المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصحابة في حجمهم الحقيقي


رضا الهاشم
08-10-2009, 12:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


الصحابة في حجمهم الحقيقي


تأليف

الهاشمي بن علي





كلمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم المرسلين محمد وآله الغر الميامين من الثوابت المسلمة في عملية البناء الحضاري القويم استناد الأمة إلى قيمها السليمة ومبادئها الأصلية ، الأمر الذي يمنحها الإرادة الصلبة والعزم الأكيد في التصدي لمختلف التحديات والتهديدات التي تروم نخر كيانها وزلزلة وجودها عبر سلسلة من الأفكار المنحرفة والآثار الضالة باستخدام أرقى وسائل التقنية الحديثة . وإن أنصفنا المقام حقه بعد مزيد من الدقة والتأمل نلحظ أن المرجعية الدينية المباركة كانت ولا زالت هي المنبع الأصيل والملاذ المطمئن لقاصدي الحقيقة ومراتبها الرفيعة ، كيف ؟ ! وهي التي تعكس تعاليم الدين الحنيف وقيمه المقدسة المستقاة من مدرسة آل العصمة والطهارة ( عليهم السلام ) بأبهى صورها وأجلى مصاديقها . هذا ، وكانت مرجعية سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني - مد ظله - هي السباقة دوما في مضمار الذب عن حمى العقيدة ومفاهيمها الرصينة ، فخطت بذلك خطوات مؤثرة والتزمت برامج ومشاريع قطفت وستقطف أينع الثمار بحوله تعالى . ومركز الأبحاث العقائدية هو واحد من المشاريع المباركة الذي أسس لأجل نصرة مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) وتعاليمه الرفيعة . ولهذا المركز قسم خاص يهتم بمعتنقي مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) على مختلف الجهات ، التي منها ترجمة ما تجود به أقلامهم وأفكارهم من نتاجات وآثار - حيث تحكي بوضوح عظمة نعمة الولاء التي من الله سبحانه وتعالى بها عليهم - إلى مطبوعات توزع في شتى أرجاء العالم . وهذا المؤلف " الصحابة في حجمهم الحقيقي " الذي يصدر ضمن " سلسلة الرحلة إلى الثقلين " مصداق حي وأثر عملي بارز يؤكد صحة هذا المدعى . على أن الجهود مستمرة في تقديم يد العون والدعم قدر المكنة لكل معتنقي المذهب الحق بشتى الطرق والأساليب ، مضافا إلى استقراء واستقصاء سيرة الماضين منهم والمعاصرين كي يتسنى جمعها في كتاب تحت عنوان " التعريف بمعتنقي مذهب أهل البيت " .
سائلينه تبارك وتعالى أن يتقبل هذا القليل بوافر لطفه وعنايته

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:52 AM
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المتقين . أما بعد ، إن الاختلاف ليس شيئا بدعا وكما أنه ليس رحمة ، وقلما وجدت جماعة أو فرقة أو شعب أو حضارة لم يدب إليها الاختلاف فيقطع أوصالها ويفرق جمعها ، بل لا نعلم جماعة اتسقت أمورها وانتظمت وحدتها واستمر حالها على ذلك ، وقد ورد في أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة من آله النهي عن الاختلاف والفرقة (أنظر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في نهج البلاغة حيث يقول : " الخلاف يهدم الرأي " ص 646، الكلمات القصار) ، إذ ما اختلفت جماعة إلا وكان بعضها متبعا للهوى ، فالهوى هو السبب الرئيسي إن لم نقل الوحيد للاختلاف، وهكذا كان شأن هذه الأمة الإسلامية التي تعبد ربا واحدا وتؤمن بكتاب واحد وبنبي واحد ، حيث دب الاختلاف فيها فتقطعت طرائق قددا وأحزابا شتى وتقطعت تلكم الأحزاب إلى أخرى وهكذا حتى اختلط الحابل بالنابل وكل يدعي أنه على الصراط السوي ، والأتعس من ذلك من يدعي أن غيره على باطل محض . ولسنا الآن بصدد البحث في هذه الاختلافات وأسبابها ومن يقف وراءها أقول وبالله التوفيق : أنا المدعو الهاشمي بن علي التونسي ، نشأت وترعرعت في مدينتي قابس مدينة البحر والواحة وعشت سني طفولتي وشبابي في أحضان عائلة محافظة متوسطة الحال . وكنت منذ سني طفولتي متعلقا بالدين ، حيث ما زلت أذكر تلك الأيام الجميلة التي كنت أرافق فيها والدي لصلاة الجمعة في الجامع الكبير بالحي القديم من مدينتي ، وقد رزقني الله سبحانه حافظة عجيبة فكنت أرجع إلى البيت وأحكي لأهلي ما قاله الإمام في خطبة الجمعة وما جاء فيها من وعد ووعيد . وكانت لا تفوتني من الصلوات الخمس إلا صلاة الصبح ، حيث كان يتعذر علي حضورها لأن أهلي ما كانوا ليسمحوا لطفل صغير بالذهاب في ذلك الوقت المبكر لأداء الصلاة ، وكانت تقام في ذلك المسجد دروس في تاريخ الأنبياء وتاريخ الصحابة وسيرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فما كان يفوتني منها حرف واحد . وكنت أحفظ قصائد في مدح خير البرية ، حيث كنت أواظب على الحضور في المناسبات الإسلامية وخاصة في المولد النبوي الشريف ، وكان مما يرغبني في حضور تلك المناسبات ما يقدم فيها من الحلويات والمشروبات وما كان فيها من الزينة والجمال . وقلما مرت فرصة يزورنا فيها أو أزور فيها بعض الأهل والأصدقاء إلا وطفقت أحدثهم عما امتلأت به ذاكرتي ، فتارة أحدثهم عن النبي يوسف (عليه السلام)، وأخرى عن تقوى الصحابة وإيثارهم ، وثالثة عن القيامة ، ورابعة عن الجحيم وأهوآلها ، وأخرى عن الجنة ونعيمها ، وكان البعض يتعجب مما أقول فلم يكن سمع بذلك طول عمره ولا واتته الفرصة أن يسمع . وهكذا استمر بي الحال حتى دخلت إلى مرحلة التعليم الثانوي ، حيث بدأنا ندرس فيها التاريخ الإسلامي منذ عصر ما قبل الإسلام إلى الفتنة الكبرى كما يقولون .

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:54 AM
الصدمة
كنت أدرس في الصف مادة التاريخ ، وكان عندنا أستاذ يتبنى الفكر القومي ، ولما مررنا على معركة صفين ابتسم الأستاذ وقال : " فاقترح الداهية عمرو بن العاص فكرة رفع المصاحف حتى يخدعوا جيش علي وينجوا من الهزيمة المنكرة التي بدأت تلوح لهم " . صعقني جدا هذا الكلام ، فقلت في نفسي أعمرو بن العاص يفعل هذا ؟ هذا الصحابي الجليل - الذي عرفناه من أقتاب الصحابة كما قال لنا شيوخنا - يخدع ويمكر ؟ ! إذا أين تقوى الصحابة وإخلاصهم الذي دمغجنا به شيوخنا ؟ ! شعرت حينها بتمزق نفسي شديد بين ثقافتي الإسلامية التي تقدم كل الصحابة وترفعهم إلى صفوف الملائكة وبين حقائق التاريخ إن كانت حقة ؟ ! رجعت إلى البيت مغموما وسألت أخي عن المسألة فقال لي : إن هذا ليس من شأننا فلا تخض فيه وهم - أي الصحابة - أدرى بزمانهم و...
لم يقنعني هذا الكلام البارد الفارغ من كل معنى ، وهل يمكن أن يمارس المؤمن العادي الخداع والمكر ؟ ! فكيف بالصحابة ؟ ! وتمضي السنوات وتبقى في نفسي أشياء وأشياء ، لكني لما لم أصل إلى الجواب قفلت عليها في صدري وألقيت حبلها على غاربها ومضيت...
وتشاء الأقدار أن تجمعني بصديق قديم وزميل دراسة كنا تفارقنا مدة من الزمن وإذا بي أسمع أنه شيعي ؟ ! لقد كنت أعتقد أن المذهب السني هو المذهب الصافي وخاصة أتباع الإمام مالك إمام دار الهجرة حيث أن أكثر إفريقيا مالكيون ، وكنت أعتقد أن بقية المذاهب الثلاثة وإن كانت على الحق لكن المذهب المالكي أصفاها وأحقها ، نعم كانت أحيانا تجول في خاطري تساؤلات حول الاختلافات التي ما بين هذه المذاهب الأربعة وكنت لا أرى مبررا لاختلافها ، نعم لقد تعلمنا منذ صغرنا أن اختلافها رحمة وأنهم كلهم من رسول الله ملتمس ، لكن كان في نفسي من ذلك ما كان ، لكني قنعت بحجة شيوخنا أو ربما أقنعت بها نفسي . وكنت قاطعا ببطلان مذهب الشيعة وأنهم متطرفون في عقائدهم ، وكنت أسمع ما كان ينقله البعض حول بكاءهم على الحسين وسبهم للصحابة فيزداد عجبي، وكنت أتمنى أن ألتقي بواحد منهم لأقنعه أو على الأقل لأعرف لماذا هم هكذا . كان أول ما ناقشني فيه صديقي الشيعي حديث العشرة المبشرين بالجنة (أنظر ذلك في سنن ابن ماجة 1 : 48 ، باب فضائل العشرة) وقال لي : هل يعقل أن يكون طلحة والزبير وعلي في الجنة وقد قتل بعضهم بعضا وشتم بعضهم بعضا ؟ ! وهل يعقل كذلك أن يكونوا في النار ؟ ! فكان مما أجابني به أن الصحابة على ثلاثة أقسام : قسم الثابتين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقسم المرتدين ( فعلا لا قولا ) ، وقسم المنافقين ، وعليه ليمكن أن يكونوا كلهم عدولا . ومما واجهني به صديقي هذا من الحجج حديث الثقلين الذي يقول فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " (سنن الترمذي : ج 5 فضائل أمير المؤمنين) وقد كفانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مؤونة إمامة الأمة السياسية والعلمية بالأئمة من أهل بيته . وخضنا نقاشات عديدة حول تنزيه الله تعالى عن الرؤية والحركة والانتقال وتنزيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الذنوب والكبائر والخطأ والنسيان . وهكذا رأيت أن عائشة وحفصة نزلت فيهما سورة كاملة تهددهما بالطلاق وبعذاب النار...
ورأيت أن كل بناء السنة العقائدي متهاو بل هو من صنع وبناء حكام بني أمية أعداء الله ورسوله وبني العباس ومن بعدهم من الظالمين إلى اليوم . ورأيت أن الشيعة مذهب صاف عقلاني ملئ بالحجج الدامغة من القرآن الكريم والسنة المحمدية ولا مجال للخرافات والتحريفات والأكاذيب فيه ، وهكذا إذ بينما كنت أنسب إلى الشيعة كل قبيح ، استفقت على أن مذهبهم حق ، ولهذا كثرت حوله الأباطيل والدعايات الباطلة التي لم يرم بها حتى دين اليهود والمجوس . وعرفت حينها معنى قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة... ) (سورة الحجرات : 6) .

وعرفت الحديث القائل : " الناس أعداء ما جهلوا " (نهج البلاغة : 172 الكلمات القصار) .

وأنا من موقعي هذا أدع كل إنسان حر أن يطلع على كتب الشيعة وعلى آرائهم دون واسطة ، كما عرفت أنا كتب السنة كالبخاري والموطأ دون واسطة . وقارنوا بين المذاهب ، فلسنا أقل من معاوية الذي قتل النفوس وأحدث الفتن ثم يقال عنه : إنه اجتهد فأخطأ ، فنحن إن وصلنا إلى الحق - إلى دين الله ورسوله - فلنا أجران ، وإن لم نتوصل إلى ذلك فلعل الله يكتب لنا أجرا واحدا ، وذلك لصدق نياتنا وصفاء سرائرنا . وجربوا أن تطالعوا عن التشيع والشيعة الاثني عشرية ، فليس في ذلك بأس ولا ضرر ولا فتنة ولا سم كما يدعي بعض العلماء المتحجرين ، بل إن أحدنا يفاخر بأنه قرأ مجموعة آثار فيكتور هيجو مثلا أو اطلع على مسرحيات شكسبير وتجده جاهلا بما يقوله إخوانه وبما يعتقدونه جهلا مطبقا . أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم

الهاشمي بن علي رمضان قابس - تونس
1 - شوال - 1419 ه‍

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:54 AM
مفتاح الحقيقة
رأيت طوال حياتي - سنيا ثم شيعيا بعد ذلك - أن مسألة الصحابة عموما من المواضيع الحساسة والمهمة والتي جعلت فيما مضى على عيني حجابا منعني من الولوج في عالم البحث عن الحقيقة ، وكان سبب ذلك شيئان :
أولهما: أنني كنت خائفا في داخلي من التعرض للصحابة باعتبار ما تربينا عليه من التخويف والنهي عن الخوض في هذه المسألة ، فكانت تمثل خطا أحمرا بالنسبة لي بالرغم مما كان يجيش في صدري من صرخات وعذابات.
وثانيهما : ما كان يقوله شيوخنا بأن نكف عما شجر بين الصحابة فهم كلهم من أهل الصلاح وأنهم حاملوا لواء الرسالة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهذا ما جعلني أصرف النظر عن هكذا بحوث .
ولهذا اخترت موضوع مقالتي هذه مسألة الصحابة ، حتى ترتفع الضبابية عن الأعين .

الولوج في البحث
إن مسألة الصحبة من المسائل التي أسالت حبرا كثيرا وصار حولها لغط كثير ، فأهل السنة عموما يعتبرون الصحابة جزءا لا يتجزأ من إيمان الفرد المسلم ، وإذا طعن أي فرد بأي واحد من الصحابة فقد اقترف إثما عظيما ووزرا كبيرا . لكن هذه المسألة - مسألة الصحابة - لو يتجرد الباحث المسلم المنصف للخوض فيها فسيرى ويعلم علم اليقين أنها ليست من المعتقدات المهمة سواء التي اتفقت عليها طوائف المسلمين كالتوحيد والمعاد والنبوة ، ولا من التي اختلف حولها كالعدل والإمامة . فأركان الإسلام عند أهل السنة خمسة وهي : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والصلاة والزكاة وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.
فأين الصحابة من هذه الأركان الخمسة التي يقوم عليها الإسلام ؟ ! وأما عند الشيعة فأصول الدين خمسة وهي : التوحيد والعدل والنبوة والمعاد ، والإمامة ، وإن كان العدل والإمامة من أركان وأصول المذهب عندهم أي لا يكفر الإنسان بإنكارها ، وكما ترى فلا أثر للصحابة في هذه العقيدة ولا وجود لهم . وأما الإيمان ، فكما اتفقت عليه كلمة المسلمين وكما ورد في القرآن فمؤسس على الإيمان بالله وكتبه ورسله والملائكة . اقرأ قوله تعالى في سورة البقرة حيث يقول : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) ( سورة البقرة : 285 ) . وانظر إلى قوله تعالى في سورة النساء حيث يقول : ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) ( سورة النساء : 136 ) . فأين محل الصحابة في هذا الإيمان؟!! ثم أليس لكل نبي صحابة ؟ ! فإذا كان الإيمان بصحابة رسول الله من ضرورات الإسلام أو من أركان الإيمان ، فلماذا لا يكون الإيمان بصحابة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى كذلك ؟ ! ثم بأي دليل من الكتاب والسنة نجد أن الإيمان بمسألة الصحابة جميعا واجب علينا كالإيمان بالله ورسوله ؟ !

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:55 AM
كلمة الصحبة ومشتقاتها في القرآن
وقبل الخوض في هذا الموضوع بتفاصيله وأبعاده نرى لزاما علينا أن نأتي على كلمة الصحبة ومشتقاتها من القرآن الكريم ، لنرى أنها استعملت في معان عديدة مختلفة . يقول تعالى في كتابه المجيد مخاطبا مشركي قريش : ( ما بصاحبكم من جنة ) ( سورة سبأ : 46 ) ، فأنت ترى أن الله جعل عتاة قريش الذين اتهموا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالجنون ، تراه يخاطبهم بأنهم أصحابه ، وهذا المعنى لا يخفى على كل فطن ، إذ معناه رسولكم الذي أرسل إليكم . نفس هذا المعنى تجده في قوله تعالى : ( ما ضل صاحبكم وما غوى ) ( سورة النجم : 2 ) . ويتكرر هذا المعنى في قوله تعالى : ( وما صاحبكم بمجنون ) ( سورة التكوير : 22 ) . كذلك يطلق لفظ الصاحب أو الصحابي في القرآن على النسبة إلى مكان ، كقوله تعالى : ( يا صاحبي السجن ) ( سورة يوسف : 39 ) ، فبالرغم من أن رفيقي يوسف ( عليه السلام ) كانا كافرين بدليل قوله تعالى : ( أ أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) ( سورة يوسف : 39 ) . لكن لأنه جمعهما مكان واحد مع يوسف ، صارا صاحبين له نسبة إلى المكان الذي اجتمعوا فيه . هذا المعنى موجود أيضا في قوله تعالى : ( ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( سورة البقرة : 275 ) ، وأصحاب النار كما هو معلوم بالبداهة أهلها وساكنوها . ونفس المعنى أيضا موجود في الآيات التالية : ( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ) ( سورة الفرقان : 24 ) . ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) ( سورة الكهف : 9 ) . ( وقوم إبراهيم وأصحاب مدين ) ( سورة التوبة : 70 ) . ( ونادى أصحاب الأعراف ) ( سورة الأعراف : 48 ). ( وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ) ( سورة الحجر : 78 ) . ( ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ) ( سورة الحجر : 80 ) . ( وأصحاب مدين ) ( سورة الحج : 44 ) . ( أصحاب القرية ) ( سورة يس : 13 ) . ( أصحاب القبور ) ( سورة الممتحنة : 13 ) . ( أصحاب الأخدود ) ( سورة البروج : 4 ) . هذا وقد تطلق كلمة الصاحب أو الصحابي أو الأصحاب نسبة إلى زمان كقوله تعالى : (... كما لعنا أصحاب السبت ) ( سورة النساء : 47 ) . وقد يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى حيوان كقوله تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) ( سورة الفيل : 1 ) و : ( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ) ( سورة القلم : 48 ) . كذلك يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى آلة كقوله تعالى : ( وأصحاب السفينة ) ( سورة العنكبوت : 15 ) . كما يطلق لفظ الصحبة أو الصاحبة على الزوجة كما في قوله تعالى : ( أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ) ( سورة الأنعام : 101 ) ، و : ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) ( سورة الجن : 3 ) ، و : ( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه ) ( سورة المعارج : 12 ) . وقد يطلق معنى الصحبة على رجل يحاور آخر بغض النظر عن كفر أو إيمان الصاحب كقوله تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ) ( سورة الكهف : 37 ) .

كذلك يطلق لفظ الصحبة نسبة إلى الحق أو الباطل كقوله تعالى : ( فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ) ( سورة طه : 135 ) . ( فأصحاب الميمنة ) ( سورة الواقعة : 8 ) . ( وأصحاب المشئمة ) ( سورة الواقعة : 9 ) . ( وأصحاب الشمال ) ( سورة الواقعة : 41 ) . ويطلق لفظ الصحبة كذلك نسبة إلى شخص كقوله تعالى : ( قال أصحاب موسى ) ( سورة الشعراء : 61 ) . ( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ) ( سورة القمر : 29 ) . وهكذا ترى أن لفظ الصحبة ومشتقاتها ليس له أي فضل في ذاته ولا أي مزية ، بل نستطيع أن نقول إنه لفظ محايد .

بعد هذا الاستعراض لهذه الآيات القرآنية نأتي إلى تعريف الصحابي
لغة : يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي في مادة " صحب " : " الصحاب يجمع بالصحب والصحبان والصحبة والصحاب . والأصحاب : جماعة الصحب والصحابة مصدر قولك : صاحبك الله وأحسن صحابتك . ويقال عند الوداع : مصاحبا معافى... إلى أن يقول : " وكل شئ لاءم شيئا فقد استصحبه " (كتاب العين للخليل : 2 / 970 حرف الصاد) . هذا وقد أعرضنا عن بقية كتب اللغة خشية التطويل .
الصحابي اصطلاحا : يقول ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة : " الصحابي من لقي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مؤمنا به ومات على الإسلام ، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ، ومن رآه رؤية ولم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمي ، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى... " (كتاب الإصابة 1 : 4) .
وقال الإمام البخاري في تعريف الصحابي ما يلي : " ومن صحب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه " (كتاب الإصابة 1 : 4) .

وعلى هذين التعريفين يكون كل شعب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صحابة من الطفل الصغير إلى الشيخ الكبير إلى المرأة . ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد ، بل إن علماء السنة أجمعوا على أن كل الصحابة عدول ثقات ! !

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:57 AM
عدالة الصحابة
يقول ابن الأثير في مقدمة كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة ما يأتي : " والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا الجرح والتعديل ، فإنهم كلهم عدول لا يتطرق الجرح إليهم ، لأن الله عز وجل ورسوله زكياهم وعدلاهم ، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره " ( مقدمة ابن الأثير في كتابه أسد الغابة 1 : 10 ) .
أما ابن حجر العسقلاني فيقول عن عدالة الصحابة : " اتفق أهل السنة أن الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ، وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلا نفيسا في ذلك فقال : عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم ، فمن ذلك قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ( سورة آل عمران : 110 ) وقوله : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ( سورة البقرة : 143 ) ، وقوله : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم ) ( سورة الفتح : 18 ) ، وقوله : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) (سورة التوبة : 100) ، وقوله : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) (سورة الأنفال : 64) ، وقوله : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموآلهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ) إلى قوله : ( إنك رؤوف رحيم ) (سورة الحشر) ، في آيات كثيرة يطول ذكرها وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله لهم إلى تعديل أحد من الخلق ، إلى أن يقول إلى أن روى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء ( وهم ) يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة انتهى" (الإصابة في تمييز الصحابة 1 : 6 - 7) .

فعلى رأي علماء أهل السنة كل شعب رسول الله الذي آمن به صحابة ، وهم أيضا عدول كلهم لا يتطرق الشك إليهم أبدا حتى إلى واحد منهم . وقالوا : من يطعن في صحابي واحد فهو زنديق ، وقالوا : إن الله طهرهم وزكاهم جميعا. وحتى يتبين لك الأمر تعال إلى كلام الله المجيد وانظر رأي القرآن في الصحابة أو فقل رأيه في كثير منهم .

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:58 AM
الصحابة في القرآن
يقول تعالى في سورة الفتح : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما " (سورة الفتح : 29) . فمن ينظر إلى أول الآية يرى أن الممدوحين مع رسول الله هم عموم الصحابة ، لكن انظر إلى قوله تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم...)، فلم يعد الله جميع الصحابة بالمغفرة والأجر ، بل فقط من آمن وعمل صالحا ، ولو كان الوعد للجميع لقال : ( وعدهم الله...) فتأمل . ويقول تعالى في نفس هذه السورة : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ) (سورة الفتح : 10) . وأنت ترى في هذه الآية أن الله تعالى يحذر الناكثين بأنهم إنما ينكثون على أنفسهم وليسوا بضاري الله تعالى شيئا . ولدى قراءة سورة الحجرات تصادف هذه الآية : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) (سورة الحجرات : 4 - 5) . فانظر لوصف الله تعالى هذه الفئة من المسلمين حيث وصفهم بأبشع وصف وهو أنهم لا يعقلون ، وقد وصفهم الله في صدر السورة بأنهم يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي مع أنهم مؤمنين به ( صلى الله عليه وآله وسلم ). ويقول في سورة الحجرات أيضا : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) (سورة الحجرات : 6) . ومن المعلوم والمشهور أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة ، وهو أخو عثمان بن عفان لامه ، عندما بعثه إلى بني المصطلق فرجع وكذب على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (أنظر تفسير الفخر الرازي ( التفسير الكبير ) في سورة الحجرات : 6 ، تفسير الطبري 26 : 78 ، تفسير الدر المنثور 7 : 555) ، فالله يصف الوليد بالفاسق ، وأئمة السنة يقولون إنه عدل ؟ ! ويقول تعالى في سورة التوبة : ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) (سورة التوبة : 25) . في هذه الآية يذكر الله ويشنع على المسلمين فرارهم يوم حنين حيث تركوا النبي مع ثلة قليلة عدد أصابع اليد وفروا ، وقد اغتر المسلمون في حنين بكثرتهم حتى قال أبو بكر : " لن نغلب اليوم من قلة " (أنظر تفسير الفخر الرازي ( التفسير الكبير ) في سورة التوبة : 25) . وقال الله أيضا مخاطبا الصحابة : ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير ) (سورة التوبة : 38 - 39 . يقول الفخر الرازي في تفسير سورة التوبة : وهذا يدل أن كل المؤمنين كانوا متثاقلين في ذلك التكليف ، وذلك التثاقل معصية . ويقول الرازي بعد ذلك ، إن خطاب الكل وإرادة البعض مجاز مشهور في القرآن) .
فالله هنا يقرع الصحابة بسبب تثاقلهم عن الغزو وكما لا يخفى فإن الله تعالى توعد الصحابة في هذه الآية بالعذاب الأليم وباستبدالهم بقوم آخرين - الفرس على رأي - إذا لم ينفروا في سبيله ، فأين مدح الله للصحابة هنا ؟ ! وفي نفس سورة التوبة هذه تقرأ قوله تعالى : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون * فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) (سورة التوبة 75 - 77) . المشهور أن هذه الآية نزلت في أحد الصحابة على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهو ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، الذي شكا لرسول الله الفقر وطلب أن يدعو له الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالغنى والثروة ، ولما أعطاه الله سؤله رفض دفع الزكاة وقال : إنها الجزية أو أخت الجزية ، فأنزل الله فيه هذه الآية . إن ثعلبة صحابي أنصاري عاش مسلما مؤمنا بالله ورسوله لكنه يوصف بالنفاق كما قال تعالى ; فأين عدالة الصحابة جميعا ؟ ! وأين ما يدعيه علماء أهل السنة وأئمتهم ؟ ! ثم يأتي من يقول : إذا انتقصت أحدا من الصحابة فأنت زنديق ! ! فها هو الله ينتقص بعضهم بل كثير منهم ، أفتونا بعلم إن كنتم صادقين . ويقول تعالى في سورة الأحزاب : ( وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) (سورة الأحزاب : 12) . قد يقول كثير من علماء أهل السنة : إن هذه الآية خاصة بالمنافقين ولا دخل لها بالصحابة ( وسنبين أن المنافقين هم صحابة كذلك فيما بعد ) ولكن من ينظر مليا إلى الآية فسيجدها تقصد فئتين ، المنافقين ثم فئة أخرى غير المنافقين وهم الذين في قلوبهم مرض . يقول الله تعالى عز وجل في سورة الأحزاب أيضا : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما ) (سورة الأحزاب : 53) .
وقد قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره : " القائل هو طلحة بن عبيد الله الذي قال : لئن عشت بعد محمد لأنكحن عائشة " (تفسير الفخر الرازي لهذه الآية 25 : 180 ، تفسير الدر المنثور 6 : 643 ، وأنظر تفسير الآلوسي حيث يورد رواية عن ابن عباس لكنه كعادة القوم لم يذكر طلحة بالاسم فيها وإنما بلفظ " رجل " ، ثم أورد اسمه في رواية ثانية حاول تضعيفها بدون أي دليل ! أنظر روح المعاني للآلوسي البغدادي 11 : 249 - 250) .

ويقول تعالى في آية أخرى من سورة الأحزاب : ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ) (سورة الأحزاب : 30) . نعم هذا هو منطق القرآن لا قرابة بين الله وبين أحد من خلقه ولا مجاملة من الله ولا من رسوله لأحد ، لا لصحابي ولا لزوجة النبي ، إن أكرم الخلق عند الله أتقاهم بما في ذلك الأنبياء والمرسلين ، بل إن صحبة الرسول مسؤولية خطيرة وكذلك الزوجية له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فمن لم يراعها حق رعايتها كان عذابه مضاعفا لما رأى من الحق ومن هدي الرسول الكريم ، فهل بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من هاد وهل بعده من عظيم؟! ولولا رسول الله لأخذ عذاب الله كثيرا من الصحابة كما أخذ السامري ومن كان قبل الصحابة من أتباع وأصحاب الأنبياء ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله ليعذبهم وهم يستغفرون ) (سورة الأنفال : 33) . ويقول الله تعالى في سورة الأحزاب : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) (سورة الأحزاب : 57) . إن الله لا يتأذى ولكن أذى الله من أذى الرسول ، وعليه فكل من آذى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صحابيا أو غيره فقد آذى الله ، وهذا نظير قوله تعالى : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (سورة النساء : 80) ، وما أكثر من آذى الرسول من الصحابة والصحابيات ، ومن أراد اليقين فليبحث فسيرى عجبا . ويقول الله تعالى في سورة آل عمران : ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم * إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) (سورة آل عمران : 121 - 122) . ويقول الفخر الرازي في تفسيره : " أنها نزلت في حيين من الأنصار هما بترك القتال في أحد والعودة إلى المدينة أسوة برأس النفاق عبد الله بن أبي بن أبي سلول " (التفسير الكبير للفخر الرازي - تفسير سورة آل عمران : 121 - 122 ، تفسير الطبري 4 : 48 ، الدر المنثور 2 : 305) . ويقول تعالى في سورة آل عمران حول معركة أحد : ( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة... ) (سورة آل عمران : 152) . ويقول كذلك : ( إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون ) (سورة آل عمران : 153) . ويقول أيضا : ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ) (سورة آل عمران : 155) .

مرحى لهؤلاء الصحابة الذين يفرون من ساحة المعركة ويتركون الرسول خلفهم والرسول يناديهم في ذلك الموقف الشديد . وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره : " أن عمر بن الخطاب كان من المنهزمين ، إلا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ! ! ومن الذين فروا يوم أحد عثمان بن عفان ورجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة ، انهزموا حتى بلغوا موضعا بعيدا ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام فقال لهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقد ذهبتم بها عريضة " (تفسير الفخر الرازي في تفسير الآية 155 من سورة آل عمران ، تفسير الطبري 4 : 96 ، تفسير الدر المنثور 2: 355 - 356) !

ثم لنأت إلى سورة الجمعة ولنقرأ هذه الآية : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ) (سورة الجمعة : 11) .
وقد نزلت هذه الآية في الصحابة الذين كانوا يصلون الجمعة مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى إذا دخل دحية الكلبي - وكان مشركا - المدينة بتجارة من الشام فترك الصحابة المسجد وخرجوا إليه ولم يبق معه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا اثنا عشر رجلا على رواية ، حتى قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيهم : " لو اتبع آخرهم أولهم لالتهب الوادي عليهم نارا " (أنظر تفسير الفخر الرازي سورة الجمعة ، تفسير الدر المنثور 8 : 165 ، تفسير الطبري 28 : 67 - 68) . ونأتي إلى سورة التحريم حيث ترى عجبا ، إذ فضحت هذه السورة زوجتين من زوجات الرسول وهما عائشة وحفصة ، حيث جاء في سبب نزولها أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يأتي زينب بنت جحش ويأكل عندها عسلا ، فاتفقت عائشة مع حفصة على أن تقولا للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إن فيك رائحة مغافير ( الثوم ) ، وهكذا كان إلى أن قال الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لقد حرمت العسل على نفسي " ، فنزلت سورة التحريم ومنها قوله تعالى : ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) (سورة التحريم : 4 . وأنظر قصة المغافير هذه في صحيح البخاري 6 : 194). وصالح المؤمنين كما رواه البعض هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (أنظر تفسير روح المعاني للآلوسي البغدادي 14 : 348 . في تفسيره لسورة التحريم) . ومعنى صغت كما قال الفخر الرازي في تفسيره : مالت عن الحق .

وتواصل السورة : ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ) (سورة التحريم : 5) . فالله يقول لعائشة وحفصة لا تظنا أنكما أفضل النساء لأنكما زوجتا الرسول ، بل يستطيع الله أن يبدله نساءا خيرا منكن . ثم يقارن الله تعالى عائشة وحفصة بامرأة نوح وامرأة لوط ليحذرهن أن كونهما زوجتين لمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يدرأ عنهما عذاب النار ولا يجعلهن بالضرورة من أهل الجنة ، يقول تعالى : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) (سورة التحريم : 10) . ثم يأتي علماء أهل السنة بعد كل هذه الأدلة ليقولوا : إن عائشة أحب الناس لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والويل لمن يقول غير ذلك ! (أنظر مثلا صحيح البخاري 5 : 707 حديث رقم 3890) . ثم تعال معي إلى سورة النور ، حيث يقول العزيز الحكيم : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ) (سورة النور : 11) . فتأمل قوله تعالى : ( عصبة منكم ) ، ألا يعني ذلك أنهم داخلون في دائرة الصحابة ، وقد ورد في التفاسير أن الذين جاؤوا بالإفك ( اتهام عائشة ) هم زيادة على رأس النفاق عبد الله بن أبي سلول ، حسان بن ثابت شاعرالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والإسلام ، وزيد بن رفاعة ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش (راجع تفسير الفخر الرازي في تفسير سورة النور ، تفسير الدر المنثور 6 : 148 ، تفسير الطبري 18 : 68) . وقد يدعي الكثير من البسطاء أن هذه فضيلة لعائشة حيث برأها الله وأنزل فيها قرآنا من فوق سماواته ، لكن من يتأمل الحالة جيدا يجد أن الآية نزلت لتبرأة ساحة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتنزيهه ، ولو كانت عائشة زوجة لغير رسول الله ما كان ينزل فيها حرف واحد ، لأن الله تعالى بين أحكامه وأحكام السرقة والخمر وغيرها في كتابه ، لكن نظرا لحساسية موقع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنزلته العظيمة برأ الله ساحته ونزهها . ويقول الله تعالى في سورة الأنفال : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) (سورة الأنفال : 67 - 68) . في هذه الآيات خطاب شديد للصحابة الذين حاربوا في بدر لأنهم أخذوا أسرى ، وليس هذا من شأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما ليس من شأن الأنبياء السابقين ، لكن الله سمح لهم بعد ذلك بأخذ الفداء ، والعجيب أن كثيرا من المفسرين أدخلوا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا التهديد مع أن ظاهر الآية واضح في مخاطبة الصحابة ، ثم أن رسول الله ما كان ليقوم بفعل أو قول دون إذن الله فلماذا يدخل في دائرة التهديد ؟ ! نعم هذا ما فعلته أيدي بني أمية الحاقدة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته فينطبق عليهم قول الله تعالى: ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) (سورة المائدة : 41) . وتقرأ في سورة الأنعام هذه الآية : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله... ) (سورة الأنعام : 93 . أنظر تفسير الفخر الرازي في تفسيره للسورة 13 : 93 ، تفسير الطبري 7 : 181 ، تفسير الدر المنثور 3 : 317) . وفي قول نزلت هذه الآية في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان بن عفان والذي أهدر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دمه لأنه قال إنني أستطيع أن أقول مثل ما أنزل الله ، والعجيب أن هذا الأفاك الأثيم يصبح في زمن عثمان أحد وزراء الدولة وقادة الجيش؟! هذا غيض من فيض ، ولولا أن المجال لا يتسع لأكثر من هذا لأتينا على كل الآيات النازلة في شأن الصحابة والتي كانت تفضح بعضا منهم أو تقرع البعض الآخر أو تهددهم وتتوعدهم .

وهكذا ترى أن القرآن يضع الصحابة في محلهم الطبيعي . والعجب أن علماء أهل السنة كما أشرنا إلى ذلك سابقا يزعمون أن الله والقرآن عدلا الصحابة جميعا ، وعليه إن أي قدح في أي واحد منهم هو خروج عن الإسلام وزندقة، فها هو القرآن يكذب آراءهم النابعة من الهوى ويقول غير ما قالوا ، ولا كلام بعد كلام الله وإن كره الكارهون . ثم دعنا من الصحابة ولنأت إلى أشرف ولد آدم وأفضل رسل الله ورأس أولي العزم ( عليهم السلام ) حيث إنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يكتسب تلك المنزلة العظيمة بالأماني بل بأعماله ، وها هو القرآن يشير إلى هذه الحقيقة قائلا : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) (سورة الزمر : 65) . وحاشا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يشرك ، لكن هذا هو مقياس الله ، لا مجاملة ولا محاباة مع أي أحد في أحكامه وشرائعه . ثم انظر إلى قوله تعالى في سورة الحاقة : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) (سورة الحاقة : 44 - 46) . فليس معنى كون الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نبيا يحجزه عن العقاب إذا خرج عن حدود الله ، فما بالك بعد هذا بالصحابة ؟ ! إن الصحابة هم أول المكلفين في الإسلام وأول المسؤولين . فهم إذن تحت الشرع وليسوا فوقه ، وليس عندهم جواز عبور إلى الجنة ، هيهات ليس الأمر بالأماني . إن الصحابة في موضع خطير حيث أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان بين أظهرهم ولا حجة لمن تعدى حدود الله منهم غدا يوم القيامة ، فقد شاهدوا نور النبوة وآيات الله نزلت بينهم وقد تمت عليهم الحجة والويل لمن لم ينجه كل ذلك .

رضا الهاشم
08-10-2009, 12:59 AM
رأي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الصحابة
بعد استعراضنا لكثير من الآيات الموضحة والمبينة لرأي القرآن في الصحابة ، نأتي الآن لنرى رأي الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أصحابه . نفتح صحيح البخاري ونقرأ : عن عقبة ( رضي الله عنه ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف على المنبر فقال : " إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها " (صحيح البخاري 8 : 151 ، صحيح مسلم باب الفضائل) . وجاء هذا الحديث بألفاظ أخرى منها هذا الحديث التالي : عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم ، فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلم ، قلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم ) (صحيح البخاري 8 : 151 . وراجع صحيح مسلم 4 / 1793 كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا ، مسند أحمد 1 : 406) فإذا نظرت إلى الحديث الأول ترى أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " وأنا شهيد عليكم " أي على أفعال أصحابه ، وهذا يذكرنا بقول عيسى بن مريم ( عليه السلام ) حيث قال : (... وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) (سورة المائدة : 117) . فالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس مسؤولا عن أفعال أصحابه بعد حياته . ثم انظر إلى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها " . نعم هكذا كان ، حيث صار الصحابة بعد فتح البلدان من أغنى الناس كطلحة والزبير وغيرهما ، ولهذا حاربوا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لأنه كان أشد الناس في الحق بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وتأمل هذه المفردة في الحديث ( حتى إذا عرفتهم ) وهذا يعني أنهم عاشوا مع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وليسوا أفرادا من أمته متأخرين أو المنافقين كما يدعي البعض . ثم تأمل هذه المفردة ( إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ) . نعم هكذا كان ، وانظروا كتب التواريخ وما فعله كثير من الصحابة من كنز الأموال وقتل النفوس وتعطيل حدود الله وتغيير سنة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لترى عجبا!!

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:00 AM
مخالفات الصحابة للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )
إن الباحث المتجرد سيكتشف أن الصحابة هم أول من خالف الله ورسوله ولم يكونوا جميعا مطيعين متهالكين في طاعته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما يدعي البعض ، وإليك غيض من فيض من هذه المخالفات : عن البراء بن عازب ( رضي الله عنه ) قال : " جعل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير فقال : إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ، فهزموهم ( هزيمة المشركين ) ، قال فأنا والله رأيت النساء يشتددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن رافعات ثيابهن ، فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة أي قوم الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون ، فقال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قالوا : والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة ، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين ، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم ، فلم يبق مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين " (صحيح البخاري 4 : 79) . أنظر إلى هؤلاء الصحابة يخالفون أوامر الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علانية حتى تسببوا في هزيمة المسلمين وشهادة خيار الصحابة كمصعب بن عمير وحمزة وغيرهما ، ولو لم ينزلوا من الجبل لكانت معركة أحد الضربة القاضية للمشركين ، ولما تجرأوا بعدها على خوض حروب أخرى ضد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كغزوة الخندق وغيرها . ويا ليته كان فرارهم الأول بعد هزيمتهم ، لكن أعادوا نفس الفعلة في غزوة حنين . وإليك حادثة أخرى وقعت قبل أربعة أيام من وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي المعروفة برزية يوم الخميس : عن ابن عباس قال : " يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعه يوم الخميس فقال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا : هجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة " (صحيح البخاري 4 : 85 ، وصحيح مسلم 3 : 1257 كتاب الوصية ، ومسند أحمد 1 : 222) .

مرحى لهؤلاء الصحابة يأمرهم الرسول فيقولون إن النبي يهجر ( يخرف ) ! ! ولا يطيعونه حتى يعرض عنهم . ويا حسرة على ذلك الكتاب الذي لم يكتب والذي قال عنه الرسول ( لن تضلوا بعده ) ولو فعل الصحابة ما أمروا به لما اختلف مسلمان إلى يوم القيامة ، فانظر إلى ما جناه علينا الصحابة من الضلال وما حرمونا منه .

حديث آخر فخذه : " عن علي ( رضي الله عنه ) قال : بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه ، فغضب عليهم وقال : أليس قد أمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى ، قال : عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها ، فجمعوا حطبا فأوقدوا ، فلما هموا بالدخول نظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم : إنما تبعنا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرارا من النار أفندخلها ؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه ، فذكر للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف " (صحيح البخاري 9 : 113 ، ما جاء في السمع والطاعة).

أنظر إلى هذا الأمير المتلاعب كيف يأمر الصحابة بالهلاك وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة ، وانظر استنكار الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لذلك الفعل وما قاله . والأعجب من هذا كله أنك تجد في كتب وصحاح أهل السنة أحاديث في الطاعة ما أنزل الله بها من سلطان ، بل مخالفة لصريح القرآن والفطرة الإنسانية مثل هذا الحديث الآتي : عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اسمعوا وأطيعوا وإن أستعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " (صحيح البخاري 9 : 113) .
نقول :
أولا : حاشى لرسول الله أن تصدر منه هكذا أوصاف في حق عباد الله ، وهو الذي وصفه الله تعالى بالخلق العظيم ولا يعير الرسول أحدا من الخلق ولا يقول رأس فلان ككذا ولا غيرها .
وثانيا : أليس الله تعالى يقول : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار... ) (سورة هود : 113) . فالله ينهي عن طاعة الظالمين فكيف يأمر بها نبيه ؟ ! نعم ، إن معاوية وملوك بني أمية وبني العباس وضعوا هذه الأحاديث حتى لا يخرج عليهم أحد ولا ينهاهم مسلم ، وهل يريد الحكام الظالمون أكثر من ذلك ؟ ! وتعال إلى حديث آخر شبيه بالسابق : قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية " (تجد الحديث قريب منه في لفظه في مسند أحمد 4 : 96) . إن هذا الحديث كذب صريح ، وإلا لو كان صحيحا فلماذا خالفه الصحابة أنفسهم ، أليس قد فارق علي بن أبي طالب جماعة المسلمين ولم يبايع أبا بكر إلا بعد ستة أشهر ؟ أليس قد خالفت عائشة هذا الحديث وخرجت على علي في حرب الجمل مع طلحة والزبير ؟ ! أليس قد فارق عبد الله بن عمر الجماعة ولم يبايع عليا طيلة خلافته ثم بايع بعد ذلك يزيد وعبد الملك بن مروان ؟ !
وهناك حديث آخر يعارض هذه الأحاديث ، يقول : عن عبد الله عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " (صحيح البخاري 9 : 113) .
وإليك فعلة شنيعة أخرى اقترفها صحابي ابن صحابي : عن أسامة بن زيد بن حارثة قال : " بعثنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى الحرقة ( قبيلة ) من جهينة ، قال فصبحنا القوم فهزمناهم ، قال ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، قال : فلما غشيناه قال لا إله إلا الله ، قال : فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته ، قال : فلما قدمنا بلغ ذلك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )، قال : فقال لي : يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ، قال : قلت : يا رسول الله إنما كان متعوذا ( أي قالها خوفا من القتل لا إيمانا ) قال : أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ قال : فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " (صحيح البخاري 9 : 5 ، مسند أحمد 5 : 200) .والواقع أن الإنسان لا يجد ما يعلق عليه في هذه الحادثة ، لذا نتركها للقارئ .
وإليك حادثة أخرى : عن أبي هريرة قال : " شهدنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لرجل ممن يدعي الإسلام : هذا من أهل النار ، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة ، فقيل : يا رسول الله الذي قلت إنه من أهل النار فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إلى النار ، قال : فكاد بعض الناس أن يرتاب ، فبينما هم على ذلك إذ قيل : إنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا ، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه ، فأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك فقال : الله أكبر إني عبد الله ورسوله ، ثم أمر بلالا فنادى بالناس... " (صحيح البخاري 4 : 88).
هذا رجل مسلم ، صحب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغزا معه ، والله أعلم كم غزوة شارك فيها ، ولم يكفر بالله ولم يرتد لكنه من أهل النار لأنه انتحر ولم يصبر على الجراح ، فكيف يقال : إن جميع الصحابة عدول؟! نكتفي بهذا القدر اليسير من مخالفات الصحابة لله ولرسوله وننتقل إلى بحث آخر وهو : رأي الصحابة في بعضهم البعض .

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:01 AM
رأي الصحابة في بعضهم البعض
إن الذي يمنعنا اليوم من مجرد ذكر حقائق وأفعال بعض الصحابة - التي أثبتها الله ورسوله ويدعي أن ذلك طعن بالصحابة ويتهمنا بسب وشتم جميع الصحابة - لا يدري أن الصحابة أنفسهم شتم بعضهم بعضا ولعن بعضهم بعضا وقاتل بعضهم بعضا ، فهل " حلال عليهم ، حرام علينا؟!" (مثل تونسي شائع) .
وإليك بعض الأمثلة على ذلك : عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : " أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ ! فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم . سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي عليا ، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) (سورة آل عمران : 61) دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي " (صحيح مسلم 4 : 1871 ، كتاب فضائل الصحابة) .

ونحن نستخلص من شهادة سعد بن أبي وقاص هذه أشياء :
أولا : لو كان سب الصحابي كفرا فما بال معاوية بن هند يأمر الصحابة ومن ضمنهم سعدا بسب علي بن أبي طالب؟! وما بال بني أمية اتخذوا سب علي بن أبي طالب سنة ، حتى كانوا يلعنونه على المنابر طيلة سبعين سنة.
ثانيا : ثبت عن الصحابة أن المقصود من أهل البيت النبوي ليس زوجات الرسول بل هم : علي وفاطمة وحسن وحسين وفيهم نزلت آية التطهير حيث يقول تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (سورة الأحزاب : 33) فالقرآن نزل بين الصحابة وما كانت لتخفى عليهم مقاصد هذه الآية.
وثالثا : يتبين كذب أحاديث قيلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومنها هذا الحديث التالي : عن محمد بن إسحاق عن يونس بن محمد عن إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رائطة عن عبد الرحمان عن عبد الله بن مغفل قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه " (مسند أحمد بن حنبل 9 : 82 ، وقريب من هذا الحديث حديث " أحسنوا إلى أصحابي " مسند أحمد بن حنبل : 45 حديث رقم 178 . فهل أحسن عثمان إلى أبي ذر وهل أحسن معاوية لعلي وهل أحسن يزيد ( التابعي ) إلى الحسين الصحابي وو...؟!) .
فإذا صح الحديث فمعاوية - وهو صحابي درجة مائة - كان يسب عليا وما أدراك ما علي ويأمر بسبه ; وعلي ( عليه السلام ) قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " (أنظر سنن ابن ماجة 1 : 42 ، فضائل علي) .
وإليك مثال آخر على رأي الصحابة في بعضهم البعض : عن جابر قال : " صلى معاذ بن جبل الأنصاري بأصحابه صلاة العشاء فطول عليهم ، فانصرف رجل منا ، فصلى ، فأخبر معاذ عنه فقال : إنه منافق ، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخبره ما قال معاذ ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " أتريد أن تكون فتانا يا معاذ ؟ إذا صليت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى واقرأ باسم ربك " (سنن ابن ماجة 1 : 315 ، باب من أم قوما فليخفف)

وتعليقا على الحديث نقول :
انظر إلى معاذ وهو يرمي أحد المسلمين بالنفاق لأنه لم يطق تطويله وتأمل لوم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم) لمعاذ . كذلك أمر عمر بن الخطاب رجال السقيفة بأن يقتلوا سعد بن عبادة لأنه خالف ما اتفقوا عليه ، وهكذا الأمثال عديدة ، فمن شاء فليحقق في الصحاح وكتب السيرة .

ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " من قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما " (موطأ الإمام مالك : 652 ، حديث رقم 1844) . وإليك مثالا آخر : " عن جابر ( رضي الله عنه ) قال : غزونا مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا ، وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا ، وقال الأنصاري : يا للأنصار ، وقال المهاجري : يا للمهاجرين ، فخرج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ما بال دعوى أهل الجاهلية ، ثم قال : ما شأنهم ؟ فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري ، قال فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : دعوها فإنها خبيثة . وقال عبد الله بن أبي بن سلول : قد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فقال عمر : ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه " (صحيح البخاري 4 : 223 ، وكذلك في مسند أحمد 3 : 338) . فهاهم المهاجرون والأنصار يختلفون ويكادون يتقاتلون ، حتى وصل الأمر أن يستغل هذه الفرصة رأس المنافقين فيقول ما قال . ولنتصور مدى تألم قلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يرى أصحابه يرفعون شعارات قبلية ، أليست هذه إذاية للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! ثم تأمل قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال : " لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه " ، فنفهم منه أن المنافقين بعكس ما يقول علماء أهل السنة كانوا داخلين في دائرة الصحابة وما كان أكثرهم حتى أن الله تعالى أنزل سورة كاملة باسمهم (هي سورة المنافقون) وقال تعالى فيهم في سورة التوبة : ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم... ) (سورة التوبة : 101) فمن هم يا ترى أولئك المنافقون الذين لا يعلمهم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! سنعرفهم يوم القيامة إن شاء الله تعالى .
كذلك تساب خالد بن الوليد و عبد الرحمن بن عوف أمام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأفحش خالد بن الوليد لعمار بن ياسر (مسند أحمد 4 : 89) وما أدراك ما عمار الطيب بن الطيب (سنن ابن ماجة 1 : 52 ، فضائل عمار) كما وصفه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:03 AM
ما لاقاه الصحابة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم)
عمار بن ياسر :
عمار بن ياسر أبو اليقظان وهو صحابي جليل وقد استشهد أبواه ياسر وسمية - أول شهيدة في الإسلام - بعد أن عذبا وعمار عذابا شديدا من مشركي قريش . وعمار هو الذي نزل فيه قوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) (سورة النحل : 106) بعدما نال من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وذكر آلهة المشركين على رواية لشدة ما ناله من العذاب ، وقد قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " عمار تقتله الفئة الباغية " (صحيح البخاري 4 : 25 . هذا مع أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " من أبغض عمارا أبغضه الله " . أنظر مسند أحمد 4 : 89 ، فما بالك إذن بمن قتله واجترأ عليه ؟) وفعلا استشهد عمار يوم حرب صفين بين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ورئيس الفرقة الباغية معاوية بن هند . وقبل أن يقتل " الصحابي " معاوية عمارا كما قتل غيره ، تعرض عمار للضرب والشتم من عثمان ووزيره مروان بن الحكم ، وإليك القصة كما أوردها ابن قتيبة في كتابه ( الإمامة والسياسة ) : "..ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان ، وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود ، وكانوا عشرة ، فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحده ، فمضى حتى جاء دار عثمان ، فاستأذن عليه ، فأذن له في يوم شات فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية ، فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال له : أنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال نعم ، قال : ومن كان معك ؟ قال كان معي نفر تفرقوا فرقا منك ، قال : من هم ؟ قال : لا أخبرك بهم، قال : فلم اجترأت علي من بينهم ؟ فقال مروان : يا أمير المؤمنين إن هذا العبد الأسود ( يعني عمار ) قد جرأ عليك الناس ، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه ، قال عثمان : اضربوه ، فضربوه وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه ، فجروه حتى طرحوه على باب الدار ، فأمرت به أم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام فأدخل منزلها... " (الإمامة والسياسة 1 : 50 - 51) .

أبو ذر الغفاري :
هو جندب بن جنادة من قبيلة غفار ، وكان رابع من أسلم أو خامسهم بعد خديجة وعلي وزيد بن حارثة ، وقد قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " (طبقات ابن سعد ج 4 ، ترجمة أبي ذر الغفاري) . وأبو ذر هذا نفاه عثمان بن عفان إلى الشام ، لكن معاوية خاف منه ومن صرامته في الحق فأرسل لعثمان كتابا قال له فيه : انقذني من أبي ذر ، فأرجعه عثمان وشتمه ونفاه إلى صحراء الربذة حتى مات هناك ، فصدق فيه قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك " (الحديث عن عبد الله بن مسعود وقد قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأبي ذر في غزوة تبوك ، الطبقات الكبرى لابن سعد 4 : 173) .
بل إن هذا الصحابي الجليل القدر لم يجد حين حضرته الوفاة كفنا يكفن فيه ، في حين كان مروان بن الحكم وغيره من بني أمية المجرمين يتنعمون ويبذرون مال الله على شهواتهم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

سهل بن سعد الساعدي :
صحابي من الصحابة ، وقد قال ابن الأثير في ترجمته "... وعاش وطال عمره ، حتى أدرك الحجاج بن يوسف وامتحن معه ، أرسل الحجاج سنة أربع وسبعين إلى سهل بن سعد ( رضي الله عنه ) وقال له : ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان ؟ ! قال : قد فعلته . قال : كذبت ، ثم أمر به فختم في عنقه ، وختم أيضا في عنق أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) ، حتى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه ، وختم في يد جابر بن عبد الله ، يريد ( أي الحجاج ) إذلالهم بذلك ، وأن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم " (أسد الغابة 2 : 472 ، ترجمة سهل بن سعد الساعدي) . وكما ترى فإن الحجاج ومن قبله معاوية ويزيد لم يدعوا حرمة للصحابة بل ختموا على رقابهم وأيديهم كالأغنام ، وقد ختم يزيد على رقاب أهل المدينة بعد أن غزاها وكان فيها من الصحابة والتابعين الكثير وشرط عليهم أن يختم عليهم وأن يشهدوا على أنهم عبيد ليزيد . ولاحظ حقد الحجاج على من لم ينصر عثمان ، فما بالك بمن حارب عثمان ودعا لقتله ، وقد فعل هذا كثير من الصحابة كعائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص وغيرهم كثير ، وبهذا تعرف لماذا صارت لعثمان فضائل كثيرة مزعومة ومثالب وشتائم لمن عارضه أو قتله أو رضي بذلك ، فافهم ! !

نكتفي بهذا القدر ، ولو أردنا التوسع فيما لقيه الصحابة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من التنكيل والتبعيد والقتل والسب والشتم لاحتاج كل ذلك إلى كتاب على أقل تقدير ، ثم يقال بعد هذا إن سب الصحابي كفر وزندقة؟!

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:06 AM
رأي التابعين في الصحابة :
في الواقع إن الباحث الفطن يكتشف أن مسألة عدالة الصحابة أجمعين أو فقل : إن لغز عدالة الصحابة جميعا هي مسألة محبوكة وموضوعة لكي تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى الحقيقة ، ولا يوجد أدنى شك في أنها خطة أموية أسسها معاوية بن أبي سفيان حتى لا يفتضح هو وأمثاله من أرثاء وأخساء الصحابة وحتى لا تصل الأمة بعد ذلك إلى فهم القرآن الكريم وآياته - والتي تتضمن طعنا بكثير من الصحابة كما أشرنا - وبالتالي عدم فهم السنة الشريفة ، وبعبارة أخرى فقل : أراد معاوية الذي أسلم يوم فتح مكة ثم صار فيما بعد أميرا للمؤمنين ، أراد أن لا يستغرب أحد من الأمة هذه القفزة النوعية ولا تثار الشكوك حولها ، وبعبارة أدق قام معاوية بعملية خلط الأوراق حتى لا يميز المسلم يمينه من يساره ولا ناقته من جمله . وبعد هذا الاستعراض القصير جدا لما شجر بين الصحابة من السب والتنابز ، نأتي إلى طبقة التابعين لنرى رأي بعضهم في الصحابة . لو كان كل الصحابة عدولا كما يقال، فما كان هذا الأمر ليخفى على أحد مشاهير وأعلام التابعين ، وهو الحسن البصري الفقيه البصري المعروف والذي أبدى رأيه في معاوية - الصحابي - صراحة حيث يقول : " أربع خصال كن في معاوية ولو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة :
1. انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزوها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة .
2. استخلافه ابنه - يقصد يزيد الشر - بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب الطنابير .
3. ادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الولد للفراش وللعاهر الحجر .
4. قتله حجر وأصحابه - يقصد حجر بن عدي الصحابي الجليل - ويل له من حجر وأصحابه ويل له من حجر وأصحابه " (تاريخ الطبري 5 : 279) .
فهذا التابعي يشنع على معاوية - الصحابي - أمورا منها أنه انتزى على حكم المسلمين بالقوة والباطل رغم وجود بقية باقية من خيار الصحابة ، ولم يكتف معاوية بهذا بل جعل أناسا مجرمين ولاة على الإمارات الإسلامية كتوليته زياد بن أبيه ( الذي جعله أخا له ) وتولية بسر بن أرطأة السفاح وكتولية المغيرة بن شعبة والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة وغيرهم . كذلك يشنع الحسن البصري على معاوية توليته يزيدا ابنه خليفة - ملكا على الأصح - على المسلمين مع ما اشتهر عنه من فسق وفجور ، حتى قال فيه الحسين بن علي ( عليه السلام ) قولته الشهيرة عندما رفض مبايعة يزيد : " وعلى الإسلام السلام إذ بليت الأمة براع مثل يزيد " . ولا ينسى الحسن البصري حادثة قتل معاوية لحجر بن عدي الصحابي الجليل الذي دفنه حيا في مرج عذراء قرب دمشق مع ثلة من أصحابه . وسجل معاوية ملئ بالإغتيالات والتصفيات التي طالت حتى كبار الصحابة فضلا عن غيرهم . فقد سم الإمام الحسن بن علي ( عليه السلام ) ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسيد شباب أهل الجنة ، وقتل محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ويح عمار تقتله الفئة الباغية " ، وعلى هذا يكون معاوية رئيس الفرقة الباغية ، ثم يأتي من يقول بعد ذلك إن جميع الصحابة - بمن فيهم معاوية - عدول ، ثقات ، مغفور لهم ، مشهود لهم بالجنة وأن منهم من اجتهد فأصاب ومنهم من اجتهد فأخطأ كمعاوية ولهذا فله أجر واحد فقط ؟ !

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:10 AM
صحابة تحت المجهر

ولكي يتبين الصبح لذي عينين ، لنضع بعض الصحابة الذين كان لهم أعمق الأثر في أن يوجد لدينا اليوم إسلام ذو شكل عجيب وغريب لا يمت إلى إسلام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأي صلة اللهم إلا الاشتراك اللفظي ، تحت المجهر .
1 - أبو هريرة الدوسي
أبو هريرة ، وما أدراك ما أبو هريرة ، راوية الإسلام الأعظم . واختلف في اسم أبي هريرة اختلافا شديدا ، لكن طغى عليه هذا الاسم . وقد أسلم هذا الرجل في السنة السابعة للهجرة بعد غزوة خيبر ، يعني أنه لم يصاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا مقدار ثلاث سنوات أو أقل ، لكن العجيب أنه أكثر الصحابة رواية ، حيث بلغ مجموع أحاديثه ( 5374 ) حديثا ، علما أن مجموع ما رواه الخلفاء الأربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ( عليه السلام ) هو ( 1421 ) حديثا ، وكما يقول السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي فإن نسبة حديث هؤلاء الذين طالت صحبتهم للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى حديث أبي هريرة هو أقل من 27 في المائة (كتاب أبو هريرة للعلامة شرف الدين الموسوي العاملي : 45 . هذا وقد أعتبر ابن حزم أن مجموع ما رواه الخلفاء الأربعة هو ( 1361 ) حديثا في كتابه " أسماء الصحابة الرواة ، وعلى كل الفارق شاسع بين ما رووه جميعا وبين ما رواه أبو هريرة) .

وليت الأمر وقف عند هذا الحد ، بل إن أبا هريرة يقول : " حفظت عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعاءين فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم " (كتاب أبو هريرة للعلامة شرف الدين الموسوي العاملي : 45 . هذا وقد أعتبر ابن حزم أن مجموع ما رواه الخلفاء الأربعة هو ( 1361 ) حديثا في كتابه " أسماء الصحابة الرواة ، وعلى كل الفارق شاسع بين ما رووه جميعا وبين ما رواه أبو هريرة) . وقد استنكر كثير من الصحابة على هذا الرجل كثرة حديثه ، ومنهم عمر بن الخطاب ، وحتى قال فيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : " إن أكذب الأحياء على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأبو هريرة الدوسي " (كتاب أبو هريرة للعلامة شرف الدين الموسوي العاملي : 186 ، وأيضا كتاب أبو هريرة شيخ المضيرة لمحمود أبو رية المصري : 119) .
وحتى تتيقن بنفسك أيها القارئ الكريم أن أبا هريرة كان مخرفا ولم يكن محدثا فتعال معي لنضع جزءا يسيرا جدا جدا من أحاديثه وانظر مخالفتها للعقل أولا وللقرآن والسنة ثانيا حتى تعلم أن حديث أبي هريرة ليس إلا زخرف من الكلام ولا يمكن أن يكون كلام شخص عاقل فضلا عن نبي ، وإليك هذا البعض اليسير : عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " اختتن إبراهيم ( عليه السلام ) وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم " (صحيح البخاري 4 : 170 ، ومسند أحمد 2 : 322) . ربما لا يدري أبو هريرة أن الأنبياء هم أكمل خلق الله تعالى ، فلا حاجة أن يختتنوا بل يولدون مختونين مقطوعي السرة ، كما كان شأن نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ثم لماذا يبقى إبراهيم غير مختون إلى هذا العمر المتأخر ؟ ! عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب ، فجعل يحثي في ثوبه ، فنادى ربه : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك " (صحيح البخاري 4 : 184 ، وكذلك في المستدرك للحاكم المجلد 2 : 582) .

تعليق :
إن هذا الحديث متهاو من عدة وجوه :
أولا : إذا كان أيوب ( عليه السلام ) يغتسل عريانا فكيف كان يضع الجراد الذهبي في ثوبه ؟ !
ثانيا : لماذا يعاتب الله أيوب على أخذ هذا الجراد ، أليس هو الذي أنزله عليه؟! أم كان الأمر اختبارا لأيوب ؟ ! وإذا كان اختبارا فكيف يكون أيوب حريصا لهذه الدرجة على جمع الذهب ؟ ! إن أيوب مدحه الله تعالى وجعله أسوة في الصبر ، وكذلك باقي الأنبياء ليس همهم جمع الذهب والفضة ، وماذا يعني لهم الذهب والفضة وكل كنوز الدنيا أمام طاعة الله ورضاه ؟ ! نعم إذا كان أبو هريرة يقيس نبي الله أيوب بنفسه فحينئذ لا نستغرب منه هذا التصرف.

ويمضي أبو هريرة في تطاوله على رسل الله وأنبياءه فيقول : " قيل يا رسول الله من أكرم الناس ؟ ! قال : أتقاهم، فقالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله . قالوا : ليس عن هذا نسألك قال : فعن معادن العرب تسألون خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " (صحيح البخاري 4 : 170) .

تعليق :
ما بال القوم لا يكتفون ، بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " أتقاهم ؟ ! " أليس الله تعالى يقول : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ؟ ! ثم ما معنى كرامة يوسف على الناس جميعا حتى على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهل الكرامة بالنسب فقط وإذا كان كذلك فإخوة يوسف هم كذلك أبناء وأحفاد أنبياء .

عن أبي هريرة قال : " سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : " قرصت نملة نبيا من الأنبياء ، فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه : أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح " (صحيح البخاري 4 : 75) .

تعليق :
ليس هذا الذي يحكي عنه أبو هريرة بنبي ، بل إنسان مجنون أو رجل بعقل طفل مشاغب ، وهل يعمل هذا الفعل عاقل ؟ ! نعم ربما قرصت نملة باليمن رجل أبي هريرة الحافية فأحرق قرية النمل ثم نسب الحديث إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان " (صحيح البخاري 4 : 152) .

تعليق :
ما أكثر ضحك الشيطان إذا ! !

عن أبي هريرة قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب (صحيح البخاري 4 : 151) .

تعليق :
لم يبين لنا أبو هريرة لماذا أخطأ الشيطان عيسى بن مريم ؟ ! وما أدراه فلعل كثيرون أفلتوا من طعنة الشيطان ؟ ! وعلى هذا الحديث يكون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ممن طعن الشيطان في جنبيه ، نعم هذا ما أراد أن يقوله بنو أمية حقدا على الرسول والرسالة ، لكن عن طريق بوقهم الكبير أبي هريرة خليل الرسول ؟ !

عن أبي هريرة : " أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا " (صحيح البخاري 4 : 155 ، ومسند أحمد 2 : 321) .

تعليق :
الكلام موجه إلى أهل الحديث : ما أكثر تعوذكم في اليوم والليلة ، اعملوا بهذا الحديث إذا فإن راويه ثقة ، أو بيعوا أحمرتكم حتى تخلصوا من هذه الورطة ، لكن ربما يكون ركوبكم للسيارة بدعة ! فاختاروا ما شئتم .

عن أبي هريرة " أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه ، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء " (صحيح البخاري 4 : 158 ، وكذلك في مسند أحمد 2 : 246) .

تعليق :
لم يذكر لنا أبو هريرة أي نوع من الذباب يقصد ، هل الذباب الأزرق أم الذبابة اللولبية أم ذبابة ال‍ " تسي تسي " ؟ !

عن أبي هريرة : " عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ، فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ، فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال له : يا إبراهيم ما تحت رجليك ؟ فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار " (صحيح البخاري 4 : 169) .

تعليق :
ما بال إبراهيم خليل الله ينخدع بقول أبيه أنه لا يعصيه يومذاك ؟ ! ألم يقل الله تعالى في قصته مع أبيه ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ) (سورة التوبة : 114). وما بال إبراهيم يرى حكم الله العادل خزيا ؟ ! وما باله يدافع عن الكافرين والمشركين وهو رافع لواء التوحيد ؟ ! وهذه إساءة أخرى من أبي هريرة للأنبياء .

عن أبي هريرة " عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب " (صحيح البخاري 6 : 63).

تعليق :
إذن وعلى هذا الحديث يصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقل رتبة من الأنبياء أولي العزم ، ويصبح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) متناقضا في كلامه حيث ورد في الأحاديث أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سيد ولد آدم ولا فخر ، وكذلك يصبح قول الله تعالى : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) (سورة البقرة : 253) لغوا . وقصد معاوية وبني أمية من هكذا أحاديث واضح ، فإن غايتهم هي استنقاص رسول الله الذي لم يقدروا على هزيمته وإماتة دعوته ، فعمدوا بداع الحقد الذي لهم عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى وضع هكذا حديث (من ذلك هذا الحديث : " اللهم إنما أنا بشر فلا تعاقبني بشتم رجل من المسلمين " مسند أحمد 6 : 160 . فهل كان الرسول يشتم بدون وعي ؟ !) لكن الله بالمرصاد ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) (سورة الأحزاب : 57) .

عن أبي هريرة : " عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إن موسى كان رجلا حييا ستيرا ، لا يرى من جلده شئ استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص وإما أدرة وإما آفة ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا ، فذلك قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ) " (صحيح البخاري 4 : 190 . والآية في سورة الأحزاب : 69) .

تعليق :
إن الإنسان والله يخاف أن ينزل عليه حجر من السماء لفظاعة هذا الإفك ، ولا أدري هل أراد الله أن يبرأ موسى أم أراد أن يفضحه .
وما معنى أن يعدو الحجر ويهرب ؟ ! وما بال موسى يسرع وراءه كالمجنون غير آبه بأحد ولا ملتفت لحاله ؟ ! وما باله يضرب الحجر حتى جعل فيه أثرا ؟ ! إن هذا الفعل لا يفعله مجنون قبيلة دوس التي ينتمي إليها أبو هريرة فما بالك بكليم الله ونجيه وأحد الأنبياء أولي العزم ؟ ! هل يجرأ أبو هريرة الذي كان ينام في مسجد رسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكان من أصحاب الصفة بل من أشهرهم والذي كان يغمى عليه من الجوع والذي كان يرافق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لشبع بطنه ، هل يجرأ أن يفعل هذا الفعل وهو هو من الحقارة والذلة وخفاء الاسم بين جميع الصحابة ؟ ! ولا ندري لماذا هذا الحقد من أبي هريرة على أنبياء الله ؟ ! لكن إذا عرف السبب بطل العجب ، فإن بني أمية بدءا بمعاوية وغيره أمروه فقال ، وهل يستطيع رد قولهم وأمرهم وهم الذين جعلوه أميرا على المدينة المنورة وبنوا له فيها قصرا وكان يأكل مع معاوية ألذ ألوان الطعام بعد أن كان مجهولا طول عمره في اليمن يخدم الأشراف بشبع بطنه وبعد إسلامه كان ينام في المسجد ولا يجد أحدا يطعمه إلا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعض صحابته الكرماء ؟ ! ألم يعزله عمر بن الخطاب عن البحرين بعد أن لعبت أصابعه في مال الله حتى علاه عمر وأنهكه ضربا بالدرة . وليس الغريب أن يصدر هذا من أبي هريرة ، لكن الغريب ممن يأخذ منه ويتبع قوله كالبخاري ومسلم وغيرهما وبقية المسلمين ! ! أيها المسلمون الحذر الحذر عمن تأخذون منه دينكم ، فليس كل من هب ودب بمأمون على الدين ، ولعن الله زمنا صار فيه معاوية عدو الله ورسوله وابن عدو الله ورسوله وابن عدوة الله ورسوله ملكا أو خليفة على المسلمين ، فصب أحقاده كلها على الرسول والرسل والصالحين ثأرا لدم أخيه وخاله وجده يوم قتلوا ببدر ولعن الله زمانا صار فيه أبو هريرة الدوسي راوية الإسلام الأول يقول فيسمع منه ، وعلي بن أبي طالب وغيره من أجلاء الصحابة مغلوبون على أمرهم . ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) (سورة البقرة الآية : 79) .

2 - خالد بن الوليد
بعد أبي هريرة نتناول واحدا من كبار الصحابة ، وهو خالد بن الوليد بن المغيرة ، لنرى ما فعله خالد وهل كان فعله مطابقا للقرآن والسنة أم... ؟ ! يقول ابن الأثير في كتابه أسد الغابة في تمييز الصحابة في ترجمة مالك بن نويرة المقتول المزني بزوجته في نفس الليلة ما يلي : "... إلا أنه لم تظهر عليه ردة ( يقصد مالك بن نويرة الصحابي الجليل ) وأقام بالبطاح ، فلما فرغ خالد من بني أسد وغطفان سار إلى مالك وقدم البطاح ، فلم يجد به أحدا ، كان مالك قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع ( لو كان مالك مرتدا فعلا لأعد العدة لقتال خالد ) فلما قدم خالد البطاح بث سراياه ، فأتي بمالك بن نويرة ونفر من قومه . فاختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، وكان فيمن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا ، فحبسهم في ليلة باردة وأمر خالد فنادى : أدفئوا أسراكم - وهي في لغة كنانة القتل - فقتلوهم ( أنظر إلى دهاء خالد ومكره ) فسمع خالد الواعية فخرج وقد قتلوا ، فتزوج خالد امرأته ، فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه ، فقال أبو بكر : تأول فأخطأ ولا أشيم سيفا سله الله على المشركين ، وودى مالكا ، وقدم خالد على أبي بكر فقال له عمر : يا عدو الله قتلت امرءا مسلما ثم نزوت على امرأته ، لأرجمنك... " . إلى أن يقول : " فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة ويدل على أنه لم يرتد ، وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا ، فتركهم هذا عجب ، وقد اختلف في ردته ، وعمر يقول لخالد : قتلت امرءا مسلما ، وأبو قتادة يشهد أنهم أذنوا وصلوا ، وأبو بكر يرد السبي ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدل على أنه ( مالك ) مسلم " (أسد الغابة 5 : 52 - 53 في ترجمة مالك بن نويرة ) انتهى كلام ابن الأثير .

إن لنا أن نحلل هذه الحادثة بكل موضوعية وبعيدا عن أي تحيز فنقول :
أولا : إن مالك بن نويرة رجل مسلم بشهادة عمر وأبو قتادة ولم يرتد .
ثانيا : إن خالد بن الوليد أراد قتله لكي يظفر بزوجته وكانت من أجمل نساء العرب ، ولهذا قال مالك قبل قتله هذه التي قتلتني ولهذا استعمل خالد كلمة أدفئوا أسراكم وكان يقصد قتلهم بالتأكيد وليس إدفاءهم من البرد .
ثالثا : وهذا أعجب لماذا لم يقم أبو بكر الحد على خالد لقتل مسلم وللزنى بزوجته لأنه تزوجها بدون عدة بل في نفس تلك الليلة .
رابعا : كان عمر غاضبا جدا من خالد وقال له ما قد مر ، ومن هنا نفهم لماذا عزل عمر خالدا عندما صار خليفة وعين مكانه أبا عبيدة على جيوش المسلمين ، ثم ما معنى قول أبي بكر : تأول خالد فأخطأ ؟ ! وهل في حدود الله مزاح وخطأ وصواب ؟ !

وليت الأمر وقف بخالد عند هذا الحد ، لكنه كما كان سيفا مسلولا - بالباطل - على المسلمين في أحد وغيرها ، فإنه أوغل في دماء المسلمين بعد إسلامه ، فهو فعلا سيف ، لكنه سيف مسلط على المسلمين والمؤمنين ، ولتزداد يقينا أن السياسة هي التي أسمت خالدا هذا بسيف الله المسلول ، تعال إلى هذه الحادثة : " لما فتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مكة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز له قتله فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) فودى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم ، حتى ثمن ميلغة الكلب... " (أسد الغابة ترجمة خالد بن الوليد ، وكذلك أنظر الحديث في مسند أحمد 2 : 151) . أنظر إلى خالد بن الوليد يبعثه الرسول بكل سلم وسلام فيقتل من شاء ويدع من شاء ، أنظر إلى دعاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يبرأ من فعل خالد بن الوليد . ثم يأتي من يقول إن خالدا سيف الله المسلول ، نعم هو سيف مسلول ، لكن ليس من أسياف الله تعالى . ولو شئنا التفصيل في فعل خالد وفعاله في الإسلام لما صدق الإنسان ما يرى من هول وعظم ما أتاه خالد ، لكن للاختصار نكتفي بهذا المقدار .

3 - المغيرة بن شعبة
هو صحابي ، وهو أحد النزاق الفساق الذين فتقوا في الإسلام فتقا لا يجبر إلى يوم القيامة .
ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي : " دهاة العرب أربعة : معاوية ابن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد... " . "... وولاه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها ، حتى شهد عليه بالزنا ، فعزله ، ثم ولاه الكوفة ، فلم يزل عليها حتى قتل عمر ، فأقره عثمان عليها... " . "... وهو أول من وضع ديوان البصرة وأول من رشى ( أعطى رشوة ) في الإسلام أعطى " يرفأ " حاجب عمر شيئا حتى أدخله إلى دار عمر... " (أسد الغابة 5 : 248 ترجمة المغيرة بن شعبة) .
إن السكوت عن التعليق هنا أبلغ من التعليق ، لكن نقول : العجب من عمر إذ بعد أن عزله عن البصرة بسبب زناه يعيده واليا على الكوفة وخيار الصحابة أحياء يرزقون كعلي بن أبي طالب الذي كان جليس بيته وكأبي ذر والمقداد وخزيمة وغيرهم... ؟ !

4 - ثعلبة بن حاطب
هو أحد الصحابة من الأنصار ، وقد ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي : " جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا ، فقال : ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا ، قال : أما لك في أسوة حسنة ؟ ! والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت ، ثم أتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله أدع الله أن يرزقني مالا ، والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اللهم ارزق ثعلبة مالا... وحين أنزل الله آية الزكاة أرسل إليه الرسول رجلين لجمع الحقوق فلم يعط ثعلبة شيئا... " . إلى أن يقول ابن الأثير... " فأقبلا ، فلما رآهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل أن يكلماه قال : يا ويح ثعلبة ، ثم دعا للسلمي بخير ، وأخبراه بالذي صنع ثعلبة ، فأنزل الله عز وجل ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله... ) (سورة التوبة : 75 - 78) وعند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل من أقارب ثعلبة سمع ذلك ، فخرج حتى أتاه فقال : ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله عز وجل فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسأله أن يقبل صدقته ، فقال : إن الله تبارك وتعالى منعني أن أقبل منك صدقتك ، فجعل يحثي التراب على رأسه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هذا عملك ، وقد أمرتك فلم تطعني ، فلما أبى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يقبض صدقته رجع إلى منزله وقبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يقبض منه شيئا ثم أتى أبا بكر ( رضي الله عنه ) حين استخلف، فقال : قد علمت منزلتي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي ، فقال أبو بكر : لم يقبلها رسول الله منك ، أنا أقبلها ؟ فقبض أبو بكر ( رضي الله عنه ) ولم يقبلها " (أسد الغابة 1 : 284 ، ترجمة ثعلبة بن حاطب) . وتوفي ثعلبة في خلافة عثمان ، ولم تقبل منه الحقوق أبدا .

وعندنا تعليق لا بد منه هنا :
إذا كان منع الزكاة ردة كما سمى ذلك أبو بكر وقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فلماذا لم يقتل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثعلبة ولا أمر به الله ؟ ! نعم قد يقال : إن مانعي الزكاة على عهد أبي بكر كفروا بإنكارهم ضرورة من ضروريات الدين ، وثعلبة فعل ذلك بل سمى الزكاة الجزية أو أخت الجزية كما قال ، والواقع أن مانعي الزكاة على عهد أبي بكر لم ينكروا أنها من الدين وكانوا يصلون كما رأيت في قصة مالك بن نويرة ، فليلاحظ ذلك .

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:11 AM
صحابيات تحت المجهر

1- حفصة بنت عمر بن الخطاب
زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولكن هذه المكانة التي تتمناها كل أنثى لم تمنع حفصة من ارتكاب الأهوال ومخالفة الله تعالى ورسوله ، ولا عجب فحفصة أنزل الله فيها وفي عائشة سورة كاملة - وهي سورة التحريم - فيها من التهديد والوعيد من الله بالطلاق والإبدال بزوجات خير منهما وبعذاب النار ما لا يخفى على أي شخص يفهم لغة العرب ، وقد تقدمت في باب " الصحابة في القرآن " هذه السورة . وقد ورد في ترجمة حفصة من كتاب أسد الغابة ما يلي : "... وتزوجها بعد عائشة ، وطلقها تطليقة واحدة ثم ارتجعها ، أمره جبريل بذلك وقال : إنها صوامة قوامة ، وإنها زوجتك في الجنة... " (أسد الغابة 7 : 66 ترجمة حفصة بنت عمر) . وأورد كذلك : " طلق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حفصة تطليقة ، فبلغ ذلك عمر ، فحثا التراب على رأسه وقال : ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها ، فنزل جبريل ( عليه السلام ) وقال : إن الله يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر ، رحمة لعمر " (أسد الغابة 7 : 66 ترجمة حفصة بنت عمر) . وكما ترى فالحديثان مختلفان ، ولذلك لا يعتد بهما ، لكن نقول : لو كانت حفصة صوامة قوامة فلماذا طلقها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! هل كان رسول الله يريد من النساء أكثر من ذلك وهو الذي يوصينا بذات الدين ؟ ! ثم أليس الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى ؟ ! فما بال الرسول يطلق دونما سبب ؟ ! وإذا كان هناك سبب فلماذا لا يذكره لنا أصحاب السير والتواريخ ؟ ! أما كون حفصة زوجة الرسول في الجنة فهو أعجب من الأول ، فمع وجود سورة التحريم التي تتلى إلى يوم القيامة فإنا نشك في ذلك. وعلى الحديث الثاني فيكون سبب إرجاع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لحفصة ليس منزلتها عند الرسول، بل لمنزلة عمر كما يزعم الراوي . وحفصة هذه ممن آذت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذبت عليه في قصة المغافير ( الثوم ) المشهورة والتي يرويها الصحاح ، كما آذت وحسدت زوجات رسول الله الأخر كصفية بنت حي اليهودي التي تزوجها الرسول بعد خيبر بعد أن أعتقها من الأسر ، وفي ترجمة هذه المرأة الصالحة من كتاب أسد الغابة تقرأ على لسانها : "... دخل علي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام ، فذكرت ذلك لرسول الله ( رحمهما الله ) فقال : ألا قلت : وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى ؟ !... " (أسد الغابة 7 : 170 ترجمة صفية بنت حي بن أخطب) . وبهذا الكلام من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على لسان صفية تعلم كذب الحديث المروي في الصحاح والمسانيد حول فضل عائشة حيث فيه : " وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على باقي الطعام ؟ ! " (مسند أحمد 3 : 264 و 6 : 159) .
وحسبنا قول الله في سورة التحريم حيث هدد عائشة وحفصة بالطلاق وبأن يبدلهن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بزوجات أفضل منهن في صفات عديدة ذكرتها السورة ، فلو كانت عائشة أفضل نساء العالمين فضلا عن زوجات الرسول فكيف يهددها الله تعالى بنساء أفضل منها في كل شئ ؟ ! ولكي تتيقن أن حفصة وعائشة هما المقصودتان من تهديد الله تعالى في سورة التحريم اقرأ هذا الخبر : " عن ابن عباس قال : أردت أن أسأل عمر فما رأيت موضعا ، فمكثت سنتين ، فلما كنا بمر الظهران وذهب ليقضي حاجته فجاء وقد قضى حاجته فذهبت أصب عليه من الماء ، قلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! قال : عائشة وحفصة " (مسند أحمد بن حنبل 1 : 48) .

2 - فاطمة بنت عتبة
هي أخت هند بنت عتبة ، وفي رواية هي التي قالت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إنه ما كان على ظهر الأرض... " الحديث . وقد أسلمت أسوة بذلك البيت الخبيث الذي أسلم بأفواهه ولم يسلم حقيقة يوم فتح مكة ، فهي من جملة الطلقاء الذين لا فضل لهم ولا فضيلة ، تزوجها في خبر عقيل بن أبي طالب فماذا كانت قصته معها ؟ ! تقرأ في كتاب الإصابة ما يأتي : " عن ابن أبي مليكة قال : تزوج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ، فكانت تقول له إذا دخل : أين عتبة بن ربيعة ( والدها وأحد رؤوس الكفر وقد هلك يوم بدر غير مأسوف عليه ) ؟ فقال لها يوما وقد أضجرته : عن يسارك إذا دخلت النار ، فقالت : لا يجمع رأسي ورأسك بيت ، وأتت عثمان... " (الإصابة 8 : 68 ترجمة فاطمة بنت عتبة) .
ولا ندري ماذا تريد هذه الصحابية بقولها هذا الملئ بالأسف على أبيها المشرك ؟ ! ولماذا تخاطب عقيلا زوجها بذلك وقد أجمع المسلمون أنه كان في صفوف المشركين يوم بدر ولم يقتل أباها عتبة ولا أخاها الوليد ، لكن هي الرواسب الجاهلية والأحقاد البدرية والتي صبها بالفعل بنو أمية فيما بعد على رسول الله من خلال حربهم لعلي بن أبي طالب أخو رسول الله وصنوه ، ومن خلال سم معاوية للإمام الحسن ريحانة رسول الله وسيد شباب أهل الجنة ومن خلال قتل يزيد للإمام الحسين بن علي وسبي بنات الرسالة بنات فاطمة الزهراء . وكيف لا ترى بعد ذلك وصول أحاديث تتهم الرسول بكثرة الجماع ، وباستماع الغناء ، وبأنه يسب ويشتم بل ويضرب من لا يستحق ، وبأنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذكر آلهة قريش ( حديث الغرانيق ) ، وأنه يخطأ ويصيب ، وأنه بشر أصحابه كلهم بمن فيهم معاوية بالجنة... ؟ ! وكيف لا يكون جميع من حارب الإمام عليا بدءا بمعاوية وعائشة ومرورا بطلحة والزبير وغيرهم أصحاب فضائل ومناقب ؟ ! إن معاوية لم يغتصب الخلافة لذاتها فقط بل ليحرف ويبدل ويغير كما يحلو له ومن يعارض فالويل له أو الدراهم .
إن فاطمة بنت عتبة تعلم أن عقيلا من بني هاشم قبيلة رسول الله وعلي وحمزة وهم الذين ضربوا بسيوفهم - في حين فر الآخرون - حتى قالت هند ومعاوية وغيرهم من العرب لا إله إلا الله ، فحقد فاطمة بنت عتبة على بني هاشم واضح من كلامها .

3 - هند بنت عتبة
هي زوجة حربة الكفر ورئيس الأحزاب أبي سفيان ، وكانت قد استسلمت لجيش رسول الله كما فعل بقية الطلقاء ، وهي التي لاكت كبد حمزة سيد الشهداء يوم أحد بعد أن أمرت وحشيا بأن يطعنه من الخلف، وإذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد ذلك - بعد الفتح - كلما رأى وحشيا يقول له : " غيب وجهك عني " فكيف به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندما كان يرى من لاكت كبد عمه ومثلت بجسده ؟ ! لكن القوم جعلوها مؤمنة مسلمة ، بل حسن إسلامها ، بل لها فضائل ومناقب يصرف عليها الحبر والكتابة . والكيس يدرك أن ما ورد فيها وفي زوجها أبي سفيان وفي معاوية ابنهما من الفضائل لا تعدو أن تكون زخرفا من القول وكذبا ، وذلك أن معاوية ابنهما لما ملك رقاب المسلمين طمس تلك المثالب وأظهر لهم مناقب لم يقلها الرسول ولم يسمع بها الصحابة . وهل تريدون من معاوية ( أمير المؤمنين ) أن يترك أهله ونفسه للفضيحة ؟ ! وهل تريدون منه وهو يصعد منبر رسول الله أن ينبزه الصحابة ومن يأتي من بعدهم ؟ ! هيهات .

واقرأ معي هذه المنقبة المزعومة : " لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه ، فتكلمت هند فقالت : يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه لتنفعني رحمك ، يا محمد ( لم يتعود لسانها على مخاطبته بالرسول ) إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة برسوله ، ثم كشفت عن نقابها وقالت : أنا هند بنت عتبة ، فقال رسول الله : مرحبا بك ، فقالت : والله ما كان على الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلوا من خبائك ، ولقد أصبحت وما على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يعزوا من خبائك... " (طبقات ابن سعد 8 : 236 ترجمة هند بنت عتبة).

سبحان مغير الأحوال ، ولكن لتتيقن من كذب هذه الفضيلة الواهية اقرأ الصفحة التالية من نفس هذا الكتاب ( طبقات ابن سعد ) لترى كيف أن هذه المرأة التي صار رسول الله أحب الناس إليها وأعزهم لديها تسئ الأدب معه : " عن الشعبي يذكر : أن النساء جئن يبايعن فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ، فقالت هند : إنا لقائلوها ( تقصد كلمة الشهادة ) ، قال : فلا تسرقن ، فقالت هند : كنت أصيب من مال أبي سفيان قال أبو سفيان : فما أصبت من مالي فهو حلال لك ، قال : ولا تزنين ، فقالت هند : وهل تزني الحرة ؟ قال : ولا تقتلن أولادكن ، قالت هند : أنت قتلتهم " (طبقات ابن سعد 8 : 237) .

تقصد هند بقولها : أنت قتلتهم ، هلاك ابنها فيمن هلك يوم بدر كأبيها وعمها وأخيها . نعم هذه حقيقة هند ، خسة ونذالة وأحقاد جاهلية رغم عفو وسماحة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معهم يوم الفتح ، ولو كان مكانه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أي قائد دنيوي آخر لذبح رؤوس رجالهم وبقر بطون أطفالهم ولسبى نساءهم جواريا ، فهم الطلقاء لا فضل لهم ولا فضيلة ولا هجرة ولا منقبة ولا غزوة ولا... بل ولا كلمة طيبة . وسيفضحهم الله يوم القيامة بما كان يكذبون في إسلامهم ، وهم أبطنوا الكفر . هذه هي هند وأمثال هند ، هذه التي يصبح ابنها معاوية الأفعى خليفة للمسلمين ( وكفى بها مصيبة ) بلا سابقة ولا جهاد ، وهي جدة يزيد الخمور الذي ارتضع من أسلافه الحقد على الرسول فقتل ذرية رسول الله في كربلاء وهجم على مدينة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (مع أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول في حديث له : " من أبغض الأنصار أبغضه الله " مسند أحمد 2 : 501 - 527 . ويقول : " من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " مسند أحمد 4 : 55) لأنها موطئ الأنصار الذين ساعدوا رسول الله بأموالهم وأسيافهم ، فكانوا بنظر يزيد شركاء للنبي في قتل أجداده ببدر.

وإني أقولها صريحة :
إن من يقرأ تاريخ هؤلاء الخبثاء ويطلع على فعالهم قبل إسلامهم وبعد استسلامهم ثم يعتقد لهم بفضيلة بل ويعتقد بأنهم أسلموا ، أقول : هكذا شخص بليد الذهن عديم الفطنة .

رضا الهاشم
08-10-2009, 01:11 AM
الخلاصة
هكذا ترى أن الشيعة لا يسبون الصحابة كما قال أعداؤهم ، لكن الشيعة أخذت طريقا وسطا وعقلانيا ينطبق مع الكتاب والسنة ، فلم يقولوا بعصمتهم جميعا كأهل السنة ، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنى ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنة الرسول ومن أشعل الفتن ؟ ! ثم إن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه كان يقيم الحدود كحد السرقة والزنا وشرب الخمر ، فعلى من كان يقيم تلك الحدود ؟ ! أليس على أصحابه المسلمين ، وإلا فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال . ولو نظرت إلى كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيروا ولم يتغيروا بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) . فهذه الضوضاء التي يثيرها بعض الغوغاء على الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان ، وهكذا كل عقائد الشيعة في الواقع كلها متطابقة مع العقل والنقل ، لكن الأعراب أبوا إلا التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم . وكما عرفت فإنه تسقط بعد هذا عدة أحاديث مكذوبة ، كحديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " فالصحابة اختلفوا وتنازعوا وأفتى بعضهم بخلاف الآخر ، فبأي واحد أم بأي فريق نقتدي ؟ !

نعم لقد أوصانا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي لا ينطق عن الهوى بأن نتبع أهل بيته ( عليهم السلام ) فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما ، لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (مسند أحمد 3 : 17 ، مستدرك الحاكم 3 : 148 وورد في مسلم بألفاظ أخرى ، أنظر مسلم ، كتاب الفضائل : فضائل علي بن أبي طالب)
وهكذا حدد لنا لمن نرجع بعده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما كان ليخفى عليه ما سيقع في أمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه ، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة ، فهذا بمثابة اجتماع النقيضين كما يقال . وارجع إلى كتاب الله لترى قوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون... ) (سورة المائدة : 55 . وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : " من كنت مولاه فعلي مولاه " مسند أحمد 1 : 84 و 118 - 119) .
أو قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (سورة الأحزاب : 33) .
وارجع إلى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أنا مدينة العلم وعلي بابها " (المستدرك للحاكم 3 : 126 كتاب معرفة الصحابة)
أو قوله : " يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " (أنظر الحديث في سنن ابن ماجة 1 : 42 فضائل علي) وغيرها كثير كثير .
وهذه الخاتمة لا تسع لئن نستعرض كل ما جاء في القرآن والسنة والسيرة من فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) وهم بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي والحسن والحسين وأبناء الحسين من الأئمة إلى الإمام الثاني عشر الإمام المهدي الغائب ( عليهم السلام ) . كذلك هذا بحث آخر فمن شاء فليتوسع في هذه المسائل ، لكن وصيتي لكل قارئ حر عنده عقل يميز به الحق من الباطل أن يقرأ عن الشيعة والتشيع من كتب أهل الشيعة أنفسهم لا من كتب المستشرقين والنواصب ، حتى لا ينطبق علينا قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) (سورة الحجرات : 6) .

والسلام على عباد الله الصالحين

ابراهيم كامل
22-10-2009, 12:18 PM
الاخوة الاعزاء عندي سؤال لكم لماذا لايمكنني تحميل الصور والكتب من منتداكم ارجو الاجابة وتقبلوا شكري

نسايم
22-10-2009, 12:44 PM
الاخوة الاعزاء عندي سؤال لكم لماذا لايمكنني تحميل الصور والكتب من منتداكم ارجو الاجابة وتقبلوا شكري



اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم

ماهي المشكلة لديك اخي الكريم في التحميل من المنتدى