المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حدودالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرفي فقة اهل البيت ع


شهيدالله
11-11-2009, 07:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وآل محمد الذين لا تصح الصلاة الواجبة إلا بذكرهم
وتبطل بإضافة غيرهم لهم.. اللهم صل عليهم وعجل فرجهم والعن أعداءهم



السلام عليكم ورحمة الله بركاتة
حدودالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرفي فقة اهل البيت ع

بسم الله

جاءت الرسالة الاسلامية الخاتمة لهداية الانسان ، وتحريره من جميع ألوان الانحراف في فكره وسلوكه وتحريره من ضلال الأوهام وظلمة الخرافات ، وتحريره من عبادة الالهة المصطنعة ، وتحريره من الانسياق وراء الشهوات والمطامع ، وتهذيب نفسه من بواعث الأنانية والحقد والعدوان ، بتهيئة العقول والقلوب للتلقي والاستجابة للمنهج الإلهي المرسوم ، وفق المفاهيم والقيم الإلهية الثابتة - الذي يترجم الآراء والنصوص إلى مشاعر وعواطف وممارسات متجسدة في الواقع ، لكي يكون الانسان والمجتمع بمستوى المسؤولية المناطة به في الحياة ، بحمل الأمانة وخلافة الله تعالى في الأرض ، والترقي في سلم الكمال والسمو الروحي والسلوكي .
وهداية الانسان تعني تغيير محتواه الداخلي في عقله وقلبه وارادته لينسجم مع المنهج الإلهي في الحياة ، ويكون فكره وعاطفته وسلوكه وحدة واحدة لا ازدواجية فيها ولا تناقض . والتغيير ليس أمرا هينا إذا نظرنا إلى طبيعته ، وطبيعة الميدان الذي يحل فيه وهو ميدان النفس البشرية ، فهو يواجه محدودية الانسان وضعفه وعجلته ، ويواجه شهوات النفس ونزواتها المتجذرة والطارئة والمتقلبة ، ويواجه كبرياء النفس وغرورها ، ويواجه اعتزاز الناس بمفاهيمهم وقيمهم التي أنسوا بها ، وأصبحت جزءا من كيانهم الموروث والمكتسب ، ويواجه ما يتلبس بتلك المفاهيم والقيم من مصالح ذاتية ومطامع شخصية ، ويواجه المغريات الخارجية التي تناغي الرغبات والشهوات وتهتف بالانسان لاشباعها ، ويواجه أصنافا من الناس تختلف بعدا أو قربا من الدين والتدين ، وتختلف مواقفها من حملة التغيير اندفاعا وانكماشا . وتتجسد عملية التغيير بأداء مسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أداء ينسجم مع ضخامة الواقع البشري ، وضخامة الأهداف المراد - من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر - تحقيقها في الواقع . فلا بد من عمل دؤوب وحركة متواصلة تبدأ بتغيير النفس أولا ثم المجتمع ثانيا ، ولا بد من اطلاع دقيق وتشخيص واع لمستويات الناس الفكرية والعاطفية والسلوكية ، والمعرفة الواعية للظروف والعوامل المتحكمة في المجتمع ، والقوى المؤثرة فيه ، ليضع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لكل مستوى ولكل ظرف خطة ، يصلون بها إلى تحقيق الأهداف ، وأسلوبا ينفذون من خلاله إلى خلجات القلوب ويجعلونها تتهيأ للتلقي والاستجابة ، ثم الانتقال إلى مرحلة العمل الايجابي بعد مرحلة التأثر الوجداني . والامر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم التكاليف التي ينبغي القيام بها ، فيه تقام الفرائض ويتوجه الانسان إلى الله تعالى بكل كيانه ومقومات شخصيته ، وبه تتحقق الاستقامة في الفكر والعاطفة والسلوك


قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم ، وأما صاحب سوط أو سيف فلا

اخوتي الكرام إذا وجد المكلف مؤمنا أو جاهلا يبحث عن الحقيقة فيجب عليه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أما المكابر الذي لا يروم الاستقامة في العقيدة والسلوك ، فلا يجب على المكلف ان يأمره وينهاه ، ما دام غالقا لمنافذ الهداية في فكره وعاطفته وسلوكه . وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حديث : إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر ما معناه ؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم
: هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا
. وقد قامت سيرة المعصومين عليهم السلام على هذه القاعدة ، فأمير المؤمنين عليه السلام أكثر من نصحه لعثمان بن عفان ، وكان يأمره بالمعروف وينهاه عن الممارسات التي يمارسها مع المسلمين خلافا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتعيينه الولاة الجائرين والفاسقين ، وكان يحذره من مروان وأمثاله ، ولكنه حينما يئس من اصلاح وتغيير ممارساته قال له
ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك
ثم إن مهمة الدعوة الاسلامية المتجسدة بالامر
بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة شاقة تواجه أصنافا من الناس يختلفون في الاستجابة ، فمنهم من يتفاعل معها ليغير مفاهيمه وقيمه وممارساته في ضوء ما يؤمر به وينهى عنه ، ومنهم من تصده شهواته ونوازعه عنها ، فيعرض عنها معاندا لا ينفتح قلبه لدلائل الهدى ، مصرا على انحرافه الفكري والعقائدي يقابل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بسخرية واستهزاء أو بالاعراض وعدم الاستماع . ومنهم من يترقى به العناد والغرور والكبرياء إلى المواجهة العنيفة ، ويعمل على الحاق الأذى بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، وقد يصل الأذى إلى مرحلة الجرح أو التعويق أو القتل ، ففي مثل هذه الحالة فان الانسان يسقط عنه وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
لأنه مشروط بالأمن من الضرر سواء على نفسه أو على غيره .
قال الإمام الصادق عليه السلام :
والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك ، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه
وكتب الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام للمأمون حينما سأله أن يكتب له محض الاسلام : . .
. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ، ولم يكن خيفة على النفس . . .
والضرر المقصود يحدد من قبل المكلف نفسه بعد تشخيصه للمصلحة والمفسدة المترتبة على قيامه بالتكليف أو عدمه ، فيقدم أهون الضررين والضرر لا يتحدد بوقت من الأوقات ،
قال الشيخ الطوسي :
- في ذكره لشروط الوجوب - : ( . . . وعلم أنه لا يؤدي إلى ضرر عليه ولا على أحد من المؤمنين لا في الحال ولا في مستقبل الأوقات )
- . شروط الترك : شرع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لهداية الناس وارشادهم ، وتغيير المحتوى الداخلي للنفس البشرية وما تحمل من أفكار ومشاعر ، لتكون حاكمة على الممارسات العملية من سلوك صالح وأخلاق فاضلة وعلاقات حسنة . والغاية منهما تخليص النفوس من ظلمات الأوهام والانحرافات العقائدية ، وتحريرها من ربقة الشهوات ، لتنتصر على الهوى وتتغلب على الشهوة ، عن طريق استحثاث الطاقة الكامنة في كيان الانسان ، وانماء القدرات الممكنة النماء . كل ذلك يتم عن طريق الانذار والايقاظ بالحجة والبرهان والترغيب بالاستقامة ، فإذا أغلق الانسان منافذ الهداية في كيانه ، ورفض الاستماع أو التلقي غرورا وكبرا ، ولم يستجب للموعظة أو آنس بواقعه العقائدي والسلوكي ، أو كان جاهلا بما يصلحه جهلا مركبا مطبقا على كيانه ، فإذا لم توقظه موحيات الايمان وموجبات الهداية ،
- وفي هذه الحالة فإن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيكون مخيرا بين الاستمرار في أداء مسؤوليته ، وبين تركها من تحين الفرص المناسبة لها . ويمكن تحديد شروط ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنقاط التالية :
- أولا : تجذر الانحراف
- : إذا تجذر الانحراف وأصبح جزءا من كيان الانسان ، ويئس المكلف من اصلاحه وتغييره ، فيجوز له ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنه لا يغير من الواقع شيئا ، بل قد يؤدي إلى نتائج سلبية على المكلف نفسه . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، واعجاب كل ذي رأي برأيه ، ورأيت أمرا لا يدان لك به ، فعليك خويصة نفسك ، فإن من ورائكم أيام الصبر . الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر . للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون بمثل عمله
-
- ثانيا : انحراف الأكابر
- : من طبيعة النفس البشرية أنها تذعن وتخضع للأكابر والمتنفذين وتقتبس المفاهيم والقيم من الشخصيات البارزة في المجتمع ، والمؤثرة فيه ، لامتلاكها خصائص التأثير الذاتية والعملية ، كالملوك والعلماء ورؤساء القبائل والوجودات الاجتماعية ، فإذا انحرف هؤلاء انحرف المجتمع ، وهذه حقيقة ثابتة في جميع المجتمعات ففي مثل هذه الحالة يتفشى الانحراف ويستشري ويصعب اصلاحه وتغييره ، ولا يكون للامر بالمعروف والنهي عن المنكر أي تأثير في العقول والنفوس . وفي مثل هذا الظرف يكون الواجب على كل مؤمن عالم بالمعروف والمنكر أن يحافظ على نفسه بأن يروضها بالعمل بالمعروف والترك للمنكر حتى لا يؤثر فيه الجو العام في المجتمع ، وأن يحافظ أيضا على أهله وذويه ومن يهمه أمره الذين ينصاعون لأوامره ونواهيه ، صونا لهم من الانحراف والانجراف .
- ثالثا : وقوع الفتن
-
- : حينما تكون الأهواء حاكمة على الأفكار والمواقف دون الرجوع إلى الأسس الثابتة للمنهج الاسلامي ، وحينما تبتدع الاحكام المخالفة لكتاب الله تعالى ، ويتحكم التعصب بولاء الانسان والمجتمع بعيدا عن أسس الولاء التي حددتها الشريعة الاسلامية ، فان الفتن ستكون هي الظاهرة القائمة المتفشية في المجتمع الاسلامي ،
- قال أمير المؤمنين عليه السلام :
- إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، ويتولى عليها رجال رجالا ، على غير دين الله . .. وإذا وقعت الفتن فسيعيش المجتمع ظاهرة الاضطراب الفكري والنفسي والسلوكي بتبادل النظرة السلبية ، والموقف المتشنج ، ويدخل في صراع دائم مستمر بتبادل الاتهامات ودفعها ، ويصبح النبز بالكفر والانحراف والفسق هو الحاكم على العلاقات دون الاستناد إلى الأصول الواضحة للمنهج الاسلامي . › ويدفع التعصب أفراد المجتمع إلى اتخاذ المواقف تبعا للمتعصبين له ، ويختلط الحق بالباطل ، وتلتبس المفاهيم والقيم على الناس ، فيندفعون دون روية ودون بحث عن الحقيقة ، ويتخلل اندفاعهم جدال لا ينتهي إلى شئ ، تصحبه المواقف المتشنجة فتعمى بصائر المتعصبين وتنغلق منافذ الهدى في عقولهم ونفوسهم ومواقفهم ، ففي مثل هذه الحالة لا تنفع معهم المواعظ والارشادات والنصائح ، ولا يدركون الخطر المحدق بهم ، بل يحسبون انهم يحسنون صنعا ، فإذا أغلقوا قلوبهم وانفصلوا عن مصدر الاشعاع الفكري والسلوكي ، فلا يجب على المكلفين حينئذ القيام بدورهم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهم يرون المجتمع يعيش في غبش الأوهام وضباب الأهواء ، واضطراب الولاء القائم على أساس التعصب للأشخاص .
- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
- ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغير فيها بيد ولا لسان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : وفيهم يومئذ مؤمنون ، قال : نعم . قال عليه السلام : فينقص ذلك من ايمانهم شيئا ؟ . قال صلى الله عليه وآله وسلم : لا ، الا كما ينقص القطر من الصفا ، أنهم يكرهونه بقلوبهم
- . وعن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
- إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا - وشبك بين أنامله - فالزم ‹ بيتك ، وأملك عليك لسانك ، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر ، وعليك بخاصة أمر نفسك ، ودع عنك أمر العامة
- . والفتن المقصودة هي التي تقع بين أهل الضلال ، وإلا فالذي يقع بين أهل الحق وأهل الباطل لا يسمى فتنة بالمعنى الحقيقي ، لان الموقف واضح لا شبهة فيه ، ويستطيع الانسان ان يشخص موقفه من الرجال ومن الوجودات ومن الاحداث ، ويجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لارجاع المخالفين إلى المنهج السليم والموقف الصحيح . المبحث الثاني أهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر جاء الاسلام من أجل هداية المجتمع الانساني ، وايصاله إلى قمة التكامل والسمو والارتقاء ، بتقرير المنهج الإلهي في واقع الحياة
وجعله الحاكم على أفكار الناس ، ومشاعرهم ، ومواقفهم ، لتتحول الأفكار والتصورات والمفاهيم إلى صور متجسدة في الواقع ، ذات معالم ومواقف منظورة ومحسوسة . ولا تتحقق هذه الهداية بمجرد نزول المفاهيم والقيم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يقم بتبليغها للناس ومتابعة تطبيقها وتجسيدها في الواقع ، وخير وسيلة للتطبيق العملي
هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
لذا جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله تعالى اثني عشر إماما عدلا للقرآن ، وهم القرآن الناطق الذي يقوم بمهمة التطبيق في الواقع ، وفي جميع مجالات المنهج الإلهي العقيدي والسلوكي ، وفي جميع مجالات مقومات الشخصية الانسانية : الفكر والعاطفة والسلوك . فلأهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والذي هو بحاجة إلى من يتبناه ويقوم به ليواصل المسيرة ويحقق البناء والاصلاح والتغيير الشامل ، لم يترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن وحده بمفاهيمه وقيمه وتشريعاته المجملة والظاهرة والباطنة - وهو المرشد الأول للمعروف والناهي عن المنكر - عرضة للأهواء والتفسير بالرأي . . ، بل ترك بجانبه ثقلا آخر وهم أهل البيت عليهم السلام للنهوض بمهمة البيان واستمرار أداء الرسالة ، وتوجيه الأمة لصالح الأعمال وردعها عن منكر الفعل والقول .
قال الإمام محمد الباقر عليه السلام :
إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب ، وتحل المكاسب ، وترد المظالم ، وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الامر .. وتتناسب أهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تناسبا طرديا مع أهمية الأهداف والغايات التي تتحقق من خلال القيام به ، والتي يمكن اجمالها بما يلي : أولا : نشر المفاهيم العقائدية والقيم التشريعية : بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر يهتدي الانسان إلى الفطرة السليمة ، بالايمان بالله تعالى وتوحيده في التصورات والمشاعر والمواقف ، والايمان برسول الله الله صلى الله عليه وآله وسلم والاقتداء به ، والايمان بإمامة أهل البيت عليهم السلام ، والايمان باليوم الآخر ،
قال أمير المؤمنين عليه السلام : . . .
بعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول . . . ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل ، أو كتاب منزل ، أو حجة لازمة ، أو محجة قائمة . . . إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم . . . فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة . .
وبرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهتدي الانسان إلى القيم التشريعية ويطلع على أسسها وقواعدها ، وبه يزاول الاحكام في واقعه السلوكي ، وإلى ذلك أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : إن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا ، ولم يترككم سدى . . . أنزل عليكم الكتاب تبيانا لكل شئ ، وعمر فيكم نبيه أزمانا ، حتى أكمل له ولكم - فيما أنزل من كتابه - دينه الذي رضي لنفسه ، وأنهى إليكم - على لسانه - محابه من الأعمال ومكارهه ، ونواهيه وأوامره ، وألقى إليكم المعذرة ، واتخذ عليكم الحجة ، وقدم إليكم بالوعيد ، وأنذركم بين يدي عذاب شديد ، فاستدركوا بقية أيامكم . . .
. وبالعقيدة والشريعة الإلهية تصل الأمة إلى التكامل والارتقاء والخير والسعادة ، وهي متوقفة على أداء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البر والتقوى ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء
وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتم القضاء على البدع وتحجيم الانحراف العقائدي والتشريعي ، وتثبيت الايمان في القلوب .
ثانيا : اصلاح الأخلاق
:
بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر تتهيأ الأجواء الروحية والنفسية للانتصار على الأهواء والشهوات ، لأنه يتتبع دخائل النفوس ، وينفذ إليها بالكلمة الطيبة والقول السديد . فإن النفوس تتلقى وتستجيب لمن يريد تربيتها واصلاحها ، وإنها لتتطلع إلى أفق أرحب واهتمامات أرفع ، وتتوجه إلى الفضائل والمكارم وحسن السيرة إذا ما تم تعاهدها بالمعروف ، وإبعادها عن ساحة المنكر . والامر بالمعروف يدفع إلى العمل الصالح بعد التعالي على جميع أغلال الانحراف والفساد ، فيصبح الانحراف والفساد فلتة عارضة وحادثة منقطعة ، تعود إلى الأصل وهو الاستقامة على المنهج الذي يريده الله تعالى .
عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر ، وإن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله تعالى مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه . ويعني صلى الله عليه وآله وسلم بذلك :
ان الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هو مفتاح للخير ومغلاق للشر. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر يساعد على العودة إلى الاستقامة بعد الانحراف ، وإلى الامل بعد اليأس ، فبه يتم الحث على التوبة والاستغفار ، واستثمار الفرص الجديدة لاصلاح النفس وتهذيب الأخلاق .

ثالثا : نصرة المظلومين وردع الظالمين

: شرع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر للحفاظ على سلامة العلاقات وعلى الحفاظ على الحرمات ، بالدعوة إلى العدل والرحمة والنهي عن الجور والظلم ، واعطاء كل ذي حق حقه دون اعتداء أو اضطهاد أو استغلال ، فإذا وجد الظالم والجائر من يردعه بقول أو بفعل ، فإنه سيخفف من ممارساته العدوانية أو يتخلى عنها ، وسيجد الناس إن لهم سندا يدافع عن حقوقهم ، فيعيشون الامن والطمأنينة . قال أمير المؤمنين عليه السلام :
لا يكونن أفضل ما نلت من دنياك بلوغ لذة وشفاء غيظ ، وليكن إحياء حق وإماتة باطل

وقال عليه السلام :
رحم الله امرءا أحيى حقا وأمات باطلا وأدحض الجور وأقام العدل وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلمة العدل عند السلطان الجائر من أفضل الجهاد ، لأنها وسيلة لردعه ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر. وقال صلى الله عليه وآله وسلم : سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ، فقتله. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر شرع لمصلحة العموم ، وبه ردع للسفهاء لكي لا يتمادوا في سفاهتهم ،
قال أمير المؤمنين عليه السلام
: . . . والامر بالمعروف مصلحة للعوام ، والنهي عن المنكر ردعا للسفهاء
.
رابعا : الحفاظ على عزة المسلمين :

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يقرر مدى تماسك المسلمين وتعاونهم على تكاليف الايمان ، ويجعلهم يشعرون جميعا شعورا واحدا بضرورة القيام بأعباء الأمانة المناطة بهم ، ويثبت بعضهم بعضا فلا يتخاذلون ، ويقوي بعضهم بعضا فلا يتراجعون أمام المشاق والعقبات ، فيتآزرون على ثقل المسؤولية ، ومشقة الطريق ، منطلقين نحو الهدف السامي وراء وجودهم وكيانهم ، ويتناصرون لمواجهة الاخطار والتحديات المحدقة بهم ، ويستصغرون كل قوة ، وكل عقبة ، وكل كيد ، وهم يشعرون بأن الله تعالى معهم إن أدوا مسؤوليتهم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال أمير المؤمنين عليه السلام :
من أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين ، من نهى عن المنكر أرغم أنوف الفاسقين
وبالتعاون على أداء المسؤولية تتحقق العزة للمؤمنين ، بأن يكونوا أقوياء متماسكين متآزرين ، مرتبطين بمصدر القوة والعزة وهو الله تعالى . وإذا تخلوا عن هذه المسؤولية ، فإنهم سيعيشون في ذل مستسلمين لغيرهم لا يقوون على النهوض ، ويفقدون مصدر الاسناد كأمر طبيعي لمخالفة أوامره تعالى .
قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام : لتأمرن بالمعروف ، ولتنهن عن المنكر ، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم
. ولأهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مدح الله تعالى في كتابه العزيز الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وجعله سببا للفلاح والصلاح . ولأهميته أكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته على فضائله ، وعلى فضائل القائمين به
كما ان : الاسلام ليس مجرد تفكير وتدبر ، وليس مجرد خشوع وتذلل لله تعالى ، وليس مجرد التوجه إلى الله تعالى للفوز بالجنان والنجاة من النيران ، بل هو - مع ذلك - العمل الايجابي الذي ينشأ عن هذا التفكير وعن هذا الخشوع وهذا التوجه ، ليكون كل ذلك واقعا حركيا ملموسا ، ولا يتحقق ذلك إلا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الذي يهيئ الأجواء لتحويل النظرية والمفاهيم العقائدية والقيم التشريعية والسلوكية إلى واقع . ومن هنا ففضائل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مساوقة للدور البارز والايجابي المهم الذي يقوم به .
ففي وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام قال : يا علي لان يهدي الله على يديك نسمة خير مما طلعت عليه الشمس
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : أفضل الأعمال بعد الصلاة المفروضة ، والزكاة الواجبة ، وحجة الاسلام ، وصوم شهر رمضان : الجهاد في سبيل الله ، والدعاء إلى دين الله ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وبنحو ذلك
قال أمير المؤمنين عليه السلام : الامر بالمعروف أفضل أعمال الخلق. وبما ان للامر بالمعروف والنهي عن المنكر دورا كبيرا في خلق الأجواء لإقامة الفرائض والسنن

،والحمدلله رب العالمين

مركزالدراسات الاسلامية قم المقدسة
تقديم
اخوكم شهيد الله

سماء المعين
07-12-2009, 04:00 PM
شكرا لكم على الموضوع

سيدي محمد
10-12-2009, 05:00 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه)في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافضاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخير برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف


شكرا لكم