المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاجز وكرامات الامام الصادق عليه السلام


نووورا انا
16-10-2009, 07:20 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم



دعاؤه المجاب

يقول الصبّان في «إسعاف الراغبين»: وكان مُجاب الدعوة اذا سأل اللّه شيئاً لا يتمّ قوله إِلا وهو بين يديه، ويقول الشعراني في «لواقح الأنوار»: وكان سلام اللّه عليه اذا احتاج الى شيء قال: يا ربّاه أنا محتاج الى كذا فما يستتمّ دعاؤه إِلا وذلك الشيء بجنبه موضوع.
وهذا القول منهما لا يدلّ على استجابة دعائه فحسب بل وعلى سرعة الإجابة، حتّى لكأنَّ المسؤول عنه كان الى جنبه أو بين يديه، وما كان جزم هؤلاء المؤلّفين بإجابة دعائه بسرعة الإجابة إِلا لكثرة ما تناقلته الطروس والسطور وحفظته الصدور من ذلك، حتّى صار لديهم شيئاً محسوساً وأمراً معلوماً.
وممّا ذكروه له عليه السلام ما كان من قصد المنصور له بالقتل مراراً عديدة، فيحول اللّه تعالى بينه وبين ما عزم عليه ببركة دعائه، بل ينقلب حاله الى ضدّ ما نواه وعزم عليه، فينهض لاستقباله ويبالغ في إِكرامه(1).
ومن ذلك: أن الحكم بن العبّاس الكلبي قال:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة***ولم نَر مهديّاً على الجذع يُصلب
وقستم بعثمان عليّاً سفاهة***وعثمان أزكى من عليّ وأطيب


ولمّا بلغ الصادق ذلك غصب ودعا عليه، فقال: اللّهمّ سلِّط عليه كلباً من كلابك يأكله، فبعثه بنو اُميّة الى الكوفة فافترسه الأسد في الطريق(1).
ولمّا كان داود بن علي العبّاسي والياً على المدينة من قِبل المنصور بعث على المعلّى بن خنيس مولى الصادق عليه السّلام فقتله، ولم يقنع بذلك حتّى أراد السوء مع الامام، فغضب الامام لذلك ودعا على داود حتّى سمعوه يقول: الساعة الساعة، فما استتمّ دعاؤه حتّى سمعت الصيحة في دار داود وقالوا: إِنه مات فجأة(2).
ومن دعائه المستجاب ما حدّث به الليث بن سعد(3) قال: حججت سنة 113، فلما صلّيت العصر رقيت أبا قبيس فإذا رجل جالس يدعو فقال: يا ربّ يا ربّ حتّى انقطع نفسه، ثمّ قال: يا حيّ يا حيّ يا حيّ حتّى انقطع نفسه، ثمّ قال: إِلهي أشتهي العنب فأطعمنيه، وإِن بُردي قد خلقا فاكسني، قال الليث: فما تمّ كلامه حتّى نظرت الى سلّة مملوءة عنباً، وليس على الشجر يومئذٍ عنب، واذا ببُردين لم أرَ مثلهما، فأراد الأكل فقلت أنا شريكك لأنك دعوت وأنا اُؤمّن، قال: كل ولا تخبئ ولا تدّخر، ثمّ دفع إِليّ أحد البُردين، فقلت: لي عنه غنى، فاتّزر بأحدهما وارتدي بالآخر، ثمّ أخذ الخلقين ونزل، فلقيه رجل فقال: اكسني يا ابن رسول اللّه، فدفعهما إِليه فقلت: مَن هذا، قال: جعفر الصادق(4) وفي رواية مطالب السؤل: فتقدّمت فأكلت شيئاً لم آكل مثله قط،

واذا عنب لا عجم(1) له فأكلت حتّى شبعت والسلّة لم تنقص.
أقول: إِن هذه الكرامة كانت منه على عهد أبيه الباقر عليه السلام قبل رجوع الإمامة اليه لأن وفاة الباقر كانت عام 114، أو عام 117.
وكانت الناس تستشفع بدعائه لما تجد فيه من الإجابة، وهذه حبابة الوالبيّة دخلت عليه وهي من فاضلات النساء، فسألته عن مسائل في الحلال والحرام فتعجّب الحضور من تلك المسائل، لأنهم ما رأوا سائلاً أحسن منها، ثمّ سالت دموعها، فقال الصادق عليه السلام: ما لي أرى عينيك قد سالت، قالت: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله داء قد ظهر بي من الأدواء الخبيثة التي كانت تصيب الأنبياء عليهم السّلام والأولياء، وأن أهل قرابتي وأهل بيتي يقولون: قد أصابتها الخبيثة، ولو كان صاحبها كما قالت مفروض الطاعة لدَعا لها، وكان اللّه يذهب عنها، وأنا واللّه سررت بذلك، وعلمت أنه تمحيص وكفّارات، وأنه داء الصالحين، فقال لها الصادق عليه السّلام: وقد قالوا: أصابك الخبيثة ؟ قالت: نعم يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فحرَّك شفتيه بشيء فلا يُدرى أفي دعاء كان، فقال: ادخلي دار النساء حتّى تنظري الى جسدك، فدخلت وكشفت عن ثيابها فلم تجد في صدرها ولا جسدها شيئاً فقال: اذهبي الآن وقولي لهم: هذا الذي يتقرّب الى اللّه بإمامته(2).
وحبابة هذه هي ابنة جعفر الأسدي، والوالبيّة نسبة الى بني والبة بطن من أسد، وهي صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه السّلام علامة

للإمامة، وعمّرت حتّى أدركت الرضا عليه السلام وماتت في أيّامه وكفّنها في قميصه، ولم تكن هذه الكرامة الاُولى التي شاهدتها من أئمّة أهل البيت، بل جاءت الى الحسين عليه السّلام وبها برص فعوفيت منه والى السجّاد عليه السلام وهي تعدّ يومئذٍ 113 عاماً وقد بلغ بها الكبر حتّى أرعشت فرأته راكعاً وساجداً فيئست من الدلالة فأومأ اليها بالسبابة فعاد اليها شبابها، ولمّا جاءت الى الرضا أعادَ عليها شبابها في رواية، ولكنها اختارت الموت فماتت في داره.
وجاءته امرأة اُخرى فقالت له: جعلت فداك، أبي واُمّي وأهل بيتي نتولاكم، فقال: صدقتِ فما الذي تريدين ؟ قالت: جُعلت فداك يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أصابني وضح(1) في عضدي فادع اللّه أن يذهبه عنّي فقال عليه السّلام:
اللّهمّ إِنك تبرئ الأكمه والأبرص وتحيي العظام وهي رميم، ألبسها عفوك وعافيتك ما ترى أثر إِجابة دعائي، فقالت المرأة: واللّه لقد قمت وما بي منه قليل ولا كثير(2).
وقال بكر بن محمّد الأزدي(3): عرض(4) لقرابة لي ونحن في طريق مكّة، فلّما صرنا الى أبي عبد اللّه عليه السلام ذكرنا ذلك له وسألناه الدعاء له ففعل، قال بكر: فرأيت الرجل حيث عرض له، ورأيته حيث أفاق(5).

وجاءه شيخ وهو تحت الميزاب في البيت ومعه جماعة من أصحابه فسلّم عليه، ثمّ قال: يا ابن رسول اللّه إِني احبّكم أهل البيت وأبرأ من عدوّكم وإِني بُليت ببلاء شديد، وقد أتيت البيت متعوّذاً به ممّا أجد، ثمّ بكى واكبّ على الصادق يقبّل رأسه ورجليه والصادق يتنحّى عنه فرحمه وبكى، ثمّ قال: هذا أخوكم وقد أتاكم متعوّذاً بكم فارفعوا أيديكم، فرفع الصادق يديه ورفع القوم أيديهم، ثمّ قال: اللّهم إِنك خلقت هذه الأنفس من طينة أخلصتها، وجعلت منها أولياءك وأولياء أوليائك، وإِن شئت أن تنحي عنهم الآفات فعلت، اللّهمّ وقد تعوّذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كلّ شيء وقد تعوّذ بنا، وأنا أسألك يا من احتجب بنوره عن خلقه أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يا غاية كلّ محزون وملهوف ومكروب ومضطرّ مبتلى أن تؤمنه بأماننا ممّا يجد، وأن تمحو من طينته ممّا قدّر عليها من البلاء، وأن تفرّج كربته يا أرحم الراحمين، فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلمّا بلغ باب المسجد رجع وبكى، ثمّ قال: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته، واللّه ما بلغت باب المسجد وبي ممّا أجد قليل ولا كثير(1).
واستحال وجه يونس بن عمّار(2) الى البياض فنظر الصادق عليه السلام الى جبهته فصلّى ركعتين، ودعا ببعض الدعوات فما خرج من المدينة حتّى ذهب ما كان بوجهه من البياض(3).

وقال طرخان النخاس(1): مررت بأبي عبد اللّه عليه السلام وقد نزل الحيرة، فقال: ما علاجك ؟ قلت: نخّاس، قال: اصب لي بغلة فضخاء، قلت: جُعلت فداك وما الفضخاء ؟ قال: دهماء بيضاء البطن بيضاء الأفخاذ بيضاء الجحفلة(2) فقلت: واللّه ما رأيت مثل هذه الصحيفة، فرجعت من عنده فساعة دخلت الخندق اذا أنا بغلام قد أسقى بغلة على هذه الصفة، فسألت الغلام: لمن هذه البغلة ؟ قال: لمولاي، قلت يبيعها ؟ قال: لا أدري، فتبعته حتّى أتيت مولاه فاشتريتها منه وأتيته فقلت: هذه الصفة التي أردتها جُعلت فداك ادع اللّه لي، فقال: اكثر اللّه مالك وولدك، قال: فصرت من اكثر أهل الكوفة مالاً وولداً(3).
وسأله حمّاد بن عيسى(4) أن يدعو اللّه بأن يرزقه ما يحجُّ به كثيراً وأن يرزقه ضياعاً حسنة وداراً حسنة وزوجة من أهل البيوتات صالحة وأولاداً أبراراً، فدعا له الصادق عليه السلام بما طلب، وقيّد الحجّ بخمسين حجّة، فرزقه اللّه جميع ما سأله، وحجَّ خمسين حجّة، ولمّا ذهب في الواحدة والخمسين وانتهى الى وادي الجحفة - بين مكّة والمدينة - جاء السيل فأخذه فأخرجه غلمانه ميّتاً، فُسمّي حمّاد غريق الجحفة(5).
وقال زيد الشحّام(6): إِني لأطوف حول الكعبة وكفّي في كفّ أبي عبد اللّه

عليه السلام، فقال - ودموعه تجري على خدّيه -: يا شحّام ما رأيت ما صنع ربي إِليّ، ثمّ بكى ودعا، ثمّ قال: يا شحّام إِني طلبت الى إِلهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمن(1) وكانا في السجن فوهبهما لي وخلّى سبيلهما(2).
وسجن المنصور عبد الحميد(3) فأخبروا الصادق عليه السلام بذلك وهو في الموقف بعد صلاة العصر، فرفع يديه ساعة، ثمّ التفت الى محمّد بن عبد اللّه(4). وقال عليه السلام: قد واللّه خلّى سبيل صاحبك، قال محمّد: فسألت عبد الحميد أيّ ساعة خلاك أبو جعفر المنصور ؟ قال: يوم عرفة بعد العصر(5).
وهذه الكرامة الجليلة جمعت بين استجابة دعائه وإِعلامه عن الإفراج عن عبد الحميد، كسابقتها.
هذه بعض دعواته المستجابة التي سجّلتها الكتب، وحفظتها الرُّواة، وما كانت دعواته إِلا لخير الناس، نعم قد يدعو على أحد اذا كان في ذلك صلاح وإِلا فإنّه الحليم الأوّاه الذي لاقى من أعدائه أذىً تسيخ عن حمله متون الرواسي ولم يَدع على واحد منهم، اللّهمّ إِلا على داود بن علي والحَكم الكلبي لأمر هو أعرف به، كما دعا على بعض غلمان زمزم.
كان أبو عبد اللّه عليه السلام ومعه بعض أصحابه يتغذّون فقال لغلامه: انطلق وآتنا بماء زمزم، فانطلق الغلام فما لبث أن جاء وليس معه ماء، فقال:

إِن غلاماً من غلمان زمزم منعني الماء وقال: أتريد الماء لاله العراق، فتغيّر لون أبي عبد اللّه عليه السلام ورفع يده عن الطعام وتحرّكت شفتاه، ثمّ قال للغلام: ارجع فجئنا بالماء، ثمّ أكل فلم يَلبث أن جاء الغلام بالماء وهو متغيّر اللون، فقال: ما وراك ؟ فقال: سقط ذلك الغلام في بئر زمزم فتقطّع وهم يخرجونه، فحمد اللّه عليه(1).
وأرسل غلامه مرَّة الى بئر زمزم ليأتيه بالماء ثمّ سمعوه يقول: اللّهمّ اعمِ بصره، اللّهمّ أخرس لسانه، اللّهم أصم سمعه، فرجع الغلام يبكي، فقال: ما لَكَ ؟ قال: إِنَّ فلاناً القرشي ضربني ومنعني من السقاء، قال: ارجع فقد كفيته، فرجع وقد عُمي وصُمَّ وخرُس وقد اجتمع عليه الناس(2).

نووورا انا
16-10-2009, 07:25 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم


إِعلامه عن الحوادث
كم أعلمَ عليه السلام عن حادثة وقعت بعد حين، وعن أمر حدث كما أخبر عن مُلك بني العبّاس مراراً قبل أن يكون، جاءه أبو مسلم الخراساني وناجاه سرّاً بالدعوة له، وأعلمه أنّ خلقاً كثيراً أجابوه، فقال له الصادق عليه السّلام: إِن ما تؤمي اليه غير كائن لنا حتّى يتلاعب بها الصبيان من وُلد العبّاس، فمضى الى عبد اللّه بن الحسن فدعاه، فجمع عبد اللّه أهل بيته وَهَمَّ بالأمر، ودعا أبا عبد اللّه عليه السلام للمشاورة، فلما حَضر جلس بين السفّاح والمنصور، وحين استُشير ضرب على منكب السفّاح، فقال: لا واللّه أو يملكها هذا أوّلاً، ثمّ ضرب بيده الاُخرى على منكب المنصور وقال: وتتلاعب بها الصبيان من وُلد هذا، ووثب
وخرج من المجلس(1).
ودعاه عبد اللّه بن الحسن مرّة اُخرى للبيعة لابنه محمّد، فقال له: إِنَّ هذا الأمر واللّه ليس لك ولا لابنيك، وإِنمّا هو لهذا - يعني السفّاح - ثمّ لهذا - يعني المنصور - ثمّ لولده من بعده، ولمّا خرج تبعه أبو جعفر فقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد اللّه ؟ قال عليه السلام: اي واللّه أدريه وأنّه لكائن(2) وما اكثر ما أنبأ عن مُلك بني العبّاس.
كما أخبر عن مقتل محمّد وإِبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن في مواطن عديدة، فقد قال يوماً: مروان خاتم بني اُميّة، وإِن خرج محمّد بن عبد اللّه قُتل(3).
وقال لمحمّد يوماً وقد فاخره: فكأني أرى رأسك وقد جيء به ووضع على حجر بالزنابير، يسيل منه الدم الى موضع كذا وكذا، فصار محمّد إِلى أبيه فأخبره بمقالة الصادق عليه السلام فقال أبوه: آجرني اللّه فيك، إِن جعفراً أخبرني أنك صاحب الزنابير(4).
وأخبر بذلك يوماً اُمّ الحسين بنت عبد اللّه بن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام وقد سألته عن أمر محمّد فقال عليه السلام: فتنة يقتل فيها محمّد عند بيت رومي، ويقتل أخوه لاُمّه وأبيه بالعراق، وحوافر فرسه في الماء(5).

وقال لعبد اللّه بن جعفر بن المسور(2): أرأيت صاحب الرداء الأصفر - يعني أبا جعفر ؟ - قلت: نعم، قال عليه السلام: فإنّا واللّه نجده يقتل محمّداً، قلت: أوَيقتل محمّد ؟ - قال: نعم، قلت في نفسي: حسده وربّ الكعبة، ثمّ ما خرجت واللّه من الدنيا حتّى رأيته قُتل.
وأخبر بذلك أباهما عبد اللّه بن الحسن وقال له: إِن هذا - يعني المنصور - يقتل محمّداً على أحجار الزيت، ثمّ يقتل أخاه بعده بالطفوف(3) وقوائم فرسه في الماء(4).
فكان كلّ ما أخبر به من أمر العبّاسيّين ومحمّد وإِبراهيم قد وقع لم يفلت منه شيء.
وأخبر شعيب بن ميثم(5) بدنوّ أجله معرضاً به، قال له أبو عبد اللّه عليه السلام: يا شعيب ما أحسن بالرجل يموت وهو لنا ولي ويعادي عدوّنا، فقال له شعيب: واللّه إِني لأعلم أن من مات على هذا أنه لعلى حال حسنة، قال عليه السلام: يا شعيب أحسن الى نفسك، وصِل قرابتك، وتعاهد إِخوانك، ولا تستبدل بالشيء تقول: أدّخر لنفسي وعيالي، إِن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم، قال شعيب: قلت في نفسي نعى إِليَّ واللّه نفسي، فما لبث بعد ذلك إِلا شهراً فمات(6).

وأخبر أيضاً إِسحاق بن عمّار الصيرفي الثقة الجليل بأنه سيموت في شهر ربيع، وذلك أن إِسحاق قال للصادق عليه السلام يوماً: إِن لنا أموالاً ونحن نعامل الناس، وأخاف إِن حدث أن تفرّق أموالنا، فقال عليه السلام: إِجمع أموالك في شهر ربيع، فمات إِسحاق في شهر ربيع(1).
وأخبر عن قتل مولاه المعلّى بن خنيس، الذي قتله داود بن علي قبل أن يقتله بسنة وأخبر بجميع ما يجري عليه(2).
وسأل أبا بصير عن أبي حمزة الثمالي فقال: خلفته صالحاً، قال عليه السلام: إِذا رجعت اليه فاقرأه السلام واعلمه أنه يموت كذا من شهر كذا، قال أبو بصير: فرجعت، فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة من ذلك اليوم(3).
ولمّا بلغه خبر قتل زيد وصلبه وهرب ابنه يحيى الى خراسان واجتماع الناس عليه، قال عليه السلام: إِنه يُقتل كما قُتل أبوه ويُصلب كما صُلب أبوه، فقُتل بالجوزجان وصُلب(4).
هذا بعض إِعلامه عن حوادث لم تقع فوقعت كما أعلَم، وأمّا إِعلامه عن حوادث وقعت فما أوفرها، وهاك شيئاً منها:
وقع شجار بين مهزم بن أبي بريدة الأسدي الكوفي - وهو من رواة الامام عليه السلام - وبين اُمّه، وقد جاء بها حاجّاً، وكان كلامه معها في المدينة وقد أغلظ لها فيه، فلمّا أصبح ودخل على الصادق عليه السلام ابتدأه قائلاً: يا مهزم مالَك وللوالدة أغلظت لها البارحة، أوَما علمت أن بطنها منزل سكنته، وأن
حجرها مهد قد مهدته، وأن ثديها وعاء قد شربته، فلا تغلظ لها(1).
ودخل عليه رجل فقال له الصادق عليه السلام: تُب الى اللّه ممّا صنعت البارحة، وكان الرجل نازلاً بالمدينة في دار وفيها وصيفة أعجبته، فلمّا انصرف ليلاً ممسياً واستفتح الباب وفتحت له مدَّ يده الى ثديها وقبض عليه(2).
وقَدِمَ رجل من أهل الكوفة على أهل خراسان يدعوهم الى ولاية الصادق عليه السلام، فاختلفوا في الأمر، فبين مطيع مجيب، وبين جاحد مُنكر، وبين مُتورّع واقف، فأرسلوا من كلّ فِرقة رجلاً الى الصادق عليه السلام لاستيضاح الحال، ولمّا كانوا في بعض الطريق خلا واحد منهم بجارية كانت مع بعض القوم، وعندما وصلوا الى الصادق عليه السلام عرفوه بالذي أقدمهم، فقال للمتكلّم وكان الذي وقع على الجارية: من أيّ الفِرق الثلاث أنت ؟ قال: من الفِرقة التي ورعت، قال عليه السلام: فأين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية ؟ فسكت الرجل(3).
وهذه لعمر الحقّ اكبر دلالة على الامامة لو كان القوم طالبين للحقّ وللدلالة على الامامة.
وكان عبد اللّه النجاشي(4) زيديّاً منقطعاً الى عبد اللّه بن الحسن فدخل يوماً

على الصادق عليه السلام فقال له: ما دعاك الى ما صنعت، تذكّر يوم مررت على باب قوم فسال عليك الميزاب من الدار فسألتهم فقالوا: إِنه قذر، فطرحت نفسك في النهر بثيابك فكانت منشغة(1) عليك فاجتمع عليك الصبيان يضحكون منك ويصيحون عليك، فلمّا خرج من عند الصادق عليه السلام قال: هذا صاحبي دون غيره(2).
وجاء من عدَّة طرق دخول أبي بصير على الصادق عليه السلام وهو جُنب، وردع الصادق إِيّاه، ومن ذلك ما قاله أبو بصير، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا اُريد أن يعطيني من دلالة الامامة مثلما أعطاني أبو جعفر عليه السلام، فلمّا دخلت وكنت جُنباً قال: يا أبا محمّد تدخل عليّ وأنت جُنب، فقلت: ما عملته إِلا عمداً، قال: أوَلم تؤمن ؟ قلت: بلى ولكن ليطمئن قلبي، فقلت عند ذلك: إِنه إِمام(3).

نووورا انا
16-10-2009, 07:40 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم



إِعلامه عمّا في النفس
إِن نفس المؤمن اذا زكت من درن الرذائل عادت كالمرآة الصافية، ينطبع فيها كلّ ما يكون أمامها، ولذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه، هذا شأن المؤمن فكيف بإمام المؤمنين ؟
وهذا الخضر عليه السلام أعاب السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام، وما
كان ذلك منه إِلا علماً منحه به العليم سبحانه.
فلا عجب إِذن لو أعلم الامام الصادق عليه السلام عن أشياء تتلجلج في النفوس عند إِظهار الكرامة.
دخل عمر بن يزيد(1) على الصادق وهو وجع وقد ولاه ظهره ووجهه للحائط، وقد قال عمر في نفسه: ما أدري ما يصيبه في مرضه لو سألته عن الامام بعده، فبينا يفكّر في ذلك إِذ حوَّل الصادق اليه وجهه، فقال: الأمر ليس كما تظنّ ليس عليَّ من وجعي هذا بأس(2).
ودخل عليه الحسن بن موسى الحنّاط(3) وجميل بن درّاج(4) وعائذ الأحمسي(5) وكان عائذ يقول: إِن لي حاجة اُريد أن أسأله عنها، فلمّا سلّموا وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال عليه السلام: من أتى اللّه بما افترض عليه لم يسأله عمّا سوى ذلك، فغمزهم فقاموا، فلمّا خرجوا قالوا له: ما كانت حاجتك ؟ قال: الذي سمعتم، لأني رجل لا اُطيق القيام بالليل فخفت أن اكون مأخوذاً به فأهلك(6).
ودخل عليه شهاب بن عبد ربّه(7) وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف
الماء من الحِبّ فلمّا صار عنده اُنسي المسألة، فنظر اليه أبو عبد اللّه عليه السلام فقال: يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحِبّ(1).
وكان جعفر بن هارون الزيّات(2) يطوف بالكعبة وأبو عبد اللّه عليه السلام في الطواف، فنظر اليه الزيّات وحدّثته نفسه فقال: هذا حجّة اللّه، وهذا الذي لا يقبل اللّه شيئاً إِلا بمعرفته، فبينا هو في هذا التفكير إِذ جاءه الصادق من خلفه فضرب بيده على منكبه ثمّ قال: «أبشراً واحداً منّا نتبعه إِنّا إِذن لفي ضلال وسعر»(3) ثمّ جازه(4).
ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز(5) وعنده ناس فقنّع رأسه وجلس ناحية وقال في نفسه: ويحَكم ما أغفلكم عند مَن تتكلّمون، عند ربّ العالمين، فناداه الصادق عليه السلام: ويحَك يا خالد إِني واللّه عبد مخلوق ولي ربّ أعبده، إِن لم أعبده واللّه عذبني بالنار، فقال خالد: لا واللّه لا أقول فيك أبداً إِلا قولك في نفسك(6).
وهذا قليل من كثير ممّا روته الكتب الجليلة من الكرامات والمناقب لأبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام، ولا غرابة لو ذكرت له الكتب أضعاف ما
استطردناه بعد أن أوضحنا في صدر البحث أمر الكرامة.
أجل بعد أن فاتتنا المشاهدة فلا طريق لنا لإثبات الكرامة غير النقل وإِن المشاهدة لا تكون إِلا لأفراد من معاصري النبي أو الامام، فكيف حال الناس مع الكرامة من أهل الأجيال المتأخّرة، هذا سوى الناس من أهل زمانه ممّن لم يحضر الكرامة، فهل طريق إِذن لإثباتها غير النقل، فالنقل إِن صحَّ لاعتبار المؤلّف والراوي فذلك المطلوب، وإِلا فاعتباره اذا بلغ التواتر لقضيّة خاصّة أو لقضايا يحصل من جميعها الاعتقاد بصدور الكرامة من النبي أو الوصي وإِن لم يحصل الاعتقاد بواحدة منها خاصّة.


الهوامش
(1) نور الأبصار، والصواعق، والفصول، والمناقب: 4/234.
(2) المصادر المتقدمة، والمناقب: 4/230.
(3) الخزاعي من فقهاء الجمهور روى عن سعيد بن جبير وأضرابه، ولم تُعرف له رواية عن الصادق عليه السلام على أنه شاهد منه هذه الكرامة الكبرى، وكم روى عنه من أقرانه خلق كثير.
(4) إِسعاف الراغبين، ومطالب السؤل، والصواعق، وكشف الغمّة، وصفوة الصفوة، والمناقب: 4/233.
(1) المناقب: 4/231 انظر في ذلك نور الأبصار للشبلنجي، وتذكرة الخواص للسبط، ومطالب السؤل لابن طلحة الشافعي، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي، والصواعق المحرقة لابن حجر، وينابيع المودّة للشيخ سليمان عند استطرادهم لأحوال الصادق عليه السلام، الى كثير سواهم، وقد ذكرنا ذلك مفصّلاً في محلّه.
1) برص.
(2) أمالي الشيخ الطوسي: المجلس / 14.
(3) روى عن الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وهو من ثقات الرواة وروى عنه الكثير منهم.
(4) أصابه جنون.
(5) بحار الأنوار: 47/122/170 عن قرب الاسناد، وهو لأبي جعفر محمّد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري القمّي طاب ثراه، وهو من وجوه الأصحاب وثقاتهم، وقد كاتب صاحب الأمر عجّل اللّه فرجه وسأله مسائل في أبواب الشريعة، وله اخوة وهم جعفر وأحمد والحسين وكلّ منهم له مكاتبة، وقيل إِن الكتاب لأبيه.
(1) بحار الأنوار: 47/122/170.
(2) الصيرفي الكوفي وهو أخو إِسحاق وإِسماعيل الثقتين، ولربّما عدّ يونس أيضاً في الثقات.
(3) مناقب ابن شهراشوب: 4/232.
(1) النخاس: بيّاع الرقيق وبيّاع الدواب ودلالها.
(2) بتقديم الجيم المعجمة على الحاءالمهملة، وهي لذوات الحافر كالشفّة للانسان.
(3) بحار الأنوار: 47/152/200.
(4) الجهني البصري، وكان من ثقات أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام.
(5) الخرائج والجرائح: ص 271.
(6) سنذكره في المشاهير من ثقات رواته.
(1) سنذكرهما أيضاً في المشاهير.
(2) الكشي: ص 138.
(3) الظاهر أنه ابن أبي العلاء الأزدي السمين الكوفي، وفي رواية كشف الغمّة التصريح به، وهو من أصحاب الصادق عليه السلام وثقات رواته.
(4) مشترك بين كثيرين، ولا يبعد أن يكون هاشميّاً وهو أيضاً فيهم كثير.
(5) مناقب ابن شهراشوب: 2/360.


(1) بحار الأنوار: 47/98/15، الخرائج والجرائح لقطب الدين سعد اللّه بن هبة اللّه الراوندي، وكان من العلماء المتبحّرين والفقهاء المحدّثين ومن تآليفه شرح النهج وكانت وفاته في شوال عام 573.
(2) بحار الأنوار: 47/108/139.
1) كتاب الوصيّة للمسعودي: ص 141.
(2) مقاتل الطالبيّين في تسمية المهدي: 255 - 256، بحار الأنوار: 47/131.
(3) كتاب الوصيّة.
(4) أعلام الورى للطبرسي طاب ثراه: 269، وهو الفضل بن الحسن بن الفضل من أعيان علماء الاماميّة وهو صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن الذي لم يؤلّف مثله، وله مؤلّفات اُخر جليلة، توفي ليلة النحر في سبزوار عام 548.
(5) المقاتل في تسمية المهدي.
(2) الظاهر أنه المخرمي نسبة الى جدّه مخرمة أب المسور، وعدّوه في أصحاب الصادق عليه السلام، الخرائج والجرائح: ص 244.
(3) جمع طف: الشاطي.
(4) المقاتل في تسمية المهدي: 255 - 256.
(5) التمّار: وهو من أصحاب الصادق عليه السلام وقد كتبنا عنه في رسالتنا في ميثم التمّار ص 78.
(6) بحار الأنوار: 47/126، المناقب: 3/350.
(1) مناقب ابن شهراشوب: 3/368، وأعلام الورى: ص 270.
(2) الكشي، في أحوال المعلّى: ص 239.
(3) كشف الغمّة: 3/190.
(4) ينابيع المودّة: ص 381.
(1) بصائر الدرجات: 5/263.
(2) بصائر الدرجات: 5/262.
(3) المناقب، وبصائر الدرجات: 5/265، وهو لمحمّد بن الحسن الصفّار القمّي أبي جعفر الأعرج، وكان وجهاً في القمّيين ثقة عظيم القدر، قليل السقط في الرواية، وله كتب كثيرة جليلة، توفي عام 290 وعدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الحسن العسكري عليه السلام، وكتابه بصائر الدرجات جليل كبير النفع.
(4) أبو بجير الأسدي وكان والياً على الأهواز وبعد أن رجع الى القول بإمامة الصادق صار يراسله ويسأله عن أشياء من وظيفته وللامام كتاب كبير أرسله اليه جواب سؤال منه ذكر فيه ما يجب عليه من السيرة والعمل الصالح، وسنذكره في وصاياه.
(1) تسيل.
(2) المناقب، وبصائر الدرجات: 5/265 وغيرها.
(3) وسائل الشيعة: 1/490/3 وذكر بعض أحاديث أبي بصير الشيخ المفيد في الارشاد، وابن بابويه في دلائل الامامة، والطبرسي في أعلام الورى وغيرهم.

(1) هل هما اثنان بيّاع السابري والصيقل أو واحد ؟ وعلى كلّ حال فهما من أصحاب الصادق وثقات رواته.
(2) بصائر الدرجات: 5/259.
(3) بالحاء المهملة والنون المضاعفة، وقيل بالخاء المعجمة والياء التحتانيّة المضاعفة، هو من أصحاب الصادق، روى عنه بعض الثقات وأصحاب الاُصول ومن لا يروي إِلا عن ثقة كابن أبي عمير.
(4) النخعي وسنذكره في مشاهير الثقات من رواته.
(5) بالذال المعجمة في آخره، روى عنه الثقات مثل جميل بن درّاج، وأن للصدوق طرقاً اليه.
(6) الشيخ في التهذيب والأمالي، والكليني في الكافي، والصدوق في الفقيه، ذكروه في كتاب الصلاة في القيام بالليل، المناقب: 3/226.
(7) الكوفي من أصحاب الصادق ورواته الثقات.
1) بصائر الدرجات: 5/63، بحار الأنوار: 47/68/13.
(2) لم ينصّوا على توثيقه ولكنهم استظهروا أنه من الحسان.
(3) القمر: 24.
(4) بصائر الدرجات: 5/65، بحار الأنوار: 47/70/25.
(5) نجيح بالجيم المعجمة والحاء المهملة، وأمّا الجواز فقيل بالمعجمتين الجيم والزاء مع تضعيف الواو، وقيل بإهمالها، وقيل بإعجام الاولى وإِهمال الثانية، وقيل: الجوان بالجيم والنون، وعلى كلّ حال فقد حسنت عقيدته بعد هذا الردع، وعدّوه في أصحاب الكاظم عليه السلام وهو المشير الى الرضا عليه السلام من بعده.
(6) بصائر الدرجات: 5/261.