المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كتم داءه قتله!!!


ارجو رضى الرحمن
04-01-2010, 07:48 PM
وجه الأضواء لنفسك أولا

كثير من الناس لا يستفيد من سماع درس أو خطبة أو قراءة مقال ... والسبب انه لا يعتبر نفسه هو المخاطب بالحديث بل يجعل نفسه وسيطا بين المتحدث والمتحدث عنه ..

فإذا سمع حديثا عن الغيبة مثلا ... تأمل حال الناس وتذكر فلانا كيف يغتاب وتحرق لحاله وتحرك .... أما الفحص الدقيق لاحتمال أن يكون هو المغتاب فبعيد عن بعضهم وإن حصل فلن يتألم ويحترق بمقدار حرقته على الآخرين ... وهذا هو الجهل بعينه

ولبعض الأئمة كلمات تشير إلى هذا الفهم قال : من سمع حديثا ليناجي به الله آتاه الله فهما يناجي به الله .. ومن سمع حديثا ليناجي به الخلق آتاه الله فهما يناجي به الخلق

وقد مثلوه برجل يمسك كشافا ضوئيا بيده قد وجهه للناس .. نعم سيراهم بوضوح ولكن الظلمة سوف تغشاه ولن يرى من نفسه شيئا إلا إذا قرر توجيه الأضواء لنفسه ..نعم يجب أن نوجه الأضواء لأنفسنا حتى نرى النور ... وإذا دخل النور خرج الزور

ولذلك قررت أن أتحدث معكم عن أول كلمة من المقولة وهي "من" قبل أن أتحدث عن الداء وكتمانه


من الكبيرة العجيبة

يقول أهل اللغة أن من تستخدم للفرد والجماعة وصاحبتنا لا تتجاوز اللغة

فهي للفرد يدخل فيها ذلك الغافل السادر في غيه ... ويدخل فيها الملتزم الحريص على دعوته ... ولا يخرج منها الداعية المخضرم ... بل وتتسع للعالم الفقيه ... والجاهل من أخرج نفسه منها من غير عناء ولا بحث

وتتجاوز ذلك ... فهي تستخدم للجماعة أيضا ... جماعة تعمل لدين الله أو أخرى تعمل لدنيا تصيبها ... وقد تصغر قليلا لتشمل مجموعات تعمل معا في مسجد أو تكتب معا في منتدى! ... قد يشتركون في بناء بيت وهم يعلمون أن مواد البناء مغشوشة ولكنهم يخفون ذلك بغطاء فرحة البناء وما أن يلبث البناء إلا أن ينهدم عليهم أو على صاحب البيت فتتم الخسارة !!

"من" هذه كبيرة تتجاوز كل الحدود ... وتشمل بين جنباتها كل شيء ..ولكن هل جعلتها تضمك بين أحضانها محاسبة وصدقا لترفض ما بعدها من كتم يفضي إلى الهلاك المحقق

هي عجيبة .. قد تكون أنت الذي تقرأ ...وقد تكون أنا من يكتب عنها ... وقد أدخل بها بعد حين وقد أكون فيها منذ سنين ..

لكن الشيء المؤكد أننا لن نستطيع الخروج منها إلا بفهم يبصرنا و يهدينا وصدق يدفعنا ويرقينا ...

وللحديث بقية

ارجو رضى الرحمن
04-01-2010, 07:49 PM
كتم الداء

وهو يحتاج لأكثر من حلقة ومهمتنا في هذه الحلقة تصويره وتجليته

كتم الداء له صور ومراتب ولا أخالكم تجهلون ما الداء (العيوب والمعاصي ولنا معها وقفة) ... والمثال الآتي يوضح شيئا من الداء وكتمه

فهذا يسير في قاربه املا بالنجاة ولكنه لم ينتبه لوجود ثقوب كبيرة وصغيرة أسفل القارب فهو حتما إلى الغرق أقرب ...

وآخر تنبه للثقوب لكن لم يأخذها على محمل الجد واستمر في رحلته فرحا فمصيره مثل الأول ...

وآخر أراد المعالجة لا بدافع النجاة ولكن لتجنب المساءلة فأصلح قليلا منها ليعزي نفسه ويعذرها فكان حجم المعالجة أقل من حجم المشكلة وهيهات له النجاة ....

وآخر تنبه واهتم وكان نظره منصبا على إصلاح آثار الثقوب من الماء المتدفق فعمل الساعات الطويلة على إخراج الماء من قاربه فما لبث أن أرهق ووهن وازدادت الثقوب وازداد حجمها وكان مصيره مثل الآخرين مع زيادة مدة بقائه حيا ...

وهذا المثال يمثلنا جميعا سواء كنا أفرادا أو جماعات ... والنجاة من كتم الداء تتمثل أولا بمعرفته والبحث عنه .... ثم أخذه على محمل الجد من غير تبرير ولا تجاهل ولا تساهل ... ثم العمل على علاجه علاجا كافيا صحيحا ... مبتعدين في ذلك عن علاج النتائج والأعراض منتبهين لعلاج الأسباب والأمراض

وكل من هذه الصور الثلاثة يمثل كتما للداء من وجه فالأول كتمه عن نفسه بالجهل وعدم الاهتمام ... والثاني أخفاه عن نفسه بالتساهل والتغافل ... والثالث ستره عن الوجود بتركيز النظر بنتائجه دون الغوص إلى أسبابه ومقدماته.

ويمكن القول في تعريفه : أن تسير والداء مصاحب لك .... جهلا أو تجاهلا من غير علاج حقيقي ومؤثر

ومشكلة الداء تكمن في تناسبه الطردي مع مدة المصاحبة

فهو مثل الشجرة الضارة... اقتلاعها في أول الأمر سهل ميسور ولكن تأخير الاقتلاع يفضي إلى تجذر يصعب معه اقتلاع الشجرة إلا بوسائل استثنائية ...

وكان أحد شيوخنا يقول لنا أن حلاوة الذنب إذا تجذرت في قلبك فاقتلاعه ممكن لكن بهمة (جرافة) .. وغبي أنت إذا حاولت اقتلاعه بيد أضعف من يد في رحم

وقد مثلوه أيضا بحصان دخل ممرا كلما توغل فيه ضاق عليه ... فإذا استمر في التوغل تقلصت فرصة الالتفاف والرجوع!

وحتى اكون عمليا معك فإني سائلك ولكن تذكر "من" التي تحدثنا عنها قبل

كم من المدة تقضيها للتعرف على عيوبك ومعاصيك بل على مكامن القوة فيك لتطويرها وتحسينها ...

إن كنت من الذين يبحثون عن ذلك هل سألت نفسك عن وجهة البحث ودافعه (حب الإنجاز .. الشهرة والجاه ... الله ورضاه)

هل طورت وسائل البحث عندك وغيرت طريقته

هل تفرق بين العيوب الصغيرة والكبيرة أم أن الأمر سيان

هل تنظر لأمر الأخطاء بعين الإزالة أم بعين الإخفاء فقط

هل تفرق بين العيوب الظاهرة والمستترة في العلاج ولماذا ..

هل تحاول البحث عن أسباب العيوب وجذورها أم أنك تكتفي بالنظر لأوراق الشجرة وثمارها؟

هل خططت للموضوع ؟

هل تعرف أين انت الآن في مسيرة الخطة ؟

وأسئلة كثيرة بإمكانك الزيادة عليها ... مع نفسك أو هنا في هذا الموضوع ... فهدفي منها تحريك الساكن وإظهار المخفي والله المستعان

ولكن الذي يحير في الموضوع لماذا نصطحب الداء معنا ... ونصر على وجوده ولا نجزم جزما قاطعا بإنهاءه ؟؟ اليس الأمر محيرا أم أنني أتوهم

وللحديث بقية

ارجو رضى الرحمن
04-01-2010, 07:58 PM
حدد


دائرتك حتى لا ترسم في الفراغ

كنت مرة في زيارة لأختي ... ابنتها الصغيرة منهمكة جدا في إصلاح لعبتها وقد بدت عليها علامات الغضب ...حتى وصلت لحد البكاء لعدم جدوى الإصلاح ... ظهر أخوها الذي يكبرها بسنوات متعجبا من بكائها على هذا الأمر التافه.. ولكنه كان غاضبا لأن دراجته الهوائية قد تعطلت وهو يبحث عن أبيه ليدفع له أجر إصلاحها ... فهرع إلى أخيه الأكبر الذي بدوره لم يلتفت إليه فقد كان منهمكا في إصلاح اللاقط فاليوم هناك مباراة مهمة في الدوري الإسباني وكان متوجبا عليه تشجيع فريقه !!! ...

جاء الأب متعبا من عمله فاجتمع عليه أبناؤه المصلحون يشكون همومهم ويبثون شكواهم من العيوب التي لحقت بهم من اللعبة حتى اللاقط ...

سخر منهم لهذه الاهتمامات فهو منزعج جدا وغير متفرغ لسماع هذه الشكاوى فقد جاءه إنذار في العمل وقد قرر إصلاح عيبه بعدم التغيب من غير إذن بعد اليوم .... لم يكترث أبناؤه لهذا الكلام فعندهم من الهموم ما يصرفهم عن التفكير في هذا الأمر ...

كل منا كذلك ... يعيش في دائرة اهتماماته ... ويعطيها قلبه وحياته

وعندها لا تعجب حين ترى أهل الآخرة يسخرون من اهتمامات بعض الخلق فهي عندهم مثل تلك اللعبة بالنسبة للأب ...

ولا تعجب كذلك حين ترى انصراف الخلق عن الاهتمامات العليا فدوائر اهتمامهم أقل من أن تصل لهذا المستوى ...

وهذا ما قرره القرآن إذ وصف الحياة الدنيا باللعب واللهو ... ووصف بعض الناس بأنهم اتخذوا الدين لعبا ولهوا!


ولكن ما علاقة ذلك بكتم الداء ... هذا ما سنعرفه... ولكن نحن بحاجة إلى مقدمات مهمة توصلنا للمطلوب .....
وللحديث بقية

ارجو رضى الرحمن
04-01-2010, 07:59 PM
دوائر الاهتمام

لا يتحرك الإنسان إلا لشيء مهم عنده ... ولا يضحي إلا لشيء مهم عنده ... ولا يطور نفسه إلا في الأمور المهمة عنده ... وكذلك لا يسعى للتخلص من العيوب إلا في دائرة اهتماماته ...

جاءني شاب تظهر عليه علامات التعلق بصديق له ... وقد سألني عن طريقة التخلص من العيوب والأخطاء ... وقد كان مهتما جدا لدرجة البكاء
وأنا أعرف في دواخلي أنه لا يبكي إلا على صديقه الذي جفاه ... ولقد حاولت أن أفهمه أن المشكلة الأساسية عنده تكمن في أنه يعيش في دائرة خاطئة هي أساس همومه.

أول شيء أود أن أقوله لك أنه لا يكفي كونك تبحث عن عيوبك أنك في طريق صحيح قبل أن تحدد أين أنت وما هي دائرة اهتماماتك ...

وحتى أصل معك لما أريد من خطورة هذا الأمر لا بد من عدة قواعد تمهد للمطلوب

الاهتمام ثمرة

نعم هو ثمرة واحد من ثلاثة أمور الحب ... الخوف ... الرجاء

فالذي يحب شيئا يهتم به وعلى هذا سر

شاب يقف أمام بيت محبوبته تحت المطر لمدة ساعة ... فلم يكفه الهاتف ولا بد من اللقاء وإذا دققت الفكر ستجد أن هذه المحبوبة في رأس اهتمامات الشاب والسبب هو (الحب)

جاءني شاب يريد أن يتقدم للعمل في إحدى دول الخليج يمسك طلبه بيده قد شد أمره ينظر إلى ساعته بين الفينة والأخرى فالأمر جلل ولا بد من إتقان المقابلة بكل تفاصيلها (الموعد – اللباس – وحتى أدق التفاصيل) ... سألني بلهفة وقد اتسخ طرف ورقة الطلب هل هذا يؤثر على المقابلة فضحكت منه وتذكرت أولياء الله الصالحين وكيف يدققون في علاقتهم مع الله سبحانه وتعالى ...
فما الذي دفع الشاب لهذا الاهتمام الدقيق إنه (الرجاء والخوف) فهو يرجو الوظيفة ويخاف زوالها بفشل المقابلة


الله أو النفس

قيل لحمدون ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا

قال : لإنهم كانوا يتكلمون لعز الدين والرغبة في الآخرة ورضا الله ... ونحن نتكلم لعز أنفسنا والرغبة في الدنيا ورضا الخلق


هي دوائر ستة كل اهتمام يندرج تحتها ... وأنت تعيش في واحدة منها وبعضهم قد فرخ في الثلاثة الأخيرة وباض وهو لا يدري ...

ونحن بدورنا سنقلل دوائر الاهتمامات لتصبح ثنتين بدلا من ستة

فالذي يعمل لمرضاة الخلق فهو في الحقيقة طالب لجلب منفعة أودفع مضرة سواء كانت مادية كالمال أو معنوية كالجاه ... ولذا فطلب الخلق في حقيقته هو سير وراء شهوات النفس ولذا يمكن دمج دائرة الخلق في دائرة النفس

وكذلك الذي يسعى لشهوات الدنيا إنما يطلب ذلك بدافع من شهوات نفسه وإلا ما الذي يدفعه لهذا السعي .... ولذا نقرر بكل راحة أن دائرة الدنيا والنفس هما وجهان لعملة واحدة إلا أن الدنيا هي مكان تواجد الشهوات والنفس هي طالبة هذه الشهوات ... ولذا تجد القرآن الكريم يركز كثيرا على هاتين الدائرتين والتحذير منهما.

وملخص القول ان الدوائر السلبية كلها تجتمع في دائرة واحدة هي دائرة النفس

وكذلك لو دققنا النظر في الدوائر الإيجابية سوف نجد أن جميع الدوائر تلتقي تحت مظلة واحدة هي دائرة الاهتمام المتعلقة بالخالق سبحانه ... فالآخرة هي فضله وجزاؤه وكذلك عز الدين هو أمره وطلبه ... والآخرة لن ينالها الإنسان إلا برضا الله ... وكذلك عز الدين لن يندفع له الإنسان إلا إذا انبثق عن تعظيمه لأمر الله سبحانه (هذا إن كان يسير سيرا صحيحا)

وعليه فالدوائر ثنتان الله أو النفس وانت في واحدة (فأين أنت؟)
...وللحديث بقية...بإذنه تعالى

بشاير حيدر
04-01-2010, 11:28 PM
يعطيك العافية اخوي

ارجو رضى الرحمن
05-01-2010, 12:57 AM
يعطيك العافية اختي
حياكم وجعل الجنة مثواكم

ارجو رضى الرحمن
11-01-2010, 05:01 PM
كيف أعرف

قال البلخي : الناس يقولون ثلاثة أقوال وقد خالفوها في أعمالهم : يقولون نحن عبيد الله وهم يعملون عمل الأحرار ... ويقولون ان الله كفيل بأرزاقهم ولا تطمئن قلوبهم إلا بالدنيا ....ويقولون لا بد لنا من الموت وهم يعملون أعمال من لا يموت.

وقد قدمت لك هذا القول حتى تعرف ان القول شيء والحقيقة شيء آخر وكم من غبي ترك حقيقة ما عنده لأقوال يقولها أو يقولها غيره فيه..

ومن منهج الفقهاء أن يضعوا لكل شيء ضوابط حتى لا يتركوا الأمر للهوى.. وأنا على منهجهم سائر

دلائل الاهتمام

1.كثرة الحديث

ومن أحب شيئا أكثر من ذكره ... وارقب الشخص حديثه تعرف من هو... والإنسان بطبعه يتكلم عن الأشياء التي تتملك قلبه اهتماما ... فهذا أحد أفذاذنا يأتي النبي ويقول .. دلني على عمل يدخلني الجنة .. وآخر يقول : أسألك مرافقتك في الجنة ... وأما الأعراب المبتدئون فحديثهم : اعطني من رزق الله الذي أعطاك .. ولهم في عصرنا أشباه ... ولا تعجب من دعاة لله لا يتكلمون عن الله في حديثهم سوى كلمات خجلة ونادرة لا ترقق قلبا ولا تنقذ غريقا.
واما الحديث عن الآخرة فمفقود منذ زمن ... وقد لا نتعجب عندما لا نسمع هذا ممن شغلتهم الدنيا .. ولكن تصيبك الدهشة عندما تكتشف ان هذه هي السمة البارزة لمن يدعون للآخرة .. وقد يتعذر بعضهم فيقول شغلتنا الوسائل عن الغايات وفي كل خير وهذه مراوغة وسيأتي تفصيلها لاحقا.

وانا سائلك ما هي الامور التي تكلمت بها كثيرا هذا اليوم وما هو نصيب الاهتمامات العليا منها .. وحتى لا تغيب المحاسبة في الوهم.. فإني أنصحك بعد كل جلسة تجلسها أن تكتب عن الامور التي تحدثت عنها ثم انظر قائمتك آخر اليوم تعرف حقيقة همك واهتماماتك.

2.الاستغراق والتفكير

فالذي يشغلك هو الذي يشغل تفكيرك... والنبي صلى الله عليه واله وسلم بقي مستغرقا في الله والدين حتى قرن الثعالب ... ونبي الله إبراهيم كانت دعوته التي تستغرق قلبه (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) ... ونبي الله يعقوب حين جاءه الموت ظهر استغراق قلبه على فلتات لسانه قائلا (ما تعبدون من بعدي؟)

ولي سنوات أرى بعض الناس مستغرقين في هم كبير فأسألهم عنه فيكون الجواب متعلقا بدوائر سخيفة أعجب من انحطاط الناس لها ... وها قد عدت لك فما الذي شغلك هذا اليوم واستغرقت فيه ... انظره تعرف أين أنت


3.الفرح والحزن

لو إن إنسانا في الصين قد نجح في الثانوية فإنه لا يعتريك إي شعور بالفرح والحزن ولكن الموضوع يختلف إذا كان الناجح هو اخوك... وذلك لأنه يهمك أمره ولا شك بازدياد الفرحة فيما لو كان الناجح هو ذاتك المتواضعة! ... وكذلك أمر الحزن بل سائر المشاعر ...

فهذا ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد اتى النبي تظهر عليه علامات الحزن والأسى .. فسأله النبي عن حاله .. فقال : يا رسول الله اشتقت إليك فخفت أن أموت فلا أراك .. فإن دخلت النار فلن أراك وإن دخلت الجنة فسأكون في موضع أقل من أن أراك فحزنت وبكيت وجئتك لعلي أظفر برؤيتك قبل الممات .... لله دره ... فأي شيء يفرحك ومن أي الأمور تحزن ...

وحتى أدقق عليك المحاسبة فاكتب في كراسة المحاسبة
كم فرحت اليوم وكم كان منها لله ....وكم حزنت اليوم وكم كان منها لله ... وكم غضبت اليوم وكم كان منها لله ... واكتب في قائمتك الأمور التي تفرح لها فرحا حقيقيا ثم انظر في أي دائرة هي ولا شك أنك ستكون معها في نفس الدائرة

4.الإتقان

والإتقان أمر مطلوب في كل شأن وهو مع ذلك كاشف مهم لاهتمامات الشخص.... فأي أمر تتقنه فهو من اهتماماتك .... وأي امر تتساهل في إتقانه فهو هامشي عندك حتى لو ادعيت أهميته (فكيف حال الصلاة معك؟)..والناس في أمر الدنيا متقنون ماهرون وفي أمر الدين متهاونون متساهلون فحديث الإتقان (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) خاص بأمور الدنيا وأما الآخرة فإن الله غفور رحيم ....

وها أنا أزيد في كراسة محاسبتك السؤال التالي .. ما هي الامور التي تهتم بإتقانها وتنفيذها على أكمل وجه .... هذه اهتماماتك!!

5.النشاط

وما أجمل الشاب إذا كان نشيطا وكم هو تعيس إذا كان العجز والكسل ديدنه .. والصحابة وصلوا مشارق الأرض ومغاربها في سنوات وأحدهم تراه عاجزا في صعود درج لمستشفى تظهر عليه سمات الكسل وقلة الفاعلية ...

ولقد جاءني شاب يشكو من الإمام طول صلاته ثم رأيته بعد أيام فرحا مسرورا فقد قرر صاحب المطعم ان يزيد عمله ثلاث ساعات بزيادة في راتبه

المهم في موضوعنا انه بإمكانك ان تعرف اهتماماتك من خلال الأمور التي تنشط لها ... فحددها بدقة لتعرف في أي الدوائر أنت

6.الدعاء

هو العبادة كما أخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم ... وهو بالوقت نفسه يكشف حقيقة همك ... وقد كان يقول لنا احد شيوخنا ان السجدة كاشفة .. ونحن لا نمنع الدعاء في امور الدنيا (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ... ولكن ألا تستشف شيئا من شخص لم يدع الله أن يدخله الجنة إلا نادرا .. أو أن يعز الدين إلا مرات قليلة ومعظم تضرعه في المال والعيال .. الحقيقة أن أمر الدعاء من الأمور الكاشفة المهمة لاهتماماتك فزده في دفتر المحاسبة

والآن لن أكتب أكثر من ذلك (لفترة مؤقتة) حتى أفسح لك المجال لتتحسس حقيقة اهتماماتك والأمور التي تعيش من أجلها ... ولتعترف بجرأة وحزم أمام نفسك (من أنا وما هي حقيقة تديني والتزامي وما الشيء الذي أعيش من أجله) وجميل ان أرى شيئا مكتوبا هنا في هذا الموضوع ...

وللحديث بقية ...