شهيدالله
09-10-2009, 03:58 PM
بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير
،
القرآن الكريم لم يأت فيه اسم أحد ، وكلّ آية يستدلّ بها على إمامة أمير المؤمنين أو غير أمير المؤمنين ، لابدّ وأن يرجع في دلالتها وفي شأن نزولها إلى السنّة المفسّرة لتلك الاية ، والسنّة المفسّرة للاية أيضاً يجب أن تكون مقبولة عند الطرفين المتنازعين المتخاصمين في مثل هذه المسألة المهمّة .
لابدّ من بيان المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الاية المباركة ، لانّ الله سبحانه وتعالى يقول : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .
محلّ الاستدلال في هذه الاية المباركة نقطتان :
النقطة الاُولى : المراد من أهل البيت .
النقطة الثانية : المراد من إذهاب الرجس .
فإذا تمّ المدّعى على ضوء القواعد المقرّرة في مثل هذه البحوث في تلك النقطتين ، تمّ الاستدلال بالاية المباركة على إمامة علي أمير المؤمنين ، وإلاّ فلا يتمّ الاستدلال .
المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة مَن ؟ لابدّ هنا من الرجوع أيضاً إلى كتب الحديث والتفسير ، وإلى كلمات العلماء من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين ، لنعرف المراد من قوله تعالى في هذه الاية ، أي : المخاطب بأهل البيت من هم ؟ ونحن كما قرّرنا من
قبل ، نرجع أوّلاً إلى الصحاح والمسانيد والسنن والتفاسير المعتبرة عند أهل السنّة .
وإذا ما رجعنا إلى صحيح مسلم ، وإلى صحيح الترمذي ، وإلى صحيح النسائي ، وإلى مسند أحمد بن حنبل ، وإلى مسند البزّار ، وإلى مسند عبد بن حُميد ، وإلى مستدرك الحاكم ، وإلى تلخيص المستدرك للذهبي ، وإلى تفسير الطبري ، وإلى تفسير ابن كثير ، وهكذا إلى الدر المنثور ، وغير هذه الكتب من تفاسير ومن كتب الحديث :
نجد أنّهم يروون عن ابن عباس ، وعن أبي سعيد ، وعن جابر بن عبدالله الانصاري ، وعن سعد بن أبي وقّاص ، وعن زيد بن أرقم ، وعن أُمّ سلمة ، وعن عائشة ، وعن بعض الصحابة الاخرين :
أنّه لمّا نزلت هذه الاية المباركة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، جمع أهله ـ أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ـ وألقى عليهم كساءً وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » .
وفي بعض الروايات : ألقى الكساء على هؤلاء ، فنزلت الاية المباركة .
والروايات بعضها تفيد أنّ الاية نزلت ففعل رسول الله هكذا .
وبعضها تفيد أنّه فعل رسول الله هكذا ، أي جمعهم تحت كساء
فنزلت الاية المباركة .
قد تكون القضيّة وقعت مرّتين أو تكرّرت أكثر من مرّتين أيضاً ، والاية تكرّر نزولها ، ولو راجعتم إلى كتاب الاتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي لرأيتم فصلاً فيه قسمٌ من الايات النازلة أكثر من مرّة ، فيمكن أن تكون الاية نازلة أكثر من مرّة والقضيّة متكرّرة .
ونستبعد أن تكون آية التطهير نزلت مرّتين أو أكثر ، لانّا نبحث على ضوء الاحاديث الواردة ، فكما ذكرت لكم ، بعض الاحاديث تقول أنّ النبي جمعهم تحت الكساء ثمّ نزلت الاية ، وبعض الاحاديث تقول أنّ الاية نزلت فجمع رسول الله عليّاً
وفاطمة والحسنين وألقى عليهم الكساء وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » .
فالحديث في :
1 ـ صحيح مسلم(1) .
2 ـ مسند أحمد ، في أكثر من موضع(2) .
3 ـ مستدرك الحاكم(3) ، مع إقرار الذهبي وتأييده لتصحيح الحاكم لهذا الحديث(4) .
4 ـ صحيح الترمذي ، مع تصريحه بصحّته(5) .
5 ـ سنن النسائي(6) ، الذي اشترط في سننه شرطاً هو أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما ، كما ذكره الذهبي بترجمة النسائي في كتاب تذكرة الحفاظ(7) .
ولا يخفى عليكم أنّ كتاب الخصائص الموجود الان بين
____________
(1) صحيح مسلم 7 / 130 .
(2) مسند أحمد 1 / 330 و 6 / 292 و 323 .
(3) المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
(4) تلخيص المستدرك ( ط مع المستدرك ) 2 / 416 .
(5) صحيح الترمذي 5 / 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب .
(6) خصائص علي من سنن النسائي : 49 و 62 و 81 ، ط الغري .
(7) تذكرة الحفاظ 1 / 700 .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
أيدينا الذي هو من تأليف النسائي ، هذا جزء من صحيحه ، إلاّ أنّه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال ، وإلاّ فهو جزء من صحيحه الذي اشترط فيه ، وكان شرطه في هذا الكتاب أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما .
6 ـ تفسير الطبري ، حيث روى هذا الحديث من أربعة عشر طريقاً(1) .
7 ـ كتاب الدر المنثور للسيوطي ، يرويه عن كثير من كبار الائمّة الحفّاظ من أهل السنّة(2) .
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها : « وإنّك على خير » أو « إلى خير»(3) .
والحديث أيضاً وارد عن عائشة كذلك(4) .
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل
____________
(1) تفسير الطبري 22 / 5 ـ 7 .
(2) الدرّ المنثور 5 / 199 .
(3) أحمد 6 / 292 ، والترمذي ، وغيرهما .
(4) صحيح مسلم 7 / 130 .
إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليّاً والحسنين ، وتأتي بهم إلى النبي ، فلمّا اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » ممّا يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضيّة ، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ، وأزواجه في البيت عنده ، وحتّى أنّه لم يأذن لاُمّ سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء .
إذن ، هذه القضيّة تدلّ على أمر وشأن ومقام لا يعمّ مثل أُمّ سلمة ، تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جميع المسلمين .
إلى هنا تمّ لنا المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة .
وهذا الاستدلال فيه جهة إثبات وجهة نفي ، أمّا جهة الاثبات ، فإنّ الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الاية في حقّهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط ، وأمّا جهة النفي ، فإنّه لم يأذن النبي لان يكون مع هؤلاء أحد .
في جهة الاثبات وفي جهة النفي أيضاً ،
تكفينا نصوص الاحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها من الاحاديث التي نصّوا على صحّتها سنداً ، فكانت تلك الاحاديث صحيحةً ،
امامايخص زوجات النبي
فلسابق يكفي كدليل على أن زوجات النبي لا تدخل أي منها مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) في إطار أهل البيت ولكن لتطمئن القلوب نأتي بحديث صريح في أنه ولا حتى واحدة من زوجات الرسول (ص) تعتبر من أهل بيت النبي (ص):
"وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها ائتني بزوجك وابنيه، فجاءت بهم، فالقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال: اللهم ان هؤلاء أهل محمد - وفي لفظ آل محمد - فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد. قالت أم سلمة رضي الله عنها: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال انك على خير." (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
فلو كانت إحدى زوجات الرسول (ص) من أهل بيته لأدخلها معهم، ولكن الرسول الكريم (ص) جذب من أم سلمة الكساء تأكيداً للناس على أن أهل البيت هم الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع). وهذا الحديث مكرر العديد من المرات في كتب أهل السنة.
هل أكد الرسول على أن أهل البيت لا يخرج عن نطاق الخمسة في عهده؟
نعم. نقرأ الحديث التالي الذي يقطع الشك باليقين:
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها. جاء النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا إلى بابها يقول"السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)انا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
فهذا رسول الله (ص) يؤكد لأربعين ليلة (على أقل تقدير وفي بعض الأحاديث ثمانية أشهر وسنسرد الحديث، إن شاء الله) على أن أهل البيت هم من كانوا ببيت فاطمة الزهراء (ع) وهم علي وفاطمة والحسن والحسين (ع). والحديث الآخر الذي يقول أن الرسول (ص) فعل ذلك لمدة ستة أشهر يقول:
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر بالمدينة. ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي رضي الله عنه، فوضع يده على جنبتي الباب، ثم قال: الصلاة... الصلاة... (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
وهذا هو رسول الله (ص) يأتي إلى بيت الإمام علي (ع) في كل يوم لمدة ثمانية أشهر ويقرأ الآية عليهم، وهناك أحاديث تقول أنه كان يأتيهم في كل يوم خمس مرات (راجع الدر المنثور وكنز العمال المجلد الثالث عشر). لماذا قام الرسول (ص) بهذا العمل؟ لأنه يريد أن تتجذر الفكرة في عقول المسلمين، وحتى لا يأتي أحدهم اليوم ويقول أن أهل البيت هم غير هؤلاء عليهم الصلاة والسلام.
ماذا عن دخول كلمات التطهير بين الكلمات الموجهة إلى أزواج النبي (ص)؟
أولا: نقرأ الآيات الكريم ثم نجيب عن هذا السؤال:
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34))
بالطبع الآية الكريمة تقع في وسط الحديث عن أزواج النبي (ص)، حيث أن الله تبارك وتعالى ابتدأ بهن قبل آية التطهير وانتهى بهن بعد آية التطهير. السؤال: هل معنى ذلك أن آية التطهير نزلت في نساء النبي؟
أولا: نقول أن القرآن يفسره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون) إذن فرسول الله (ص) يبين للناس ما فيه، وقد قمنا بالبحث في السابق عن الدليل فيمن نزلت الآية الكريمة وعلى لسان وأفعال رسول الله (ص)، وإذا ما راجع القارئ تفاسير المسلمين بأجمعهم وقرأ قول رسول الله في الآية لوجد أن تفسيرها لا يخرج عن الخمسة (ص)، ثم لماذا يلجأ المسلمون إلى تفسير غير رسول الله؟ أليست السنة هي الأخذ بكلامه؟
ثانيا: كما يعرف القارئ أن الشيعة تستدل على أن ميم الجمع في كلمة "عنكم" شذت عن نون النسوة في كلمات "لستن"، و"قرن"، و"آتين" فكان أثر حرف ميم الجمع هو دخول علي وفاطمة والحسن والحسين.
ثم يقال أن هذا الكلام باطل لسببين، الأول لأن الآية متصلة كما ذكرنا في السابق، فلا يمكن أن تخرج آية التطهير عن إطار نساء النبي. والسبب الثاني، أن الذي دخل على نساء النبي (ص) هو النبي (ص) فقط، ومثال على ذلك يذكر الآية الكريمة: (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73) ففي الآية الكريمة، المخاطب هي زوجة إبراهيم (ع)، ولكن عندما دخل النبي إبراهيم في أهل البيت فأصبح الخطاب موجه بصيغة المذكر، ثم أن الرجل من أهل بيته كما استدل بالآية الكريمة: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ).
وللإجابة على هاتيت النقطتين نقول:
1 - عميلة وصل آية التطهير في إطار نساء النبي ليس دليل على أنه يجب اتصال الموضوع وتسلسله، ونستدل على ذلك بالقرآن الكريم حيث يقول الله تبارك وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)) (المائدة) نلاحظ أن الموضوع في بداية الآية كان عن أنواع المأكولات المحرمة، وتنتهي الآية أيضا حول نفس الموضوع، لكن تعترض الآية كلمات التي ليست لها ربط بالمحرمات: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). واعلم أن هذا الجزء من الآية الكريمة حسب تفسير الدر المنثور كانت آخر ما نزل على رسول الله. إذاً فيمكن أن تأتي آية بطريقة يكون ما في صدرها وما في ذيلها معترض لها. وهذا معناه أنه لا مانع أن تكون آية التطهير نازلة في الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وإن كان صدر الآية وذيلها في نساء النبي (ص).
2 - كلمة الأهل لا تعني زوج المرأة دائما، ففي بعض الأحيان يكون الأهل أزواجه وأبناؤه والآباء وغير ذلك، فيقول الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا)، وهذه الآية تتكلم عن الزوجين إذا كانا في حالة عداوة ورضيا بحكمين من أهلمهما، وأهل المرأة هنا لا يمكن أن يكون زوجها وخصوصا أنهما في حال الخصام. ويقول الله تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا)، والشاهد الذي من أهلها كما في الروايات هو الصبي في المهد الذي أنطقه الله. وفي بعض الأحيان كلمة الأهل يخصص الله لخاصة عباده فيخرج منها من ليس في طاعته كمثل قوله تعالى: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين). إذاً، فتخصيص الأهل بالنبي فقط استنادا على تلك الآيات ليس بدليل، وإنما الدليل هو التفسير الذي فسره رسول الله (ص). وأليست هذه هي السنة؟ أليس الأخذ بكلام رسول الله هو اتباع سنته، فكيف يحاجج أهل السنة الشيعة بأنهم لا يتبعون السنة وهم يخالفون قول النبي (ص) في هذا الموقف وبكل صراحة؟
ثالثا: على فرض أن آية التطهير كانت في نساء النبي، السؤال هو: إذا قال الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) بصيغة الجمع، ثم قال بصغية المفرد: (أَهْلَ الْبَيْتِ) فأي بيت يا ترى يقصد الله تعالى؟ أي بيت من بيوتات نساء النبي قصد الله تعالى في "أهل البيت"، وهنا تتضح أهمية تفسير الرسول (ص) لهذه الآية، وقد مر ذلك.
لماذا ميز الرسول الأكرم (ص) أهل بيته عن سار الناس بما فيهم زوجاته ونسبه؟
لا يمكن أن يقوم الرسول بعمل إلا وكان الله من ورائه يقوده، وهذا التركيز على هوية أهل البيت له أهميته، فهو (ص) غطاهم بالكساء لاحتاوئهم فيه دون غيرهم، وأخرج كل زوجاته من هذه المنزلة، وأكد يوميا وعلى مدى ثمانية أشهر على هويتهم، فلماذا هذا التأكيد يا ترى؟
لأن أهل البيت (ص) هم حملة الرسالة والحفظة لها والمبينون لما خفي عن المسلمين من بعد رسول الله (ص) فهم كما قال عنهم رسول الله (ص) في الحديث: "وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) قال: هم أهل بيت طهرهم الله من السوء، واختصم برحمته قال: وحدث الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه. أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: نحن أهل بيت طهرهم الله، من شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم". ". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
إذن،ً هذه خاصية من خواص أهل البيت (ع) فهم الذين طهرهم الله عز وجل، وهم امتداد للنبوة (بغير أن يكون أحدهم نبيا، وإنما هم امتداد للفكر النبوي)، وهم وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم. فالأمة الإسلامية إذا لم تلتجئ إليهم وهم بيت الرحمة ونبعها، ومعدن العلم، فإلى من يلتجئون؟
أيضا، أتى في الحديث الشريف: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الصمد وعفان قالا حدثنا حماد المعني عن سماك عن أنس بن مالك -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فلما بلغ ذا الحليفة قال عفان لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي فبعث بها مع علي. (مسند الإمام أحمد بن حنبل - المجلد الثالث - مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه)
فهذا الرسول الكريم (ص) يبعث أبا بكر في سورة براءة، ومن ثم يرجعه ويخبره أنه لا يؤدي عنه (ص) إلا علي (ع) الذي هو من أهل بيته، فنفى لأحد غيره القابلية لأداء هذه المهمة الربانية. وهذا هو دور أهل البيت عليهم السلام، وهو أداء المهام التي ليس لأحد القدرة عليها.
وكما أن الرسول استعملهم في المباهلة كما في الحديث لكسر تكبر أهل الكتاب: وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب، والسيد، فدعاهما إلى الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمد قال: كذبتما، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام. قالا: فهات. قال: حب الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير. قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه إلى الغد، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ بيد علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، ثم أرسل اليهما فأبيا أن يجيباه، وأقرا له، فقال: والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا. قال جابر: فيهم نزلت {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم...} الآية. قال جابر: أنفسنا وأنفسكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي، وأبناءنا الحسن والحسين، ونساءنا فاطمة". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد الثاني - سورة آل عمران - الآيات 59 – 63)
وأضف إلى ذلك التمسك بهم يعصم من الضلال، فهم عماد الدين، فالرسول (ص) يريد منها اتباعهم كما بين: عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض. (مجمع الزوائد - المجلد التاسع - كتاب المناقب - باب في فضل أهل البيت رضي الله عنهم) وهذا الحديث متواتر بشكل لا يصدق، والذي لا يقبل به معاند بالتأكيد. إذن فهذا هو دورهم بعد رسول الله (ص) وهو الحفاظ على الأمة الإسلامية من الضياع، فهم مع القرآن لن يفترقا ماديا ولا ومعنويا.
-----------------------------------------------
فلايعود للتقول والتاويل بلادليل اوقرينة أي معنا ويسقط من الاعتباركل كلام قائم على الفرض والتامل والانشاء
وسلام على من اتبع الهدى
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(كما يئس الكفار من أصحاب القبور)
السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير
،
القرآن الكريم لم يأت فيه اسم أحد ، وكلّ آية يستدلّ بها على إمامة أمير المؤمنين أو غير أمير المؤمنين ، لابدّ وأن يرجع في دلالتها وفي شأن نزولها إلى السنّة المفسّرة لتلك الاية ، والسنّة المفسّرة للاية أيضاً يجب أن تكون مقبولة عند الطرفين المتنازعين المتخاصمين في مثل هذه المسألة المهمّة .
لابدّ من بيان المراد من أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الاية المباركة ، لانّ الله سبحانه وتعالى يقول : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .
محلّ الاستدلال في هذه الاية المباركة نقطتان :
النقطة الاُولى : المراد من أهل البيت .
النقطة الثانية : المراد من إذهاب الرجس .
فإذا تمّ المدّعى على ضوء القواعد المقرّرة في مثل هذه البحوث في تلك النقطتين ، تمّ الاستدلال بالاية المباركة على إمامة علي أمير المؤمنين ، وإلاّ فلا يتمّ الاستدلال .
المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة مَن ؟ لابدّ هنا من الرجوع أيضاً إلى كتب الحديث والتفسير ، وإلى كلمات العلماء من محدّثين ومفسّرين ومؤرخين ، لنعرف المراد من قوله تعالى في هذه الاية ، أي : المخاطب بأهل البيت من هم ؟ ونحن كما قرّرنا من
قبل ، نرجع أوّلاً إلى الصحاح والمسانيد والسنن والتفاسير المعتبرة عند أهل السنّة .
وإذا ما رجعنا إلى صحيح مسلم ، وإلى صحيح الترمذي ، وإلى صحيح النسائي ، وإلى مسند أحمد بن حنبل ، وإلى مسند البزّار ، وإلى مسند عبد بن حُميد ، وإلى مستدرك الحاكم ، وإلى تلخيص المستدرك للذهبي ، وإلى تفسير الطبري ، وإلى تفسير ابن كثير ، وهكذا إلى الدر المنثور ، وغير هذه الكتب من تفاسير ومن كتب الحديث :
نجد أنّهم يروون عن ابن عباس ، وعن أبي سعيد ، وعن جابر بن عبدالله الانصاري ، وعن سعد بن أبي وقّاص ، وعن زيد بن أرقم ، وعن أُمّ سلمة ، وعن عائشة ، وعن بعض الصحابة الاخرين :
أنّه لمّا نزلت هذه الاية المباركة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، جمع أهله ـ أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ـ وألقى عليهم كساءً وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » .
وفي بعض الروايات : ألقى الكساء على هؤلاء ، فنزلت الاية المباركة .
والروايات بعضها تفيد أنّ الاية نزلت ففعل رسول الله هكذا .
وبعضها تفيد أنّه فعل رسول الله هكذا ، أي جمعهم تحت كساء
فنزلت الاية المباركة .
قد تكون القضيّة وقعت مرّتين أو تكرّرت أكثر من مرّتين أيضاً ، والاية تكرّر نزولها ، ولو راجعتم إلى كتاب الاتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي لرأيتم فصلاً فيه قسمٌ من الايات النازلة أكثر من مرّة ، فيمكن أن تكون الاية نازلة أكثر من مرّة والقضيّة متكرّرة .
ونستبعد أن تكون آية التطهير نزلت مرّتين أو أكثر ، لانّا نبحث على ضوء الاحاديث الواردة ، فكما ذكرت لكم ، بعض الاحاديث تقول أنّ النبي جمعهم تحت الكساء ثمّ نزلت الاية ، وبعض الاحاديث تقول أنّ الاية نزلت فجمع رسول الله عليّاً
وفاطمة والحسنين وألقى عليهم الكساء وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » .
فالحديث في :
1 ـ صحيح مسلم(1) .
2 ـ مسند أحمد ، في أكثر من موضع(2) .
3 ـ مستدرك الحاكم(3) ، مع إقرار الذهبي وتأييده لتصحيح الحاكم لهذا الحديث(4) .
4 ـ صحيح الترمذي ، مع تصريحه بصحّته(5) .
5 ـ سنن النسائي(6) ، الذي اشترط في سننه شرطاً هو أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما ، كما ذكره الذهبي بترجمة النسائي في كتاب تذكرة الحفاظ(7) .
ولا يخفى عليكم أنّ كتاب الخصائص الموجود الان بين
____________
(1) صحيح مسلم 7 / 130 .
(2) مسند أحمد 1 / 330 و 6 / 292 و 323 .
(3) المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
(4) تلخيص المستدرك ( ط مع المستدرك ) 2 / 416 .
(5) صحيح الترمذي 5 / 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب .
(6) خصائص علي من سنن النسائي : 49 و 62 و 81 ، ط الغري .
(7) تذكرة الحفاظ 1 / 700 .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
أيدينا الذي هو من تأليف النسائي ، هذا جزء من صحيحه ، إلاّ أنّه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال ، وإلاّ فهو جزء من صحيحه الذي اشترط فيه ، وكان شرطه في هذا الكتاب أشدّ من شرط الشيخين في صحيحيهما .
6 ـ تفسير الطبري ، حيث روى هذا الحديث من أربعة عشر طريقاً(1) .
7 ـ كتاب الدر المنثور للسيوطي ، يرويه عن كثير من كبار الائمّة الحفّاظ من أهل السنّة(2) .
وقد اشتمل لفظ الحديث في أكثر طرقه على أنّ أُم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء ، فجذب رسول الله الكساء ولم يأذن لها بالدخول ، وقال لها : « وإنّك على خير » أو « إلى خير»(3) .
والحديث أيضاً وارد عن عائشة كذلك(4) .
واشتمل بعض ألفاظ الحديث على جملة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل
____________
(1) تفسير الطبري 22 / 5 ـ 7 .
(2) الدرّ المنثور 5 / 199 .
(3) أحمد 6 / 292 ، والترمذي ، وغيرهما .
(4) صحيح مسلم 7 / 130 .
إلى فاطمة ، وأمرها بأن تدعو عليّاً والحسنين ، وتأتي بهم إلى النبي ، فلمّا اجتمعوا ألقى عليهم الكساء وقال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي » ممّا يدل على أن النبي كانت له عناية خاصة بهذه القضيّة ، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتي هي وزوجها وولداها ، لم يأمرها بأن تدعو أحداً غير هؤلاء ، وكان له أقرباء كثيرون ، وأزواجه في البيت عنده ، وحتّى أنّه لم يأذن لاُمّ سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء .
إذن ، هذه القضيّة تدلّ على أمر وشأن ومقام لا يعمّ مثل أُمّ سلمة ، تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جميع المسلمين .
إلى هنا تمّ لنا المراد من أهل البيت في هذه الاية المباركة .
وهذا الاستدلال فيه جهة إثبات وجهة نفي ، أمّا جهة الاثبات ، فإنّ الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الاية في حقّهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط ، وأمّا جهة النفي ، فإنّه لم يأذن النبي لان يكون مع هؤلاء أحد .
في جهة الاثبات وفي جهة النفي أيضاً ،
تكفينا نصوص الاحاديث الواردة في الصحاح والمسانيد وغيرها من الاحاديث التي نصّوا على صحّتها سنداً ، فكانت تلك الاحاديث صحيحةً ،
امامايخص زوجات النبي
فلسابق يكفي كدليل على أن زوجات النبي لا تدخل أي منها مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) في إطار أهل البيت ولكن لتطمئن القلوب نأتي بحديث صريح في أنه ولا حتى واحدة من زوجات الرسول (ص) تعتبر من أهل بيت النبي (ص):
"وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها ائتني بزوجك وابنيه، فجاءت بهم، فالقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال: اللهم ان هؤلاء أهل محمد - وفي لفظ آل محمد - فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد. قالت أم سلمة رضي الله عنها: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال انك على خير." (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
فلو كانت إحدى زوجات الرسول (ص) من أهل بيته لأدخلها معهم، ولكن الرسول الكريم (ص) جذب من أم سلمة الكساء تأكيداً للناس على أن أهل البيت هم الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع). وهذا الحديث مكرر العديد من المرات في كتب أهل السنة.
هل أكد الرسول على أن أهل البيت لا يخرج عن نطاق الخمسة في عهده؟
نعم. نقرأ الحديث التالي الذي يقطع الشك باليقين:
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها. جاء النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا إلى بابها يقول"السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)انا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
فهذا رسول الله (ص) يؤكد لأربعين ليلة (على أقل تقدير وفي بعض الأحاديث ثمانية أشهر وسنسرد الحديث، إن شاء الله) على أن أهل البيت هم من كانوا ببيت فاطمة الزهراء (ع) وهم علي وفاطمة والحسن والحسين (ع). والحديث الآخر الذي يقول أن الرسول (ص) فعل ذلك لمدة ستة أشهر يقول:
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر بالمدينة. ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي رضي الله عنه، فوضع يده على جنبتي الباب، ثم قال: الصلاة... الصلاة... (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
وهذا هو رسول الله (ص) يأتي إلى بيت الإمام علي (ع) في كل يوم لمدة ثمانية أشهر ويقرأ الآية عليهم، وهناك أحاديث تقول أنه كان يأتيهم في كل يوم خمس مرات (راجع الدر المنثور وكنز العمال المجلد الثالث عشر). لماذا قام الرسول (ص) بهذا العمل؟ لأنه يريد أن تتجذر الفكرة في عقول المسلمين، وحتى لا يأتي أحدهم اليوم ويقول أن أهل البيت هم غير هؤلاء عليهم الصلاة والسلام.
ماذا عن دخول كلمات التطهير بين الكلمات الموجهة إلى أزواج النبي (ص)؟
أولا: نقرأ الآيات الكريم ثم نجيب عن هذا السؤال:
(يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34))
بالطبع الآية الكريمة تقع في وسط الحديث عن أزواج النبي (ص)، حيث أن الله تبارك وتعالى ابتدأ بهن قبل آية التطهير وانتهى بهن بعد آية التطهير. السؤال: هل معنى ذلك أن آية التطهير نزلت في نساء النبي؟
أولا: نقول أن القرآن يفسره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون) إذن فرسول الله (ص) يبين للناس ما فيه، وقد قمنا بالبحث في السابق عن الدليل فيمن نزلت الآية الكريمة وعلى لسان وأفعال رسول الله (ص)، وإذا ما راجع القارئ تفاسير المسلمين بأجمعهم وقرأ قول رسول الله في الآية لوجد أن تفسيرها لا يخرج عن الخمسة (ص)، ثم لماذا يلجأ المسلمون إلى تفسير غير رسول الله؟ أليست السنة هي الأخذ بكلامه؟
ثانيا: كما يعرف القارئ أن الشيعة تستدل على أن ميم الجمع في كلمة "عنكم" شذت عن نون النسوة في كلمات "لستن"، و"قرن"، و"آتين" فكان أثر حرف ميم الجمع هو دخول علي وفاطمة والحسن والحسين.
ثم يقال أن هذا الكلام باطل لسببين، الأول لأن الآية متصلة كما ذكرنا في السابق، فلا يمكن أن تخرج آية التطهير عن إطار نساء النبي. والسبب الثاني، أن الذي دخل على نساء النبي (ص) هو النبي (ص) فقط، ومثال على ذلك يذكر الآية الكريمة: (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73) ففي الآية الكريمة، المخاطب هي زوجة إبراهيم (ع)، ولكن عندما دخل النبي إبراهيم في أهل البيت فأصبح الخطاب موجه بصيغة المذكر، ثم أن الرجل من أهل بيته كما استدل بالآية الكريمة: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ).
وللإجابة على هاتيت النقطتين نقول:
1 - عميلة وصل آية التطهير في إطار نساء النبي ليس دليل على أنه يجب اتصال الموضوع وتسلسله، ونستدل على ذلك بالقرآن الكريم حيث يقول الله تبارك وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)) (المائدة) نلاحظ أن الموضوع في بداية الآية كان عن أنواع المأكولات المحرمة، وتنتهي الآية أيضا حول نفس الموضوع، لكن تعترض الآية كلمات التي ليست لها ربط بالمحرمات: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). واعلم أن هذا الجزء من الآية الكريمة حسب تفسير الدر المنثور كانت آخر ما نزل على رسول الله. إذاً فيمكن أن تأتي آية بطريقة يكون ما في صدرها وما في ذيلها معترض لها. وهذا معناه أنه لا مانع أن تكون آية التطهير نازلة في الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وإن كان صدر الآية وذيلها في نساء النبي (ص).
2 - كلمة الأهل لا تعني زوج المرأة دائما، ففي بعض الأحيان يكون الأهل أزواجه وأبناؤه والآباء وغير ذلك، فيقول الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا)، وهذه الآية تتكلم عن الزوجين إذا كانا في حالة عداوة ورضيا بحكمين من أهلمهما، وأهل المرأة هنا لا يمكن أن يكون زوجها وخصوصا أنهما في حال الخصام. ويقول الله تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا)، والشاهد الذي من أهلها كما في الروايات هو الصبي في المهد الذي أنطقه الله. وفي بعض الأحيان كلمة الأهل يخصص الله لخاصة عباده فيخرج منها من ليس في طاعته كمثل قوله تعالى: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين). إذاً، فتخصيص الأهل بالنبي فقط استنادا على تلك الآيات ليس بدليل، وإنما الدليل هو التفسير الذي فسره رسول الله (ص). وأليست هذه هي السنة؟ أليس الأخذ بكلام رسول الله هو اتباع سنته، فكيف يحاجج أهل السنة الشيعة بأنهم لا يتبعون السنة وهم يخالفون قول النبي (ص) في هذا الموقف وبكل صراحة؟
ثالثا: على فرض أن آية التطهير كانت في نساء النبي، السؤال هو: إذا قال الله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) بصيغة الجمع، ثم قال بصغية المفرد: (أَهْلَ الْبَيْتِ) فأي بيت يا ترى يقصد الله تعالى؟ أي بيت من بيوتات نساء النبي قصد الله تعالى في "أهل البيت"، وهنا تتضح أهمية تفسير الرسول (ص) لهذه الآية، وقد مر ذلك.
لماذا ميز الرسول الأكرم (ص) أهل بيته عن سار الناس بما فيهم زوجاته ونسبه؟
لا يمكن أن يقوم الرسول بعمل إلا وكان الله من ورائه يقوده، وهذا التركيز على هوية أهل البيت له أهميته، فهو (ص) غطاهم بالكساء لاحتاوئهم فيه دون غيرهم، وأخرج كل زوجاته من هذه المنزلة، وأكد يوميا وعلى مدى ثمانية أشهر على هويتهم، فلماذا هذا التأكيد يا ترى؟
لأن أهل البيت (ص) هم حملة الرسالة والحفظة لها والمبينون لما خفي عن المسلمين من بعد رسول الله (ص) فهم كما قال عنهم رسول الله (ص) في الحديث: "وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) قال: هم أهل بيت طهرهم الله من السوء، واختصم برحمته قال: وحدث الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه. أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: نحن أهل بيت طهرهم الله، من شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم". ". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد السادس – سورة الأحزاب - آية 33).
إذن،ً هذه خاصية من خواص أهل البيت (ع) فهم الذين طهرهم الله عز وجل، وهم امتداد للنبوة (بغير أن يكون أحدهم نبيا، وإنما هم امتداد للفكر النبوي)، وهم وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم. فالأمة الإسلامية إذا لم تلتجئ إليهم وهم بيت الرحمة ونبعها، ومعدن العلم، فإلى من يلتجئون؟
أيضا، أتى في الحديث الشريف: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الصمد وعفان قالا حدثنا حماد المعني عن سماك عن أنس بن مالك -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فلما بلغ ذا الحليفة قال عفان لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي فبعث بها مع علي. (مسند الإمام أحمد بن حنبل - المجلد الثالث - مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه)
فهذا الرسول الكريم (ص) يبعث أبا بكر في سورة براءة، ومن ثم يرجعه ويخبره أنه لا يؤدي عنه (ص) إلا علي (ع) الذي هو من أهل بيته، فنفى لأحد غيره القابلية لأداء هذه المهمة الربانية. وهذا هو دور أهل البيت عليهم السلام، وهو أداء المهام التي ليس لأحد القدرة عليها.
وكما أن الرسول استعملهم في المباهلة كما في الحديث لكسر تكبر أهل الكتاب: وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب، والسيد، فدعاهما إلى الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمد قال: كذبتما، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام. قالا: فهات. قال: حب الصليب، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير. قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه إلى الغد، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ بيد علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، ثم أرسل اليهما فأبيا أن يجيباه، وأقرا له، فقال: والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا. قال جابر: فيهم نزلت {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم...} الآية. قال جابر: أنفسنا وأنفسكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي، وأبناءنا الحسن والحسين، ونساءنا فاطمة". (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - المجلد الثاني - سورة آل عمران - الآيات 59 – 63)
وأضف إلى ذلك التمسك بهم يعصم من الضلال، فهم عماد الدين، فالرسول (ص) يريد منها اتباعهم كما بين: عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض. (مجمع الزوائد - المجلد التاسع - كتاب المناقب - باب في فضل أهل البيت رضي الله عنهم) وهذا الحديث متواتر بشكل لا يصدق، والذي لا يقبل به معاند بالتأكيد. إذن فهذا هو دورهم بعد رسول الله (ص) وهو الحفاظ على الأمة الإسلامية من الضياع، فهم مع القرآن لن يفترقا ماديا ولا ومعنويا.
-----------------------------------------------
فلايعود للتقول والتاويل بلادليل اوقرينة أي معنا ويسقط من الاعتباركل كلام قائم على الفرض والتامل والانشاء
وسلام على من اتبع الهدى
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
(كما يئس الكفار من أصحاب القبور)