بنت الغريب
19-12-2009, 10:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الاعزاء كلنا يعلم ان اصحاب الحسين عليه السلام كانو من اشد المخلصين له
كانو ممن قدموا ارواحهم فداء لرفع راية الاسلام تحت يد سيد الشهداء
كانو ممن لايهابون الموت ابدااااااااااا
هذا مقال رايته فاعجبني للكاتب الشيخ حيدر اليعقويي فحبيت انقله لكم
يعتبر الحديث عن أصحاب الإمام الحسين (عليهم السلام) حديثاً عن السمات البارزة التي اتسمت بها هذه الكوفة المقدسة، التي كانت تضم إلى جانب العلم والتقوى والجهاد، الإخلاص المطلق والوفاء الكامل لسيد الشهداء وريحانة رسول الله الإمام أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه).
ومما لا شك فيه أنّ خصائص أصحاب الحسين وسماتهم كثيرةٌ جداً، وكلّ واحد منهم يمثل مدرسة مستقلة برأسها. وفي هذه المدرسة الرائعة والجامعة المباركة دروس لمختلف الشرائح والطبقات ولمختلف الأعمار، فإذا أراد الشيخ قدوة له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أراد الكهل قدوةً له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أراد الشاب قدوة له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أرادت المرأة قدوة لها وجدتها ـ أيضاً ـ في يوم عاشوراء.
باعتبار أنّ الذين ضحوا من أجل سيد الشهداء وجاهدوا بين يديه كان فيهم الشيخ كحبيب بن مظاهر الأسدي، وفيهم الكهل كأبي الفضل العباس، وفيهم الشاب كعلي الأكبر، وفيهم الصبي كعمر بن جنادة الأنصاري، وفيهم الذي لم يبلغ دور الحلم كالقاسم بن الإمام الحسن عليهما السلام، وفيهم الرضيع كرضيع الحسين، وفيهم المرأة كأمِّ وهب التي قُتلتْ يوم عاشوراء بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام)، قتلها رُستم غلامُ شمر.
السمة الأولى: الوعي والبصيرة
من جملة الخصائص التي امتاز بها أصحاب سيد الشهداء هي شدّة إيمانهم واعتقادهم بقضيتهم الناشئ عن وعي وبصيرة، وما كانوا متأثرين بالجو العام في تقييم الأفكار والمواقف. لأنّه لا ينبغي للإنسان المؤمن الواعي أن ينساق وراء الجو الجماهيري العام الذي لا يتصف بالحكمة في كثير من المواقف؛ لانّ الإنسان إذا خضع للجو العام وألغى تفكير نفسه سوف يفقد الثقة بعقله وبما يصل إليه من نتائج.
يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم: Nقُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَة أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَاب شَدِيد (1)، فالآية لم تخاطب الجماهير كجماهير، بل خاطبتهم كأفراد؛ لأنّ الجماهير في حالات الاندفاع وطوفان الحماس لا تفهم لغة الحجج والبراهين. الآية خاطبت كل فرد، أو كل فردين، الفرد يفكر مع نفسه أو يفكر مع شخص آخر فيما يقوله هذا النبي لهم، وفيما يقرأه عليهم من القرآن، هل يمكن أن يكون ذلك منطلقاً من مجنون أو ساحر أو كاذب؟ فهذه دعوة من القرآن في سبيل أن يستخدم الإنسان عقله ولا يخضع ـ كغيره ـ للجو العام الخاطئ. ولهذا يقول الرسول(صلى الله عليه وآله): ( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ) (2).
فمواقف أصحاب الحسين (عليهم السلام) ما كانت مبنية على الهياج العام بل كانت مبنية على أساس من الوعي والإيمان الشديدين.
ومما يؤكد هذا المعنى أنّ التاريخ لم يسجِّل ولا كلمة واحدة ولا موقف واحد من أصحاب الحسين (عليه السلام) تشير ـ ولو من بعيد ـ إلى ترددهم، أو بيان مخرج أو رأي يخالف ما عليه الإمام الحسين (عليه السلام)، بل الذي وجدناه في كتب التاريخ التصريح بالتأييد للإمام الحسين (عليه السلام)، والمناصرة له، والتفاني لأجله ولأجل قضيته التي جاء بها، وإليك بعض الكلمات والمواقف التي صدرت منهم في يوم العاشر أو قبل يوم العاشر من المحرم، والتي تدل على ثباتهم وبصيرتهم وإقدامهم:
لما دخل مسلم بن عقيل (عليه السلام) إلى الكوفة، وتهافت الناس على بيعته حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً، قام المجاهد الشهيد عابس بن شبيب الشاكري وخاطب مسلماً (عليه السلام) ـ بحضور عَلِية القوم وعيونهم ـ وقال: (إني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في نفوسهم ولا أغرّك بهم، والله إني أحدثك عما أنا موطن عليه نفسي. والله لأجيبنكم إذا دعوتهم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربنّ بسيفي دونكم، حتى ألقى الله لا أريد بذلك إلا ما عند الله)(3) وتابعه على هذا الكلام كلاً من حبيب بن مظاهر الأسدي وسعيد بن عبد الله الحنفي.فكان هذا الكلام من هذا المجاهد تشخيصاً واعياً لرجل خبر الساحة وظروفها، وآمن بقضيته عن وعي وبصيرة بعيداً عن الجو العام الخاطئ، لهذا ما تغيرت مواقفه تبعاً لتغير مواقف الهمج الرعاة. ووقف في يوم عاشوراء أمام سيد الشهداء (عليه السلام) قائلاً: ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ منك ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء أعز عليّ من نفسي لفعلت: السلام عليك، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتاً سيفه منادياً ألا رجل؟ فأحجموا عنه(4) ولم يجرؤ أي منهم على تحدي هذا الليث الغاضب، وبعد تكرار الدعوة لهم، وجد أنّ لآمة حربه تعيقه عن الحركة ومهاجمة أعداء الله، فخلعها كلها ـ درعه وطاسه وغير ذلك ـ وعاد إلى الميدان يهاجم أعداء الإسلام فلم يجرؤ أحد على الوقوف في طريقه، وما استطاعوا قتله إلا برميه بوابل من الحجارة والسهام، فاستشهد بهذا الأسلوب الوحشي (رضوان الله عليه). لقد كان عابس وبقية أصحاب الإمام الحسين من أهل البصائر كما شهد لهم بذلك عدوهم اللدود، عمر بن الحجاج الزبيدي، حينما خاطب أصحابه قائلاً: أتدرون من تقاتلون؟! تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قتلهم.
إذاً، من خصائص أصحاب الحسين (عليه السلام) شدة اعتقادهم وإيمانهم بقضيتهم، ذلك الإيمان النابع عن وعي وبصيرة، هذه هي السمة الأولى.
السمة الثانية: الصحبة لرسول الله
كان فيهم عدد كبير من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن ذوي السابقة الحسنة؛ كأنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي، الذي كان شيخاً كبيراً، صحابياً رأى النبي وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً(5). هذا الرجل الكريم خرج في يوم العاشر بهيئة أبكت الإمام الحسين عليه السلام، فقد برز إلى القوم محدودب الظهر، شاداً وسطه بالعمامة، رافعاً حاجبيه بالعصابة، فلما نظر إليه الإمام الحسين عليه السلام بكى، وقال: شكر الله سعيك يا شيخ. فقتل على كبره ثمانية عشر رجلاً وقتل.
وكذلك من وجوه الصحابة ومن خيارهم حبيب بن مظاهر الأسدي، الذي كان شريفاً في قومه ومن ذوي السوابق الحسنة ومن علماء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). لهذا ورد أنّ الإمام الحسين عليه السلام كتب له رسالة يدعوه فيها إلى نصرته، وقد عبر عنه بالفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي. وقد وصلت إليه هذه الرسالة وهو على مائدة الطعام، فلما قرأها نفض الطعام من يده، فقالت له زوجته: ما الخبر؟ قال: أما علمت أنّه قد وردني كتاب كريم من رجل كريم، كتاب مولاي الحسين يدعوني فيه لنصرته، وقد آن الأوان، فلما سمع بعض أقربائه حاولوا أن يمنعوه من اللحاق بالحسين، إلا أنّه دفع فرسه وسيفه ولآمة حربه إلى غلامه وأمره أن يسير سراً إلى أقصى بستان في الكوفة ـ على طريق الذاهب إلى كربلاء ـ وقال له: إنتظرني هناك حتى ألحق بك سراً؛ لأنّ السلطة كانت تراقب تحركات الناس ولا تسمح لأحد أن يخرج من الكوفة إلا ضمن القوة العسكرية التي جهزتها السلطة لمواجهة الإمام الحسين (عليه السلام).
فحبيب بن مظاهر كان يعلم بمنتهى الرصد ومدى الرقابة عليه؛ فلهذا خرج متكتماً، ولمّا طال الانتظار بالعبد، ووصل حبيب إليه، سمعه يقول للجواد: يا جواد، لو لم يأتي سيدي حبيب لأعلونّ ظهرك وأمضي لنصرة مولاي الحسين، فانفجر حبيب باكياً، وقال: سيدي أبا عبد الله، العبيد تتمنى نصرتك فكيف بالأحرار، ولما أقبل حبيب إلى الإمام الحسين عليه السلام، وكان الإمام قد كتّب الكتائب ـ على قلة عددهم ـ وعين الميمنة والميسرة والقلب، وأعطى اللواء إلى أبي الفضل، وبقيت راية الأنصار، ولما سأل، لمن الراية؟ قال: أمهلوا سيأتي صاحبها، فبينما هم كذلك وإذا بحبيب بن مظاهر أقبل وسلم على الإمام الحسين عليه السلام.
السمة الثالثة: الوفاء المطلق لإمام زمانهم
ومن خصائصهم شدة وفائهم لإمام زمانهم، ذلك الوفاء الذي انعدم نظيره. لقد رسموا للتاريخ أروع صور الوفاء لقائدهم وسيدهم الإمام الحسين. يقع مسلم بن عوسجة على الأرض صريعاً وبه رمق، فيأتي إليه سيد الشهداء (عليه السلام) ومعه حبيب، فيقول له حبيب: عزّ عليّ مصرعك، يا مسلم ابشر بالجنة. فقال بصوت ضعيف: بشرك الله بخير. قال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بما أهمك، فقال مسلم: اوصيك بهذا ـ وأشارَ بيده إلى الحسين ـ أن تموت دونه.(6)
وموقف آخر لا يقل روعة وعطاءً ووفاءً عن موقف مسلم الا وهو موقف جون مولى أبي ذر الغفاري. فقد جاء يستأذن الحسين، فقال (عليه السلام): يا جون، إنما تبعتنا طلباً للعافية، فأنت في اذن مني! فوقع على قدميه يقبلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفس عليّ بالجنة؛ ليطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض لوني، لا والله لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فاذن له الإمام الحسين عليه السلام، فقتل خمساً وعشرين وقتل، فوقف عليه الإمام الحسين وقال: اللهم بيّض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع محمد (صلى الله عليه وآله) وعرّف بينه وبين آل محمد (صلى الله عليه وآله).(7) فكان من يمر بالمعركة يشم منه رائحة طيبة أذكى من المسك.
لقد كان من شدة وفائهم أنّ الرجل منهم كان يقف أمام سيد الشهداء يقيه النبال والسهام ثمّ يلتفت إلى الإمام وهو مثخن بالجراح ويقول له: أوفيت يا بن رسول الله. فيقول له الإمام: نعم، أنت أمامي في الجنة.
لقد رسم جميع أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام في يوم الطف أروع صور البطولة والفداء، رجالاً ونساءً، وزينوا تاريخ البشرية بلوحات مدهشة وصفحات مشرقة ليس لها نظير، ولو كانت قد وجدت مثل هذه الصور البطولية في تاريخ الغرب لرأيت كيف يعظمونها ويصنعون منها نماذج مشرقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة سبأ: 46.
(2) سنن الترمذي3: 246.
(3) مقتل الحسين المقرّم: 147.
(4) مقتل الحسين، المقرّم: 251.
(5) مقتل الحسين، المقرّم: 252.
(6) مقتل الحسين، المقرّم: 241.
(7) مقتل الحسين، المقرّم: 252.
اخواني الاعزاء كلنا يعلم ان اصحاب الحسين عليه السلام كانو من اشد المخلصين له
كانو ممن قدموا ارواحهم فداء لرفع راية الاسلام تحت يد سيد الشهداء
كانو ممن لايهابون الموت ابدااااااااااا
هذا مقال رايته فاعجبني للكاتب الشيخ حيدر اليعقويي فحبيت انقله لكم
يعتبر الحديث عن أصحاب الإمام الحسين (عليهم السلام) حديثاً عن السمات البارزة التي اتسمت بها هذه الكوفة المقدسة، التي كانت تضم إلى جانب العلم والتقوى والجهاد، الإخلاص المطلق والوفاء الكامل لسيد الشهداء وريحانة رسول الله الإمام أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه).
ومما لا شك فيه أنّ خصائص أصحاب الحسين وسماتهم كثيرةٌ جداً، وكلّ واحد منهم يمثل مدرسة مستقلة برأسها. وفي هذه المدرسة الرائعة والجامعة المباركة دروس لمختلف الشرائح والطبقات ولمختلف الأعمار، فإذا أراد الشيخ قدوة له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أراد الكهل قدوةً له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أراد الشاب قدوة له وجدها في أصحاب الحسين، وإذا أرادت المرأة قدوة لها وجدتها ـ أيضاً ـ في يوم عاشوراء.
باعتبار أنّ الذين ضحوا من أجل سيد الشهداء وجاهدوا بين يديه كان فيهم الشيخ كحبيب بن مظاهر الأسدي، وفيهم الكهل كأبي الفضل العباس، وفيهم الشاب كعلي الأكبر، وفيهم الصبي كعمر بن جنادة الأنصاري، وفيهم الذي لم يبلغ دور الحلم كالقاسم بن الإمام الحسن عليهما السلام، وفيهم الرضيع كرضيع الحسين، وفيهم المرأة كأمِّ وهب التي قُتلتْ يوم عاشوراء بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام)، قتلها رُستم غلامُ شمر.
السمة الأولى: الوعي والبصيرة
من جملة الخصائص التي امتاز بها أصحاب سيد الشهداء هي شدّة إيمانهم واعتقادهم بقضيتهم الناشئ عن وعي وبصيرة، وما كانوا متأثرين بالجو العام في تقييم الأفكار والمواقف. لأنّه لا ينبغي للإنسان المؤمن الواعي أن ينساق وراء الجو الجماهيري العام الذي لا يتصف بالحكمة في كثير من المواقف؛ لانّ الإنسان إذا خضع للجو العام وألغى تفكير نفسه سوف يفقد الثقة بعقله وبما يصل إليه من نتائج.
يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم: Nقُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَة أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَاب شَدِيد (1)، فالآية لم تخاطب الجماهير كجماهير، بل خاطبتهم كأفراد؛ لأنّ الجماهير في حالات الاندفاع وطوفان الحماس لا تفهم لغة الحجج والبراهين. الآية خاطبت كل فرد، أو كل فردين، الفرد يفكر مع نفسه أو يفكر مع شخص آخر فيما يقوله هذا النبي لهم، وفيما يقرأه عليهم من القرآن، هل يمكن أن يكون ذلك منطلقاً من مجنون أو ساحر أو كاذب؟ فهذه دعوة من القرآن في سبيل أن يستخدم الإنسان عقله ولا يخضع ـ كغيره ـ للجو العام الخاطئ. ولهذا يقول الرسول(صلى الله عليه وآله): ( لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا ) (2).
فمواقف أصحاب الحسين (عليهم السلام) ما كانت مبنية على الهياج العام بل كانت مبنية على أساس من الوعي والإيمان الشديدين.
ومما يؤكد هذا المعنى أنّ التاريخ لم يسجِّل ولا كلمة واحدة ولا موقف واحد من أصحاب الحسين (عليه السلام) تشير ـ ولو من بعيد ـ إلى ترددهم، أو بيان مخرج أو رأي يخالف ما عليه الإمام الحسين (عليه السلام)، بل الذي وجدناه في كتب التاريخ التصريح بالتأييد للإمام الحسين (عليه السلام)، والمناصرة له، والتفاني لأجله ولأجل قضيته التي جاء بها، وإليك بعض الكلمات والمواقف التي صدرت منهم في يوم العاشر أو قبل يوم العاشر من المحرم، والتي تدل على ثباتهم وبصيرتهم وإقدامهم:
لما دخل مسلم بن عقيل (عليه السلام) إلى الكوفة، وتهافت الناس على بيعته حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً، قام المجاهد الشهيد عابس بن شبيب الشاكري وخاطب مسلماً (عليه السلام) ـ بحضور عَلِية القوم وعيونهم ـ وقال: (إني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في نفوسهم ولا أغرّك بهم، والله إني أحدثك عما أنا موطن عليه نفسي. والله لأجيبنكم إذا دعوتهم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربنّ بسيفي دونكم، حتى ألقى الله لا أريد بذلك إلا ما عند الله)(3) وتابعه على هذا الكلام كلاً من حبيب بن مظاهر الأسدي وسعيد بن عبد الله الحنفي.فكان هذا الكلام من هذا المجاهد تشخيصاً واعياً لرجل خبر الساحة وظروفها، وآمن بقضيته عن وعي وبصيرة بعيداً عن الجو العام الخاطئ، لهذا ما تغيرت مواقفه تبعاً لتغير مواقف الهمج الرعاة. ووقف في يوم عاشوراء أمام سيد الشهداء (عليه السلام) قائلاً: ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ منك ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء أعز عليّ من نفسي لفعلت: السلام عليك، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتاً سيفه منادياً ألا رجل؟ فأحجموا عنه(4) ولم يجرؤ أي منهم على تحدي هذا الليث الغاضب، وبعد تكرار الدعوة لهم، وجد أنّ لآمة حربه تعيقه عن الحركة ومهاجمة أعداء الله، فخلعها كلها ـ درعه وطاسه وغير ذلك ـ وعاد إلى الميدان يهاجم أعداء الإسلام فلم يجرؤ أحد على الوقوف في طريقه، وما استطاعوا قتله إلا برميه بوابل من الحجارة والسهام، فاستشهد بهذا الأسلوب الوحشي (رضوان الله عليه). لقد كان عابس وبقية أصحاب الإمام الحسين من أهل البصائر كما شهد لهم بذلك عدوهم اللدود، عمر بن الحجاج الزبيدي، حينما خاطب أصحابه قائلاً: أتدرون من تقاتلون؟! تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قتلهم.
إذاً، من خصائص أصحاب الحسين (عليه السلام) شدة اعتقادهم وإيمانهم بقضيتهم، ذلك الإيمان النابع عن وعي وبصيرة، هذه هي السمة الأولى.
السمة الثانية: الصحبة لرسول الله
كان فيهم عدد كبير من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن ذوي السابقة الحسنة؛ كأنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي، الذي كان شيخاً كبيراً، صحابياً رأى النبي وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً(5). هذا الرجل الكريم خرج في يوم العاشر بهيئة أبكت الإمام الحسين عليه السلام، فقد برز إلى القوم محدودب الظهر، شاداً وسطه بالعمامة، رافعاً حاجبيه بالعصابة، فلما نظر إليه الإمام الحسين عليه السلام بكى، وقال: شكر الله سعيك يا شيخ. فقتل على كبره ثمانية عشر رجلاً وقتل.
وكذلك من وجوه الصحابة ومن خيارهم حبيب بن مظاهر الأسدي، الذي كان شريفاً في قومه ومن ذوي السوابق الحسنة ومن علماء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). لهذا ورد أنّ الإمام الحسين عليه السلام كتب له رسالة يدعوه فيها إلى نصرته، وقد عبر عنه بالفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي. وقد وصلت إليه هذه الرسالة وهو على مائدة الطعام، فلما قرأها نفض الطعام من يده، فقالت له زوجته: ما الخبر؟ قال: أما علمت أنّه قد وردني كتاب كريم من رجل كريم، كتاب مولاي الحسين يدعوني فيه لنصرته، وقد آن الأوان، فلما سمع بعض أقربائه حاولوا أن يمنعوه من اللحاق بالحسين، إلا أنّه دفع فرسه وسيفه ولآمة حربه إلى غلامه وأمره أن يسير سراً إلى أقصى بستان في الكوفة ـ على طريق الذاهب إلى كربلاء ـ وقال له: إنتظرني هناك حتى ألحق بك سراً؛ لأنّ السلطة كانت تراقب تحركات الناس ولا تسمح لأحد أن يخرج من الكوفة إلا ضمن القوة العسكرية التي جهزتها السلطة لمواجهة الإمام الحسين (عليه السلام).
فحبيب بن مظاهر كان يعلم بمنتهى الرصد ومدى الرقابة عليه؛ فلهذا خرج متكتماً، ولمّا طال الانتظار بالعبد، ووصل حبيب إليه، سمعه يقول للجواد: يا جواد، لو لم يأتي سيدي حبيب لأعلونّ ظهرك وأمضي لنصرة مولاي الحسين، فانفجر حبيب باكياً، وقال: سيدي أبا عبد الله، العبيد تتمنى نصرتك فكيف بالأحرار، ولما أقبل حبيب إلى الإمام الحسين عليه السلام، وكان الإمام قد كتّب الكتائب ـ على قلة عددهم ـ وعين الميمنة والميسرة والقلب، وأعطى اللواء إلى أبي الفضل، وبقيت راية الأنصار، ولما سأل، لمن الراية؟ قال: أمهلوا سيأتي صاحبها، فبينما هم كذلك وإذا بحبيب بن مظاهر أقبل وسلم على الإمام الحسين عليه السلام.
السمة الثالثة: الوفاء المطلق لإمام زمانهم
ومن خصائصهم شدة وفائهم لإمام زمانهم، ذلك الوفاء الذي انعدم نظيره. لقد رسموا للتاريخ أروع صور الوفاء لقائدهم وسيدهم الإمام الحسين. يقع مسلم بن عوسجة على الأرض صريعاً وبه رمق، فيأتي إليه سيد الشهداء (عليه السلام) ومعه حبيب، فيقول له حبيب: عزّ عليّ مصرعك، يا مسلم ابشر بالجنة. فقال بصوت ضعيف: بشرك الله بخير. قال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بما أهمك، فقال مسلم: اوصيك بهذا ـ وأشارَ بيده إلى الحسين ـ أن تموت دونه.(6)
وموقف آخر لا يقل روعة وعطاءً ووفاءً عن موقف مسلم الا وهو موقف جون مولى أبي ذر الغفاري. فقد جاء يستأذن الحسين، فقال (عليه السلام): يا جون، إنما تبعتنا طلباً للعافية، فأنت في اذن مني! فوقع على قدميه يقبلهما ويقول: أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم، إنّ ريحي لنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفس عليّ بالجنة؛ ليطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض لوني، لا والله لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فاذن له الإمام الحسين عليه السلام، فقتل خمساً وعشرين وقتل، فوقف عليه الإمام الحسين وقال: اللهم بيّض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع محمد (صلى الله عليه وآله) وعرّف بينه وبين آل محمد (صلى الله عليه وآله).(7) فكان من يمر بالمعركة يشم منه رائحة طيبة أذكى من المسك.
لقد كان من شدة وفائهم أنّ الرجل منهم كان يقف أمام سيد الشهداء يقيه النبال والسهام ثمّ يلتفت إلى الإمام وهو مثخن بالجراح ويقول له: أوفيت يا بن رسول الله. فيقول له الإمام: نعم، أنت أمامي في الجنة.
لقد رسم جميع أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام في يوم الطف أروع صور البطولة والفداء، رجالاً ونساءً، وزينوا تاريخ البشرية بلوحات مدهشة وصفحات مشرقة ليس لها نظير، ولو كانت قد وجدت مثل هذه الصور البطولية في تاريخ الغرب لرأيت كيف يعظمونها ويصنعون منها نماذج مشرقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة سبأ: 46.
(2) سنن الترمذي3: 246.
(3) مقتل الحسين المقرّم: 147.
(4) مقتل الحسين، المقرّم: 251.
(5) مقتل الحسين، المقرّم: 252.
(6) مقتل الحسين، المقرّم: 241.
(7) مقتل الحسين، المقرّم: 252.