المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخمس


شهيدالله
03-11-2009, 10:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وآل محمد الذين لا تصح الصلاة الواجبة إلا بذكرهم
وتبطل بإضافة غيرهم لهم.. اللهم صل عليهم وعجل فرجهم والعن أعداءهم



السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
الخمس

القسم الاول من بحث الشيخ شمس الدين حول الخمس

(واعلموا إن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه. وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، إن كنتم آمنتم بالله، وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قديرا)
تسمى هذه الآية بآية الخمس. في سورة الأنفال.
بعد أن بين الله سبحانه، حكم الغنائم في مطلع هذه السورة المباركة بصورة إجمالية، وإنها لله والرسول.
جاءت الآية المباركة لتبين بالتفصيل، مصارف هذه الغنائم، فقسمتها إلى خمسة أقسام. جعلت أربعة منها للمسلمين، فكان ذلك موجبا لتأثرهم، وندمهم على ما استشعروه من غمط للحقوق، عندما انتزعت الغنائم منهم بادىء ذي بدء. وأدركوا الحكمة السامية من وراء ذلك. وأنها إنما كانت ترمي إلى ما ذكرنا من تصفية نفوسهم من شوائب المادة، ليكون جهادهم لعدوهم، وخروجهم من ديارهم، ذا غرض يسمو على كل القيم المادية الحقيرة، ويخلص لله وإعلاء كلمته في الأرض.
وعندما نراجع كلمات اللغويين في معنى الغنيمة، نجد أنهم ينقسمون في تعريفها إلى فريقين.
فريق يأخذ في مفهومها، عدم بذل جهد أو مشقة(1)، كما في القاموس، حيث يقول في تعريفها "الغنم بالضم، والمغنم والغنيمة، ما يظفر به الإنسان ويناله ويصيبه من غير مشقة"). وفريق آخر، يذهب إلى إطلاق الغنيمة والمغنم، على كل ما يحصل عليه الإنسان من مكاسب وأرباح، من دون تقييده بشيء. وذلك كما في الراغب الأصبهاني حيث يقول "والغنم بالضم فالسكون، إصابته والظفر به، ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم " (2).
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) القاموس المحيط للفيروزآبادي مادة غنم.
(2) غريب القرآن مادة غنم. كما يراجع معجم ألفاظ القرآن الكريم الموضوع من قبل مجمع اللغة العربية بالقاهرة. حرف الغين. ومختصر مختار الصحاح لعبد القادر الرازي ، باب الميم ، فصل الغين ، وغيرها .

ومن ذلك يظهر، أن المقصود بالغنيمة في اللغة، هو كل ما يكسبه الإنسان ويربحه من أي طريق كان. بمشقة أو غير مشقة، في حرب أو في سلم، من دون تقييد.
وقد أجمع المفسرون (1)، على أن المراد بالغنيمة في الآية الكريمة بحكم سياقها هو ذلك الذي يظفر به المسلمون بعد قتال الكفار من أموال وسلاح وأسرى. وأنه يجب فيه الخمس لمن ذكرته الآية، ويملك المسلمون الأخماس الأربعة الباقية.
وقد اختلفت كلمات فقهاء الإسلام حول خصوص الحكم الوارد في الآية- وهو وجوب الخصم- فيما ظفر به المسلمون مجتمعين أو منفردين من الكافرين بواسطة القتال والحرب أو أن وجوبه عام في كل ما يربحه المسلم من المشرك أو غيره، في حالتي السلم والحرب؟
ذهب جمهور الفقهاء من الأحناف، والشافعية، والمالكية، والحنابلة، إلى تخصيص الحكم، وهو وجوب إخراج الخمس، بخصوص الغنائم التي يظفر بها المسلمون من الكفار بعد قتال، مع خلاف بينهم في الأرض المفتوحة عنوة(2).
وذلك بعد أن بنوا على أن الغنيمة مأخوذ في مفهومها أن تكون بعد حرب وقتال.
جاء في الدر المختار ورد المحتار عليه للأحناف "الغنيمة مانيل من الكفار عنوة والحرب قائمة فتخمس وباقيها للغانمين " (3). وجاء في المغني والشرح الكبير للحنابلة "والغنيمة ما أخذ بالقهر والقتال من الكفار" (4).
وأكثر فقهاء الزيدية(5)، وإن ذهبوا إلى نفس ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ممن ذكرنا من أن الغنيمة، هي كل ما ظفر به المسلمون بقتال من المشركين أو بقهر. ولكنهم في نفس الوقت لم يخصصوا هذا الحكم- وهو وجوب إخراج الخمس بغنائم الحرب ، بل جعلوه فيها في نوعين اخرين (6) :
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع تفسير الميزان للطباطبائي 89/9 وتفسير الرازي 164/15 وما بعدها وتفسير المنار لرضا 10/6 وما بعدها.
(2) يراجع البداية والنهاية لابن رشد 1/ 412 وما بعدها. وكفاية الطالب للشاذلي وحاشية العدوي 7/2 وما بعدها. والدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه 3/ 229.
(3) لابن عابدين 3/228.
(4) لابن قدامة 7/297 وما بعدها. كما يراجع للمالكية بداية المجتهد لابن رشد 1/ 401 وما بعدها ورسالة ابن أبي زيد القيرواني وحاشية العلامة العدوي عليه 2/7.
(5) البحر الزخار لابن المرتضى 6/ 406.
(6)نفس المصدر 3\209 وما بعدها .
الأول: ما أخذ من ظاهر البر والبحر أو استخرج من باطنهما.
الثاني: الخراج والمعاملة وما يؤخذ من أهل الذمة.
وأما فقهاء الشيعة (الإمامية) وبعض فقهاء الزيدية (1)، فقد ذهبوا، إلى أن الخمس واجب في كل فائدة مكتسبة. سواء اكتسبت برأس مال كأرباح التجارات، أو بغيره كما يستفاد من دار الحرب أو ما يحصل من حيازة المباحات(2)،
هذا إضافة إلى عدة أمور أخرى هي (3).
1- المعا دن.
2- الكنوز.
3- ما يستخرج من البحر بالغوص.
4- ما يفضل عن مؤونة السنة على الاقتصاد له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات.
5- الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم.
6- الحلال الذي اختلط بالحرام ولا يعرف مقداره ولا صاحبه.
ونحن نختار ما ذهب إليه فقهاء الشيعة (الإمامية) وبعض فقهاء الزيدية من أن الخمس يجب في كل فائدة يستفيدها الإنسان في حياته، لا فرق في ذلك بين أن تأتي عن طريق الحرب والقتال مع الكافرين، أولا عن طريق قتال أصلا، من كافر أو غيره. وذلك لعدة أمور:
أولا: لأن لفظ الغنيمة في اللغة، هو مطلق الفائدة والكسب من دون تقييد.
ثانيا: إن هنالك نصوصا كثيرة وردت بطرق متعددة، مبينة بوضوح، موارد وجوب الخمسة وموضوعه. وأنه إضافة إلى مكتسبات الحرب مع الكافرين وكل مكتسب، ما ذكرناه آنفا، من الأمور الستة.
وذلك كقوله صلى الله عليه وآله وسلم عندما سئل عن الخمس فقال: "في الركاز الخمس " والركاز، هو الكنز الدفين، والمعادن.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) نفس المصدر 3/ 214.
(2) جواهر الكلام على شرائع الإسلام للشيخ محمد حسن 147/21.
(3) نفس المصدر 13/16 وما بعدها.

وكذلك ما ورد في الأحاديث الشريفة، من وجوب تخميس كل ما استخرج من البحر كاللؤلؤ والعنبر وغيرهما، إلى آخر تلك الروايات (1).
ثالثا: إن الحكم بوجوب إخراج الخمس في الآية، وإن كان واردا في مورد خاص وهو غنائم بدر، إلا أن المعلوم والمتفق عليه بين العلماء في علم أصول الفقه، أن المورد لا يخصص الوارد بحال.
رابعا: إن الذهاب إلى قصر وجوب إخراج الخمس، على خصوص غنائم دار الحرب، لا ينسجم مع خلود الإسلام وبقائه من ناحية عملية، واستمرار الدولة الإسلامية زمن قيامها، في تحمل الأعباء الضخمة، التي تترتب عليها تجاه الأمة في الداخل والخارج وذلك من وجوه عدة أهمها؟
1- إن الحروب قد أغلقت أكثر أبوابها وانحصرت، وانحسر ظلها، فانحسر بذلك ما قد يترتب عليها، في حال انتصار المسلمين من غنائم.
2- إن نتائج هذه الحروب، ليست مضمونة إلى جانب المسلمين في كثير من الأحيان. بل بالعكس فقد تكون نتائجها في غير صالحهم، فتكون الغنائم من نصيب أعداء الإسلام.
وفي كلتا الحالتين، تكون النتيجة - على القول بالتخصيص - نضوب موارد الدولة الإسلامية، أو تقصيرها عن تغطية أعباء الأمة ومصارفها كما سبق وقلت.
ولذا كان الحكم بعموم وجوب الخمس في كل فائدة يحصل عليها مسلم، كما تقدم عرضه، مع أدلته أنسب للإقتصاد الإسلامي، وأليق بوضع الأمة المسلمة.
الأصناف المستحقة للخمس:
وقد اختلفت كلمات الفقهاء هنا، في كيفية قسمة الخمس، تبعا لاختلاف أنظارهم واجتهاداتهم بالنسبة للأصناف التي تستحقه.
ويمكن حصر هذه الأقوال في قولين رئيسيين:
القول الأول: أنه يقسم على خمسة أسهم.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع في كل ذلك كتاب وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة للحر العاملي، المجلد السادس/ كتاب الخمس، فصل أبواب ما يجب فيه الخمس. وكتاب البحر الزخار لمحمد بن المرتضى وجواهر الأخبار والآثار المطبوع بهامشه لمحمد بن يحيى الصعيدي الجزء3/ 211 وما بعدها.
وقد اختار هذا القول: جمهور الأحناف (1). والشافعي (2).
والحنابلة (3).
وقد جعل أصحاب هذا القول، سهم الله وسهم رسوله (ص) سهما واحدا.
حجة هذا القول:
واحتج من ذهب إلى ذلك بأمرين:
الأول: أنه لما كان من غير المعقول، أن يكون لله نصيب في الخصم، حيث أن الأشياء كلها ملك له سبحانه، فلا بد وأن يحمل قوله تعالى "لله خمسه " على بعض الوجوه (4).
منها: احتمال أن يكون المقصود منه، افتتاح الكلام بذكر
الله على سبيل التعظيم، كما في قوة تعالى: (قل الأتفال لله والرسول).
ومنها: أن إضافة الخمس إلى الله، (تحتمل) أن تكون، باعتبار كونه مصروفا إلى وجوه القرب التي هي لله تبارك وتعالى.
ومنها: احتمال أن يكون لخلوصه لله، بخروجه عن تصرف الغانمين كقوله تعالى: (الملك يومئذ لله).
الثاني: ما روي عن رسول الله (ص) أنه قال في غنائم خيبر: مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم (5).
ولا بد من التنبيه هنا، على أن بعض من يذهب إلى هذا القول الأول، إنما يقول بتقسيم الخمس خمسة أجزاء في حياة النبي (ص). أما بعد وفاته (ص)، فقد ذهب أبو حنيفة ومن تابعه من فقهاء الأحناف (6)، إلى وجوب تقسيمه إلى ثلاثة أقسام فقط. قسم لليتامى، وقسم للمساكين، وقسم لأبناء السبيل. وأسقطوا سهم رسول الله (ص) بسبب موته، وسهم ذوي القربى.
القول الثاني: (7): وهو ما ذهب إليه فقهاء الشيعة الإمامية بالاجماع ، وفقهاء الزيدية ، وطاووس ، وابو العالية.
ـــــــــــــــــ
(1) الدر المختار ورد المحتار عليه لابن عابدين 3/326.
(2) إعانة الطالبين للسيد البكري الدمياطي 2/602.
(3) المغني والشرح الكبير لابن قدامة المقدسي 7/301.
(4) يراجع في ذلك كله بدائع الصنائع للكساني 7/124 وتفسير الرازي 15/ 166.
(5) الرازي في تفسيره 15/165.
(6) يراجع بدائع الصنائع للكساني 7/125 والرازي في تفسيره 15/165.
(7) يراجع جواهر الكلام للشيخ محمد حسن 34/16 وما بعدها. والبحر الزخار لابن المرتضى 22413.

والخمس على رأي هؤلاء، يقسم ستة أقسام لا خمسة ولا أقل ولا أكثر، سهم لله، وسهم لرسوله، وسهم لذوي القربى، والثلاثة الباقية للأصناف الثلاثة اليتامى، والمساكين، وأبناء السبيل.
ونحن نختار في هذه المسألة هذا القول الثاني، وهو وجوب تقسيم الخمس إلى ستة أقسام وذلك لعدة أمور:
الأول: إن الآية الكريمة ظاهرة في أن الخمس يقسم على
ستة لا خمسة ولا أقل. وظاهر القرآن- كما هو مقرر في محله من علم أصول الفقه (1) حجة، لا يصار إلى غيرها إلا بدليل يصرف ذلك الظاهر عما هو ظاهر فيه.
ومن الغريب حقا، أن ابن قدامة المقدسي (2)، يشن حربا شعواء على أبي حنيفة، الذي يقسم الخمس إلى ثلاثة أقسام فقط، متهما إياه بأنه يخالف ظاهر الآية الكريمة، في حين نراه يقع في نفس الخطأ، عندما يقسم الخمس إلى خمسة أقسام مخالفا بذلك هذا الظاهر أيضا.
الثاني: إن ما ذكروه في توجيه الآية الكريمة، ونصوا عليه،
كما بدا ذلك واضحا من كلماتهم التي أوردناها، كتعبيراتهم بلفظ يحتمل في وجه من الوجوه الموردة، ولفظ (احتمال). أن هذه الوجوه، ما هي إلا احتمالات وتخمينات وتكهنات. ومثل هذا محرم في تناول كلمات الله من غير دليل، وقول بغير علم. الثالث: إن كون هذه الوجوه احتمالات، يسقطها عن الدليلية، انسجاما مع القاعدة الأصولية "عند الاحتمال يبطل الاستدلال ".
الرابع: إن الأصل الذي بنوا عليه ما ذهبوا إليه، وهو عدم تعليقهم ملكية الله لجزء من الخمس، باعتبار أن له ملك السماوات والأرض، غريب حقا. إذ كيف يمكننا أن نتصور أن يملك الله السموات والأرض ومن فيهن، وما بينهن، ولا نتصور قابليته لملكية قبضة من المال!؟
ومن الواضح، أن الذي يقول عن الفقهاء، بملكية الله سبحانه لجزء من الخمس، لا يدعي أن الله بحاجة إليه لشراء خبز وحطب وماء وكسوة لأنه تعالى منزه عن هذا كله.:إنما يرى أنه سبحانه، المالك الجوهري والحقيقي، تركه لولي الأمر، الذي هو النبي (ص) والخلفاء من بعده ، ليصرفوه في سبيل اعلاء كلمة الله في الارض ، ولينفقوا فيما
ــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع كفاية الأصول للمحقق الخراساني المطبوع مع حقائق الأصول للسيد محسن الحكيم المجلد الثاني / 83 وما بعدها.
(2) يراجع المغني والشرح الكبير 351\7.

يؤدي إلى هذا السبيل. وعلى هذا يحمل ما ورد في السنة الشريفة، من فعله (ص) عن أبي العالية، حيث "كان يجاء بالغنيمة، فيعزل منها الخمس، ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله، فما قبض عليه من شيء، جعله للكعبة، فهو الذي سمي لله ".
وليس ذلك، إلا لما قلناه. إذ إن الكعبة من شعائر الله، كالصفا والمروة وغيرهما. وعندئذ يمكننا أن نلغي خصوصية الملكية في هذا الفعل، لنتعدى منها إلى كل ما صح أن يكون شعيرة من شعائر الله، أو إعلاء لشعيرة من شعائره. أو خدمة لمصلحة من مصالح عقيدته.
الخامس: إن ما ذكروه من الأمور الآنفة، كوجوه وتوجيهات لقوله تعالى: (لله خمسه منهم ما هي إلا استحسانات لا يمكن الركون أو المصير إليها، لأن الاستحسان، بناء على تعريفه (1) بأنه إعمال نظر، استنادا إلى انقداحات نفسية لا يمكن التعبير عنها، يجيز لأي شخص أن يفتي بما يراه حسنا في نظره. وعندئذ، يؤول الأمر إلى وجود أحكام متعارضة من دون قيود أو ضوابط. وهذا مما لا يمكن قبوله أو القول به. ولعله لذلك قال الإمام الشافعي "من استحسن فقد شرع " (2).
السادس: إن ما استدلوا به من فعل النبي (ص)، يوم فتح خيبر ،في حديث عن سعيد، من أن النبي (ص) أخذ وبرة من بعير ثم قال لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم. فلا يمكن الاطمئنان إليه، ولا الاستدلال به لعدة وجوه، أ همها:
أولا: عدم ثبوت صحة سند الحديث، بل غموض هذا السند. إذ إنهم يروونه عن شخص مهمل، فيقولون: رواه سعيد (3). فمن هو سعيد هذا يا ترى؟ هل هو سعيد بن المسيب؟ أو سعيد بن جبير؟ أو سعيد آخر غيرهما؟. ومع غموض حال الراوي وعدم وضوح حال سند الرواية، حيث تروى في بعض المصادر (4) مرسلة، فكيف يعمل بها ويركن إليها؟
ثانيا: إن الرواية- مع التنزل عما تقدم- هي مظنونة الصدور ، والاية الكريمة مقطوعة الصدور ، وهي نص
ــــــــــــــــــــــــ
(1) مصادر التشريع فيما لا نص فيه لعبد الوهاب خلاف/ 58.
(2) فلسفة التشريع في الإسلام للأستاذ صبحي المحمصاني / 174.
(3) راجع الشرح الكبير المطبوع مع المغني لابن قدامة المقدسي الحنبلي 7/302.
(4) راجع تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا 18/10.

في أن الخمس يقسم على ستة أسهم فلا يجوزأن نرفع اليد عما هو قطعي بما هو ظني.
ثالثا: على تقدير صحة فعله (ص) يوم خيبر، كما تقول الرواية، يرد احتمال أنه إنما فعل ذلك، في هذه الواقعة بالذات لمصلحة اطلع عليها، وظروف استثنائية أحاطت بها بالخصوص. أو أنه "إنما فعل ذلك، لا باعتباره مبلغا للأحكام الشرعية العامة، وإنما بوصفه ولي الأمر، المسؤول عن تنظيم الحياة للمجتمع، وتوجيهها توجيها لا يتعارض مع المصلحة العامة التي يقدرها". ومع الاحتمال يبطل الاستدلال.
وعلى ضوء كل ما تقدم، يتضح أن الخمس بمقتضى صريح الآية الكريمة، والسنة الشريفة، إنما يقسم ستة أقسام، لا أقل ولا أكثر.

المستحقون للخمس
وكما وقع الخلاف بين العلماء حول خصوص حكم وجوب الخصم في الغنائم، أو عمومه لكل مكسب كما تقدم، فقد اختلفوا أيضا، في المستحقين لهذا الخمس من الأصناف. والآية الكريمة، ظاهرة- كما اتضح في المسألة السابقة-
في أن الخمس يقسم على ستة أقسام. سهم لله، وسهم لرسوله، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
ومن الواضح، أن سهم الله سبحانه- بعد أن ناقشنا فيما تقدم الرأي القائل بعدم تعقله- هو تلقائيا للنبي (ص) بالوراثة، باعتباره ولي الأمر الذي لا ينازعه منازع ولا يعارضه معارض. وبهذا يجتمع للرسول (ص) سهمان: سهم الله سبحانه، وسهمه هو بنص الآية.
ويؤيد هذا ويشير إليه، ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قال: "إن الله لم يسأل خلقه مما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك. وما كان لله من حق فهو لوليه " (1). والمراد بذي القربى في الآية الكريمة، الإمام المعصوم، باعتباره ولي الأمر بعد الرسول (ص).
وعلى هذا، فالإمام المعصوم من نسل علي وفاطمة (ع)، بلحاظ انحصار قرابة النبي (ص) فيه منهما (ع) يستحق ثلاثة أسم من الستة، سهمين بالوراثة، وهما سهم الله وسهم الرسول. وسهما بالأصالة.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الكافي للشيخ الكليني 1/537.

وقد وردت في ذلك روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت (ع) (1).
والذي يؤيد ما ذهبنا إليه، من أن المراد من لفظ "ذي القربى" الوارد في الآية الكريمة هو الإمام المعصوم باعتباره ولي الأمر بعد النبي (ص)، هو وروده بلفظ المفرد.
ومع قطع النظر عن الصيغة التي ورد بها اللفظ في الآية الكريمة، فقد وقع الخلاف بين علماء المسلمين وفقهائهم، حول المراد بذوي القربى بعد إجماعهم على أن المراد بهم بشكل عام، قرابة النبي (ص) وذلك على ثلاثة أقوال(2):
والقول الأول، يعتبر أن قرابة النبي (ص)، هي قريش كلها.
وقد استدلوا له بفعله (ص) يوم نزلت عليه الآية الكريمة (وأنذر عشيرتك الأقربين)(3)
وهذا الرأي مردود من وجهة نظرنا لأمرين:
الأول: أن العشيرة شيء، والقرابة شيء آخر. وبمعنى أوضح مفهوم العشيرة أوسع، إذ قد يكون إنسان من العشيرة ولا يكون قرابة.
الثاني: ما أخرجه الطبراني وابن مردويه، عن أبي أمامة، قال: لما نزلت، (وأنذر عشيرتك الأقربين). جمع رسول الله بني هاشم، فأجلسهم على الباب، وجمع نساءه وأهله، فأجلسهم في البيت. إلخ الرواية (4).
والذي يبدو لي، أنه منسجم مع منطوق الآية الكريمة، أن المراد بالأقربين الفئة القريبة من حيث سهولة المخاطبة والتلاقي، في مقابل الأبعدين من حيث المكان، والذين لا يتيسر اللقاء معهم، ولا يمكن مخاطبتهم.
القول الثاني ودليله: وهذا القول، هو عبارة عن تفسير قرابة النبي (ص) ببني هاشم وبني المطلب. حيث اختاره الشافعي، وأحمد، وقتادة، وأبو ثور، وغيرهم.
واستدلوا له، بما ورد عن رسول الله (ص)، من أنه قسم سهم ذوي القربى بين هذين الصنفين، بني هاشم وبني المطلب. وقال عندما طالبه البعض من بنى عبد شمس وبني نوفل في ذلك، ولم حرمهم، مع أنهم وهم بمنزلة واحدة: "لم يفارقوني في جاهلية ولا اسلام ، وانما بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد ، وشبك بين اصابعه " (5)
ــــــــــــــــــــــــ
والاستدلال بهذه الرواية لهذا القول مردود، إذ إن إعطاءه ((1) راجع وسائل الشيعة الى أحكام الشريعة للشيخ الحر العاملي باب من أبواب قسمة الخمس.
(2) وراجع تفسير القرطبي 8/ 12.
(3) الشعراء/ 214.
(4) راجع تفسير الميزان للطباطبائي 15/334.
(5)انظر : تفسير ابن كثير 2\213 .
__________________________________________________ _________

شهيدالله
03-11-2009, 10:35 PM
__________________________________________________ _________القسم الثاني من بحث الشيخ شمس الدين

ص) نصيبا لبني المطلب من خمس خيبر- على تقدير صحة الحادثة- لم يكن إلا تفضلا منه (ص)، لا بسبب القرابة التي هي موضوع البحث. وإلا لأعطى بني نوفل وبني عبد شمس.
ويدل على ذلك، أن جبيرا وعثمان، جاءا إليه (ص) وبيدهما حجة واحدة احتجا بها بين يديه (ص) وهي القرابة، وإنهما وبني المطلب بمنزلة واحدة منه (ص) فيها، حيث قالا: (افما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا واحدة". والاعتراض على ذلك، بأن في بني نوفل وبني عبد شمس مانعا، وهو النصرة المعروفة له ولبني هاشم في الشعب، حيث وجدت في بني المطلب، يؤكد معنى التفضل في إعطائه (ص)، إذ تكون النصرة سبب مثل هذا التفضل على بني المطلب في مثل ذلك الإعطاء، ومانعا من حصوله بالنسبة للآخرين.
ولا أقل من احتمال أن يكون اعطاؤه لبني المطلب تفضلا لا استحقاقا وعند الاحتمال يبطل الاستدلال.
القول الثالث: وهو أن قرابة الرسول (ص) المستحقين للخمس، هم بنو هاشم خاصة.
واختار هذا القول، الشيعة الإمامية بالإجماع (1) ، والزيدية (2) . ومجاهد، ومالك، والثوري، والأوزاعي، و غيرهم (3) .
ونحن- بعد وضوح فساد القولين السابقين- كما بينا، نختار هذا القول الأخير وذلك لعدة وجوه:
أولا: الروايات الواردة صريحة في ذلك:
ومنها: ما رواه في الوسائل، بسند متصل بالإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) حيث قال عندما سئل عن آية الخمس: "وخمس يقسم فيه سهم رسول الله (ص)، ونحن نقول هو لنا، والناس يقولون: ليس لكم ". (الحد يث).
ومن الواضح، أن الإمام الصادق (ع) هو ابن الإمام محمد الباقر ابن الامام علي بن الحسين السجاد ،ابن الامام الحسين
ــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع جواهر الكلام للشيخ محمد حسن 104/16 وما بعدها.
(2) راجع البحر الزخار لابن المرتضى 3/ 224 وما بعدها.
(3) تفسير القرطبي 12/8 وما بعدها.
(4) وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة للشيخ الحر العاملي 6/ 362.

ابن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. وعندما نراه يقول في الرواية المتقدمة هو لنا، إنما يقصد الهاشميين دون غيرهم. ومنها: ما أخرجه أبو داود، ورواه أحمد في مسنده، عن الإمام علي (ع) قال: "اجتمعت أنا والعباس وفاطمة، وزيد بن حارثة عند النبي (ص) فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب الله تعالى، فأقسمه في حياتك، كيلا ينازعني أحد بعدك فافعل. قال: ففعل ذلك، فقسمته حياة رسول الله (ص) (1).
والمتأمل لهذا الحديث، يجد التركيز من الإمام (ع) أمام النبي (ص) على كلمة "حقنا"، الدالة صراحة على أن الخمس، إنما هو لعلي وأهل بيته من الهاشميين خاصة.
وعبارة "كيلا ينازعني أحد بعدك " أصرح في الدلالة على ما ذكرت. ولعله (ع) كان يشعر بأنه بعد وفاة النبي (ص)، كان في الناس من غير الهاشميين، من يطمح بشره، إلى الاستيلاء على هذا الحق، وهكذا كان.
ثانيا: أنه من الثابت عند فقهاء الإسلام، أن الله سبحانه،
حرم على رسوله (ص) وأهل بيته (ع) الصدقات، وهي أموال الزكاة. ومن الواضح، أن المقصود بأهل بيته: علي وفاطمة وأولادهما بنص حديث الكساء (2) وغيره من الأحاديث الصحيحة،
ومن الثابت عندهم أيضا، أنه سبحانه، إنما عوضهم عن ذلك بالخمس، فيكون الخمس لهم، ومن انتسب إليهم خاصة.
ثالثا: أن هنا قدرا متيقنا من ذوي القربى، هو الهاشميون. وزائدا مشكوكا وهو من عداهم من المطلبيين بمعنى أنه لم يختلف اثنان من علماء الإسلام، على كون الهاشميين هم موضوع استحقاق الخمس. في حين اختلفوا فيمن عداهم. والقاعدة المجمع عليها هنا بينهم، هو الأخذ بالقدر المتيقن دون ا لمشكوك.
وقد ذهب أبو بكر وعمر، بعد وفاة النبي (ص)، إلى حرمان قرابة رسول الله (ص) من سهمهم الذي جعله الله لهم بنص الكتاب الحكيم .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع إضافة إلى مسندي أحمد وداوود، كتاب جواهر الأخبار والآثار المطبوع بهامش الحبر الزخار لابن المرتضى 3/، 22- ونيل الأوطار للشوكاني 8/ 74.
(2) يراجع الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني الباب/ 11- الفصل الأول.

وتابعهما على ذلك كثيرمن فقهاء السنة. مع إجماع المسلمين، على أن النبي (ص)، توفي وهو على ط شرعه الله سبحانه، من إيصاله السهم إلى قرابته. "ولم يعهد بتغيير ذلك إلى أحد" (1).
ونحن لن نورد هنا، إلا ما أورده بعض فقهاء الحنابلة، وغيرهم، تعليقا على هذا الموقف من الخليفتين ومن تابعهما من فقهاء أهل السنة، كأبي حنيفة وغيره.
يقول في المغني والشرح الكبير(2): "وما قاله أبو حنيفة، فمخالف لظاهر الآية. فإن الله تعالى، سمى لرسوله وقرابته شيئا، وجعل لهما في الخمس حقا. كما سمى للثلاثة أصناف الباقية. فمن خالف ذلك، فقد خالف نص الكتاب.
وأما حمل أبي بكر وعمر(رض) على سهم ذي القربى في سبيل الله، فقد ذكر لأحمد فسكت وحرك رأسه، ولم يذهب إليه، ورأى أن قول ابن عباس ومن وافقه، أولى، لموافقته لكتاب الله، وسنة رسول الله (ص). فإن ابن عباس لما سئل عن سهم ذي القربى فقال: إنا كنا نزعم أنه لنا، فأبى ذلك علينا قومنا. ولعله أراد بقوله: فأبى ذلك علينا قومنا. فعل أبي بكر وعمر (رض)، في حملهما عليه في سبيل آلله، ومن تبعهما على ذلك. ومتى اختلف الصحابة، وكان قول بعضهم يوافق الكتاب والسنة، كان أولى. وقول ابن عباس موافق للكتاب والسنة". واليتيم لغة، هو كل طفل فقد أباه خاصة.
ولا يقال، لمن فقد أمه من بني الإنسان أو غيره يتيم، بل يقال له: عجي. حيث يربى بتغذيته بلبن غيرها.
كما يقال لفاقد أبويه معا: لطيم.
ولم يرد اصطلاح خاص للمتشرعة في اليتيم، ولذا فالمراد به عندهم، معناه اللغوي ليس إلا.
وعلى هذا، فالمراد باليتامى في الآية الكريمة- وبلحاظ ماتقدم من بحوث- خصوص أطفال بني هاشم، ممن فقدوا آباءهم، الذين انتسبوا من طرفهم إلى هاشم جد النبي (ص). والمسكين لغة، هو "المحتاج الذي من شأنه أن تسكنه الحاجة عما ينهض به الغنى" (3).
ــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع النص والاجتهاد صفحة/ 26.
(2) راجع المغني والشرح الكبير عليه لابن قدامة 7/ 301- 302. كما يراجع البحر الزخار لابن المرتضى 3/ 224. وما بعدها. وجواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفي 16/87.
(3) راجع تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي 4/345.
وقد يفرق بين الفقير والمسكين بأن الفقير في اصطلاح الفقهاء، هو "من لا يملك قوت سنته لنفسه وعائلته، بالفعل أو بالقوة " (1).
في حين أن المسكين أسوأ حالا من الفقير، كمن لا يملك قوته اليومي (2). ولا بد من التنبيه (3)، على أن هذا الفرق إنما جعل الفقير والمسكين صنفين في باب الزكاة. أما في الخمس فهما صنف واحد.
وبناء عليه، فالمراد بالمساكين- جمع مسكين- في الآية الكريمة- وبلحاظ ما تقدم من بحوث أيضا- خصوص ذوي الحاجة والمسكنة من بني هاشم.
وابن السبيل (4)، هو المسافر الذي نفذت نفقته، أو تلفت راحلته، ولا يتمكن معه من الرجوع إلى بلده، وإن كان غنيا فيه. وإنما قيل له ابن سبيل، لأن السبيل أخرجه إلى هذا المستقر،
كما أخرجه أبوه إلى مستقره (5).
وعليه، فالمراد بأبناء السبيل، الوارد بصيغة المفرد في الآية الكريمة خصوص المسافرين، الذين لا يملكون في بلد السفر، ما يمكنهم من رجوعهم إلى بلدهم الأصلي، من زاد وراحلة ونفقة، وكانوا ينتسبون إلى هاشم جد النبي (ص) بنسب صحيح.
ولا بد من التنبيه هنا أخيرا، أن هذه الأصناف الأخيرة من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، إنما يعطون من الخمس بمقدار ما يرفع فقرهم وما زاد يرد إلى ولي الأمر يتصرف فيه فيما يعود على الأمة الإسلامية بالخير والنفع بحسب ما يراه مناسبا.
حكم الأخماس الأربعة الباقية.
كان هذا الكلام كله في حكم خمس الغنائم مطلقا، فما هو حكم الأربعة أخماس الباقية من غنائم دار الحرب؟
الظاهر أن حكم الأربعة أخماس الباقية، مجمع عليه بين فقهاء المسلمين وهو أنها ملك للغانمين(6) وإن وجد بينهم اختلاف طفيف في تقسيمها عليهم .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) المسائل المنتخبة للإمام الخوئي ص /173.
(2) نفس المصدر.
(3) راجع المغني والشرح الكبير لابن قدامة 313/7 وجواهر الكلام للشيخ محمد حسن 396/15-397.
(4) المسائل المنتخبة للإمام الخوئي ص 175.
(5) راجع مجمع البيان للشيخ الطبرسي 4/435.
(6) راجع البحر الزخار لابن المرتضى 6/ 436 والمغنى والشرح الكبير لابن قدامة 7/ 312 وشرائع الإسلام للمحقق الحلي 1/ 0 32 وبدائع الصنائع للكاساني 12617.

فبينما نراهم اتفقوا (1) على أن الراجل في المعركة من المسلمين، يأخذ سهمأ واحدأ من الغنيمة.
نجدهم قد اختلفوا في حصة الفارس من المقاتلين في الغنيمة.
فذهب الحنابلة (2). والشافعي وأبو يوسف ومحمد من الأحناف (3) والناصر ويحيى وغيرهما من الزيدية (4)، والمالكية (5)، إلى أن الفارس يسهم له ثلاثة أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه.
في حين ذهب الشيعة الإمامية (6)، وأبو حنيفة (7)، إلى أنه يسهم له سهمان فقط.
وقد أجمعوا على أنه لا يسهم لغير الخيل من الدواب، وإن حكي قول عن أحمد 81) في أن البعير يسهم له سهم. جاء في المغنى والشرح الكبير (9) واختار أبو الخطاب أنه- أي البعير- لا يسهم له، وهو قول أكثر الفقهاء. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن من غزا على بعير فله سهم راجل. كذلك قال الحسن، ومكحول، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي ".
وجاء في البحر الزخار للزيدية "ولا يسهم لغير الخيل إجماعا" (10).
وجاء في شرائع الإسلام للإمامية "ولا يسهم للإبل والبغال والحمير" (11).
وجاء في كفاية الطالب للمالكية "واحترز بالفرس عن البعير والبغل والحمار فإنه لا يسهم لها (12).
ــــــــــــــــــــــــ
(1) المغني لابن قدامة 31217 وبدائع الصنائع للكاساني 12617 وشرائع الإسلام للحلي 1/ 324 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/436.
(2) المغني والشرح الكبير لابن قدامة المقدسي 7/ 312.
(3) بدائع الصنائع للكاساني 7/126.
(4) البحر الزخار لابن المرتضى 6/734.
(5) راجع رسالة ابن أبي يزيد القيرواني وحاشية كفاية الطالب عليه 2/9 وما بعدها.
(6) راجع شرائع الإسلام للمحقق الحلي 324/1.
(7) راجع كشف القناع 88/3 وبدايع الصنائع للكاساني 12617.
(8) و(9) لابن قدامة الحنبلي 10/448.
(10) لابن المرتضى 6/437.
(11) للمحقق الحلي 1/423.
(12) لعلي أبي الحسن الشاذلي 2/9.
كما ذهب الفقهاء (1) في القول الاقوى الى انه لا يسهم للخيل اذا كانت هرمة او ضعيفة لا تقوى بصاحبها على القتال ولا للبعير الذي لا يصلح لركوب.
واكثر الفقهاء (2) على انه لا يسهم للمقاتل على اكثر من فرسين وان كان عنده عشرة افراس. وذلك لان حاجته ـ على الاكثر ـ انما تسد بالفرس الثاني دون مازاد.
وهناك اختلافات طفيفة اخرى بين الفقهاء في هذا الموضوع تراجع في مطولات الفقه.
تفريعات:
الاول : ذهب الفقهاء (3) الى انه لا يجوز لاحد من الغانمين التصرف في شيء من الغنائم قبل القسمة والاختصاص الا ما يضطرون الى تناوله كالطعام وعلف الدابة.
الثالث : ذهب كثير من الفقهاء (5) الى انه لا يسهم للنساء والعبيد والكفار الذين قاتلوا باذن الامام الى جانب المسلمين بل يرضخ لهم والرضخ هو العطاء الذي لا يبلغ سهم من يعطاه لو كان مستحقا للسهم.
الرابع: ذهب فقهاء الامامية (6) الى ان الطفل حتى ولو لم يحتمل قتالا يسهم له، بل ذهبوا الى وجوب الاسهام له لو ولد بعد الحيازة للغنائم وقبل قسمتها.
الخامس: ذهب بعض الفقهاء (7) الى عدم جواز تقسيم الامام الغنائم في دار الحرب بل لابد من تاخيرها الى
ــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1/234 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/438 والمغني والشرح الكبير لابن قدامة المقدسي 10/447 وكشاف القناع 3/8وكشاف القناع عدوية على رسالة القيرواني 2/9.
(2) يراجع بدائع الصنائع للكاساني 7/126 وشرائع الاسلام الحلي 1/324 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/438 والمغني والشرح الكبير لابن قدامة المقدسي 10/447.
(3) راجع شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1/320 وبدائع الصنائع للكاساني 7/123-124 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/924.
(4) راجع شرائع الاسلام للحلي 1/123 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/429.
(5) البحر الزخار 6/436 وشرائع الاسلام 1/324 وحاشية الصعيدي على رسالة ابن ابي زيد القيرواني 2/10.
(6) شرائع السلام للحلي 1/423.
(7) بدائع الصنائع للكاساني 7/121 والبحر الزخار لابن المرتضى 6/438.
دار الاسلام واما من قال بالجواز فبعضهم (1) جوزه على كراهية، بينما البعض الاخر (2) رأى الكراهية في عدم قسمتها في دار الحرب الا لعذر، وهذا الاخير في نظري هو الرأي الصحيح لاعتضاده بفعل النبي «ص» في اكثر حروبه وغزواته كما وردت به الاخبار (3).
السادس: كان الكلام المتقدم بالنسبة لوجوب اخراج خمس الغنائم مقتصرا على ما ينقل من ذهب وفضة وامتعة.
فما هو الحكم بالنسبة لشيئين آخرين:
1ـ النساء والاطفال وما تابعهم من عبيد .. والرجال.
2ـ ما لا ينقل كالاُرض والدور والعقارات.
اما بالنسبة للنساء والذراري وعبيدهم فقد ذهب الفقهاء الى انهم يسترقون وهم ملك للغانمين خاصة بعد اخراج الخمس (4). اما بالنسبة للرجال ففصلوا بين ما اذا كانت الحرب قائمة وبين انتهائها فلو اخذ الرجال اسرى والحرب قائمة يتعين عليهم القتل ما لم يسلموا (5) والامام مخير فيه بين اثنتين: ضرب اعناقهم او قطع ايديهم وارجلهم من خلاف. واما اذا اخذوا بعد تقضي الحرب لم يقتلوا وكان الامام مخيرا فيهم بين المن والفداء والاسترقاق وهذا الحكم لا يسقط في حقهم حتى ولو اسلموا (6). وان زاد بعض الفقهاء ايضا (7) خيار قتل الامام لهم في هذه الحال اذا رأى ذلك. واما بالنسبة للعقارات والارضين فقد وقع الخلاف فيها بين الفقهاء فالامامية يرون ان للمسلمين قاطبة ولا تختص بالغانمين وذلك بعد اخراج خمسها في قول الكثير منهم (8).
وقد تمسك هؤلاء على ما ذهبوا اليه من كون هذه الارض للمسلمين قاطبة ، بالروايات الدالة على وجوب الخمس
ــــــــــــــــــــــــ
(1) البحر الزخار لابن المرتضى 6/438.
(2) شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1/223.
(3) راجع جواهر الاخبار والآثار المطبوع البحر الزخار لمحمد بن يحيى الصعيدي 6/834 كما يراجع سنن البيهقي 9/56-57.
(4) راجع شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1/223 والمغني لابن قدامة 10/400 وما بعدها والبحر الزخار لابن المرتضى 6/413.
(5) شرائع الاسلام للحلي 1/713.
(6) نفس المصدر والمغني لابن قدامه 10/400 وما بعدها.
(7) المغني والشرح الكبير لابن قدامة 10/400 وما بعدها.
(8) شرائع الاسلام للمحقق الحلي 1/523.

الغنيمة وتقسيم الباقي على الغانمين، حيث استفادوا من قرينة وجوب تقسيم الباقي على الغانمين، إن مورد هذه الروايات هو الغنائم المنقولة فقط.
كما تمسكوا على ما ذهبوا إليه من وجوب إخراج خمس هذه الأرض المفتوحة، بأدلة خمس الغنيمة الشاملة بإطلاقاتها لغير المنقول من الغنائم أيضا.
وإن كان بعض فقهاء الإمامية ، ذهبوا إلى عدم وجوب الخمس في الأراضي المفتوحة، مع قولهم بملكية المسلمين قاطبة لها.
ولعل هؤلاء قد استدلوا على ما ذهبوا إليه، بتقديم إطلاقات أدلة ملكية المسلمين للأرض المفتوحة، المقتضية لنفي الخمس فيها، على إطلاقات أدلة خمس الغنيمة. باعتبار أن أدلة الملكية، أخص من أدلة خمس الغنيمة، فتقدم عليها بالتخصيص.
أو باعتبار وقوع التعارض بين إطلاقي الدليلين وتساقطهما عند ذلك فيرجع بعد تساقطهما إلى الدليل الفوقاني المقتضي لنفي وجوب الخمس.
وفي كلا الشقين مناقشات وتأمل (1).
وإلى ما ذهب إليه الإمامية، ذهب فقهاء الزيدية أيضا(2).
وأما أبو حنيفة وأصحابه، فقد ذهبوا إلى القول بأن الإمام مخير بين أن يقسمها بين الغانميين بعد إخراج خمسها، وبين أن يتركها في يد أهلها بالخراج وجعلهم ذمة أن كانوا بمحل الذمة بأن كانوا من أهل الكتاب أو من مشركي العجم ووضع الجزية على رؤوسهم والخراج على أراضيهم (3).
وقد نقل صاحب البحر الزخار (4) عن أبي حنيفة وأصحابه رأيا آخر وهو أن الإمام بين أن يقسمها، أو يوقفها على المسلمين، أو يجعلها خراجية، أو يزعج أهلها ويسكنها آخرين على خراج. مع نقله عنهم عدم وجوب إخراج الخمس منها..؟
بينما ذهب عمر، ومعاذ، وابن المبارك، والليث، إلى أن النظر فيها للامام، ان شاء قسمها، او وقفها على المسلمين فقط (5).
واما مالك فقد جعل لها وجها واحدا ليس الا، وهو أنها بمجرد الفتح، تصير وقفا للمسلمين من غير واقف(6).
ــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع هذه المناقشات التي أوردها بعمق ودقة السيد محمد باقر الصدر في القسم الثاني من كتابه (اقتصادنا) صفحة 650 وما بعدها، مع رايه في المسألة وهو عدم وجوب تخميس الأرض المفتوحة.
(2) البحر الزخار لابن المرتضى 6/ 440.
(3) بدائع الصنائع للكاساني 7/118.
(4) البحر الزخار لابن المرتضى 6/440.
(5) و (6) البحر الزخار لابن المرتضى 6/440.

والله من وراء القصد.. وهو الهادي إلى سواء السبيل



الشيخ محمد جعفر شمس الدين بتصرف مطول