سيدي محمد
11-12-2009, 09:28 AM
عند مرقد السيدة
عرض مسرحي جديد من حازم كمال الدين وجماعة زهرة الصبار البلجيكية للمسرح
فضاء يستعصي على التعريف.
تصوّر أنك تخرج من بيتك فتواجهك صحراء لا متناهية. لم تعد هناك طرقات مبلطة بالإسفلت، ولا أعمدة كهرباء. لا بيوت، لا حركة سير ولا مارة. الحركة أو اللا حركة لا تقودك إلى الخلف أو إلى الأمام أو إلى الجوانب... بل إلى عمق الصحراء.
فضاء يستعصي على التعريف.
تصوّر أنك تجد نفسك في حالة ترحّل في الصحراء. أنت لا تترحّل. الصحراء هي التي تمتد إليك فتبدو أنت مثل سراب يتدلّى في فلاة. في فضول صحراوي. في غواية صحراوية. الصحراء تبثّ فيك، رغم القيظ، نسمات مرمّلة، مظلّلة وموّشاة برذاذ ماء عذب. كلما أوغلت في البيداء، أو بالأحرى كلما تجاوزتك البيداء، تكتشف أن لونها الحقيقي هو اللون اللازوردي. هنا وهناك ثمة ما ينمو في الصحراء. بقع رملية داكنة تتفتق عن شيء.
سراب آخر يتدلّى أم ماذا؟
ومثلما يتجمّع الندى تتجمّع البقع وتأخذ هيئات آدمية. ثمّ مجاميع بشرية صغيرة تغذّ السير.
في فضاء يستعصي على التعريف يبدو وكأن ثمة موعدا.
أنت تبدأ الخطو. تتبع المجاميع التي تبدو لك وكأنها تختفي في غيمة غامقة.
غيمة أم واحة؟ تسأل نفسك، ثم تغذّ السير نحو الغامق المفترض.
درب رملي يبزغ. يتسّع. وشيئا فشيئا تنبثق من الرمال أشنات تبثّ رائحة بخور. ثمّ أشنات أخرى أكبر. ثمّ أشنات تصبح بيارغ ملونة...
لهيب مشاعل وروائح بخور.
إيقاعات دفوف عالية.
ترتسم على الرمال أزقّة أخرى. في رأس كل زقاق صنم يقدم شايا أو ماء ورد أو شمعة عليك أن تشعلها وتجتازه إلى ممر ضيّق.
جدران الممرات ليست من الآجر ولا من الإسمنت. جدران الممرات مبنية من عباءات غامقة. في نهاية كل ممر تنفرج فسحة من الفضاء. في موضع ما من الفسحة ثمة معمار يشبه بيت القصب.
ديوان.
بوابة صغيرة.
أنت تدخل الديوان.
ثمة ضريح، منبر، أعمدة قصب، أرض مفروشة بالسجاجيد والوسائد.
لا ضوء سوى تمايل لهب الشموع. القهوة حارة. يبدو دخول الناس المتقاطرين، أو المتقطرين، وكأنه استسلام لواحة صمت مؤطرة بعبق بخور هندية.
شخوص الحكاية يسكنون الديوان... كأنهم تماثيل حيّة في متحف! المتحف الوطني العراقي؟
ثمّة امرأتان تشتعل فيهما جذوة الكلام. فتنسرد الحكايا بوضوح رغم الارتجال المتواصل ورغم أن لغتهما غريبة عن بعض.
ثمّة اختلاط للحكايا يدفعنا للادراك بأنّ المرأتين تتحدثان عن همّ واحد. قصة واحدة لكنها قصتان.
يوريديس فيرمان صحافية أوربية وسلوى منصور كاتبة عراقية، تقتسمان زادا واحدا اسمه سيدة الوركاء. المرأتان تعملان على تفكيك وتركيب تاريخ منسي لبلاد تنقرض، أو تحتضر، وبذلك يتسلط الضوء على كيفية تعامل الاوربي مع هذا الاحتضار/الانقراض.
حازم كمال الدين، مسرحي من أصل عراقي، يبحث في ماضي وحاضر مجتمع يرزح تحت توتر عالي جدا. يبحث في اشكالية الذاكرة الجمعية واستغلاق الكودة البشرية في حوار الحضارات. يبحث في مسرح كالصرخة أو كالدعابة، خالصٌ وجروتسكيٌ في ذات الوقت.
سيتم العرض الافتتاحي في مركز المونتي للفنون في انتوربن البلجيكية في 3، 4 و 5 ديسمبر القادم.
العرض من تحقيق: تويكي بوس أوت، فابيان دو لا تهاور، بيرت جيليه، حازم كمال الدين، تانيا بوبه، كارل ريدرز، إيمانويل سخوت آرت، إنه فان باله.
انتاج جماعة زهرة الصبار للمسرح ومركز المونتي للفنون، بدعم من وزارة الثقافة الثقافة البلجيكية، مدينة أنتوربن وبنك سيرا.
منقول
عرض مسرحي جديد من حازم كمال الدين وجماعة زهرة الصبار البلجيكية للمسرح
فضاء يستعصي على التعريف.
تصوّر أنك تخرج من بيتك فتواجهك صحراء لا متناهية. لم تعد هناك طرقات مبلطة بالإسفلت، ولا أعمدة كهرباء. لا بيوت، لا حركة سير ولا مارة. الحركة أو اللا حركة لا تقودك إلى الخلف أو إلى الأمام أو إلى الجوانب... بل إلى عمق الصحراء.
فضاء يستعصي على التعريف.
تصوّر أنك تجد نفسك في حالة ترحّل في الصحراء. أنت لا تترحّل. الصحراء هي التي تمتد إليك فتبدو أنت مثل سراب يتدلّى في فلاة. في فضول صحراوي. في غواية صحراوية. الصحراء تبثّ فيك، رغم القيظ، نسمات مرمّلة، مظلّلة وموّشاة برذاذ ماء عذب. كلما أوغلت في البيداء، أو بالأحرى كلما تجاوزتك البيداء، تكتشف أن لونها الحقيقي هو اللون اللازوردي. هنا وهناك ثمة ما ينمو في الصحراء. بقع رملية داكنة تتفتق عن شيء.
سراب آخر يتدلّى أم ماذا؟
ومثلما يتجمّع الندى تتجمّع البقع وتأخذ هيئات آدمية. ثمّ مجاميع بشرية صغيرة تغذّ السير.
في فضاء يستعصي على التعريف يبدو وكأن ثمة موعدا.
أنت تبدأ الخطو. تتبع المجاميع التي تبدو لك وكأنها تختفي في غيمة غامقة.
غيمة أم واحة؟ تسأل نفسك، ثم تغذّ السير نحو الغامق المفترض.
درب رملي يبزغ. يتسّع. وشيئا فشيئا تنبثق من الرمال أشنات تبثّ رائحة بخور. ثمّ أشنات أخرى أكبر. ثمّ أشنات تصبح بيارغ ملونة...
لهيب مشاعل وروائح بخور.
إيقاعات دفوف عالية.
ترتسم على الرمال أزقّة أخرى. في رأس كل زقاق صنم يقدم شايا أو ماء ورد أو شمعة عليك أن تشعلها وتجتازه إلى ممر ضيّق.
جدران الممرات ليست من الآجر ولا من الإسمنت. جدران الممرات مبنية من عباءات غامقة. في نهاية كل ممر تنفرج فسحة من الفضاء. في موضع ما من الفسحة ثمة معمار يشبه بيت القصب.
ديوان.
بوابة صغيرة.
أنت تدخل الديوان.
ثمة ضريح، منبر، أعمدة قصب، أرض مفروشة بالسجاجيد والوسائد.
لا ضوء سوى تمايل لهب الشموع. القهوة حارة. يبدو دخول الناس المتقاطرين، أو المتقطرين، وكأنه استسلام لواحة صمت مؤطرة بعبق بخور هندية.
شخوص الحكاية يسكنون الديوان... كأنهم تماثيل حيّة في متحف! المتحف الوطني العراقي؟
ثمّة امرأتان تشتعل فيهما جذوة الكلام. فتنسرد الحكايا بوضوح رغم الارتجال المتواصل ورغم أن لغتهما غريبة عن بعض.
ثمّة اختلاط للحكايا يدفعنا للادراك بأنّ المرأتين تتحدثان عن همّ واحد. قصة واحدة لكنها قصتان.
يوريديس فيرمان صحافية أوربية وسلوى منصور كاتبة عراقية، تقتسمان زادا واحدا اسمه سيدة الوركاء. المرأتان تعملان على تفكيك وتركيب تاريخ منسي لبلاد تنقرض، أو تحتضر، وبذلك يتسلط الضوء على كيفية تعامل الاوربي مع هذا الاحتضار/الانقراض.
حازم كمال الدين، مسرحي من أصل عراقي، يبحث في ماضي وحاضر مجتمع يرزح تحت توتر عالي جدا. يبحث في اشكالية الذاكرة الجمعية واستغلاق الكودة البشرية في حوار الحضارات. يبحث في مسرح كالصرخة أو كالدعابة، خالصٌ وجروتسكيٌ في ذات الوقت.
سيتم العرض الافتتاحي في مركز المونتي للفنون في انتوربن البلجيكية في 3، 4 و 5 ديسمبر القادم.
العرض من تحقيق: تويكي بوس أوت، فابيان دو لا تهاور، بيرت جيليه، حازم كمال الدين، تانيا بوبه، كارل ريدرز، إيمانويل سخوت آرت، إنه فان باله.
انتاج جماعة زهرة الصبار للمسرح ومركز المونتي للفنون، بدعم من وزارة الثقافة الثقافة البلجيكية، مدينة أنتوربن وبنك سيرا.
منقول