شهيدالله
27-10-2009, 07:36 PM
بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الغـزو الثقـافي!
الثقافة، بكلمة واحدة، هي وعي الذات، والاعتراف بها كنتاج انساني وحضاري ونتاج انفعال الفكر والعقيدة والقيم..
فالحديث عن بناء الذات أنّى كان إنّما هو حديث عن بناء الثقافة من خلال تدعيم الرصيد المعرفي وتأصيله وتأسيس عناصر المواصلة مع المصادر التي تحتلّ موقع المرجعية الفكرية والعقيدية..
من هنا تتّضح حقيقة أنّ هزيمة الذات إنّما مفتاحها الثقافة، فمتى اسـتُلبت هذه استُلب الوعي بالذات، فلا يتبقّى إلاّ هشيم أو حطام، أو آلة يسهل تطويعها بيد الآخر، أو بإشارته! وتبقى هي ـ الذات المهزومة ـ ناظرة إلى الآخر نظرة الداني إلى العالي، والظامىَ إلى الساقي، تريد أن تسـتجدي كلّ شيء دون أن تعي أنّ لها شيئاً تعطيه، إلاّ الاستجابة لعطاء الآخر، والانسياب وفق إرادته..
ذلك هو دور الثقافة في المجتمع، ولقد أدرك الغرب ذلك بدقّة منذ امتلك أسباب المدنيّـة الحديثة، التي أقام أُسـسها أوّلاً على ما اسـتعاره من الآخر ـ المسلمين خاصّة ـ فيما ظلَّ سـوادنا الاَعظم ـ بما فيه النُخَب الحالمة ـ لا يفهم للثقافة معنىً إلاّ محاكاة الغرب..
ومـذ أدرك الغرب دور الثقافة جعل طلائع غزوه الحديث للآخر ـ والمسلمين بوجه خاصٍّ أيضاً ـ في صنفين من الكتائب: كتائب التبشـير، وكتائب الاسـتشراق..
فإذا كانت كتائب التبشير ينبغي أن تقصـد الوسـط الشعبيّ العامّ، ممّا سوف يفرض عليها اعتماد الآليّـات المناسـبة في الخطاب الشعبي وأدواته؛ من وسائل الدعايات البسيطة والمغرية، والخدمات الاِنسانية والاجتماعية، فإنّ كتائب الاسـتشراق سوف تتفرّغ بالكامل لاِنتاج الخطاب المناسب للنُخَب المتعلّمة والشرائح الاَكثر وعياً...
إنّه مشروع غزو محكم سوف يسـتوعب المجتمع بأسـره..
ولقد حقّق الصنفان نجاحات كبيرة وخطيرة، وما زالا يخوضان المعركة بجدٍّ دؤوب.. ويخطىَ مَن يظنّ أنّ إرساليّات التبشـير قد خاب سعيُها، فهي إنْ كانت لم تُفلح في قلب المسلمين نصارىً.. فقد أفلحت في اسـتلاب الحسّ الاِسـلامي على مدىً طويل! لقد أفلحت في عام واحد ـ هو العام الاَوّل من هذا القرن الميلادي ـ أن تُخرّج 86% من حَمَلَةِ الشهادات الجامعية في سوريا ولبنان! لتُخلِّف هذه النسبة العالية من مربّي الاَجيال وفق مناهجها وأهدافها!
أمّا في العقود الاَخيرة فقد أفلحت حتّى في قلب المسـلمين نصارىً لا سـيّما في جمهوريّات جنوب شرقي آسيا وأفريقيا وألبانيا، وأخيراً أصبح شمال العراق مرتعاً خصباً لخيولها..
أمّا الاستشراق فلا يشكّ أحد في أنّه قد أصبح «إماماً» لدعاة «التنوير» و«الحداثة» منذ مطلع هذا القرن.. إنّ عملية الغزو الثقافي هذه لم تكتسـب شموليّتها من اسـتيعابها لشرائح مجتمعاتنا وحسب، بل من استيعابها أيضاً
لجميع العناصر التي تؤلّف وعي الذات الجماعية حين وزّعت أنشطتها على محاور الثقافة الاِسـلامية بلا اسـتثناء..
* اسـتهدفت الحسّ الاِسـلامي المتأصّل، من خلال اسـتثارة الحسّ القومي المنفصل عن أيّ مقوّم ديني، بل الناقم عليه، فأفرز العشرات من الحركات القومية التي كان عامّة مؤسّـسيها من النصارى أو من أُصول يهوديّـة! فكانت كفيلة بتمزيق الحسّ الاِسـلامي وليس الجسـد الاِسـلامي وحـده..
* كما اسـتهدفت لغة القرآن، العنصر الخطير الجامع بين المسلمين، في دعوات شيطانية ذات ألوان:
فمرّة تدعو إلى تطوير اللغة القديمة واسـتبدالها بلغة جديدة أوفق بهذا العصر!
ومرّةً إلى تبنّي العامّية وتقعيدها لتكون بديلاً عن الفصحى!
ومرّة إلى اسـتبدالها بالاِنجليزية!!
والمسـتشرقون دائماً هم الّذين يرفعون ألوية تلك الدعوات؛ فخطّط «سبيتا» أوّلاً لتقعيد العامّية ونقل الفصحى إلى المعابد، لتبقى لغة طقوس وحسب، شأنها شأن اللاتينية!
وتقدّم «كارل فولرس» في التأسيس لذلك المشروع في كتاب وضعه بعنوان: «اللهجة العربية الحديثة»! وعقبه «ولمر» في كتاب: «العربية المحلّية في مصر»! واسـتفزّ «وليم ولكوكس» المصريّين خاصّةً في مقال بعنوان: «لِمَ لَمْ تظهر قوّة الاختراع لدى المصريّين إلى الآن؟» عزا فيه ذلك إلى اللغة الفصحى!!
ثمّ تابَعَ قائمةَ المسـتشرقين تلك رعيلٌ من دعاة «التنوير» و«الحداثة» في مقدّمتهم «لطفي السـيّد» و«طه حسين»..
وفاقهما غلوّاً «عبـد العزيز فهمي» و «سلامة موسى» في دعوتهما النكراء إلى اسـتبدال العربية بالاِنجليزية! ليكونا أجلى مثال للانسـلاخ التامّ المبكّر عن الذات!
انسـلاخٌ لا يبرّره شيء سوى «أنّ الخطّ اللاتيني هو وثبة في النور نحو المسـتقبل»!! وكأنّ الخطّ اللاتيني لم يكن حين كانت أورپا مثال التخلّف والهمجية فيما كان المسلمون الّذين لا يعرفون اللاتيـنية قد اسـتقرّوا في قمّة السلّم الحضـاري؟!
إنّ أُنموذجاً واحداً من ضرورات الاسـتبدال يكفي في تصوير مدى الاسـتلاب الذي أُصيب به هؤلاء، فمن تلك الضرورات «أنّ العربية لا تعرف حتّى الآن إلاّ كلمة (أحصى) في العـدّ، وهي مأخوذة من (الحصا) الذي كان يسـتخدمه العرب القدامى في العـدّ»!
يقول الداعي ذلك في هذه المفردة العربية وهو لا يعلم أنّ نظيرتها الاِنجليزية Calculate مأخوذة من الاَصل اليوناني Culculus، والذي معناه (الحصاة)!! الحصاة ذاتها التي كان الرومان يعتمدونها في العـدّ مثل العرب!!
أُولئك ضحايا الغزو الثقافي، وتلك حقيقة «التنوير»!
* ولم تقف أنشـطة الاسـتشراق عند تلك الحدود، بل اسـتهدفت أصل الدين الاِسـلامي ومصادره الاَساس؛ فهاجمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهاجمت القرآن الكريم، نسـبتْ رسولَ الاِسـلام إلى الكذب والادّعاء
والاحتيال! ثمّ حاولت أن تُقنع غيرها بأنّ القرآن نتاج بشريّ أفرزه العقل العربي مستفيداً من التوراة والاِنجيل والتعاليم العربية السائدة! وانطلقوا يتصيّدون مواضع التقارب أو التشابه في رسالات السماء، ليثـبّتوا دعواهم الداحضة..
لقد بلغ بهم الهوس والتضليل أن كذّبوا حتّى بالهجرة النبوية على أساس التشابه بين كلمة « هجـرة » و اسـم « هاجـر » أُمّ إسماعيل، فقالوا: إنّ الاِسـلام ما هو إلاّ اسـتكمال للديانة الهاجرية، نسـبةً إلى هاجر، ثمّ إنّ اسـم هاجر تمّ تحريرهُ لدى المسـلمين ليعطي معنى الهجرة من مكّـة إلى المدينـة!!
إنّ أصحاب هذه الرؤى ونظائرها من المسـتشرقين كـانوا وما يزالون أسـاتذة يكتبون ويبشّـرون، فنبتـت لهم في بلاد الاِسلام ربائب من دعاة التنوير ونخبة الحداثة...
كان الطريق مفتوحاً أمامهم لاحتكار منابر الخطاب على مسـتوياته المختلفة، فاسـتطاعوا بثّ مشاريعهم الاسـتلابية تحت دعوى الانفتاح على الآخـر!
لكن فاتهم ـ إنْ لم يكونوا قاصدين ـ أنّه انفتاح الاَعزل على الغازي المدجّج بالسلاح! فاتهم أنّ عليهم أن ينهضوا بهذا المجتمع أوّلاً ليعيدوا صِلتَـهُ الفاعلـة بذاتـه، ليكون بعد ذلك انفتاحاً متوازناً تبقى معه المرجعية الفكرية للمصدر المعرفي الاَصيل!
أمّا حين يكون الانفتاح بعد قطيعة مع الذات فلا يؤمَن أن تكون عاقبته القريبة اتّهام الوحي نفسـه! والسقوط ليس فقط في شبهة
«تاريخيةالنصّ القرآني»
التي نجم قرنُها في الاَمس القريب، بل يقع في إلغاء مرجعية القرآن لا في نظم الحياة ومناهجها فقط ـ كما هو حاصل ـ بل حتّى في البُعد الفكري والعقيدي الهادف إلى معرفة الحاضر واسـتشراف المسـتقبل، كما هو مطروح في أروقة الحداثة، ذلك الوليد غير الشرعي للغزو الثقافي الغربي..!!
والحمد لله رب العلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الغـزو الثقـافي!
الثقافة، بكلمة واحدة، هي وعي الذات، والاعتراف بها كنتاج انساني وحضاري ونتاج انفعال الفكر والعقيدة والقيم..
فالحديث عن بناء الذات أنّى كان إنّما هو حديث عن بناء الثقافة من خلال تدعيم الرصيد المعرفي وتأصيله وتأسيس عناصر المواصلة مع المصادر التي تحتلّ موقع المرجعية الفكرية والعقيدية..
من هنا تتّضح حقيقة أنّ هزيمة الذات إنّما مفتاحها الثقافة، فمتى اسـتُلبت هذه استُلب الوعي بالذات، فلا يتبقّى إلاّ هشيم أو حطام، أو آلة يسهل تطويعها بيد الآخر، أو بإشارته! وتبقى هي ـ الذات المهزومة ـ ناظرة إلى الآخر نظرة الداني إلى العالي، والظامىَ إلى الساقي، تريد أن تسـتجدي كلّ شيء دون أن تعي أنّ لها شيئاً تعطيه، إلاّ الاستجابة لعطاء الآخر، والانسياب وفق إرادته..
ذلك هو دور الثقافة في المجتمع، ولقد أدرك الغرب ذلك بدقّة منذ امتلك أسباب المدنيّـة الحديثة، التي أقام أُسـسها أوّلاً على ما اسـتعاره من الآخر ـ المسلمين خاصّة ـ فيما ظلَّ سـوادنا الاَعظم ـ بما فيه النُخَب الحالمة ـ لا يفهم للثقافة معنىً إلاّ محاكاة الغرب..
ومـذ أدرك الغرب دور الثقافة جعل طلائع غزوه الحديث للآخر ـ والمسلمين بوجه خاصٍّ أيضاً ـ في صنفين من الكتائب: كتائب التبشـير، وكتائب الاسـتشراق..
فإذا كانت كتائب التبشير ينبغي أن تقصـد الوسـط الشعبيّ العامّ، ممّا سوف يفرض عليها اعتماد الآليّـات المناسـبة في الخطاب الشعبي وأدواته؛ من وسائل الدعايات البسيطة والمغرية، والخدمات الاِنسانية والاجتماعية، فإنّ كتائب الاسـتشراق سوف تتفرّغ بالكامل لاِنتاج الخطاب المناسب للنُخَب المتعلّمة والشرائح الاَكثر وعياً...
إنّه مشروع غزو محكم سوف يسـتوعب المجتمع بأسـره..
ولقد حقّق الصنفان نجاحات كبيرة وخطيرة، وما زالا يخوضان المعركة بجدٍّ دؤوب.. ويخطىَ مَن يظنّ أنّ إرساليّات التبشـير قد خاب سعيُها، فهي إنْ كانت لم تُفلح في قلب المسلمين نصارىً.. فقد أفلحت في اسـتلاب الحسّ الاِسـلامي على مدىً طويل! لقد أفلحت في عام واحد ـ هو العام الاَوّل من هذا القرن الميلادي ـ أن تُخرّج 86% من حَمَلَةِ الشهادات الجامعية في سوريا ولبنان! لتُخلِّف هذه النسبة العالية من مربّي الاَجيال وفق مناهجها وأهدافها!
أمّا في العقود الاَخيرة فقد أفلحت حتّى في قلب المسـلمين نصارىً لا سـيّما في جمهوريّات جنوب شرقي آسيا وأفريقيا وألبانيا، وأخيراً أصبح شمال العراق مرتعاً خصباً لخيولها..
أمّا الاستشراق فلا يشكّ أحد في أنّه قد أصبح «إماماً» لدعاة «التنوير» و«الحداثة» منذ مطلع هذا القرن.. إنّ عملية الغزو الثقافي هذه لم تكتسـب شموليّتها من اسـتيعابها لشرائح مجتمعاتنا وحسب، بل من استيعابها أيضاً
لجميع العناصر التي تؤلّف وعي الذات الجماعية حين وزّعت أنشطتها على محاور الثقافة الاِسـلامية بلا اسـتثناء..
* اسـتهدفت الحسّ الاِسـلامي المتأصّل، من خلال اسـتثارة الحسّ القومي المنفصل عن أيّ مقوّم ديني، بل الناقم عليه، فأفرز العشرات من الحركات القومية التي كان عامّة مؤسّـسيها من النصارى أو من أُصول يهوديّـة! فكانت كفيلة بتمزيق الحسّ الاِسـلامي وليس الجسـد الاِسـلامي وحـده..
* كما اسـتهدفت لغة القرآن، العنصر الخطير الجامع بين المسلمين، في دعوات شيطانية ذات ألوان:
فمرّة تدعو إلى تطوير اللغة القديمة واسـتبدالها بلغة جديدة أوفق بهذا العصر!
ومرّةً إلى تبنّي العامّية وتقعيدها لتكون بديلاً عن الفصحى!
ومرّة إلى اسـتبدالها بالاِنجليزية!!
والمسـتشرقون دائماً هم الّذين يرفعون ألوية تلك الدعوات؛ فخطّط «سبيتا» أوّلاً لتقعيد العامّية ونقل الفصحى إلى المعابد، لتبقى لغة طقوس وحسب، شأنها شأن اللاتينية!
وتقدّم «كارل فولرس» في التأسيس لذلك المشروع في كتاب وضعه بعنوان: «اللهجة العربية الحديثة»! وعقبه «ولمر» في كتاب: «العربية المحلّية في مصر»! واسـتفزّ «وليم ولكوكس» المصريّين خاصّةً في مقال بعنوان: «لِمَ لَمْ تظهر قوّة الاختراع لدى المصريّين إلى الآن؟» عزا فيه ذلك إلى اللغة الفصحى!!
ثمّ تابَعَ قائمةَ المسـتشرقين تلك رعيلٌ من دعاة «التنوير» و«الحداثة» في مقدّمتهم «لطفي السـيّد» و«طه حسين»..
وفاقهما غلوّاً «عبـد العزيز فهمي» و «سلامة موسى» في دعوتهما النكراء إلى اسـتبدال العربية بالاِنجليزية! ليكونا أجلى مثال للانسـلاخ التامّ المبكّر عن الذات!
انسـلاخٌ لا يبرّره شيء سوى «أنّ الخطّ اللاتيني هو وثبة في النور نحو المسـتقبل»!! وكأنّ الخطّ اللاتيني لم يكن حين كانت أورپا مثال التخلّف والهمجية فيما كان المسلمون الّذين لا يعرفون اللاتيـنية قد اسـتقرّوا في قمّة السلّم الحضـاري؟!
إنّ أُنموذجاً واحداً من ضرورات الاسـتبدال يكفي في تصوير مدى الاسـتلاب الذي أُصيب به هؤلاء، فمن تلك الضرورات «أنّ العربية لا تعرف حتّى الآن إلاّ كلمة (أحصى) في العـدّ، وهي مأخوذة من (الحصا) الذي كان يسـتخدمه العرب القدامى في العـدّ»!
يقول الداعي ذلك في هذه المفردة العربية وهو لا يعلم أنّ نظيرتها الاِنجليزية Calculate مأخوذة من الاَصل اليوناني Culculus، والذي معناه (الحصاة)!! الحصاة ذاتها التي كان الرومان يعتمدونها في العـدّ مثل العرب!!
أُولئك ضحايا الغزو الثقافي، وتلك حقيقة «التنوير»!
* ولم تقف أنشـطة الاسـتشراق عند تلك الحدود، بل اسـتهدفت أصل الدين الاِسـلامي ومصادره الاَساس؛ فهاجمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهاجمت القرآن الكريم، نسـبتْ رسولَ الاِسـلام إلى الكذب والادّعاء
والاحتيال! ثمّ حاولت أن تُقنع غيرها بأنّ القرآن نتاج بشريّ أفرزه العقل العربي مستفيداً من التوراة والاِنجيل والتعاليم العربية السائدة! وانطلقوا يتصيّدون مواضع التقارب أو التشابه في رسالات السماء، ليثـبّتوا دعواهم الداحضة..
لقد بلغ بهم الهوس والتضليل أن كذّبوا حتّى بالهجرة النبوية على أساس التشابه بين كلمة « هجـرة » و اسـم « هاجـر » أُمّ إسماعيل، فقالوا: إنّ الاِسـلام ما هو إلاّ اسـتكمال للديانة الهاجرية، نسـبةً إلى هاجر، ثمّ إنّ اسـم هاجر تمّ تحريرهُ لدى المسـلمين ليعطي معنى الهجرة من مكّـة إلى المدينـة!!
إنّ أصحاب هذه الرؤى ونظائرها من المسـتشرقين كـانوا وما يزالون أسـاتذة يكتبون ويبشّـرون، فنبتـت لهم في بلاد الاِسلام ربائب من دعاة التنوير ونخبة الحداثة...
كان الطريق مفتوحاً أمامهم لاحتكار منابر الخطاب على مسـتوياته المختلفة، فاسـتطاعوا بثّ مشاريعهم الاسـتلابية تحت دعوى الانفتاح على الآخـر!
لكن فاتهم ـ إنْ لم يكونوا قاصدين ـ أنّه انفتاح الاَعزل على الغازي المدجّج بالسلاح! فاتهم أنّ عليهم أن ينهضوا بهذا المجتمع أوّلاً ليعيدوا صِلتَـهُ الفاعلـة بذاتـه، ليكون بعد ذلك انفتاحاً متوازناً تبقى معه المرجعية الفكرية للمصدر المعرفي الاَصيل!
أمّا حين يكون الانفتاح بعد قطيعة مع الذات فلا يؤمَن أن تكون عاقبته القريبة اتّهام الوحي نفسـه! والسقوط ليس فقط في شبهة
«تاريخيةالنصّ القرآني»
التي نجم قرنُها في الاَمس القريب، بل يقع في إلغاء مرجعية القرآن لا في نظم الحياة ومناهجها فقط ـ كما هو حاصل ـ بل حتّى في البُعد الفكري والعقيدي الهادف إلى معرفة الحاضر واسـتشراف المسـتقبل، كما هو مطروح في أروقة الحداثة، ذلك الوليد غير الشرعي للغزو الثقافي الغربي..!!
والحمد لله رب العلمين