نجف الخير
17-04-2007, 01:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2ـ حوزة الكوفة:وظهرت من أواسط القرن الثاني حياة الإمام الصادق عليه السلام واستمرت إلى الربع الأول من القرن الرابع(1).
ففي أخريات حياة الإمام الصادق عليه السلام انتقلت مدرسة الفقه الشيعي من المدينة إلى الكوفة، وبذلك بدأت حياة علمية جديدة في الكوفة، وكانت الكوفة حينذاك مركزاً صناعياً وفكرياً كبيراً للبعثات العلمية والتجارية، وقد هاجر إليها وفود الكوفة حين انتقل إليها الإمام الصادق عليه السلام وانتقلت مدرسة الفقه الشيعي من اكبر العواصم الإسلامية(2).
وذكر الوشاء طرفاً من المد العلمي في الكوفة بقوله:«أدركت في هذا المسجد ـ مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد». (3) وأكثر من ذلك ذكره المحقق الحلي في المعتبر بقوله: وروى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل، وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخيه بكير وحمران، وجميل بن دراج، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية والهاشميين، وأبي بصير وغيرهم(4).
ففي هذه المدرسة تعلم جل علماء المسلمين ورواد الحركات العلمية من الشيعة وغيرهم، وقد برزت التخصصات العلمية آنذاك بفضل ما بذله أئمة أهل البيت عليهم السلام حتى نبغ علماء كبار مثل أبان بن تغلب في الفقه والحديث، وهشام بن الحكم في الكلام، ومحمد بن مسلم في الحديث والتفسير، وجابر بن حيان في الكيمياء، ويونس بن عبدالرحمن وتلميذه الفضل بن شاذان في الفقه، إلى غير ذلك من الفروع العلمية وهكذا أنجبت هذه الحوزة كبار مشايخ الشيعة آنذاك، وكان لها دور في نشر المعارف الإسلامية.
3ـ حوزة قم والري:ظهرت هذه الحوزة في الربع الأول من القرن الرابع واستمرت إلى النصف الأول من القرن الخامس. ففي [هذه الفترة انتقلت حركة التدريس والكتابة والبحث إلى مدينتي (قم والري) وظهر في هذه الفترة شيوخ كبار من أساتذة الفقه الشيعي في مدينتي قم والري كان لهم اكبر الأثر في تطوير الفقه الشيعي](5).
والظاهر أن الزعامة الدينية قد انتقلت إلى ابن أبي عقيل العماني شيخ فقهاء الشيعة بعد الغيبة الصغرى حيث أدرك السمري أخر السفراء الأربعة وعاصر الكليني والصدوق علي بن بابويه، وقد استجازه جعفر بن قولويه صاحب كامل الزيارة المتوفى 368(6).
فقد كانت قم منذ أيام الأئمة عليهم السلام مدينة معروفة بولائها وانتمائها لأهل البيت عليهم السلام ومن أمهات المدن الشيعية، وكانت حصناً من حصون الشيعة، وعشاً لآل محمد وقد كان أحد أسباب انتقال مدرسة أهل البيت من العراق إلى إيران هو المعاملة القاسية التي كان يلاقيها [فقهاء الشيعة وعلماؤهم من العباسيين، فقد كانوا يطاردون من يعرف بولائه لأهل البيت عليهم السلام بمختلف ألوان الأذى والتهمة. فالتجأ فقهاء الشيعة وعلماؤها إلى قم والري ووجدوا في هاتين البلدتين ركناً آمناً يطمئنون إليه لنشر فقه أهل البيت عليهم السلام وحديثهم].
[ويظهر أن قم أوان عصر الغيبة وعهد نيابة النواب الأربعة كانت حافلة بعلماء الشيعة وفقهائها] يقول الشيخ في كتاب الغيبة: أنفذ الشيخ حسين بن روح رضي الله تعالى عنه كتاب التأديب إلى قم، وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: انظروا ما في هذا الكتاب، وانظروا هل فيه شيء يخالفكم؟ (7)
[وهذه الرواية التاريخية تدل على أن قم كانت في عهد حسين بن روح مركزاً فقهياً حافلاً بالفقهاء بحيث يراجعها الشيخ حسين بن روح نائب الإمام الخاص عجل الله تعالى فرجه ويعرض عليهم رسالة التأديب لينظروا فيها]. (8)
[ويكفي للدلالة على ضخامة مدرسة قم أن نذكر ما نقله العلامة الحلي رحمه الله في شرحه على من لا يحضره الفقيه حيث قال: [إن في زمان علي بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى سنة 329 كان في قم من المحدثين مائتا ألف رجل] ووصفها الحسن بن محمد بن الحسن القمي المتوفى سنة 378 هـ في كتاب خاص ننقل عناوين أبواب منه ليلمس القارئ سعة هذه المدرسة وضخامتها في القرن الرابع وهو العصر الذي نتحدث عنه.
قال في الباب السادس عشر في ذكر أسماء بعض علماء قم، وشيء من تراجمهم، وعدد الشيعة منهم 266 شخصاً، وعدد العامة 14 شخصاً، مع ذكر مصنفات كل واحد منهم ومروياته وما يتعلق بذلك. وهذه الكلمات تدل على أن مدرسة قم كانت في هذه الفترة من أوسع المدارس الشيعية في الفقه والحديث وأضخمها، وكانت تضم مئات المدارس والمساجد والمكاتب، وندوات البحث والمناقشة ومجالس الدرس والمذاكرة](9).
[ومهما يكن من أمر فقد حفلت قم والري في هذه الفترة (القرن الرابع الهجري) بشيوخ كبار في الفقه والحديث أمثال: الشيخ الكليني المتوفى سنة 329 هـ وابن بابويه والد الصدوق، وابن قولويه أستاذ الشيخ المفيد، المتوفى سنة 369 هجرية وابن الجنيد المتوفى سنة 381 هجرية الدي والشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 هجرية والمدفون بالري، وغيرهم من كبار مشايخ الشيعة في الفقه والحديث. ونشطت في هذه الفترة حركة التأليف والبحث الفقهي وتدوين المجاميع الحديثية الموسعة كالكافي ومن لا يحضره الفقيه وغيرهما من المجاميع الحديثية..... ] (10)
وهكذا نشاهد أن هذه الحوزة خلفت نتاجات علمية كثيرة في تاريخ التشيع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة رياض المسائل: الشيخ محمد مهدي الاصفي، ج1 ص10، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم،.
(2) مقدمة شرح اللمعة الدمشقية: ج1 ص31 – 32.
(3) رجال النجاشي: ص40، ترجمة الحسن بن علي بن زياد الوشاء، رقم الترجمة 80.
(4) المعتبر:المحقق الحلي، ج1 ص26، مؤسسة سيد الشهداء ، قم، سنة الطبع 1364 ش.
(5) انظر مقدمة شرح اللمعة:ج1 ص43.
(6) انظر جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج1 ص13، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
(7) كتاب الغيبة: الشيخ الطوسي، ص390، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1، 1411هـ..
(8) انظر رياض المسائل:السيد علي الطباطبائي، ج1 ص28، مؤسسة النشر الإسلامي جامعة المدرسين، قم ط. 1 – 1412هـ
(9) شرح اللمعة الدمشقية:ج1 ص46.
(10) شرح اللمعة:ج1 ص47.
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2ـ حوزة الكوفة:وظهرت من أواسط القرن الثاني حياة الإمام الصادق عليه السلام واستمرت إلى الربع الأول من القرن الرابع(1).
ففي أخريات حياة الإمام الصادق عليه السلام انتقلت مدرسة الفقه الشيعي من المدينة إلى الكوفة، وبذلك بدأت حياة علمية جديدة في الكوفة، وكانت الكوفة حينذاك مركزاً صناعياً وفكرياً كبيراً للبعثات العلمية والتجارية، وقد هاجر إليها وفود الكوفة حين انتقل إليها الإمام الصادق عليه السلام وانتقلت مدرسة الفقه الشيعي من اكبر العواصم الإسلامية(2).
وذكر الوشاء طرفاً من المد العلمي في الكوفة بقوله:«أدركت في هذا المسجد ـ مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد». (3) وأكثر من ذلك ذكره المحقق الحلي في المعتبر بقوله: وروى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل، وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخيه بكير وحمران، وجميل بن دراج، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية والهاشميين، وأبي بصير وغيرهم(4).
ففي هذه المدرسة تعلم جل علماء المسلمين ورواد الحركات العلمية من الشيعة وغيرهم، وقد برزت التخصصات العلمية آنذاك بفضل ما بذله أئمة أهل البيت عليهم السلام حتى نبغ علماء كبار مثل أبان بن تغلب في الفقه والحديث، وهشام بن الحكم في الكلام، ومحمد بن مسلم في الحديث والتفسير، وجابر بن حيان في الكيمياء، ويونس بن عبدالرحمن وتلميذه الفضل بن شاذان في الفقه، إلى غير ذلك من الفروع العلمية وهكذا أنجبت هذه الحوزة كبار مشايخ الشيعة آنذاك، وكان لها دور في نشر المعارف الإسلامية.
3ـ حوزة قم والري:ظهرت هذه الحوزة في الربع الأول من القرن الرابع واستمرت إلى النصف الأول من القرن الخامس. ففي [هذه الفترة انتقلت حركة التدريس والكتابة والبحث إلى مدينتي (قم والري) وظهر في هذه الفترة شيوخ كبار من أساتذة الفقه الشيعي في مدينتي قم والري كان لهم اكبر الأثر في تطوير الفقه الشيعي](5).
والظاهر أن الزعامة الدينية قد انتقلت إلى ابن أبي عقيل العماني شيخ فقهاء الشيعة بعد الغيبة الصغرى حيث أدرك السمري أخر السفراء الأربعة وعاصر الكليني والصدوق علي بن بابويه، وقد استجازه جعفر بن قولويه صاحب كامل الزيارة المتوفى 368(6).
فقد كانت قم منذ أيام الأئمة عليهم السلام مدينة معروفة بولائها وانتمائها لأهل البيت عليهم السلام ومن أمهات المدن الشيعية، وكانت حصناً من حصون الشيعة، وعشاً لآل محمد وقد كان أحد أسباب انتقال مدرسة أهل البيت من العراق إلى إيران هو المعاملة القاسية التي كان يلاقيها [فقهاء الشيعة وعلماؤهم من العباسيين، فقد كانوا يطاردون من يعرف بولائه لأهل البيت عليهم السلام بمختلف ألوان الأذى والتهمة. فالتجأ فقهاء الشيعة وعلماؤها إلى قم والري ووجدوا في هاتين البلدتين ركناً آمناً يطمئنون إليه لنشر فقه أهل البيت عليهم السلام وحديثهم].
[ويظهر أن قم أوان عصر الغيبة وعهد نيابة النواب الأربعة كانت حافلة بعلماء الشيعة وفقهائها] يقول الشيخ في كتاب الغيبة: أنفذ الشيخ حسين بن روح رضي الله تعالى عنه كتاب التأديب إلى قم، وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: انظروا ما في هذا الكتاب، وانظروا هل فيه شيء يخالفكم؟ (7)
[وهذه الرواية التاريخية تدل على أن قم كانت في عهد حسين بن روح مركزاً فقهياً حافلاً بالفقهاء بحيث يراجعها الشيخ حسين بن روح نائب الإمام الخاص عجل الله تعالى فرجه ويعرض عليهم رسالة التأديب لينظروا فيها]. (8)
[ويكفي للدلالة على ضخامة مدرسة قم أن نذكر ما نقله العلامة الحلي رحمه الله في شرحه على من لا يحضره الفقيه حيث قال: [إن في زمان علي بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفى سنة 329 كان في قم من المحدثين مائتا ألف رجل] ووصفها الحسن بن محمد بن الحسن القمي المتوفى سنة 378 هـ في كتاب خاص ننقل عناوين أبواب منه ليلمس القارئ سعة هذه المدرسة وضخامتها في القرن الرابع وهو العصر الذي نتحدث عنه.
قال في الباب السادس عشر في ذكر أسماء بعض علماء قم، وشيء من تراجمهم، وعدد الشيعة منهم 266 شخصاً، وعدد العامة 14 شخصاً، مع ذكر مصنفات كل واحد منهم ومروياته وما يتعلق بذلك. وهذه الكلمات تدل على أن مدرسة قم كانت في هذه الفترة من أوسع المدارس الشيعية في الفقه والحديث وأضخمها، وكانت تضم مئات المدارس والمساجد والمكاتب، وندوات البحث والمناقشة ومجالس الدرس والمذاكرة](9).
[ومهما يكن من أمر فقد حفلت قم والري في هذه الفترة (القرن الرابع الهجري) بشيوخ كبار في الفقه والحديث أمثال: الشيخ الكليني المتوفى سنة 329 هـ وابن بابويه والد الصدوق، وابن قولويه أستاذ الشيخ المفيد، المتوفى سنة 369 هجرية وابن الجنيد المتوفى سنة 381 هجرية الدي والشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 هجرية والمدفون بالري، وغيرهم من كبار مشايخ الشيعة في الفقه والحديث. ونشطت في هذه الفترة حركة التأليف والبحث الفقهي وتدوين المجاميع الحديثية الموسعة كالكافي ومن لا يحضره الفقيه وغيرهما من المجاميع الحديثية..... ] (10)
وهكذا نشاهد أن هذه الحوزة خلفت نتاجات علمية كثيرة في تاريخ التشيع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة رياض المسائل: الشيخ محمد مهدي الاصفي، ج1 ص10، تحقيق ونشر مؤسسة النشر الإسلامي، قم،.
(2) مقدمة شرح اللمعة الدمشقية: ج1 ص31 – 32.
(3) رجال النجاشي: ص40، ترجمة الحسن بن علي بن زياد الوشاء، رقم الترجمة 80.
(4) المعتبر:المحقق الحلي، ج1 ص26، مؤسسة سيد الشهداء ، قم، سنة الطبع 1364 ش.
(5) انظر مقدمة شرح اللمعة:ج1 ص43.
(6) انظر جامع المقاصد: المحقق الكركي، ج1 ص13، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
(7) كتاب الغيبة: الشيخ الطوسي، ص390، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1، 1411هـ..
(8) انظر رياض المسائل:السيد علي الطباطبائي، ج1 ص28، مؤسسة النشر الإسلامي جامعة المدرسين، قم ط. 1 – 1412هـ
(9) شرح اللمعة الدمشقية:ج1 ص46.
(10) شرح اللمعة:ج1 ص47.