عاشقة_السيد_القبانجي
20-12-2009, 11:53 PM
الحسين بذرة ثورة ترويها الدموع الباكية بحرارة الصدق والعرفان وتعني بها وتحافظ على وجودها كلمة الحق والكلمة الواعية السائرة على طريق أختاره لها إمامها منذ أول تعلقها بعشقه , الحسين إذن دمعة ثائرة وكلمة صادعة بالحق فهو الألق المتجسد بين الحزن والثورة.
بين الحزن والثورة
عامة الأذواق تختلف من شخص لآخر , في تناول الطعام وفي اللباس وفي السماع وفي الميول , وما قد تراه جميلا تتعشقه ’ لايعجب الآخرين ولا يستهويهم , البعض تجد لديه جاذبية للأزرق والآخر يميل للتفاعل مع الأخضر , القراءة كذلك بينما تجد أحدهم يحب قراءة الشعر وتذوقه , قد تجد أخاه لايملك تصبرا على هضم الإيقاع الشعري ولا يتحصل على نفس يعيش به في آفاقه الحالمة0
هذا ماهو حاصل في التفاعل مع الموكب , أصبحت الميول مختلفة بين التعاطي مع القصيدة الرثائية البحتة والتفاعل مع القصيدة الحماسية ذات الطرح السياسي والإجتماعي , ولقد أصبح الأخذ والرد جاريا على قدم وساق بين هذين الفكرين والأفقين , فلكل أفق يحكم, توجهاته ويسير رغباته 0
علينا إلقاء نظرة على كل أفق منهما والملامح العامة لكلا التوجهين , توجه يتفاعل مع القصائد الرثائية الحزينة ذات العاطفة الجياشة المتدفقة من شريان الشجى المقولبة في ألحان الدمع السيال 0
العاطفة عمد مهم في الموكب الحسيني ولا يمكن الإستغناء عنه لضرورته في صنع العواطف الولائية النابعة من صدق الإحساس مع رزايا أهل البيت ولا نستطيع تجريد الموكب من العاطفة القلبية 0 العاطفة تصنع فكرا حقيقيا إذا كانت واعية وإذا لم تكن عاطفة ساذجة لتمضية الوقت , تلك إذن عاطفة تؤسس لمناعة أبدية وتعزز وجود المبادئ ولا يمكننا الإستهانة بالدمعة النازفة من أماقي المحبين العارفين 0 الدمعة بإمكانها إزالة عروش مستبدة0
تلك إذن دمعة ترشق الجبروت برقة سيلانها وتتحدى فراعنة وجبابرة بهدوء تدفقها 0 وتزلزل تيجان الظلمة بهبوطها من ينابيع العيون المخلصة , وفي خفاء تصنع سرا يحجزها عن نار الآخرة بانزوائها عن من يدنسها في دنياها 0
الرثاء الحسني إذن ليس كما يتصوره الفكر الساذج منا ومن غيرنا , ليس الرثاء مجرد استدرار لدمعة ساذجة تسيل وتجففها دقائق تعبر عليها , إنما هي بعد لا يدركه من لايعي فاعلية البكاء في الوجدان البشري 0
الذوق الآخر يطيب له الطرح السياسي والإجتماعي وافراز جل طاقته في إسقاط قبضته الغاضبة مع إيقاع اللطم المتواصل , هذا ذوق مطلوب في أروقة الموكب ولا يستغنى عنه , فالناس مختلفون في استيعاب القضايا , ومنهم من لايدرك الأمر إلا بتلخيصه في طرح يجسد توضيحا لمفاصل القضايا ووضع الإصبع على موضع الألم من المأساة0
هذا الطرح لا يمكننا إقصاءه من الموكب بحجة بعده عن الهدف المطلوب , الموكب لم يؤسس لسلوك درب الدمع فقط وإنما هو طريق لتقوية العاطفة وتعزيز العقيدة ومعالجة القضايا 0إقصاء الطرح العام من الموكب دعوة قاصرة غير ناضجة ولا تحمل بعدا مستقبليا ولا تملك وعيا تاما بأهداف الموكب 0
وبالنظر لما فات من مقارنة بين الأسلوب الرثائي والأسلوب العام في الطرح نصل إلى نتيجة واضحة لا نستطيع الفكاك من أسرها , نتيجة تأخذنا إلى وحدة الهدف من الإسلوبين0
الدمعة في مسارها الأول توصلنا إلى المسار الآخر بالتقائها معه في خط إلتقاء ,ونصل إلى ضرورة الخطين في الموكب 0وعدم صحة الإستغناء عن أحدهما 0هما كاليد والرجل لكل منهما وظيفة تؤدي إلى خدمة الإنسان0
الطرح الرثائي يبدو أنه لايختلف عليه إثنان ولا يتنازع في لزوميته متنازعان لكونه النواة الأساسية للموكب والإنطلاقة الأولى لمسيرته والتسليم لضرورته من كل الفئات العمرية والتوجهات , أما الطرح السياسي فأمر مختلف فيه بين مؤيد لتأكيده وبين رافض للإفراط فيه ’ قد نسلم بحاجتنا لتقنين طرق الطرح وأساليبها ومدى العمق في هذا الطرح 0أما الرافضين للطرح الإجتماعي على وجه الإطلاق فنقول لهم إن أفق الرفض للطرح الإجتماعي والقضايا الملاصقة للأمة أفق تنقصه المبررات الناضجة0
مطلقا لانستطيع تبرير الخروج بموكب لإحياء نهضة ثائر قام يقارع الظلم في مجتمعه بينما نحن نرى المعالجة للقضايا بعيدا عن الموكب ,وليس من مقوماته 0 الإقتصار على الجانب الدمعوي فقط في الموكب إفراغ لثورة الحسين من محتواها الحقيقي وسكبها في قالب جامد لا يتسع لكل الآفاق 0 وما أعتقد إلا أن كل الطغاة يودون لو أقتصرت المواكب الحسينية على الرثاء الحسيني بعيدا عن أهداف الثورة الحسينية0
الحسين (ع) لم يقدم نفسه قربانا لأمة تسكب دموعها جامدة وما تفتئ تجف فوق صفحات الخدود ,الحسين بذل حشاشة نفسه ليكون مشعلا يحمله كل متعشق لثورته , ليحمله السائرون على طريقه وينيروا الظلمة الجاثمة على صدر الأمة في عصورها الحالكة الظلام0 وكيف يتمكن الحسينيون من إنارة القلوب بضياء الحسين ؟! إذا لم يوقظوا قلوبهم من رقدة الذل , وإذا لم يزيحوا ستار العمى عن أبصارهم بأهداف نهضة الحسين0
الحسين لا يعيش في نفوس تصم آذانها عن سماع صوت المظلوم , وغض الطرف عن المنكر والتكاسل عن الأمر بالمعروف , الحسين يعيش في شخصيات تعيد تمثيل دوره في زمن غير زمانه , الحسين يحب أولئك المتوثبين للنيل من ظالميهم مستلهمين القدوة الحسنة من يومه يوم عاشوراء0
الحسين بذرة ثورة ترويها الدموع الباكية بحرارة الصدق والعرفان وتعني بها وتحافظ على وجودها كلمة الحق والكلمة الواعية السائرة على طريق أختاره لها إمامها منذ أول تعلقها بعشقه , الحسين إذن دمعة ثائرة وكلمة صادعة بالحق فهو الألق المتجسد بين الحزن والثورة.
بين الحزن والثورة
عامة الأذواق تختلف من شخص لآخر , في تناول الطعام وفي اللباس وفي السماع وفي الميول , وما قد تراه جميلا تتعشقه ’ لايعجب الآخرين ولا يستهويهم , البعض تجد لديه جاذبية للأزرق والآخر يميل للتفاعل مع الأخضر , القراءة كذلك بينما تجد أحدهم يحب قراءة الشعر وتذوقه , قد تجد أخاه لايملك تصبرا على هضم الإيقاع الشعري ولا يتحصل على نفس يعيش به في آفاقه الحالمة0
هذا ماهو حاصل في التفاعل مع الموكب , أصبحت الميول مختلفة بين التعاطي مع القصيدة الرثائية البحتة والتفاعل مع القصيدة الحماسية ذات الطرح السياسي والإجتماعي , ولقد أصبح الأخذ والرد جاريا على قدم وساق بين هذين الفكرين والأفقين , فلكل أفق يحكم, توجهاته ويسير رغباته 0
علينا إلقاء نظرة على كل أفق منهما والملامح العامة لكلا التوجهين , توجه يتفاعل مع القصائد الرثائية الحزينة ذات العاطفة الجياشة المتدفقة من شريان الشجى المقولبة في ألحان الدمع السيال 0
العاطفة عمد مهم في الموكب الحسيني ولا يمكن الإستغناء عنه لضرورته في صنع العواطف الولائية النابعة من صدق الإحساس مع رزايا أهل البيت ولا نستطيع تجريد الموكب من العاطفة القلبية 0 العاطفة تصنع فكرا حقيقيا إذا كانت واعية وإذا لم تكن عاطفة ساذجة لتمضية الوقت , تلك إذن عاطفة تؤسس لمناعة أبدية وتعزز وجود المبادئ ولا يمكننا الإستهانة بالدمعة النازفة من أماقي المحبين العارفين 0 الدمعة بإمكانها إزالة عروش مستبدة0
تلك إذن دمعة ترشق الجبروت برقة سيلانها وتتحدى فراعنة وجبابرة بهدوء تدفقها 0 وتزلزل تيجان الظلمة بهبوطها من ينابيع العيون المخلصة , وفي خفاء تصنع سرا يحجزها عن نار الآخرة بانزوائها عن من يدنسها في دنياها 0
الرثاء الحسني إذن ليس كما يتصوره الفكر الساذج منا ومن غيرنا , ليس الرثاء مجرد استدرار لدمعة ساذجة تسيل وتجففها دقائق تعبر عليها , إنما هي بعد لا يدركه من لايعي فاعلية البكاء في الوجدان البشري 0
الذوق الآخر يطيب له الطرح السياسي والإجتماعي وافراز جل طاقته في إسقاط قبضته الغاضبة مع إيقاع اللطم المتواصل , هذا ذوق مطلوب في أروقة الموكب ولا يستغنى عنه , فالناس مختلفون في استيعاب القضايا , ومنهم من لايدرك الأمر إلا بتلخيصه في طرح يجسد توضيحا لمفاصل القضايا ووضع الإصبع على موضع الألم من المأساة0
هذا الطرح لا يمكننا إقصاءه من الموكب بحجة بعده عن الهدف المطلوب , الموكب لم يؤسس لسلوك درب الدمع فقط وإنما هو طريق لتقوية العاطفة وتعزيز العقيدة ومعالجة القضايا 0إقصاء الطرح العام من الموكب دعوة قاصرة غير ناضجة ولا تحمل بعدا مستقبليا ولا تملك وعيا تاما بأهداف الموكب 0
وبالنظر لما فات من مقارنة بين الأسلوب الرثائي والأسلوب العام في الطرح نصل إلى نتيجة واضحة لا نستطيع الفكاك من أسرها , نتيجة تأخذنا إلى وحدة الهدف من الإسلوبين0
الدمعة في مسارها الأول توصلنا إلى المسار الآخر بالتقائها معه في خط إلتقاء ,ونصل إلى ضرورة الخطين في الموكب 0وعدم صحة الإستغناء عن أحدهما 0هما كاليد والرجل لكل منهما وظيفة تؤدي إلى خدمة الإنسان0
الطرح الرثائي يبدو أنه لايختلف عليه إثنان ولا يتنازع في لزوميته متنازعان لكونه النواة الأساسية للموكب والإنطلاقة الأولى لمسيرته والتسليم لضرورته من كل الفئات العمرية والتوجهات , أما الطرح السياسي فأمر مختلف فيه بين مؤيد لتأكيده وبين رافض للإفراط فيه ’ قد نسلم بحاجتنا لتقنين طرق الطرح وأساليبها ومدى العمق في هذا الطرح 0أما الرافضين للطرح الإجتماعي على وجه الإطلاق فنقول لهم إن أفق الرفض للطرح الإجتماعي والقضايا الملاصقة للأمة أفق تنقصه المبررات الناضجة0
مطلقا لانستطيع تبرير الخروج بموكب لإحياء نهضة ثائر قام يقارع الظلم في مجتمعه بينما نحن نرى المعالجة للقضايا بعيدا عن الموكب ,وليس من مقوماته 0 الإقتصار على الجانب الدمعوي فقط في الموكب إفراغ لثورة الحسين من محتواها الحقيقي وسكبها في قالب جامد لا يتسع لكل الآفاق 0 وما أعتقد إلا أن كل الطغاة يودون لو أقتصرت المواكب الحسينية على الرثاء الحسيني بعيدا عن أهداف الثورة الحسينية0
الحسين (ع) لم يقدم نفسه قربانا لأمة تسكب دموعها جامدة وما تفتئ تجف فوق صفحات الخدود ,الحسين بذل حشاشة نفسه ليكون مشعلا يحمله كل متعشق لثورته , ليحمله السائرون على طريقه وينيروا الظلمة الجاثمة على صدر الأمة في عصورها الحالكة الظلام0 وكيف يتمكن الحسينيون من إنارة القلوب بضياء الحسين ؟! إذا لم يوقظوا قلوبهم من رقدة الذل , وإذا لم يزيحوا ستار العمى عن أبصارهم بأهداف نهضة الحسين0
الحسين لا يعيش في نفوس تصم آذانها عن سماع صوت المظلوم , وغض الطرف عن المنكر والتكاسل عن الأمر بالمعروف , الحسين يعيش في شخصيات تعيد تمثيل دوره في زمن غير زمانه , الحسين يحب أولئك المتوثبين للنيل من ظالميهم مستلهمين القدوة الحسنة من يومه يوم عاشوراء0
الحسين بذرة ثورة ترويها الدموع الباكية بحرارة الصدق والعرفان وتعني بها وتحافظ على وجودها كلمة الحق والكلمة الواعية السائرة على طريق أختاره لها إمامها منذ أول تعلقها بعشقه , الحسين إذن دمعة ثائرة وكلمة صادعة بالحق فهو الألق المتجسد بين الحزن والثورة.