نجف الخير
21-04-2007, 01:41 PM
[center][b][size="5"][right]
[color="darkred"]أرضية التحديث في الحوزة العلمية
يتطلب التحديث أرضية مناسبة يتشكل في محيطها، وعدة عناصر موروثة وحاضرة تتفاعل مع بعضها، لتهيئة فضاء خاص، تتخلق فيه عملية التحديث، وتنطلق فاعلياته المتنوعة.
وقد توافرت مجموعة من هذه العناصر في الحوزة العلمية، بنحو أضحت معه ولادة عملية إصلاح النظام التعليمي ولادة طبيعية، ليست غريبة على السياق الثقافي التاريخي للحوزة. وبوسعنا الإشارة إلى شيء من مكونات فضاء التحديث، والعناصر المولدة لروح التجديد في الحوزة فيما يلي:
1ـ بقايا النزعة العقلانية في التفكير الموروثة من التيارات الكلاسيكية للاعتزال والتشيع، ووحدة أو تقارب المواقف الكلامية في قضايا الحسن والقبح العقليين، وما يرتبط بهما من العدل الإلهي، والتكليف بما لا يطاق، والحرية والإرادة الإنسانية، وغير ذلك من لاهوت العدلية في الموروث الكلامي. كما نلاحظ في آثار الشريف المرتضى المتوفى سنة 436هـ وغيره من الأعلام، الذين طبعت آثارهم عقلانية القرن الرابع الهجري.
وما لبثت آثارهم أن صارت مصدر إلهام لأجيال من الدارسين ممن خلفوهم في عصور لاحقة، وبثت في وعيهم أفكارا وآراء تطلق الكثير من الاستفهامات الحائرة والتشكيكات.
2ـ تواصل تعليم المنطق وعلم الكلام وأصول الفقه، وهذه المعارف بمجموعها تصنف على العلوم العقلية في التراث، وكان لحضورها الأبدي في الحوزات العلمية بالغ الأثر في إطلاق عملية التفكير وتنميتها، وإن كانت تلك المعارف ما انفكت تتحرك في قوالب المنطق وأشكال القياس الأرسطي، التي ظلت تعمل على كبح العقل، وعدم تجاوز الترسيمات المعروفة في صياغة وتشكيل المفاهيم، وفي المحاججة والاستدلال. لكن آفاق التفكير العقلي لم تنغلق تماما، ذلك أن المنهجية التشكيكية، ونمط الأدوات والمفاهيم المتداولة في المعارف العقلية الموروثة أسهمت في إيقاد جذوة التفكير وتأجيجها باستمرار.
3ـ تنوع المواطن الجغرافية لطلاب الحوزات العلمية، حيث يتوافدون من إيران، والبلاد العربية، وأفغانستان، وآسيا الوسطى، والهند وباكستان، وغيرها. مما يعني اختلافا في ثقافات هؤلاء، وتقاليدهم، وتمثلهم للإسلام، وتأويلهم للتراث، فينشأ فضاء ثقافي يستقي من روافد عديدة، ويتلون بخبرات تلك الجماعات ومواريثهم وتقاليدهم.
4ـ انفتاح الحوزات العلمية على الجامعات الحديثة، وانخراط جماعة من خريجي تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية والطبيعية في الدراسات الشرعية، وانتقال بعض الأساتذة المتميزين من الحوزات إلى كليات الإلهيات والدراسات الإسلامية كأساتذة.
5-انكماش الحركة الإخبارية في القرنين الأخيرين في الحوزة العلمية. وأصحاب هذا الاتجاه يسمون أنفسهم "الإخباريين والمحدثين" نسبة إلى الأخبار والحديث الشريف، وهو اتجاه يناهض التفكير العقلي في مختلف المعارف الإسلامية، ويتجمد عند المعنى الحرفي للنصوص، ويرفض أية محاولة لتأويل القرآن، والتعاطي مع مداليله بشكل يخترق المفهومات السطحية المبسطة.
وقد تعاظم تأثير هذه الحركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجري، وانخرط فيها جماعة من المحدثين والفقهاء المعروفين وقتئذ، وهيمنت على الحياة الفكرية في أصفهان وكربلاء، وطبعت الإنتاج الفكري بمواقفها، فازدهر تأليف المجاميع الحديثية، التي استوعبت الكثير من الأخبار والآثار، مما أعرض عنه وأهمله أصحاب الموسوعات الحديثية القديمة.
6-مشروع الدولة الإسلامية كان أحد أحلام الدارسين في الحوزة العلمية منذ مدة طويلة، وقد استطاعت الحوزة في خاتمة المطاف تجييش وتعبئة الجماهير، تحت لافتات وشعارات تطبيق الإ
[color="darkred"]أرضية التحديث في الحوزة العلمية
يتطلب التحديث أرضية مناسبة يتشكل في محيطها، وعدة عناصر موروثة وحاضرة تتفاعل مع بعضها، لتهيئة فضاء خاص، تتخلق فيه عملية التحديث، وتنطلق فاعلياته المتنوعة.
وقد توافرت مجموعة من هذه العناصر في الحوزة العلمية، بنحو أضحت معه ولادة عملية إصلاح النظام التعليمي ولادة طبيعية، ليست غريبة على السياق الثقافي التاريخي للحوزة. وبوسعنا الإشارة إلى شيء من مكونات فضاء التحديث، والعناصر المولدة لروح التجديد في الحوزة فيما يلي:
1ـ بقايا النزعة العقلانية في التفكير الموروثة من التيارات الكلاسيكية للاعتزال والتشيع، ووحدة أو تقارب المواقف الكلامية في قضايا الحسن والقبح العقليين، وما يرتبط بهما من العدل الإلهي، والتكليف بما لا يطاق، والحرية والإرادة الإنسانية، وغير ذلك من لاهوت العدلية في الموروث الكلامي. كما نلاحظ في آثار الشريف المرتضى المتوفى سنة 436هـ وغيره من الأعلام، الذين طبعت آثارهم عقلانية القرن الرابع الهجري.
وما لبثت آثارهم أن صارت مصدر إلهام لأجيال من الدارسين ممن خلفوهم في عصور لاحقة، وبثت في وعيهم أفكارا وآراء تطلق الكثير من الاستفهامات الحائرة والتشكيكات.
2ـ تواصل تعليم المنطق وعلم الكلام وأصول الفقه، وهذه المعارف بمجموعها تصنف على العلوم العقلية في التراث، وكان لحضورها الأبدي في الحوزات العلمية بالغ الأثر في إطلاق عملية التفكير وتنميتها، وإن كانت تلك المعارف ما انفكت تتحرك في قوالب المنطق وأشكال القياس الأرسطي، التي ظلت تعمل على كبح العقل، وعدم تجاوز الترسيمات المعروفة في صياغة وتشكيل المفاهيم، وفي المحاججة والاستدلال. لكن آفاق التفكير العقلي لم تنغلق تماما، ذلك أن المنهجية التشكيكية، ونمط الأدوات والمفاهيم المتداولة في المعارف العقلية الموروثة أسهمت في إيقاد جذوة التفكير وتأجيجها باستمرار.
3ـ تنوع المواطن الجغرافية لطلاب الحوزات العلمية، حيث يتوافدون من إيران، والبلاد العربية، وأفغانستان، وآسيا الوسطى، والهند وباكستان، وغيرها. مما يعني اختلافا في ثقافات هؤلاء، وتقاليدهم، وتمثلهم للإسلام، وتأويلهم للتراث، فينشأ فضاء ثقافي يستقي من روافد عديدة، ويتلون بخبرات تلك الجماعات ومواريثهم وتقاليدهم.
4ـ انفتاح الحوزات العلمية على الجامعات الحديثة، وانخراط جماعة من خريجي تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية والطبيعية في الدراسات الشرعية، وانتقال بعض الأساتذة المتميزين من الحوزات إلى كليات الإلهيات والدراسات الإسلامية كأساتذة.
5-انكماش الحركة الإخبارية في القرنين الأخيرين في الحوزة العلمية. وأصحاب هذا الاتجاه يسمون أنفسهم "الإخباريين والمحدثين" نسبة إلى الأخبار والحديث الشريف، وهو اتجاه يناهض التفكير العقلي في مختلف المعارف الإسلامية، ويتجمد عند المعنى الحرفي للنصوص، ويرفض أية محاولة لتأويل القرآن، والتعاطي مع مداليله بشكل يخترق المفهومات السطحية المبسطة.
وقد تعاظم تأثير هذه الحركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجري، وانخرط فيها جماعة من المحدثين والفقهاء المعروفين وقتئذ، وهيمنت على الحياة الفكرية في أصفهان وكربلاء، وطبعت الإنتاج الفكري بمواقفها، فازدهر تأليف المجاميع الحديثية، التي استوعبت الكثير من الأخبار والآثار، مما أعرض عنه وأهمله أصحاب الموسوعات الحديثية القديمة.
6-مشروع الدولة الإسلامية كان أحد أحلام الدارسين في الحوزة العلمية منذ مدة طويلة، وقد استطاعت الحوزة في خاتمة المطاف تجييش وتعبئة الجماهير، تحت لافتات وشعارات تطبيق الإ