شهيدالله
05-11-2009, 07:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الذين لا تصح الصلاة الواجبة إلا بذكرهم
وتبطل بإضافة غيرهم لهم.. اللهم صل عليهم وعجل فرجهم والعن أعداءهم
السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
تقدم الشيعة في علوم الحديث
وقبل الشروع في الصحائف نشير إلى وجه تقدم الشيعة في ذلك فنقول:
كان بين السلف من الصحابة والتابعين، اختلاف كثير في كتابة العلم، فكرهها كثيرون منهم، وأباحها طائفة، وفعلوها منهم علي وابنه الحسن، كما في «تدريب الراوي» للسيوطي، وأملا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على علي عليه السلام ما جمعه في كتاب مدرج عظيم.
وقد رآه الحكم بن عيينة عند الإمام الباقر عليه السلام، لما اختلفا في شيء، فأخرجه، وأخرج المسألة، وقال للحكم هذا خط علي وإملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو أول كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فعلمت الشيعة حسن تدوين العلم وترتيبه، فبادروا إلى ذلك اقتداء بإمامهم، وزعم غيرهم النهي عن ذلك فتأخروا.
قال الحافظ السيوطي في «التدريب»: وكانت الآثار في عصر الصحابة وكبار التابعين غير مدونة ولا مرتبة، لسيلان أذهانهم، وسعة حفظهم، ولأنهم كانوا نهوا أولا عن كتابتها - كما ثبت في صحيح مسلم - خشية اختلاطها بالقرآن، ولأن أكثرهم كان لا يحسن الكتابة، قلت: هذا في غير الشيعة من الصحابة وكبار التابعين، فإنهم دونوا ذلك ورتبوه اقتداء بأمير المؤمنين عليه السلام، فنقول وباللّه التوفيق.
أول من جمع الحديث ورتبه بالأبواب من الصحابة الشيعة هو أبو رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم
قال النجاشي في كتاب «فهرس أسماء المصنفين من الشيعة» ما لفظه: ولأبي رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كتاب «السنن والأحكام والقضايا»، ثم ذكر النجاشي إسناده إلى رواية الكتاب باباً باباً، للصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والقضايا، وذكر أنه أسلم قديماً بمكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مشاهده، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، وكان من خيار الشيعة: وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، إلى آخر كلامه، ومات أبو رافع سنة خمس وثلاثين بنص ابن حجر في «التقريب» حيث صحح وفاته في أول خلافة علي، فلا أقدم منه في ترتيب الحديث وجمعه بالأبواب بالاتفاق، لأن المذكورين في أول من جمع، كلهم في أثناء المائة الثانية، كما في «التدريب» للسيوطي.
وحكى فيه عن ابن حجر في «فتح الباري» أن أول من دونه بأمر عمر ابن عبد العزيز: ابن شهاب الزهري، فيكون في ابتداء رأس المائة، لأن خلافة عمر كانت سنة ثمان أو تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومائة، ولنا فيما أفاده ابن حجر إشكال ذكرناه في الأصل.
أول من جمع حديثاً إلى مثله في باب واحد وعنوان واحد من الصحابة الشيعة
وهو أبو عبد اللّه سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري رضي اللّه عنه،
وقد نص على ذلك رشيد الدين ابن شهر اشوب في كتابه «معالم علماء الشيعة»، وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي شيخ الشيعة، والشيخ أبو العباس النجاشي في كتابيهما، في «فهرست أسماء المصنفين من الشيعة» مصنفاً لأبي عبد اللّه سلمان الفارسي، ومصنفاً لأبي ذر الغفاري، وأوصلا إسنادهما إلى رواية كتاب سلمان، وكتاب أبي ذر، وكتاب سلمان: كتاب «حديث الجاثيليق»، وكتاب أبي ذر كتاب كالخطبة، يشرح فيه الأمور بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وحكى السيد الخونساري في كتاب «الروضات في أحوال العلماء والسادات» عن كتاب الزينة لأبي حاتم في الجزء الثالث منه: إن لفظ الشيعة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان لقب أربعة من الصحابة: سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد ابن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وقد ذكر في «كشف الظنون» كتاب «الزينة» لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى سنة خمس ومائتين هـ.
أول من صنف الآثار من كبار التابعين من الشيعة
صنف هؤلاء في عصر واحد، لا ندري أيهم السابق في ذلك، وهم علي بن أبي رافع صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، وخازن بيت ماله، وكاتبه.
قال النجاشي في كتابه في أسماء الطبقة الأولى من المصنفين من أصحابنا عند ذكره: تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين،
وكان كاتباً له، وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة، وسائر الأبواب، ثم أوصل إسناده إلى روايته.
ولأخيه عبيد اللّه بن أبي رافع كاتب أميرالمؤمنين عليه السلام كتاب «قضايا أمير المؤمنين عليه السلام»، وكتاب «تسمية من شهد مع أميرالمؤمنين عليه السلام الجمل وصفين والنهروان من الصحابة» كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره.
وفي تقريب ابن حجر، كان كاتب علي وهو ثقة من الثالثة.
وأصبغ بن نباتة المجاشعي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام، وعمر بعده روى عنه عهده للأشتر، قال النجاشي: وهو كتاب معروف ووصيته إلى ابنه محمد بن الحنفيه، وزاد الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست»: إن له كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام، رواه عنه الدوري.
وسليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين عليه السلام له كتاب جليل عظيم، روى فيه عن علي، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد، وعمار بن ياسر، وجماعة من كبار الصحابة.
قال الشيخ الإمام أبو عبد اللّه النعماني المتقدم ذكره في أئمة التفسير في كتابه في الغيبه بعد نقل حديث من كتاب سليم بن قيس، ما نصه: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة خلاف في أن كتاب سليم ابن قيس الهلالي أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها - إلى أن قال: وهو من الأصول التي ترجع الشيعة
أليها، وتعول عليها، انتهى. ومات سليم بن قيس في أول إمارة الحجاج ابن يوسف بالكوفة.
وميثم بن يحيى أبو صالح التمار من خواص أميرالمؤمنين عليه السلام، وصاحب سره، له كتاب في الحديث جليل، أكثر النقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي، والشيلي أبو عمرو الكشي، والطبري في «بشارة المصطفى» مات ميثم بالكوفة، قتله عبيد اللّه بن زياد على التشيع.
ومحمد بن قيس البجلي، له كتاب يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام، ذكره الشيوخ في التابعين من الشيعة، ورووا كتابه، وأستند الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست» عن عبيد بن محمد بن قيس، قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فقال: هذا قول علي بن أبي طالب عليه السلام، وأول الكتاب كان يقول: إذا صلى قال في أول الصلاة إلى آخر الكتاب.
ويعلي بن مرة له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، والنجاشي في الفهرست أوصل إسناده ألى رواية النسخة عنه، وعبيد اللّه ابن الحر، الجعفي، التابعي، الكوفي، الشاعر، الفارس، الفاتك، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، ومات أيام المختار، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من المصنفين في الشيعة ربيعة بن سميع له كتاب في زكاة النعم، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من الشيعة المصنفين، وأنه من كبار التابعين.
والحرث بن عبد اللّه الأعور الهمداني أبو زهير، صاحب أمير المؤمنين
عليه السلام، له كتاب يروي فيه المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين - عليه السلام - اليهودي، يرويها عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحرث الهمداني، عن أمير المؤمنين عليه السلام، كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي، مات في خلافة ابن الزبير هذا.
ولكن قد ذكر الشيخ رشيد الدين ابن شهر اشوب في أول كتابه «معالم العلماء» ترتيباً في جواب ما حكاه عن الغزالي: أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج «في الآثار وحروف التفاسير» عن مجاهد وعطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم كتاب «الموطأ» لمالك ابن أنس، ثم جامع سفيان الثوري، ما لفظه بحروفه.
بل الصحيح أن أول من صنف في الإسلام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، ثم ابوذر الغفاري رضي اللّه عنه، ثم أصبغ بن نباتة، ثم عبيد اللّه بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام، إلى آخر كلامه، والشيخ أبو العباس النجاشي ذكر الطبقة الأولى من المصنفين - كما ذكرنا - ولم يعين السابق ولا ذكر ترتيبا بينهم.
وكذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي ذكرهم بلا ترتيب، فلعل الشيخ ابن شهر اشوب عثر على ما لم يعثرا عليه. واللّه سبحانه ولي التوفيق.
تنبيه: نص الحافظ الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب علي أن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، ثم قال: فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة، انتهى.
قلت: تدبر هذا الكلام من هذا الحافظ الكبير، واعرف شرف تقدم الذين ذكرناهم ونذكرهم بعد ذلك من التابعين وتابعيهم من الشيعة.
فيمن جمع الحديث في أثناء المائة الثانية من الشيعة وصنفوا الكتب والأصول والأجزاء من طريق أهل البيت
كانوا في عصر من ذكر في أول من جمع الآثار من أهل السنة، رووا عن الإمام زين العابدين، وابنه الإمام الباقر عليهما السلام، كأبان بن تغلب، فإنه روى عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث، وجابر ابن يزيد الجعفي، روى عن أبي جعفر الباقر سبعين ألف حديث عنه، عن آبائه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وعن جابر أنه قال: عندي خمسون ألف حديث ما حدثت منها بشيء كلها عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من طريق أهل البيت، ومثلهما في كثرة الجمع وكثرة الرواية، أبو حمزة الثمالي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم الطائفي وأبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي وعبد المؤمن بن القاسم بن قيس بن محمد الأنصاري، وبسام بن عبد اللّه الصيرفي، وأبي عبيدة الحذاء، وزياد بن عيسى وأبو الرجاء الكوفي، وزكريا بن عبد اللّه الفياض أبو يحيى، وثور بن أبي فاحتة أبو جهم، روى عن جماعة من الصحابة، وله عن الباقر عليه السلام كتاب مفرد وجحدر بن المغيرة الطائي، وحجر بن زائدة الحضرمي أبوعبد اللّه، ومعاوية بن عمار بن أبي بن معاوية خباب بن عبد اللّه، والمطلب الزهري القرشي المدني، وعبد اللّه بن ميمون بن الأسود القداح، وقد ذكرت كتبهم وتواريخهم في الأصل.
فيمن صنف الحديث بعد أولئك من الشيعة
من أصحاب أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق ورووها عنه في أربعمائة كتاب تسمى «الأصول».
قال الشيخ الإمام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه «أعلام الورى» ما نصه: قد تظافر النقل بأن الذين رووا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان وصنف عنه أربعمائة كتاب معروفة عند الشيعة تسمى الأصول، رواها أصحابه وأصحاب ابنه موسى عليه السلام، وقد أفرد أبو العباس أحمد بن عقدة كتاباً في الآخذين عن الصادق عليه السلام، وسماه كتاب «رجال من روى عن أبي عبد اللّه الصادق» وذكر مصنفاتهم وأحصاهم أيضاً الشيخ أبو جعفر الطوسي في باب أصحاب أبي عبد اللّه الصادق من كتابه في الرجال، المبوب على أصحاب كل إمام من الأئمة الإثني عشر.
في عدد ما صنفه الشيعة الإمامية في الحديث من طريق أهل البيت من عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام
فاعلم أنها تزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب، على ماضبطها الشيخ الحافظ محمد بن الحسن الحر صاحب «الوسائل» ونص على ذلك في آخر الفائدة الرابعة من كتابه «الجامع الكبير في الحديث» المسمى «بوسائل
الشيعة إلى أحكام الشريعة» وقد ذكرت أنا في كتابي «نهاية الدراية في أصول علم الحديث» مايؤيد هذا العدد.
ذكر بعض المتأخرين عنهم من أئمة علم الحديث وأرباب الجوامع الكبار التي إليها اليوم مرجع الشيعة في أحكام الشريعة
فاعلم أن المحمدين الثلاث الأوائل، هم أرباب الجوامع الأربع، وهم: أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب «الكافي» المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة هـ أخرج فيه ستة عشر ألف وتسع وتسعين حديثاً بأسنادهما ومحمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي، المتوفى سنة 381 هـ وهو المعروف بأبي جعفر الصدوق، ألف أربعمائة كتاب في علم الحديث، أجلها كتاب من لا يحضره الفقيه، وأحاديثه تسعة آلاف وأربعة وأربعون حديثاً في الأحكام والسنن، ومحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة صاحب كتاب «تهذيب الأحكام» بوبه على ثلاثمائة وثلاثة وتسعين باباً، وأخرج فيه ثلاثة عشر ألف وخمسمائة وتسعين حديثاً، وكتابه الآخر هو «الاستبصار» وأبوابه تسعمائة وعشرون باباً، أخرج في خمسة آلاف وخمسمائة وأحد عشر حديثاً، وهذه هي الكتب الأربع التي عليها المعول، وإليها المرجع للشيعة، ثم المحمدين الثلاث الأواخر، أرباب الجوامع الكبار، وهم الإمام محمد الباقر بن محمد التقي المعروف بالمجلسي، مؤلف «بحار الأنوار في الأحاديث المروية عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمة من آله الأطهار» في ستة وعشرون مجلداً ضخما، وعليه تدور رحى الشيعة، لأنه لا أجمع منه في جوامع الحديث.
وقد أفرد ثقة الإسلام العلامة النوري كتاباً في أحوال هذا العلامة سماه «الفيض القدسي في أحوال المجلسي» وقد طبع مع البحار بإيران.
والشيخ المحدث العلامة المتبحر في المعقول والمنقول محمد بن مرتضى ابن محمود، المدعو بمحسن الكاشاني، الملقب بالفيض، له «الوافي في علم الحديث» في أربعة عشر جزءاً كل جزء كتاب على حدة، يجمع الأحاديث المذكورة في الكتب الاربعة المتقدم ذكرها، في الأصول والفروع والسنن والأحكام، وله نحو مائتي مصنف في فنون العلم، عمر أربعاً وثمانين سنة وتوفى سنة 1091 هـ.
والشيخ المحدث شيخ الشيوخ في الحديث محمد بن الحسن الحر الشامي العاملي المشغري، صاحب «تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل أحاديث الشريعة» على ترتيب كتب الفقه، من أنفع الجوامع في الحديث، أخرجه من ثمانين كتاباً من الجوامع كانت عنده، وسبعين نقل عنها بالواسطة، وقد طبع مراراً بإيران، وعليه تدور رحى الشيعة اليوم، ولد في رجب سنة 1033 هـ، وتوفى بطوس من بلاد خراسان في السنة الرابعة بعد المائة والألف.
وقد ألف الشيخ العلامة ثقة الإسلام الحسين بن العلامة النوري. ما فات من صاحب «الوسائل» وجمعه على أبواب الوسائل، وسماه «مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل» وهو نحو كتاب «الوسائل» فكان أعظم مصنف في أحاديث المذهب وفرغ منه سنة 1319 هـ وتوفى في الغري ثامن وعشرين جمادى الأخيرة سنة عشرين وثلثمائة بعد الألف.
وهناك جوامع كبار الأعلام المحدثين الأخيار، منها «العوالم» وهو مائة مجلد في الحديث، للشيخ المحدث المتبحر البارع المولى عبد اللّه بن
نور اللّه البحراني، المعاصر للعلامة المجلسي صاحب «البحار» المتقدم ذكره آنفاً.
ومنها كتاب «شرح الاستبصار في أحاديث الأئمة الأطهار» في عدة مجلدات كبار، نحو «البحار» للشيخ المحقق الشيخ قاسم بن محمد بن جواد المعروف بابن الوندي، وبالفقيه الكاظمي المعاصر للشيخ محمد بن الحسن الحر صاحب «الوسائل» المتقدم ذكره، كان ممن تخرج على جدنا العلامة السيد نور الدين أخي السيد محمد صاحب «المدارك».
ومنهم «جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار» وهو جامع كبير يشتمل على مجلدات كثيرة، للشيخ العلامة الفقيه عبد الطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي، تخرج على الشيخ المحقق المؤسس المتقن الحسن أبي منصور بن الشهيد الشيخ زين الدين العاملي صاحب «المعالم» و «المنتقى» من علماء المائة العاشرة.
ومنها الجامع الكبير المسمى بـ «الشفا في حديث آل المصطفى» يشتمل على مجلدات عديدة للشيخ المتضلع في الحديث محمد الرضا ابن الشيخ الفقيه عبد اللطيف التبريزي فرغ منه سنة 1158 هـ.
ومنها جامع الأحكام في خمسة وعشرين مجلداً كباراً للسيد العلامة عبد اللّه بن السيد محمد الرضا الشبري الكاظمي، كان شيخ الشيعة في عصره وواحد المصنفين في دهره، لم يكن أكثر منه تأليفاً في المتأخرين عن العلامة المجلسي، مات سنة 1242 هـ، في بلد الكاظمية.
اللهم صل على محمد وآل محمد الذين لا تصح الصلاة الواجبة إلا بذكرهم
وتبطل بإضافة غيرهم لهم.. اللهم صل عليهم وعجل فرجهم والعن أعداءهم
السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
تقدم الشيعة في علوم الحديث
وقبل الشروع في الصحائف نشير إلى وجه تقدم الشيعة في ذلك فنقول:
كان بين السلف من الصحابة والتابعين، اختلاف كثير في كتابة العلم، فكرهها كثيرون منهم، وأباحها طائفة، وفعلوها منهم علي وابنه الحسن، كما في «تدريب الراوي» للسيوطي، وأملا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على علي عليه السلام ما جمعه في كتاب مدرج عظيم.
وقد رآه الحكم بن عيينة عند الإمام الباقر عليه السلام، لما اختلفا في شيء، فأخرجه، وأخرج المسألة، وقال للحكم هذا خط علي وإملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو أول كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فعلمت الشيعة حسن تدوين العلم وترتيبه، فبادروا إلى ذلك اقتداء بإمامهم، وزعم غيرهم النهي عن ذلك فتأخروا.
قال الحافظ السيوطي في «التدريب»: وكانت الآثار في عصر الصحابة وكبار التابعين غير مدونة ولا مرتبة، لسيلان أذهانهم، وسعة حفظهم، ولأنهم كانوا نهوا أولا عن كتابتها - كما ثبت في صحيح مسلم - خشية اختلاطها بالقرآن، ولأن أكثرهم كان لا يحسن الكتابة، قلت: هذا في غير الشيعة من الصحابة وكبار التابعين، فإنهم دونوا ذلك ورتبوه اقتداء بأمير المؤمنين عليه السلام، فنقول وباللّه التوفيق.
أول من جمع الحديث ورتبه بالأبواب من الصحابة الشيعة هو أبو رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم
قال النجاشي في كتاب «فهرس أسماء المصنفين من الشيعة» ما لفظه: ولأبي رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كتاب «السنن والأحكام والقضايا»، ثم ذكر النجاشي إسناده إلى رواية الكتاب باباً باباً، للصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والقضايا، وذكر أنه أسلم قديماً بمكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مشاهده، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، وكان من خيار الشيعة: وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، إلى آخر كلامه، ومات أبو رافع سنة خمس وثلاثين بنص ابن حجر في «التقريب» حيث صحح وفاته في أول خلافة علي، فلا أقدم منه في ترتيب الحديث وجمعه بالأبواب بالاتفاق، لأن المذكورين في أول من جمع، كلهم في أثناء المائة الثانية، كما في «التدريب» للسيوطي.
وحكى فيه عن ابن حجر في «فتح الباري» أن أول من دونه بأمر عمر ابن عبد العزيز: ابن شهاب الزهري، فيكون في ابتداء رأس المائة، لأن خلافة عمر كانت سنة ثمان أو تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومائة، ولنا فيما أفاده ابن حجر إشكال ذكرناه في الأصل.
أول من جمع حديثاً إلى مثله في باب واحد وعنوان واحد من الصحابة الشيعة
وهو أبو عبد اللّه سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري رضي اللّه عنه،
وقد نص على ذلك رشيد الدين ابن شهر اشوب في كتابه «معالم علماء الشيعة»، وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي شيخ الشيعة، والشيخ أبو العباس النجاشي في كتابيهما، في «فهرست أسماء المصنفين من الشيعة» مصنفاً لأبي عبد اللّه سلمان الفارسي، ومصنفاً لأبي ذر الغفاري، وأوصلا إسنادهما إلى رواية كتاب سلمان، وكتاب أبي ذر، وكتاب سلمان: كتاب «حديث الجاثيليق»، وكتاب أبي ذر كتاب كالخطبة، يشرح فيه الأمور بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وحكى السيد الخونساري في كتاب «الروضات في أحوال العلماء والسادات» عن كتاب الزينة لأبي حاتم في الجزء الثالث منه: إن لفظ الشيعة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان لقب أربعة من الصحابة: سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد ابن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وقد ذكر في «كشف الظنون» كتاب «الزينة» لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفى سنة خمس ومائتين هـ.
أول من صنف الآثار من كبار التابعين من الشيعة
صنف هؤلاء في عصر واحد، لا ندري أيهم السابق في ذلك، وهم علي بن أبي رافع صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، وخازن بيت ماله، وكاتبه.
قال النجاشي في كتابه في أسماء الطبقة الأولى من المصنفين من أصحابنا عند ذكره: تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين،
وكان كاتباً له، وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة، وسائر الأبواب، ثم أوصل إسناده إلى روايته.
ولأخيه عبيد اللّه بن أبي رافع كاتب أميرالمؤمنين عليه السلام كتاب «قضايا أمير المؤمنين عليه السلام»، وكتاب «تسمية من شهد مع أميرالمؤمنين عليه السلام الجمل وصفين والنهروان من الصحابة» كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس سره.
وفي تقريب ابن حجر، كان كاتب علي وهو ثقة من الثالثة.
وأصبغ بن نباتة المجاشعي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام، وعمر بعده روى عنه عهده للأشتر، قال النجاشي: وهو كتاب معروف ووصيته إلى ابنه محمد بن الحنفيه، وزاد الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست»: إن له كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام، رواه عنه الدوري.
وسليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين عليه السلام له كتاب جليل عظيم، روى فيه عن علي، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد، وعمار بن ياسر، وجماعة من كبار الصحابة.
قال الشيخ الإمام أبو عبد اللّه النعماني المتقدم ذكره في أئمة التفسير في كتابه في الغيبه بعد نقل حديث من كتاب سليم بن قيس، ما نصه: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة خلاف في أن كتاب سليم ابن قيس الهلالي أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها - إلى أن قال: وهو من الأصول التي ترجع الشيعة
أليها، وتعول عليها، انتهى. ومات سليم بن قيس في أول إمارة الحجاج ابن يوسف بالكوفة.
وميثم بن يحيى أبو صالح التمار من خواص أميرالمؤمنين عليه السلام، وصاحب سره، له كتاب في الحديث جليل، أكثر النقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي، والشيلي أبو عمرو الكشي، والطبري في «بشارة المصطفى» مات ميثم بالكوفة، قتله عبيد اللّه بن زياد على التشيع.
ومحمد بن قيس البجلي، له كتاب يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام، ذكره الشيوخ في التابعين من الشيعة، ورووا كتابه، وأستند الشيخ أبو جعفر الطوسي في «الفهرست» عن عبيد بن محمد بن قيس، قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فقال: هذا قول علي بن أبي طالب عليه السلام، وأول الكتاب كان يقول: إذا صلى قال في أول الصلاة إلى آخر الكتاب.
ويعلي بن مرة له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، والنجاشي في الفهرست أوصل إسناده ألى رواية النسخة عنه، وعبيد اللّه ابن الحر، الجعفي، التابعي، الكوفي، الشاعر، الفارس، الفاتك، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، ومات أيام المختار، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من المصنفين في الشيعة ربيعة بن سميع له كتاب في زكاة النعم، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من الشيعة المصنفين، وأنه من كبار التابعين.
والحرث بن عبد اللّه الأعور الهمداني أبو زهير، صاحب أمير المؤمنين
عليه السلام، له كتاب يروي فيه المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين - عليه السلام - اليهودي، يرويها عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحرث الهمداني، عن أمير المؤمنين عليه السلام، كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي، مات في خلافة ابن الزبير هذا.
ولكن قد ذكر الشيخ رشيد الدين ابن شهر اشوب في أول كتابه «معالم العلماء» ترتيباً في جواب ما حكاه عن الغزالي: أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج «في الآثار وحروف التفاسير» عن مجاهد وعطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم كتاب «الموطأ» لمالك ابن أنس، ثم جامع سفيان الثوري، ما لفظه بحروفه.
بل الصحيح أن أول من صنف في الإسلام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، ثم ابوذر الغفاري رضي اللّه عنه، ثم أصبغ بن نباتة، ثم عبيد اللّه بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام، إلى آخر كلامه، والشيخ أبو العباس النجاشي ذكر الطبقة الأولى من المصنفين - كما ذكرنا - ولم يعين السابق ولا ذكر ترتيبا بينهم.
وكذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي ذكرهم بلا ترتيب، فلعل الشيخ ابن شهر اشوب عثر على ما لم يعثرا عليه. واللّه سبحانه ولي التوفيق.
تنبيه: نص الحافظ الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب علي أن التشيع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، ثم قال: فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بينة، انتهى.
قلت: تدبر هذا الكلام من هذا الحافظ الكبير، واعرف شرف تقدم الذين ذكرناهم ونذكرهم بعد ذلك من التابعين وتابعيهم من الشيعة.
فيمن جمع الحديث في أثناء المائة الثانية من الشيعة وصنفوا الكتب والأصول والأجزاء من طريق أهل البيت
كانوا في عصر من ذكر في أول من جمع الآثار من أهل السنة، رووا عن الإمام زين العابدين، وابنه الإمام الباقر عليهما السلام، كأبان بن تغلب، فإنه روى عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث، وجابر ابن يزيد الجعفي، روى عن أبي جعفر الباقر سبعين ألف حديث عنه، عن آبائه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وعن جابر أنه قال: عندي خمسون ألف حديث ما حدثت منها بشيء كلها عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من طريق أهل البيت، ومثلهما في كثرة الجمع وكثرة الرواية، أبو حمزة الثمالي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم الطائفي وأبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي وعبد المؤمن بن القاسم بن قيس بن محمد الأنصاري، وبسام بن عبد اللّه الصيرفي، وأبي عبيدة الحذاء، وزياد بن عيسى وأبو الرجاء الكوفي، وزكريا بن عبد اللّه الفياض أبو يحيى، وثور بن أبي فاحتة أبو جهم، روى عن جماعة من الصحابة، وله عن الباقر عليه السلام كتاب مفرد وجحدر بن المغيرة الطائي، وحجر بن زائدة الحضرمي أبوعبد اللّه، ومعاوية بن عمار بن أبي بن معاوية خباب بن عبد اللّه، والمطلب الزهري القرشي المدني، وعبد اللّه بن ميمون بن الأسود القداح، وقد ذكرت كتبهم وتواريخهم في الأصل.
فيمن صنف الحديث بعد أولئك من الشيعة
من أصحاب أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق ورووها عنه في أربعمائة كتاب تسمى «الأصول».
قال الشيخ الإمام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه «أعلام الورى» ما نصه: قد تظافر النقل بأن الذين رووا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان وصنف عنه أربعمائة كتاب معروفة عند الشيعة تسمى الأصول، رواها أصحابه وأصحاب ابنه موسى عليه السلام، وقد أفرد أبو العباس أحمد بن عقدة كتاباً في الآخذين عن الصادق عليه السلام، وسماه كتاب «رجال من روى عن أبي عبد اللّه الصادق» وذكر مصنفاتهم وأحصاهم أيضاً الشيخ أبو جعفر الطوسي في باب أصحاب أبي عبد اللّه الصادق من كتابه في الرجال، المبوب على أصحاب كل إمام من الأئمة الإثني عشر.
في عدد ما صنفه الشيعة الإمامية في الحديث من طريق أهل البيت من عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام
فاعلم أنها تزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب، على ماضبطها الشيخ الحافظ محمد بن الحسن الحر صاحب «الوسائل» ونص على ذلك في آخر الفائدة الرابعة من كتابه «الجامع الكبير في الحديث» المسمى «بوسائل
الشيعة إلى أحكام الشريعة» وقد ذكرت أنا في كتابي «نهاية الدراية في أصول علم الحديث» مايؤيد هذا العدد.
ذكر بعض المتأخرين عنهم من أئمة علم الحديث وأرباب الجوامع الكبار التي إليها اليوم مرجع الشيعة في أحكام الشريعة
فاعلم أن المحمدين الثلاث الأوائل، هم أرباب الجوامع الأربع، وهم: أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب «الكافي» المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة هـ أخرج فيه ستة عشر ألف وتسع وتسعين حديثاً بأسنادهما ومحمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي، المتوفى سنة 381 هـ وهو المعروف بأبي جعفر الصدوق، ألف أربعمائة كتاب في علم الحديث، أجلها كتاب من لا يحضره الفقيه، وأحاديثه تسعة آلاف وأربعة وأربعون حديثاً في الأحكام والسنن، ومحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة صاحب كتاب «تهذيب الأحكام» بوبه على ثلاثمائة وثلاثة وتسعين باباً، وأخرج فيه ثلاثة عشر ألف وخمسمائة وتسعين حديثاً، وكتابه الآخر هو «الاستبصار» وأبوابه تسعمائة وعشرون باباً، أخرج في خمسة آلاف وخمسمائة وأحد عشر حديثاً، وهذه هي الكتب الأربع التي عليها المعول، وإليها المرجع للشيعة، ثم المحمدين الثلاث الأواخر، أرباب الجوامع الكبار، وهم الإمام محمد الباقر بن محمد التقي المعروف بالمجلسي، مؤلف «بحار الأنوار في الأحاديث المروية عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والأئمة من آله الأطهار» في ستة وعشرون مجلداً ضخما، وعليه تدور رحى الشيعة، لأنه لا أجمع منه في جوامع الحديث.
وقد أفرد ثقة الإسلام العلامة النوري كتاباً في أحوال هذا العلامة سماه «الفيض القدسي في أحوال المجلسي» وقد طبع مع البحار بإيران.
والشيخ المحدث العلامة المتبحر في المعقول والمنقول محمد بن مرتضى ابن محمود، المدعو بمحسن الكاشاني، الملقب بالفيض، له «الوافي في علم الحديث» في أربعة عشر جزءاً كل جزء كتاب على حدة، يجمع الأحاديث المذكورة في الكتب الاربعة المتقدم ذكرها، في الأصول والفروع والسنن والأحكام، وله نحو مائتي مصنف في فنون العلم، عمر أربعاً وثمانين سنة وتوفى سنة 1091 هـ.
والشيخ المحدث شيخ الشيوخ في الحديث محمد بن الحسن الحر الشامي العاملي المشغري، صاحب «تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل أحاديث الشريعة» على ترتيب كتب الفقه، من أنفع الجوامع في الحديث، أخرجه من ثمانين كتاباً من الجوامع كانت عنده، وسبعين نقل عنها بالواسطة، وقد طبع مراراً بإيران، وعليه تدور رحى الشيعة اليوم، ولد في رجب سنة 1033 هـ، وتوفى بطوس من بلاد خراسان في السنة الرابعة بعد المائة والألف.
وقد ألف الشيخ العلامة ثقة الإسلام الحسين بن العلامة النوري. ما فات من صاحب «الوسائل» وجمعه على أبواب الوسائل، وسماه «مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل» وهو نحو كتاب «الوسائل» فكان أعظم مصنف في أحاديث المذهب وفرغ منه سنة 1319 هـ وتوفى في الغري ثامن وعشرين جمادى الأخيرة سنة عشرين وثلثمائة بعد الألف.
وهناك جوامع كبار الأعلام المحدثين الأخيار، منها «العوالم» وهو مائة مجلد في الحديث، للشيخ المحدث المتبحر البارع المولى عبد اللّه بن
نور اللّه البحراني، المعاصر للعلامة المجلسي صاحب «البحار» المتقدم ذكره آنفاً.
ومنها كتاب «شرح الاستبصار في أحاديث الأئمة الأطهار» في عدة مجلدات كبار، نحو «البحار» للشيخ المحقق الشيخ قاسم بن محمد بن جواد المعروف بابن الوندي، وبالفقيه الكاظمي المعاصر للشيخ محمد بن الحسن الحر صاحب «الوسائل» المتقدم ذكره، كان ممن تخرج على جدنا العلامة السيد نور الدين أخي السيد محمد صاحب «المدارك».
ومنهم «جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار» وهو جامع كبير يشتمل على مجلدات كثيرة، للشيخ العلامة الفقيه عبد الطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي، تخرج على الشيخ المحقق المؤسس المتقن الحسن أبي منصور بن الشهيد الشيخ زين الدين العاملي صاحب «المعالم» و «المنتقى» من علماء المائة العاشرة.
ومنها الجامع الكبير المسمى بـ «الشفا في حديث آل المصطفى» يشتمل على مجلدات عديدة للشيخ المتضلع في الحديث محمد الرضا ابن الشيخ الفقيه عبد اللطيف التبريزي فرغ منه سنة 1158 هـ.
ومنها جامع الأحكام في خمسة وعشرين مجلداً كباراً للسيد العلامة عبد اللّه بن السيد محمد الرضا الشبري الكاظمي، كان شيخ الشيعة في عصره وواحد المصنفين في دهره، لم يكن أكثر منه تأليفاً في المتأخرين عن العلامة المجلسي، مات سنة 1242 هـ، في بلد الكاظمية.