خادم مولاي الحسين
14-10-2009, 12:48 AM
في ذكرى الإمام الصادق عليه السلام ، دعونا نستمع لآخر وصاياه..!!
في هذه الأيام يعيش المؤمنون ذكرى وفاة مؤسس المذهب الإمام الصادق عليه السلام، ولكن بأي حال؟
فمن جهة هناك النفوس المريضة التي ابتعدت عن ربها وعن أهل البيت عليهم السلام ، وغرقت في بحر الآثام والشهوات ، ومن جهة أخرى هناك أعداء أهل البيت عليهم السلام وقد تكالبوا ضد شيعتهم ، يتربصون بهم الدوائر ..
ما أحوجنا في ذكرى عميد المذهب ومؤسس المذهب أن نجدد العهد به ، بتطهير قلوبنا ونفوسنا ، وتغيير حالنا إلى الأفضل ، والإلتزام بما أمرونا به، ومن الأمور التي أمرنا بها الإمام الصادق عليه السلام :
الصلاة:
الرواية التالية تبين وصية للإمام الصادق عليه السلام في آخر لحظات عمره الشريف:
دخلت على أم حميد أُعزّيها بأبي عبد الله (ع) فبكت وبكيت لبكائها ، ثم قالت : ياأبا محمد!.. لو رأيت الصادق (ع) عند الموت لرأيت عجبا ، فتح عينيه ثم قال : اجمعوالي كل من بيني وبينه قرابة ، قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه ، قالت : فنظر إليهم، ثم قال : إن شفاعتنالا تنالمستخفاً بالصلاة
هذا هو الإمام الصادق عليه السلام يؤكد في آخر عمره الشريف على مسألة مهمة ، وهي الصلاة ، والعادة أن تكون الوصية في مثل حالة الإمام روحي فداه مختصرة وفيها خلاصة وصاياه وأهمها ..
الإمام عليه السلام يشير إلى الذين يعولون على شفاعتهم يوم القيامة وهم في الدنيا من أبعد الناس عن نهجهم .. فهؤلاء المستخفين بصلاتهم لا تنالهم الشفاعة ..
ما هو الإستخفاف بالصلاة ؟
هناك درجات للإستخفاف بالصلاة ومنها :
- ترك الصلاة نهائياً:
فالذي لا يصلي هو بحكم الكافر ، فأين هذا الإنسان من نهج الإمام الصادق عليه السلام وإن أحيا ذكراه ببكاء أو لطم أو ماشابه .
- ترك بعض الصلوات :
وقد يكون هناك من يصلي يوماً ويترك يوماً ، أو يصلي فريضة ويترك فريضة ، هذا من المحرومين من الشفاعة ايضاً.
- الإستخفاف بصلاة أول الوقت:
فهذا إنسان يصلي ولا يفوت فريضة ، ولكنه يؤخر الصلاة عن أول وقتها، ولعل هناك حديث يشير إلى أن الفرق بين صلاة أول الوقت وآخره كالفرق بين الدنيا والآخرة ،فما بال هذا الإنسان لا يحترم وقت الأذان ؟
فقد يكون المؤذن ينادي : " حي على خير العمل" ، وهو في مقام العمل ينادي : "نومي خير العمل " أو " شغلي خير العمل" ، أو " لهوي ولعبي خير العمل " ..!!
قد ترى البعض لا يتخلف عن الإلتزام بعمله في وقته ، أو الإلتزام بوقت الطعام في وقته ، أو الإلتزام في موعد مع صديقه مثلا ، ولكن عندما يصل الأمر إلى رب العالمين ، تراه لا يولي اهتماماً كبيراً بالأمر ، وقد جعل الله سبحانه أهون الناظرين إليه ..!!
فالصلاة موعد بين العبد وربه ، والصلاة- حسب بعض آراء المفسرين- من الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان.
والصلاة ذكر بعد غفلة ، وطاعة بعد معصية ، ولقاء بعد فراق ،وحياة بعد موت ، فهل يحرم الإنسان نفسه من التسابق عليها ؟
لو أُخبر الإنسان بحصوله على جائزة وهي ملايين الأطنان من الذهب والجواهر الثمينة ، بشرط استيقاظه في وقت متأخر من الليل ، هل يصل النوم إلى عينيه في تلك الليلة ؟
فما بالنا لسنا كذلك مع صلاة الفجر ،حيث توزيع الجوائز العظمى من أكرم الأكرمين ، فما قيمة الجواهر المادية مقارنة بعطايا رب العالمين ؟
- التهاون في حضور المسجد و صلاة الجماعة:
قد يعد التهاون في حضور المسجد و صلاة الجماعة من مصاديق الاستخفاف بالصلاة ، وإن كان لا يصل إلى المستويات السابق ذكرها ، ولكن الإبتعاد عن المسجد و تضييع صلاة الجماعة مع المقدرة على ذلك كاشف عن جفاء من العبد لربه ولبيته المبارك ..
فصلاة الجماعة من الأمور التي أكد عليها الإمام الصادق وأهل البيت عليهم السلام ، بذكر الثواب الكبير تارة ، كهذا الحديث : قال الصادق (ع) : ( ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة ، كان له بكل خطوةسبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك ، وإن مات وهوعلى ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ، ويونسونه في وحدته ،ويستغفرون له حتى يبعث)...وغيره من الأحاديث..
وتارة بذكر مصير المتخلف عن المسجد و الجماعة كهذا الحديث : " ليوشك قوم يَدَعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فيوقد عليهم نار فيحرق عليهم بيوتهم"
فمن يريد في ذكرى الإمام الصادق عليه السلام أن يقدم عملاً يرضى عنه الإمام ، فليعاهد الإمام الصادق عليه السلام أن يلتزم بصلاة الجماعة كلما أمكنه ذلك ، حتى صلاة الفجر ، فما المانع أن يرتب المؤمن وقته ليحضر صلاة الفجر في جماعة، وإن كان ملتزماً بعمل أو دراسة ، فليس الأمر بالصعب ، ولكن علينا السعي ..
- التهاون في النوافل:
من مصاديق الإستخفاف بالصلاة ، التهاون في النوافل اليومية .. فقد يمر على المؤمن يوم كامل بساعاته وأوقاته الضائعة ، وهو لم يصل حتى ركعتين من نوافل الصلاة اليومية .. وهو قد ضيع وقته في ماهب ودب ..
وهل صلى المؤمن في يوم من الأيام صلاة إحدى وخمسين وهي الصلوات الخمس الواجبة إضافة إلى النوافل ؟ .. إن كان لا ، فهو المحروم ..
وليعلم أنه بإمكانه قضاء النافلة إن لم يوفق لها في وقتها ، المهم في ذلك ألا يحرم المؤمن نفسه من نوافل الصلاة اليومية ، ولو بعض منها ..
- التهاون بصلاة الجمعة :
قد يترك الإنسان صلاة الجماعة طيلة الأسبوع بعذر أو بغير عذر ، ولكن قد يزيد المؤمن في حرمان نفسه من نظرة الله تعالى له ، فيترك صلاة الجمعة في يوم يكون الإنسان –عادة- متخففاً من أعباء عمله ودراسته ، فقد يعد التهاون بهذا العمل العظيم مصادقاً للإستخفاف بالصلاة ..
وكفانا هذا الحديث من صاحب الذكرى روحي له الفداء :
روي عن الصادق (عليه السلام) : امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها.
صلاة الليل:
قال أبو عبد الله ( ع ) : ليس منا من لم يصل صلاة الليل
في هذا الحديث أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى صفة من صفات الخواص من شيعة أهل البيت عليهم السلام ، وهي صلاة الليل ..
صلاة الليل وقفة مع رب العالمين بعد يوم شابته المعاصي والغفلات ، وقفة ليذكر المؤمن ربه في وقت نام فيه الغافلون ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، فالكاذب الذي يزعم حب الله تعالى وهو لا يصلي الليل – ولعل هذا مضمون حديث قدسي –
قال الصادق (ع) : صلاةاللّيلكفّارة لما اجترح بالنهار
فعلى المؤمن الذي يحب أن يكون من خواص الصادق عليه السلام ، ألا يخرج في تعامله مع صلاة الليل عن أحد هذه الأقسام :
- أداء صلاة الليلة كاملة :
هذا توفيق كبير أن يوفق المؤمن لأداء صلاة الليل كاملة أداء في الوقت ، فيصلي ثمان ركعات نافلة صلاة الليل ، ثم ركعتي الشفع ، ثم ركعة الوتر .. فعلى المؤمن أن يعد العدة ويأخذ الأسباب ليوفق إلى هذا المستوى من التعامل مع صلاة الليل .
- أداء صلاة الليل ناقصة :
من لم يقدر على أداءها كاملة ومن لم يوفق لذلك بإمكانه أن يكتفي بالقدر الممكن من النوافل الثمان ، ويصلي الشفع والوتر ..
وإن لم يوفق لذلك ، فلا يحرم نفسه من الركيعات الثلاث- ركعتي الشفع وركعة الوتر – في وقتها ..
- قضاء صلاة الليل كاملة :
فقد ينوي المؤمن القيام لصلاة الليل ، ولكنه لا يوفق ..
طبعاً عليه الإحساس بشيء من الخذلان الإلهي خصوصاً مع استمرار هذه الحالة مدة طويلة ، وعليه بقضاء صلاة الليل طيلة يومه ، وهنيئاً لمن وفق لقضاء صلاة الليل وقد رآه رب العالمين نادماً لفوات هذه النافلة العظيمة، فإن أمكنه قضاء الإحدى عشرة ركعة ، فلا يحرم نفسه من ذلك ..
قال الصادق (عليه السلام) : إنّ الربّ ليعجّب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النافلة فيقول : انظروا إلى عبدي يقضي ما لم أفترض عليه
- قضاء صلاة الليلة ناقصة :
ومع عدم حصول التوفيق لقضاء صلاة الليل كاملة ، فلا يحرم نفسه من قضاء ما أمكنه قضاؤه منها ، فيقضي ما يمكنه من الركعات الثمان – نافلة صلاة الليل- ، أو على أقل التقادير لا يحرم نفسه من قضاء ركعتي الشفع وركعة الوتر وهذا أقل الإيمان لمن أراد أن يكون من المقربين لإمامه الصادق عليه السلام ..
فإلى متى يظل المؤمن على مستواه العادي من الإيمان دون أن يتقدم ولا خطوة للأمام ، فليبدأ من الثلاث ركعات ، ولو على مستوى القضاء ..
فلو نظرنا إلى ذاك الفقير الذي يستجدي الناس ، تراه يمد يده لهم في أوقات ليله ونهاره طالباً لقمة من لقيمات الدنيا، وقد يحصل عليها وقد لا يحصل، ولكن عندما يصل الأمر إلى الآخرة وثواب الآخرة وإلى العلاقة مع رب العالمين حيث الثواب الأكيد والعظيم والجهد اليسير يكون حالنا كما تعبر الآية الكريمة : (مَّالَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) سورة نوح
و قد يقرأ أحاديث أهل البيت عليهم السلام في فضل ثواب صلاة الليل فيصليها فترة قصيرة ثم يتركها، ولكن لو كانت هناك نية في النفس للتقرب من رب العالمين (ولوإجمالا) لما كان أثر هذه الأحاديث وقتيا .. فعن الامام العسكري عليه السلام : إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل
التفقه في الدين :
من الدروس الكبرى التي يعلمنا إياها الإمام الصادق عليه السلام ، التفقه في الدين ..
فعن الإمام الصادق عليه السلام :"ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الدين"
ما أحوجنا في هذا العصر ، حيث اختلط الحق بالباطل ، أن نتعلم أصول ديننا ، وأحكام الشريعة المقدسة ، أو على أقل التقادير الأمور المبتلى بها ..
فمن المخجل حقاً أن يكون أحد من شيعة الإمام الصادق عليه السلام وهو لا يعرف بعض أوليات الشريعة وقد بلغ من العمر عتياً ، فلا يعلم الجهر من الإخفات في الصلاة الواجبة ، ولا يعلم كيفية الوضوء الصحيح ، وغيرها من الأحكام ..
أو قد نرى البعض الآخر، قد ترك التقليد - وهو ليس مجتهد أو محتاط - ، أو البعض يقلد ولا يلتزم برأي مقلده ، أو البعض يقلد المرجع الذي تهواه نفسه بدعوى سهولة أحكامه ، وغيرها من التصرفات التي ما أنزل الله بها من سلطان ..
فعلى المؤمن إن كان مخلصاُ في ولائه لأهل البيت عليهم السلام أن يراجع رأيهم – الذي يستنبطه مرجع التقليد- في كل حركة وسكنة ، ويعرف الحكم الشرعي في أفعاله ، لا أن يجتهد من عنده في العمل ، وإذا علم الحكم الشرعي ألا يحاول البحث عن الحيل الشرعية والمخارج ، بل أن يسلم نفسه لحكم الشرع بدون تذمر أو استنكار أو عدم اقتناع.
لنكن جعفريين:
قال الصادق (ع) : عليكم بتقوى الله ، والورع ، والاجتهاد ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ،وحسن الخلق ، وحسن الجوار ، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ، وكونوا زيناولا تكونوا شينا ، وعليكم بطول السجود والركوعفإنّ أحدكم إذا طال الركوع ، يهتف إبليس من خلفه ، وقال : يا ويلتاه !.. أطاعواوعصيت ، وسجدوا وأبيت.
أو بعد كل هذا ، هل إحياء ذكرى الإمام الصادق عليه السلام باللطم المجرد ؟ أم البكاء اللاواعي ؟
في هذه الأيام يعيش المؤمنون ذكرى وفاة مؤسس المذهب الإمام الصادق عليه السلام، ولكن بأي حال؟
فمن جهة هناك النفوس المريضة التي ابتعدت عن ربها وعن أهل البيت عليهم السلام ، وغرقت في بحر الآثام والشهوات ، ومن جهة أخرى هناك أعداء أهل البيت عليهم السلام وقد تكالبوا ضد شيعتهم ، يتربصون بهم الدوائر ..
ما أحوجنا في ذكرى عميد المذهب ومؤسس المذهب أن نجدد العهد به ، بتطهير قلوبنا ونفوسنا ، وتغيير حالنا إلى الأفضل ، والإلتزام بما أمرونا به، ومن الأمور التي أمرنا بها الإمام الصادق عليه السلام :
الصلاة:
الرواية التالية تبين وصية للإمام الصادق عليه السلام في آخر لحظات عمره الشريف:
دخلت على أم حميد أُعزّيها بأبي عبد الله (ع) فبكت وبكيت لبكائها ، ثم قالت : ياأبا محمد!.. لو رأيت الصادق (ع) عند الموت لرأيت عجبا ، فتح عينيه ثم قال : اجمعوالي كل من بيني وبينه قرابة ، قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه ، قالت : فنظر إليهم، ثم قال : إن شفاعتنالا تنالمستخفاً بالصلاة
هذا هو الإمام الصادق عليه السلام يؤكد في آخر عمره الشريف على مسألة مهمة ، وهي الصلاة ، والعادة أن تكون الوصية في مثل حالة الإمام روحي فداه مختصرة وفيها خلاصة وصاياه وأهمها ..
الإمام عليه السلام يشير إلى الذين يعولون على شفاعتهم يوم القيامة وهم في الدنيا من أبعد الناس عن نهجهم .. فهؤلاء المستخفين بصلاتهم لا تنالهم الشفاعة ..
ما هو الإستخفاف بالصلاة ؟
هناك درجات للإستخفاف بالصلاة ومنها :
- ترك الصلاة نهائياً:
فالذي لا يصلي هو بحكم الكافر ، فأين هذا الإنسان من نهج الإمام الصادق عليه السلام وإن أحيا ذكراه ببكاء أو لطم أو ماشابه .
- ترك بعض الصلوات :
وقد يكون هناك من يصلي يوماً ويترك يوماً ، أو يصلي فريضة ويترك فريضة ، هذا من المحرومين من الشفاعة ايضاً.
- الإستخفاف بصلاة أول الوقت:
فهذا إنسان يصلي ولا يفوت فريضة ، ولكنه يؤخر الصلاة عن أول وقتها، ولعل هناك حديث يشير إلى أن الفرق بين صلاة أول الوقت وآخره كالفرق بين الدنيا والآخرة ،فما بال هذا الإنسان لا يحترم وقت الأذان ؟
فقد يكون المؤذن ينادي : " حي على خير العمل" ، وهو في مقام العمل ينادي : "نومي خير العمل " أو " شغلي خير العمل" ، أو " لهوي ولعبي خير العمل " ..!!
قد ترى البعض لا يتخلف عن الإلتزام بعمله في وقته ، أو الإلتزام بوقت الطعام في وقته ، أو الإلتزام في موعد مع صديقه مثلا ، ولكن عندما يصل الأمر إلى رب العالمين ، تراه لا يولي اهتماماً كبيراً بالأمر ، وقد جعل الله سبحانه أهون الناظرين إليه ..!!
فالصلاة موعد بين العبد وربه ، والصلاة- حسب بعض آراء المفسرين- من الأمانة التي عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان.
والصلاة ذكر بعد غفلة ، وطاعة بعد معصية ، ولقاء بعد فراق ،وحياة بعد موت ، فهل يحرم الإنسان نفسه من التسابق عليها ؟
لو أُخبر الإنسان بحصوله على جائزة وهي ملايين الأطنان من الذهب والجواهر الثمينة ، بشرط استيقاظه في وقت متأخر من الليل ، هل يصل النوم إلى عينيه في تلك الليلة ؟
فما بالنا لسنا كذلك مع صلاة الفجر ،حيث توزيع الجوائز العظمى من أكرم الأكرمين ، فما قيمة الجواهر المادية مقارنة بعطايا رب العالمين ؟
- التهاون في حضور المسجد و صلاة الجماعة:
قد يعد التهاون في حضور المسجد و صلاة الجماعة من مصاديق الاستخفاف بالصلاة ، وإن كان لا يصل إلى المستويات السابق ذكرها ، ولكن الإبتعاد عن المسجد و تضييع صلاة الجماعة مع المقدرة على ذلك كاشف عن جفاء من العبد لربه ولبيته المبارك ..
فصلاة الجماعة من الأمور التي أكد عليها الإمام الصادق وأهل البيت عليهم السلام ، بذكر الثواب الكبير تارة ، كهذا الحديث : قال الصادق (ع) : ( ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة ، كان له بكل خطوةسبعون ألف حسنة، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك ، وإن مات وهوعلى ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ، ويونسونه في وحدته ،ويستغفرون له حتى يبعث)...وغيره من الأحاديث..
وتارة بذكر مصير المتخلف عن المسجد و الجماعة كهذا الحديث : " ليوشك قوم يَدَعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فيوقد عليهم نار فيحرق عليهم بيوتهم"
فمن يريد في ذكرى الإمام الصادق عليه السلام أن يقدم عملاً يرضى عنه الإمام ، فليعاهد الإمام الصادق عليه السلام أن يلتزم بصلاة الجماعة كلما أمكنه ذلك ، حتى صلاة الفجر ، فما المانع أن يرتب المؤمن وقته ليحضر صلاة الفجر في جماعة، وإن كان ملتزماً بعمل أو دراسة ، فليس الأمر بالصعب ، ولكن علينا السعي ..
- التهاون في النوافل:
من مصاديق الإستخفاف بالصلاة ، التهاون في النوافل اليومية .. فقد يمر على المؤمن يوم كامل بساعاته وأوقاته الضائعة ، وهو لم يصل حتى ركعتين من نوافل الصلاة اليومية .. وهو قد ضيع وقته في ماهب ودب ..
وهل صلى المؤمن في يوم من الأيام صلاة إحدى وخمسين وهي الصلوات الخمس الواجبة إضافة إلى النوافل ؟ .. إن كان لا ، فهو المحروم ..
وليعلم أنه بإمكانه قضاء النافلة إن لم يوفق لها في وقتها ، المهم في ذلك ألا يحرم المؤمن نفسه من نوافل الصلاة اليومية ، ولو بعض منها ..
- التهاون بصلاة الجمعة :
قد يترك الإنسان صلاة الجماعة طيلة الأسبوع بعذر أو بغير عذر ، ولكن قد يزيد المؤمن في حرمان نفسه من نظرة الله تعالى له ، فيترك صلاة الجمعة في يوم يكون الإنسان –عادة- متخففاً من أعباء عمله ودراسته ، فقد يعد التهاون بهذا العمل العظيم مصادقاً للإستخفاف بالصلاة ..
وكفانا هذا الحديث من صاحب الذكرى روحي له الفداء :
روي عن الصادق (عليه السلام) : امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها.
صلاة الليل:
قال أبو عبد الله ( ع ) : ليس منا من لم يصل صلاة الليل
في هذا الحديث أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى صفة من صفات الخواص من شيعة أهل البيت عليهم السلام ، وهي صلاة الليل ..
صلاة الليل وقفة مع رب العالمين بعد يوم شابته المعاصي والغفلات ، وقفة ليذكر المؤمن ربه في وقت نام فيه الغافلون ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، فالكاذب الذي يزعم حب الله تعالى وهو لا يصلي الليل – ولعل هذا مضمون حديث قدسي –
قال الصادق (ع) : صلاةاللّيلكفّارة لما اجترح بالنهار
فعلى المؤمن الذي يحب أن يكون من خواص الصادق عليه السلام ، ألا يخرج في تعامله مع صلاة الليل عن أحد هذه الأقسام :
- أداء صلاة الليلة كاملة :
هذا توفيق كبير أن يوفق المؤمن لأداء صلاة الليل كاملة أداء في الوقت ، فيصلي ثمان ركعات نافلة صلاة الليل ، ثم ركعتي الشفع ، ثم ركعة الوتر .. فعلى المؤمن أن يعد العدة ويأخذ الأسباب ليوفق إلى هذا المستوى من التعامل مع صلاة الليل .
- أداء صلاة الليل ناقصة :
من لم يقدر على أداءها كاملة ومن لم يوفق لذلك بإمكانه أن يكتفي بالقدر الممكن من النوافل الثمان ، ويصلي الشفع والوتر ..
وإن لم يوفق لذلك ، فلا يحرم نفسه من الركيعات الثلاث- ركعتي الشفع وركعة الوتر – في وقتها ..
- قضاء صلاة الليل كاملة :
فقد ينوي المؤمن القيام لصلاة الليل ، ولكنه لا يوفق ..
طبعاً عليه الإحساس بشيء من الخذلان الإلهي خصوصاً مع استمرار هذه الحالة مدة طويلة ، وعليه بقضاء صلاة الليل طيلة يومه ، وهنيئاً لمن وفق لقضاء صلاة الليل وقد رآه رب العالمين نادماً لفوات هذه النافلة العظيمة، فإن أمكنه قضاء الإحدى عشرة ركعة ، فلا يحرم نفسه من ذلك ..
قال الصادق (عليه السلام) : إنّ الربّ ليعجّب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النافلة فيقول : انظروا إلى عبدي يقضي ما لم أفترض عليه
- قضاء صلاة الليلة ناقصة :
ومع عدم حصول التوفيق لقضاء صلاة الليل كاملة ، فلا يحرم نفسه من قضاء ما أمكنه قضاؤه منها ، فيقضي ما يمكنه من الركعات الثمان – نافلة صلاة الليل- ، أو على أقل التقادير لا يحرم نفسه من قضاء ركعتي الشفع وركعة الوتر وهذا أقل الإيمان لمن أراد أن يكون من المقربين لإمامه الصادق عليه السلام ..
فإلى متى يظل المؤمن على مستواه العادي من الإيمان دون أن يتقدم ولا خطوة للأمام ، فليبدأ من الثلاث ركعات ، ولو على مستوى القضاء ..
فلو نظرنا إلى ذاك الفقير الذي يستجدي الناس ، تراه يمد يده لهم في أوقات ليله ونهاره طالباً لقمة من لقيمات الدنيا، وقد يحصل عليها وقد لا يحصل، ولكن عندما يصل الأمر إلى الآخرة وثواب الآخرة وإلى العلاقة مع رب العالمين حيث الثواب الأكيد والعظيم والجهد اليسير يكون حالنا كما تعبر الآية الكريمة : (مَّالَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) سورة نوح
و قد يقرأ أحاديث أهل البيت عليهم السلام في فضل ثواب صلاة الليل فيصليها فترة قصيرة ثم يتركها، ولكن لو كانت هناك نية في النفس للتقرب من رب العالمين (ولوإجمالا) لما كان أثر هذه الأحاديث وقتيا .. فعن الامام العسكري عليه السلام : إن الوصول إلى الله عز وجل سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل
التفقه في الدين :
من الدروس الكبرى التي يعلمنا إياها الإمام الصادق عليه السلام ، التفقه في الدين ..
فعن الإمام الصادق عليه السلام :"ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الدين"
ما أحوجنا في هذا العصر ، حيث اختلط الحق بالباطل ، أن نتعلم أصول ديننا ، وأحكام الشريعة المقدسة ، أو على أقل التقادير الأمور المبتلى بها ..
فمن المخجل حقاً أن يكون أحد من شيعة الإمام الصادق عليه السلام وهو لا يعرف بعض أوليات الشريعة وقد بلغ من العمر عتياً ، فلا يعلم الجهر من الإخفات في الصلاة الواجبة ، ولا يعلم كيفية الوضوء الصحيح ، وغيرها من الأحكام ..
أو قد نرى البعض الآخر، قد ترك التقليد - وهو ليس مجتهد أو محتاط - ، أو البعض يقلد ولا يلتزم برأي مقلده ، أو البعض يقلد المرجع الذي تهواه نفسه بدعوى سهولة أحكامه ، وغيرها من التصرفات التي ما أنزل الله بها من سلطان ..
فعلى المؤمن إن كان مخلصاُ في ولائه لأهل البيت عليهم السلام أن يراجع رأيهم – الذي يستنبطه مرجع التقليد- في كل حركة وسكنة ، ويعرف الحكم الشرعي في أفعاله ، لا أن يجتهد من عنده في العمل ، وإذا علم الحكم الشرعي ألا يحاول البحث عن الحيل الشرعية والمخارج ، بل أن يسلم نفسه لحكم الشرع بدون تذمر أو استنكار أو عدم اقتناع.
لنكن جعفريين:
قال الصادق (ع) : عليكم بتقوى الله ، والورع ، والاجتهاد ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ،وحسن الخلق ، وحسن الجوار ، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ، وكونوا زيناولا تكونوا شينا ، وعليكم بطول السجود والركوعفإنّ أحدكم إذا طال الركوع ، يهتف إبليس من خلفه ، وقال : يا ويلتاه !.. أطاعواوعصيت ، وسجدوا وأبيت.
أو بعد كل هذا ، هل إحياء ذكرى الإمام الصادق عليه السلام باللطم المجرد ؟ أم البكاء اللاواعي ؟