المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سخاء الامام الصادق عليه السلام


نووورا انا
16-10-2009, 08:08 PM
اللهم صل على محمد وال محمد



سخاؤه
إِن السخاء وإِن كان خلّة كريمة في نفسه، وفائدة لمن يحبى بالعطاء، إِلا أن فيه عدا هذا فوائد اُخرى اجتماعيّة ملموسة، إِن الكريم يحمل الناس على حُبّ الكريم، والحبّ داعية الائتلاف، بل ربما كان الحبّ سُلَّماً لرياسة ذي الجود والإصغاء لقوله، وكم تكون من جدوى زعامة المرء واستماع كلامه اذا كان من أهل الصلاح والخير.
وهو القائل للمعلّى بن خنيس: يا معلّى تحبّب الى إِخوانك بصلتهم، فان اللّه تعالى جعل العطاء محبّة والمنع مبغضة، فأنتم واللّه إِن تسألوني واعطيكم أحبّ إِليَّ من ألا تسألوني فلا اعطيكم فتبغضوني(1).
فكان الصادق عليه السلام يعطي العطاء الجزيل، العطاء الذي لا يخاف صاحبه الفقر، وقد سبق في الأخلاق بعض هباته، كما سيأتي الوفر من صِلاته.
وقد أعطى مرَّة فقيراً أربعمائة درهم فأخذهما وذهب شاكراً، فقال لعبده: ارجعه، فقال: يا سيّدي سُئلت فأعطيت فما ذا بعد العطاء ؟ فقال له: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: خير الصدقة ما أبقت غنى وإِنّا لم نغنك، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة(2).
أحسب أن الصادق عليه السلام إِنّما زاده للشكر، والشكر داعية المزيد يقول تعالى: «ولئن شكرتم لأزيدنكم» ولقد زاد سائلاً من ثلاث حبّات عنب الى كفّين الى نحو من عشرين درهماً الى قميص، وما ذاك إِلا لأن السائل قنع في الاُولى وحمد اللّه تعالى وما كفَّ عن عطائه إِلا بعد أن كفّ عن الحمد ودعا للصادق عليه السلام(3).
ودخل عليه أشجع السلمي(4) فوجده عليلاً فجلس وسأل عن علّة مزاجه، فقال الصادق له: تَعَدّ عن العلّة واذكر ما جئت له، فقال:
ألبسك اللّه منه عافية***في نومك المعتري وفي أرقك

يخرج من جسمك السقام كما***أخرج ذلّ السؤال من عنقك
فقال: يا غلام أيّ شيء معك، قال: أربعمائة، قال: اعطها لأشجع(1) ودخل عليه المفضّل بن قيس بن رمّانة، وكان من رواته الثقات وأصحابه الأخيار فشكا اليه بعض حاله وسأله الدعاء، فقال: يا جارية هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر، فجاءت بكيس، فقال: هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن به، فقال له: لا واللّه جُعلت فداك ما أردت هذا ولكن أردت الدعاء، فقال له: ولا أدَع الدعاء، ولكن لا تخبر الناس بكلّ ما أنت فيه فتهون عليهم(2).
وهذه بعض نفحاته الجزيلة، وما ذكرناها إِلا مثالاً لذلك الخلق السامي وتدليلاً على تخلقه بهذه الخلّة الحميدة، ولا نريد أن نذكر له كلّ نفحة طيّبة وبما مضى ويأتي كفاية.

نووورا انا
16-10-2009, 08:12 PM
اللهم صل على محمد وال محمد


هباته السرّية
إِن الصلة وإِن كانت من الأب أو ممّن هو أرفق منه كالإمام قد تحدث في القابل انكساراً وذلّة، لأنها تنبّئ عن تفضّل المعطي وحاجة الآخذ، والحاجة نقص، والشعور به يحدث الإنكسار في النفس.
وقد تحدث في المعطي هزّة الإفضال، وتبجّج المتفضّل، هذا سوى ما قد يكون للعطيّة في بعض النفوس من حُبّ الذكر والفخر والسمعة أو الرياء أو ما سوى ذلك ممّا تكرم عنه النفوس النزيهة النقيّة.
{ 228 }
فلهذا أو لغيره كان دأب أرباب الأخلاق الفاضلة التكتُّم في الصلة وشأن أهل البيت خاصّة التستّر في صِلاتهم، فلا تكاد تمرّ عليك سيرة إِمام منهم إِلا وتجد فيها تَرقّبه للغلس ليتّخذه ستراً في الهبات والصّلات.
فلا أرى ذلك الإصرار على الإسرار إِلا لأنّهم لا يريدون أن يشاهدوا على الآخذ ذلّة الحاجة والخضوع للمتفضّل المحسن، وإِنهم أزكى نفساً وأعلى شأناً من أن يخافوا الفتنة في الإعلان.
ومن ثمّ تجد الصادق اذا جاء الغلس أخذ جراباً فيه الخبز واللحم والدراهم فيحمله على عاتق، ثمّ يذهب الى أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسّمه فيهم وهم لا يعرفونه، وما عَلموا ذلك حتّى مضى لربّه فافتقدوا تلك الصِلات، فعلموا أنها كانت من أبي عبد اللّه عليه السّلام(1).
وهذه السيرة دَرَج عليها آباؤه من قبل، ونهج عليها بنوه من بعد.
وما كانت سيرته تلك مع أهل المدينة خاصّة بل يعمل ذلك حتّى مع الهاشميّين، فإنه كان يتعاهدهم بالصِلة ويتخفّى في نسبتها اليه، وكان يرسل اليهم بصرر الدنانير ويقول للرسول: قل لهم إِنها بُعث بها من العراق، ثمّ يسأل الرسول بعد عودته عمّا قالوه فيقول: إِنهم يقولون: أمّا أنت فجزاك اللّه خيراً بصلتك قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأمّا جعفر فحَكم اللّه بيننا وبينه فيخرّ أبو عبد اللّه عليه السلام ساجداً ويقول اللّهمّ أذل رقبتني لوُلد أبي(2).
وأعطى يوماً صرَّة لأبي جعفر الخثعمي(3) وأمره بأن يدفعها الى رجل من بني هاشم وأمره بكتمان الأمر، فلمّا أوصله بالصرَّة قال: جزاه اللّه خيراً ما يزال
كلّ حين يبعث بها فنعيش بها الى قابل، ولكنّي لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله(1).
وكان لا يترك صِلاته حتّى لقاطعيه منهم، وحتّى ساعة الاحتضار، فإنه حين دنا أجله وكان في سكرات الموت أمر بإجراء العطاء، وأمر للحسن بن عليّ الأفطس(2) بسبعين ديناراً فقيل له: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة ليقتلك ؟ فقال عليه السّلام: وَيحَكم أما تقرأون: «والذين يَصِلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب»(3). إِن اللّه خلق الجنّة فطيَّبها وطيَّب ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم(4).
هذه نفحات من هباته السرّيّة، وصِلاته الخفيّة، التي تمثّل لك الرحمة والرأفة.



الهوامش
(1) المجلس /11 من أمالي الطوسي طاب ثراه.
(2) بحار الأنوار: 47/61.
(3) نفس المصدر.
(4) هو من الشعراء المجيدين والمجاهرين بالولاء والحبّ لأهل البيت، ترجم له في الأغاني: 17/30 وأعيان الشيعة: 13/346.
(1) مناقب ابن شهراشوب: 4/274.
(2) الكشي: ص 121.
(1) بحار الأنوار: 47/38/40.
(2) نفس المصدر.
(3) وهو محمّد بن حكيم من أصحاب الصادق ورواته، وروى عنه الثقات وأصحاب الاجماع.
(1) مناقب ابن شهراشوب: 4/273.
(2) هو الحسن بن علي الأصغر بن علي بن الحسين عليهما السلام وخرج مع محمّد بن عبد اللّه وكانت بيده راية بيضاء وابلى، ويقال: إِنه لم يخرج معه أشجع منه ولا أصبر وكان يقال له رمح آل أبي طالب لطُوله وطَوله ولما قتل محمّد اختفى الحسن هذا، وحين دخل الصادق العراق ولقي أبا جعفر تشفّع به فشفعه، ومع هذه الصنيعة وتلك الصلات حمل عليه بالشفرة.
(3) الرعد: 21.
(4) غيبة الشيخ الطوسي طاب ثراه، والمناقب: 4/273.

Яëđ ƒłοωëŕ
16-10-2009, 08:16 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكورة نووورا انا
لاحُرمنا تميزك

عاشق الامام الكاظم
16-10-2009, 11:58 PM
اللهُم صًل وًسلم وًزد وبارك على السيد الصادق الصديق العالم الوثيق الحليم الشفيق الهادي إلى الطريق الساقي شيعًتهُ من الرحيق...

ومبلغ أعدائه إلى الحريق , صاحب الشرف المدفون بالبقيع الغرقد, المهذب المؤيد الإمام الممجد أبي عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله وسلامه عليه)....

والصلاة والسلام عليك ياأبا عبد الله ياجعفر بن محمد أيها الصادق يابن رسول الله يابن امير المؤمنين ياحجة الله على خلقه...

السلام عليك يا ساكن البقيع
السلام عليك يا إمامي يا مسموم
ايها الصادق
وعظم الله أجرنا وأجركم في مصاب سيدنا ومولانا الأمام الصادق عليه السلام

القلب الصبور
17-10-2009, 02:37 AM
الف شكر الموضوع

طيبا
21-10-2009, 07:48 PM
بسم الله الذي لاارجو الا فضله
رائع ماقدمت اختي
جزيت الخير

لبيك داعي الله
25-10-2009, 09:38 PM
احسنت

سلام الله عليهم كرماء بيت الجود والكرم

اللهم ارزقنا شفاعتهم ووفقنا لخدمتهم واجعلنا ننتهج نهجهم ونسير على طريقهم ولا تفرق بيننا وبينهم واحشرنا يوم القيامة في زمرتهم وتحت لوائهم وبجوار من هم بجواره، محمد وآل محمد على منابر من نور.

وفقك الباري