عقيل الحمداني
03-10-2009, 11:54 AM
مسلمو وشيعة فيتنام..التاريخ والإبادة والأمل
وشعب فيتنام هو أحد تلك الشعوب الذي تلقى قسم منه الدين الإسلامي بكل يسر وسهوله، وكتب تاريخه من خلال التأكيد على وجود الدين كعقيدة فاعلة ومتحركة في واقعه، لكن البحث عن تاريخ المسلمين في فيتنام يصطدم بشكل كبير بشح المعلومات المتوفرة عنه، وبالأخص أن السلطات الشيوعية قد فرضت طوقاً من التعتيم المتعمد بما يخص كل قضايا الشعب الفيتنامي وبالأخص المسلمين منهم الذين تعرضوا عبر التاريخ للتنكيل والإقصاء عن التفاعل مع أطياف المجتمع من خلال إبعادهم عن كل مراكز الدولة.
تعد فيتام من أخصب دول الهند الصينية ويعيش المسلمون في أخصب منطقة من أقاليم فيتنام التي يبلغ عددها سبعة وثلاثين إقليماً، إذ تبلغ المساحة الإجمالية لجمهورية فيتنام الاشتراكية 329.560كم، وهي إحدى دول قارة أسيا وتكثر فيها الجبال وهي تقع في جنوب شرق آسيا تحدها من الشمال الصين ومن الغرب لاوس وكمبوديا ويحيط بها بحر الصين الجنوبي من جنوبها وشرقها، ويقدر عدد سكانها حسب إحصاء عام 1996م ما يقارب 75.2 مليون يمثل المسلمون منهم 2.5% من مجموع السكان يتوزعون في مناطق عديدة لكنهم يمثلون مجموعات كبيرة في مناطق الجنوب.
يبدأ التاريخ الإسلامي في فيتنام منذ القرن الرابع الهجري عن طريق التجار المسلمين حيث دخل الإسلام أول ما دخل إلى سواحل إمارة تشامبا عن طريق التجارة التي نشطت في القرن الرابع الهجري إذ اتبع المسلمون أسلوب الدعوة للإسلام من خلال طرق عديدة كانت التجارة أكثرها تأثيراً فعندما توقفت الحملات التي تقودها الخلافة العباسية بسبب الضعف الذي أصاب بنيتها وكثرة الدويلات التي نشأت بعد الانفصال عنها، وكان الفضل في إدخال الإسلام إلى فيتنام يعود للتجار الهنود الذين كانوا حلقة وصل بين دول آسيا وحلقة وصل مهمة مع العرب والإيرانيين، ويبدوا أن المسلمون الشيعة هم أول من حمل لواء الإسلام إلى تلك البلاد حيث نجد التأثير الكبير لذلك في العادات والتقاليد والأسماء، حيث تكثر التسمية بأسماء أئمة أهل البيت ع كجعفر وحسن وعلي وزين العابدين وصادق.
وازداد إقبال الناس على الإسلام وقامت المصاهرات بين التجار العرب والهنود وبين السكان وبلغ ذلك ذرته عندما زوج ملك تشامبا ابنته من أحد التجار العرب واتسع الأمر حتى تحولت إمارة تشامبا إلى إمارة إسلامية وبلغت تلك الإمارة أوج قوتها واتساعها سنة (875 هـ/1470م) وكان هذا الاتساع أحد الأسباب التي أدت لحروب بين المسلمين والبوذيين في الشمال.
ويمكننا أن نحدد مراحل الصراع بين المسلمين والبوذيين الذين شعروا أن الإسلام بدأ يزحف بقوة إلى نفوس الشعب الفيتنامي، لكن الرهبان البوذيين سعوا إلى وقف هذا الزحف عبر إذكاء نار الصراع، لأن العقيدة إذا كانت هشة وضعيفة ولا تملك مقومات المواجهة الفكرية فلا يمكن أن تحسم الصراع إلا في ميادين القتال، وهذا بالفعل ما حدث بين الوجود الإسلامي والبوذية.
لم يكن أمام الرهبان البوذيين تجاه حركة الإسلام السريعة إلا مناصبة العداء وشحن عامة الناس بالكراهية تجاه هذا الدين، وكانت إمارة تشامبا الإسلامية تمثل خطراً على الديانة البوذية، وبالفعل حركت تلك المشاعر المتصاعدة من حدة التوتر بين الشمال ذي الأغلبية البوذية والجنوب الذي يشكل إمارة إسلامية، فتحركت الجيوش البوذية نحو الجنوب،
ان أسوأ مراحل التاريخ الإسلامي في فيتنام، وذلك عند سيطرة الشيوعيين على السلطة وتوحيد الشمال والجنوب عام 1975م.
مارس الشيوعيون أسوء أساليب الظلم والقهر تجاه الوجود الإسلامي، فبعد أن كانت قبائل تشامبا تمتلك مساحات واسعة تمارس من خلالها زراعة المحاصيل وتدر عليها دخلاً مهماً، قامت السلطة الشيوعية بمصادرة أراض واسعة لتجعل المسلمين أكثر الفئات الفيتنامية فقراً، كما أنها تمنعهم من الحصول على المناصب المهمة أو حتى البسيطة في الدولة، ولا يوجد من يمثل المسلمين لدى الحكومة، وقد أدت سياسة السلطة الشيوعية إلى هجرة العديد من المسلمين من البلاد إلى دول مجاورة أو يشعروا فيها بالأمن والطمأنينة.
أما التعدي على المساجد فقد كان السياسة الرسمية التي حكمت علاقة الشيوعية بالإسلام ليس في فيتنام وحدها بل في جميع الدول التي صعد فيها الشيوعيون ووصلوا للسلطة، فبعد أن كان في فيتنام ما يقارب الأربعمائة مسجد لم يبقى منها الآن إلا ثلاثون مسجداً أحدها الجامع الكبير التاريخي في العاصمة هانوي حيث تقام فيه الآن صلاة الجمعة إذ يتواجد عدد من المسلمين الذين حافظوا على دينهم ووجودهم رغم تاريخ طويل من القهر والاضطهاد.
عدد الشيعة
يمثل الشيعة نسبة 60% من عدد المسلمين، ويرجع السبب في ذلك إلى أن التجار الإيرانيون كانت صلاتهم كبيرة وواسعة مع الشعب الفيتنامي، وقد سكن العديد من الإيرانيين في جنوب فيتنام وبنوا علاقات مصاهرة، ويقوم الشيعة في فيتنام بإحياء ذكرى شهادة سبط الرسول الأكرم محمد ص الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب ع، وعلى رغم الفقر المدقع الذي يعيشه الأغلبية إلا أن عادات توزيع الطعام على المعزين والذين يحيون شعائر كربلاء، لكن سياسة إغلاق الأبواب تجاه تفاعل المسلمين مع الشعوب الإسلامية الأخرى جعلتهم يعيشون منعزلين على معرفة أوضاع المسلمين، كما أن معرفة بقية الشعوب الإسلامية بقضيتهم شبه معدومة.
شكلت هذه السياسة للحزب الشيوعي ضربة قوية للفكر الديني لدى المسلمين، حيث ساد الجهل جميع فئاتهم فأصبح الإسلام مجرد معرفة بسيطة، لكن الأمر قد تغير قليلاً بعد سياسة الانفتاح التي اتخذتها الحكومة، حيث بدأ الفيتناميون يطلعون على الثقافة الاسلامية من خلال الدعاة الهنود الذين بادروا إلى إعادة جسور التواصل، كما تشكل المساجد الثلاثين مدارس لتعليم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وبالأخص لأبنائهم، حيث يهتم المسلمون الفيتناميون كثيراً في المحافظة على هويتهم الإسلامية.
ومع بداية عهد الانفتاح بدأ يشعر المسلمون ببعض الحرية في التعبير عن عقيدتهم، ويمثل الإسلام في فيتنام أملاً جديداً ليس للمسلمين فحسب بل لبقية السكان الذين يشعرون بالفراغ الروحي، وهنا تكمن مسؤولية النخبة المثقفة من علماء دين ومفكرين إسلاميين، في دعم القضية الإسلامية من خلال بناء مراكز التوجيه الإسلامي وبناء عقلية منفتحة قادرة على الدعوة تتميز بحب لكل بني الإنسان حتى تكون قادرة على جذب الناس إلى دين الله أفواجاً.
لكن ما يجعلنا نتخوف على الوجود الإسلامي وقدرته على التعايش في تلك المناطق هو دخول بعض تيارات الاتجاه السلفي المنحرف، الذي لا يعيش إلا من خلال إغراق المجتمعات في الصراع والفتن في تلك البلاد، وقد بدأ هذا الوجود السلفي مع بداية عام 1970م حيث درس مجموعة من الفيتناميين في جامعة أم القرى في السعودية وجامعة المدينة التي عرف عن مناهجها تكفير عامة المسلمين، والتبشير برؤية ونظرة متشددة تجاه الآخر المختلف، وقد خرج العديد من الطلبة الذين تبنوا أسلوب العنف والارهاب في الدعوة من تلك الجامعات مما أوجد ردة فعل قوية عند بعض المجتمعات كما نرى ذلك عند بعض قرى الجزائر التي تحول أغلبها إلى المسيحية بفعل سياسة الإرهاب التي مارستها بعض تيارات الدعوة في الجزائر والتي شوهت صورة الإسلام.
ما يميز الشعب المسلم في جنوب فيتنام هو التسامح والعلاقات الطيبة ليس بين السنة والشيعة الذين ارتبطوا بعلاقات مصاهرة، بل بالتسامح حتى مع إخوانهم من الأديان الأخرى، وتمثل هذه السلوكيات أهم عوامل جذب البوذيين إلى الإسلام، إذ تبرز الأخلاق والعلاقة الطيبة مع من نختلف معه قوة الدين وإيمانه باحترام الإنسان مهما اختلف دينه، لأنه كما يقول الإمام علي بن أبي طالب f: الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.
أما مسؤولية المسلمين تجاه إخوانهم في تلك البلاد، فيبدأ أولاً بالاهتمام بقضيتهم والتواصل معهم وبناء جسور من العلاقة الطيبة بهم، ثم من الضروري أن نسعى لرفع حالة العوز والضيم والقهر عنهم، بالطرق السلمية عن طريق الاتصال بحكومة فيتنام في كل الدول عبر السفارات وحثهم على رفع الحيف والظلم عن المسلمين هناك، وهذا أقل ما نقوم به تجاه أخوان لنا في الدين والعقيدة، لأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وشعب فيتنام هو أحد تلك الشعوب الذي تلقى قسم منه الدين الإسلامي بكل يسر وسهوله، وكتب تاريخه من خلال التأكيد على وجود الدين كعقيدة فاعلة ومتحركة في واقعه، لكن البحث عن تاريخ المسلمين في فيتنام يصطدم بشكل كبير بشح المعلومات المتوفرة عنه، وبالأخص أن السلطات الشيوعية قد فرضت طوقاً من التعتيم المتعمد بما يخص كل قضايا الشعب الفيتنامي وبالأخص المسلمين منهم الذين تعرضوا عبر التاريخ للتنكيل والإقصاء عن التفاعل مع أطياف المجتمع من خلال إبعادهم عن كل مراكز الدولة.
تعد فيتام من أخصب دول الهند الصينية ويعيش المسلمون في أخصب منطقة من أقاليم فيتنام التي يبلغ عددها سبعة وثلاثين إقليماً، إذ تبلغ المساحة الإجمالية لجمهورية فيتنام الاشتراكية 329.560كم، وهي إحدى دول قارة أسيا وتكثر فيها الجبال وهي تقع في جنوب شرق آسيا تحدها من الشمال الصين ومن الغرب لاوس وكمبوديا ويحيط بها بحر الصين الجنوبي من جنوبها وشرقها، ويقدر عدد سكانها حسب إحصاء عام 1996م ما يقارب 75.2 مليون يمثل المسلمون منهم 2.5% من مجموع السكان يتوزعون في مناطق عديدة لكنهم يمثلون مجموعات كبيرة في مناطق الجنوب.
يبدأ التاريخ الإسلامي في فيتنام منذ القرن الرابع الهجري عن طريق التجار المسلمين حيث دخل الإسلام أول ما دخل إلى سواحل إمارة تشامبا عن طريق التجارة التي نشطت في القرن الرابع الهجري إذ اتبع المسلمون أسلوب الدعوة للإسلام من خلال طرق عديدة كانت التجارة أكثرها تأثيراً فعندما توقفت الحملات التي تقودها الخلافة العباسية بسبب الضعف الذي أصاب بنيتها وكثرة الدويلات التي نشأت بعد الانفصال عنها، وكان الفضل في إدخال الإسلام إلى فيتنام يعود للتجار الهنود الذين كانوا حلقة وصل بين دول آسيا وحلقة وصل مهمة مع العرب والإيرانيين، ويبدوا أن المسلمون الشيعة هم أول من حمل لواء الإسلام إلى تلك البلاد حيث نجد التأثير الكبير لذلك في العادات والتقاليد والأسماء، حيث تكثر التسمية بأسماء أئمة أهل البيت ع كجعفر وحسن وعلي وزين العابدين وصادق.
وازداد إقبال الناس على الإسلام وقامت المصاهرات بين التجار العرب والهنود وبين السكان وبلغ ذلك ذرته عندما زوج ملك تشامبا ابنته من أحد التجار العرب واتسع الأمر حتى تحولت إمارة تشامبا إلى إمارة إسلامية وبلغت تلك الإمارة أوج قوتها واتساعها سنة (875 هـ/1470م) وكان هذا الاتساع أحد الأسباب التي أدت لحروب بين المسلمين والبوذيين في الشمال.
ويمكننا أن نحدد مراحل الصراع بين المسلمين والبوذيين الذين شعروا أن الإسلام بدأ يزحف بقوة إلى نفوس الشعب الفيتنامي، لكن الرهبان البوذيين سعوا إلى وقف هذا الزحف عبر إذكاء نار الصراع، لأن العقيدة إذا كانت هشة وضعيفة ولا تملك مقومات المواجهة الفكرية فلا يمكن أن تحسم الصراع إلا في ميادين القتال، وهذا بالفعل ما حدث بين الوجود الإسلامي والبوذية.
لم يكن أمام الرهبان البوذيين تجاه حركة الإسلام السريعة إلا مناصبة العداء وشحن عامة الناس بالكراهية تجاه هذا الدين، وكانت إمارة تشامبا الإسلامية تمثل خطراً على الديانة البوذية، وبالفعل حركت تلك المشاعر المتصاعدة من حدة التوتر بين الشمال ذي الأغلبية البوذية والجنوب الذي يشكل إمارة إسلامية، فتحركت الجيوش البوذية نحو الجنوب،
ان أسوأ مراحل التاريخ الإسلامي في فيتنام، وذلك عند سيطرة الشيوعيين على السلطة وتوحيد الشمال والجنوب عام 1975م.
مارس الشيوعيون أسوء أساليب الظلم والقهر تجاه الوجود الإسلامي، فبعد أن كانت قبائل تشامبا تمتلك مساحات واسعة تمارس من خلالها زراعة المحاصيل وتدر عليها دخلاً مهماً، قامت السلطة الشيوعية بمصادرة أراض واسعة لتجعل المسلمين أكثر الفئات الفيتنامية فقراً، كما أنها تمنعهم من الحصول على المناصب المهمة أو حتى البسيطة في الدولة، ولا يوجد من يمثل المسلمين لدى الحكومة، وقد أدت سياسة السلطة الشيوعية إلى هجرة العديد من المسلمين من البلاد إلى دول مجاورة أو يشعروا فيها بالأمن والطمأنينة.
أما التعدي على المساجد فقد كان السياسة الرسمية التي حكمت علاقة الشيوعية بالإسلام ليس في فيتنام وحدها بل في جميع الدول التي صعد فيها الشيوعيون ووصلوا للسلطة، فبعد أن كان في فيتنام ما يقارب الأربعمائة مسجد لم يبقى منها الآن إلا ثلاثون مسجداً أحدها الجامع الكبير التاريخي في العاصمة هانوي حيث تقام فيه الآن صلاة الجمعة إذ يتواجد عدد من المسلمين الذين حافظوا على دينهم ووجودهم رغم تاريخ طويل من القهر والاضطهاد.
عدد الشيعة
يمثل الشيعة نسبة 60% من عدد المسلمين، ويرجع السبب في ذلك إلى أن التجار الإيرانيون كانت صلاتهم كبيرة وواسعة مع الشعب الفيتنامي، وقد سكن العديد من الإيرانيين في جنوب فيتنام وبنوا علاقات مصاهرة، ويقوم الشيعة في فيتنام بإحياء ذكرى شهادة سبط الرسول الأكرم محمد ص الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب ع، وعلى رغم الفقر المدقع الذي يعيشه الأغلبية إلا أن عادات توزيع الطعام على المعزين والذين يحيون شعائر كربلاء، لكن سياسة إغلاق الأبواب تجاه تفاعل المسلمين مع الشعوب الإسلامية الأخرى جعلتهم يعيشون منعزلين على معرفة أوضاع المسلمين، كما أن معرفة بقية الشعوب الإسلامية بقضيتهم شبه معدومة.
شكلت هذه السياسة للحزب الشيوعي ضربة قوية للفكر الديني لدى المسلمين، حيث ساد الجهل جميع فئاتهم فأصبح الإسلام مجرد معرفة بسيطة، لكن الأمر قد تغير قليلاً بعد سياسة الانفتاح التي اتخذتها الحكومة، حيث بدأ الفيتناميون يطلعون على الثقافة الاسلامية من خلال الدعاة الهنود الذين بادروا إلى إعادة جسور التواصل، كما تشكل المساجد الثلاثين مدارس لتعليم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وبالأخص لأبنائهم، حيث يهتم المسلمون الفيتناميون كثيراً في المحافظة على هويتهم الإسلامية.
ومع بداية عهد الانفتاح بدأ يشعر المسلمون ببعض الحرية في التعبير عن عقيدتهم، ويمثل الإسلام في فيتنام أملاً جديداً ليس للمسلمين فحسب بل لبقية السكان الذين يشعرون بالفراغ الروحي، وهنا تكمن مسؤولية النخبة المثقفة من علماء دين ومفكرين إسلاميين، في دعم القضية الإسلامية من خلال بناء مراكز التوجيه الإسلامي وبناء عقلية منفتحة قادرة على الدعوة تتميز بحب لكل بني الإنسان حتى تكون قادرة على جذب الناس إلى دين الله أفواجاً.
لكن ما يجعلنا نتخوف على الوجود الإسلامي وقدرته على التعايش في تلك المناطق هو دخول بعض تيارات الاتجاه السلفي المنحرف، الذي لا يعيش إلا من خلال إغراق المجتمعات في الصراع والفتن في تلك البلاد، وقد بدأ هذا الوجود السلفي مع بداية عام 1970م حيث درس مجموعة من الفيتناميين في جامعة أم القرى في السعودية وجامعة المدينة التي عرف عن مناهجها تكفير عامة المسلمين، والتبشير برؤية ونظرة متشددة تجاه الآخر المختلف، وقد خرج العديد من الطلبة الذين تبنوا أسلوب العنف والارهاب في الدعوة من تلك الجامعات مما أوجد ردة فعل قوية عند بعض المجتمعات كما نرى ذلك عند بعض قرى الجزائر التي تحول أغلبها إلى المسيحية بفعل سياسة الإرهاب التي مارستها بعض تيارات الدعوة في الجزائر والتي شوهت صورة الإسلام.
ما يميز الشعب المسلم في جنوب فيتنام هو التسامح والعلاقات الطيبة ليس بين السنة والشيعة الذين ارتبطوا بعلاقات مصاهرة، بل بالتسامح حتى مع إخوانهم من الأديان الأخرى، وتمثل هذه السلوكيات أهم عوامل جذب البوذيين إلى الإسلام، إذ تبرز الأخلاق والعلاقة الطيبة مع من نختلف معه قوة الدين وإيمانه باحترام الإنسان مهما اختلف دينه، لأنه كما يقول الإمام علي بن أبي طالب f: الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.
أما مسؤولية المسلمين تجاه إخوانهم في تلك البلاد، فيبدأ أولاً بالاهتمام بقضيتهم والتواصل معهم وبناء جسور من العلاقة الطيبة بهم، ثم من الضروري أن نسعى لرفع حالة العوز والضيم والقهر عنهم، بالطرق السلمية عن طريق الاتصال بحكومة فيتنام في كل الدول عبر السفارات وحثهم على رفع الحيف والظلم عن المسلمين هناك، وهذا أقل ما نقوم به تجاه أخوان لنا في الدين والعقيدة، لأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.