المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمام مجلس النواب القادم


الصافي الموالي
03-01-2010, 10:35 PM
بقلم : سمير القريشي


قبل فتره وجيزة دعا رئيس الوزراء العراقي إلى تنوع مصادر الميزانية الاتحادية في العراق وعدم الاعتماد على عائدات النفط كمصدر أساسي ووحيد للميزانية ... مع العلم أن نسبة عائدات النفط من موازنة عام 2010 بلغت 96% فيما توزعت 4% المتبقية من الميزانية على عائدات الضرائب والجباية التي تؤخذ من المواطن العراقي .. دعوة السيد رئيس الوزراء هذه لم ترافقها أي خطة اقتصادية أو صناعية أو تنموية بقدر ما كانت دعوة فوقية .. فحتى مجال الزراعة والذي كان فيما سبق يسد الحاجة الوطنية هو اليوم غير قادر على سد هذه الحاجة ..
منذ احتلال العراق والى اليوم لم تنهض في العراق أي تباشير نهضة عمرانية بالمفهوم الحقيقي للنهضة العمرانية فما زالت اغلب قطاعات المؤسسات الحيوية متداعية وغير قادرة على سد الحد الأدنى من الحاجة الوطنية كقطاع المنتجات النفطية والكهرباء .. بل أن العراق مع ما يتمتع به من وفرة المواد الأولية اللازمة لصناعة الكهرباء والمنتجات النفطية يستورد من دول الجوار ما يقارب ثلث الحاجة الوطنية من الكهرباء والمشتقات النفطية تكلف الخزينة المركزية المليارات .. وإذا أردنا أن نخوض في تفاصيل الصناعة فأننا سنجد أنفسنا أمام بلد عاجز صناعيا لا يرتقى في هذا المجال إلى أدنى بلدان العالم الثالث .. ومن اجل ذلك يعد النهوض بالواقع الصناعي والاقتصادي ضرورة ملحة تتطلبها عملية بناء العراق الجديد أذا أريد لهذا البلد النهوض.. وعلى الدولة أن تمسك في هذه المرحلة على وجه الخصوص قطاعي الصناعة والتجارة حتى يمكن لهذين القطاعين من الوقوف والتطور ..لقد سبب تحول الاقتصاد العراقي إلى تجارة السوق أو مبدءا الرأسمالية الديمقراطية على الرغم من حداثة العراق في مجال الاقتصاد الرأسمالي وعلى الرغم من عدم وجود المؤسسات والشركات والأموال التي بمقدورها النهوض بواقع العراق الاقتصادي على ضوء تجارة السوق إلى سيطرة أصحاب رؤؤس المال على قطاع التجارة والصناعة بصورة فوضوية لم تضع في حسابها سوى الربح الزائد ..الأمر الذي نتج إلى تجميد هذه القطاعات وطنيا والاعتماد على الصادرات الأجنبية.. لأن التجار يعتمدون في تجارتهم على كثرة العرض بما يعني من انخفاض سعر المنتج وانخفاض تكاليف الإنتاج والنقل وتعمد استيراد المنتجات الرديئة ..ومع ذلك لم نجد في ظل هذه الفوضى أي دور للدولة العراقية وكان بمقدورها أن تطرح منتجات تنافسية للمستورد الأجنبي . فأين الصناعة العراقية ؟؟ يوجد في العراق مئات المنشآت المعطلة ومئات الإلف من المهنيين والصناعيين والمهندسين لا تعرف الدولة كيف تسخر هذه الثروات الوطنية في أعمار البلد وإعادة بنائه .. ويوجد العشرات من مصادر الطاقة لا تعرف الدولة العراقية كيف توظف هذه الثروة لخدمة المصلحة الوطنية ..بل على العكس من ذلك تسعى بعض الوزارات إلى تجميد الصناعة الوطنية .. في احد التقارير التلفزيونية سمعت تصريحا للمدير العام لصناعات الزيوت النباتية تشيب من الرؤؤس.. قال فيه أن وزارة التجارة تتجاهل عن عمد منتجونا من الزيوت النباتية ومساحيق التجميل والصابون مع أنها تباع لهذه الوزارة بأسعار اقل بكثير من أسعار المنتجات من هذه المواد الأجنبية.. فضلا عن تكاليف النقل ، وقال أن مخازن الشركة العامة للزيوت النباتية مكدسة بالمنتج وهي معرضة للفساد ...وبعد أن أمام مجلس النواب العراقي القادم مهام جسمية أولها الشروع بخطة وطنية يضع فيها للعراق مكانا في عالم اليوم ،عالم الصناعة والتكنولوجيا والتقدم الصناعي أو على الأقل تضع العراق في أطار الدول النامية صناعيا .. والشيء الأخر هو استيعاب الفئات المهنية الوطنية من خبراء ومهندسين ومهنيين في إطار بناء الصناعة العراقية .. فاغلب موظفي هيئة التصنيع العسكري السابق هم مهنيون شاركوا في الكثير من المشاريع الإستراتجية في العراق ومنها أعادة أعمار العراق بعد حرب الخليج الثانية عام1991 هذه الشريحة بقيت بعد سقوط نظام الطاغية صدام بدون أي عمل بما انعكس سلبا على حالتهم الاجتماعية.. أن استيعاب هذه الكوادر المهنية يعني توفير فرص عمل حقيقية والتوجه إلى صناعة وطنية وازدهار اجتماعي بما ينعكس إيجابا على الواقع الأمني والاقتصادي وحتى السياسي فظلا عن التخلص من البطالة المقنعة .. فالدولة الآن تمنح هؤلاء رواتب بدون أي عمل بل حتى دون أن يوجد لهم مقرات معينة.. الشيء الثالث أن بناء الصناعة الوطنية يعني توفير مصدر أخر مهم من مصادر تمويل الموازنة المالية وتخفيض الضغط عن العائدات النفطية حتى يمكن استثمار هذه العائدات في مشاريع حيوية أخرى .. اغلب بلدان النفط بدئت تتحول إلى بلدان صناعية نامية وتجارية فهاهي دولة الأمارات العربية المتحدة تعد من اكبر بلدان العالم تجاريا وكذلك المملكة العربية السعودية فإنها قفزت قفزات كبيرة في كل مجالات الصناعة ..أما إيران فقد وصلت إلى خط الاكتفاء الذاتي منذ أكثر من عقد .. ومن اجل ذلك فان على مجلس النواب القادم أن يضع في أولوياته مجال الصناعة والنهوض بها وتطوريها حتى لا يبقى العراق أسير الوردات الأجنبية وحتى نتجاوز مرحلة التخلف الصناعي بما يعود على العراق بالكثير من الخير الوفير
بالحقيقة أن كل المشاريع التي قدمت في العراق بعد الاحتلال لم تكن على الإطلاق مشاريع إستراتيجية وحيوية بقدر ما كانت مشاريع شكلية تستنزف الخزينة العراقية ولا تقدم لها أي شيء ناهيك عن المشاريع الصورية التي نفذت بقصد الاختلاس والرشوة وهدر المال العام .. أن على مجلس النواب القادم أن يضع إمامة المشاريع الحيوية في العراق والتي تنهض بالصناعة الوطنية قبل أن يضع إمامة المشاريع الشكلية الصورية والتي تدخل في أطار خدع المجتمع العراقي والالتفاف على مستقبله ومكانته التاريخية في العالم والشرق الأوسط .. نعم تعبيد الشوارع وبناء الجسور والمنتزهات الفارغة .. أمر جيد لكن لا يمكن على الإطلاق أن يكون حساب الصناعة الوطنية وبناء المؤسسات التحتية للصناعة الوطنية .. كيف يمكن أن تقنع المواطن العراقي بان العراق يبنى ومازالت الكهرباء ومنذ سبع سنوات غير قادرة على دفع اثني عشر ساعة يوميا للمواطن العرقي ..إذا كان قطاع الكهرباء معطل كيف يمكن أن تقنعي بان العراق يبنى سؤال أتوجه به إلى مهندسي الأعمار..؟؟
لا نريد شعبا يأكل أكثر مما ينتج فما بلك بشعب يأكل ولا ينتج ولا نريد حكومة أو مجلس النواب يدعى البناء والأعمار وهو إلى الآن غير قادر على أعادة تأهيل مصادر الطاقة الكهربائية فقد تصل ساعات القطع في بعض الأحيان إلى أكثر من ثماني عشر ساعة.. نريد مجلس نواب ينهض بالعراق وصناعته وتجارته لأن النهوض بهما يعني التخلص من بون قاسي ادخل العرق فيه بظروف معينة