صلاح السداوي
23-10-2009, 06:58 PM
في رحاب الصحابي الجليل ميثم التمار (رض)
ولادته
ولد ميثم التمار في (النهروان) بالقرب من مدينة الكوفة واصله من فارس وكان في صباه غلاماً لامرأة من (بني أسد). وذات يوم اشتراه الإمام علي (عليه السلام) واعتقه أي أعاد له حريته. كان الإمام علي (ع) في شبابه يعمل بيده يحفر الآبار والعيون ويسقي البساتين فإذا توفر لديه بعض المال كان يشتري به عبداً أو جارية ثم يهبهم الحرية. عندما استعاد ميثم حرّيته اتجه إلى سوق الكوفة وأصبح بائعاً للتمر. عاش ميثم حياة بسيطة فلم يكن يملك من حطام الدنيا شيئاً إلا شيء واحداً كان ينمو في قلبه إيمانه بالإسلام وحبه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). لقد علمه الإمام إن الإسلام هو طريق الحرية، فإذا أراد المرء أن يحيا كريماً ويموت سعيداً فما عليه إلا إن يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يخشى أحداً إلا الله. وهكذا عاش ميثم. كان يبيع التمر في سوق الكوفة، لا تهمه مظاهر الحياة الزائفة.
وكان الإمام علي يحب ميثماً لصفاء روحه وطهارة نفسه، لهذا كان يقصده في دكانه في السوق ويتحدث إليه ويعلمه. وكان ميثم يُصغي إلى أحاديث الإمام لأنه يعرف إن علياً هو باب مدينة علم النبي (ص) وقد قال رسولنا الأكرم محمد (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها). وقد اخبره باب علم مدينة الرسول عن النخلة التي يصلب عليها لذا كان ولأكثر من عشرين سنة وهو يزور هذه النخلة، لم تكن هكذا مجرد جذع يابس، لقد كانت قبل عشرين سنة نخلة باسقة تهب الرطب والتمر والظلال. وتمر الأيام والشهور والأعوام وميثم يزورها في كل مرة فيصلي عندها ركعتين ويخاطبها قائلاً: (أنبتك الله من اجلي وغذاني من أجلك). كان ميثم يحب هذه النخلة، وكان يسقيها عندما كانت خضراء، ثم جاء اليوم الذي ماتت فيه النخلة وأصبحت جذعاً يابساً ثم قطع الجذع من أعلاه وأصبحت تلك النخلة الباسقة مجرد جذع قصير.
ولكن ميثم كان يداوم على زيارة النخلة كلما سنحت له الفرصة، فمن هو ميثم هذا، وما هي قصّته مع جذع النخلة؟
الاسم الحقيقي
لولا ذلك اللقاء لظلّ ميثم غلاماً عند تلك المرأة الأسدية ولكان أسمه "سالماً". إلا إن الله أرادَ له أن يكون من المعتوقين الأحرار فهداه إلى حبيبه أمير المؤمنين عندما اشتراه الإمام من المرأة سأله عن أسمه فقال: (اسمي سالم). فقال الأمام: (لقد أخبرني رسول الله إن اسمك عند العجم ميثم). فقال ميثم بدهشة، لأن أحداً لا يعرف اسمه الحقيقي: (صدق الله ورسوله) ومنذ ذلك الوقت وميثم لا يفارق الإمام لقد وجد التلميذ أستاذا عظيما ليتربّى في أحضانه.
كان الإمام علي (ع) يخرج إلى الصحراء ليلاً يعبد الله ويدعو، ويصطحب معه في بعض الأحيان ميثما إلى الصحراء فيتحدث إليه ويعلمه ويخبره بما سيحصل في مستقبل الأيام وكان ميثم يصغي إلى كل ما يسمعه فإذا قام الإمام للصلاة صلى خلفه وأصغى بخشوع إلى مناجاة الإمام فتنطبع في فؤاده الحروف وتضيء في نفسه الكلمات.
في دكان التمار
كان الإمام يقصد السوق للقاء ميثم التمار،فيجلس معه ويتحدّث إليه، وكان بعض الناس يمرّون فلا يعرفون الخليفة، وكان بعضهم يعرفون الإمام فيتعجبون كيف يجلس الخليفة مع رجل يبيع التمر!! وذات يوم ذهب الإمام إلى دكان التمار في السوق وجلس مع ميثم يحدثه ويعلمه من العلوم والأسرار والخفايا. وفي تلك الأثناء عرضت لميثم التمار حاجة فاستأذن الإمام لقضائها وغادر الدكان ظلّ الإمام في الدكان ليبيع التمر، وفي الأثناء جاء رجل واشترى تمراً بأربعة دراهم ومضى عندما جاء ميثم ورأى الدراهم تعجب لأن الدراهم كانت مزيّفة ابتسم الإمام (ع) وقال: (سوف يعود صاحب الدراهم). تعجّب ميثم مرّة أخرى، إذ كيف سيعود بعدما اشترى تمراً جيدا بدراهم مزّيفة، وبعد ساعة جاء صاحب الدراهم وقال بانزعاج: (لا أريد هذا التمر إنه مر كالحنظل.. كيف يكون التمر مرا؟! فقال الأمام (ع): (كما تكون دراهمك مزيفة) فتح صاحب الدراهم فمه دهشة وأخذ دراهمه وأبتعد مسرعاً.
حبر الأمة (عبد الله بن عباس)
كان ميثم عالماً كبيراً، فلقد تلقى علمه من الإمام علي (ع). قال يوماً لحبر الأمة عبد الله بن عباس: (يا بن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فلقد تعلمت تنزيله من أمير المؤمنين وعلمني تأويله) أي تفسيره ومعرفة باطنه. فكان ابن عباس يجلس كما يجلس التلميذ أمام معلمه يتعلم دروس التفسير وعلم التأويل. كان ميثم التمار عندما يرى عمرو بن حريث وهو من زعماء أهل الكوفة يقول له: (سوف أصبح جارك فأحسن جواري). فيتعجب عمرو ويقول: (أتريد شراء دار بن مسعود أم دار ابن الحكم؟).
ولكن ميثم كان يسكت، ويبقى عمرو بن حريث في حيرة، ترى ماذا يقصد ميثم بذلك؟ وتمر الأيام والأعوام، ويتعاقب على الكوفة حكام ولاة ظالمين يسومون الناس العذاب. إلى أن وصلت النوبة إلى زياد ابن أبيه حاكماً على الكوفة، راح يطارد أصحاب الإمام ويقتلهم الواحد بعد الآخر. كان ينفذ أوامر معاوية الذي ظل يحقد على الإمام (ع) وعلى أصحابه، فكان يأمر بشتم الإمام فوق المنابر كل يوم. ذات يوم اشتكى أهل السوق من ظلم عامل السوق الذي عينه الوالي. ولكنهم كانوا يخافون، فجاءوا إلى ميثم واشتكوا عنده مما يلاقونه من الظلم وقالوا له: (انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق ونسأله أن يعزله ويولي علينا غيره.
مضى ميثم معهم فدخل القصر وحدّث الوالي مما يعانوه الباعة في السوق. كان أحد الجلاوزة من الحاقدين قد غاظه ميثم وشجاعته فقال: أتعرف هذا أيها الأمير؟ إنّه الكذاب مولى الكذّاب كان يعني أحد أصحاب الإمام علي (ع). قال ميثم: (بل أنا الصادق مولى الصادق أمير المؤمنين حقاً). كان حبيب بن مظاهر صحابياً جليل القدر لازم الإمام بعد وفاة رسولنا الأكرم محمد (ص) وكان من حواريه أي من اقرب أصحابه ذات يوم مرّ ميثم وكان راكباً فرساً بمجلس لبني أسد، وكان حبيب بن مظاهر هو الآخر راكباً فرساً أيضاًَ قادماً من الجهة المقابلة فتقابلا أمام بني أسد فتحدثا قليلاً وكانوا بنو أسد يصغون إليهما. قال حبيب مبتسماً: (لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب أهل نبيه). فقال ميثم: (وأنا اعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة). افترق الصديقان، وظل بنو أسد يتهامسون فيما بينهم فقالوا: (ما رأينا اكذب من هذين). وفي الأثناء مرّ رشيد الهجري وكان صديقاً لهما وهو من حواري الإمام علي أيضاً فسأل عنهما، فقالوا: (كانا هنا ثم افترقا وقد سمعناهما يقولان كذا وكذا) ابتسم رشيد وقال: (رحم الله ميثماً لقد نسي أن يقول: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مئة درهم. أي يضاف إلى مرتب من يجيء برأسه مئة درهم).
ومضى رشيد فيما ظل بنو أسد متعجبين منه فقالوا: (وهذا اكذب منهما). وتمر الأيام حتى إذا حلّ شهر المحرم من سنة إحدى وستين للهجرة رأوا رأس حبيب بن مظاهر فوق رمح طويل يطوف به جلاوزة ابن زياد في شوارع الكوفة. وعندما مات معاوية بن أبي سفيان جاء إلى الحكم بعده ابنه يزيد، وكان يزيد شاباً في الثلاثين من عمره، يشرب الخمر ويقضي وقته في اللعب واللهو مع الكلاب والقرود. لهذا امتنع الإمام الحسين (ع) عن مبايعته لأنه ليس أهلاً للخلافة وإدارة شؤون المسلمين. وكان أهل الكوفة قد ملوا ظلم معاوية فأرسلوا إلى الإمام الحسين لكي يأتي إليهم يخلصهم من ظلم بني أمية. نقل الجواسيس ما يجري في الكوفة إلى يزيد، وكان يزيد يشير (سرجون) وهو رجل نصراني يحقد على المسلمين.أشار سرجون في تعيين عبيد بن زياد حاكماً على الكوفة إضافة إلى البصرة.
معتقلات وسجون
عندما وصل عبيد الله بن زياد الكوفة بدأ بحملة اعتقالات واسعة وزج الكثير من المسلمين في السجون، خاصة أصحاب الإمام علي (ع) والذين يؤيدون الإمام الحسين (ع). وكان مصير ميثم (رض) السجن وتلا ذلك اعتقال المختار الثقفي وعبد الله بن الحارث فكانوا في زنزانة واحدة. وفي السجن كانت تدور أحاديث بين السجناء فكان ميثم يقف فيهم واعظاً وخطيباً ومحرضاً على ظلم بني أمية وفسادهم وممهداً لثورة الإمام الحسين (ع). قال المختار لصاحبيه في السجن ميثم التمار وعبد الله بن الحارث: (استعدا للقاء الله، فهذا الظالم لن يتورع عن قتل الناس جميعاً. فقال عبد الله بن الحارث: (نعم إن لم يقتلنا اليوم فسيقتلنا غداً). فقال ميثم: (كلا لن يقتلكما). والتفت إلى المختار وقال: (اخبرني حبيبي علي (ع) عن رسول الله (ص) انك ستخرج وستثأر من قتلة الحسين وأنصاره وتطأ بقدمك رأس الطاغية عبيد الله بن زياد).
ثم قال لعبد الله بن الحارث: (وأما أنت فستخرج وتتولى البصرة).
صلابة الإيمان
لقد وهب الله ميثماً (رض) إيماناً عميقاً فكان صلباً لا يخاف الظالمين. كان الناس يخافون من عبيد الله بن زياد ويرتعدون أمامه، أما ميثم التمار (رض) فكان ينظر إليه بدون اكتراث لأنه يعرف إن نهايته قريبة وان الظلم لا يدوم والظالمون لا يبقون إلى الأبد. في زمن معاوية وابنه كان حبّ الإمام علي (ع) جريمة كبرى. يعاقبون عليها كل من يتهم بها.
فكانت الشرطة تطارد أصحاب الإمام (ع) يهدمون دورهم ويلقونهم في السجن أو يقتلونهم. كان الإمام علي (ع) يعرف ذلك، لهذا أوصى أصحابه. فقد قال ميثم (رض) ذات يوم: (كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي من بني أمية إلى البراءة مني). قال ميثم: (والله لا ابرأ منك). كان ميثم يعتقد إن البراءة من الإمام (ع) يعني البراءة من الإسلام، والبراءة من الإسلام يعني الكفر.
فقال الإمام علي (ع): (إذن والله يقتلك ويصلبك). فقال ميثم: (اصبر فذاك في الله قليل). فقال الإمام: (ستكون معي في درجتي).
استشهاده (رض)
قبل استشهاد الإمام الحسين (ع) في كربلاء قام عبيد الله بن زياد بقتل الكثير من أصحاب الإمام علي (عليه السلام) وفي طليعتهم ميثم التمار (رض). أمر عبيد الله بن زياد بإحضاره من السجن وقال له باستعلاء: (لقد سمعت بأنك من أصحاب علي)
فقال: نعم. قد كان بعض ذلك.
فقال له: لتبرأن من علي وتذكرن مساويه.
فقال: فإذا لم افعل.
قال له: لأقطعن يديك ورجليك وأصلبنك.
ثم قال ابن زياد: انه ليقال انه قد أخبرك بما ستلقاه.
قال: نعم والله لقد اخبرني أمير المؤمنين بأنك ستقتلني وتصلبني وتقطع يدي ورجلي ولساني.
صاح ابن زياد بعصبية: سأكذب أمامك
فرد عليه ميثم كيف تكذبه إنما اخبرني عن رسول الله (ص) عن جبرئيل عن الله تعالى. ثم ابتسم ميثم ساخراً من هذا الأحمق. أمر ابن زياد الجلاوزة بصلبه على جذع النخلة قرب دار عمرو بن حريث وان يقطعوا يديه ورجليه فقط. راجياً بذلك تكذيب وصية أمير المؤمنين فيه.
الجار
عندما شاهد عمرو بن حريث ميثم مصلوباً على جذع النخلة، عرف قصد ميثم عندما كان يقول له: سوف أصبح جارك فأحسن جواري. لهذا كان عمرو بن حريث يأمر إحدى فتياته بان تكنس مكان الصلب وترشّه بالماء. قال رجل لميثم وهو يتألم لمصيره: (لقد كنت عن هذا غنياً) أي كان بإمكانك ان تعيش لو انك تبرأت من علي. فقال ميثم والابتسامة تشرق في وجهه: (يا نخلة ما غذيت إلا لي) وعندها ادرك الناس سر زيارة ميثم للنخلة طوال تلك السنين.
أيها الناس
وراح ميثم التمار (رض) يحدث الناس قائلاً: (أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي ابن أبي طالب فليأتِ إلي) وانطلق يحدثهم ألواناً من العلوم فاجتمع الناس حوله فأخذ يذكر فضائل بني هاشم ومخازي بني أمية وظلمهم وجورهم. وينقل الجواسيس أخبار ميثم الذي فضح حكمهم القائم على الظلم والجهل.
أمر ابن زياد بقطع لسانه وعندما تقدم الجلاد نحوه اخرج ميثم لسانه قائلاً: (زعم ابن الفاجرة ان يكذبني ويكذب مولاي هاك لساني اقطعه فقطعه ثم تقدم جلاد آخر فطعنه بحربة قائلاً: (والله لقد كنت علمتك قواماً (أي تقضي الليل في العبادة) صواماً (كثير الصيام)).
المصلوب
فرضت الشرطة حراسة مشددة حول المصلوب، لان الناس يحبون هذا الإنسان الشهيد، الذي قضى حياته تقياً يعمل الخير للناس. وذات ليلة اجتمع سبعة أشخاص كانوا أيضاً ممن يبيعون التمر في السوق كانوا يحبون ذلك الشهيد، وقرروا حمل الجسد الطاهر لدفنه عندما انتصف الليل جاءوا يراقبون الشرطة، كانوا مشغولين بإيقاد النار، عندما اشتعلت النار وتصاعدت ألسنتها في الفضاء، تقدم اثنان من التمارين امسك احدهما بجذع النخلة، وراح الآخر ينشر الجذع، وما هي ألا لحظات وانفصل الجذع.
وحمل الأصدقاء جسد الشهيد العظيم واتجهوا به خارج الكوفة وهناك انزلوا الشهيد وفتحوا وثاقه رموا الخشبة بعيداً، ودفنوا جسد الشهيد، وتركوا علامة تدل على قبره. وتمر ستة أعوام وإذا بالمختار يعلن الثورة في الكوفة، ثم يصطدم جيشه بجيش عبيد الله بن زياد على شواطئ نهر (الخازر) في مدينة الموصل، وإذا بسيف إبراهيم الأشتر يهوي على رأس الأفعى عبيد الله بن زياد. وعندما جاءوا برأس ابن زياد إلى المختار نهض من سريره ووضع قدمه فوق وجه الطاغية وتذكر كلمات ميثم له في السجن: (ستخرج من السجن يا مختار وستتولى الثأر من قتلة الحسين وأنصاره وتطأ بقدميك على وجنتيه، بهذا اخبرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
وتدور الأيام، فلا يبقى اثر للجلادين لقد اندثروا واندثر معهم ظلمهم وطغيانهم ولا يذكرهم احد إلا باللعنة عليهم وعلى من مكن لهم. بينما تجد أهل الله باقون ما بقي الدهر فهذا ضريح ميثم التمار وهذه قبته الجميلة المزينة، وهؤلاء زواره من جميع أنحاء العالم الإسلامي يزورون قبره ويتوسلون ويتشفون به.
اللهم ارزقنا شفاعتهم ووفقنا لخدمتهم واجعلنا ننتهج نهجهم ونسير على طريقهم ولا تفرق بيننا وبينهم واحشرنا يوم القيامة في زمرتهم وتحت لوائهم وبجوار من هم بجواره، محمد وآل محمد على منابر من نور.
(يا علي أنت وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوهم حولي في الجنة وهم جيراني)
http://www.altmaar.net/lib/album/thumb_gal.11.jpg
زيارته
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ أكبرُ.. اللهُ أكبرُ.. أشهدُ أنْ لا اله إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ..
وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ
جاء بالحقِ من عندِه وصدّقَ المرسلين..السلام على رسولِ اللهِ
صلى اللهُ عليه وآله سيدِ المرسلين..
السلام على علي أميرِ المؤمنين عليه السلام سيدِ الوصيين..
السلام على فاطمةَ الزهراءِ سيدةِ نساءِ
العالمين.. السلام على الحسنِ والحسينِ سيديْ شبابِ أهلِ الجَنةِ
أجمعين.. السلام على الحججِ
المعصومين من ذريةِ الحسينِ عليهم السلام ورحمةُ اللهِ وبركاتُه..
السلام عليكَ أيها العبدُ الصالحُ يا ميثمَ بنَ يحيى التّمار المطيعُ
للهِ ولرسولهِ ولأميرِ المؤمنين ولفاطمةَ
والحسنِ والحسينِ.. اشهدُ أنكَ قد أقمتَ الصلاةَ وآتيتَ الزكاةَ
وأمرتَ بالمعروفِ ونهيتَ عن المنكرِ وجاهدتَ
في اللهِ حقَّ جهادِهِ وعملتَ بكتابهِ مقتدياً بالصالحين ومتَّبعاً للنبيين
وأشهدُ أنكَ قُتِلتَ مظلوماً شهيداً.. فلعنَ
اللهُ مَنْ ظلمكَ ومَنْ إفترى عليكَ ولعنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لكَ العداوةَ
والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ وحشا اللهُ قبورَهم
ناراً وأعدَّ لهم عذاباً أليماً.. جئتُك أيها العبدُ الصالحُ زائراً قبرَكَ
مقراً بحقكَ معترفاً بفضلكَ أسألُ اللهَ بالشأنِ
الذي لكَ عندهُ أنْ يصليَ على محمدٍ وآل محمدٍ وأنْ يقضيَ حوائجَنا
في الدنيا و الآخرةِ ويجمعَنا وإياكُم في
زمرةِ الفـائزيـن مـعَ محمدٍ وآلهِ الطـاهـرين والسـلامُ
عـليكَ أيـها الشهيـدُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
ولادته
ولد ميثم التمار في (النهروان) بالقرب من مدينة الكوفة واصله من فارس وكان في صباه غلاماً لامرأة من (بني أسد). وذات يوم اشتراه الإمام علي (عليه السلام) واعتقه أي أعاد له حريته. كان الإمام علي (ع) في شبابه يعمل بيده يحفر الآبار والعيون ويسقي البساتين فإذا توفر لديه بعض المال كان يشتري به عبداً أو جارية ثم يهبهم الحرية. عندما استعاد ميثم حرّيته اتجه إلى سوق الكوفة وأصبح بائعاً للتمر. عاش ميثم حياة بسيطة فلم يكن يملك من حطام الدنيا شيئاً إلا شيء واحداً كان ينمو في قلبه إيمانه بالإسلام وحبه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). لقد علمه الإمام إن الإسلام هو طريق الحرية، فإذا أراد المرء أن يحيا كريماً ويموت سعيداً فما عليه إلا إن يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يخشى أحداً إلا الله. وهكذا عاش ميثم. كان يبيع التمر في سوق الكوفة، لا تهمه مظاهر الحياة الزائفة.
وكان الإمام علي يحب ميثماً لصفاء روحه وطهارة نفسه، لهذا كان يقصده في دكانه في السوق ويتحدث إليه ويعلمه. وكان ميثم يُصغي إلى أحاديث الإمام لأنه يعرف إن علياً هو باب مدينة علم النبي (ص) وقد قال رسولنا الأكرم محمد (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها). وقد اخبره باب علم مدينة الرسول عن النخلة التي يصلب عليها لذا كان ولأكثر من عشرين سنة وهو يزور هذه النخلة، لم تكن هكذا مجرد جذع يابس، لقد كانت قبل عشرين سنة نخلة باسقة تهب الرطب والتمر والظلال. وتمر الأيام والشهور والأعوام وميثم يزورها في كل مرة فيصلي عندها ركعتين ويخاطبها قائلاً: (أنبتك الله من اجلي وغذاني من أجلك). كان ميثم يحب هذه النخلة، وكان يسقيها عندما كانت خضراء، ثم جاء اليوم الذي ماتت فيه النخلة وأصبحت جذعاً يابساً ثم قطع الجذع من أعلاه وأصبحت تلك النخلة الباسقة مجرد جذع قصير.
ولكن ميثم كان يداوم على زيارة النخلة كلما سنحت له الفرصة، فمن هو ميثم هذا، وما هي قصّته مع جذع النخلة؟
الاسم الحقيقي
لولا ذلك اللقاء لظلّ ميثم غلاماً عند تلك المرأة الأسدية ولكان أسمه "سالماً". إلا إن الله أرادَ له أن يكون من المعتوقين الأحرار فهداه إلى حبيبه أمير المؤمنين عندما اشتراه الإمام من المرأة سأله عن أسمه فقال: (اسمي سالم). فقال الأمام: (لقد أخبرني رسول الله إن اسمك عند العجم ميثم). فقال ميثم بدهشة، لأن أحداً لا يعرف اسمه الحقيقي: (صدق الله ورسوله) ومنذ ذلك الوقت وميثم لا يفارق الإمام لقد وجد التلميذ أستاذا عظيما ليتربّى في أحضانه.
كان الإمام علي (ع) يخرج إلى الصحراء ليلاً يعبد الله ويدعو، ويصطحب معه في بعض الأحيان ميثما إلى الصحراء فيتحدث إليه ويعلمه ويخبره بما سيحصل في مستقبل الأيام وكان ميثم يصغي إلى كل ما يسمعه فإذا قام الإمام للصلاة صلى خلفه وأصغى بخشوع إلى مناجاة الإمام فتنطبع في فؤاده الحروف وتضيء في نفسه الكلمات.
في دكان التمار
كان الإمام يقصد السوق للقاء ميثم التمار،فيجلس معه ويتحدّث إليه، وكان بعض الناس يمرّون فلا يعرفون الخليفة، وكان بعضهم يعرفون الإمام فيتعجبون كيف يجلس الخليفة مع رجل يبيع التمر!! وذات يوم ذهب الإمام إلى دكان التمار في السوق وجلس مع ميثم يحدثه ويعلمه من العلوم والأسرار والخفايا. وفي تلك الأثناء عرضت لميثم التمار حاجة فاستأذن الإمام لقضائها وغادر الدكان ظلّ الإمام في الدكان ليبيع التمر، وفي الأثناء جاء رجل واشترى تمراً بأربعة دراهم ومضى عندما جاء ميثم ورأى الدراهم تعجب لأن الدراهم كانت مزيّفة ابتسم الإمام (ع) وقال: (سوف يعود صاحب الدراهم). تعجّب ميثم مرّة أخرى، إذ كيف سيعود بعدما اشترى تمراً جيدا بدراهم مزّيفة، وبعد ساعة جاء صاحب الدراهم وقال بانزعاج: (لا أريد هذا التمر إنه مر كالحنظل.. كيف يكون التمر مرا؟! فقال الأمام (ع): (كما تكون دراهمك مزيفة) فتح صاحب الدراهم فمه دهشة وأخذ دراهمه وأبتعد مسرعاً.
حبر الأمة (عبد الله بن عباس)
كان ميثم عالماً كبيراً، فلقد تلقى علمه من الإمام علي (ع). قال يوماً لحبر الأمة عبد الله بن عباس: (يا بن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فلقد تعلمت تنزيله من أمير المؤمنين وعلمني تأويله) أي تفسيره ومعرفة باطنه. فكان ابن عباس يجلس كما يجلس التلميذ أمام معلمه يتعلم دروس التفسير وعلم التأويل. كان ميثم التمار عندما يرى عمرو بن حريث وهو من زعماء أهل الكوفة يقول له: (سوف أصبح جارك فأحسن جواري). فيتعجب عمرو ويقول: (أتريد شراء دار بن مسعود أم دار ابن الحكم؟).
ولكن ميثم كان يسكت، ويبقى عمرو بن حريث في حيرة، ترى ماذا يقصد ميثم بذلك؟ وتمر الأيام والأعوام، ويتعاقب على الكوفة حكام ولاة ظالمين يسومون الناس العذاب. إلى أن وصلت النوبة إلى زياد ابن أبيه حاكماً على الكوفة، راح يطارد أصحاب الإمام ويقتلهم الواحد بعد الآخر. كان ينفذ أوامر معاوية الذي ظل يحقد على الإمام (ع) وعلى أصحابه، فكان يأمر بشتم الإمام فوق المنابر كل يوم. ذات يوم اشتكى أهل السوق من ظلم عامل السوق الذي عينه الوالي. ولكنهم كانوا يخافون، فجاءوا إلى ميثم واشتكوا عنده مما يلاقونه من الظلم وقالوا له: (انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق ونسأله أن يعزله ويولي علينا غيره.
مضى ميثم معهم فدخل القصر وحدّث الوالي مما يعانوه الباعة في السوق. كان أحد الجلاوزة من الحاقدين قد غاظه ميثم وشجاعته فقال: أتعرف هذا أيها الأمير؟ إنّه الكذاب مولى الكذّاب كان يعني أحد أصحاب الإمام علي (ع). قال ميثم: (بل أنا الصادق مولى الصادق أمير المؤمنين حقاً). كان حبيب بن مظاهر صحابياً جليل القدر لازم الإمام بعد وفاة رسولنا الأكرم محمد (ص) وكان من حواريه أي من اقرب أصحابه ذات يوم مرّ ميثم وكان راكباً فرساً بمجلس لبني أسد، وكان حبيب بن مظاهر هو الآخر راكباً فرساً أيضاًَ قادماً من الجهة المقابلة فتقابلا أمام بني أسد فتحدثا قليلاً وكانوا بنو أسد يصغون إليهما. قال حبيب مبتسماً: (لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب أهل نبيه). فقال ميثم: (وأنا اعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة). افترق الصديقان، وظل بنو أسد يتهامسون فيما بينهم فقالوا: (ما رأينا اكذب من هذين). وفي الأثناء مرّ رشيد الهجري وكان صديقاً لهما وهو من حواري الإمام علي أيضاً فسأل عنهما، فقالوا: (كانا هنا ثم افترقا وقد سمعناهما يقولان كذا وكذا) ابتسم رشيد وقال: (رحم الله ميثماً لقد نسي أن يقول: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مئة درهم. أي يضاف إلى مرتب من يجيء برأسه مئة درهم).
ومضى رشيد فيما ظل بنو أسد متعجبين منه فقالوا: (وهذا اكذب منهما). وتمر الأيام حتى إذا حلّ شهر المحرم من سنة إحدى وستين للهجرة رأوا رأس حبيب بن مظاهر فوق رمح طويل يطوف به جلاوزة ابن زياد في شوارع الكوفة. وعندما مات معاوية بن أبي سفيان جاء إلى الحكم بعده ابنه يزيد، وكان يزيد شاباً في الثلاثين من عمره، يشرب الخمر ويقضي وقته في اللعب واللهو مع الكلاب والقرود. لهذا امتنع الإمام الحسين (ع) عن مبايعته لأنه ليس أهلاً للخلافة وإدارة شؤون المسلمين. وكان أهل الكوفة قد ملوا ظلم معاوية فأرسلوا إلى الإمام الحسين لكي يأتي إليهم يخلصهم من ظلم بني أمية. نقل الجواسيس ما يجري في الكوفة إلى يزيد، وكان يزيد يشير (سرجون) وهو رجل نصراني يحقد على المسلمين.أشار سرجون في تعيين عبيد بن زياد حاكماً على الكوفة إضافة إلى البصرة.
معتقلات وسجون
عندما وصل عبيد الله بن زياد الكوفة بدأ بحملة اعتقالات واسعة وزج الكثير من المسلمين في السجون، خاصة أصحاب الإمام علي (ع) والذين يؤيدون الإمام الحسين (ع). وكان مصير ميثم (رض) السجن وتلا ذلك اعتقال المختار الثقفي وعبد الله بن الحارث فكانوا في زنزانة واحدة. وفي السجن كانت تدور أحاديث بين السجناء فكان ميثم يقف فيهم واعظاً وخطيباً ومحرضاً على ظلم بني أمية وفسادهم وممهداً لثورة الإمام الحسين (ع). قال المختار لصاحبيه في السجن ميثم التمار وعبد الله بن الحارث: (استعدا للقاء الله، فهذا الظالم لن يتورع عن قتل الناس جميعاً. فقال عبد الله بن الحارث: (نعم إن لم يقتلنا اليوم فسيقتلنا غداً). فقال ميثم: (كلا لن يقتلكما). والتفت إلى المختار وقال: (اخبرني حبيبي علي (ع) عن رسول الله (ص) انك ستخرج وستثأر من قتلة الحسين وأنصاره وتطأ بقدمك رأس الطاغية عبيد الله بن زياد).
ثم قال لعبد الله بن الحارث: (وأما أنت فستخرج وتتولى البصرة).
صلابة الإيمان
لقد وهب الله ميثماً (رض) إيماناً عميقاً فكان صلباً لا يخاف الظالمين. كان الناس يخافون من عبيد الله بن زياد ويرتعدون أمامه، أما ميثم التمار (رض) فكان ينظر إليه بدون اكتراث لأنه يعرف إن نهايته قريبة وان الظلم لا يدوم والظالمون لا يبقون إلى الأبد. في زمن معاوية وابنه كان حبّ الإمام علي (ع) جريمة كبرى. يعاقبون عليها كل من يتهم بها.
فكانت الشرطة تطارد أصحاب الإمام (ع) يهدمون دورهم ويلقونهم في السجن أو يقتلونهم. كان الإمام علي (ع) يعرف ذلك، لهذا أوصى أصحابه. فقد قال ميثم (رض) ذات يوم: (كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي من بني أمية إلى البراءة مني). قال ميثم: (والله لا ابرأ منك). كان ميثم يعتقد إن البراءة من الإمام (ع) يعني البراءة من الإسلام، والبراءة من الإسلام يعني الكفر.
فقال الإمام علي (ع): (إذن والله يقتلك ويصلبك). فقال ميثم: (اصبر فذاك في الله قليل). فقال الإمام: (ستكون معي في درجتي).
استشهاده (رض)
قبل استشهاد الإمام الحسين (ع) في كربلاء قام عبيد الله بن زياد بقتل الكثير من أصحاب الإمام علي (عليه السلام) وفي طليعتهم ميثم التمار (رض). أمر عبيد الله بن زياد بإحضاره من السجن وقال له باستعلاء: (لقد سمعت بأنك من أصحاب علي)
فقال: نعم. قد كان بعض ذلك.
فقال له: لتبرأن من علي وتذكرن مساويه.
فقال: فإذا لم افعل.
قال له: لأقطعن يديك ورجليك وأصلبنك.
ثم قال ابن زياد: انه ليقال انه قد أخبرك بما ستلقاه.
قال: نعم والله لقد اخبرني أمير المؤمنين بأنك ستقتلني وتصلبني وتقطع يدي ورجلي ولساني.
صاح ابن زياد بعصبية: سأكذب أمامك
فرد عليه ميثم كيف تكذبه إنما اخبرني عن رسول الله (ص) عن جبرئيل عن الله تعالى. ثم ابتسم ميثم ساخراً من هذا الأحمق. أمر ابن زياد الجلاوزة بصلبه على جذع النخلة قرب دار عمرو بن حريث وان يقطعوا يديه ورجليه فقط. راجياً بذلك تكذيب وصية أمير المؤمنين فيه.
الجار
عندما شاهد عمرو بن حريث ميثم مصلوباً على جذع النخلة، عرف قصد ميثم عندما كان يقول له: سوف أصبح جارك فأحسن جواري. لهذا كان عمرو بن حريث يأمر إحدى فتياته بان تكنس مكان الصلب وترشّه بالماء. قال رجل لميثم وهو يتألم لمصيره: (لقد كنت عن هذا غنياً) أي كان بإمكانك ان تعيش لو انك تبرأت من علي. فقال ميثم والابتسامة تشرق في وجهه: (يا نخلة ما غذيت إلا لي) وعندها ادرك الناس سر زيارة ميثم للنخلة طوال تلك السنين.
أيها الناس
وراح ميثم التمار (رض) يحدث الناس قائلاً: (أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي ابن أبي طالب فليأتِ إلي) وانطلق يحدثهم ألواناً من العلوم فاجتمع الناس حوله فأخذ يذكر فضائل بني هاشم ومخازي بني أمية وظلمهم وجورهم. وينقل الجواسيس أخبار ميثم الذي فضح حكمهم القائم على الظلم والجهل.
أمر ابن زياد بقطع لسانه وعندما تقدم الجلاد نحوه اخرج ميثم لسانه قائلاً: (زعم ابن الفاجرة ان يكذبني ويكذب مولاي هاك لساني اقطعه فقطعه ثم تقدم جلاد آخر فطعنه بحربة قائلاً: (والله لقد كنت علمتك قواماً (أي تقضي الليل في العبادة) صواماً (كثير الصيام)).
المصلوب
فرضت الشرطة حراسة مشددة حول المصلوب، لان الناس يحبون هذا الإنسان الشهيد، الذي قضى حياته تقياً يعمل الخير للناس. وذات ليلة اجتمع سبعة أشخاص كانوا أيضاً ممن يبيعون التمر في السوق كانوا يحبون ذلك الشهيد، وقرروا حمل الجسد الطاهر لدفنه عندما انتصف الليل جاءوا يراقبون الشرطة، كانوا مشغولين بإيقاد النار، عندما اشتعلت النار وتصاعدت ألسنتها في الفضاء، تقدم اثنان من التمارين امسك احدهما بجذع النخلة، وراح الآخر ينشر الجذع، وما هي ألا لحظات وانفصل الجذع.
وحمل الأصدقاء جسد الشهيد العظيم واتجهوا به خارج الكوفة وهناك انزلوا الشهيد وفتحوا وثاقه رموا الخشبة بعيداً، ودفنوا جسد الشهيد، وتركوا علامة تدل على قبره. وتمر ستة أعوام وإذا بالمختار يعلن الثورة في الكوفة، ثم يصطدم جيشه بجيش عبيد الله بن زياد على شواطئ نهر (الخازر) في مدينة الموصل، وإذا بسيف إبراهيم الأشتر يهوي على رأس الأفعى عبيد الله بن زياد. وعندما جاءوا برأس ابن زياد إلى المختار نهض من سريره ووضع قدمه فوق وجه الطاغية وتذكر كلمات ميثم له في السجن: (ستخرج من السجن يا مختار وستتولى الثأر من قتلة الحسين وأنصاره وتطأ بقدميك على وجنتيه، بهذا اخبرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
وتدور الأيام، فلا يبقى اثر للجلادين لقد اندثروا واندثر معهم ظلمهم وطغيانهم ولا يذكرهم احد إلا باللعنة عليهم وعلى من مكن لهم. بينما تجد أهل الله باقون ما بقي الدهر فهذا ضريح ميثم التمار وهذه قبته الجميلة المزينة، وهؤلاء زواره من جميع أنحاء العالم الإسلامي يزورون قبره ويتوسلون ويتشفون به.
اللهم ارزقنا شفاعتهم ووفقنا لخدمتهم واجعلنا ننتهج نهجهم ونسير على طريقهم ولا تفرق بيننا وبينهم واحشرنا يوم القيامة في زمرتهم وتحت لوائهم وبجوار من هم بجواره، محمد وآل محمد على منابر من نور.
(يا علي أنت وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوهم حولي في الجنة وهم جيراني)
http://www.altmaar.net/lib/album/thumb_gal.11.jpg
زيارته
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ أكبرُ.. اللهُ أكبرُ.. أشهدُ أنْ لا اله إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ..
وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ
جاء بالحقِ من عندِه وصدّقَ المرسلين..السلام على رسولِ اللهِ
صلى اللهُ عليه وآله سيدِ المرسلين..
السلام على علي أميرِ المؤمنين عليه السلام سيدِ الوصيين..
السلام على فاطمةَ الزهراءِ سيدةِ نساءِ
العالمين.. السلام على الحسنِ والحسينِ سيديْ شبابِ أهلِ الجَنةِ
أجمعين.. السلام على الحججِ
المعصومين من ذريةِ الحسينِ عليهم السلام ورحمةُ اللهِ وبركاتُه..
السلام عليكَ أيها العبدُ الصالحُ يا ميثمَ بنَ يحيى التّمار المطيعُ
للهِ ولرسولهِ ولأميرِ المؤمنين ولفاطمةَ
والحسنِ والحسينِ.. اشهدُ أنكَ قد أقمتَ الصلاةَ وآتيتَ الزكاةَ
وأمرتَ بالمعروفِ ونهيتَ عن المنكرِ وجاهدتَ
في اللهِ حقَّ جهادِهِ وعملتَ بكتابهِ مقتدياً بالصالحين ومتَّبعاً للنبيين
وأشهدُ أنكَ قُتِلتَ مظلوماً شهيداً.. فلعنَ
اللهُ مَنْ ظلمكَ ومَنْ إفترى عليكَ ولعنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لكَ العداوةَ
والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ وحشا اللهُ قبورَهم
ناراً وأعدَّ لهم عذاباً أليماً.. جئتُك أيها العبدُ الصالحُ زائراً قبرَكَ
مقراً بحقكَ معترفاً بفضلكَ أسألُ اللهَ بالشأنِ
الذي لكَ عندهُ أنْ يصليَ على محمدٍ وآل محمدٍ وأنْ يقضيَ حوائجَنا
في الدنيا و الآخرةِ ويجمعَنا وإياكُم في
زمرةِ الفـائزيـن مـعَ محمدٍ وآلهِ الطـاهـرين والسـلامُ
عـليكَ أيـها الشهيـدُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.