غرام حسيني
20-10-2009, 05:30 PM
ماذا لو كانت الحكومة العراقية قد فعلت ما فعلته الحكومة الألمانية التي تنوي تلقيح أعضائها بلقاح مميز و خاص ضد أنفلونزا الخنازير يختلف عن اللقاح المعد لعامة الشعب الألماني من حيث عدم احتوائه على المواد المثيرة للجدل ؟ ألن تنقلب الدنيا على رأس المالكي و ربما استدعت دعوة بعض النواب للمطالبة بعقد جلسة خاصة لمناقشة الأمر و ربما دعت بعض الكتل لسحب الثقة من حكومة السيد رئيس الوزراء ؟؟
سؤال طرحه أحد الأصدقاء الداعمين لحزب الدعوة جناح رئيس الوزراء المالكي عبر رسالة أوف لاين وصلتني بالماسنجر ..
في البداية خلت أن مثل هذا الخبر من اختلاق صاحبنا لذلك أجلت الإجابة عنه ، وفي الصباح تبيّن لي أن الخبر صحيح تماما .. و هنا لا بد لي من الإجابة ..
أولا سيكون رد الفعل هو كما ذكر الأخ و ستنقلب الدنيا على رأس نوري و حكومته و سنكتب منتقدين قرارا تمييزا كهذا القرار الذي يفضّل من لا فضل له على عامة المواطنين .. و لكن هل أن مثل هذا الموقف لا يتعدّى الصراعات و المواقف السياسية المسبقة ؟ هل سيكون مجرد محاولات لتشويه و تسقيط حكومة نوري المالكي ؟ و لماذا سينطلق أصلا من الناس البسطاء الذين لا ناقة لهم في السياسة فتُحلب و لا جمل فيُركب !
ثانيا بكل تأكيد أن هناك من لا يحتاج لقضية كهذه كي يسقّط خصومه و يشوّه سمعتهم و ينال بالطعن منهم لأنه منقاد لحس المعاداة و الخصام لسبب أو بدونه ..و سواء مع المالكي أو غيره ..
و لكن من المؤكد أن هذا ليس الدافع الوحيد و الشامل الذي تُبنى عليه جميع المواقف الناقدة ..
هناك ما هو أهم في صياغة الموقف الناقد و تبلور قناعة الرفض و معارضة اصطفاء السلطة بامتيازات من هذا النوع ..
فالعراق ليس ألمانيا و الشعب العراقي ليس الشعب الألماني و ظروف البلد مختلفة تمام الاختلاف عما في تلك الدولة الديمقراطية الغنية المستقرة ..
العراقيون ينتظرون في هذه المرحلة رجالا للحكم مخلصين و مهتمين بمعالجة مآسي البلد و مشاكله .. و هؤلاء لا يقنعوننا بالشعارات و الجمل البراقة و الصياغات الأخّاذة بل عن طريق السلوك و التصرف و إدارة الدولة .. لكل رئيس أمريكي مزرعة من مئات الهكتارات لا يسال الأمريكيون من أين جاء بها و لكن سيسأل العراقيون من أين جاء ابن المالكي بأموال لبناء قصر في المنطقة الخضراء مثلا ؟ ببساطة لأن الوضع مختلف ..
يحتاج العراقيون حاضرا إلى رجال سلطة يثبتون بكل وسيلة ممكنة أنهم مخلصون غير أنانيين و تهمهم مصالح الشعب لا مصالحهم الخاصة .. وضع مختلف عن حكومة انجيلا ميركل و عن غيرها من حكومات الدول المستقرة .. الثقة بالطبقة الحاكمة في الحكومة العراقية منعدمة لدى طبقات الشعب و لهذا فهي أي الحكومة بحاجة لتعزيز و بناء مثل هذه الثقة و لو أقدمت على ما فعلته الحكومة الألمانية فهي ستضع نفسها موضع المحاسبة و المساءلة .. فحكومة ألمانيا بشخوصها اليوم لو كانت بمثل ظروف الحكومة العراقية لما فكرت مجرد تفكير بخطوة كالتي اتخذتها مؤخرا ..
ظروفنا مختلفة إذاً .. و نفوسنا و عقولنا لا تقوى على استيعاب ممارسة اصطفائية كتلك .. فالقضية كما يقول أهل المنطق هي قياس مع الفارق ..
لا شك أن في كل بلدان العالم قديما و حديثا يكون لصاحب السلطة جملة من الامتيازات و لا توجد مدينة فاضلة على وجه الأرض يتساوى فيها حق المحكوم مع حق الحاكم .. و لكن لا يعني ذلك عدم التساؤل عن مشروعية حقوق الحكام و السلاطين .. نعم تقل مثل هذه التساؤلات في حالة واحدة هي فيما إذا كان الحاكم قد وفّر حدودا مقبولة و معقولة لرعيته من الحقوق و الامتيازات و الضمانات الاجتماعية و المعيشة الطيبة و الخدمات الجيدة .. كم هو حال الشعب الألماني ..
أما هنا ... في العراق فتساؤلاتنا بلا حصر لأن تلك الحدود غير متوفرة .. فحكومة نوري المالكي أمضت أربع سنوات دون أن تنجح في تقديم شيء كبير للمواطن على صعيد الخدمات ولو بأدنى درجاتها .. فبأي حق إذاً تصطفي نفسها بما يفرّقها عن الآخرين كقطع الأراضي على دجلة و الرواتب و المخصصات التي تعادل لكل فرد في الحكومة ما يتقاضاه عشرات الموظفين أو مئات المتقاعدين أو آلاف الكسبة على أرصفة المدن العراقية .. !
هذا ليس ادعاء لتشويه الحكومة و النيل منها على الإطلاق .. بوسع كل شريحة أو طبقة من المجتمع أن تضع أمام حكومتها سيل من الطلبات الذي يعبر عن عدم الظفر بأبسط احتياجاتها .. !
منقــــــــــــــول
عبد الله الشاهد
سؤال طرحه أحد الأصدقاء الداعمين لحزب الدعوة جناح رئيس الوزراء المالكي عبر رسالة أوف لاين وصلتني بالماسنجر ..
في البداية خلت أن مثل هذا الخبر من اختلاق صاحبنا لذلك أجلت الإجابة عنه ، وفي الصباح تبيّن لي أن الخبر صحيح تماما .. و هنا لا بد لي من الإجابة ..
أولا سيكون رد الفعل هو كما ذكر الأخ و ستنقلب الدنيا على رأس نوري و حكومته و سنكتب منتقدين قرارا تمييزا كهذا القرار الذي يفضّل من لا فضل له على عامة المواطنين .. و لكن هل أن مثل هذا الموقف لا يتعدّى الصراعات و المواقف السياسية المسبقة ؟ هل سيكون مجرد محاولات لتشويه و تسقيط حكومة نوري المالكي ؟ و لماذا سينطلق أصلا من الناس البسطاء الذين لا ناقة لهم في السياسة فتُحلب و لا جمل فيُركب !
ثانيا بكل تأكيد أن هناك من لا يحتاج لقضية كهذه كي يسقّط خصومه و يشوّه سمعتهم و ينال بالطعن منهم لأنه منقاد لحس المعاداة و الخصام لسبب أو بدونه ..و سواء مع المالكي أو غيره ..
و لكن من المؤكد أن هذا ليس الدافع الوحيد و الشامل الذي تُبنى عليه جميع المواقف الناقدة ..
هناك ما هو أهم في صياغة الموقف الناقد و تبلور قناعة الرفض و معارضة اصطفاء السلطة بامتيازات من هذا النوع ..
فالعراق ليس ألمانيا و الشعب العراقي ليس الشعب الألماني و ظروف البلد مختلفة تمام الاختلاف عما في تلك الدولة الديمقراطية الغنية المستقرة ..
العراقيون ينتظرون في هذه المرحلة رجالا للحكم مخلصين و مهتمين بمعالجة مآسي البلد و مشاكله .. و هؤلاء لا يقنعوننا بالشعارات و الجمل البراقة و الصياغات الأخّاذة بل عن طريق السلوك و التصرف و إدارة الدولة .. لكل رئيس أمريكي مزرعة من مئات الهكتارات لا يسال الأمريكيون من أين جاء بها و لكن سيسأل العراقيون من أين جاء ابن المالكي بأموال لبناء قصر في المنطقة الخضراء مثلا ؟ ببساطة لأن الوضع مختلف ..
يحتاج العراقيون حاضرا إلى رجال سلطة يثبتون بكل وسيلة ممكنة أنهم مخلصون غير أنانيين و تهمهم مصالح الشعب لا مصالحهم الخاصة .. وضع مختلف عن حكومة انجيلا ميركل و عن غيرها من حكومات الدول المستقرة .. الثقة بالطبقة الحاكمة في الحكومة العراقية منعدمة لدى طبقات الشعب و لهذا فهي أي الحكومة بحاجة لتعزيز و بناء مثل هذه الثقة و لو أقدمت على ما فعلته الحكومة الألمانية فهي ستضع نفسها موضع المحاسبة و المساءلة .. فحكومة ألمانيا بشخوصها اليوم لو كانت بمثل ظروف الحكومة العراقية لما فكرت مجرد تفكير بخطوة كالتي اتخذتها مؤخرا ..
ظروفنا مختلفة إذاً .. و نفوسنا و عقولنا لا تقوى على استيعاب ممارسة اصطفائية كتلك .. فالقضية كما يقول أهل المنطق هي قياس مع الفارق ..
لا شك أن في كل بلدان العالم قديما و حديثا يكون لصاحب السلطة جملة من الامتيازات و لا توجد مدينة فاضلة على وجه الأرض يتساوى فيها حق المحكوم مع حق الحاكم .. و لكن لا يعني ذلك عدم التساؤل عن مشروعية حقوق الحكام و السلاطين .. نعم تقل مثل هذه التساؤلات في حالة واحدة هي فيما إذا كان الحاكم قد وفّر حدودا مقبولة و معقولة لرعيته من الحقوق و الامتيازات و الضمانات الاجتماعية و المعيشة الطيبة و الخدمات الجيدة .. كم هو حال الشعب الألماني ..
أما هنا ... في العراق فتساؤلاتنا بلا حصر لأن تلك الحدود غير متوفرة .. فحكومة نوري المالكي أمضت أربع سنوات دون أن تنجح في تقديم شيء كبير للمواطن على صعيد الخدمات ولو بأدنى درجاتها .. فبأي حق إذاً تصطفي نفسها بما يفرّقها عن الآخرين كقطع الأراضي على دجلة و الرواتب و المخصصات التي تعادل لكل فرد في الحكومة ما يتقاضاه عشرات الموظفين أو مئات المتقاعدين أو آلاف الكسبة على أرصفة المدن العراقية .. !
هذا ليس ادعاء لتشويه الحكومة و النيل منها على الإطلاق .. بوسع كل شريحة أو طبقة من المجتمع أن تضع أمام حكومتها سيل من الطلبات الذي يعبر عن عدم الظفر بأبسط احتياجاتها .. !
منقــــــــــــــول
عبد الله الشاهد