاحد عشر (ع) لا يسمح لهبالنسخ لما يلزم ذلك من مناقضة حتى ان بعض العلماء وقف عند ما ورد من ان الامام (ع) لا يقبل الجزية منالكتابيين وانه يقضي بعلمه من دون بينة وما يشبهذلك من مسائل تصور بعضهم كونها نسخا، واجاب بما يها عن ذلك .
بل ان هذه الروايات التي ذكرت ان الامام (ع) "ياتي بامر جديد" نفسها، وبالقرينة من داخلها ترفض هذا التفسير، وتتماسك هذه القرينة على المعنى المقصود فيها معالروايات التي وردت في العلامات العامة للظهور من جهة ومع ما ورد من دعوة الامام (ع) وعمله وسيرته من جهة ثنية لتعينه بصورة قاطعة لا تترك مجالا لاي معنىآخر. فلناخذ امثلة من هذه الروايات كالتي جاءت مسندة عن ابي بصير عن كامل عن ابي جعفر (ع) قال: قال (ع): ان قائمنا اذا قام دعا الناس الى امر جديد كما دعا رسول اللّه(ص)، وان الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغباء .
وكالتي وردت مسندة عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: قال (ع): الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء (516) فقلت: اشرح لي هذا اصلحك اللّه فقال (ع):
يستانف الداعي منا دعاء جديدا كما دعاء رسول اللّه(ص) . وفي رواية عن رسول اللّه (ص) حين سئل عن الغرباء:
من هم؟ قال (ص): الذين يصلحون اذفسد الناس الخ .
وروى بالاسناد الى عبداللّه بن عطاء قال: سالت ابا جعفر الباقر (ع) فقلت: اذا قام القائم (ع) باي سيرة يسير في الناس.. فقال (ع): يهدم ما قبله كما صنع رسول اللّه (ص)ويستانف الاسلام جديدا .
ان الامر الجديد، او الدعاء الجديد كما يبدو من المقارنة في قوله كما دعا رسول اللّه (ص) ثم قوله: بدا الاسلام غريبا ... انما هو بلحاظ غربة الاسلام حين يدعو الامام(ع) اليه انتهاء كغربته حين دعا اليه رسول اللّه (ص) ابتداء لا في اصل الدعوة، وهو ما نلمحه واضحا في الرواية الرابعة التي تقول: ويستانف الاسلام جديدا وقد تقدم فيما يصور حالة الامة وتردي اوضاعها عقائد وعلاقات واخلاقا قبيل الظهور في العلامات العامة، ما يساعد على استيعاب هذه الصورة لواقع علاقة الامة بالاسلام آنذاك.. واذا لاحظنا مضافا لذلك واقع تعدد الاجتدات بين المذاهب المختلفة في الكلام والحديث والتفسير والاصول والفقه حتى داخل المذهب الواحد. ولاحظنا نسبةالاحكام الظاهرية الى الواقعية، لاتضح لنا معنى الامر الجديد، حين يرفض الامام (ع) من ذلك ما يخالف الواقع.. لا فرق بين ما كان نظريا او عمليا منه، ان الفجو ستكون اذا لاحظنا ذلك بمجموعه واسعة جدا. وبذلك سيكون الامر جديدا بالفعل. قال الشريف رحمه اللّه معلقا على الحديث مجليا معناه: "هذا الكلام من محاسن الاستعارات، وبديع المجازات لانه (ع) جعل الاسلام غريبا في اول امره تشبيها بالرجلالغريب الذي قل انصاره، وبعددياره، لان الاسلام كان على هذه الصفة في اول ظهوره ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده وكثر اعوانه وضرب جرانه". وقوله (ع): وسيعود غريبا، اي يعود الى مثل الحال الاولى في قلة العاملين بشرائعه، والقائمين بوظائفه لا انه والعياذ باللّه تنمحي سماته وتدرس آياته (52).
ولذلك ورد في روايات قدمنا بعضها انه يلقى من الامة اشد مما لقي رسول اللّه (ص) نفسه وعللت ذلك بان الرسول (ص) اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبةالمنحوتة، وان القائم (ع) يخرجون عليه فيتاولون عليه كتاب اللّه ويقاتلون عليه .
والى ذلك اشار ابن عربي في ما اوردناه آنفا عنه لدى حديثه عن معارضة اهل المذاهب له تمسكا بمذاهبهم .
وهناك وجه آخر للامر الجديد، يتصل بوراثةالامام واصحابه للارض كلها، وهذا ما لم يكن وقد يصعب تصوره وذلك ما ورد في قوله سبحانه: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون).
اذا كان اللّه، سبحانه، برحمته لم يسمح في مرحلة التاسيس، للرسالة الاسلامية بدءا بصاحبها محمد (ص) واوصيائه حتى الحسن العسكري (ع) تجاوز الوسائل العادية فيالدعوة والمقابلة، فان الامر في المهدي (ع)، الثاني عشر من الاوصياء، لدى الظهور، ليس كذلك. ان الفسحة الزمنية الطويلة التي
اعطيت للناس لتفكر وتجربوتكشف من آيات اللّه في انفسها وفي الافاق، ثم لتتفاعل مع الرسالة في ضوء ذلك بمهل كافية لتقطع العذر على من يابى عنادا ان يسلم وجهه للّه، فان من المفهوم ان لايترك الامام (ع) مع ما لديه من العلم الذي يقيم به الحجة والقوة التي يخضع بها العدو مجالا لخيار وراء الاسلام ولذلك ورد انه لا يقبل الجزية من اهل الكتاب، وقدقدمنا في فقرة: كيف سينتصر؟ من هذا البحث شواهد من الروايات الواردة في ذلك بما فيها تلك التي تتصل بتفسير بعض الايات ومنها قوله تعالى: (ولقد كتبنا فيالزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون) [الانبياء: 105]. فان وراثة العباد الصالحين للارض لا تتمثل بدخول الجنة بعد القيامة، وان كان ذلك قد ورد في الحديث، لان الارض تبدل غير الارض هناك، ولان الجنة عرضهاالسموات والارض كما ورد في القرآن فلا مقارنة. ولكن وراثتها، كما في بعض الاحاديث، انما هي بظهور الامام المهدي (ع)، وقد قدمنا في آخر الفقرة السابقة من هذاالبحث ما ورد من ان اللّه يملكه مشارق الارض ومغاربها.
ومن ذلك ما ورد مسندا عن الثمالي عن علي بن الحسين (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): "الائمة من بعدي اثنا عشر، اولهم انت يا علي، وآخرهم القائمالذي يفتح اللّه، تعالى ذكره، على يديه مشارق الارض ومغاربها" . وعن حذيفة بن اليمان عن رسول اللّه (ص) من حديث قال: "فلا يبقى على وجه الارض الا من يقول: لا اله الا اللّه" .
وذكر ابن حجر الهيثمي في تزييف دعوى مدعي المهدوية في الهند في عصره: علامات المهدي وخصائص ظهوره، ومن جملتها ان اللّه "يملكه مشارق الارضومغاربها" . ومما جاء في تفسير الاية بذلك روايات منها: ما روي مسندا عن ابي الورد عن ابي جعفر (ع) قال (ع): قوله عز وجل: (... ان الارض يرثها عبادي الصالحون) قال: هم آلمحمد . ومما ورد مسندا عن ابي صادق قال: سالت ابا جعفر عن قول اللّه عز وجل: (ولقد كتبنا في الزبور) قال: هم نحن قال: قلت ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال (ع): هم شيعتنا.
وبالاسناد الى محمد بن عبداللّه بن الحسن عن ابي جعفر (ع) قال: قوله عز وجل: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون) هم اصحاب المهدي في آخر الزمان (528).
وورد في تفسير علي بن ابراهيم عند ذكر الاية ، ورواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابي جعفر (ع) قال: هم اصحاب المهدي في آخر الزمان .
ولا اشكال بما ورد من ان هذه الوراثة دخول الجنة حين يكون التفسير تطبيقا بان تكون الوراثة في هذه وتلك..
ومما يتصل بالتفسير الذي ذكر لهذه الاية، ويشهد له ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلفالذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون) [النور:55].
فالاستخلاف، مع التمكين المطلق، يقتضي وراثة الارض ككل والظهور على الامم كلها بحيث لا يبقى نظر اتقاء لاية جهة الا اللّه. وفي دعاء الافتتاح وهو يدعو للامامالمهدي (ع): استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا... اللّهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لايستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. وهذا ما ورد في الروايات عن اهل البيت (ع)، ففي حديث لامير المؤمنين علي (ع)، وهو يتحدث عن مرحلة التاسيس في عهد الرسول (ص) وما بعده وغلبة الاعداءلاوصياء الرسول (ص) قال(ع):
"كل ذلك ليتم النظرة التي اوجبها اللّه تبارك وتعالى لعدوه ابليس الى ان يبلغ الكتاب اجله، ويحق القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه اللّه في كتابهبقوله: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم). قال (ع): وذلك اذا لم يبق من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون اقرب الناساليه اشد عداوة له (531) وعند ذلك يؤيد اللّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيه على يديه على الدين كله ولو كره المشركون" . قال الطبرسي رحمه اللّه: والمروي عن اهل البيت (ع) انها (يعني الاية) في المهدي من آل محمد ).
قال: وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين (ع) انه قرا الاية وقال (ع): هم واللّه شيعتنا اهل البيت (ع) يفعل اللّه ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة،وهو الذي قال رسول اللّه (ص): "لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلماوجورا".
قال الطبرسي: وروى مثل ذلك عن ابي جعفر (الباقر) (ع) وابي عبداللّه (ع)، فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي (ص) واهل بيته صلوات الرحمنعليهم. وتضمنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف، والتمكين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع) ويكون المراد بقوله: (كما استخلف الذين من قبلهم) هوان جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان ويدل على ذلك قوله: (اني جاعل في الارض خليفة) و (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض) وقوله: (فقد آتينا آلابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناه ملكا عظيما) قال رحمه اللّه: "وعلى هذا اجماع العترة الطاهرة واجماعهم حجة لقول النبي (ص): "اني تارك فيكم الثقلين:
كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" وايضا فان التمكين في الارض على الاطلاق لم يتفق فهو منتظر لان اللّه عز اسمه لا يخلف وعده" (534). عن رفاعة بن موسى قال: سمعت ابا عبداللّه (ع) يقول: "وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها". قال:اذا قام القائم لا تبقى ارض الا نودي فيها بشهادة انلا اله الا اللّه، وان محمدا رسول اللّه". وعن ابي بكر عن ابي الحسن (ع) قال في رواية: "ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب احد الا وحد اللّه" .
ولا شك في ان ظهور اهل الايمان على الارض كلها وسيادة الرسالة الاسلامية بصورة مطلقة فيها امر جديد. وهو يعني عدم اقرار اهل الكتاب على دينهم بدفع الجزية.وهو ما ورد في الاحاديث عن اهل البيت (ع) وقد تقدم بعض منها، لان ارتفاع الشبهة بالعلم واقامة الحجة يجعل بقاءهم على دينهم معاندة للحق واصرارا علىالباطل. ومن مظاهر الامر الجديد: عمله بعلمه من دون بينة لقد وردت روايات عديدة تفيد انه (ع) يعمل بعلمه فلا يسال احدا بينة .
فبالاسناد عن سعدان بن مسلم عن بعض رجاله عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) انه قال: "بينما الرجل على راس القائم(ع) يامره وينهاه اذ قال: اديروه فيديرونه الى قدامهفيامر بضرب عنقه فلا يبقى في الخافقين شيء الا خافه" (537).وروى عبداللّه بن عجلان عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال"اذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم آل داود لا يحتا الى بينة يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه،ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم". قال اللّه سبحانه وتعالى: (ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) [الحجر: 75 و76].
للموضوع تتمة......
ماذا سيفعل؟ ياتي بامر جديد ولكنه الاسلام
حاول بعض ادعياء البابية والمهدوية ان يقدموا لما ورد من الروايات التي تقول: "ان الامام المهدي (ع) ياتي بامر جديد" تفسيرا يعطيها معنى النسخ للشريعةالاسلامية، وهو قول بالنبوة بمعناها الاصطلاحي الذي يعني استقلال الرسالة اللاحقة لنبي عن الرسالة السابقة لنبي آر.
والغرض من هذه المحاولة الخبيثة والمنكرة، وما يشبهها، تاييد مسلكهم الغنوصي الباطني الضال في فهم النبوة، والتشريع اصلا، وتبرير استهانتهم بالكتاب والسنة، وما جاء فيهما من احكام وتكاليف . وسياتي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، ان شاء اللّ، من الشواهد التاريخية على ما ذكرناه عنهم نظريا وعمليا ما فيه الكفاية. اما هنا فان علينا التنبيه الى ان ما اعطوهمن تفسير لهذه الروايات باطل مفضوح، لا لان القرآن، والسنة الثابتة نصا على ختم النبوة (بمعناها الاصطلاحي) برسول اللّه محمد (ص) ونفياها عمن بعده،وذلك ما يجمع عليه المسلمون، وهو كما سبق ان ذكرنا ما يفرضه ايضا مقام محمد (ص) ورتبته السماوية في العالم المخلوق مبدا ومعادا، ولا لما ورد من احاديث تنفي نسخالشريعة الاسلامية الى يوم القيامة ، ولا لان موقع الامام المهدي (ع) كوصي لرسول اللّه (ص) وامتدا عنه، وشاهد لرسالته كآبائه الاحد عشر (ع) لا يسمح لهبالنسخ لما يلزم ذلك من مناقضة حتى ان بعض العلماء وقف عند ما ورد من ان الامام (ع) لا يقبل الجزية منالكتابيين وانه يقضي بعلمه من دون بينة وما يشبهذلك من مسائل تصور بعضهم كونها نسخا، واجاب بما يها عن ذلك .
بل ان هذه الروايات التي ذكرت ان الامام (ع) "ياتي بامر جديد" نفسها، وبالقرينة من داخلها ترفض هذا التفسير، وتتماسك هذه القرينة على المعنى المقصود فيها معالروايات التي وردت في العلامات العامة للظهور من جهة ومع ما ورد من دعوة الامام (ع) وعمله وسيرته من جهة ثنية لتعينه بصورة قاطعة لا تترك مجالا لاي معنىآخر. فلناخذ امثلة من هذه الروايات كالتي جاءت مسندة عن ابي بصير عن كامل عن ابي جعفر (ع) قال: قال (ع): ان قائمنا اذا قام دعا الناس الى امر جديد كما دعا رسول اللّه(ص)، وان الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغباء .
وكالتي وردت مسندة عن ابي بصير عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال: قال (ع): الاسلام بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء (516) فقلت: اشرح لي هذا اصلحك اللّه فقال (ع):
يستانف الداعي منا دعاء جديدا كما دعاء رسول اللّه(ص) . وفي رواية عن رسول اللّه (ص) حين سئل عن الغرباء:
من هم؟ قال (ص): الذين يصلحون اذفسد الناس الخ .
وروى بالاسناد الى عبداللّه بن عطاء قال: سالت ابا جعفر الباقر (ع) فقلت: اذا قام القائم (ع) باي سيرة يسير في الناس.. فقال (ع): يهدم ما قبله كما صنع رسول اللّه (ص)ويستانف الاسلام جديدا .
ان الامر الجديد، او الدعاء الجديد كما يبدو من المقارنة في قوله كما دعا رسول اللّه (ص) ثم قوله: بدا الاسلام غريبا ... انما هو بلحاظ غربة الاسلام حين يدعو الامام(ع) اليه انتهاء كغربته حين دعا اليه رسول اللّه (ص) ابتداء لا في اصل الدعوة، وهو ما نلمحه واضحا في الرواية الرابعة التي تقول: ويستانف الاسلام جديدا وقد تقدم فيما يصور حالة الامة وتردي اوضاعها عقائد وعلاقات واخلاقا قبيل الظهور في العلامات العامة، ما يساعد على استيعاب هذه الصورة لواقع علاقة الامة بالاسلام آنذاك.. واذا لاحظنا مضافا لذلك واقع تعدد الاجتدات بين المذاهب المختلفة في الكلام والحديث والتفسير والاصول والفقه حتى داخل المذهب الواحد. ولاحظنا نسبةالاحكام الظاهرية الى الواقعية، لاتضح لنا معنى الامر الجديد، حين يرفض الامام (ع) من ذلك ما يخالف الواقع.. لا فرق بين ما كان نظريا او عمليا منه، ان الفجو ستكون اذا لاحظنا ذلك بمجموعه واسعة جدا. وبذلك سيكون الامر جديدا بالفعل. قال الشريف رحمه اللّه معلقا على الحديث مجليا معناه: "هذا الكلام من محاسن الاستعارات، وبديع المجازات لانه (ع) جعل الاسلام غريبا في اول امره تشبيها بالرجلالغريب الذي قل انصاره، وبعددياره، لان الاسلام كان على هذه الصفة في اول ظهوره ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده وكثر اعوانه وضرب جرانه". وقوله (ع): وسيعود غريبا، اي يعود الى مثل الحال الاولى في قلة العاملين بشرائعه، والقائمين بوظائفه لا انه والعياذ باللّه تنمحي سماته وتدرس آياته (52).
ولذلك ورد في روايات قدمنا بعضها انه يلقى من الامة اشد مما لقي رسول اللّه (ص) نفسه وعللت ذلك بان الرسول (ص) اتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة والخشبةالمنحوتة، وان القائم (ع) يخرجون عليه فيتاولون عليه كتاب اللّه ويقاتلون عليه .
والى ذلك اشار ابن عربي في ما اوردناه آنفا عنه لدى حديثه عن معارضة اهل المذاهب له تمسكا بمذاهبهم .
وهناك وجه آخر للامر الجديد، يتصل بوراثةالامام واصحابه للارض كلها، وهذا ما لم يكن وقد يصعب تصوره وذلك ما ورد في قوله سبحانه: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون).
اذا كان اللّه، سبحانه، برحمته لم يسمح في مرحلة التاسيس، للرسالة الاسلامية بدءا بصاحبها محمد (ص) واوصيائه حتى الحسن العسكري (ع) تجاوز الوسائل العادية فيالدعوة والمقابلة، فان الامر في المهدي (ع)، الثاني عشر من الاوصياء، لدى الظهور، ليس كذلك. ان الفسحة الزمنية الطويلة التي
اعطيت للناس لتفكر وتجربوتكشف من آيات اللّه في انفسها وفي الافاق، ثم لتتفاعل مع الرسالة في ضوء ذلك بمهل كافية لتقطع العذر على من يابى عنادا ان يسلم وجهه للّه، فان من المفهوم ان لايترك الامام (ع) مع ما لديه من العلم الذي يقيم به الحجة والقوة التي يخضع بها العدو مجالا لخيار وراء الاسلام ولذلك ورد انه لا يقبل الجزية من اهل الكتاب، وقدقدمنا في فقرة: كيف سينتصر؟ من هذا البحث شواهد من الروايات الواردة في ذلك بما فيها تلك التي تتصل بتفسير بعض الايات ومنها قوله تعالى: (ولقد كتبنا فيالزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون) [الانبياء: 105]. فان وراثة العباد الصالحين للارض لا تتمثل بدخول الجنة بعد القيامة، وان كان ذلك قد ورد في الحديث، لان الارض تبدل غير الارض هناك، ولان الجنة عرضهاالسموات والارض كما ورد في القرآن فلا مقارنة. ولكن وراثتها، كما في بعض الاحاديث، انما هي بظهور الامام المهدي (ع)، وقد قدمنا في آخر الفقرة السابقة من هذاالبحث ما ورد من ان اللّه يملكه مشارق الارض ومغاربها.
ومن ذلك ما ورد مسندا عن الثمالي عن علي بن الحسين (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): "الائمة من بعدي اثنا عشر، اولهم انت يا علي، وآخرهم القائمالذي يفتح اللّه، تعالى ذكره، على يديه مشارق الارض ومغاربها" . وعن حذيفة بن اليمان عن رسول اللّه (ص) من حديث قال: "فلا يبقى على وجه الارض الا من يقول: لا اله الا اللّه" .
وذكر ابن حجر الهيثمي في تزييف دعوى مدعي المهدوية في الهند في عصره: علامات المهدي وخصائص ظهوره، ومن جملتها ان اللّه "يملكه مشارق الارضومغاربها" . ومما جاء في تفسير الاية بذلك روايات منها: ما روي مسندا عن ابي الورد عن ابي جعفر (ع) قال (ع): قوله عز وجل: (... ان الارض يرثها عبادي الصالحون) قال: هم آلمحمد . ومما ورد مسندا عن ابي صادق قال: سالت ابا جعفر عن قول اللّه عز وجل: (ولقد كتبنا في الزبور) قال: هم نحن قال: قلت ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال (ع): هم شيعتنا.
وبالاسناد الى محمد بن عبداللّه بن الحسن عن ابي جعفر (ع) قال: قوله عز وجل: (ان الارض يرثها عبادي الصالحون) هم اصحاب المهدي في آخر الزمان (528).
وورد في تفسير علي بن ابراهيم عند ذكر الاية ، ورواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابي جعفر (ع) قال: هم اصحاب المهدي في آخر الزمان .
ولا اشكال بما ورد من ان هذه الوراثة دخول الجنة حين يكون التفسير تطبيقا بان تكون الوراثة في هذه وتلك..
ومما يتصل بالتفسير الذي ذكر لهذه الاية، ويشهد له ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلفالذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون) [النور:55].
فالاستخلاف، مع التمكين المطلق، يقتضي وراثة الارض ككل والظهور على الامم كلها بحيث لا يبقى نظر اتقاء لاية جهة الا اللّه. وفي دعاء الافتتاح وهو يدعو للامامالمهدي (ع): استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا... اللّهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لايستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. وهذا ما ورد في الروايات عن اهل البيت (ع)، ففي حديث لامير المؤمنين علي (ع)، وهو يتحدث عن مرحلة التاسيس في عهد الرسول (ص) وما بعده وغلبة الاعداءلاوصياء الرسول (ص) قال(ع):
"كل ذلك ليتم النظرة التي اوجبها اللّه تبارك وتعالى لعدوه ابليس الى ان يبلغ الكتاب اجله، ويحق القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق الذي بينه اللّه في كتابهبقوله: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم). قال (ع): وذلك اذا لم يبق من الاسلام الا اسمه ومن القرآن الا رسمه، وغاب صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب حتى يكون اقرب الناساليه اشد عداوة له (531) وعند ذلك يؤيد اللّه بجنود لم يروها، ويظهر دين نبيه على يديه على الدين كله ولو كره المشركون" . قال الطبرسي رحمه اللّه: والمروي عن اهل البيت (ع) انها (يعني الاية) في المهدي من آل محمد ).
قال: وروى العياشي باسناده عن علي بن الحسين (ع) انه قرا الاية وقال (ع): هم واللّه شيعتنا اهل البيت (ع) يفعل اللّه ذلك بهم على يدي رجل منا وهو مهدي هذه الامة،وهو الذي قال رسول اللّه (ص): "لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلماوجورا".
قال الطبرسي: وروى مثل ذلك عن ابي جعفر (الباقر) (ع) وابي عبداللّه (ع)، فعلى هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي (ص) واهل بيته صلوات الرحمنعليهم. وتضمنت الاية البشارة لهم بالاستخلاف، والتمكين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع) ويكون المراد بقوله: (كما استخلف الذين من قبلهم) هوان جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان ويدل على ذلك قوله: (اني جاعل في الارض خليفة) و (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض) وقوله: (فقد آتينا آلابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناه ملكا عظيما) قال رحمه اللّه: "وعلى هذا اجماع العترة الطاهرة واجماعهم حجة لقول النبي (ص): "اني تارك فيكم الثقلين:
كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" وايضا فان التمكين في الارض على الاطلاق لم يتفق فهو منتظر لان اللّه عز اسمه لا يخلف وعده" (534). عن رفاعة بن موسى قال: سمعت ابا عبداللّه (ع) يقول: "وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها". قال:اذا قام القائم لا تبقى ارض الا نودي فيها بشهادة انلا اله الا اللّه، وان محمدا رسول اللّه". وعن ابي بكر عن ابي الحسن (ع) قال في رواية: "ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب احد الا وحد اللّه" .
ولا شك في ان ظهور اهل الايمان على الارض كلها وسيادة الرسالة الاسلامية بصورة مطلقة فيها امر جديد. وهو يعني عدم اقرار اهل الكتاب على دينهم بدفع الجزية.وهو ما ورد في الاحاديث عن اهل البيت (ع) وقد تقدم بعض منها، لان ارتفاع الشبهة بالعلم واقامة الحجة يجعل بقاءهم على دينهم معاندة للحق واصرارا علىالباطل. ومن مظاهر الامر الجديد: عمله بعلمه من دون بينة لقد وردت روايات عديدة تفيد انه (ع) يعمل بعلمه فلا يسال احدا بينة .
فبالاسناد عن سعدان بن مسلم عن بعض رجاله عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) انه قال: "بينما الرجل على راس القائم(ع) يامره وينهاه اذ قال: اديروه فيديرونه الى قدامهفيامر بضرب عنقه فلا يبقى في الخافقين شيء الا خافه" (537).وروى عبداللّه بن عجلان عن ابي عبداللّه (الصادق) (ع) قال"اذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم آل داود لا يحتا الى بينة يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه،ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم". قال اللّه سبحانه وتعالى: (ان في ذلك لايات للمتوسمين وانها لبسبيل مقيم) [الحجر: 75 و76].
للموضوع تتمة......