اتركيني
20-04-2007, 07:53 PM
تغيرت الحكاية في قرننا الجديد، وبفضل أدوات المعرفة وتكنولوجيات التطبيقات الحديثة تحول الكثير من الخيال الي واقع يثير دهشة جدتي..
ويدين العلم كثيرا لشطحات الخيال مثل رحلات جون فيرن في عالم البحار أو داخل جسم الإنسان أو غزو الفضاء وغيرها..
وربما تأثرت السياسة بعد أمير ميكيافيللي بذك أيضا، فهي في حاجة الي تقنيات القص والإثارة الدرامية، وحيث تتحول شطحات الخيال ومغامرات سينما هوليوود الي واقع ملموس.
النص الصورة كان بداية عصرنا الجديد، فلك الحرية ان تفتح التلفاز ومن ثم تأخذك الصورة ..ربما تري الصورة جميلة ولكن عندما تقترب تختلف وجهات النظـر..
وقد نتفق علي أن عالمنا الذي قفـز من المسموع الي المرئي مع! عالم الفضائيات طارحا ما يسمي حضارة الصورة قد تغير بشكل كبير.. يبدو مع الاقتراب من منمنمات الصـورة أنه قـد تراجعت قيم كثيرة منها الفكـر والعقـل، وظهـر بدلا منها الشكل والمظهر والإطار وحرية التجريب مع تداعيات التيارات النقـدية المحتلفة الحر منها وغيره..
ومع تيارات الوعي واللا وعي ما زال تفاوت التطـور التقني علميا وثقافيا بين عالمنا العربي والعالـم الحديث يلقي بظلاله الرمادية التي تتسع مع مرور سنوات ما بعـد حادثة الأبراج الأمريكية الشهيرة وذلك علي منطقتنا.. لقد أصبح الفارق كبير بين من يجلس الي صورة التلفاز ومن يستحضر صورة الكمبيوتر..
ونأتي إلي عالم الأدب بعـد أن خرجنا تاريخيا وجغرافيا من أبواب ثورة العلم والمعرفة الخلفية مع اصرارنا علي الاحتفاظ بخيالنا والحياة في عالم الاحلام، وذلك حيث يبدو ان نظريات الحداثة وما بعدها قد طرحت ظلالها بالعالم الغربي مع إبهار الصورة وصولا الي التفكيكيه وإعادة التكوين، ومع التناص والقدرات الخاصة والامكانات المتاحة يمكن اعادة التكوين عشرات المرات.. بينما كان العالم العربي ـ والذي اشتهر بأنه أمة صوتية ـ يحاول تطبيق نظريات ما قبل الحداثة ويتوقف فاغرا فاهه أمام البنوية.
ومع الغرام المفاجئ بين الأدب والسياسة وثقافة الصورةـ والتي توقفت عند شعر المديح والهجاء ثم ثقافة الانبطاح عندنا ـ كانت هذه النظريات في عالم السياسة في حاجة الي ميدان رماية لتطبيقها واخراجها من نطاق التخييل وربما الأسطورة والواقع الأدبي إلي العالم الآخـر، أو رؤية الصور عمليا لهذه النظريات..
ومع تسلل منمنمات الثقافة الغربية واسلوب حياتها ومنتجات التكنولوجيا الي حياتنا اليومية جاء عالمنا العربي وبنيوته الساكنة، وحيث موت المؤلف وسقوط النص بين براثن المتلقين ليشغل بقوة مركز الصدارة لتطبيقات عالم ما بعـد الحداثة، وتتم تجارب التفكيكية وإعادة تركيب النص في اكثر من منطقة باراضيه، مع انشغال مثقفوه بمعارك دون كيشوتيه حول الثنائيات الشهيرة مثل الدين والعلم، الأصالة والمعاصرة وغيرها..
مع الصراع بين الصورة والمونتاج كان ملعب السياسة وفن الممكن، وجاء دور التكنولوجيا والأدب ليقول كلمته، من الخيال الي الواقع، أو النظرية الأدبية والتطبيق السياسي.. وعشنا مغامرات عسكرية مع الصورة.
وقد يكون البعض قد مارس متعة حقيقية وصور المعارك الشرسة تنقلها الفضائيات كل ثانية، ويشارك في الحرب من منازلهم طارحا خياله الأدبي بين حبات اللب والسوداني، مشدوها بالشكل والإطار.. وربما تأذت مشاعر البعض ـ رغم المساحيق ـ مع انتهاكات حقوق الانسان وفضائح السجون وصور التعذيب بكل الألوان وقفزت دموع البعض الطبيعية من مكامنها.
لكن أبلغ الصور مابين التفكيكية والبنوية أو الواقع والنظرية من وجهة نظر أدب حضارة الصورة كانت تلك المفارقة لظلال الصورة والواقع ومع هذه اللمحة..
عشية حرب الخليج الأولي والانتصار لحرية الضعيف رفع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب كأسه عاليا تحية للعـرب الذين اطلقوا اسم بوش علي ابنائهم لتبدو ملامح الصورة أكثر بريقا في عيون المارينز وماكدونالد وهوليوود والطريق الممهد للشرق الجديد..
وسعت الادارة الامريكية لصنع نماذج عملية لتأكيد رؤية هؤلاء الثلاثة ، واختارت بتوصية من الأصدقاء حليفها السابق ـ لتبدو ملامح الصورة أكثر ضبابية ـ ليكون الانموذج .. وبالحرب علي العراق وتفكيكها وسجن ومحاكمة رئيسها السابق وذبحه في مناسبة خاصة جاء التجريب علي انماط متعددة..
كان الهدف ان تكون (نموذجا) اجتماعيا وسياسيا ، وحضاريا بالشكل الجديد للشعب العراقي (وكمقدمة لتعميم النموذج في المنطقة)..
وأيضا يكون الجزاء المماثل لمن يحاول تغيير الصورة..
واختلفت الصورة بعد حرب العراق وزينتها ما بين التزييف والمونتاج، وتعـددت وتنوعت المشاركات المحسوبة والعشوائية مع الموسيقي الصاخبة في تكوين ملامح الصورة.. والأمثلة التي تنقلها شاشات الفضائيات أو أدب حضارة الصورة ليست أدل من هـذه القصـة المخزونة بالذاكرة كما نقلتها وكالات الانباء لتكتمل الصورة:
هل أتاكم ـ مثلا ـ نبأ ـ الغلام العراقي أسامة نبيل (10 سنوات)..؟..
انه يفكر في ترك المدرسة وهجر التعليم..!!
.. لماذا...؟..
لأن ملامحه العامة تشبه ملامح جورج بوش الابن.. وهنا كانت المفارقة حيث تشابه الشكل واختلاف الاسم، وبمقتضى هذا التشابه أخذ أقران أسامة في المدرسة يطلقون عليه اسم بوش، والواضح ان هذه المرة كانت حالة رد فعل عكسي بخلاف حالة بوش الاب.. فامتلأ الغلام غيظا من إطلاق اسم بوش عليه. وفكر في هجر المدرسة والتعليم وقال:
«ما زال أبي يحاول إقناعي بالبقاء في المدرسة، لكن إصرار زملائي في المدرسة على إطلاق اسم بوش عليّ جعلني أشعر بالحزن ففضلت العزلة، وأفكر في ترك المدرسة لأن هذا الاسم أصبح ملتصقا بي وأتمنى الخلاص منه بأية وسيلة كانت..»!!
وبتكبير الصورة مع حالة استنساخ الاسم لشكل مستعار واتساع مدلولاتها الشكلية والجوهرية، يبدو حجم النحس للحداثة أكبر من المخطط له من جهة، وتطرح وجهة النظر الأخري نفسها بقوة تفوق المستهدف، وتتعدد القراءات مع الزوايا المختلفة للصور الجديدة، وكأن شخصيات الصورة تتحرك بمعـزل عن الكاميرا والقمر الصناعي ..
وعودة الى الأدب الورقي وتجارب الشخصيات غير النمطية وحرية الشخصيات في التمرد علي المؤلف .. ونظل نتساءل مع القراءة الأعمق للواقع ـ ومن قبلها معطيات التاريخ ـ هل ما زال العقل زينة مع ما سيحدث ـ بعد موت المؤلف ثم موت النص ـ ومع نبيل العربي أو المستقبل القريب
الغذامي: وإفقار المفاهيم(4)
فالكيفية التي وقع حسبها تلقف مقولة »موت المؤلف« في الراهن النقدي العربي تعبر, في حد ذاتها, عما مارسته تلك المقولة من جاذبية وفتنة في الدراسات التي استعارتها ووقعت في دائرة سحرها. لم تستقدم المقولة باعتبارها مفهوما له كثافته, وله حمله المعرفي, بل وقع التعامل معها على أنها لقية فريدة, لقية نفيسة, لقية لم تتولد عن النظر في النصوص الإبداعية والإصغاء إلى ما يعتمل في أقاصيها وأصقاعها من تنابذ بين رغبات المؤلف وشروط الفن, بل جاءت نتيجة ضربة حظ . فلا جهد ولا كد .لا تعب ولا رشح جبين.
يجسد كتاب عبد الله الغذامي ثقافة الأسئلة مثلا هذه الظاهرة. فلقد تشكلت المقالات التي ضمها كتاب الغذامي مأخوذة إلى حد الهوس بمقولة »موت المؤلف«. لذلك حفلت بمفاهيم من نوع »التفكيكية« وسالتشريحية سو »موت المؤلف« و»البنيوية« و»السيميولوجية« و»النصوصية«. ولذلك أيضا توهم المقالات بأنها منخرطة في الجدل النقدي العالمي, وبأنها لا تستقدم المفاهيم فحسب, بل تسهم في إثرائها وتأصيلها. لكن الناظر في كيفية تعامل المقالات مع تلك المفاهيم يلاحظ, في يسر, أن خطاب الغذامي يمحو كثافتها وي فقرها.
فالمفهوم يستقدم ويحول عن مقاديره. وإذا الحرص على تأصيله يصبح محوا لكثافته وتعطيلا لدلالاته. وطبيعي, بعد ذلك, أن يصبح حديث الخطاب النقدي العربي عن »موت المؤلف« في نصوص ترجع أغلب أسباب وهنها وضعفها إلى ما يمارسه المؤلف من سطوة على المتلقى ومن تعسف للكلام وامتهان للفن , محملا بالدلالات.
إنه أمارة على أن المفاهيم تشرع, لحظة استقدامها من أوطانها, في حبك مكائدها. وهو, في الآن نفسه, علامة على أن عملية نقل المفاهيم من ثقافة إلى أخرى لا يمكن أن تحصل على الت مام إلا متى حدث فعل تحويلها. (.......)
ويدين العلم كثيرا لشطحات الخيال مثل رحلات جون فيرن في عالم البحار أو داخل جسم الإنسان أو غزو الفضاء وغيرها..
وربما تأثرت السياسة بعد أمير ميكيافيللي بذك أيضا، فهي في حاجة الي تقنيات القص والإثارة الدرامية، وحيث تتحول شطحات الخيال ومغامرات سينما هوليوود الي واقع ملموس.
النص الصورة كان بداية عصرنا الجديد، فلك الحرية ان تفتح التلفاز ومن ثم تأخذك الصورة ..ربما تري الصورة جميلة ولكن عندما تقترب تختلف وجهات النظـر..
وقد نتفق علي أن عالمنا الذي قفـز من المسموع الي المرئي مع! عالم الفضائيات طارحا ما يسمي حضارة الصورة قد تغير بشكل كبير.. يبدو مع الاقتراب من منمنمات الصـورة أنه قـد تراجعت قيم كثيرة منها الفكـر والعقـل، وظهـر بدلا منها الشكل والمظهر والإطار وحرية التجريب مع تداعيات التيارات النقـدية المحتلفة الحر منها وغيره..
ومع تيارات الوعي واللا وعي ما زال تفاوت التطـور التقني علميا وثقافيا بين عالمنا العربي والعالـم الحديث يلقي بظلاله الرمادية التي تتسع مع مرور سنوات ما بعـد حادثة الأبراج الأمريكية الشهيرة وذلك علي منطقتنا.. لقد أصبح الفارق كبير بين من يجلس الي صورة التلفاز ومن يستحضر صورة الكمبيوتر..
ونأتي إلي عالم الأدب بعـد أن خرجنا تاريخيا وجغرافيا من أبواب ثورة العلم والمعرفة الخلفية مع اصرارنا علي الاحتفاظ بخيالنا والحياة في عالم الاحلام، وذلك حيث يبدو ان نظريات الحداثة وما بعدها قد طرحت ظلالها بالعالم الغربي مع إبهار الصورة وصولا الي التفكيكيه وإعادة التكوين، ومع التناص والقدرات الخاصة والامكانات المتاحة يمكن اعادة التكوين عشرات المرات.. بينما كان العالم العربي ـ والذي اشتهر بأنه أمة صوتية ـ يحاول تطبيق نظريات ما قبل الحداثة ويتوقف فاغرا فاهه أمام البنوية.
ومع الغرام المفاجئ بين الأدب والسياسة وثقافة الصورةـ والتي توقفت عند شعر المديح والهجاء ثم ثقافة الانبطاح عندنا ـ كانت هذه النظريات في عالم السياسة في حاجة الي ميدان رماية لتطبيقها واخراجها من نطاق التخييل وربما الأسطورة والواقع الأدبي إلي العالم الآخـر، أو رؤية الصور عمليا لهذه النظريات..
ومع تسلل منمنمات الثقافة الغربية واسلوب حياتها ومنتجات التكنولوجيا الي حياتنا اليومية جاء عالمنا العربي وبنيوته الساكنة، وحيث موت المؤلف وسقوط النص بين براثن المتلقين ليشغل بقوة مركز الصدارة لتطبيقات عالم ما بعـد الحداثة، وتتم تجارب التفكيكية وإعادة تركيب النص في اكثر من منطقة باراضيه، مع انشغال مثقفوه بمعارك دون كيشوتيه حول الثنائيات الشهيرة مثل الدين والعلم، الأصالة والمعاصرة وغيرها..
مع الصراع بين الصورة والمونتاج كان ملعب السياسة وفن الممكن، وجاء دور التكنولوجيا والأدب ليقول كلمته، من الخيال الي الواقع، أو النظرية الأدبية والتطبيق السياسي.. وعشنا مغامرات عسكرية مع الصورة.
وقد يكون البعض قد مارس متعة حقيقية وصور المعارك الشرسة تنقلها الفضائيات كل ثانية، ويشارك في الحرب من منازلهم طارحا خياله الأدبي بين حبات اللب والسوداني، مشدوها بالشكل والإطار.. وربما تأذت مشاعر البعض ـ رغم المساحيق ـ مع انتهاكات حقوق الانسان وفضائح السجون وصور التعذيب بكل الألوان وقفزت دموع البعض الطبيعية من مكامنها.
لكن أبلغ الصور مابين التفكيكية والبنوية أو الواقع والنظرية من وجهة نظر أدب حضارة الصورة كانت تلك المفارقة لظلال الصورة والواقع ومع هذه اللمحة..
عشية حرب الخليج الأولي والانتصار لحرية الضعيف رفع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب كأسه عاليا تحية للعـرب الذين اطلقوا اسم بوش علي ابنائهم لتبدو ملامح الصورة أكثر بريقا في عيون المارينز وماكدونالد وهوليوود والطريق الممهد للشرق الجديد..
وسعت الادارة الامريكية لصنع نماذج عملية لتأكيد رؤية هؤلاء الثلاثة ، واختارت بتوصية من الأصدقاء حليفها السابق ـ لتبدو ملامح الصورة أكثر ضبابية ـ ليكون الانموذج .. وبالحرب علي العراق وتفكيكها وسجن ومحاكمة رئيسها السابق وذبحه في مناسبة خاصة جاء التجريب علي انماط متعددة..
كان الهدف ان تكون (نموذجا) اجتماعيا وسياسيا ، وحضاريا بالشكل الجديد للشعب العراقي (وكمقدمة لتعميم النموذج في المنطقة)..
وأيضا يكون الجزاء المماثل لمن يحاول تغيير الصورة..
واختلفت الصورة بعد حرب العراق وزينتها ما بين التزييف والمونتاج، وتعـددت وتنوعت المشاركات المحسوبة والعشوائية مع الموسيقي الصاخبة في تكوين ملامح الصورة.. والأمثلة التي تنقلها شاشات الفضائيات أو أدب حضارة الصورة ليست أدل من هـذه القصـة المخزونة بالذاكرة كما نقلتها وكالات الانباء لتكتمل الصورة:
هل أتاكم ـ مثلا ـ نبأ ـ الغلام العراقي أسامة نبيل (10 سنوات)..؟..
انه يفكر في ترك المدرسة وهجر التعليم..!!
.. لماذا...؟..
لأن ملامحه العامة تشبه ملامح جورج بوش الابن.. وهنا كانت المفارقة حيث تشابه الشكل واختلاف الاسم، وبمقتضى هذا التشابه أخذ أقران أسامة في المدرسة يطلقون عليه اسم بوش، والواضح ان هذه المرة كانت حالة رد فعل عكسي بخلاف حالة بوش الاب.. فامتلأ الغلام غيظا من إطلاق اسم بوش عليه. وفكر في هجر المدرسة والتعليم وقال:
«ما زال أبي يحاول إقناعي بالبقاء في المدرسة، لكن إصرار زملائي في المدرسة على إطلاق اسم بوش عليّ جعلني أشعر بالحزن ففضلت العزلة، وأفكر في ترك المدرسة لأن هذا الاسم أصبح ملتصقا بي وأتمنى الخلاص منه بأية وسيلة كانت..»!!
وبتكبير الصورة مع حالة استنساخ الاسم لشكل مستعار واتساع مدلولاتها الشكلية والجوهرية، يبدو حجم النحس للحداثة أكبر من المخطط له من جهة، وتطرح وجهة النظر الأخري نفسها بقوة تفوق المستهدف، وتتعدد القراءات مع الزوايا المختلفة للصور الجديدة، وكأن شخصيات الصورة تتحرك بمعـزل عن الكاميرا والقمر الصناعي ..
وعودة الى الأدب الورقي وتجارب الشخصيات غير النمطية وحرية الشخصيات في التمرد علي المؤلف .. ونظل نتساءل مع القراءة الأعمق للواقع ـ ومن قبلها معطيات التاريخ ـ هل ما زال العقل زينة مع ما سيحدث ـ بعد موت المؤلف ثم موت النص ـ ومع نبيل العربي أو المستقبل القريب
الغذامي: وإفقار المفاهيم(4)
فالكيفية التي وقع حسبها تلقف مقولة »موت المؤلف« في الراهن النقدي العربي تعبر, في حد ذاتها, عما مارسته تلك المقولة من جاذبية وفتنة في الدراسات التي استعارتها ووقعت في دائرة سحرها. لم تستقدم المقولة باعتبارها مفهوما له كثافته, وله حمله المعرفي, بل وقع التعامل معها على أنها لقية فريدة, لقية نفيسة, لقية لم تتولد عن النظر في النصوص الإبداعية والإصغاء إلى ما يعتمل في أقاصيها وأصقاعها من تنابذ بين رغبات المؤلف وشروط الفن, بل جاءت نتيجة ضربة حظ . فلا جهد ولا كد .لا تعب ولا رشح جبين.
يجسد كتاب عبد الله الغذامي ثقافة الأسئلة مثلا هذه الظاهرة. فلقد تشكلت المقالات التي ضمها كتاب الغذامي مأخوذة إلى حد الهوس بمقولة »موت المؤلف«. لذلك حفلت بمفاهيم من نوع »التفكيكية« وسالتشريحية سو »موت المؤلف« و»البنيوية« و»السيميولوجية« و»النصوصية«. ولذلك أيضا توهم المقالات بأنها منخرطة في الجدل النقدي العالمي, وبأنها لا تستقدم المفاهيم فحسب, بل تسهم في إثرائها وتأصيلها. لكن الناظر في كيفية تعامل المقالات مع تلك المفاهيم يلاحظ, في يسر, أن خطاب الغذامي يمحو كثافتها وي فقرها.
فالمفهوم يستقدم ويحول عن مقاديره. وإذا الحرص على تأصيله يصبح محوا لكثافته وتعطيلا لدلالاته. وطبيعي, بعد ذلك, أن يصبح حديث الخطاب النقدي العربي عن »موت المؤلف« في نصوص ترجع أغلب أسباب وهنها وضعفها إلى ما يمارسه المؤلف من سطوة على المتلقى ومن تعسف للكلام وامتهان للفن , محملا بالدلالات.
إنه أمارة على أن المفاهيم تشرع, لحظة استقدامها من أوطانها, في حبك مكائدها. وهو, في الآن نفسه, علامة على أن عملية نقل المفاهيم من ثقافة إلى أخرى لا يمكن أن تحصل على الت مام إلا متى حدث فعل تحويلها. (.......)