سيدي محمد
10-12-2009, 05:58 AM
1. عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السلام: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب .
2. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .
3. عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن سليمان بن مسلم الكندي، عن ابن غزوان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله: يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.
4. عن الصفار، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمد بن الحسين الخزاز، عن ابن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن علي عليه السلام وعلى قاتله لعنة الله فبكى أبو عبد الله عليه السلام وبكينا قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي عليه السلام: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى .
5. عن البرقي، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن ابن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال الحسين بن علي: أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا، وحقيق على [الله] أن لا يأتيني مكروب [قط] إلا رده الله أو أقلبه إلى أهله مسرورا ..
6. عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن عبد الحميد عن محمد بن عمرو بن عتبة، عن الحسين الأشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: من دمعت عينه فينا دمعة لدم سفك لنا أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لأحد من شيعتنا، بواه الله تعالى بها في الجنة حقبا .
7. عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام.
8. عن سعد، عن ابن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن أبي يحيى الحذاء، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليـه السلام قال: نظر أمير المؤمنين إلى الحسين عليهما السلام فقال: يا عبرة كل مؤمن ، فقال: أنا يا أبتاه ؟ فقال: نعم، يا بني .
9. عن الحسين بن عبيد الله، عن ابن أبي عثمان، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسين بن علي عند أبي عبد الله في يوم قط فرئي أبو عبد الله عليه السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل، وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول: الحسين عبرة كل مؤمن.
10. عن أحمد بن مازن، عن القاسم بن سليمان، عن بكر بن هشام، عن إسماعيل بن مهران، عن الأصم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن الحسين بن علي عند ربه عزوجل ينظر إلى معسكره ومن حله من الشهداء معه، وينظر إلى زواره، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله عزوجل من أحدكم بولده وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه عليهم السلام أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب .
11. عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خده لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله مبوأ صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما اوذي فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار .
12. عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال لفضيل: تجلسون وتحدثون ؟ قال: نعم جعلت فداك قال: إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل ! فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر .
13. عن ابن أبي عثمان عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا أبا عمارة أنشدني، في الحسين بن علي قال: فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى قال: فو الله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار. قال: فقال: يا باعمارة من أنشد في الحسين بن علي شعرا فأبكى خمسين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكي عشرين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى عشرة فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى واحدا فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنة .
14. عن يحيى بن عمران، عن ممد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: كنا عند أبي عبد الله ونحن جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد الله عليه السلام فقر به وأدناه ثم قال: يا جعفر قال: لبيك ! جعلني الله فداك قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيد، فقال له: نعم جعلني الله فداك، قال: قل ! فأنشده صلى الله عليه فبكى ومن حوله، حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته. ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعته الجنة بأسرها، وغفر الله لك. فقال: يا جعفر ألا أزيدك ؟ قال: نعم يا سيدي قال: ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له .
15. عن ابن عامر، عن عمه، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا عليه السلام: إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، واضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام. ثم قال عليه السلام: كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى الله عليه .
16. عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشورا قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه، جعل الله عزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرت بنا في الجنان عينه، ومن سمى يوم عاشورا يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد - لعنهم الله - إلى أسفل درك من النار.
17. عن ابن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين [الثقفي] عن أبي بصير، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر .
18. عن علي، عن أبيه، عن الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي: يا ابن شبيب أصائم أنت فقلت: لا، فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عزوجل فقال: " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام. ثم قال: يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقلة، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا. يا ابن شبيب إن كنت باكيا لشئ فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فانه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا، مالهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره، فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم " يا لثارات الحسين ". يا ابن شبيب لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده أنه لما قتل جدي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر، يا ابن شبيب إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا. يا ابن شبيب إن سرك أن تلقى الله عزوجل ولا ذنب عليك، فزر الحسين عليه السلام، يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلى الله عليه واله فالعن قتلة الحسين. يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ما ذكرته " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ". يا ابن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة .
19. عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: أنشدني، فأنشدته فقال: لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، فأنشدته امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكيه. قال: فلما بكى أمسكت أنا فقال: مر فمررت، قال: ثم قال: زدني [زدني] قال: فأنشدته: يا مريم قومي واندبي مولاك وعلى الحسين فأسعدي ببكاك قال: فبكى وتهايج النساء قال: فلما أن سكتن قال لي: يا با هارون من أنشد في الحسين فأبكى عشرة [فله الجنة] ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة ثم قال: من ذكره فبكى فله الجنة. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لكل سر ثواب إلا الدمعة فينا .
20. عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله الأصم، عن مسمع كردين قال: قال لي أبو عبد الله: يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين ؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور من أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا علي [حالي] عند ولد سليمان فيمثلون علي قال لي: أفما تذكر ما صنع به ؟ قلت: بلى، قال: فتجزع ؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي، فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي. قال: رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون في أهل الجذع لنا والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا أمنا أما إنك سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة: ما تقربه عينك قبل الموت، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها. قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر. وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه، حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه. يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يشق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري على رضراض الدر والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة، يقول الشارب منه: ليتني تركت ههنا لا أبغى بهذا بدلا، ولا عنه تحويلا. أما إنك يا كردين ممن تروى منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه، من أحبنا فان الشارب منه ليعطى من اللدة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا. وإن على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام وفي يده عصا من عوسج، يحطم بها أعداءنا، فيقول الرجل منهم: إني أشهد الشهادتين ! فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: يتبرأ مني إمامي الذي تذكره، فيقول: ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله إذ كان عندك خير الخلق أن يشفع لك، فان خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع، فيقول: إني أهلك عطشا ؟ فيقول: زادك الله ظمأ، وزادك الله عطشا. قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟ قال: ورع عن أشياء قبيحة، وكف عن شتمنا إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترئ عليها غيره، وليس ذلك لحبنا، ولا لهوى منه، ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه، ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس، فأما قلبه فمنافق، ودينه النصب بإتباع أهل النصب وولاية الماضين، وتقدمة لهما على كل أحد .
21. عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن بكير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل فقلت: يا ابن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن علي عليهما السلام هل كان يصاب في قبره شئ ؟ فقال: يا ابن بكير ما أعظم مسائلك إن الحسين بن علي عليه السلام مع أبيه وأمه وأخيه في منزل رسول الله صلى الله عليه واله ومعه يرزقون ويحبرون، وإنه لعن يمين العرش متعلق به، يقول: يا رب أنجز لي ما وعدتني وإنه لينظر إلى زوراه فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده، وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ويقول: أيها الباكي لو علمت ما أعد الله لك لفرحت أكثر مما حزنت وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة .
22. روي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه واله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا، وقالت: يا أبت متى يكون ذلك ؟ قال: في زمان خال مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها وقالت: يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له ؟. فقال النبي: يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة. يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
23. ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه حكي عن السيد علي الحسيني قال: كنت مجاورا في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليها السلام مع جماعة من المؤمنين، فلما كان اليوم العاشر من شهر عاشورا ابتدأ رجل من أصحابنا يقرء مقتل الحسين عليه السلام فوردت رواية عن الباقر عليه السلام أنه قال: من ذرفت عيناه على مصاب الحسين ولو مثل جناح البعوضة غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر. وكان في المجلس معنا جاهل مركب يدعي العلم، ولا يعرفه، فقال: ليس هذا بصحيح والعقل لا يعتقده وكثر البحث بيننا وافترقنا عن ذلك المجلس، وهو مصر على العناد في تكذيب الحديث، فنام ذلك الرجل تلك الليلة فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت، وحشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقد نصبت الموازين، وامتد الصراط، ووضع الحساب، ونشرت الكتب، واسعرت النيران، وزخرفت الجنان، واشتد الحر عليه، وإذا هو قد عطش عطشا شديدا وبقي يطلب الماء، فلا يجده، فالتفت يمينا وشمالا وإذا هو بحوض عظيم الطول والعرض، قال: قلت في نفسي: هذا هو الكوثر فإذا فيه ماء أبرد من الثلج وأحلى من العذب، وإذا عند الحوض رجلان وامرأة أنوارهم تشرق على الخلائق، ومع ذلك لبسهم السواد وهم باكون محزونون فقلت: من هؤلاء ؟ فقيل لي: هذا محمد المصطفى، وهذا الإمام علي المرتضى، وهذه الطاهرة فاطمة الزهراء فقلت: ما لي أراهم لابسين السواد وباكين ومحزونين ؟ فقيل لي: أليس هذا يوم عاشورا، يوم مقتل الحسين ؟ فهم محزونون لأجل ذلك. قال: فدنوت إلى سيدة النساء فاطمة وقلت لها: يا بنت رسول الله إني عطشان، فنظرت إلي شزرا وقالت لي: أنت الذي تنكر فضل البكاء على مصاب ولدي الحسين ومهجة قلبي وقرة عيني الشهيد المقتول ظلما وعدوانا ؟ لعن الله قاتليه وظالميه ومانعيه من شرب الماء ؟ قال الرجل: فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا واستغفرت الله كثيرا، وندمت على ما كان مني وأتيت إلى أصحابي الذين كنت معهم، وخبرت برؤياي، وتبت إلى الله عزوجل.
2. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .
3. عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن سليمان بن مسلم الكندي، عن ابن غزوان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله: يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب.
4. عن الصفار، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمد بن الحسين الخزاز، عن ابن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن علي عليه السلام وعلى قاتله لعنة الله فبكى أبو عبد الله عليه السلام وبكينا قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي عليه السلام: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى .
5. عن البرقي، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن ابن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال الحسين بن علي: أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا، وحقيق على [الله] أن لا يأتيني مكروب [قط] إلا رده الله أو أقلبه إلى أهله مسرورا ..
6. عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن عبد الحميد عن محمد بن عمرو بن عتبة، عن الحسين الأشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: من دمعت عينه فينا دمعة لدم سفك لنا أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا، أو لأحد من شيعتنا، بواه الله تعالى بها في الجنة حقبا .
7. عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام.
8. عن سعد، عن ابن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن أبي يحيى الحذاء، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليـه السلام قال: نظر أمير المؤمنين إلى الحسين عليهما السلام فقال: يا عبرة كل مؤمن ، فقال: أنا يا أبتاه ؟ فقال: نعم، يا بني .
9. عن الحسين بن عبيد الله، عن ابن أبي عثمان، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسين بن علي عند أبي عبد الله في يوم قط فرئي أبو عبد الله عليه السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل، وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول: الحسين عبرة كل مؤمن.
10. عن أحمد بن مازن، عن القاسم بن سليمان، عن بكر بن هشام، عن إسماعيل بن مهران، عن الأصم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن الحسين بن علي عند ربه عزوجل ينظر إلى معسكره ومن حله من الشهداء معه، وينظر إلى زواره، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله عزوجل من أحدكم بولده وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه عليهم السلام أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب .
11. عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى يسيل على خده لأذى مسنا من عدونا في الدنيا بوأه الله مبوأ صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما اوذي فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار .
12. عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال لفضيل: تجلسون وتحدثون ؟ قال: نعم جعلت فداك قال: إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل ! فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر .
13. عن ابن أبي عثمان عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا أبا عمارة أنشدني، في الحسين بن علي قال: فأنشدته فبكى ثم أنشدته فبكى قال: فو الله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار. قال: فقال: يا باعمارة من أنشد في الحسين بن علي شعرا فأبكى خمسين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكي عشرين فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى عشرة فله الجنة ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى واحدا فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى فله الجنة ، ومن أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنة .
14. عن يحيى بن عمران، عن ممد بن سنان، عن زيد الشحام، قال: كنا عند أبي عبد الله ونحن جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد الله عليه السلام فقر به وأدناه ثم قال: يا جعفر قال: لبيك ! جعلني الله فداك قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيد، فقال له: نعم جعلني الله فداك، قال: قل ! فأنشده صلى الله عليه فبكى ومن حوله، حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته. ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعته الجنة بأسرها، وغفر الله لك. فقال: يا جعفر ألا أزيدك ؟ قال: نعم يا سيدي قال: ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له .
15. عن ابن عامر، عن عمه، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا عليه السلام: إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، واضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام. ثم قال عليه السلام: كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى الله عليه .
16. عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشورا قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه، جعل الله عزوجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرت بنا في الجنان عينه، ومن سمى يوم عاشورا يوم بركة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد - لعنهم الله - إلى أسفل درك من النار.
17. عن ابن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين [الثقفي] عن أبي بصير، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أبو عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام: أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا استعبر .
18. عن علي، عن أبيه، عن الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي: يا ابن شبيب أصائم أنت فقلت: لا، فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عزوجل فقال: " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عزوجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام. ثم قال: يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقلة، فلا غفر الله لهم ذلك أبدا. يا ابن شبيب إن كنت باكيا لشئ فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فانه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا، مالهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره، فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم " يا لثارات الحسين ". يا ابن شبيب لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده أنه لما قتل جدي الحسين أمطرت السماء دما وترابا أحمر، يا ابن شبيب إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا. يا ابن شبيب إن سرك أن تلقى الله عزوجل ولا ذنب عليك، فزر الحسين عليه السلام، يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلى الله عليه واله فالعن قتلة الحسين. يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ما ذكرته " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ". يا ابن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة .
19. عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: أنشدني، فأنشدته فقال: لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، فأنشدته امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكيه. قال: فلما بكى أمسكت أنا فقال: مر فمررت، قال: ثم قال: زدني [زدني] قال: فأنشدته: يا مريم قومي واندبي مولاك وعلى الحسين فأسعدي ببكاك قال: فبكى وتهايج النساء قال: فلما أن سكتن قال لي: يا با هارون من أنشد في الحسين فأبكى عشرة [فله الجنة] ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة ثم قال: من ذكره فبكى فله الجنة. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لكل سر ثواب إلا الدمعة فينا .
20. عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله الأصم، عن مسمع كردين قال: قال لي أبو عبد الله: يا مسمع أنت من أهل العراق أما تأتي قبر الحسين ؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور من أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا علي [حالي] عند ولد سليمان فيمثلون علي قال لي: أفما تذكر ما صنع به ؟ قلت: بلى، قال: فتجزع ؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك، حتى يرى أهلي أثر ذلك علي، فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي. قال: رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون في أهل الجذع لنا والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا أمنا أما إنك سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك، وما يلقونك به من البشارة: ما تقربه عينك قبل الموت، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها. قال: ثم استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع إن الأرض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين رحمة لنا وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر. وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه، حتى أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه. يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يشق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري على رضراض الدر والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة، يقول الشارب منه: ليتني تركت ههنا لا أبغى بهذا بدلا، ولا عنه تحويلا. أما إنك يا كردين ممن تروى منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه، من أحبنا فان الشارب منه ليعطى من اللدة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا. وإن على الكوثر أمير المؤمنين عليه السلام وفي يده عصا من عوسج، يحطم بها أعداءنا، فيقول الرجل منهم: إني أشهد الشهادتين ! فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: يتبرأ مني إمامي الذي تذكره، فيقول: ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله إذ كان عندك خير الخلق أن يشفع لك، فان خير الخلق حقيق أن لا يرد إذا شفع، فيقول: إني أهلك عطشا ؟ فيقول: زادك الله ظمأ، وزادك الله عطشا. قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟ قال: ورع عن أشياء قبيحة، وكف عن شتمنا إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترئ عليها غيره، وليس ذلك لحبنا، ولا لهوى منه، ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته وتدينه، ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس، فأما قلبه فمنافق، ودينه النصب بإتباع أهل النصب وولاية الماضين، وتقدمة لهما على كل أحد .
21. عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن بكير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل فقلت: يا ابن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن علي عليهما السلام هل كان يصاب في قبره شئ ؟ فقال: يا ابن بكير ما أعظم مسائلك إن الحسين بن علي عليه السلام مع أبيه وأمه وأخيه في منزل رسول الله صلى الله عليه واله ومعه يرزقون ويحبرون، وإنه لعن يمين العرش متعلق به، يقول: يا رب أنجز لي ما وعدتني وإنه لينظر إلى زوراه فهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده، وإنه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ويقول: أيها الباكي لو علمت ما أعد الله لك لفرحت أكثر مما حزنت وإنه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة .
22. روي أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه واله ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديدا، وقالت: يا أبت متى يكون ذلك ؟ قال: في زمان خال مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها وقالت: يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له ؟. فقال النبي: يا فاطمة إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلا بعد جيل، في كل سنة فإذا كان القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة. يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
23. ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه حكي عن السيد علي الحسيني قال: كنت مجاورا في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليها السلام مع جماعة من المؤمنين، فلما كان اليوم العاشر من شهر عاشورا ابتدأ رجل من أصحابنا يقرء مقتل الحسين عليه السلام فوردت رواية عن الباقر عليه السلام أنه قال: من ذرفت عيناه على مصاب الحسين ولو مثل جناح البعوضة غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر. وكان في المجلس معنا جاهل مركب يدعي العلم، ولا يعرفه، فقال: ليس هذا بصحيح والعقل لا يعتقده وكثر البحث بيننا وافترقنا عن ذلك المجلس، وهو مصر على العناد في تكذيب الحديث، فنام ذلك الرجل تلك الليلة فرأى في منامه كأن القيامة قد قامت، وحشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقد نصبت الموازين، وامتد الصراط، ووضع الحساب، ونشرت الكتب، واسعرت النيران، وزخرفت الجنان، واشتد الحر عليه، وإذا هو قد عطش عطشا شديدا وبقي يطلب الماء، فلا يجده، فالتفت يمينا وشمالا وإذا هو بحوض عظيم الطول والعرض، قال: قلت في نفسي: هذا هو الكوثر فإذا فيه ماء أبرد من الثلج وأحلى من العذب، وإذا عند الحوض رجلان وامرأة أنوارهم تشرق على الخلائق، ومع ذلك لبسهم السواد وهم باكون محزونون فقلت: من هؤلاء ؟ فقيل لي: هذا محمد المصطفى، وهذا الإمام علي المرتضى، وهذه الطاهرة فاطمة الزهراء فقلت: ما لي أراهم لابسين السواد وباكين ومحزونين ؟ فقيل لي: أليس هذا يوم عاشورا، يوم مقتل الحسين ؟ فهم محزونون لأجل ذلك. قال: فدنوت إلى سيدة النساء فاطمة وقلت لها: يا بنت رسول الله إني عطشان، فنظرت إلي شزرا وقالت لي: أنت الذي تنكر فضل البكاء على مصاب ولدي الحسين ومهجة قلبي وقرة عيني الشهيد المقتول ظلما وعدوانا ؟ لعن الله قاتليه وظالميه ومانعيه من شرب الماء ؟ قال الرجل: فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا واستغفرت الله كثيرا، وندمت على ما كان مني وأتيت إلى أصحابي الذين كنت معهم، وخبرت برؤياي، وتبت إلى الله عزوجل.