نووورا انا
07-12-2009, 02:45 AM
المرجع الشيرازي: الغدير ثقافة ومسؤولية وليست واقعة تاريخية فحسب
http://www.annabaa.org/nbanews/2009/12/Images/050.jpg
- كل واحد منّا مسؤول تجاه نشر مبادئ الغدير في المجتمع وهي العدالة والفضيلة والرفاه، وهي مسؤولية عقلية، عقلائية، شرعية.
- المجتمع بحاجة إلى التربية وليس الانتقام، وبحاجة إلى الفضيلة لا التكبّر، وبحاجة إلى العدالة وليس الظلم، وبحاجة إلى أن يعيش برفاه، وهذه الأمور إن توفّرت فسيصلح المجتمع وتقلّ المظالم فيه.
شبكة النبأ: قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله،" إن الغدير ثقافة ومسؤولية وليست واقعة تاريخية فحسب. وهذا الأمر نفهمه من خلال التعبير الدقيق والعميق للقرآن الكريم حول الغدير، وهو تعبير استثنائي لا يوجد نظير له في القرآن من جهات متعددة، وهي الآية الشريفة: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً»".
وأضاف سماحته،" إن الدين أي الصلاة والصوم والحجّ وباقي العبادات وأحكام المعاملات كل ذلك كان موجوداً قبل الغدير ولكنه كان ناقصاً فكملَ بيوم الغدير. وقبل الغدير كانت النعمة موجودة وهي شخصية النبي الأعظم وقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وآله ولكنها كانت غير تامة، فتمت بإعلان ولاية الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في غدير خم. بحسب موقع الرسول الاكرم.
جاء ذلك خلال تطرُّق المرجع الشيرازي دام ظله في درسه (خارج الفقه) في مسجد الإمام زين العابدين صلوات الله عليه بمدينة قم المقدسة، صباح يوم الأربعاء الموافق للرابع عشر من شهر ذي الحجّة الحرام 1430 للهجرة، إلى قرب حلول ذكرى عيد الغدير الأغرّ، فألقى كلمة قيّمة، جاء فيها:
هذه الأيام هي أيام مباركة، وهي أيام أكبر أعياد الإسلام وهو عيد الغدير الأغرّ. وكل واحد منّا مسؤول تجاه نشر مبادئ الغدير في المجتمع وهي العدالة والفضيلة والرفاه، كل حسب قدرته وفهمه وعلمه، وهي مسؤولية عقلية، عقلائية، ومسؤولية شرعية.
وقال سماحته: هناك زيارة مأثورة للإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه في يوم الغدير زاره بها الإمام الهادي سلام الله عليه ورواها الإمام الحسن العسكري عن أبيه الإمام الهادي صلوات الله عليهما. في هذه الزيارة يخاطب الإمام الهادي صلوات الله عليه فيها جدّه الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقوله: «وَحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَواهِبِ الله لَك». فما هي تلك المواهب التي حيل بينها وبين تطبيق الإمام لها في الأمّة؟ أحيل بينه وبين مواهب الله تعالى للإمام صلوات الله عليه وهي علم الإمام، وأخلاقه، ومقامه وزهده، وعبادته؟
كلاّ، فكلّ هذه ثابتة له، ولم يستطع أحد أن يحول بينها وبين الإمام صلوات الله عليه.
لقد حيل بين الإمام سلام الله عليه وبين مواهبه الإلهيّة، أي منعوه من تطبيق ما وهبه الله تعالى له في إدارة شؤون الأمّة. وهذه الحيلولة قد أضرّت بالمسلمين أنفسهم.
فلو لم يُقْصَ سلام الله عليه وسُمح له بأن يحكم الأمّة مباشرة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله لكانت حكومته امتداداً كاملاً ودقيقاً لحكومة النبي صلى الله عليه وآله، وهذا معناه أنّ كلّ حالات العدل والفضيلة والرفاه التي كانت ستقام منذ ذلك اليوم كان نفعها يعود للأمّة؛ وتلك هي مواهب الله تعالى التي وهبها كلّها للإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه.
وقال سماحته: إن الغدير ثقافة ومسؤولية وليست واقعة تاريخية فحسب. وهذا الأمر نفهمه من خلال التعبير الدقيق والعميق للقرآن الكريم حول الغدير، وهو تعبير استثنائي لا يوجد نظير له في القرآن من جهات متعددة، وهي الآية الشريفة: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً»، وقد ذكر الخاصّة والعامّة في كتب التفسير والحديث والتاريخ بأن هذه الآية نزلت في يوم غدير خم في الثامن عشر من شهر ذي الحجّة الحرام سنة عشر للهجرة. علماً أن الغدير بدأ من أوائل البعثة أي من حادثة الدار، لكن الأعلان العام عنه كان في يوم غدير خم.
إن الدين أي الصلاة والصوم والحجّ وباقي العبادات وأحكام المعاملات كل ذلك كان موجوداً قبل الغدير ولكنه كان ناقصاً فكمل بيوم الغدير. وقبل الغدير كانت النعمة موجودة وهي شخصية النبي الأعظم وقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وآله ولكنها كانت غير تامة، فتمت بإعلان ولاية الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في غدير خم.
كما ان الله تبارك وتعالى لم يقل بأن الإسلام كان موجوداً فكمل وتم بل قال تعالى: «ورضيت لكم الإسلام ديناً» بيوم الغدير.
وأوضح سماحته: إن الإسلام مركب ارتباطي، فعدم وجود جزء منه يساوي عدم وجود باقي الأجزاء. فـ(أشهد لا إله إلاّ الله) جزء، و(أشهد أن محمداً رسول الله) جزء، و(أشهد أن عليّاً وليّ الله جزء) وعدم وجود أي جزء من ذلك يعني عدم وجود الباقي. فالتوحيد (أي لا إله إلاّ الله) هو أساس الإسلام كان موجوداً قبل الغدير، ولكن وجوده بدون الغدير يعني كالشجرة التي لها جذور وجذع وأغصان ولكنها بلا ثمار.
وأشار سماحته إلى نتائج إقصاء الغدير وقال: لقد بيّنت مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها في خطبتها الشريفة التبعات والمساوئ التي ستلحق القوم بإقصائهم الغدير وإقصائهم مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن الخلافة بقولها صلوات الله عليها: «ثمَّ احْتلِبوا ملء القعْبِ دَماً عَبيطاً»، فانظروا ماذا حلّ بالأمة بعد إقصاء الغدير من الجرائم والويلات والمآسي التي ارتكبها ممن سمّوا أنفسهم بأنهم خلفاء الرسول، وحكموا بإسم الإسلام وهم حكّام بني أمية وبني العباس والعثمانيين.
وذكر سماحته نماذج من جرائم الحكّام الذين حكموا باسم الإسلام كجرائم معاويه وعمّاله وغيرهم، وقال: ذكر التاريخ أن أحد الحكّام في إحدى بلاد المسلمين انزعج من أمر ما فقتل في يوم واحد ألفي شخص وكان ذلك في شهر رمضان.
كما ذكروا أن امرأة ما قامت بعمل لم يرضي الحاكم، فأمر الأخير بأن تعرّى من ملابسها، ويشدّوا يديها ويربطوا رجليها بذيل الحصان، ويدعوا الحصان يركض بها إلى أن تموت.
وأردف سماحته: إن هذه الجرائم وأمثالها، كلها قد ارتكبت باسم الإسلام، وهدم مراقد البقيع تم أيضاً باسم الإسلام، وتفجير الروضة العسكرية تم باسم الإسلام، فالمرتكب لهذه الجرائم ونظيره الذي يفجّر نفسه بين الأبرياء بحزام ناسف أو بسيارة مفخخة يبدأ فعلته النكراء بنداء «الله أكبر»، فهل هذا منطق الإسلام؟ وهل هذه الأفعال من الفضيلة والعدالة وداعية إلى الرفاه؟
إن المسيحي أو اليهودي أو البوذي أو المجوسي أو العلماني إذا رأى هذه الأفعال المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى الإسلام، فهل سيقبل بالإسلام ديناً، وهل من الصحيح أن يُراد منه أن يقبل هكذا إسلام؟
وقال سماحته مبيّناً صورة الإسلام الحقيقي المتمثل بإسلام رسول الله وأهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، وصورة عن أحد أفعال الذين أقصوا الغدير من بني أمية، وقال: إن مالك الأشتر النخعي رضوان الله عليه تربّى في مدرسة الغدير على يدي الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه. وقد نقلوا عن أحواله: ذات يوم كان مالك يمرّ في إحدى أزقة الكوفة، فاستهزأ به أحد الأشخاص ورمى عليه شيئاً من الأوساخ ولم يكن يعرفه، فقيل له ويحك إنه مالك الأشتر النخعي صاحب علي بن أبي طالب، فخاف الرجل واضطرب، فطفق يتبع أثر مالك، فوجد أن مالك قد دخل المسجد، فدخل أثره، وبدأ يعتذر منه، فقال له مالك: والله ما أتيت المسجد إلاّ لأصلي ركعتين قربة إلى الله تعالى ليغفر لك ما بدر منك تجاهي. وهذه هي تربية الغدير.
أما عن الذين أقصوا الغدير، فقد ذكر التاريخ أن زياد بن أبيه عامل معاوية على البصرة عند دخوله ذات مرّة في مسجد بالبصرة رماه بعض الحاضرين بالحصى، فأمر جلاوزته أن يغلقوا أبواب المسجد كلّها وأن لا يسمحوا بخروج أحد، ثم أمر بقطع أيدي الحاضرين كلّهم، فجمعت في ساحة المسجد ثمانين يداً.
وشدّد سماحته قائلاً: إن المجتمع بحاجة إلى التربية وليس الانتقام، وبحاجة إلى الفضيلة لا التكبّر، وبحاجة إلى العدالة وليس الظلم، وبحاجة إلى أن يعيش برفاه، وهذه الأمور إن توفّرت في المجتمع فسيصلح وتقلّ المظالم فيه وتنعدم.
وأكّد دام ظله: إن العدالة والفضيلة والرفاه، كل ذلك لا يتحقق في العالم وفي المجتمع إلاّ بالعمل بسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وبسيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبمبادئ الغدير. فدنيا اليوم تنعم بنسبة من الحرية فيجب تعريف مبادئ الغدير، وهذه مسؤولية الجميع، وهي على أهل العلم مسؤولية أكبر، وبحاجة إلى الهمة. فيجدر بالجميع أن يقوموا بأعباء هذه المسؤولية الكبيرة والمهمة وأن لا يقصّروا في ذلك.
.................................................. ................................
الهوامش/
1) بحار الأنوار/ ج97/ باب 5 زياراته صلوات الله عليه المختصّة بالأيام و.../ ص361.
2) سورة المائدة: الآية 3.
3) الاحتجاج/ ج1/ احتجاج فاطمة الزهراء صلوات الله عليها على القوم و.../ ص108.
http://www.annabaa.org/nbanews/2009/12/Images/050.jpg
- كل واحد منّا مسؤول تجاه نشر مبادئ الغدير في المجتمع وهي العدالة والفضيلة والرفاه، وهي مسؤولية عقلية، عقلائية، شرعية.
- المجتمع بحاجة إلى التربية وليس الانتقام، وبحاجة إلى الفضيلة لا التكبّر، وبحاجة إلى العدالة وليس الظلم، وبحاجة إلى أن يعيش برفاه، وهذه الأمور إن توفّرت فسيصلح المجتمع وتقلّ المظالم فيه.
شبكة النبأ: قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله،" إن الغدير ثقافة ومسؤولية وليست واقعة تاريخية فحسب. وهذا الأمر نفهمه من خلال التعبير الدقيق والعميق للقرآن الكريم حول الغدير، وهو تعبير استثنائي لا يوجد نظير له في القرآن من جهات متعددة، وهي الآية الشريفة: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً»".
وأضاف سماحته،" إن الدين أي الصلاة والصوم والحجّ وباقي العبادات وأحكام المعاملات كل ذلك كان موجوداً قبل الغدير ولكنه كان ناقصاً فكملَ بيوم الغدير. وقبل الغدير كانت النعمة موجودة وهي شخصية النبي الأعظم وقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وآله ولكنها كانت غير تامة، فتمت بإعلان ولاية الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في غدير خم. بحسب موقع الرسول الاكرم.
جاء ذلك خلال تطرُّق المرجع الشيرازي دام ظله في درسه (خارج الفقه) في مسجد الإمام زين العابدين صلوات الله عليه بمدينة قم المقدسة، صباح يوم الأربعاء الموافق للرابع عشر من شهر ذي الحجّة الحرام 1430 للهجرة، إلى قرب حلول ذكرى عيد الغدير الأغرّ، فألقى كلمة قيّمة، جاء فيها:
هذه الأيام هي أيام مباركة، وهي أيام أكبر أعياد الإسلام وهو عيد الغدير الأغرّ. وكل واحد منّا مسؤول تجاه نشر مبادئ الغدير في المجتمع وهي العدالة والفضيلة والرفاه، كل حسب قدرته وفهمه وعلمه، وهي مسؤولية عقلية، عقلائية، ومسؤولية شرعية.
وقال سماحته: هناك زيارة مأثورة للإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه في يوم الغدير زاره بها الإمام الهادي سلام الله عليه ورواها الإمام الحسن العسكري عن أبيه الإمام الهادي صلوات الله عليهما. في هذه الزيارة يخاطب الإمام الهادي صلوات الله عليه فيها جدّه الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقوله: «وَحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَواهِبِ الله لَك». فما هي تلك المواهب التي حيل بينها وبين تطبيق الإمام لها في الأمّة؟ أحيل بينه وبين مواهب الله تعالى للإمام صلوات الله عليه وهي علم الإمام، وأخلاقه، ومقامه وزهده، وعبادته؟
كلاّ، فكلّ هذه ثابتة له، ولم يستطع أحد أن يحول بينها وبين الإمام صلوات الله عليه.
لقد حيل بين الإمام سلام الله عليه وبين مواهبه الإلهيّة، أي منعوه من تطبيق ما وهبه الله تعالى له في إدارة شؤون الأمّة. وهذه الحيلولة قد أضرّت بالمسلمين أنفسهم.
فلو لم يُقْصَ سلام الله عليه وسُمح له بأن يحكم الأمّة مباشرة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله لكانت حكومته امتداداً كاملاً ودقيقاً لحكومة النبي صلى الله عليه وآله، وهذا معناه أنّ كلّ حالات العدل والفضيلة والرفاه التي كانت ستقام منذ ذلك اليوم كان نفعها يعود للأمّة؛ وتلك هي مواهب الله تعالى التي وهبها كلّها للإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه.
وقال سماحته: إن الغدير ثقافة ومسؤولية وليست واقعة تاريخية فحسب. وهذا الأمر نفهمه من خلال التعبير الدقيق والعميق للقرآن الكريم حول الغدير، وهو تعبير استثنائي لا يوجد نظير له في القرآن من جهات متعددة، وهي الآية الشريفة: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً»، وقد ذكر الخاصّة والعامّة في كتب التفسير والحديث والتاريخ بأن هذه الآية نزلت في يوم غدير خم في الثامن عشر من شهر ذي الحجّة الحرام سنة عشر للهجرة. علماً أن الغدير بدأ من أوائل البعثة أي من حادثة الدار، لكن الأعلان العام عنه كان في يوم غدير خم.
إن الدين أي الصلاة والصوم والحجّ وباقي العبادات وأحكام المعاملات كل ذلك كان موجوداً قبل الغدير ولكنه كان ناقصاً فكمل بيوم الغدير. وقبل الغدير كانت النعمة موجودة وهي شخصية النبي الأعظم وقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وآله ولكنها كانت غير تامة، فتمت بإعلان ولاية الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في غدير خم.
كما ان الله تبارك وتعالى لم يقل بأن الإسلام كان موجوداً فكمل وتم بل قال تعالى: «ورضيت لكم الإسلام ديناً» بيوم الغدير.
وأوضح سماحته: إن الإسلام مركب ارتباطي، فعدم وجود جزء منه يساوي عدم وجود باقي الأجزاء. فـ(أشهد لا إله إلاّ الله) جزء، و(أشهد أن محمداً رسول الله) جزء، و(أشهد أن عليّاً وليّ الله جزء) وعدم وجود أي جزء من ذلك يعني عدم وجود الباقي. فالتوحيد (أي لا إله إلاّ الله) هو أساس الإسلام كان موجوداً قبل الغدير، ولكن وجوده بدون الغدير يعني كالشجرة التي لها جذور وجذع وأغصان ولكنها بلا ثمار.
وأشار سماحته إلى نتائج إقصاء الغدير وقال: لقد بيّنت مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها في خطبتها الشريفة التبعات والمساوئ التي ستلحق القوم بإقصائهم الغدير وإقصائهم مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن الخلافة بقولها صلوات الله عليها: «ثمَّ احْتلِبوا ملء القعْبِ دَماً عَبيطاً»، فانظروا ماذا حلّ بالأمة بعد إقصاء الغدير من الجرائم والويلات والمآسي التي ارتكبها ممن سمّوا أنفسهم بأنهم خلفاء الرسول، وحكموا بإسم الإسلام وهم حكّام بني أمية وبني العباس والعثمانيين.
وذكر سماحته نماذج من جرائم الحكّام الذين حكموا باسم الإسلام كجرائم معاويه وعمّاله وغيرهم، وقال: ذكر التاريخ أن أحد الحكّام في إحدى بلاد المسلمين انزعج من أمر ما فقتل في يوم واحد ألفي شخص وكان ذلك في شهر رمضان.
كما ذكروا أن امرأة ما قامت بعمل لم يرضي الحاكم، فأمر الأخير بأن تعرّى من ملابسها، ويشدّوا يديها ويربطوا رجليها بذيل الحصان، ويدعوا الحصان يركض بها إلى أن تموت.
وأردف سماحته: إن هذه الجرائم وأمثالها، كلها قد ارتكبت باسم الإسلام، وهدم مراقد البقيع تم أيضاً باسم الإسلام، وتفجير الروضة العسكرية تم باسم الإسلام، فالمرتكب لهذه الجرائم ونظيره الذي يفجّر نفسه بين الأبرياء بحزام ناسف أو بسيارة مفخخة يبدأ فعلته النكراء بنداء «الله أكبر»، فهل هذا منطق الإسلام؟ وهل هذه الأفعال من الفضيلة والعدالة وداعية إلى الرفاه؟
إن المسيحي أو اليهودي أو البوذي أو المجوسي أو العلماني إذا رأى هذه الأفعال المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى الإسلام، فهل سيقبل بالإسلام ديناً، وهل من الصحيح أن يُراد منه أن يقبل هكذا إسلام؟
وقال سماحته مبيّناً صورة الإسلام الحقيقي المتمثل بإسلام رسول الله وأهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، وصورة عن أحد أفعال الذين أقصوا الغدير من بني أمية، وقال: إن مالك الأشتر النخعي رضوان الله عليه تربّى في مدرسة الغدير على يدي الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه. وقد نقلوا عن أحواله: ذات يوم كان مالك يمرّ في إحدى أزقة الكوفة، فاستهزأ به أحد الأشخاص ورمى عليه شيئاً من الأوساخ ولم يكن يعرفه، فقيل له ويحك إنه مالك الأشتر النخعي صاحب علي بن أبي طالب، فخاف الرجل واضطرب، فطفق يتبع أثر مالك، فوجد أن مالك قد دخل المسجد، فدخل أثره، وبدأ يعتذر منه، فقال له مالك: والله ما أتيت المسجد إلاّ لأصلي ركعتين قربة إلى الله تعالى ليغفر لك ما بدر منك تجاهي. وهذه هي تربية الغدير.
أما عن الذين أقصوا الغدير، فقد ذكر التاريخ أن زياد بن أبيه عامل معاوية على البصرة عند دخوله ذات مرّة في مسجد بالبصرة رماه بعض الحاضرين بالحصى، فأمر جلاوزته أن يغلقوا أبواب المسجد كلّها وأن لا يسمحوا بخروج أحد، ثم أمر بقطع أيدي الحاضرين كلّهم، فجمعت في ساحة المسجد ثمانين يداً.
وشدّد سماحته قائلاً: إن المجتمع بحاجة إلى التربية وليس الانتقام، وبحاجة إلى الفضيلة لا التكبّر، وبحاجة إلى العدالة وليس الظلم، وبحاجة إلى أن يعيش برفاه، وهذه الأمور إن توفّرت في المجتمع فسيصلح وتقلّ المظالم فيه وتنعدم.
وأكّد دام ظله: إن العدالة والفضيلة والرفاه، كل ذلك لا يتحقق في العالم وفي المجتمع إلاّ بالعمل بسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وبسيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبمبادئ الغدير. فدنيا اليوم تنعم بنسبة من الحرية فيجب تعريف مبادئ الغدير، وهذه مسؤولية الجميع، وهي على أهل العلم مسؤولية أكبر، وبحاجة إلى الهمة. فيجدر بالجميع أن يقوموا بأعباء هذه المسؤولية الكبيرة والمهمة وأن لا يقصّروا في ذلك.
.................................................. ................................
الهوامش/
1) بحار الأنوار/ ج97/ باب 5 زياراته صلوات الله عليه المختصّة بالأيام و.../ ص361.
2) سورة المائدة: الآية 3.
3) الاحتجاج/ ج1/ احتجاج فاطمة الزهراء صلوات الله عليها على القوم و.../ ص108.