نووورا انا
09-10-2009, 12:54 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
الانتظار اختراع العقل الإنهزامي (شبهة )
إنّ عقيدة الانتظار إنما هي نسيج من التخيلات زرعتها الروح الإنهزامية في عقل الإنسان ووطّد لها عجز الإنسان المسلم عن تغيير الواقع المنحرف الذي ابتعد عن مباني الرسالة وقيم الدين الحنيف، كما ساعد على ذلك جهل المسلم بالكيفية والطريقة التي تمكنّه من الخلاص من هذا الواقع المرير، لذلك اخترعت مخيّلته فكرة يوم الخلاص وانتظار المخلّص وما إلى ذلك من المفاهيم التي لا حقيقة لها على أرض الواقع (وبهذا تكون عقيدة المهدي حيلة من حيل الدفاع النفسي تلجأ إليها النفوس المظلومة العاجزة لإزاحة التوتّر، وتخفيف الشعور بعدم الأمن الذي يفرضه الظالمون).
يقول أحمد أمين في مقدمة كتابه المهدي والمهدوية:
(إنّ الدنيا في الشرق والغرب مملوءة ظلماً وذلك في كلّ العصور، وقد حاول الناس كثيراً أن يزيلوا الظلم عنهم ويعيشوا عيشة سعيدة في جوٍّ مليءٍ بالعدل فلم يفلحوا، فلمّا لم يفلحوا أمّلوا، فكان من أملهم إمام عادل، إن لم يأت اليوم فسيأتي غداً وسيملأ الأرض عدلاً، وستتحقق على يديه جميع الآمال).(15) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn15)
ويقول عبد الله بن آل محمود رئيس المحاكم الشرعيّة في دولة قطر في كتابه (لا مهدي ينتظر...):
(وأخذوا _ يقصد الكاتب هنا ابن سبأ وأتباعه _ في نشرها _ أي فكرة الانتظار _ في مجتمع الناس حتّى لا يفقدوا الأمل الذي يرتجونه بزعمهم في إرجاع الحكم إلى أهل البيت ليزيلوا عنهم الظلم من قبل خصومهم بني أميّة...).(16) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn16)
الجواب:
عادة ما تنشأ الشبهُ وتحوم الشكوك في مختلف المجالات العلمية والعقائدية إذا ما حصل فصل بين حلقات الموضوع الواحد واُخذتِ النظرةُ أحاديةَ التوجه وفي حلقة ضيقّة من دون امتداد إلى المفردات الأخرى ومن دون نظرة علميّة فاحصة إلى باقي حلقات الموضوع، نعم فإنّ لهذه النظرة الأحادية تبعاتها على الرؤية الفاحصة والروح العلمية المتسّمة بالموضوعية، إذ نجد أنّ تواجدها يغيب في خضّم مخلفات أمثال هذه النظرات الضيّقة، إذن لا بدّ في كلّ موضوع _ ولكي ترفع عنه جميع الشبهات وتغلق أمامه كافة الشكوك _ من النظر إليه بجميع مفرداته كوحدة مترابطة متكاملة وأجزاء متواصلة متراصّة فيما بينها، وبطبيعة الحال لا تشذّ قضيّتنا ولا تستثنى من هذا العموم، فحينما ينظر لقضيّة الانتظار منفصلةً عن بقيّة أجزاء الموضوع وفي رؤية مستقلّة لا ترتبط مع الحلقات الأخرى. فلا بدّ أن تعتورها الشكوك وتحوم حولها الشبهات والأوهام. أما إذا كان للتاريخ مجاله الرحب وبابه الواسع لكي يدلي بدلوه في مثل هذا الموضوع، وإذا كان للعنصر الروائي والحديثي مشاركته الفاعلة أيضاً في صياغة التركيبة الأساسية لهذا الموضوع، وكان للجانب القرآني أثره الملموس في بيان ووقوع بل وضرورة هذه القضية..
أقول: لو كان لهذه الأمور مشاركتها، وبعبارة أخرى لو نظر إليها الإنسان قبل أن ينبت ببنت شفة إذن لسارع إلى الاقتناع بأصل الفكرة، وآمن بهذه العقيدة (الانتظار) من دون لفٍّ ودوران، بل أننّي لا أتصوّر أن يعترضه الريب أو تتسرب إليه أمثال هذه الأوهام.
فلذا يمكننا هنا أن نذكر _ وفي معرض الإجابة _ عدة نقاط:
1 _ النظر إلى الأدلة العقلية والنقلية _ آية ورواية _ يؤكد ويدلّل على صحّة عقيدة المهدي عليه السلام ، ولا تتمكن هذه الوريقات من سرد واستيعاب حتّى بعض الأدلة فهي مذكورة في مظانّها فليراجع من أحبّ، ولكن الذي أودّ الإشارة إليه هو حصول الإجماع وثبوت التواتر من الطرفين _ شيعة وسُنّة _ على هذه الحقيقة وصحّتها عند المسلمين وأخذها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى صرّح مدير إدارة المجمع الفقهي الإسلامي (محمّد المنتصر الكتاني) الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، مكّة المكرمة بذلك فقال: (... وقد نصّ على أن أحاديث المهدي متواترة جمع من الأعلام قديماً وحديثاً منهم: السخاوي في فتح المغيث، ومحمّد بن أحمد السفاويني في شرح العقيدة، وأبو الحسين الآبري في مناقب الشافعي، وابن تيمية في فتاواه، والسيوطي في الحاوي، وإدريس العراقي المغربي في تأليف له عن المهدي، والشوكاني في التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدّجال والمسيح، ومحمّد بن جعفر الكتاني في نظم المتناثر في الحديث المتواتر، وأبو العبّاس ابن عبد المؤمن المغربي في الوهم المكنون من كلام ابن خلدون...) إلى آخر كلامه.
2 _ لندع الدليل العقلي والنقلي بكلا شقّيه جانباً وننظر إلى الشبهة من جهتها التحليلية بعيداً عن عالم الأدلّة المتداولة فإن لها مظانّها الخاصة كما ذكرنا، فالشبهة قائمة على حصر الإيمان بعقيدة (انتظار المهدي والمخلّص) بحالة الشعور بالضعف والاستكانة، وهذا يستلزم عدة نقاط لا يلتزم بها صاحب الشبهة.
أ _ إذا كانت هذه الشبهة صادقة ولها حقيقة في عالم الواقع فلماذا نجد إيمان المذاهب الأخرى بعقيدة الانتظار مع أن تلك المذاهب كانت مدعومة ومؤيدة من قبل حكّام عصورهم، والحال أنهم لم يلاقوا العذاب ولم يترادفهم الهوان والإذلال، فمن أين نبع الإيمان بهذه العقيدة عندهم؟ علماً أن هؤلاء يشكّلون أكثرية المسلمين من الناحية العددية، وربما يحلو للبعض أن يرمي المسلمين بالتهاون في عقائدهم، يقول عبد الكريم الخطيب في كتابه (المهدي المنتظر ومن ينتظرونه): كان للآراء المتطرّفة من فرق الشيعة... ما أشاع بين المسلمين من أمر المهدي الذي يظهر...)،(17) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn17) ويدعي أنّ هذه العقيدة إنما تسرّبت إليهم من قبل الشيعة بحسب الاختلاط والمعاشرة. ويقول آخر: (نحن لا نشك في أن عقيدة العامة من أهل السُنّة، بل وكثير من الخاصة، إنما هي أثر شيعي تسرّب إليهم، فعملت فيه العقلية السُنّية بالصقل والتهذيب).(18) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn18)
ولكن هذا لا يمكن الركون إليه والتصديق بصحّته لما نعرفه من تشدّد هؤلاء العلماء وحذرهم من الشيعة والابتعاد مهما أمكن عن أفكارهم.
ويكفي للتدليل على شدّة حذرهم وتوجّسهم من الطائفة الشيعية هو نبذهم ما ندب إليه الشارع وجاء به الدين الحنيف مع اعترافهم بذلك ليس لشيء إلاّ لتمسك الشيعة به، فكيف تريدهم أن يتقمصوا ويتمسكوا بعقيدة باطلة _ كما يدعون _ اخترعها الشيعة، إن هذا إلاّ عجباً من القول وزوراً.
ب _ إنّ هؤلاء _ أصحاب الشبهة _ حينما رأوا أمامهم أمرين أحدهما وجود فكرة الانتظار في أوساط المسلمين كحقيقة لا يمكن أن يتنصل منها أو يتغافل عنها، وثانيهما أنّ هذه العقيدة تتمركز بشكل جلي وواضح بجميع معالمها وجوانبها في الطائفة الإمامية الاثني عشرية _ وإن كانت موجودة في جميع الطوائف والمذاهب الإسلاميّة الأخرى _ وبما أنّ هذه الطائفة عانت الويلات منذ غرسها ونشوئها على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام وإلى يومك هذا، لذلك كرّس هؤلاء _ أصحاب الشبهة _ جهودهم لربط الأوّل بالثاني من دون ارتباط بينهما، وأقاموا معلولاً من دون علة، وأثبتوا نتائج من دون أسباب، فمن حقّنا ومن حقّ أي منصف يحترم عقله أن يتسائل: ما هو الدليل على أنّ حالة الضعف والذّل والعذاب المصاحب للطائفة الشيعية هو الذي ولّد حالة الانتظار وغرس في نفوس الشيعة هذه العقيدة؟ وفي الحقيقة إنّ هذا النقص الحاد في الاستدلال يواكب أغلب القضايا التحليلية حيث تتعثر أثناء القيام بوظيفتها في حال انفرادها بالتنظير واستخلاص النتائج، فالقضايا التحليلية لا يمكن أن تستقل في فرز النتائج، بل لا بدّ لها من الاعتماد على أوليات القضية المراد تحليلها وتسليط الأضواء عليها، ومن ثمَّ دعم هذه الأدلة بمؤيدات وشواهد تحليلية.
ج _ الملاحظ لهذا التحليل والكيفية المتبعة في استخلاص النتائج يتضّح له وجه الشبه جلياً بين هذا التحليل وبين تفسير الماديين للدين وكيفية تحليلهم له، يقول الشهيد الصدر في إقتصادنا: (وكان من الشائع في أوساط المادية، أنّ الدين نشأ نتيجة لعجز الإنسان القديم وإحساسه بالضعف بين يدي الطبيعة وقواها المرعبة، وجهله بأسرارها وقوانينها...
فالمضطهدون هم الذين ينسجون لأنفسهم الدين الذي يجدون فيه السلوة، ويستشعرون في ظلّه الأمل، فالدين إيديولوجية البائسين والمضطهدين، وليس من صنع الحاكمين).(19) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn19)
يتبع.....
الانتظار اختراع العقل الإنهزامي (شبهة )
إنّ عقيدة الانتظار إنما هي نسيج من التخيلات زرعتها الروح الإنهزامية في عقل الإنسان ووطّد لها عجز الإنسان المسلم عن تغيير الواقع المنحرف الذي ابتعد عن مباني الرسالة وقيم الدين الحنيف، كما ساعد على ذلك جهل المسلم بالكيفية والطريقة التي تمكنّه من الخلاص من هذا الواقع المرير، لذلك اخترعت مخيّلته فكرة يوم الخلاص وانتظار المخلّص وما إلى ذلك من المفاهيم التي لا حقيقة لها على أرض الواقع (وبهذا تكون عقيدة المهدي حيلة من حيل الدفاع النفسي تلجأ إليها النفوس المظلومة العاجزة لإزاحة التوتّر، وتخفيف الشعور بعدم الأمن الذي يفرضه الظالمون).
يقول أحمد أمين في مقدمة كتابه المهدي والمهدوية:
(إنّ الدنيا في الشرق والغرب مملوءة ظلماً وذلك في كلّ العصور، وقد حاول الناس كثيراً أن يزيلوا الظلم عنهم ويعيشوا عيشة سعيدة في جوٍّ مليءٍ بالعدل فلم يفلحوا، فلمّا لم يفلحوا أمّلوا، فكان من أملهم إمام عادل، إن لم يأت اليوم فسيأتي غداً وسيملأ الأرض عدلاً، وستتحقق على يديه جميع الآمال).(15) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn15)
ويقول عبد الله بن آل محمود رئيس المحاكم الشرعيّة في دولة قطر في كتابه (لا مهدي ينتظر...):
(وأخذوا _ يقصد الكاتب هنا ابن سبأ وأتباعه _ في نشرها _ أي فكرة الانتظار _ في مجتمع الناس حتّى لا يفقدوا الأمل الذي يرتجونه بزعمهم في إرجاع الحكم إلى أهل البيت ليزيلوا عنهم الظلم من قبل خصومهم بني أميّة...).(16) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn16)
الجواب:
عادة ما تنشأ الشبهُ وتحوم الشكوك في مختلف المجالات العلمية والعقائدية إذا ما حصل فصل بين حلقات الموضوع الواحد واُخذتِ النظرةُ أحاديةَ التوجه وفي حلقة ضيقّة من دون امتداد إلى المفردات الأخرى ومن دون نظرة علميّة فاحصة إلى باقي حلقات الموضوع، نعم فإنّ لهذه النظرة الأحادية تبعاتها على الرؤية الفاحصة والروح العلمية المتسّمة بالموضوعية، إذ نجد أنّ تواجدها يغيب في خضّم مخلفات أمثال هذه النظرات الضيّقة، إذن لا بدّ في كلّ موضوع _ ولكي ترفع عنه جميع الشبهات وتغلق أمامه كافة الشكوك _ من النظر إليه بجميع مفرداته كوحدة مترابطة متكاملة وأجزاء متواصلة متراصّة فيما بينها، وبطبيعة الحال لا تشذّ قضيّتنا ولا تستثنى من هذا العموم، فحينما ينظر لقضيّة الانتظار منفصلةً عن بقيّة أجزاء الموضوع وفي رؤية مستقلّة لا ترتبط مع الحلقات الأخرى. فلا بدّ أن تعتورها الشكوك وتحوم حولها الشبهات والأوهام. أما إذا كان للتاريخ مجاله الرحب وبابه الواسع لكي يدلي بدلوه في مثل هذا الموضوع، وإذا كان للعنصر الروائي والحديثي مشاركته الفاعلة أيضاً في صياغة التركيبة الأساسية لهذا الموضوع، وكان للجانب القرآني أثره الملموس في بيان ووقوع بل وضرورة هذه القضية..
أقول: لو كان لهذه الأمور مشاركتها، وبعبارة أخرى لو نظر إليها الإنسان قبل أن ينبت ببنت شفة إذن لسارع إلى الاقتناع بأصل الفكرة، وآمن بهذه العقيدة (الانتظار) من دون لفٍّ ودوران، بل أننّي لا أتصوّر أن يعترضه الريب أو تتسرب إليه أمثال هذه الأوهام.
فلذا يمكننا هنا أن نذكر _ وفي معرض الإجابة _ عدة نقاط:
1 _ النظر إلى الأدلة العقلية والنقلية _ آية ورواية _ يؤكد ويدلّل على صحّة عقيدة المهدي عليه السلام ، ولا تتمكن هذه الوريقات من سرد واستيعاب حتّى بعض الأدلة فهي مذكورة في مظانّها فليراجع من أحبّ، ولكن الذي أودّ الإشارة إليه هو حصول الإجماع وثبوت التواتر من الطرفين _ شيعة وسُنّة _ على هذه الحقيقة وصحّتها عند المسلمين وأخذها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى صرّح مدير إدارة المجمع الفقهي الإسلامي (محمّد المنتصر الكتاني) الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، مكّة المكرمة بذلك فقال: (... وقد نصّ على أن أحاديث المهدي متواترة جمع من الأعلام قديماً وحديثاً منهم: السخاوي في فتح المغيث، ومحمّد بن أحمد السفاويني في شرح العقيدة، وأبو الحسين الآبري في مناقب الشافعي، وابن تيمية في فتاواه، والسيوطي في الحاوي، وإدريس العراقي المغربي في تأليف له عن المهدي، والشوكاني في التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدّجال والمسيح، ومحمّد بن جعفر الكتاني في نظم المتناثر في الحديث المتواتر، وأبو العبّاس ابن عبد المؤمن المغربي في الوهم المكنون من كلام ابن خلدون...) إلى آخر كلامه.
2 _ لندع الدليل العقلي والنقلي بكلا شقّيه جانباً وننظر إلى الشبهة من جهتها التحليلية بعيداً عن عالم الأدلّة المتداولة فإن لها مظانّها الخاصة كما ذكرنا، فالشبهة قائمة على حصر الإيمان بعقيدة (انتظار المهدي والمخلّص) بحالة الشعور بالضعف والاستكانة، وهذا يستلزم عدة نقاط لا يلتزم بها صاحب الشبهة.
أ _ إذا كانت هذه الشبهة صادقة ولها حقيقة في عالم الواقع فلماذا نجد إيمان المذاهب الأخرى بعقيدة الانتظار مع أن تلك المذاهب كانت مدعومة ومؤيدة من قبل حكّام عصورهم، والحال أنهم لم يلاقوا العذاب ولم يترادفهم الهوان والإذلال، فمن أين نبع الإيمان بهذه العقيدة عندهم؟ علماً أن هؤلاء يشكّلون أكثرية المسلمين من الناحية العددية، وربما يحلو للبعض أن يرمي المسلمين بالتهاون في عقائدهم، يقول عبد الكريم الخطيب في كتابه (المهدي المنتظر ومن ينتظرونه): كان للآراء المتطرّفة من فرق الشيعة... ما أشاع بين المسلمين من أمر المهدي الذي يظهر...)،(17) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn17) ويدعي أنّ هذه العقيدة إنما تسرّبت إليهم من قبل الشيعة بحسب الاختلاط والمعاشرة. ويقول آخر: (نحن لا نشك في أن عقيدة العامة من أهل السُنّة، بل وكثير من الخاصة، إنما هي أثر شيعي تسرّب إليهم، فعملت فيه العقلية السُنّية بالصقل والتهذيب).(18) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn18)
ولكن هذا لا يمكن الركون إليه والتصديق بصحّته لما نعرفه من تشدّد هؤلاء العلماء وحذرهم من الشيعة والابتعاد مهما أمكن عن أفكارهم.
ويكفي للتدليل على شدّة حذرهم وتوجّسهم من الطائفة الشيعية هو نبذهم ما ندب إليه الشارع وجاء به الدين الحنيف مع اعترافهم بذلك ليس لشيء إلاّ لتمسك الشيعة به، فكيف تريدهم أن يتقمصوا ويتمسكوا بعقيدة باطلة _ كما يدعون _ اخترعها الشيعة، إن هذا إلاّ عجباً من القول وزوراً.
ب _ إنّ هؤلاء _ أصحاب الشبهة _ حينما رأوا أمامهم أمرين أحدهما وجود فكرة الانتظار في أوساط المسلمين كحقيقة لا يمكن أن يتنصل منها أو يتغافل عنها، وثانيهما أنّ هذه العقيدة تتمركز بشكل جلي وواضح بجميع معالمها وجوانبها في الطائفة الإمامية الاثني عشرية _ وإن كانت موجودة في جميع الطوائف والمذاهب الإسلاميّة الأخرى _ وبما أنّ هذه الطائفة عانت الويلات منذ غرسها ونشوئها على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام وإلى يومك هذا، لذلك كرّس هؤلاء _ أصحاب الشبهة _ جهودهم لربط الأوّل بالثاني من دون ارتباط بينهما، وأقاموا معلولاً من دون علة، وأثبتوا نتائج من دون أسباب، فمن حقّنا ومن حقّ أي منصف يحترم عقله أن يتسائل: ما هو الدليل على أنّ حالة الضعف والذّل والعذاب المصاحب للطائفة الشيعية هو الذي ولّد حالة الانتظار وغرس في نفوس الشيعة هذه العقيدة؟ وفي الحقيقة إنّ هذا النقص الحاد في الاستدلال يواكب أغلب القضايا التحليلية حيث تتعثر أثناء القيام بوظيفتها في حال انفرادها بالتنظير واستخلاص النتائج، فالقضايا التحليلية لا يمكن أن تستقل في فرز النتائج، بل لا بدّ لها من الاعتماد على أوليات القضية المراد تحليلها وتسليط الأضواء عليها، ومن ثمَّ دعم هذه الأدلة بمؤيدات وشواهد تحليلية.
ج _ الملاحظ لهذا التحليل والكيفية المتبعة في استخلاص النتائج يتضّح له وجه الشبه جلياً بين هذا التحليل وبين تفسير الماديين للدين وكيفية تحليلهم له، يقول الشهيد الصدر في إقتصادنا: (وكان من الشائع في أوساط المادية، أنّ الدين نشأ نتيجة لعجز الإنسان القديم وإحساسه بالضعف بين يدي الطبيعة وقواها المرعبة، وجهله بأسرارها وقوانينها...
فالمضطهدون هم الذين ينسجون لأنفسهم الدين الذي يجدون فيه السلوة، ويستشعرون في ظلّه الأمل، فالدين إيديولوجية البائسين والمضطهدين، وليس من صنع الحاكمين).(19) (file:///C:/********s%20and%20Settings/aas/Local%20Settings/Temp/Rar$EX00.171/002.htm#_ftn19)
يتبع.....