عبد الجبار سبتي
19-11-2009, 09:08 PM
ديمقرطيتنا المشوهة
عبد الجبار سبتي
يطمح الكثير من العراقيين اليوم الى تغيير واقعهم , ويضعون الامال الكبيرة في الانتخابات القادمة , ليكملوا مسيرة بدأت قبل اربع سنوات , تتيح لهم اختيار ممثليهم في البرلمان , اللذين بدورهم سينتخبون حكومة تحكم لاربع سنوات اخرى , الا ان العراقيين لا يخفون شعورهم بالخوف من عدم حصول تغيير على نمط حياتهم المأساوية التي حصرت بين مطرقة الارهاب وسندان سوء الخدمات والفساد الاداري والمالي في الاجهزة الحكومية , بينما انشغل اعضاء البرلمان بالحصول على اعلى الفوائد والمكاسب لهم ولعوائلهم , والخوف هذا متاتي اساسا من ان الديمقراطية في العراق ما زالت وليدة ويشوبها الكثير من التشويه والاخطاء , فالمشكلة تكمن اساسا في النظام المتبع , وكما هو معروف فأن للديمقراطية اركان تبنى عليها , فاذا ما اصاب الخلل احد تلك الاركان , اصيب البناء كله بالخلل , فما بالك والديمقراطية العراقية مصابة بالخلل في معظم اركانها , واذا ما تجاوزنا الاسباب المسببة لهذا الخلل وذلك التشوه , فالنتيجة واحدة وهي ان هناك خلل في المرتكزات او الاسس , ففي جميع الدول الديمقراطية تستطيع بكل سهولة ان تميز بين الاحزاب الحاكمة والاحزاب المعارضة , وذلك من خلال سلوكيات تلك الاحزاب ومدى تجانس برامجها مع برنامج الحكومة , الا اننا لا يمكننا ابدا التمييز بين الاحزاب الحاكمة او المعارضة في الديمقراطية العراقية , اما اذا وجدت تلك الاحزاب المعارضة , فأن برنامجها لا يقل ابدا عن نسف العملية السياسية ككل , وما سبق يمثل ركن من اركان الديمقرطية , نراه مشوها , فبدلا من ان تمثل الاحزاب المعارضة دور الرقابة على الاداء الحكومي , نراها تمثل دور الابتزاز للحكومة , او التشويه , او تستخدم سياسة (تبادل المنافع) .
هناك ركن اخر مهم وهو منظمات المجتمع المدني وما تمثله هذه المنظمات من حلقة وصل بين الطبقة الحاكمة والشعب لتقريب الصور , ومعالجة ما لا يمكن للحكومة معالجته من مشاكل , لكننا لا نرى اي دور حقيقي لمثل هذه المنظمات في الديمقراطية العراقية , غير صور كارتونية هشة لمنظمات لا تمتلك ادنى المتطلبات الضرورية لممارسة اعمالها , فلا تمويل حكومي او خاص يكفي , ولا كادر مؤهل , ولا حتى اسس تمكن هذه المنظمات من العمل وتحميها , وكمثال على ذلك , منظمات حماية المستهلك , او معاهد تدريس ونشر الديمقراطية , او منظمات حماية الحقوق بمختلف عناوينها , نعم هناك القليل من هذه المنظمات التي يمكن ان يعول عليها , ولكنها ايضا تفتقر الى التمويل والكادر والبرنامج , اما الغالبية العظمى فهي واجهات لاحزاب تسيطر عليها , تعمل ضمن ايديولوجية الحزب , وليس ضمن فكر وبرنامج حر .
اما الركن الاهم في النظم الديمقراطية , فهو الاعلام , وهذا الركن ايضا اصابه التسييس والتشويه ,وابتعد كثيرا عن مهمته الاساسية الكبيرة في بناء الفكر الديمقراطي , وتنمية السلوك الديمقراطي للمجتمع , فالاعلام هو الواجهة الحقيقية لاي مجتمع , وهو الداينمو والمحرك الاساسي للشارع , وهو الرقابة الكبرى للشعب على الحكومة , وهو الاساس الذي يبني عليه الشعب افكاره ورؤاه , لكننا نرى الاعلام اليوم اعلاما مسييسا وليس اعلاما حرا , لذلك فهو اعلام مشوه , وركيزة اخرى من ركائز الديمقراطية المشوهة , التي تمارس اليوم , وخلاصة القول ان للعراقيين اليوم الكثير مما يبرر خشيتهم من بقاء الاوضاع على حالها حتى وان تغييرت الاسماء والعناويين ,والسبب هو التشوه في البناء الدمقراطي, فالتغيير الاساسي والجوهري يجب ان يكون تغييرا فكريا سلوكيا بأتجاه الديمقراطية الحقيقية , ومرتكزاتها , واسس بناءها , وفي اعتقادي الشخصي ان ذلك المطلب صعب على العراقيين القيام به بمفردهم من غير مساعدة العالم الحر والمتقدم لهم ليتمكنوا من اجتياز الكثير من العقبات التي تتمثل اخطرها بالارهاب والتدخلات الاقليمية في بلدهم من جهة واحزاب راديكالية فاسدة متنفذة من جهة اخرى , هاتان هما العقبتان الرئيسيتان التي تقف بوجه العراقيين من الوصول الى حلمهم في حكم انفسهم بأنفسهم من خلال اختار طبقة سياسية تنتهج الايثار على المصالح الشخصية , ومن خلال تطوير ودعم منظمات حرة تمثل مجتمعا مدنيا حقيقيا , ومن خلال اعلام حر يكشف للناس من هو الغث ومن هو السمين , ورغم ان العراقيين لا يخفون خشيتهم الا انهم مصرون وبشدة على الادلاء باصواتهم ليواصلوا مسيرتهم .
عبد الجبار سبتي
يطمح الكثير من العراقيين اليوم الى تغيير واقعهم , ويضعون الامال الكبيرة في الانتخابات القادمة , ليكملوا مسيرة بدأت قبل اربع سنوات , تتيح لهم اختيار ممثليهم في البرلمان , اللذين بدورهم سينتخبون حكومة تحكم لاربع سنوات اخرى , الا ان العراقيين لا يخفون شعورهم بالخوف من عدم حصول تغيير على نمط حياتهم المأساوية التي حصرت بين مطرقة الارهاب وسندان سوء الخدمات والفساد الاداري والمالي في الاجهزة الحكومية , بينما انشغل اعضاء البرلمان بالحصول على اعلى الفوائد والمكاسب لهم ولعوائلهم , والخوف هذا متاتي اساسا من ان الديمقراطية في العراق ما زالت وليدة ويشوبها الكثير من التشويه والاخطاء , فالمشكلة تكمن اساسا في النظام المتبع , وكما هو معروف فأن للديمقراطية اركان تبنى عليها , فاذا ما اصاب الخلل احد تلك الاركان , اصيب البناء كله بالخلل , فما بالك والديمقراطية العراقية مصابة بالخلل في معظم اركانها , واذا ما تجاوزنا الاسباب المسببة لهذا الخلل وذلك التشوه , فالنتيجة واحدة وهي ان هناك خلل في المرتكزات او الاسس , ففي جميع الدول الديمقراطية تستطيع بكل سهولة ان تميز بين الاحزاب الحاكمة والاحزاب المعارضة , وذلك من خلال سلوكيات تلك الاحزاب ومدى تجانس برامجها مع برنامج الحكومة , الا اننا لا يمكننا ابدا التمييز بين الاحزاب الحاكمة او المعارضة في الديمقراطية العراقية , اما اذا وجدت تلك الاحزاب المعارضة , فأن برنامجها لا يقل ابدا عن نسف العملية السياسية ككل , وما سبق يمثل ركن من اركان الديمقرطية , نراه مشوها , فبدلا من ان تمثل الاحزاب المعارضة دور الرقابة على الاداء الحكومي , نراها تمثل دور الابتزاز للحكومة , او التشويه , او تستخدم سياسة (تبادل المنافع) .
هناك ركن اخر مهم وهو منظمات المجتمع المدني وما تمثله هذه المنظمات من حلقة وصل بين الطبقة الحاكمة والشعب لتقريب الصور , ومعالجة ما لا يمكن للحكومة معالجته من مشاكل , لكننا لا نرى اي دور حقيقي لمثل هذه المنظمات في الديمقراطية العراقية , غير صور كارتونية هشة لمنظمات لا تمتلك ادنى المتطلبات الضرورية لممارسة اعمالها , فلا تمويل حكومي او خاص يكفي , ولا كادر مؤهل , ولا حتى اسس تمكن هذه المنظمات من العمل وتحميها , وكمثال على ذلك , منظمات حماية المستهلك , او معاهد تدريس ونشر الديمقراطية , او منظمات حماية الحقوق بمختلف عناوينها , نعم هناك القليل من هذه المنظمات التي يمكن ان يعول عليها , ولكنها ايضا تفتقر الى التمويل والكادر والبرنامج , اما الغالبية العظمى فهي واجهات لاحزاب تسيطر عليها , تعمل ضمن ايديولوجية الحزب , وليس ضمن فكر وبرنامج حر .
اما الركن الاهم في النظم الديمقراطية , فهو الاعلام , وهذا الركن ايضا اصابه التسييس والتشويه ,وابتعد كثيرا عن مهمته الاساسية الكبيرة في بناء الفكر الديمقراطي , وتنمية السلوك الديمقراطي للمجتمع , فالاعلام هو الواجهة الحقيقية لاي مجتمع , وهو الداينمو والمحرك الاساسي للشارع , وهو الرقابة الكبرى للشعب على الحكومة , وهو الاساس الذي يبني عليه الشعب افكاره ورؤاه , لكننا نرى الاعلام اليوم اعلاما مسييسا وليس اعلاما حرا , لذلك فهو اعلام مشوه , وركيزة اخرى من ركائز الديمقراطية المشوهة , التي تمارس اليوم , وخلاصة القول ان للعراقيين اليوم الكثير مما يبرر خشيتهم من بقاء الاوضاع على حالها حتى وان تغييرت الاسماء والعناويين ,والسبب هو التشوه في البناء الدمقراطي, فالتغيير الاساسي والجوهري يجب ان يكون تغييرا فكريا سلوكيا بأتجاه الديمقراطية الحقيقية , ومرتكزاتها , واسس بناءها , وفي اعتقادي الشخصي ان ذلك المطلب صعب على العراقيين القيام به بمفردهم من غير مساعدة العالم الحر والمتقدم لهم ليتمكنوا من اجتياز الكثير من العقبات التي تتمثل اخطرها بالارهاب والتدخلات الاقليمية في بلدهم من جهة واحزاب راديكالية فاسدة متنفذة من جهة اخرى , هاتان هما العقبتان الرئيسيتان التي تقف بوجه العراقيين من الوصول الى حلمهم في حكم انفسهم بأنفسهم من خلال اختار طبقة سياسية تنتهج الايثار على المصالح الشخصية , ومن خلال تطوير ودعم منظمات حرة تمثل مجتمعا مدنيا حقيقيا , ومن خلال اعلام حر يكشف للناس من هو الغث ومن هو السمين , ورغم ان العراقيين لا يخفون خشيتهم الا انهم مصرون وبشدة على الادلاء باصواتهم ليواصلوا مسيرتهم .