خادمة مولاتي الزهراء
25-12-2009, 10:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بأي ذنب أقتل عطشانا ويرفع رأسي على الرمح ؟!!
ما هو ذنبي أن أقتل عطشانا ، بلا ذنب ، ذبحوني وصعد بدمي الى السماء ، ونادى منادي من السماء يا حسين دعه فإن له مرضعة في الجنة ، وشبهني أبي بفصيل ناقة صالح ، هل ذنبي لأني طفل رضيع أم لأني إبن الحسين (ع) ، أم لأني واجهت جيشا من الأعداء ولم يرحموا صغري ولا عطشي ، أم لأن أبي كان حفيد المصطفى وإبن فاطمة الزهراء وإبن علي المرتضى وأخ الحسن المجتبى ؟! ، أم لأن أبي كان على الحق وأراد الدفاع عن دين جده الذي أراد الأمويون واليزيديون تحريفه ، فأراد الله في كربلاء ويوم عاشوراء عام 60 من الهجرة ، أن أذبح من الوريد الى الوريد ومن الأذن الى الأذن ، هل ذبحت بذلك السهم المثلث المسموم ذي الثلاث شعب لأن أبي لم يقبل بالذل والظلم والمهانة ولم يقبل بمبايعة يزيد فقال الأعداء أقتلوهم ولا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية ، وهل هكذا يسقى الطفل الرضيع العطشان ؟!!
هل يسقونه من دمه كأس المنون وتسيل دماؤه من منحره على يد والده ، حتى يحمله كالحمامة المذبوحة ، وكنت أتلظى عطشا ، وأمي كانت تراقب هذه الفاجعة العظيمة ، وكنت طفلا معصوما ينظر إلى وجه أبيه ويتلوى من شدة العطش حيث أنني لم أذق الماء ثلاثة أيام ، وقد جف لبن أمي ، وعمي العباس كان قد ذهب الى المشرعة ليأتي بالماء لي وللأطفال والنساء في الخيام ولكنه أستشهد بجانب المشرعة وأصبح خجلا مني ومن سكينة ومنا جميعا ، وأمي الرباب في ظهر العاشر من المحرم كانت تتابع تلك اللحظات عندما جاء أبي الحسين يسترخص من أهل بيته بالذهاب الى المعركة ليقاتل الأعداء بعد أن بقي وحيدا فريدا لا ناصرا له ولا معين ، فجاءت عمتي زينب بي إليه حيث أن أمي بعد أن جف لبنها إستحت من أن تعطيني لأبي الحسين.
نادت عمتي زينب يا أخي وإبن والدي لقد جف لبن الرباب وهذا عبد الله الرضيع يتلضى عشطا فأطلب له شربة من الماء. فقال يا زينب ناوليني عليا (علي الأصغر) وأخذني الى الأعداء ، وهو يظللني عن حرارة الشمس ، ووقف أمامهم يستسقي لي الماء وكانت نظرات أمي الرباب مليئة بالحزن والترقب ، لأنها لا تعرف ما الذي سيجري علي ، وما هو مصيري.
وقف أبي أمام جيش عمر بن سعد ونظر الى ميمنة الجيش وخطب فيهم ، ثم الى ميسرة الجيش وخطب فيهم ثم الى قلب الجيش ، وهو يقول: يا قوم قتلتم أولادي ، يا قوم قتلتم أخواني ، يا قوم قتلتم أصحابي ، فما ذنب هذا الطفل الرضيع الصغير الذي لا ذنب له ، فإن كان هناك ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟؟!! ألا ترونه كيف يتلظى عشطا ؟ أسقوه شربة من الماء فإن عاش لا يضركم وإن مات طولبتم بدمه .. وهذا إبني لا يقوى على قتالكم .. وإن خفتم أن تأتون بالماء فأشرب وأتقوى على قتالكم فخذوه وأسقوه.
جاء بي أبي الى القوم الذين لا يعرفون ذرة من الرحمة ولا رأفة بطفولة وعصمة بيت النبي المصطفى محمد ، أخذني إليهم علهم يرحموني وتأخذهم الشفقة في قلوبهم ويسقوني شربة من الماء ولكنه وبعد أن رفعني الى السماء أمامهم وهو يستسقي لي الماء وأبو أن يسقوني ، هنالك أختلف القوم وحدثت همهمة فمنهم من قال أسقوه وهم يبكون ويقولون إن عاش لا يضرنا وإن مات طولبنا بدمه ، وآخرون قالوا لا بل أقتلوه ولا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية ، هناك صاح عمر بن سعد يا حرملة إقطع نزاع القوم ، فقال حرملة وماذا أصنع قال إرمي بنبلك وسهمك وإقطع نزاع القوم .. فقال حرملة .. إن السهام التي جئت بها ليست للأطفال الصغار وإنما للكبار وكذلك لأستهدف بها الإبل والخيل لأرديها على الأرض .. فقال عمر بن سعد وإن كان ذلك .. فقال حرملة : أستهدف الوالد أم الولد ، فقال عمر بن سعد بل أستهدف الولد وأثكل به أباه.
كنت في حجر أبي وإذا بي قد جاءت ريح فبانت رقبتي كأنها إبريق فضة فصوب اللعين سهمه المثلث ذا الثلاث شعب ولم يرق قلبه وأصابني في نحري ففار الدم وحسبته ماء وأخرجت يداي الصغيرتان من القماط وإعتنقت والدي ، والدم ينزف من نحري ذلك السهم الذي كاد أن يأخذني بعيدا عن يد أبي الحسين ، ولكن إرادة الله شاءت أن أبقى على يد والدي وفي حجره ، فقام الحسين وخضب من دمي لحيته الشريفة وأخذ قبضة من دمي ورفعها ودفعها نحو السماء قائلا:"هون ما نزل بي إنه بعين الله ، اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح".
إن إبي الحسين عليه السلام يوم عاشوراء يوم الفداء العظيم قد ذبح طفله بين يديه كما أخرج نبي الله صالح عليه السلام فصيل الناقة الى بني إسرائيل بعد أن قتلوها ، وناداهم نبيهم إن كنتم قتلتم الناقة وعقرتموها فها هو فصيلها خذوه لتسقوه يرفع عنكم العذاب ولكنهم ألحقوا الفصيل بالناقة قتلا ، فصب عليهم ربهم العذاب صبا ودمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها ، وهكذا بنو أمية وأتباع يزيد لما قتلوني رضيعا عطشانا إنقرضت دولتهم وصب الله عليهم العذاب صبا.
نعم لقد أخذ أبي قبضة من دمي ورفعها الى السماء وقال خذ يا ربي حتى ترضى ، فلم تسقط منه قطرة على وجه الأرض ، وقال بحقي الإمام الصادق عليه السلام "لو سقطت قطرة دم من دماء عبد الله الرضيع على الأرض لساخت الأرض ومن عليها".
وكم هي مصيبتي مصيبة عظمى حتى أن أخي علي بن الحسين السجاد عندما إلتقى المنهال في المدينة وكان في سنتها قد حج بيت الله الحرام وجاء لزيارة أخي في المدينة فسأله الإمام : يا منهال كيف تركت حرملة في الكوفة ؟!! فقال المنهال يا بن رسول الله تركته حي يرزق ، وإستدرك المنهال قائلا: يا بن رسول الله جعلت فداك وفداك أمي وأبي : تركت قتلة أبيك الحسين كشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد وشبث من ربعي وغيرهم وسألت عن حرملة ؟؟ ، فقال أخي السجاد: يا منهال : إن حرملة بن كاهل الأسدي الكوفي قد أحرق قلوبنا أهل البيت بقتله أخي علي الأصغر (عبد الله الرضيع) ، ثم أن أخي رفع يديه الى عنان السماء ودعا عليه قائلا: " اللهم أذقه حرالحديد ، اللهم أذقه حرالحديد ، اللهم أذقه حرالنار".
وقد أستجيبت دعوة أخي السجاد في حق حرملة فقد إنتقم المختار بن عبيدة الله الثقفي بعد قيامه في ثورة التوابين من قلتة أبي الحسين ومنهم حرملة اللعين.
ومن عظمة شأني ومقامي عند الله وعند أهل البيت أنهم يتوسلون بي لقضاء الحوائج ، والمؤمنين كذلك يتوسلون وقد زارني الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في زيارته المعروفة بزيارة الناحية المقدسة لأبي الحسين قائلا:"السلام على عبد الله الرضيع ، المرمي الصريع ، المتشحط دما ، المصعد بدمه الى السماء ، المذبوح في حجر أبيه ، لعن الله راميه ، حرملة بن كاهل الأسدي وذويه".
وهو الذي سيأخذ بثأرنا أهل البيت وسيثأر لدم جده الحسين ولدمي بعد أن يخرج ويظهر بأمر الله من مكة ويحكم في ظهر الكوفة ، ويأتي الى قبر أبي الحسين وينصب رآية خضراء بدل الراية الحمراء المنصوبة على قبة قبر جده الحسين ، ومن ثم يستخرج جسدي من على صدر أبي ويخاطب أهل العالم قائلا:" يا أهل العــالم :"ما ذنب هذا الطفل الرضيع أن يذبح في حجر أبيه".
لقد كانت شهادتي الوثيقة الدامغة على بطلان الحكم الأموي الذي لا شرعة له ولا منهاج ، بل كان همه الحكم والتسلط ولو على أنهار من الدماء وجماجم الأبرياء ، ولو على قتل حجة الله أبي سيد الشهداء وأفضل من خلق الله على وجه الأرض من أصفياء وأنصار لسبط رسول الله (ص).
ولكن أشد ما أشد على قلب أمي الرباب وعمتي زينب وعمتي أم كلثوم وأخي السجاد أنه ولما أرادوا أن يأخذوا بنات رسول الله وحرم رسول الله وبيت النبوة سبايا على ظهور المطايا الى الكوفة ومن ثم الى الشام ، إنبرت عشيرة من العشائر التي شاركت في القتال ضدنا في واقعة كربلاء وقالت لن نلتحق بالركب الا أن نأخذ معنا رأسا نجعله على الرمح لنأخذ الجائزة من عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية ، فدلهم البعض من المعسكر أن الحسين عندما ذبح طفله كفنه ورمله وحفر له بجفن سيفه حفره وصلى عليه ودفنه خلف الخيام ، فجاؤا ونبشوا قبري وإستخرجوا جسدي وقطعوا رأسي ووضعوه على الرمح وأخذوني مع الرؤوس للحصول على الجائزة.
نعم إن شهادتي وأنا عطشانا لا ذنب لي وأنا طفل صغير لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح ولم أرمي بنبلة ضد القوم هي التي أسقطت ورقة التوت عن سوءات الحكم الأموي اليزيدي حتى أنهم أجهشوا بالبكاء في مجلس إبن زياد وضربوا أنفسهم وبكوا على سوء ما فعلوه بعد أن خاطبتهم عمتي زينب بخطابها التاريخي.
وفي مجلس الطاغية يزيد تحدثت عمتي زينب وتحدث أخي الإمام زين العابدين السجاد عليه السلام فأنقلب السحرعلى الساحر حتى أن يزيد تبرأ من قتلة أبي الحسين وقال إني لم أطلب منهم قتله ، لأن الله فضحه وفضح أفعاله ، حتى أن مستشاره النصراني قال له بعد أن أخبره بقتل أبي سيد الشهداء وسأله النصراني وهل قتلتم عبد الله الرضيع ، فقال يزيد نعم فقال له يا يزيد لقد ضربت إسفينا في نعش حكمك فحكمك آيل الى الزوال بقتلك الطفل الرضيع.
أنا الشهيد الضامي ، أنا الذي قتلت ضاميا ، أنا الطفل الرضيع الذي أصبحت حجة الله الكبرى في كربلاء ووثيقة دامغة لسلامة رسالة أبي الحسين التي هي إمتدادا لرسالات الأنبياء.
أنا الذي أصبحت بابا من أبواب الحوائج الى الله يتوسل بي المؤمنون لقضاء حوائجهم فأتوجه الى الله فيقضي الله حوائجهم .. أنا الطفل الرضيع الذي أصبح والى قيام الساعة الحجة على قتلة أبي الحسين وأهل بيته وأصحابه ، حيث أن الدعي بن الدعي قال عنا أهل البيت بأننا خوارج خرجنا على الأمير فقتلنا بسيف جدنا .. ولكن شهادتي في كربلاء فضحتهم.
وهاهم شيعتنا ومحبونا يقيمون العزاء على مظلوميتنا كل عام في عاشوراء ، وها هم متمسكون بخطنا ومنهجنا ورسالتنا أهل البيت .. وهاهم يتبعون الحق وأبي هو سلطان الحق والفرقان بين الحق والباطل كما هي جدتي فاطمة وجدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعمي الحسن وسائر الأئمة المعصومين من ولد أبي الحسين الى قائمهم المهدي.
وأصبحت الجمعة الأولى من شهر محرم الحرام وبإشارة من المولى الإمام الرضا عليه السلام جمعة الطفل الرضيع العالمية حيث تجتمع النساء مع الأطفال الرضع في مجالس توسل بباب الحوائج عبد الله الرضيع (علي الأصغر عليه السلام) ، ويقيموا العزاء ويظهروا مظلوميته الى العالم التي هي مظلومية أبيه الإمام الحسين الذي وقع بشهادة طفله الرضيع رسالته ونهضته المقدسة الى العالم وبقيت هذه الشهادة خالدة الى يوم القيامة.
وهنيئا لمن تعرض لهذه البركات وهذه الأنهار والبحار من الكرامات بخدمته لرضيع الحسين ورضيع الرباب ورضيع كربلاء وأظهر الحق والحقائق للعالم بإظهاره لمظلومية عبد الله الرضيع عليه السلام.
بأي ذنب أقتل عطشانا ويرفع رأسي على الرمح ؟!!
ما هو ذنبي أن أقتل عطشانا ، بلا ذنب ، ذبحوني وصعد بدمي الى السماء ، ونادى منادي من السماء يا حسين دعه فإن له مرضعة في الجنة ، وشبهني أبي بفصيل ناقة صالح ، هل ذنبي لأني طفل رضيع أم لأني إبن الحسين (ع) ، أم لأني واجهت جيشا من الأعداء ولم يرحموا صغري ولا عطشي ، أم لأن أبي كان حفيد المصطفى وإبن فاطمة الزهراء وإبن علي المرتضى وأخ الحسن المجتبى ؟! ، أم لأن أبي كان على الحق وأراد الدفاع عن دين جده الذي أراد الأمويون واليزيديون تحريفه ، فأراد الله في كربلاء ويوم عاشوراء عام 60 من الهجرة ، أن أذبح من الوريد الى الوريد ومن الأذن الى الأذن ، هل ذبحت بذلك السهم المثلث المسموم ذي الثلاث شعب لأن أبي لم يقبل بالذل والظلم والمهانة ولم يقبل بمبايعة يزيد فقال الأعداء أقتلوهم ولا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية ، وهل هكذا يسقى الطفل الرضيع العطشان ؟!!
هل يسقونه من دمه كأس المنون وتسيل دماؤه من منحره على يد والده ، حتى يحمله كالحمامة المذبوحة ، وكنت أتلظى عطشا ، وأمي كانت تراقب هذه الفاجعة العظيمة ، وكنت طفلا معصوما ينظر إلى وجه أبيه ويتلوى من شدة العطش حيث أنني لم أذق الماء ثلاثة أيام ، وقد جف لبن أمي ، وعمي العباس كان قد ذهب الى المشرعة ليأتي بالماء لي وللأطفال والنساء في الخيام ولكنه أستشهد بجانب المشرعة وأصبح خجلا مني ومن سكينة ومنا جميعا ، وأمي الرباب في ظهر العاشر من المحرم كانت تتابع تلك اللحظات عندما جاء أبي الحسين يسترخص من أهل بيته بالذهاب الى المعركة ليقاتل الأعداء بعد أن بقي وحيدا فريدا لا ناصرا له ولا معين ، فجاءت عمتي زينب بي إليه حيث أن أمي بعد أن جف لبنها إستحت من أن تعطيني لأبي الحسين.
نادت عمتي زينب يا أخي وإبن والدي لقد جف لبن الرباب وهذا عبد الله الرضيع يتلضى عشطا فأطلب له شربة من الماء. فقال يا زينب ناوليني عليا (علي الأصغر) وأخذني الى الأعداء ، وهو يظللني عن حرارة الشمس ، ووقف أمامهم يستسقي لي الماء وكانت نظرات أمي الرباب مليئة بالحزن والترقب ، لأنها لا تعرف ما الذي سيجري علي ، وما هو مصيري.
وقف أبي أمام جيش عمر بن سعد ونظر الى ميمنة الجيش وخطب فيهم ، ثم الى ميسرة الجيش وخطب فيهم ثم الى قلب الجيش ، وهو يقول: يا قوم قتلتم أولادي ، يا قوم قتلتم أخواني ، يا قوم قتلتم أصحابي ، فما ذنب هذا الطفل الرضيع الصغير الذي لا ذنب له ، فإن كان هناك ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟؟!! ألا ترونه كيف يتلظى عشطا ؟ أسقوه شربة من الماء فإن عاش لا يضركم وإن مات طولبتم بدمه .. وهذا إبني لا يقوى على قتالكم .. وإن خفتم أن تأتون بالماء فأشرب وأتقوى على قتالكم فخذوه وأسقوه.
جاء بي أبي الى القوم الذين لا يعرفون ذرة من الرحمة ولا رأفة بطفولة وعصمة بيت النبي المصطفى محمد ، أخذني إليهم علهم يرحموني وتأخذهم الشفقة في قلوبهم ويسقوني شربة من الماء ولكنه وبعد أن رفعني الى السماء أمامهم وهو يستسقي لي الماء وأبو أن يسقوني ، هنالك أختلف القوم وحدثت همهمة فمنهم من قال أسقوه وهم يبكون ويقولون إن عاش لا يضرنا وإن مات طولبنا بدمه ، وآخرون قالوا لا بل أقتلوه ولا تبقوا لأهل هذا البيت من باقية ، هناك صاح عمر بن سعد يا حرملة إقطع نزاع القوم ، فقال حرملة وماذا أصنع قال إرمي بنبلك وسهمك وإقطع نزاع القوم .. فقال حرملة .. إن السهام التي جئت بها ليست للأطفال الصغار وإنما للكبار وكذلك لأستهدف بها الإبل والخيل لأرديها على الأرض .. فقال عمر بن سعد وإن كان ذلك .. فقال حرملة : أستهدف الوالد أم الولد ، فقال عمر بن سعد بل أستهدف الولد وأثكل به أباه.
كنت في حجر أبي وإذا بي قد جاءت ريح فبانت رقبتي كأنها إبريق فضة فصوب اللعين سهمه المثلث ذا الثلاث شعب ولم يرق قلبه وأصابني في نحري ففار الدم وحسبته ماء وأخرجت يداي الصغيرتان من القماط وإعتنقت والدي ، والدم ينزف من نحري ذلك السهم الذي كاد أن يأخذني بعيدا عن يد أبي الحسين ، ولكن إرادة الله شاءت أن أبقى على يد والدي وفي حجره ، فقام الحسين وخضب من دمي لحيته الشريفة وأخذ قبضة من دمي ورفعها ودفعها نحو السماء قائلا:"هون ما نزل بي إنه بعين الله ، اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح".
إن إبي الحسين عليه السلام يوم عاشوراء يوم الفداء العظيم قد ذبح طفله بين يديه كما أخرج نبي الله صالح عليه السلام فصيل الناقة الى بني إسرائيل بعد أن قتلوها ، وناداهم نبيهم إن كنتم قتلتم الناقة وعقرتموها فها هو فصيلها خذوه لتسقوه يرفع عنكم العذاب ولكنهم ألحقوا الفصيل بالناقة قتلا ، فصب عليهم ربهم العذاب صبا ودمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها ، وهكذا بنو أمية وأتباع يزيد لما قتلوني رضيعا عطشانا إنقرضت دولتهم وصب الله عليهم العذاب صبا.
نعم لقد أخذ أبي قبضة من دمي ورفعها الى السماء وقال خذ يا ربي حتى ترضى ، فلم تسقط منه قطرة على وجه الأرض ، وقال بحقي الإمام الصادق عليه السلام "لو سقطت قطرة دم من دماء عبد الله الرضيع على الأرض لساخت الأرض ومن عليها".
وكم هي مصيبتي مصيبة عظمى حتى أن أخي علي بن الحسين السجاد عندما إلتقى المنهال في المدينة وكان في سنتها قد حج بيت الله الحرام وجاء لزيارة أخي في المدينة فسأله الإمام : يا منهال كيف تركت حرملة في الكوفة ؟!! فقال المنهال يا بن رسول الله تركته حي يرزق ، وإستدرك المنهال قائلا: يا بن رسول الله جعلت فداك وفداك أمي وأبي : تركت قتلة أبيك الحسين كشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد وشبث من ربعي وغيرهم وسألت عن حرملة ؟؟ ، فقال أخي السجاد: يا منهال : إن حرملة بن كاهل الأسدي الكوفي قد أحرق قلوبنا أهل البيت بقتله أخي علي الأصغر (عبد الله الرضيع) ، ثم أن أخي رفع يديه الى عنان السماء ودعا عليه قائلا: " اللهم أذقه حرالحديد ، اللهم أذقه حرالحديد ، اللهم أذقه حرالنار".
وقد أستجيبت دعوة أخي السجاد في حق حرملة فقد إنتقم المختار بن عبيدة الله الثقفي بعد قيامه في ثورة التوابين من قلتة أبي الحسين ومنهم حرملة اللعين.
ومن عظمة شأني ومقامي عند الله وعند أهل البيت أنهم يتوسلون بي لقضاء الحوائج ، والمؤمنين كذلك يتوسلون وقد زارني الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف في زيارته المعروفة بزيارة الناحية المقدسة لأبي الحسين قائلا:"السلام على عبد الله الرضيع ، المرمي الصريع ، المتشحط دما ، المصعد بدمه الى السماء ، المذبوح في حجر أبيه ، لعن الله راميه ، حرملة بن كاهل الأسدي وذويه".
وهو الذي سيأخذ بثأرنا أهل البيت وسيثأر لدم جده الحسين ولدمي بعد أن يخرج ويظهر بأمر الله من مكة ويحكم في ظهر الكوفة ، ويأتي الى قبر أبي الحسين وينصب رآية خضراء بدل الراية الحمراء المنصوبة على قبة قبر جده الحسين ، ومن ثم يستخرج جسدي من على صدر أبي ويخاطب أهل العالم قائلا:" يا أهل العــالم :"ما ذنب هذا الطفل الرضيع أن يذبح في حجر أبيه".
لقد كانت شهادتي الوثيقة الدامغة على بطلان الحكم الأموي الذي لا شرعة له ولا منهاج ، بل كان همه الحكم والتسلط ولو على أنهار من الدماء وجماجم الأبرياء ، ولو على قتل حجة الله أبي سيد الشهداء وأفضل من خلق الله على وجه الأرض من أصفياء وأنصار لسبط رسول الله (ص).
ولكن أشد ما أشد على قلب أمي الرباب وعمتي زينب وعمتي أم كلثوم وأخي السجاد أنه ولما أرادوا أن يأخذوا بنات رسول الله وحرم رسول الله وبيت النبوة سبايا على ظهور المطايا الى الكوفة ومن ثم الى الشام ، إنبرت عشيرة من العشائر التي شاركت في القتال ضدنا في واقعة كربلاء وقالت لن نلتحق بالركب الا أن نأخذ معنا رأسا نجعله على الرمح لنأخذ الجائزة من عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية ، فدلهم البعض من المعسكر أن الحسين عندما ذبح طفله كفنه ورمله وحفر له بجفن سيفه حفره وصلى عليه ودفنه خلف الخيام ، فجاؤا ونبشوا قبري وإستخرجوا جسدي وقطعوا رأسي ووضعوه على الرمح وأخذوني مع الرؤوس للحصول على الجائزة.
نعم إن شهادتي وأنا عطشانا لا ذنب لي وأنا طفل صغير لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح ولم أرمي بنبلة ضد القوم هي التي أسقطت ورقة التوت عن سوءات الحكم الأموي اليزيدي حتى أنهم أجهشوا بالبكاء في مجلس إبن زياد وضربوا أنفسهم وبكوا على سوء ما فعلوه بعد أن خاطبتهم عمتي زينب بخطابها التاريخي.
وفي مجلس الطاغية يزيد تحدثت عمتي زينب وتحدث أخي الإمام زين العابدين السجاد عليه السلام فأنقلب السحرعلى الساحر حتى أن يزيد تبرأ من قتلة أبي الحسين وقال إني لم أطلب منهم قتله ، لأن الله فضحه وفضح أفعاله ، حتى أن مستشاره النصراني قال له بعد أن أخبره بقتل أبي سيد الشهداء وسأله النصراني وهل قتلتم عبد الله الرضيع ، فقال يزيد نعم فقال له يا يزيد لقد ضربت إسفينا في نعش حكمك فحكمك آيل الى الزوال بقتلك الطفل الرضيع.
أنا الشهيد الضامي ، أنا الذي قتلت ضاميا ، أنا الطفل الرضيع الذي أصبحت حجة الله الكبرى في كربلاء ووثيقة دامغة لسلامة رسالة أبي الحسين التي هي إمتدادا لرسالات الأنبياء.
أنا الذي أصبحت بابا من أبواب الحوائج الى الله يتوسل بي المؤمنون لقضاء حوائجهم فأتوجه الى الله فيقضي الله حوائجهم .. أنا الطفل الرضيع الذي أصبح والى قيام الساعة الحجة على قتلة أبي الحسين وأهل بيته وأصحابه ، حيث أن الدعي بن الدعي قال عنا أهل البيت بأننا خوارج خرجنا على الأمير فقتلنا بسيف جدنا .. ولكن شهادتي في كربلاء فضحتهم.
وهاهم شيعتنا ومحبونا يقيمون العزاء على مظلوميتنا كل عام في عاشوراء ، وها هم متمسكون بخطنا ومنهجنا ورسالتنا أهل البيت .. وهاهم يتبعون الحق وأبي هو سلطان الحق والفرقان بين الحق والباطل كما هي جدتي فاطمة وجدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعمي الحسن وسائر الأئمة المعصومين من ولد أبي الحسين الى قائمهم المهدي.
وأصبحت الجمعة الأولى من شهر محرم الحرام وبإشارة من المولى الإمام الرضا عليه السلام جمعة الطفل الرضيع العالمية حيث تجتمع النساء مع الأطفال الرضع في مجالس توسل بباب الحوائج عبد الله الرضيع (علي الأصغر عليه السلام) ، ويقيموا العزاء ويظهروا مظلوميته الى العالم التي هي مظلومية أبيه الإمام الحسين الذي وقع بشهادة طفله الرضيع رسالته ونهضته المقدسة الى العالم وبقيت هذه الشهادة خالدة الى يوم القيامة.
وهنيئا لمن تعرض لهذه البركات وهذه الأنهار والبحار من الكرامات بخدمته لرضيع الحسين ورضيع الرباب ورضيع كربلاء وأظهر الحق والحقائق للعالم بإظهاره لمظلومية عبد الله الرضيع عليه السلام.