نووورا انا
30-09-2009, 11:32 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
النور المتألق ومعنى الأمر الذي ينزل عليه
سماحة السيد كمال الحيدري/ مجلة الانتظار
الحديث عن الامام الحجة عليه السلام حديث عن حجة إلهي يعيش معنا، ويطلع على كل شيء يرتبط بنا في كل يوم وليلة، والروايات على هذا كثيرة، ولكن سوف لن يكون حديثنا في هذا الاتجاه، اتجاه شهادة الأعمال وغيرها من قبله عليه السلام فإن له مقاماً آخر.
ويقع الحديث في بيان بعض مقامات الإمام عليه السلام الذي نعتقد بوجوده وحياته، وبعبارة نريد الإجابة عن التساؤل الذي يدور في بعض الأذهان عن سبب الاهتمام بالإمام الحجة عليه السلام من حيث ميلاده ذلك الاهتمام الخاص، وإن كنا بطبيعة الحال نهتم بجميع مواليد الأئمة عليهم السلام لاسيما سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
فهل أن القضية تتعلق بالجانب العاطفي المحض؟! أو أن في القضية سراً آخر وخصوصية معينة؟
بحيث تستحق قضية حياة الإمام الحجة وميلاده عليه السلام هذا الاهتمام الأكيد.
تمهيد:
حديث الكوكب الدّرّيّ
نبدأ حديثنا هذا بقراءة رواية مباركة رواها الامام جعفر الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(لمّا أُسري بي الى السماء أوحى إلي ربي فقال: يا محمد إني اطلعت الى الأرض إطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك اسماً من أسمائي فأنا المحمود وأنت محمد، ثم أطلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيَّك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين، يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.
يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يارب، فقال عزوجل: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دُرّي.
قلت: يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحةٌ لأوليائي.
وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري.
هذا والاشارة أنتم أعلم بها فإنهم فتنوا الناس وأضلوهم عن طريق الصواب وهذه المسألة مرتبطة بأبحاث الظهور.
دعاء مبارك:
وقد ورد هذا الدعاء الذي هو بمثابة زيارة للإمام القائم عليه السلام في ليلة النصف من شعبان المعظم وهوhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(اللهم بحق ليلتنا ومولودها وحجتك وموعودها التي قرنت الى فضلها فضلاً فتمت كلمتك صدقاً وعدلاً لا مبدِّل لكلماتك ولا معقِّب لآياتك نورك المتألق وضياؤك المشرق والعلم النور في طخياء الديجور الغائب المستور جل مولده وكرم مَحْتده والملائكة شُهَّدُهُ والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده والملائكة أمداده، سيف الله الذي لا ينبو ونوره الذي لا يخبو وذو الحلم الذي لا يصبو، مدار الدهر ونواميس العصر وولاة الأمر والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر وأصحاب الحشر والنشر وتراجمة وحيه وولاة أمره ونهيه...)). ونريد الوقوف على بعض المقاطع والأبعاد في الدعاء الشريف، ثم ندخل في البحث القرآني وهذه الأبعاد هي:
أولاً: نورك المتألق، ونوره الذي لا يخبو.
ثانياً: مدار الدهر.
ثالثاً: ولاة الأمر والمنزَّل عليهم ما يتنزّل في ليلة القدر.
رابعاً: ولاة أمره ونهيه.
البعد الأولhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifالنور المتألق)
وفيما يتعلق بوصف الإمام الحجة عليه السلام بالنور المتألق في مقطعين أو أكثر في الدعاء المبارك، فقد قال الله تقدس وتباركhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ))(1).
وتشبهها الآية الثامنة من سورة الصف.
فيتضح المراد بنوره تعالى في الآية المباركة؛ إذ أن الوعاء جاء فيه عن الامام عليه السلام: ونورك الذي لا يخبو. والتعبير القرآني كالعادة جدُّ دقيق، فلماذا يريدون أن يطفئوا نور الله تعالى أليس هم قد جيَّشوا الجيوش والإمكانات وسخّروا أموالهم واقتصادهم وكل ما يمكنهم لإطفاء نور الله تعالى، فما معنى التعبير بإرادة إطفاء النور بالأفواه؟ يجيب عنه المفسرون أنه كان تحقيراً وتصغيراً لهم فكل أعمالهم قبال النور الإلهي من قبيل ما ينفخه الانسان من هواء، فهذه إرادة الله تعالى التي لو جمعت كل إمكانات العالم قبالها لما كانت إلاّ هباءً منبثاً.
هذا بالنسبة للمورد الأول في كتاب الله تعالى، والمورد الآخر ما في آية النور المباركةhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ)) فالسماوات والأرض قد أشرقت بنور الله.
أما ما هو نور الله؟ يجيبنا الدعاء: نوره الذي لا يخبو، نورك المتألق، وضياؤك المشرق، العَلَم النور.
لأن هذا النور كان سبباً من الله تعالى لإشراق السماوات والأرض. وتوجد كلمة أخرى نطالعها في الآية هي((كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)) والتي هي زجاجة النور، وقد قرأنا في رواية الإسراء أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد رأى الحجة عليه السلام كأنه كوكب درّي.
إذن فالآيات المباركة تشير إلى بعض أبعاد مقاماته عليه السلام.
ونكتفي بهذا لضيق المجال.
البعد الثانيhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifمدار الدهر)
وجاء في الدعاء المبارك أيضاً أنه(مدار الدهر) ولنقف عنده قليلاً، المدار هو محل دوران الأشياء؛ أي أن الدهر يدور حوله عليه السلام.
لكن ما معنى أن الدهر يدور عليه؟ هنا أيضاً أحاول أن أرجع الى القرآن الكريم مرة أخرى.
نحن نعلم أن القرآن يشير إلى حقيقة أن كل شيء بدأ من الله تعالى وكل شيء يرجع إليه وصريح الآيات يثبت هذه الحقيقة(إنا لله وإنا إليه راجعون) ولهذا تجد علماءنا قد عرّفوا الموت إنه رجوع إلى الله وانقطاع إليه عمّن سواه.
فهو يرجع إلى موطنه الاصلي، فلذا بعضهم يفسر(حبّ الوطن من الايمان) بهذا المعنى لا الوطن المادي، فالانسان جاء من الله واليه يريد الرجوع فليس الوطن هو التراب والحدود في الحديث، نعم هو أحد معانيه ولا يتنافى ذلك وجوب الدفاع عن الوطن الاسلامي.
وهكذا توجد آيات كثيرة في القرآن الكريم تشير إلى أن كل شيء منه تعالى وإليه رجوعه، لذا قال الله تعالى في سورة الحديد(هو الأول والآخر) وقد قال أمير المؤمنين عليه السلامhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifليس لصفته حدٌ محدود) فليس هو تعالى محدوداً بحدّ حتى نبدأ بنقطة وننتهي بنقطة كما في هذا الكتاب تقول هذا أوله وهذا آخره!
بل إن من معاني(الأول والآخر) أن كل شيء يبدأ منه وكل شيء ينتهي إليه، بمعنى أن الآخر مرجعه إلى الأول، وأن الأول يبدأ من حيث ينتهي الآخر.
لذا تقرأ في الآية المباركةhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifيدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثمَ يعرُج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدُّون)(2).
فالقرآن يشير إلى هذه الحقيقة: أن كل شيء يبدأ منه وإليه ينتهي تعالى، لذا تجد كلمة قيمة للعرفاء وهي إن الغايات هي إلى البدايات.
فغاية الإنسان الرجوع إلى ما بدأ منه وقد بدأ من الله فغايتك الرجوع إليه تعالى(وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) (3)، فالقرآن يشير إلى هذه الحقيقة الواضحة المهمة(يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربَّك كدحاً فملاقيه) الانشقاق.
فهذا هو الصعود إلى الله تعالى.
لكننا نتساءل عن هذا الصعود والنزول المعنوي بأي نحو هو؟
ويمكن أن نتصور حالتين:
الأولى: إن النزول من الله تعالى يكون بنحو الخط المستقيم والصعود كذلك.
لكن هل هذان الخطان يلتقيان؟ كلا وهو واضح في علم الهندسة فلا يستطاع القول إن البداية هي النهاية.
الثانية: أن نفترض أن النزول من الله تعالى على شبه قوس والصعود إليه شبه قوس آخر، فمباشرة النقطة التي بدأت منها الدائرة تنتهي إلى ما بدأت منه فالنهاية هي البداية.
فإذا أردنا أن نُمثّل لعالمنا الذي خلقه الله فنستطيع أن نقول قوس النزول وقوس العروج والصعود، وهما معاً يشكلان دائرة، هذا ولكل دائرة قطب مركز، فما هو قطب هذا العالم؟
كأن الدعاء يريد أن الدهر بل العالم كله يدور أمره على الحجة عليه السلام(لولا الإمام لساخت الأرض بأهلها)
بمعنى: لساخ العالم كله ولولا الحجة لما بقي على صلاحه ولتلاشى العالم كله، فهو قطب العالم كله، لذا يعبر على اللسان بما هو شائع عن الإمام الحجة عليه السلام انه قطب عالم الامكان، وهو إشارة إلى أنه مركزهم، وما أروع الشاهد في الرواية التي بدأنا الحديث بها والحجة في وسطهم كأنه كوكب دري.
فمن الطبيعي أن تجد ذلك الاهتمام الكبير في الاحاديث الشريفة عن الإمام الحجة عليه السلام، بل ما من نبي إلا وبشَّر بالحجة عليه السلام، ولعلنا ذكرنا هذا المطلب في بعض الأمكنة، وقد بينا إننا عندما نراجع سير الأنبياء عليهم السلام نجدهم يؤكدون على ثلاثة محاور:
المحور الأول: النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحور الثاني: الإمام الحسين عليه السلام.
المحور الثالث: ظهور الإمام المهدي عليه السلام.
وهذه من المحاور الأصلية في الإسلام: النبوة ومحور الإمام الحسين عليه السلام ومحور ظهور العدالة الكبرى والامام القائم، وأرجو أن نوفق للإشارة إلى هذه المطالب في المحل المناسب إن شاء الله.
فهذه الحقيقة الثانية والبعد الثاني هو أن المهدي عليه السلام مدار الدهر.
البعد الثالث: (ولاة الأمر)
قوله عليه السلام: وولاة الأمر والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر.
وهنا أيضاً نرجع إلى القرآن على القاعدة في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.
فلذا تجد أننا في أي مقطع من الدعاء نعرضه على الكتاب العزيز، قال الله تعالى شأنه(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربَِّهم من كل أمرٍ سلامٌ هي حتى مطلع الفجر) القدر.
فالدعاء قد جاء فيه(والمنزَّل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر) أما ما هو المنزَّل؟
الجواب:
إنه تنزُّل الملائكة مع الروح.
وهؤلاء الذين يتصورون أن الملائكة عليهم السلام لا يتنزلون إلا على الانبياء عليهم السلام فليقرئوا الآيات والروايات ليعرفوا هل أن النزول مختص بالانبياء أو لا؟!
هذا وتوجد قاعدة في علم الاصول: إنه إذا كان هناك جمع وصار فيه ألف لام التعريف فإنه يدل على العموم الإستغراقي. فمرة تقول علماء فهو جمع وأقله ثلاثة.
وتارة تقول العلماء وأنت بهذا لا تستثني أحداً منهم فلو قيل لك(أكرم العلماء) فإن مدلوله هو وجوب إكرام كل عالم.
والآية حينما تقول(تنزَّل الملائكة) فلا يبقى ملك إلا وينزل لعموم اللفظ.
فالآية تقول إن كل الملائكة ينزلون على الحجة عليه السلام في ليلة القدر المباركة.
طبعاً وإثبات شيء لا ينفي ما عداه فلا يعني ذلك عدم نزول الملائكة في ليالٍ أخرى.
ونريد الوقوف قليلاً عند الملائكة، فمن هم الملائكة؟ ونشير إلى بعض أقسام الملائكة، فمنها ما هو مذكور في سورة التكوير(انه لقول رسول كريم) فالوصف الأول هو كونه رسولاً والوصف الثاني كونه كريماً(ذي قوة عند ذي العرش مكين) فهو مكين قوي عند ذي العرش وهو الله سبحانه رب العرش العظيم، وله مكانة عالية عنده تعالى، كما أنه مطاع فهو من سادة الملائكة عليهم السلام ورؤسائهم كما أنه مطاع في السموات، وحبذا لو يرجع إلى روايات المعراج.
فقد كان مصاحباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان يأمر الملائكة، فيأمر ملك الموت ويقول له إفعل كذا مثلاً، يأمر خازن جهنم _نعوذ بالله منها_ فيفعل، فهم جميعاً مأمورون بأمره،(مطاع ثم أمين) ووصفه بالامانة من الله تبارك وتعالى يدل على عظيم أمانته.
يتبع....
النور المتألق ومعنى الأمر الذي ينزل عليه
سماحة السيد كمال الحيدري/ مجلة الانتظار
الحديث عن الامام الحجة عليه السلام حديث عن حجة إلهي يعيش معنا، ويطلع على كل شيء يرتبط بنا في كل يوم وليلة، والروايات على هذا كثيرة، ولكن سوف لن يكون حديثنا في هذا الاتجاه، اتجاه شهادة الأعمال وغيرها من قبله عليه السلام فإن له مقاماً آخر.
ويقع الحديث في بيان بعض مقامات الإمام عليه السلام الذي نعتقد بوجوده وحياته، وبعبارة نريد الإجابة عن التساؤل الذي يدور في بعض الأذهان عن سبب الاهتمام بالإمام الحجة عليه السلام من حيث ميلاده ذلك الاهتمام الخاص، وإن كنا بطبيعة الحال نهتم بجميع مواليد الأئمة عليهم السلام لاسيما سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
فهل أن القضية تتعلق بالجانب العاطفي المحض؟! أو أن في القضية سراً آخر وخصوصية معينة؟
بحيث تستحق قضية حياة الإمام الحجة وميلاده عليه السلام هذا الاهتمام الأكيد.
تمهيد:
حديث الكوكب الدّرّيّ
نبدأ حديثنا هذا بقراءة رواية مباركة رواها الامام جعفر الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(لمّا أُسري بي الى السماء أوحى إلي ربي فقال: يا محمد إني اطلعت الى الأرض إطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك اسماً من أسمائي فأنا المحمود وأنت محمد، ثم أطلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيَّك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين، يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.
يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يارب، فقال عزوجل: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دُرّي.
قلت: يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحةٌ لأوليائي.
وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري.
هذا والاشارة أنتم أعلم بها فإنهم فتنوا الناس وأضلوهم عن طريق الصواب وهذه المسألة مرتبطة بأبحاث الظهور.
دعاء مبارك:
وقد ورد هذا الدعاء الذي هو بمثابة زيارة للإمام القائم عليه السلام في ليلة النصف من شعبان المعظم وهوhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(اللهم بحق ليلتنا ومولودها وحجتك وموعودها التي قرنت الى فضلها فضلاً فتمت كلمتك صدقاً وعدلاً لا مبدِّل لكلماتك ولا معقِّب لآياتك نورك المتألق وضياؤك المشرق والعلم النور في طخياء الديجور الغائب المستور جل مولده وكرم مَحْتده والملائكة شُهَّدُهُ والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده والملائكة أمداده، سيف الله الذي لا ينبو ونوره الذي لا يخبو وذو الحلم الذي لا يصبو، مدار الدهر ونواميس العصر وولاة الأمر والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر وأصحاب الحشر والنشر وتراجمة وحيه وولاة أمره ونهيه...)). ونريد الوقوف على بعض المقاطع والأبعاد في الدعاء الشريف، ثم ندخل في البحث القرآني وهذه الأبعاد هي:
أولاً: نورك المتألق، ونوره الذي لا يخبو.
ثانياً: مدار الدهر.
ثالثاً: ولاة الأمر والمنزَّل عليهم ما يتنزّل في ليلة القدر.
رابعاً: ولاة أمره ونهيه.
البعد الأولhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifالنور المتألق)
وفيما يتعلق بوصف الإمام الحجة عليه السلام بالنور المتألق في مقطعين أو أكثر في الدعاء المبارك، فقد قال الله تقدس وتباركhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ))(1).
وتشبهها الآية الثامنة من سورة الصف.
فيتضح المراد بنوره تعالى في الآية المباركة؛ إذ أن الوعاء جاء فيه عن الامام عليه السلام: ونورك الذي لا يخبو. والتعبير القرآني كالعادة جدُّ دقيق، فلماذا يريدون أن يطفئوا نور الله تعالى أليس هم قد جيَّشوا الجيوش والإمكانات وسخّروا أموالهم واقتصادهم وكل ما يمكنهم لإطفاء نور الله تعالى، فما معنى التعبير بإرادة إطفاء النور بالأفواه؟ يجيب عنه المفسرون أنه كان تحقيراً وتصغيراً لهم فكل أعمالهم قبال النور الإلهي من قبيل ما ينفخه الانسان من هواء، فهذه إرادة الله تعالى التي لو جمعت كل إمكانات العالم قبالها لما كانت إلاّ هباءً منبثاً.
هذا بالنسبة للمورد الأول في كتاب الله تعالى، والمورد الآخر ما في آية النور المباركةhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gif(اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ)) فالسماوات والأرض قد أشرقت بنور الله.
أما ما هو نور الله؟ يجيبنا الدعاء: نوره الذي لا يخبو، نورك المتألق، وضياؤك المشرق، العَلَم النور.
لأن هذا النور كان سبباً من الله تعالى لإشراق السماوات والأرض. وتوجد كلمة أخرى نطالعها في الآية هي((كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)) والتي هي زجاجة النور، وقد قرأنا في رواية الإسراء أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد رأى الحجة عليه السلام كأنه كوكب درّي.
إذن فالآيات المباركة تشير إلى بعض أبعاد مقاماته عليه السلام.
ونكتفي بهذا لضيق المجال.
البعد الثانيhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifمدار الدهر)
وجاء في الدعاء المبارك أيضاً أنه(مدار الدهر) ولنقف عنده قليلاً، المدار هو محل دوران الأشياء؛ أي أن الدهر يدور حوله عليه السلام.
لكن ما معنى أن الدهر يدور عليه؟ هنا أيضاً أحاول أن أرجع الى القرآن الكريم مرة أخرى.
نحن نعلم أن القرآن يشير إلى حقيقة أن كل شيء بدأ من الله تعالى وكل شيء يرجع إليه وصريح الآيات يثبت هذه الحقيقة(إنا لله وإنا إليه راجعون) ولهذا تجد علماءنا قد عرّفوا الموت إنه رجوع إلى الله وانقطاع إليه عمّن سواه.
فهو يرجع إلى موطنه الاصلي، فلذا بعضهم يفسر(حبّ الوطن من الايمان) بهذا المعنى لا الوطن المادي، فالانسان جاء من الله واليه يريد الرجوع فليس الوطن هو التراب والحدود في الحديث، نعم هو أحد معانيه ولا يتنافى ذلك وجوب الدفاع عن الوطن الاسلامي.
وهكذا توجد آيات كثيرة في القرآن الكريم تشير إلى أن كل شيء منه تعالى وإليه رجوعه، لذا قال الله تعالى في سورة الحديد(هو الأول والآخر) وقد قال أمير المؤمنين عليه السلامhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifليس لصفته حدٌ محدود) فليس هو تعالى محدوداً بحدّ حتى نبدأ بنقطة وننتهي بنقطة كما في هذا الكتاب تقول هذا أوله وهذا آخره!
بل إن من معاني(الأول والآخر) أن كل شيء يبدأ منه وكل شيء ينتهي إليه، بمعنى أن الآخر مرجعه إلى الأول، وأن الأول يبدأ من حيث ينتهي الآخر.
لذا تقرأ في الآية المباركةhttp://www.m-mahdi.com/forum/images/smilies/frown.gifيدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثمَ يعرُج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدُّون)(2).
فالقرآن يشير إلى هذه الحقيقة: أن كل شيء يبدأ منه وإليه ينتهي تعالى، لذا تجد كلمة قيمة للعرفاء وهي إن الغايات هي إلى البدايات.
فغاية الإنسان الرجوع إلى ما بدأ منه وقد بدأ من الله فغايتك الرجوع إليه تعالى(وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) (3)، فالقرآن يشير إلى هذه الحقيقة الواضحة المهمة(يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربَّك كدحاً فملاقيه) الانشقاق.
فهذا هو الصعود إلى الله تعالى.
لكننا نتساءل عن هذا الصعود والنزول المعنوي بأي نحو هو؟
ويمكن أن نتصور حالتين:
الأولى: إن النزول من الله تعالى يكون بنحو الخط المستقيم والصعود كذلك.
لكن هل هذان الخطان يلتقيان؟ كلا وهو واضح في علم الهندسة فلا يستطاع القول إن البداية هي النهاية.
الثانية: أن نفترض أن النزول من الله تعالى على شبه قوس والصعود إليه شبه قوس آخر، فمباشرة النقطة التي بدأت منها الدائرة تنتهي إلى ما بدأت منه فالنهاية هي البداية.
فإذا أردنا أن نُمثّل لعالمنا الذي خلقه الله فنستطيع أن نقول قوس النزول وقوس العروج والصعود، وهما معاً يشكلان دائرة، هذا ولكل دائرة قطب مركز، فما هو قطب هذا العالم؟
كأن الدعاء يريد أن الدهر بل العالم كله يدور أمره على الحجة عليه السلام(لولا الإمام لساخت الأرض بأهلها)
بمعنى: لساخ العالم كله ولولا الحجة لما بقي على صلاحه ولتلاشى العالم كله، فهو قطب العالم كله، لذا يعبر على اللسان بما هو شائع عن الإمام الحجة عليه السلام انه قطب عالم الامكان، وهو إشارة إلى أنه مركزهم، وما أروع الشاهد في الرواية التي بدأنا الحديث بها والحجة في وسطهم كأنه كوكب دري.
فمن الطبيعي أن تجد ذلك الاهتمام الكبير في الاحاديث الشريفة عن الإمام الحجة عليه السلام، بل ما من نبي إلا وبشَّر بالحجة عليه السلام، ولعلنا ذكرنا هذا المطلب في بعض الأمكنة، وقد بينا إننا عندما نراجع سير الأنبياء عليهم السلام نجدهم يؤكدون على ثلاثة محاور:
المحور الأول: النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحور الثاني: الإمام الحسين عليه السلام.
المحور الثالث: ظهور الإمام المهدي عليه السلام.
وهذه من المحاور الأصلية في الإسلام: النبوة ومحور الإمام الحسين عليه السلام ومحور ظهور العدالة الكبرى والامام القائم، وأرجو أن نوفق للإشارة إلى هذه المطالب في المحل المناسب إن شاء الله.
فهذه الحقيقة الثانية والبعد الثاني هو أن المهدي عليه السلام مدار الدهر.
البعد الثالث: (ولاة الأمر)
قوله عليه السلام: وولاة الأمر والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر.
وهنا أيضاً نرجع إلى القرآن على القاعدة في كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.
فلذا تجد أننا في أي مقطع من الدعاء نعرضه على الكتاب العزيز، قال الله تعالى شأنه(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربَِّهم من كل أمرٍ سلامٌ هي حتى مطلع الفجر) القدر.
فالدعاء قد جاء فيه(والمنزَّل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر) أما ما هو المنزَّل؟
الجواب:
إنه تنزُّل الملائكة مع الروح.
وهؤلاء الذين يتصورون أن الملائكة عليهم السلام لا يتنزلون إلا على الانبياء عليهم السلام فليقرئوا الآيات والروايات ليعرفوا هل أن النزول مختص بالانبياء أو لا؟!
هذا وتوجد قاعدة في علم الاصول: إنه إذا كان هناك جمع وصار فيه ألف لام التعريف فإنه يدل على العموم الإستغراقي. فمرة تقول علماء فهو جمع وأقله ثلاثة.
وتارة تقول العلماء وأنت بهذا لا تستثني أحداً منهم فلو قيل لك(أكرم العلماء) فإن مدلوله هو وجوب إكرام كل عالم.
والآية حينما تقول(تنزَّل الملائكة) فلا يبقى ملك إلا وينزل لعموم اللفظ.
فالآية تقول إن كل الملائكة ينزلون على الحجة عليه السلام في ليلة القدر المباركة.
طبعاً وإثبات شيء لا ينفي ما عداه فلا يعني ذلك عدم نزول الملائكة في ليالٍ أخرى.
ونريد الوقوف قليلاً عند الملائكة، فمن هم الملائكة؟ ونشير إلى بعض أقسام الملائكة، فمنها ما هو مذكور في سورة التكوير(انه لقول رسول كريم) فالوصف الأول هو كونه رسولاً والوصف الثاني كونه كريماً(ذي قوة عند ذي العرش مكين) فهو مكين قوي عند ذي العرش وهو الله سبحانه رب العرش العظيم، وله مكانة عالية عنده تعالى، كما أنه مطاع فهو من سادة الملائكة عليهم السلام ورؤسائهم كما أنه مطاع في السموات، وحبذا لو يرجع إلى روايات المعراج.
فقد كان مصاحباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان يأمر الملائكة، فيأمر ملك الموت ويقول له إفعل كذا مثلاً، يأمر خازن جهنم _نعوذ بالله منها_ فيفعل، فهم جميعاً مأمورون بأمره،(مطاع ثم أمين) ووصفه بالامانة من الله تبارك وتعالى يدل على عظيم أمانته.
يتبع....