اسد بني غالب
19-12-2009, 04:42 PM
مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي،التابعي الكبير أبو إبراهيم الكوفي،المعروف بالأشتر،كما يعرف بكبش العراق.
ولد قبل الإسلام،و عاصر النبي صلى الله عليه و آله و لكنه لم يره و لم يسمع حديثه.
و كان فارسا شجاعا رئيسا، من أكابر الشيعة و عظمائها،شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه السلام و نصره.
شهد اليرموك و نزل الكوفة،و سيره عثمان ـ مع جماعة من قراء أهل الكوفةـ إلى دمشق لإنكارهم على سعيد بن العاص والي الكوفة.
و شهد الأشتر حصر عثمان.
و كان من خواص الإمام علي عليه السلام و الخلص المنتجبين من أصحابه،و شهد معه وقعتي الجمل و صفين،و كان قائدا حربيا مظفرا،و تميز يوم صفين،و أشرف يومئذ على معسكر معاوية ليدخله، و كاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه جماعة من أصحاب الإمام عليه السلام الذين صاروا خوارج فيما بعد لما رأوا مصاحف أهل الشام قد رفعت ـ خديعة و مكيدة ـ يدعون إلى كتاب الله، و ما أمكنه مخالفة أمير المؤمنين ـ لمااضطر للتحكيم ـ فكف.
و كان للأشتر في العلم الحظ الأوفر و النصيب الأوفى فقها و حديثا، و كانشاعرا حماسيا مجيدا، و خطيبا مصقعا،و لكن غطى على صفاته صفة البطولة و الشجاعة التي أدهشت العقول و حيرت الأفكار (2)
قال ابن حجر:روى عن:عمر و علي و خالد بن الوليد و أبي و أم ذر.
و عنه:ابنه إبراهيم و أبو حسان الأعرج و كنانة مولى صفية و عبد الرحمان بن يزيد و علقمة بن قيس و مخرمة بن ربيعة النخعيون،و عمرو بن غالب الهمداني.
و قال ايضا : و قد وقع له ذكر ضمن أثر علقه البخارى فى صلاة الخوف، و قال:قال الوليد :ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط و أصحابه على ظهرالدابة فقال كذلك الأمر عندنا إذا تخوف الفوت. و هذا الأثر رواه عمرو بن أبيسلمة عن الأوزاعي،قال:قال شرحبيل بن السمط لأصحابه:لا تصلوا صلاة الصبح على ظهر،فنزل الأشتر فصلى على الأرض،فأنكر عليه شرحبيل،و كان الأوزاعي يأخذ بهذا في طلب العدو (3) .
و كان أميرالمؤمنين عليه السلام حين رجع من صفين رد الأشتر إلى عمله بالجزيرة، فلما اضطربت مصر على محمد بن أبيبكر، استدعى عليه السلام الأشتر و كتب إليه كتابا بولاية مصر (4) .
و كان الأشتر سخيا حليما، و كان صاحب دين، و كان على جانب كبير من التقشف و الزهد.
قال ابن أبي الحديد: و قد روى المحدثون حديثا يدل على فضيلة عظيمة للأشتر ـ رحمه اللهـ و هى شهادة قاطعة من النبي صلى الله عليه و آله بأنه مؤمن،روى هذا الحديث أبو عمر بن عبد البر في كتاب«الاستيعاب» (5) .
و للإمام علي عليه السلام كلمات في الثناء عليه في حياته و بعد وفاته.
فمن كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه:و قد أمرت عليكما و على من في حيزكا مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا،فإنه ممن لايخاف وهنه و لا سقطته، و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، و لا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل.
و من كتاب له عليه السلام كتبه إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر:أما بعد، فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف،و لا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار، و هو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا أمره فيما طابق الحق فانه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، و لا نابي الضريبة... إلى أن قال عليه السلام:و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، و شدة شكيمته على عدوكم.
وثقه العجلي، و ذكره ابن حبان في«الثقات».
توفي الأشتر سنة تسع و ثلاثين، و قيل: سنة ثمان و ثلاثين متوجها إلى مصر واليا عليها للإمام علي عليه السلام، و اختلف المؤرخون في موته، فقيل: مات حتف أنفه فجأة،و قيل: مات مسموما و هو المشهور.
قيل:إن معاوية دس إليه سما على يد مولى له، و يقال مولى عثمان، و قال آخرون: إن معاوية كتب إلى عامل الخراج بالقلزم أن يسمه.
و لما بلغ معاوية موته قام خطيبا،فقال:أما بعد،فانه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين ـ و هو عمار بن ياسر ـ و قطعت الأخرى اليوم ـ و هو مالك الأشترـ .
أما أمير المؤمنين عليه السلام فقد تأسف لموته، و قال: لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه و آله.
و قال عليه السلام: رحم الله مالكا فقد كان وفى بعهده، و قضى نحبه،و لقي ربه،مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه و آله فانها من أعظم المصائب.
و قال عليه السلام: لله در مالك، و ما مالك ؟ لو كان من جبل لكان فندا، و لو كان من حجر لكان صلدا. (6)
تعليقات:
1) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/213،الطبقات لخليفة 249 برقم 1057،تاريخ خليفة 129، التاريخ الكبير للبخاري 7/311 برقم 1325، رجال البرقي 6، الجرح و التعديل 8/207 برقم 910، الثقات لابن حبان 5/389، الارشاد للمفيد 365، رجال الطوسي 58 برقم 5، الاستيعاب 1/301، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15/98، رجال ابن داود 283 برقم 1232، رجال العلامة الحلي 169 برقم 1، تهذيب الكمال 27/126، سير أعلام النبلاء 4/34 برقم 6، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 593، تهذيب التهذيب 10/11، تقريب التهذيب 2/224، الإصابة 3/459، مجمع الرجال 5/89، جامع الرواة 2/37، بهجة الآمال 6/207، تنقيح المقال 2/48 برقم 10025، أعيان الشيعة 9/38، الغدير 9/31 برقم 43، معجم رجال الحديث 14/161 برقم 9796، قاموس الرجال 7/463، قائد القوات العلوية للشيخ عبدالواحد المظفري.
2) ـ انظر«قائد القوات العلوية مالك الأشتر النخعي»ص .3
3) ـ تهذيب التهذيب 10/.12 لقد اشتبه الأمر على شرحبيل فقد ذكر أن صلاة الخوف لا تصلى إلا على الأرض، إنما تصلى على ظهر الدابة صلاة شدة الخوف و تعرف بصلاة المطاردة. و ذلك إذا أحاط العدو بهم من جميع الجهات و اشتغل كل فرد بالدفاع عن نفسه تصلى حينئذ على ظهر الدابة، إما إذا كان العدو في جهة أو جهتين و لميكن مخلتطا بهم تصلى على الأرض فرادى و تصح جماعة إذاقام بعضهم بحراسة بعض.
4) ـ قال عبد الواحد المظفري:إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يبعث مع الأشتر قاضيا و لا مفتيا و لا رجلا اداريا و لا شخصا سياسيا فعلمنا أنه ولاه كل هذه المناصب و رآه أهلا لها..و إلا فقد كانت الخلفاء قبله تولي الفتيا من غير من توليه الحرب و تولي القضاء غير من تولي الجباية،فهذا عمر بن الخطاب ولى عمار بن ياسر على الحرب و عبد الله بن مسعود على الصلاة،و سلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء و قرظة بن كعب الأنصاري على الجباية،و عثمان بن حنيف على المساحة.قائد القواتالعلوية: ص .5
5)ـرواه في ج 1 من «الاستيعاب» برقم 339 في ترجمة جندب بن جنادة.و جاء فيه ان أباذر بشر الرهط الذين شهدوا دفنه بالربذة، و قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين.و قد دفنه مالك الأشتر و أصحابه الكوفيون. و رواه أيضا الحاكم في «مستدركه»3/337، و أبو نعيم في «حلية الأولياء» 1/ 17
6) ـ الفند بالكسر: القطعة العظيمة من الجبل.
موسوعة طبقات الفقهاء ج 1 ص 505
ولد قبل الإسلام،و عاصر النبي صلى الله عليه و آله و لكنه لم يره و لم يسمع حديثه.
و كان فارسا شجاعا رئيسا، من أكابر الشيعة و عظمائها،شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه السلام و نصره.
شهد اليرموك و نزل الكوفة،و سيره عثمان ـ مع جماعة من قراء أهل الكوفةـ إلى دمشق لإنكارهم على سعيد بن العاص والي الكوفة.
و شهد الأشتر حصر عثمان.
و كان من خواص الإمام علي عليه السلام و الخلص المنتجبين من أصحابه،و شهد معه وقعتي الجمل و صفين،و كان قائدا حربيا مظفرا،و تميز يوم صفين،و أشرف يومئذ على معسكر معاوية ليدخله، و كاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه جماعة من أصحاب الإمام عليه السلام الذين صاروا خوارج فيما بعد لما رأوا مصاحف أهل الشام قد رفعت ـ خديعة و مكيدة ـ يدعون إلى كتاب الله، و ما أمكنه مخالفة أمير المؤمنين ـ لمااضطر للتحكيم ـ فكف.
و كان للأشتر في العلم الحظ الأوفر و النصيب الأوفى فقها و حديثا، و كانشاعرا حماسيا مجيدا، و خطيبا مصقعا،و لكن غطى على صفاته صفة البطولة و الشجاعة التي أدهشت العقول و حيرت الأفكار (2)
قال ابن حجر:روى عن:عمر و علي و خالد بن الوليد و أبي و أم ذر.
و عنه:ابنه إبراهيم و أبو حسان الأعرج و كنانة مولى صفية و عبد الرحمان بن يزيد و علقمة بن قيس و مخرمة بن ربيعة النخعيون،و عمرو بن غالب الهمداني.
و قال ايضا : و قد وقع له ذكر ضمن أثر علقه البخارى فى صلاة الخوف، و قال:قال الوليد :ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط و أصحابه على ظهرالدابة فقال كذلك الأمر عندنا إذا تخوف الفوت. و هذا الأثر رواه عمرو بن أبيسلمة عن الأوزاعي،قال:قال شرحبيل بن السمط لأصحابه:لا تصلوا صلاة الصبح على ظهر،فنزل الأشتر فصلى على الأرض،فأنكر عليه شرحبيل،و كان الأوزاعي يأخذ بهذا في طلب العدو (3) .
و كان أميرالمؤمنين عليه السلام حين رجع من صفين رد الأشتر إلى عمله بالجزيرة، فلما اضطربت مصر على محمد بن أبيبكر، استدعى عليه السلام الأشتر و كتب إليه كتابا بولاية مصر (4) .
و كان الأشتر سخيا حليما، و كان صاحب دين، و كان على جانب كبير من التقشف و الزهد.
قال ابن أبي الحديد: و قد روى المحدثون حديثا يدل على فضيلة عظيمة للأشتر ـ رحمه اللهـ و هى شهادة قاطعة من النبي صلى الله عليه و آله بأنه مؤمن،روى هذا الحديث أبو عمر بن عبد البر في كتاب«الاستيعاب» (5) .
و للإمام علي عليه السلام كلمات في الثناء عليه في حياته و بعد وفاته.
فمن كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه:و قد أمرت عليكما و على من في حيزكا مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا،فإنه ممن لايخاف وهنه و لا سقطته، و لا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، و لا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل.
و من كتاب له عليه السلام كتبه إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر:أما بعد، فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف،و لا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار، و هو: مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا أمره فيما طابق الحق فانه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، و لا نابي الضريبة... إلى أن قال عليه السلام:و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم، و شدة شكيمته على عدوكم.
وثقه العجلي، و ذكره ابن حبان في«الثقات».
توفي الأشتر سنة تسع و ثلاثين، و قيل: سنة ثمان و ثلاثين متوجها إلى مصر واليا عليها للإمام علي عليه السلام، و اختلف المؤرخون في موته، فقيل: مات حتف أنفه فجأة،و قيل: مات مسموما و هو المشهور.
قيل:إن معاوية دس إليه سما على يد مولى له، و يقال مولى عثمان، و قال آخرون: إن معاوية كتب إلى عامل الخراج بالقلزم أن يسمه.
و لما بلغ معاوية موته قام خطيبا،فقال:أما بعد،فانه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفين ـ و هو عمار بن ياسر ـ و قطعت الأخرى اليوم ـ و هو مالك الأشترـ .
أما أمير المؤمنين عليه السلام فقد تأسف لموته، و قال: لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه و آله.
و قال عليه السلام: رحم الله مالكا فقد كان وفى بعهده، و قضى نحبه،و لقي ربه،مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه و آله فانها من أعظم المصائب.
و قال عليه السلام: لله در مالك، و ما مالك ؟ لو كان من جبل لكان فندا، و لو كان من حجر لكان صلدا. (6)
تعليقات:
1) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/213،الطبقات لخليفة 249 برقم 1057،تاريخ خليفة 129، التاريخ الكبير للبخاري 7/311 برقم 1325، رجال البرقي 6، الجرح و التعديل 8/207 برقم 910، الثقات لابن حبان 5/389، الارشاد للمفيد 365، رجال الطوسي 58 برقم 5، الاستيعاب 1/301، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15/98، رجال ابن داود 283 برقم 1232، رجال العلامة الحلي 169 برقم 1، تهذيب الكمال 27/126، سير أعلام النبلاء 4/34 برقم 6، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 593، تهذيب التهذيب 10/11، تقريب التهذيب 2/224، الإصابة 3/459، مجمع الرجال 5/89، جامع الرواة 2/37، بهجة الآمال 6/207، تنقيح المقال 2/48 برقم 10025، أعيان الشيعة 9/38، الغدير 9/31 برقم 43، معجم رجال الحديث 14/161 برقم 9796، قاموس الرجال 7/463، قائد القوات العلوية للشيخ عبدالواحد المظفري.
2) ـ انظر«قائد القوات العلوية مالك الأشتر النخعي»ص .3
3) ـ تهذيب التهذيب 10/.12 لقد اشتبه الأمر على شرحبيل فقد ذكر أن صلاة الخوف لا تصلى إلا على الأرض، إنما تصلى على ظهر الدابة صلاة شدة الخوف و تعرف بصلاة المطاردة. و ذلك إذا أحاط العدو بهم من جميع الجهات و اشتغل كل فرد بالدفاع عن نفسه تصلى حينئذ على ظهر الدابة، إما إذا كان العدو في جهة أو جهتين و لميكن مخلتطا بهم تصلى على الأرض فرادى و تصح جماعة إذاقام بعضهم بحراسة بعض.
4) ـ قال عبد الواحد المظفري:إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يبعث مع الأشتر قاضيا و لا مفتيا و لا رجلا اداريا و لا شخصا سياسيا فعلمنا أنه ولاه كل هذه المناصب و رآه أهلا لها..و إلا فقد كانت الخلفاء قبله تولي الفتيا من غير من توليه الحرب و تولي القضاء غير من تولي الجباية،فهذا عمر بن الخطاب ولى عمار بن ياسر على الحرب و عبد الله بن مسعود على الصلاة،و سلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء و قرظة بن كعب الأنصاري على الجباية،و عثمان بن حنيف على المساحة.قائد القواتالعلوية: ص .5
5)ـرواه في ج 1 من «الاستيعاب» برقم 339 في ترجمة جندب بن جنادة.و جاء فيه ان أباذر بشر الرهط الذين شهدوا دفنه بالربذة، و قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول :ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين.و قد دفنه مالك الأشتر و أصحابه الكوفيون. و رواه أيضا الحاكم في «مستدركه»3/337، و أبو نعيم في «حلية الأولياء» 1/ 17
6) ـ الفند بالكسر: القطعة العظيمة من الجبل.
موسوعة طبقات الفقهاء ج 1 ص 505