المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمـــاء بين غـــزة و كـــربـــلاء


حيــــــــــدرة
13-11-2009, 05:42 AM
... وحيد فتى يافع من فتيان غزة المكلومة ، أصيب في قصف صهيوني ، بشظايا قنبلة أمريكية الصنع عربية التوجيه ، فقد معها بعض يده و بقي البعض الآخر ينزف دماً ، قد حار الأطباء في وجود دواء له . . . . .
عزم ذات ليلة و هو نائم ، أن يذهب في حلمه إلى مدينة كربلاء للاستشفاء و التوسل بقبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، لعله يشفى من جرح يده و لم يكن باستطاعة وحيد أن يفعل أكثر ، فهو كباقي أطفال غزة كلهم محاصرون . . . منازلهم ، مدارسهم ، أقلامهم ، ألعابهم ، أقبيتهم ، خيامهم ، حتى أحلامهم محاصرة وهوائهم مُحاصر ... ، فقد كانت أغلبها كوابيس لا تظهر فيها إلا الجدران العازلة و لا يسمع فيها إلا صوت الرصاص و صفير سيارات الإسعاف . . !!

و عزم وحيد في هذه الليلة أن يذهب إلى كربلاء ، عزم أن يكسر الحصار رغم مخاطر الطريق و دروبه الوعرة و مسالكه الموحشة .
أما لماذا اختار وحيد كربلاء و ليس مكانا آخر ؟
هو لا يدري ، هو الآن لا يستطيع أن يدري !
المهم أن يفك الحصار .
ما إن اقترب وحيد من سور الحرم الحسيني ، حتى دخلته وحشة و شوق و حب ممتزج بالهيبة لم يعهدها طوال حياته ، فبدأ يتمتم بهذه الكلمات . . . .
عفوك يا سيدي يا أبا عبد الله ، إن كنت أقلقت راحتك في هذه الليلة الحالكة ، و أقبلت عليك دون إذن ، عذرا يا مولاي إن كنت قد سمحت لنفسي أن اقترب من سور جنتك الحمراء .
أخذ وحيد يشرئب بعنقه عسى عين الحسين ترمقه فيؤذن له بالدخول .
فوحيد قد سمع و قرأ كثيرا عن الحسين إنه من أهل بيت النبوة المصطفين ، يكرم اليتيم ، و يطعم المسكين ، و يقري الضيف ، و يجير الخائف المستجير … .


فيسمع الحسين همهمات من خارج الحرم ، نادى خادمه : انظر من بالباب لعله جائع أو طالب حاجة أو مجاهد يحتاج زادا …، أسرع إنني أشم من قبل الباب رائحة و كأني أعرفها … .
وحيد يدخل صحن الحرم ، ينظر إلى الحسين تتسمر رجلاه في الأرض ، فلا يستطيع حراكا ، يشخص ببصره نحو الحسين لقد أدهشه منظره الرائع و هيبته الكبيرة و هو يرتدي حلة خضراء لم يشاهدها قط في حياته ، أما وجهه فقد كان مثل فلقة البدر و هو منهمك تارة بالعبادة ، و تارة يسلم على الضيوف و طلاب الحوائج ، و تارة أخرى كان يستقبل شموعا بيضاء و خضراء و حمراء ، بعضها كبير و بعضها الاخر صغير ، صغير جدا . . .
كان الحسين يعتني بها و يضع كل واحدة من هذه الشموع في مكان خاص …
أضاءت تلك الشموع صحن الحرم في تناسق صامت بهيج .
في هذه الأثناء انتبه الحسين إلى وحيد ، ناداه بصوت هادئ : اقترب بني … اقترب يا فتى . . لا تخف .
يقترب وحيد …
تضيء الشموع بعضا من جسمه النحيل ، و هو يرتعد من البرد ، و رجلاه لا تقويان على حمله من شدة الجوع و بُعد السفر .
إندهش الحسين لمنظره : ما هذه الثياب الممزقة يا بني ؟ ما هذه الدماء النازفة ؟
أرني يدك ، تناول الحسين شيئا من دم وحيد تأمل فيه مليا ، شمهُ ، ثم رفع رأسه للسماء و بكى طويلا و نادى خادمه ألم أقل لك أني أعرف هذه الرائحة !؟
هذا الدم بعض من دمي …، أنه دم شهيد أو بعض شهيد ...
يبكي وحيد و تتناثر دموعه على خديه كأنها فضض جمان … ثم ينطلق لسانه قائلا :
عذرا يا ابن رسول الله ، لقد أتيت إليك أشكو مصابي و لأخبرك ما جرى علينا من المحن و أتوسل بك إلى الله ، عساني استيقظ يوما من حلمي الطويل لأرى الحصار و قد فك عني ، و أرى الشمس و قد عادت لتشرق من جديد على أطراف بيتنا المهترئ و سقفه الذي أنهكه القصف ، و صدّع جدرانه صوت القذائف و القنابل ، و كسر زجاج نوافذه صوت الطائرات النفاثة ...، وخذلان قوم كنا نحسبهم أيقاظاً ...

لكن يا مولاي أتسمح لي أن أخبرك عن طفنا ؟
عن كتب أهل الكوفة عندنا و وعدهم لنا بالنصر ؟ سأخبرك يا سيدي حتى لا تخرج مرة أخرى فتلقى الخيانة و الخديعة و المكر ممن كانوا قلوبهم معك وسيوفهم عليك أذناب بني الطلقاء ومواليهم ....

أتعلم يا مولاي ؟ أن شريحا ذاك الذي خان الأمانة ذات مرة ، و باع دينه بدنياه و أفتى بسفك دمك و قتلك بسيف جدك و الله يا مولاي إنه لم يمت ، لقد رأيته يصافح بيريز و يهدي له النصح و الابتسامة و أعطى له صكا مجانيا بنحرنا على مذبح المنبر !
فخذ حذرك و انظر من حولك . . .

أما سمعت يا مولاي عن عودة جيش ابن زياد لحصارنا من جديد ، إني تركتهم الليلة و هم يحاصرون الشيوخ و الصبيان و النساء و يمنعون عنهم الماء و الدواء وحتى الهواء ، هذا ماؤنا ، نفطنا ، و غازنا قد ولغت فيه خنازير البيت الأسود و الأحمر و منع منه أبناؤك و حرائرك و أحفادك فإلى أين المسير يا مولاي ؟!! إلى أين ؟

يا مولاي أتحسب أن عمر بن سعد قد تخلى عن ملك الري ؟ لا والله فهذا ابن عمنا قد أولغ في حصارنا نستجديه المعونة فلا يجيب نطلب منه بحق النبي و الأجداد و التاريخ و الجغرافيا أن يسمعنا فلا يأبه بنا ، نتأوه أمامه و نذكره بالآخرة ، بيوم الحساب ، عساه يرق لحالنا فلا يرد علينا ، نناديه فقط أن يكون حرا في دنياه فلا يتكلم إلا بسبنا و سبك و سب أبيك ...

فارجع يا مولاي نفسي لك الوقا و روحي لك الفدى
لقد صرخنا يا مولاي : هل من مغيث يغيثنا ؟
هل من ناصر ينصرنا ؟
هل من مسلم يتقي الله فينا ؟
لكن أمتك يا مولاي لا تسمع و لا تجيب ، فهذي حالي يا مولاي ، و هذي شكواي قد بثثتها بين يديك فانظر ماذا ترى .

جئتك يا مولاي و على الرغم من جراحاتي لأجدد لك الولاء و أقول لك : إنني على العهد ، عهد المقاومة و الصمود و إن كنت لم يجبك ببدني حين استغاثتك فقد أجبتك بقلبي و روحي و مقاومتي ، إن لم يكن بك عتب علي فلا أبالي ابدا أوقعت على الموت أم وقع الموت علي ...

و لست أبالي حين اُقتَل مسلما
على أي جنب كان في الله مصرعي
و ذاك في ذات الإله و إن يشأ
يبارك علـى أوصال شلو ممـزع


الحسين ( عليه السلام ) : و هو يبكي من الوجد آه يا ولدي آه لقد جددت جراحات قلبي و زدني كربا إلى كربي ... وذكرتني بحرمي وأطفالي وشيعتي وأصحابي
وا قلة ناصراه . . . وا قلة ناصراه .

عد يا ولدي إلى بيتك عد و قاوم ببقية يدك فلسوف تشرق عليك يوما شمس الحرية و النصر و لسوف ينتصر دمك على سيف البغي و إن طالت الأيام ، فما أيام صهيون إلا عدد و ما جمعهم إلا بدد .
آه لقوم خانوك
بعدا لقوم حاصروك
سحقا لقوم ظلموك . . .
يا بني هوّن علينا ما أصابنا و أصابكم أنه بعين الله عد يا بني و قاوم . . عد و قاوم .

----------------------------
منقول بتصرف بسيط
"قِصةٌ قَصِيرة تَحكي حَالَ أعرابٍ ذليلةٍ خائنةٍ حقيرة"
بقلم المهندس الاستاذ احمد الشريف من الجزائر

** مسلمة سنية **
13-11-2009, 07:27 AM
لقد جددت جراحات قلبي و زدتني كربا إلى كربي



آه لقوم خانوك
بعدا لقوم حاصروك
سحقا لقوم ظلموك . . .



موضوع مؤثّر جدا ... لا مبالغة فيه ... و كثيرة هي الصور التي يمكن ضربها في هذا المضمار ...

و فعلا القلب يدمي لما جرى في مخيّم جنين ... و القلب يدمي لما جرى و يجري على الأهل في غزة ... كان الله في عون كلّ مظلوم ... و لعنة الله على كلّ ظالم و خائن ...



بارك الله فيك أخي حيدرة على النقل

تحيتي

دعبل الخطي
13-11-2009, 11:42 AM
لقد هيجت أحزان قلبي الكربلأية وسفحت دموعي على خدي وأنا في أمس الحاجة للبكاء !!
فلسطين ياجرحنا النازف وكربلأنا الي لم تنتهي...اه ...اه..اه فلسطين!!!
لله در كاتب مرثية الأمة الأسلامية وناقلها ...على الله أجركما

وأنفسنا وأنفسكم
13-11-2009, 01:19 PM
ماذا اقول لك أخي حيدرة ... يعجز اللسان عن وصف مواضيعك
الان .. وهذا صباح يوم الجمعة .. ونحن لا نفتأ ندعو لمولانا صاحب الامر بتعجيل الفرج ..
فإذا بك تذكر حسينا
.. لقد أثرت كل الشجون والاوجاع ... وسالت الدموع بحرقة لذكراه الاليمة
فسلام عليك يا أبا عبد الله
مادام الليل والنهار
وجزاك الله اخي حيدرة خير الجزاء

وأنفسنا وأنفسكم
13-11-2009, 01:22 PM
ولعن الله امة اسرجت والجمت وتنقبت وتهيأت لقتالك يا أبا عبد الله
اللهم العنهم جميـــــــــــــــــــــــــعااااااااا

طفلة القمر
13-11-2009, 07:02 PM
كلمات تذرف لها الدموع لا إراديا والله ... !!!

يعطيك العافية على الموضوع الرائع الذي زادني شوقا على شوقي لزيارة الحسين الشهيد عليه السلام ورزقك ورزقنا والجميع زيارته ان شاء الله ... :)

الحــــــــــرة
14-11-2009, 12:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


قلوبنا تتقد كالجمر لحال كل انسان قهرته أيادي العنصرية وتعذب على أيدي الماركسية
وتحطم تحت للبرالية والرأس مالية.... ودهس بأقدام اسرائلية .. ثم خذل من نصرة عربية

نأسف لهاذه الحال .. حتى الأقلام أصبحت مرتزقة
ولكن قلم المهندس كان صادق القلب لينفذ إلى قلبك وأن كان نقلاً فيكفي أستشعارك لروعة الكلمات وتصرفها لنصرة الإمام الحسين من جهة ونقل صورة تهشم القلوب لحال اطفال فلسطين من جهة أخرى .. نعم نفذت الكلمة أستاذي الكريم ووصلت معانيها لقوبنا قبل مسامعنا ...
فالسلام على الإستشهادي الأول في أمة النبي محمد وآل محمد الإمام الحسين بن علي ابن أبي طالب يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا .
ضحيت لأجلنا لنعيش نحن أحرار وانقذتنا من الظلال ولكن سيدي لم ننصرك بالبدن عند استنصارك عند قولك(هل من ناصر ينصرنا ) ولكن هاهي القلوب أجابتك لبيك يا أبا عبد الله ... وبعون الله لن نكون تلك القلوب التي كانت معك وسيوفهم عليك بل هذه القلوب هي معك وسيوفهم على اعدائك ... لم نعرف كربلاء في حياتنا قط إلا لأنك اشتريتها بدمك الطاهر فزادها شرفاً لمثواك فيها .. ويزيدنا شرفا انتمائنا لحسين ... فأنت ياحيــــدرة واشباهك من الابطال الاشاوس حسينيون قلباً وقالباً معنى ومحتوى بكل كيان وهذا واضح هنا أقسم أني استشعره هذه اللحظة..

وتحية لكل أحرار العالم وكل فدائي لأجل الحق وكل ناصر له بيده ولسانه وقلبه ... واللعنه على اعداء الله الظالمين
وإن شاء الله يكون النصر لنا قريبا بتعجيل ظهور الحجة المنتظر عليه السلام لتشرق أمالنا ويأخذ بثأر الحسين وثأر مناصريه الأبطال ... ومن القلب أرجوا من الله أن يجعلك ياحيدرة من الناصرين له وتحتى لوائه مع جميع المؤمنين والمؤمنات .
صوت: لأمة إسلامية لايتحقق لها النصر إلا برجال كأنصار ابي عبد الله عليه السلام


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


** الحــــــرة **

القلم الرقيب
15-11-2009, 03:53 AM
كعادتك حيـــــــــــــدرة مواضيع لابد من الوقوف عندها ، احسنت مولانا

أم جوانا
15-11-2009, 07:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

أخ حيدرة بارك الله فيك .. قصة مؤثرة ورائعة جدا

السلام على مولاي سيد الشهداء
أبا عبدالله الحسين

النجف الاشرف
16-11-2009, 01:05 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
من باع الحسين بالامس ..... ومن خرج لحرب الحسين بالامس ...... تجده اليوم يقتل المسلمين في غزه ويدافع عن معتقدهم

وصدق من قال أن التاريخ يعيد نفسه

لبيك يا حسين وخير ما يقال كلام السيد الخميني قدس سرة .....

كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء فهذا شعارنا نحن أتباع الحسين

والسلام عليكم

احبك ياعلي
16-11-2009, 01:54 AM
احسنت اخي حيدرة على الموضوع الرائع