مشاهدة النسخة كاملة : كتاب « السجود على التربة الحسينية »للعلامة عبدالحسين الأميني رحمه اللع
زكي الياسري
07-01-2010, 03:06 AM
هنا حيث عبق الولايه الحيدريه
اضع بين ايديكم كتاب
السجود على التربة الحسينية
للعلامة عبدالحسين الأميني رحمه الله
الإهــداء .. (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
إلى صاحب التربة الدامية ..
الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« حسين منّي وأنا من حسين ».
وإلى روح فقيد الإسلام العلاّمة الأميني رضوان الله عليه.
المقدمة (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
إنّ الشـيعة الإمامية الّذين أظهروا حبّهم وولاءهم لأهل البيت استجابة لقوله تعالى : ( قل لا أسالكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) (1) ..
أخـرجه الإمام أحمد والطبراني والحاكم ، عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ! مَن قرابتك هؤلاء الّذين أوجبت علينا مودّتهم ؟
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليٌّ وفاطمة وابناهما (2).
1 ـ سورة الشـورى 42 : 23.
2 ـ فضائل عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ـ لأحمد بن حنبل ـ : 187 ح 263 ، المعجم الكبير 3 / 47 ح 2641 و ج 11 / 351 ح 12259 ، وانظر : مجمع الزوائد 7 / 103 و ج 9 / 168 ، الإتحاف بحبّ الأشراف : 5.
(6)
وإكباراً لمقامهم ، لقوله تعالى : ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) (1) ..
روى التـرمـذي عن عمر بن أبي سلمة ـ ربيب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ ، قال : لمّا نزلت هذه الآية : ( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) في بيت أُمّ سلمة رضي الله عنها ، دعا فاطمة وحسناً وحسيناً وجلّلهم بكساء ، وعليٌّ خلف ظهره ، ثمّ قال : « اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي ، أذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً » (2).
1 ـ سورة الأحزاب 33 : 33.
2 ـ سنن التـرمذي 5 / 327 ـ 328 ح 3205 و ص 621 ـ 622 ح 3787 و ص 656 ـ 657 ح 3871.
وانظر أيضاً : صحيح مسلم 7 / 130 ، مسند أحمد 6 / 292 و ص 323 ، فضائل عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ـ لأحمد بن حنبل ـ : 67 ذ ح 102 و ص 79 ح 118 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 451 ح 3558 و ح 3559 ، خصائص الإمام عليّ ( عليه السلام ) ـ للنسائي ـ : 24 ح 9 ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : 198 ، مناقب الإمام عليّ ( عليه السلام ) ـ للمغازلي ـ : 140 ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ 7 / 501 ح 49 و 50 ، المعجم الأوسط 2 / 401 ـ 402 ح 2176 ، الصواعق المحرقة : 224 ، التذكرة في أحوال الموتى وأُمور الآخرة : 723 ، تاريخ دمشق 14 / 137 ـ 148 ح 3441 ـ 3460 و ج 42 / 98 ح 8440 و ص 100 ـ 101 ح 8447 و ص 136 ح 8518 و ص 137 ح 8520 ، مختصر تاريخ دمشق 17 / 329 و 332 و 342 و 365 ، سير أعلام النبلاء 10 / 346 ـ 347 ، تفسير الطبري 10 / 269 ـ 298 ح 28485 ـ 28502 ، شواهد التنزيل 2 / 10 ـ 92 ، تفسير ابن كثير 3 / 465 ـ 466 ، مجمع الزوائد 9 / 168 ، مجمع البيان 8 / 137 ـ 138 ، ينابيع المودّة 3 / 364 ح 1 و ص 368 ـ 369 ح 3.
(7)
هؤلاء الشـيعة يسـجدون على قطع من الأرض مقولبة يحملونها معهم.
والتربة الحسينية : هي عبارة عن تراب أُخذ من أرض كربلاء الشـاسـعة المترامية الأطراف للسـجود عليها ، لا كما يظنّ بعضهم أنّها من تراب مزج بدم الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ولكن هذه الإضافة أكسـبتها شـرافة ، كالإضافة إلى سائر المقامات العالية ، وقد جرى العقلاء على الاهتمام بهذه الأُمور الاعتبارية.
والشـيعة الإمامية اعتادوا السـجود على التربة الحسينية ، حيث اجتمعت فيها كلّ الشـروط التي يجب توافرها في مسـجد الجبهة ، من طهارة وإباحة ... إلى آخر الشـروط المقرّرة في الموسوعات الفقهية.
وقد أجمع فقهاء الأُمّة الإسلامية على أنّ السـجود على الأرض هو الأفضل ، فحملها بعضٌ منهم معه رعاية للاحتياط ، وحرصاً على الأفضلية لأنّ البيوت اليوم والأماكن العامة كسيت أرضيّتها بأبسـطة قطنية أو بالسـجّاد الصوفي ، أو مسـفلتة ، أو معبّدة ، بما يخرجها عن كونها أرضاً ، فيقع المصلّي بين
(8)
محذورَين ، إمّا : فوات الأفضلية ، أو : بطلان الصلاة ، كما سيأتي.
ولم يكن السـجود على التربة عند الشـيعة من الواجبات في الصلاة ، ولذا نراهم في المسـجد الحرام ، وفي مسـجد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسـجدون على أرض المسـجد لأنّ أرضية المسـجدين الشـريفين مبلّطة بالحجر الطبيعي ، أو مفروشـة بالحصى ، وكلّ منهما يسـمّى أرضاً ، ويصحّ السـجود عليه.
ولكن من المؤسـف أنّ بعض إخواننا المسلمين يرمي الشـيعة بالشـرك والمروق عن الدين لسـجودهم على هذه القطعة من الأرض ، وقد قال تعالى : ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً ) (1).
فكيف بمن يشـهد الشـهادتين ، ويؤدّي الصلوات الخمس ، ويحجّ البيت الحرام ... إلى آخر فروع الدين ؟!
وهل إنّ الاختلاف في الفروع الفقهية يوجب الخروج عن الدين ، والكفر بسُـنّة سيّد المرسلين ؟!
في حين نرى أنّ المذهب الواحد قد يختلف فقهاؤه في كثير من الفروع الفقهية لأنّ كلّ فقيه يفتي بما يؤدّي إليه نظره ، وما أدّى إليه نظره فهو حكم الله الظاهري في حقّه ، وهكذا
1 ـ سورة النساء 5 : 94.
(9)
بالنسـبة إلى الفقيه الآخر ، ولا نرى أنّ أحدهما يكفّر صاحبه ، بل قالوا : من أخطأ فله أجر ، ومن أصاب فله أجران (1).
والشـيعة الإمامية تضع جباهها على التربة الحسينية لأنّها أرض طبيعية ، والأرض أفضل المساجد ، وقد صحّ عن الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « جُعلت لي الأرض مسـجداً وطهوراً » (2).
ولو كان الشـيعة يسـجدون لهـا لكانـوا يسـجدون دونهـا لا أنْ يضعوا جباههم عليهـا ، وهناك فرق بين السـجود لها وبين السـجود عليها ، وليس كلّ مسـجود عليه معبوداً ، وإلاّ لكان الساجد على البساط ساجداً له ، والساجد على السـجّاد عابداً له .. وهكـذا ! في حين لا يقول بذلك أحد.
وما أفاده العلاّمة المغفور له الشـيخ عبـد الحسين الأميني طاب ثراه ، مؤلّف موسوعة « الغدير » الكبرى ، في محاضـرة ألقاها في سوريا عام 1384 هـ ، وهي التي بين يديك
1 ـ انظـر : صحيـح البخاري 8 / 193 ـ 194 ح 120 ، وفيـه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمّ أصاب ، فله أجران ، وإن حكم فاجتهد ثمّ أخطأ ، فله أجر ».
2 ـ صحيح البخاري 1 / 149 ح 2 و ص 190 ح 98 ، صحيح مسلم 2 / 63 ـ 64 ، سنن الترمذي 2 / 131 ح 317 ، سنن أبي داود 1 / 129 ح 489 ، سنن النسائي 2 / 56 ، مسند أحمد 2 / 240 و 250.
(10)
ـ قارئي العزيز ـ يغني طالب الحقيقة ومن أراد أن يطّلع على هذه المسـألة الفقهية الهامّة.
وقد خاض ( قدس سره ) في كلّ المسانيد ، والصحاح ، وأُمّهات الكتب الفقهية ، ثمّ عرض علينا في محاضرته هذه زبد هذا المخاض من الأحاديث الواردة في هذا الباب ، وناقشـها مناقشـة علمية ينجلي فيها الريب عن كلّ من له قلب أو ألقى السـمع وهو شـهيد.
وصنّف ما ورد من أحاديث في السـجود إلى ثلاثـة أقسام :
الأوّل : السـجود على الأرض.
الثـاني : السـجود على النـبـات كالـحـصـيـر ، والفـحـل ـ حصير كبير مصنوع من سـعف النخل ـ ، والخُمْرة ـ حصير صغير من سـعف النخل يتّخذ للصلاة (1) ـ.
الثالث : السـجود على الثياب القطنية ، أو الصوفية.
وسلّط الأضواء على هذا القسـم الثالث ، وكانت روايات هذه القسـم يفسّرها ظرفها ، فقد كانت جميعها ـ إلاّ ما شـذّ ـ صريحةً في أنّ السـجود على الثوب كان إمّا في صيف قائظ شـديد الحرّ ، أو في برد قارس يتعذّر أو يتعسّر مباشـرة
1 ـ انظر : لسان العرب 4 / 213 مادّة « خمر ».
(11)
المصلّين فيه للأرض اللاهبة أو القارسـة.
وقاعدة « لا ضرر ولا ضرار » في الإسلام لها الحكومة على سائر الأدلّة كما يقول الفقهاء ، وما ينجم عنه الضرر يحرم فعلـه.
ومن هذا نعلم أنّ السـجود على الصوف أو القطن اختياراً يوقع المسلم في حيرة من أمره لأنّ ذلك لا يجوز على أساس أنّ العبادات توقيفية ، فالتعدّي عنها إلى غيرها إدخال ما ليس من الدين في الدين ، وهو بدعة محرّمة ، وأمر مُحدَث ، وقد ورد عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « شـرّ الأُمور مُحْـدَثاتها » (1) ، وسوف يأتي تفصيل ذلك.
وهناك فيض من روايات جاءت في كراهة نفخ موضع السـجود غصّت بها كتب الحديث ، تفيدنا أنّ المسلمين ما كانوا يسـجدون على غير الأرض وغير الحُصُر النباتية ، وإليك قارئي الكريم بعضاً منها :
1 ـ فقد أورد الإمام مالك بن أنس في « الموطّـأ » ، قال : حدّثني يحيى ، عن مالك ، عن أبي جعفر القاري ، أنّه قال :
1 ـ صحيح مسلم 3 / 11 ، مسند أحمد 3 / 319 و 371 ، السنن الكبرى 3 / 207 و 213 و 214 ، المعجم الأوسط 9 / 269 ح 9418 ، مجمع الزوائد 1 / 171.
(12)
رأيت عبـد الله بن عمر إذا هوى ليسـجد مسـح الحصباء لموضع جبهته مسـحاً خفيفاً (1).
2 ـ وأورد أيضاً ، قال : حدّثني مالك ، عن يحيى بن سـعيد ، أنّه بلغه أن أبا ذرّ كان يقول : مسـح الحصباء مسـحة واحدة وتركها خير من حُمْر النَعَم (2).
والملاحظ في هذين الحديثين : الالتزام بالسـجود على الأرض.
* وأورد أيضاً الحافظ عبـد العظيم المنذري في كتابه « الترغيب والترهيب من الحديث الشريف » في السـجود على الحصى وكراهة نفخ السـجود ، نورد بعضاً منها :
1 ـ قال : عن أبي ذرّ ( رضي الله عنه ) ، عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا قام أحدكم في الصلاة فإنّ الرحمة تواجهه ، فلا تحرّكوا الحصى.
رووه كلّهم من رواية أبي الأحوص ، عنه (3).
1 ـ الموطّـأ : 146 ح 48.
2 ـ الموطّـأ : 146 ح 49.
وحُمْر النَـعَم : الإبل الحمراء ، وهي خير الإبل وكرائمها ، وهو مَثَل في كلّ نفيس انظر مادّة « حمر » في : لسان العرب 3 / 318 ، المصباح المنير : 58 ، تاج العروس 6 / 309.
3 ـ الترغيب والترهيب 1 / 222 ـ 223 ح 1 ، وانظر : سنن الترمذي 2 / 219 ح 389 ، سنن أبي داود 1 / 246 ح 945 ، سنن ابن ماجة 1 / 328 ح 1027 ، سنن النسائي 3 / 6 ، المصنّف ـ لعبـد الرزّاق ـ 2 / 38 ح 2398 ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 4 / 20 ح 2271.
(13)
2 ـ وعن معيقب أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لا تمسـح الحصى وأنت تصلّي ، فإن كنت لا بُـدّ فاعلا فواحدة ـ تسوية الحصى ـ.
رواه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو داود ، وابن ماجة (1).
3 ـ وعن جابر ( رضي الله عنه ) ، قال : سـألت النبيّ عن مسـح الحصى في الصلاة ، فقال : واحدة ، ولئن تمسـك خير لك من مئة ناقة كلّها سود الحدق.
رواه ابن خزيمة في صحيحه (2).
4 ـ وعن أبي صالـح ـ مولى طلحـة ـ ، قال : كـنت عنـد أُمّ سلمة زوج النبيّ ، فـأتى ذو قرابتـهـا شـابّ ذو جُـمّـة (3) فقام يصلّي ، فلمّا أراد أن يسـجد نَفخَ ، فقالت : لا تفعل ! فإنّ
1 ـ الترغيب والترهيب 1 / 223 ح 2 ، وانظر : صحيح البخاري 2 / 142 ـ 143 ح 230 ، صحيح مسلم 2 / 74 ـ 75 ، سنن الترمذي 2 / 220 ح 380 ، سنن النسائي 3 / 7 ، سنن أبي داود 1 / 247 ح 946 ، سنن ابن ماجة 1 / 327 ح 1026.
2 ـ الترغيب والترهيب 2 / 223 ح 3.
3 ـ الجُمّة من الإنسان ـ وجمعها : جُمَم ـ : مجتمع شعر ناصيته ، وهي التي تبلغ المَنكبين.
انظر : المصباح المنير : 43 ، لسان العرب 2 / 367 ، مادّة « جَمَمَ ».
(14)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يقول لغلام لنا أسود : يا رباح ! تَرِّب وجهـك.
رواه ابن حبّان في صحيحه (1).
ومن مجموعة روايات كراهة النفخ ـ وما أكثرها ـ جاء ذِكر السـجود على الأرض فيها ، في حين كان السـجود بأماكن خاصة وأماكن عامّة.
فمثلا هذا الشـابّ ـ قرابة أُمّ سلمة ـ الذي جاء ضيفاً إلى بيت رسول الله ـ وعادة وكما قيل : لكلّ قادم كرامة ـ فلِمَ لَم تفرش له أُمّ سلمة أجود بساط عندها ؟!
ولا أعتقد أنّ أُمّ سلمة تفتقد وجود بساط في بيتها ! ولو كانت صلاته بالمسـجد لقلنا : إنّ المسـجد فُرش بالحصى ، وكلّ المسلمين يسـجدون عليه ، أمَا والشـابّ يصلّي في بيت أُمّ سلمة فلا يمكن أن يأتي هذا الافتراض ، ومع هذا تنهاه أُمّ سلمة عن نفخ موضع سـجوده ، وتريده أن يضع جبهته على الحصى ، ومع غباره !
1 ـ الترغيب والترهيب 2 / 223 ح 4 ، وانظر : الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 3 / 191 ح 1910 ، سنـن الترمذي 2 / 221 ح 382 ، المستدرك على الصحيحين 1 / 404 ح 1001 ، وقال فيه : هذا حديث صحيح ولم يخرّجاه ، وقال الذهبي : صحيح.
(15)
والذي يقال في المقام : إنّ الّذين وفّقهم الله لاستقصاء أحاديث السـجود ـ الواردة في مظانّها وسـبر المسانيد والموسوعات الفقهية ـ لم يوافونا ولا بحديث واحد صريح في أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو أحد أصحابه المكرّمين سـجد على بساط من القطن أو الصوف.
إذاً ـ والحالة هذه ـ يتبيّن لنا أنّه لا يجوز السـجود على الصوف ، ولا على القطن ، ولا على أيّ شـيء سوى الأرض وما أنبتت ما لم يؤكل أو يلبس ، وعلى القرطاس ، دون غيرها.
والعبادات ـ قارئي الكريم ـ توقيفية ، يقتصر فيها على مورد النصّ ، وفِعل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتقريره ، وقوله ، هو سُـنّة بمثابة نصّ قرآني.
نعم ، قد يُستفاد من بعض الأحاديث أنّ بعض الصحابة سـجد على ثيابه ، وقد تقدّم أنّه يجوز ذلك عند الضرورة ، والضرورات تبيح المحظورات.
كما قد أورد في عمدة القاري شـرح صحيح البخاري ، للشـيخ بدر الدين العيني تعليقاً على حديث الخُمرة ، قال :
« الرابع : جواز الصلاة على الخُمْرَة من غير كراهة.
وعن ابن المسيّب : الصلاة على الخُمرة سُـنّة.
زكي الياسري
07-01-2010, 03:10 AM
ترجـمة المـؤلّـف (2) (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
مولـده :
ولد الشيخ عبـد الحسين بن أحمد الأميني التبريزي ( قدس سره )
1 ـ إرشـاد الساري شـرح صحيح البخاري 2 / 48.
2 ـ اختصرناها من كتاب : « الغدير في التراث الإسلامي » للعلاّمة المحقّق السيّد عبـد العزيز الطباطبائي ( قدس سره ).
(27)
في عام 1320 هـ في مدينة تبريز من أُسرة علمية ، ونشأ فيها ، واتّجه إلى طلب العلم والمعرفة ، ودرس عند أساتذتها المرموقين.
ثمّ غادرها إلى مدينة النجف الأشرف ، وأنهى دراسته فيها ، وتتلمذ على يد أكابر أعلامها البارزين آنذاك.
رحـلاتـه :
رحل شيخنا ( قدس سره ) إلى الهند وسوريا وتركيا ، في سبيل جمع ما لم يطبع من التراث ، من مصادر قديمة ومهمّة ، وسجّل الكثير في مجلّدين ضخمين سمّاهما « ثمرات الأسفار ».
مـآثـره :
ومن مآثر شيخنا الخالدة ، المكتبة العامة التي أسّـسها في النجف الأشرف باسم : « مكتبة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) العامة ».
واقتنى لها عشرات الأُلوف من نوادر المطبوعات ونفائس المخطوطات.
(28)
مؤلّفـاتـه :
بعد أن أنهى علومه اتّجه إلى التأليف ، فقام يختلف إلى المكتبات القليلة التي كانت موجودة آنذاك في النجف الأشرف ، ومنها مكتبة كانت في الحسينية الشوشترية ، وأُخرى هي مكتبة كاشف الغطاء ( رحمه الله ).
فكان يستنزف أوقات دوام المكتبة في مطالعة الكتب وسبر أغوارها والانتفاع منها ، فيختار من غضونها ما قد يحتاج إليه في بحوثه.
ولكنّ دوام المكتبة المحدود ببضع ساعات لا تفي بهمّته ، ولا تشـبع نهمته.
وقال ( قدس سره ) : « إنّي عزمت على قراءة كتب مكتبة الحسينية كلّها ، فاتّفقت مع أمينها أن يسمح لي بالبقاء فيها ، ويغلق علَيَّ الباب ».
وقال الشيخ محمّـد حسين آل كاشف الغطاء ( رحمه الله ) : « إنّ الأميني لم يُبقِ في مكتبتنا كتاباً سالماً لكثرة مراجعته لها وتقليبه فيها ».
ويضاف إلى هذا أنّه كان يراجع المكتبات الخاصة في بيوت العلماء ، والنجف الأشرف كانت يومئذ غنيّة بالمكتبات الخاصة.
وكان ( قدس سره ) مثابراً دؤوباً ، يقرأ ويكتب في اليوم ثمانية عشر
(29)
ساعة ، وكان منقطعاً عن المجتمع.
ومـن مؤلّفاتـه :
1 ـ الغدير في الكتاب والسُـنّة والأدب : وهو موسوعة ضخمة غنيّة بالعلم ، مليئة بالحجج والبراهين والوثائق ، منقطعة النظير ، والكتاب آية من آيات هذا القرن.
2 ـ شهداء الفضيلة.
3 ـ أدب الزائر.
4 ـ رياض الأُنس ، في التفسير.
5 ـ سيرتـنا وسُـنّـتـنا ، الذي استُلّت منه هذه الرسالة.
وفـاتـه :
توفّي ( رحمه الله ) في طهران يوم الجمعة 28 ربيع الآخر سنة 1390 هـ ، وحمل إلى النجف الأشرف ، ودفن في مقبرة خاصة جنب مكتبته العامة.</SPAN>
(30)
وهذه الرسالة : (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
كنّا نلتمس بحثاً في موضوع السجود على التربة الحسينية ، التي طالما حيكت حولها الشبهات ، وتلقّت السهام المسمومة ، حتّى لفت نظري أحد الإخوة الأفاضل وهو العلاّمة الدكتور السيّد محمّـد بحر العلوم ـ حفظه الله ـ إلى أنّ كتاب « سيرتنا وسُـنّتنا » للعلاّمة الأميني ( قدس سره ) ، صاحب كتاب « الغدير » ، يشتمل على عدّة رسائل ، وكانت إحداها في موضوع « السجود على التربة » ، وقد رجّح لي سماحته استلال هذا البحث وطبعه ، وقد وفّقني الله تعالى لذلك وأسميته : « السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية ».
وبعد المقدِّمة التي مرّت عليك ـ قارئي العزيز ـ وما اقتضاه المقام من التدارك كالسجود على النبات ما لم يؤكل أو يلبس ، والسجود على القرطاس ، وممارسات السجود على التربة عبر التاريخ ، وجواباً لسؤال مقدّر ، لماذا لم يتّخذ سكّان الحرمين تربة يحملونها معهم ؟
ولمّا كانت الساحة العقائدية تفتقر إلى مثل هذا البحث ، فقد تلقّته بشغف بالغ ، وسرعان ما نفد من الأسواق ، ممّا دعاني لإعادة النظر فيه وإعادة طبعه.
ولا أقول : إنّ هذا البحث الفقهي ممّا تفرّد به الشيخ الأميني رضوان الله عليه ، فهناك أقلام نيّرة سطّرت صحائف
زكي الياسري
07-01-2010, 03:12 AM
(31)
مدعمة بالدليل القاطع ، والبرهان الساطع ، فصولا من كتاب ، أو كتاباً في فصول ، في موضوع : السجود على التربة الحسينية.
وإليك قارئي الكريم بعضاً ممّا أُلّف منفرداً في هذا المجال على سبيل المثال لا على سبيل الحصر (1) :
1 ـ الأرض مسجداً وطهوراً.
للشيخ محمّـد نديم بن داود بن أيّوب بن مصطفى بن ملاّ محمّـد بن ملاّ عبـد الله بن ملاّ أحمد آل فليح الطائي الموصلي ، المعاصر ، المولود سنة 1942 م.
ط 1 ، الكويت ( الجهراء ) ، مطبعة الكيلاني 1979 ، 62 صفحة ، ق 17 × 12 سم.
2 ـ الأرض والتربة الحسينية.
للشيخ محمّـد حسين بن علي بن محمّـد رضا بن موسى ابن جعفر بن خضر بن يحيى الجناجي آل كاشف الغطاء ، المتوفّى سنة 1373 هـ.
1 ـ استفدناها من كتاب « معجم ما أُلّف في المسائل الخلافية » للأُستاذ عبـد الله عدنان المنتفكي ، المعاصر.
(32)
ط 1 ، النجف الأشرف.
ط 1 ، بيروت ، مؤسّـسة أهل البيت ( سلسلة المكتبة الإسلامية / رقم 4 ) ، 1981 ، 63 صفحة ، ق 17 × 12 سم.
ط 5 ، القاهرة ، مطبوعات مكتبة النجاح ، ضمن كتاب : الوضوء في الكتاب والسُـنّة.
ط 1 ، بيروت ، مؤسّـسة الأعلمي ، 1985.
3 ـ تربة كربلاء.
لمولوي محمّـد حسن بن الميرزا محمّـد أكبر بن يوسف علي القندهاري ، المولود سنة 1319 هـ / 1901 م.
معجم الأميني : 359.
4 ـ خير التحف في جواز السجود على الآجر والخـزف.
لمحمّـد مهدي العلوي السبزواري ، المتوفّى سنة 1931.
ط 1 ، بغداد ، 1929.
(33)
5 ـ رسالة في التربة الحسينية ( الاستشفاء بالتربة الحسينية ).
للشيخ الميرزا أبي المعالي ابن محمّـد إبراهيم بن حسن الكرباسي ( الكلباسي ) الأصفهاني ، المتوفّى سنة 1315 هـ.
ط 1 ، طهران ، ضمن مجموعة من رسائله.
أعيان الشيعة 2 / 433 ، الذريعة 2 / 23 رقم 78 ، ماضي النجف وحاضرها 3 / 235 ، نقباء البشر 1 / 80 ، معجم المؤلّفين 1 / 15 ، ريحانة الأدب 7 / 269.
6 ـ السبيكة اللجينية في التربة الحسينية.
للسيّد علي بن حسين الزنجفوري الهندي.
أعيان الشيعة 8 / 208.
7 ـ السجود على الأرض.
للشيخ علي الأحمدي.
ط 1 ، بيروت ، دار التعارف ، 1980 م ، 128 صفحة ، ق 24 × 17 سم.
ط 2 ، قم ، مطبعة سلمان الفارسي.
ط 4 ، بيروت ، مركز الجواد ، 1993 م ، 154 صفحة ، ق 24 × 17 سم.</SPAN>
(34)
8 ـ السجود على الأرض غاية الخضوع أمام الله تعالى.
للسيّد رضا الحسيني.
تعريب : الشيخ جعفر الهادي.
إشراف : الشيخ جعفر السبحاني.
ط 1 ، قم ، منشـورات مؤسّـسة الإمام المهدي ، 1413 ، 78 صفحة ، ق 22 × 14 سم.
9 ـ السجود على التربة الحسينية.
للسيّد عبـد الرضا الحسيني المرعشي الشهرستاني ، المتوفّى سنة 1418 هـ.
ط 4 ، كربلاء ، مطبعة النعمان ( النجف ) ، 1968 م ، 24 صفحة ، ق 12 × 15 سم.
10 ـ السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية.
للشيخ عبـد الحسين بن أحمد بن نجف علي أمين الشرع ابن الله يار بن محمّـد التبـريزي الأميـني النجفي ( 1287 ـ
(35)
1390 هـ ).
تقديم : السيّد محمّـد عبـد الحكيم الصافي الموسوي.
ط 1 ، بيروت ، دار الزهراء ، 1977 ، 69 صفحة ، ق 17 × 12 سم.
11 ـ السجود على التربة والجمع بين الصلاتين.
للسيّد محمّـد إبراهيم بن محمّـد كاظم بن محمّـد إبراهيم ابن هاشم بن محمّـد علي الموحّد القزويني ، المعاصر.
ط 1 ، بيروت ، مؤسّـسة الوفاء ، ق 17 × 12 سم.
ط 1 ، بدون مكان ، 1993 ، 66 صفحة ، ق 17 × 12 سم.
12 ـ لمعه لمعاني ، في فضل السجود على التربة.
للسيّد علي بن أبي القاسم بن الحسين بن النقي الرضوي القمّي اللاهوري ، المتوفّى سنة 1343 هـ.
نقباء البشر 4 / 1339.
(36)
ولكن من أُوتي شيئاً من العلم والفهم ، وعاش عِلمَي الدراية والرجال ، يظهر له أنّ مقام هذا الكـتاب في الصـدارة ، ولا عجب ، فإنّه غيض من فيض صاحب « الغدير » ، الموسوعة التي قالوا عنها : إنّها تأليف مجمع علمي أو جماعة علماء ، وأنّى لعَلم منفرد هذه الإحاطة وهذا الإبداع ؟!
كان العلاّمة الأميني ( قدس سره ) في بحثه هذا حيادياً منصفاً ، اعتمد في استدلاله القرآنَ الكريم ، والسُـنّةَ النبوية ، فجاء بحثاً متكاملا ، استوعب جوانب المسألة بنواحيها كافّة ، وقد حلّق في بحثه الروائي ، ممّا لا يدع شـكّاً لمحاور ذي عينين أو ألقى السمع وهو شهيد ، إلاّ الذي أغمض عينيه وصمّ أُذنيه عن الحقيقة ، وتنكّر للحقّ ، فهو كما قال الشاعر : وليس يصحُّ في الأفهامِ شيءٌ إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ ولأهمّـيّة هذا الموضوع في هذه الآونة ، فقد أعدنا العمل ـ وفق الأُسلوب الحديث ـ على الطبعة الأُولى من هذه الرسالة ، فقمنا بتخريج الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، وغيرها من نقولات أو كلمات ، وجعلنا كلّ التخريجات في الهامش بدل المتن ـ كما في أصل الكتاب ، والطبعة الأُولى المستقلّة لهذه الرسالة ، المطبوعة في بيروت سنة 1397 هـ ـ ، وأضفنا إلى
(37)
تخريجات أصل الكتاب مصادر أُخرى ، لتكون أقوى حجّة ، وأسطع برهاناً ، وأدعى للقبول ، عسـى الله أن ينفع بها القارئ والباحث.
وقمنا بتوزيع النصّ توزيعاً يتناسـب مع أُسلوب العصر الحاضر ، وأصلحنا الأخطاء المطبعية أو الإملائية قدر المستطاع ، ودون الإشارة إليها.
وكلّ ما أضفناه بين القوسين المعقوفتين [ ] هو منّا ليتناسـب السياق مع استلال هذه الرسالة وجعلها مستقلّة.
وختـاماً :
لا يسعني هنا إلاّ أن أُقدّم شكري الجزيل إلى كلّ من أعان على إحياء هذا الأثر النفيس ، وإخراجه بهذا الشـكل الجـديد ، وأخصّ بالذِكر مؤسّـسة آل البيت ( عليهم السلام ) لإحياء التراث / فرع دمشـق ، والإخوة منتسـبيها ، لِما بذلوه في سـبيل ذلك.
اللّهمّ أخرجنا من ظلمات الوهم ، وأكرمنا بنور الفهم ، اللّهمّ افتح علينا أبواب رحمتك ، ويسّر لنا خزائن علومك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
محمّـد عبـد الحكيم الموسوي الصافي
دمشـق
15 شـعبان 1419 هـ
(38)
(39)
(40)
الســـجـدة
وما يصـحّ الســجـود عليـه (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
(41)
(42)
السـجدة
وما يصحّ السـجود عليه (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
و [ يجب ] اتّخاذ الأرض مسـجداً ، فإنّ الواجب المتسالم عليه على المصلّي لدى جميع الأُمّة المسلمة ـ على بكرة أبيهم ـ أن يسـجد على الأرض ، ومرفوعة : « جُعلت لي الأرض مسـجداً وطهوراً » (1) من المتّفق عليه ، أصفق عليها أئمّة المذاهب ، ولا مندوحة لدى الاختيار والإمكان من السـجود عليها ، أو على ما ينبت منها كما يأتي حديثه.
وأخذ الصحابة الأوّلين حصاة المسـجد عند حرارتها في الظهائر وتبريدها بتقليبها باليد ـ كما سيوافيك حديثه ـ يومئ إلى عدم كفاية غيرها مهما يتمكّن المصلّي من السـجود عليها ولو بالعلاج ورفع العذر.
وكذلك حديث افتراشـه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت يديه اللباس عند حرارة الحصاة وبرودتها ، والسـكوت عن الافتراش على المسـجد والسـجود عليه يؤيّد إيجاب السـجدة على التراب
1 ـ مرّ تخريجه في صفحة 9 ، وسيأتي مزيد تفصيل له في صفحة 45 فراجـع.
(43)
فحسـب ليس إلاّ.
وأمّا حين عدم تيسّر السجود عليه والتمكّن منه ، لحرارة قارصة أو لإيجاب عذر آخر ، فلا وازع عندئذ من السـجود على غيرها ، إذ الضرورات تبيح المحظورات.
والأحاديث الواردة في الصلاة على الحصير والفَحْل (1) والخُمرة وأمثالها تسوّغ جواز السـجدة على ما ينبت من الأرض غير المأكول والملبوس.
والأنسـب بالسـجدة ـ التي إنْ هي إلاّ التصاغر والتذلّل تجاه عظمة المولى سـبحانه ، ووجاء كبريائه ـ أن تُتّخذ الأرض لديها مسـجداً يعفّر المصلّي بها خدّه ويرغم أنفه ، لتذكّر الساجد لله طينته الوضيعة الخسيسـة التي خُلق منها ، وإليها يعود ، ومنها يعاد تارة أُخرى ، حتّى يتّعظ بها ، ويكون على ذِكر من وضاعة أصله ، ليتأتّى له خضوع روحي ، وذلّ في الباطن ، وانحطاط في النفس ، واندفاع في الجوارح إلى العبودية ، وتقاعس عن الترفّع والأنانية ..
ويكون على بصيرة من أنّ المخلوق من التراب حقيق
1 ـ الفَحْلُ : حَصِيرٌ يُتّخذ من سعف الفَحلِ من النخيل ، والجمع فُحول.
انظر : الصحاح 5 / 1789 ، لسان العرب 10 / 195 ، مادّة « فحل ».
(44)
وخليق بالذلّ والمسـكنة ليس إلاّ.
ولا توجد هذه الأسـرار قطّ وقطّ في المنسوج من الصوف والديباج والحرير ، وأمثاله من وسائل الدعة والراحة ، ممّا يُري للإنسان عظمة في نفسه ، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه ، ويكوّن له ترفّعاً وتجبّراً واستعلاءً ، وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشـوع.
وها نحن نقدّم إلى القارئ جميع ما جاء في الصحاح الستّة ، وغيرهـا من أُمّهـات المسانيـد والسُـنن ، من سُـنّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الواردة في ما يصحّ السـجود عليه ، ونمضي على ضوئها ونتّخذها سُـنّة متّبعة ، وطريقة حقّة لا محيد عنها ، وهي على ثلاثة أقسام :
زكي الياسري
07-01-2010, 03:18 AM
(46)
القسـم الأوّل
ما يدلّ على السـجود على الأرض (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
1 ـ « جُعلت لي الأرض مسـجداً وطهوراً » (1).
وفي لفظ مسلم : « جُعلت لنا الأرض كلّها مسـجداً ، وجُعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء » (2).
وفي لفظ الترمذي : « جُعلت لي الأرض كلّها مسـجداً وطهوراً » (3).
عن علي ، وعبـد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، وجابر ، وابن عبّاس ، وحذيفة ، وأنس ، وأبي أُمامة ، وأبي ذرّ.
وفي لفـظ البيـهقي : « جُعلت لي الأرض طهـوراً
1 ـ انظر : صحيح البخاري 1 / 149 ح 2 و ص 190 ح 98 ، صحيح مسلم 2 / 63 ـ 64 ، سنن الترمذي 2 / 131 ح 317 ، سنن أبي داود 1 / 129 ح 489 ، سنن النسائي 2 / 56 ، مسند أحمد 2 / 240 و 250.
2 ـ صحيح مسلم 2 / 63 ـ 64 ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
3 ـ سنن الترمذي 2 / 131 ح 317.
(47)
ومسـجداً » (1).
وفي لفظ له أيضاً : « جُعلت لي الأرض طيبة ومسـجداً ، وأيّما أدركته الصلاة صلّى حيث كان » (2).
2 ـ « الأرض لك مسـجداً ، حيثما أدركت الصلاة فصـلّ » (3) قاله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأبي ذرّ.
3 ـ ابن عبّاس : إنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سـجد على الحجر.
أخرجه الحاكم في المستدرك ، وصحّحه هو والذهبي (4).
4 ـ أبو سـعيد الخـدري ، قال : أبصـرت عينـاي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى أنفه أثر الماء والطين (5).
5 ـ رفاعة بن رافع ، مرفوعاً : ثمّ يكبّر فيسـجد فيمكّن جبهته من الأرض حتّى تطمئنّ مفاصله وتستوي.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6).
6 ـ ابن عبّاس وأنس وبريدة ، بإسناد صحيح مرفوعاً :
1 ـ السنن الكبرى 2 / 433 ، وانظر : صحيح مسلم 2 / 64.
2 ـ السنن الكبرى 2 / 435 ، وانظر : صحيح مسلم 2 / 63.
3 ـ صحيح مسلم 2 / 63 ، سنن النسائي 2 / 32 ، وانظر : صحيح البخاري 1 / 149 ضمن ح 2.
4 ـ المستدرك على الصحيحين 1 / 625 ح 1672.
5 ـ صحيح البخاري2 / 6 ـ 7 ح 200 و ص 15 ح 220 ، سنن أبي داود 1 / 234 ح 894.
6 ـ السنن الكبرى 2 / 102.
(48)
ثلاثة من الجفاء : يمسـح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته (1).
وفي لفظ واثلة بن الأسـقع : لا يمسـح الرجل جبهته من التراب حتّى يفرغ من الصلاة (2).
7 ـ جـابر بـن عبـد الله ، قال : كـنـت أُصلّـي مـع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الظهر فآخذ قبضة من حصىً في كفّي لتبرد حتّى أسـجد عليه ، من شـدّة الحرّ (3).
وفي لفظ لأحمد : كنّا نصلّي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة الظهر ، وآخذ بيدي قبضة من حصىً فأجعلها في يدي الأُخرى حتّى تبرد ، ثمّ أسـجد عليها ، من شـدّة الحرّ (4).
وفي لفظ البيهقي : كـنت أُصلّي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة الظهر ، فآخذ قبضة من الحصى في كفّي حتّى تبرد ، وأضعها بجبهتي إذ سـجدت ، من شـدّة الحرّ.
فقال البيهقي : قال الشـيخ : ولو جاز السـجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسـهل من تبريد الحصى في الكفّ ووضعها
1 ـ مجمع الزوائد 2 / 83.
2 ـ المعجم الكبير 22 / 56 ـ 57 ح 134 ، المعجم الأوسط 7 / 115 ح 6907 ، مجمع الزوائد 2 / 83 ـ 84.
3 ـ المستدرك على الصحيحين 1 / 309 ح 701 ، وصحّحه على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي.
4 ـ مسند أحمد 3 / 327.
(49)
للسـجود عليها ، وبالله التوفيق (1).
8 ـ أنس بن مالك : كنّا نصلّي مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في شـدّة الحرّ ، فيأخذ أحدنا الحصباء في يده فإذا برد وضعه وسـجد عليـه (2).
9 ـ خــبّــاب بـن الأرتّ ، قــال : شــكـونـا إلـى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شـدّة الرمضـاء في جباهنا وأكـفّنا فلم يُشْـكِنا (3).
10 ـ عمر بن الخطّاب : مُطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة فجعل الرجل يمرّ على البطحاء فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلّي عليه ، فلمّا رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك قال : ما أحسن هذا البساط !
فكان ذلك أوّل بدء الحصباء (4).
وأخرج أبو داود عن ابن عمر : مطرنا ذات ليلة فأصبحت الأرض مبتلّة ، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسـطه
1 ـ السنن الكبرى 2 / 105.
2 ـ السنن الكبرى 2 / 106.
3 ـ السنن الكبرى 2 / 105 و 107 ، نيل الأوطار 2 / 270.
4 ـ السنن الكبرى 2 / 440.
(50)
تحته (1) .. الحديث.
11 ـ عياض بن عبد الله القرشي : رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا يسـجد على كَـوْر عمامته ، فأومأ بيده : ارفع عمامتَك ، وأومأ إلى جبهته (2).
12 ـ عليّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا كان أحدكم يصلّي فليحسـر العمامة عن جبهته (3).
13 ـ نافع : إنّ عبـد الله بن عمر كان إذا سـجد وعليه العمامة يرفعها حتّى يضع جبهته بالأرض (4).
14 ـ عبادة بن الصامت : أنّه كان إذا قام إلى الصلاة حسـر العمامة عن جبهته (5).
15 ـ أبو عبيـدة : إنّ ابـن مسـعود كـان لا يصـلّـي ـ أو : لا يسـجد ـ إلاّ على الأرض.
أخرجه الطبراني في الكبير ، وعنه في المجمع (6).
1 ـ سنن أبي داود 1 / 122 ح 458.
2 ـ السنن الكبرى 2 / 105.
3 ـ السنن الكبرى 2 / 105.
4 ـ السنن الكبرى 2 / 105.
5 ـ السنن الكبرى 2 / 105.
6 ـ المعجم الكبير 9 / 255 ح 9263 ، مجمع الزوائد 2 / 57.
(51)
16 ـ إبراهيم : أنّه كان يقوم على البردي ويسـجد على الأرض.
قلنا : ما البردي ؟
قال : الحصير.
أخرجه الطبراني في الكبير ، وعنه في المجمع (1).
17 ـ صالح بن حيوان السـبائي : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رأى رجلا يسـجد بجنبه ، وقد اعتمّ على جبهته ، فحسـر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن جبهته (2).
1 ـ المعجم الكبير 9 / 255 ح 9264 ، مجمع الزوائد 2 / 57.
2 ـ السنن الكبرى 2 / 105 ، نصب الراية 1 / 386.
(52)
القســم الثـاني
في ما ورد من السـجود
على غير الأرض من دون أيّ عذر (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
1 ـ أنـس بـن مالـك : أنّ جـدّتـه مُلَـيْـكـة دعـت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لطعام صنعته له فأكل منه ، ثم قال : قوموا فلأُصلّي لكم.
قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لُبس ، فنضحته بماء.
فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وصففتُ ، واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا .. الحديث.
أخرجه البخاري في صحيحه (1).
وفي صـحيـح النسائي بلفـظ : إنّ أُمّ سُـلَيم (2) سـألت
1 ـ صحيح البخاري 1 / 171 ح 46 ، وانظر : سنن النسائي 2 / 85 ـ 86.
2 ـ هي : أُمّ سُلَيم بنت مِلْحان بن خالد بن زيد بن النجّار ، الأنصارية الخزرجية النجّارية ، وهي أُمّ أنس بن مالك خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد اشتهرت بكنيتها ، وقد اختُلف في اسمها ، فقيل : سَهْلة ، وقيل : رُمَيلة ، وقيل : رُمَيثة ، وقيل : مُلَيكة ، وقيل : أُنَيفة ، وقيل : الغُمَيصاء ، وقيل : الرُمَيصاء.
كانت تغزو مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكانت من عاقلات النساء وفضلياتهنّ.
تزوّجت مالك بن النضر في الجاهلية ، فولدت له أنساً ، وأسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار ، فغضب مالك وخرج إلى الشام فمات بها ، فتزوّجت بعده أبا طلحة الأنصاري وولدت له.
روت عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وروى عنها ابنها أنس بن مالك ، وعبـد الله ابن عبّاس ، وعمرو بن عاصم الأنصاري ، وزيد بن ثابت ، وآخرون.
روى لها الجماعة سوى ابن ماجة.
انظر : أُسد الغابة 6 / 345 رقم 7471 ، الإصابة في تمييز الصحابة 8 / 227 رقم 12073 ، الاستيعاب 4 / 1940 رقم 4163 ، تهذيب الكمال 22 / 474 رقم 8572.
(53)
رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يأتيها فيصلّي في بيتها فتتّخذه مصلّىً ، فأتاها ، فعمدت إلى حصير فنضحته بماء ، فصلّى عليه وصلّوا معـه (1).
وفى لفظ ابن ماجة في سننه ، قال : صنع بعض عمومتي للنبيّ طعاماً ، فقال للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنّي أُحبّ أن تأكل في بيتي وتصلّي فيه.
قال : فأتاه وفي البيت فحل من هذه الفحول ، فأمر بناحية منه فكُنس ورُشّ ، فصلّى وصلّينا معه.
فقال : قال أبو عبـد الله ابن ماجة : الفحل هو الحصير
1 ـ سنن النسائي 2 / 56 ـ 57.
(54)
الذي قد اسودَّ (1).
وفي سنن البيهقي : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقيل (2) عنـد أُمّ سُـلَيم ، فتبسـط له نطعاً (3) ، فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها ، وتبسـط له الخُمرة ويصلّي عليها (4).
وفي السنن [ أيضاً ] بلفط : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحسن الناس خُلقاً ، فربّما تحضره الصلاة وهو في بيتنا ، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ، ثمّ ينضح ، ثمّ يقوم فنقوم خلفه فيصلّي بنا.
قال : وكان بساطهم من جريد النخل (5).
وفيه أيضاً بلفظ : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دخل بيتاً فيه فحل ، فكُسـح ناحية منه ورُشّ فصلّى عليه (6).
قال في هامش السنن : الفحل : حصير معمول من سـعف
1 ـ سنن ابن ماجة 1 / 249 ـ 250 ح 756 ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة 1 / 435 ح 6.
2 ـ مِن : قال يقيل قيلولة ، نام في القائلة ، أي منتصف النهار ، والقيلولة أيضاً : الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم انظر : لسان العرب 11 / 374 مادّة « قيل ».
3 ـ النطع : بالكسر وبالفتح وبالتحريك : بساط من الأديم انظر : تاج العروس 11 / 482 مادّة « نطع ».
4 ـ السنن الكبرى 2 / 421.
5 ـ السنن الكبرى 2 / 436.
6 ـ السنن الكبرى 2 / 436.
(55)
فُحّال النخل.
وأخرجه الترمذي في الصحيح ـ ملخّصاً ـ عن أنس ، قال : نضح بساط لنا فصلّى عليه (1).
2 ـ ابن عبّاس : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي على الخُمرة (2).
قال الإمام ابن العربي المالكي : الخُمرة حصير الصلاة (3).
3 ـ أبو سـعيد الخدري : أنّه دخل على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فرأيته يصلّي على حصير يسـجد عليه (4).
4 ـ ميمونة أُمّ المؤمنين : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي وأنا حذاءه ، وربّما أصابني ثوبه إذا سـجد ، وكان يصلّي على خُمرة (5).
1 ـ سنن الترمذي 2 / 154 ح 333.
2 ـ سنن الترمذي 2 / 151 ح 331 ، وانظر : مسند أحمد 1 / 269.
3 ـ عارضة الأحوذي 1 / 360.
4 ـ صحيح مسلم 2 / 62 و 128 ، وانظر أيضاً : سنن ابن ماجة 1 / 328 ح 1029 ، سنن الترمذي 2 / 153 ح 53.
5 ـ صحيح البخاري 1 / 171 ح 45 ، صحيح مسلم 2 / 128 ، سنن ابن ماجة 1 / 328 ح 1028 ، سنن النسائي 2 / 57 ، السنن الكبرى 2 / 421.
(56)
وأخـرج مسلم ، عن عـائشـة ، قالت : قال لـي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ناوليني الخُمرة من المسـجد قالت : إنّي حائض فقال : إنّ حيضتك ليست في يدك (1).
5 ـ ابن عمر : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي على الخُمرة ويسـجد عليها.
أخرجه الطبراني في الكبير والأوسـط (2).
6 ـ أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين : كان لرسول الله حصير وخُمرة يصلّي عليهما.
أخرجه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسـط ورجال أبي يعلى رجال الصحيح (3).
وعن أُمّ حبيبة ، مثله صحيحاً ، كما في المجمع (4).
7 ـ أنس : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي على الخُمرة
1 ـ صحيح مسلم 1 / 168.
2 ـ المعجم الكبير 24 / 8 ح 6 و 7 ، المعجم الأوسط 2 / 211 ح 1683 و ج 4 / 489 ح 4260 و ج 8 / 123 ح 8036 ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة 1 / 435 ح 7.
3 ـ مسند أبي يعلى 12 / 311 ح 6884 و ص 448 ح 7018 ، المعجم الكبير 23 / 351 ح 821 و 822 ، المعجم الأوسط 6 / 366 ح 6436.
4 ـ مجمع الزوائد 2 / 57.
(57)
ويسـجد عليها.
أخرجه الطبراني في الأوسـط والصغير بأسانيد بعضها صحيح رجاله ثقات كما في المجمع (1).
1 ـ المعجم الأوسـط 9 / 22 ح 8835 ، المعجم الصغير 2 / 253 وفيه : « إنّه صلّى على الحصير » ، مجمع الزوائد 2 / 57.
(58)
القسـم الثالـث
في ما ورد من السـجود
على غير الأرض لعذر (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
1 ـ أنس بن مالك : كنّا إذا صلّينا مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلم يستطع أحدنا أن يمكّن جبهته من الأرض من شـدّة الحرّ ، طرح ثوبه ، ثمّ سـجد عليه (1).
وفي لفظ البخاري : كنّا نصلّي مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيضع أحدنا طرف الثوب من شـدّة الحرّ في مكان السـجود (2).
وفي لفظ مسلم : كنّا نصلّي مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في شـدّة الحرّ ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكّن جبهته من الأرض بسـط ثوبه فسـجد عليه (3).
وفي لفظ : كنّا إذا صلّينا مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيضع أحدنا
1 ـ السنن الكبرى 2 / 106.
2 ـ صحيح البخاري 1 / 173 ح 51 و ج 2 / 143 ح 220.
3 ـ صحيح مسلم 2 / 109 ، وانظر : سنن ابن ماجة 1 / 329 ح 1033 ، وفيه : « لم يقدر » بدل « ولم يستطع » ، سنن أبي داود 1 / 174 ح 660 ، مصّنف ابن أبي شيبة 1 / 301 ح 3 ، السنن الكبرى 2 / 106 ، نيل الأوطار 2 / 269 ـ 27.
(59)
طرف الثوب من شـدّة الحرّ مكان السـجود (1).
قال الشـوكاني في « النيل » : الحديث يدلّ على جواز السـجود على الثياب لاتّقاء حرّ الأرض ، وفيه إشـارة إلى أنّ مباشـرة الأرض عند السـجود هي الأصل ، لتعليق بسـط ثوب بعدم الاستطاعة ، وقد استدلّ بالحديث على جواز السـجود على الثوب المتّصل بالمصلّي قال النووي : وبه قال أبو حنيفة ، والجمهور (2).
2 ـ أنس بن مالك : كنّا إذا صلّينا خلف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالظهائر سـجدنا على ثيابنا اتّقاء الحرّ.
أخرجه ابن ماجة في صحيحه (3).
وقال الإمام السندي في شـرحه : « الظهائر » جمع ظهيرة وهي شـدّة الحرّ نصف النهار .. « سـجدنا على ثيابنا » الظاهر أنّها الثياب التي هم لابسوها ، ضرورة أنّ الثياب في ذلك الوقت قليلة ، فمن أين لهم ثياب فاضلة ؟! فهذا يدلّ على جواز أن يسـجد المصلّي على ثوب هو لابسـه كما عليه الجمهور (4).
1 ـ السنن الكبرى 2 / 106.
2 ـ نيل الأوطار 2 / 270.
3 ـ سنن ابن ماجة ، وانظر صحيح البخاري 1 / 228 ح 19 ، سنن النسائي 2 / 216.
4 ـ حاشية السندي ـ المطبوع مع سنن النسائي ـ 2 / 216 ـ 217.
(60)
وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عبّاس : رأيت رسول الله يسـجد على ثوبه (1).
وأخرج البخاري في الصحيح ، في باب السـجود على الثوب في شـدّة الحرّ : وقال الحسن : كان القوم يسـجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كـمّه (2).
1 ـ مسند أبي يعلى 4 / 335 ح 2448 ، المعجم الكبير 11 / 84 ح 11178.
2 ـ صحيح البخاري 1 / 172.
زكي الياسري
07-01-2010, 03:21 AM
(61)
(62)
لفــت نظــر (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضاً ، مع أنّه ليس فيه ذِكر عن السـجدة على الثوب ! ألا وهو :
عن ابن عبّاس : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي في كساء أبيض في غداة باردة ، يتّقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله (1).
وفي لفظ أحمد : لقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في يوم مطير وهو يتّقي الطين إذا سـجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سـجد (2).
وعن ثابت بن صامت : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام يصلّي في مسـجد بني عبـد الأشـهل ، وعليه كساء ملتفٌّ به ، يضع يده عليه يقيه برد الحصا (3).
وفي لفظ : رأيته واضعاً يديه في ثوبه إذا سـجد (4).
1 ـ السنن الكبرى 2 / 108.
2 ـ مسند أحمد 1 / 265 ، وانظر أيضاً : جامع المسانيد والسنن ـ لابن كثير ـ 31 / 349 ح 2072 ، نيل الأوطار 2 / 271.
3 ـ السنن الكبرى 2 / 108.
4 ـ نيل الأوطار 2 / 271.
(63)
في لفظ ابن ماجة : فرأيته واضعاً يديه على ثوبه إذا سـجد (1).
قال الشـوكاني في « نيل الأوطار » : الحديث يدلّ على جواز الاتّقاء بطرف الثوب الذي على المصلّي ولكن للعذر ، أمّا عذر المطر ـ كما في الحديث ـ أو الحرّ والبرد ـ كما في رواية ابن أبي شـيبة ـ ، وهذا الحديث مصرّح بأنّ الكساء الذي سـجد عليه كان متّصلا به (2).
ونحن لم نر هذا الحمل في محلّه ، إذ الحديث لا يدلّ بظاهره إلاّ على اتّقاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسـب ، وليس فيه إيعاز قطّ إلى السـجدة والجبهة ، وسـبيله سـبيل حديث السيّدة عائشـة : كان رسول الله إذا صلّى لا يضع تحت قدميه شـيئاً إلاّ أنّا مُطرنا يوماً فوضع تحت قدمه نطعاً (3).
وهناك مرفوعة أخرجها أحمد في « المسند » عن محمّـد ابن ربيعة ، عن يونس بن الحارث الطائفي ، عن أبي عون ، عن
1 ـ سنن ابن ماجة 1 /328 ـ 229 ح 1031 ، وانظر : السنن الكبرى 2 / 108.
2 ـ نيل الأوطار 2 / 271.
3 ـ المعجم الأوسـط 6 / 112 ح 5777 ، سنن البيهقي 2 / 436 ، مجمع الزوائد 2 / 57.
(64)
أبيه ، عن المغيرة بن شـعبة ، قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصلّي ـ أو يستحبّ أن يصلّي ـ على فروة مدبوغة (1).
والإسناد ضعيف بالمرّة ، وبمثله لا يستدلّ في الأحكام ..
فيه : يونس بن الحارث (2) :
قال أحمد : أحاديثه مضطربة.
وقال عبـد الله بن أحمد : سـألته عنه مرّة أُخرى ، فضعّفه.
وعن ابن معين : لا شـيء.
وقال أبو حاتم : ليس بقوي.
وقال النسائي : ضعيف.
وقال مرّةً : ليس بالقوي.
وقال ابن أبي شـيبة : سـألت ابن معين عنه فقال : كنّا نضعّفه ضعفاً شـديداً.
وقال الساجي : ضعيف ، إلاّ أنّه لا يُتّهم بالكذب.
وفيه : أبو عون عبيـد الله بن سـعيد الثقفي الكوفي :
قال أبو حاتم في « الجرح والتعـديل » لابنه : هو مجهـول (3).
1 ـ مسند أحمد 4 / 254 ، وانظر أيضاً : سنن أبي داود 1 /174 ح 659 ، السنن الكبرى 2 / 420.
2 ـ انظر ترجمته في : تهذيب التهذيب 9 / 458 رقم 8185.
3 ـ الجرح والتعديل 5 / 316 ـ 317 رقم 1505.
(65)
وقال ابن حجر : حديثه عن المغيرة مرسَـل (1).
على أنّ متن المرفوعة ساكت عن السـجدة وحكمها ، والملازمة بين الصلاة على الفروة والسـجدة عليها منتفية.
1 ـ تهذيب التهدذيب 5 / 379 ـ 380 رقم 4427.
(66)
القـول الفصـل (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
هذا تمام ما ورد في الصحاح والمسانيد ـ مرفوعاً وموقوفاً ـ في ما يجوز السـجود عليه برمّته ، ولم يبق هناك حديث لم نذكره ، وهي تدلّ بنصّها على أنّ الأصل في ذلك لدى القدرة والإمكان الأرضُ كلّها ، ويتبعها المصنوع ممّا ينبت منها ، أخذاً بأحاديث الخُمرة والفحل والحصير والبساط ، ولا مندوحة عنها عند فقدان العذر.
وأمّا في حال العذر وعدم التمكّن منها ، فيجوز السـجود على الثوب المتّصل دون المنفصل ، لعدم ذِكره في السُـنّة.
وأمّا السـجدة على الفراش والسـجّاد والبسـط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير وأمثالها والثوب المنفصل ، فلا دليل يسوّغها قطّ ، ولم يرد في السُـنّة أيّ مستند لجوازها.
وهذه الصحاح الستّة وهي تتكـفّل بيان أحكام الدين ، ولا سيّما الصلاة التي هي عماده ، لم يوجد فيها ولا حديث واحد ، ولا كلمة إيماء وإيعاز إلى جواز ذلك.
وكذلك بقية أُصول الحديث من المسانيد والسنن ، المؤلّفة في القرون الأُولى الثلاثة ، ليس فيها أيّ أثر يمكننا
(67)
الاستدلال به على جواز ذلك ، من مرفوع أو موقوف ، من مسند أو مرسل.
فالقول بجواز السـجود على الفرش والسـجّاد ، والالتزام بذلك ، وافتراش المساجد بها للسـجود عليها كما تداول عند الناس بدعة محضة ، وأمر محدَث غير مشـروع ، يخالف سُـنّة الله وسُـنّة رسوله ، ولن تجد لسُـنّة الله تحويلا.
وقد أخرج الحافظ الكبير الثقة أبو بكر ابن أبي شـيبة بإسناده في « المصنّف » في المجلّد الثاني ، عن سـعيد بن المسيّب وعن محمّـد بن سيرين ، أنّ الصلاة على الطنفسـة محـدَث (1).
وقد صحّ عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : « شـرّ الأُمور محدَثاتها ، وكلّ محدَثة بدعة » (2).
1 ـ المصنّف 1 / 438 ح 1 و 2.
2 ـ صحيح مسلم 3 / 11 ، مسند أحمد 3 / 319 و 371 ، السنن الكبرى 3 / 207 و 213 و 214 ، المعجم الأوسط 9 / 269 ح 9418 ، مجمع الزوائد 1 / 171.
(68)
الســـجـدة
علـى تربة كربـلاء (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
(69)
(70)
السـجدة على تربة كربـلاء
هذا ، وأمّا السـجدة على تربة كربلاء واتّخاذها مسـجداً ، فإنّ الغاية المتوخّاة منها ـ للشـيعة ـ إنّما هي تستند إلى أصلين قويمَين ، وتتوقّف على أمرين قـيّمَين :
أوّلهما :
استحسان اتّخاذ المصلّي لنفسـه تربة طاهرة طيّبة يتيقّن بطهارتها ، من أيّ أرض أُخذت ، ومن أيّ صقع من أرجاء العالم كانت ، وهي كلّها ذات شـرع سواء سواسية ، لا امتياز لإحداهنّ على الأُخرى في جواز السـجود عليها.
وإنْ هو إلاّ كرعاية المصلّي طهارة جسـده وملبسـه ومصلاّه ، يتّخذ المسلم لنفسـه صعيداً طيّباً يسـجد عليه في حلّه وترحاله ، وفي حضره وسـفره ، ولا سيّما في السـفر ، إذ الثقة بطهارة كلّ أرض يحلّ بها ويتّخذها مسـجداً لا تتأتّى له في كلّ موضع من المدن ، والرساتيق ، والفنادق ، والخانات ، وباحات النزل ، والساحات ، ومحالّ المسافرين ، ومحطّات وسائل السير والسـفر ، ومهابط فئات الركاب ، ومنازل الغرباء ،
(71)
أنّى له بذلك وقد يحلّ بها كلّ إنسان من الفئة المسلمة وغيرها ، ومن أخلاط الناس الّذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسـة ؟!
فأيّ وازع من أن يستحيط المسلم في دينه ، ويتّخذ معه تربة طاهرة يطمئنّ بها وبطهارتها ، يسـجد عليها لدى صلاته ، حـذراً مـن السـجدة على الرجاسـة والنجاسـة والأوساخ التـي لا يتقرّب بها إلى الله قـطّ ، ولا تجـوّز السُـنّة السـجود عليهـا ، ولا يقبله العقل السليم بعد ذلك التأكيد التامّ البالغ في طهارة أعضاء المصلّي ولباسـه ، والنهي عن الصلاة في مواطن ، منها : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمّام ، ومعاطن الإبل (1) ، والأمر بتطهير المساجد وتطييبها (2) ؟!
وكأنّ هذه النظرة الصائبة القيّمة الدينية كانت متّخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الأُولى.
1 ـ سنن الترمذي 2 / 131 ح 317 ، سنن أبي داود 1 / 129 ح 49 و ص 130 ح 492 و 493 ، سنن ابن ماجة 1 / 246 ح 745 ـ 747 و ص 252 ـ 253 ح 768 ـ 770 و ج 2 / 131 ح 317 ، مسند أحمد 3 / 83 و 96 و ج 4 / 86 و ص 303 ، مصنّف ابن أبي شـيبة 1 / 421 ح 1 ـ 8 و ص 422 ح 14 و 17 و 18 ، سنن النسائي 2 / 56 ، السنن الكبرى 2 / 435 و ص 448 ـ 449 ، فتح الباري 1 / 696 ، مجمع الزوائد 2 / 26 ، كنز العمّال 7 / 339 ح 19166 و ص 342 ـ 343 ح 19181 ـ 19187 و ص 345 ح 19198.
2 ـ سنن ابن ماجة 1 / 250 ح 757 ـ 760.
(72)
وأخذاً بهذه الحيطة المستحسنة جدّاً كان التابعي الفقيه الكبير ، الثقة العظيم ، المتّفق عليه ، مسـروق بن الأجدع (1) يأخذ في أسـفاره لبنة يسـجد عليها كما أخرجه شـيخ المشـايخ ، الحافظ الثقة ، إمام السُـنّة ومسندها في وقته ، أبو بكر ابن أبي شـيبة في كتابه « المصنّف » في المجلّد الثاني ، باب : من كان يحمل في السـفينة شـيئاً يسـجد عليه.
فأخرج بإسنادين أنّ مسـروقاً كان إذا سافر حمل معه في السـفينة لبنة يسـجد عليها (2).
هذا هو الأصل الأوّل لدى الشـيعة ، وله سابقة قدم منذ يوم الصحابة الأوّلين التابعين لهم بإحسان.
1 ـ مسروق بن الأجدع عبـد الرحمن بن مالك الهمداني ، أبو عائشة ، المتوفّى 62 ، تابعي عظيم ، من رجال الصحاح الستّة ، يروي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، كان فقيهاً عابداً ، ثقة صالحاً ، كان في أصحاب ابن مسعود الّذين كانوا يعلّمون الناس السُـنّة ، وقال حين حضره الموت ـ كما جاء في طبقات ابن سعد ـ : اللّهمّ لا أموت على أمر لم يسنّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبو بكر ولا عمر.
راجع : التاريخ الكبيـر 4 ق 2 / 35 ، الطبقات الكبرى 6 / 565 ، الجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم ـ 4 ق 1 / 396 ، تهذيب التهذيب 10 / 109 ـ 111.
وانظر : تهذيب الكمال 18 / 45 ـ 48 رقم 6493 ، سير أعلام النبلاء 4 / 63 ـ 69 رقم 17 ، تهذيب التهذيب 8 / 133 ـ 134 رقم 6873 ، الثقات 5 / 456.
2 ـ المصنّف 2 / 172 ح 1 و 3.
(73)
وأمّا الأصل الثاني :
فإنّ قاعدة الاعتبار المطّردة تقتضي التفاضـل بين الأراضي ، بعضها على بعض ، وتستدعي اختلاف الآثار والشـؤون والنظرات فيها ، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه ، مطّرد بين الأُمم طرّاً ، لدى الحكومات والسلطات والملوك العالمية برمّتهم ، إذ بالإضافات والنِسَـب تُقبل الأراضي والأماكن والبقاع خاصة ، ومزيّة بها تجري عليها مقرّرات ، وتنتزع منها أحكام لا يجوز التعدّي والصفح عنها.
ألا ترى أنّ المستقلاّت ، والساحات ، والقاعات ، والدور ، والدوائر الرسـمية المضافة إلى الحكومات ، وبالأخصّ ما ينسـب منها إلى البلاط الملكي ، ويعرف باسـم عاهل البلاد وشـخصه ، لها شـأن خاصّ ، وحكم ينفرد بها ، يجب للشـعب رعايته ، والجري على ما صدر فيها من قانون.
فكذلك الأمر بالنسـبة إلى الأراضي والأبنية والديار المضافة المنسوبة إلى الله تعالى ، فإنّ لها شـؤوناً خاصة ، وأحكاماً وطقوساً ، ولوازم وروابط لا مناص ولا بُـدّ لمن أسلم وجهه لله من أن يراعيها ، ويراقبها ، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والإسلام من القيام بواجبها والتحفّظ عليها ،
(74)
والأخذ بها.
فبهذا الاعتبار المطّرد العامّ المتسالم عليه انتُزع للكعبة حكمها الخاصّ ، وللحرم شـأنّ يُخصّ به ، وللمسـجدين الشـريفين ـ جامع مكّة والمدينة ـ أحكامهما الخاصة بهما ، وللمساجد العامة والمعابد والصوامع والبِيَع التي يُذكر فيها اسـم الله ، في الحرمة والكرامة ، والتطهير والتنجيس ، ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها ، والنهي عن بيعها نهياً باتاً نهائياً من دون تصوّر أيّ مسوّغ لذلك قطّ ، خلاف بقية الأوقاف الأهلية العامّة التي لها صور مسوّغة لبيعها وتبديلها بالأحسن ، إلى أحكام وحدود أُخرى منتزعة من اعتبار الإضافة إلى ملك الملوك ، ربّ العالمين.
فاتّخاذ مكّة المكرّمة حرماً آمناً ، وتوجيه الخلق إليها ، وحجّهم إليها من كلّ فجّ عميق ، وإيجاب كلّ تلكم النُسُـك وجعل كلّ تلكم الأحكام ، حتّى بالنسـبة إلى نبتها وأبّها ، إنْ هي إلاّ آثار الإضافة ، ومقرّرات تحقّق ذلك الاعتبار ، واختيار الله إيّاها له من بين الأراضي.
وكذلك عدّ المدينة المنوّرة حرماً إلهياً محترماً ، وجعل كلّ تلكم الحرمات الواردة في السُـنّة الشـريفة لها ، وفي أهلها وتربتها ، ومن حلّ بها ، ومن دفن فيها ، إنّما هي لاعتبار ما فيها من الإضافة والنسـبة إلى الله تعالى ، وكونها عاصمة عرش نبيّه
(75)
الأعظم صاحب الرسالة الخاتمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
وهذا الاعتبار وقانون الإضافة ، كما لا يُخَصّ بالشـرع فحسـب ، بل هو أمر طبيعي أقرّ الإسلام الجري عليـه ..
كذلك لا ينحصر هو بمفاضلة الأراضي ، وإنّما هو أصل مطّرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامّة ، من الأنبياء ، والرسل ، والأوصياء ، والأولياء ، والصدّيقين ، والشـهداء ، وأفراد المؤمنين وأصنافهم .. إلى كلّ ما يتصوّر له فضل على غيره لدى الإسلام المقـدّس.
بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود ، وبه قوام كلّ شـيء ، وإليه تنتهي الرغبات في الأُمور ، ومنه تتولّد الصلات والمحبّات ، والعلائق والروابط ، وتتولّد عوامل البغض والعداء والشـحناء والضغائن.
وهو أصل كلّ خلاف وشـقاق ونفاق.
كما إنّه أساس كلّ وحدة واتّحاد وتسالم ووئام وسلام.
وعليه تبنى صروح الكلّيات ، وتتمهّد المعاهـد الاجتماعية.
وفي أثره تشـكَّل الدول ، وتختلف الحكومات ، وتحدث المنافسات والمشـاغبات والتنازع والتلاكم والمعارك والحروب الدامية.
زكي الياسري
07-01-2010, 03:24 AM
وعلى ضوئه تتحزّب الشـعوب والقبائل ، وتتكثّر الأحزاب والجمعيات.
وبالنظر إليه تؤسّـس المؤسّـسات في أُمور الدين والدنيا ، وتتمركز المجتمعات الدينية ، والعلمية ، والاجتماعية ، والشـعوبية ، والقومية ، والطائفية ، والحزبية ، والسياسية.
.. إلى كلّ قبض وبسـط ، وحركة وسـكون ، ووحدة وتفكّك ، واقتران وافتراق.
فالحكومة العالمية القوية ، القهّارة الجبّارة ، الحاكمة على الجامعة البشـرية بأسـرها ، من أوّل يومها وهلمّ جرّاً إلى آخر الأبـد ، من دون شـذوذ لأيّ أحد وخروج فرد عن سلطتها ، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم ، إنّما هي حكومة « ياء النسـبة »!
بها قوام الدين والدنيا ، وإليها تنتهي سلسلة النظم الإنسانية ، وقانون الاجتماع العامّ ، وشـؤون الأفراد البشـري.
والبشـر ـ مع تكثّر أفراده ـ على بكرة أبيهم مُسيّر بها ، مقهور تحت نير سلطتها ، مصفّد بحبالهـا ، مقيّـد في شـراكها ، لا مهرب له منها.
هي التي تُحْكِم وتفتق ، وتنقض وتبرم ، وترفع وتخفض ، وتصل وتقطع ، وتقرّب وتبعّد ، وتأخذ وتعطي ، وتعزّ وتذلّ ،
(77)
وتثيب وتعاقب ، وتحقّر وتعظّم.
هي التي تجعل الجندي المجهول مكرّماً ، معظّماً ، محترماً ، وتراه أهلا لكلّ إكبار وتجليل وتبجيل ، لدى الشـعب وحكومته ، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبرته ، وتدعه يُذكر مع الأبد ، خالداً ذِكره في صفحة التاريخ.
هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل ، وبمقاييسـها يقاسي الإنسان الشـدائد والقوارع والمصائب الهائلة ، ويبذل النفس والنفيس دونها.
هي التي جعلت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يُقَبّل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميّت ، ودموعه تسيل على خدّيه كما جاء عن السيّدة عائشـة (1).
هي التي دعت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن يبكي على ولده الحسين السـبط ، ويقيم كلّ تلكم المآتم ، ويأخذ تربة كربلاء ويشـمّها ويقبّلها .. إلى آخر ما سـمعت من حديثه (2).
1 ـ أخرجه أبو القاسم عبـد الملك بن بشران في أماليه ، وأبو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده ، والحاكم النيسابوري في المجلّد الثالث من المستدرك ، وحفّاظ وأعلام آخرون.
انظر : سنن أبي داود 3 / 198 ح 3163 ، الجعديات 2 / 94 ح 2105 ، الغيلانيات 2 / 728 ـ 729 ح 1005 ـ 1007 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 209 ـ 210 ح 4868.
2 ـ انظر : الفتوح ـ لابن أعثم ـ 4 / 327 ، تاريخ دمشق 14 / 188 ـ 189 ، كفاية الطالب : 426 ـ 427.
(78)
هي التي جعلت السيّدة أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين تصرّ تربة كربلاء على ثيابها (1).
هي التىّ سوّغت للصدّيقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشـمّها (2).
هي التي حكمت على بني ضبّة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عائشـة أُمّ المؤمنين وتفتّها وتشـمّها كما ذكره الطبري (3).
هي التي جعلت عليّاً أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لمّا حلّ بها ، فشـمّها وبكى حتّى بلّ الأرض بدموعه ، وهو يقول : يحشـر من هذا الظهر سـبعون ألفاً ، يدخلون الجنّة بغير حساب.
أخرجه الطبراني ، وقال الهيثمي في المجمع : رجاله ثقات (4).
1 ـ تاريخ دمشق 14 / 190 ح 3522 و 3523 و ص 192 ـ 193 ح 3528.
2 ـ ورد أنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) سارت إلى قبر أبيها النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد وفاته ووقفت عليه وبكت ، ثمّ أخذت قبضة تراب من القبر فجعلتها على عينيها ووجهها ، ثمّ أنشأت تقول :
ماذا على من شمّ تربة أحمد أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا
انظر : الفصول المهمّة : 148 ، نور الأبصار : 53.
3 ـ تاريخ الطبري 3 / 48 ـ 49 حوادث سنة 36.
4 ـ المعجم الكبير 3 / 111 ح 2825 ، مجمع الزوائد 9 / 191 ، وانظر : تاريخ دمشق 13 / 222 ، كفاية الطالب : 428.
(79)
هي التي جعلت رجل بني أسـد يشـمّ تربة الحسين ويبكي.
قال هشـام بن محمّـد : لمّا أُجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامْـتَـحَى (1) أثرُ القبر ، فجاء أعرابي من بني أسـد فجعل يأخذ قبضة قبضـة من التراب ويشـمّه حتّى وقع على [ قبـر ] الحسين ، فبـكى وقال : بأبي وأُمّي ما كان أطيبك حيّاً ، وأطيب تربتك ميتاً! ثمّ بكى وأنشـأ يقول :
أرادوا لِيُخْفُوا قبرَه عن عَداوة وطِيبُ ترابِ القبرِ دَلّ على القبرِ (2)
فالفرد البشـري كائناً من كان ، أينما كان وحيثما كان ، من أيّ عنصر وشـاكلة ، على تكثّر شـواكله ، واختلاف عناصره ، في جميع أدوار الحياة ، هو أسير تلك الحكومة ، ورهين لفظة :
روحي ، بدني ، مالي ، أهلي ، ولدي ، أقاربي ، رحمي ، أُسـرتي ، تجارتي ، نحلتي ، ملّتي ، طائفتي ، مبدئي ، داري ،
1 ـ امْـتَـحى ـ بصيغة « انْـفَـعَـلَ » من الفعل « محا » ، وهي لغة فيه قليلة أو ضعيفة ـ : أي ذَهَـبَ أثـرُه والأجود لغةً : امَّـحَـى ـ كادّعى ـ.
انظر مادّة « محا / محو » في : الصحاح 6 / 2490 ، لسان العرب 13 / 43 ، تاج العروس 20 / 176.
2 ـ تاريخ دمشق 14 / 244 ـ 245 ، كفاية الطالب : 440 ـ 441.
(80)
ملكي ، حكومتي ، قادتي ، سادتي .. إلى ما لا يحصى من المضاف المنسوب إليه.
وهذه هي حرفياً بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شـدقي الحـكومات والـدول ، والجمعيات ، والهيئـات ، والأحياء ، والشـعوب ، والقبائل ، والأحزاب ، والملل ، والنحل ، والملوك ، والطوائف ، والسلطات الحاكمة .. إلى كلّيات لا تتناهى.
وبمجرّد تمامية النسـبة وتحقّق الإضافة في شـيء جزئي أو كلّي ، أو أمر فردي أو اجتماعي ، لدى أُولئك المذكورين تترتّب آثار ، وتتسـجّل أحكام لا منتدح لأيّ أحد من الخضوع لها والإخبات إليها ، والقيام دونها ، والتقيّد بها.
وهذا بحث جدّ ناجع ، تنحل به مشـكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات ، وعقود الضغينة والمحبّة ، وعويصات المذاهب ، ومقرّرات الشـرع الأقدس ، وفلسـفة مقرّبات الدين الحنيف ، ومقدّسات الإسلام وشـعائره ، والحرمات والمقامات والكرامات.
فبعد هذا البيان الضافي يتّضح لدى الباحث النابه الحرّ سـرّ فضيلة تربة كربلاء المقدّسـة ، ومبلغ انتسابها إلى الله سـبحانه وتعالى ، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوّاً واقتراباً من العليّ الأعلى ، فما ظنّك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله ، وقائد جنده الأكبر ، المتفاني دونه ؟!
(81)
هي مثوى حبيبه وابن حبيبه ، والداعي إليه ، والدالّ عليه ، والناهض له ، والباذل دون سـبيله أهله ونفسـه ونفيسـه ، والواضع دم مهجته في كفّه تجاه إعلاء كلمته ، ونشـر توحيده ، وتحكيم معالمه ، وتوطيد طريقه وسـبيله.
فأيّ من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد ـ من لدن آدم وهلمّ جرّاً ـ عنده قائد ناهض طاهر ، كريم وفيّ ، صادق أبيّ ، شـريف عزيز ، مثل قائد شـهداء الإخلاص بالطفّ : الحسين المفـدّى ؟!
لماذا لا يباهي به الله ؟!
وكيف لا يتحفّظ على دمه لديه ، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لمّا رفعه الحسين بيديه إلى السـماء ؟! (1).
1 ـ أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده ، والحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 4 / 338 بإسناده عن الخطيب ، والحافظ الكنجي في الكفاية : 284 ، عن الحسن المثنّى ، عن مسلم بن رباح ـ مولى أمير المؤمنين ـ ، قال : كنت مع الحسين يوم قُتل فرمي في وجهه بنشّابة ، فقال لي : يا مسلم ! ادن يديك من الدم فأدنيتها ، فلمّا امتلأ قال : اسكبه في يدي فسكبته في يديه ، فنفخ بهما إلى السماء وقال : اللّهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك.
قال مسلم : فما وقع إلى الأرض منه قطرة.
وقد جاء أنّ الحسين ( عليه السلام ) رمى بدم حنكه إلى السماء لمّا أصابه السـهم.
وأخرج حديثه جمع من الحفّاظ.
انـظـر : تـاريـخ دمـشـق 14 / 223 ، كـفاية الطـالـب : 431 ـ 432 و 434.
(82)
كيف لا يديم ذِكره في أرضه وسـمائه ، وقد أخذت محبّة الله بمجاميع قلبه ؟!
وكيف لا يُسَـوِّدُ وجهَ الدنيا في عاشـورائه ، ولا يبدي بيّنات سـخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود (1) ؟!
ولماذا لا تبكي عليه الأرض والسـماء ؟! كما جاء عن ابن سيرين في ما أخرجه جمع من الحفّاظ (2).
ولماذا لا تمطر السـماء يوم قتله دماً ؟! كما جاء حديثه متواتراً (3).
ولماذا لا يبعـث الله رسله من الملائـكة المقـرّبين إلى نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتربة كربلائه (4) ؟!
ولماذا لا يشـمّها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟! ولِمَ يقبّلها ؟! ولِمَ
1 ـ انظـر : المعجم الكبير 3 / 114 ح 2836 ـ 2839 ، تاريخ دمشق 14 / 227 و 228.
2 ـ المعجم الكبير 3 / 114 ح 2840.
3 ـ الـفتـوح ـ لابن أعثـم ـ 4 / 330 ـ 331 ، تـاريـخ دمـشـق 14 / 227 و 229.
4 ـ انظر : المعجم الكبير 3 / 105 ـ 106 ح 2811 و ص 109 ـ 110 ح 2820 و 2821 ، تاريخ دمشق 14 / 191 ـ 192 ح 3526 و ص 193 ـ 194 ح 3531 و 3532.
(83)
يذكرها طيلة حياته ؟!
ولماذا لا يتّخذها بلسـماً في بيته ؟!
فهلمّ معي أيّها المسلم الصحيح ، أفليست السـجدة على تربة هذا شـأنّها لدى التقرّب إلى الله في أوقات الصلوات ، أطراف الليل والنهار ، أَوْلى وأحرى من غيرها من كلّ أرض وصعيد وقاعة وقرارة طاهرة ، أو من البسـط والفرش والسـجّاد المنسوجة على نول هويّات مجهولة ، ولم يوجد في السُـنّة أيّ مسوّغ للسـجود عليها ؟!
أليس أجدر بالتقرّب إلى الله ، وأقرب بالزلفى لديه ، وأنسـب بالخضوع والخشـوع والعبودية له تعالى أمام حضرته ، وَضْعَ صَفْحِ الوجه (1) والجباه على تربة في طيّها دروس الدفاع عن الله ومظاهر قدسـه ، ومجلى التحامي عن ناموسـه ناموس الإسلام المقدّس ؟!
أليس أليق بأسـرار السـجدة على الأرض ، السـجود على تربة فيها سـرّ المنعـة والعظمة والكبرياء والجلال لله جلّ وعلا ، ورموز العبودية والتصـاغر دون الله بأجلى مظاهرها وسـماتها ؟!
1 ـ صَفْح الوجه وصُفْح الوجه : عُرضُـه انظر : الصحاح 1 / 383 مادّة « صَفَحَ ».
(84)
أليس أحقّ بالسـجود ، تربة فيها بيّنات التوحيد والتفاني دونه ؟! تدعو إلى رقّة القلب ، ورحمة الضمير ، والشـفقة والتعطّف.
أليس الأمثل والأفضل اتّخاذ المسـجد من تربة تفجّرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حبّ الله ، وصيغت على سُـنّة الله وولائه المحض الخالص ؟!
فعلى هذين الأصلين نتّخذ نحن من تربة كربلاء قطعاً لُمَعاً (1) وأقراصاً نسـجد عليها كما كان فقيه السلف مسـروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنوّرة يسـجد عليها.
والرجل تلميذ الخلافة الراشـدة ، فقيه المدينة ، ومعلّم السُـنّة بها ، وحاشـاه من البدعة ، ففي أيّ من الأصلين حزازة وتعسّـف ؟!
وأيّ منهما يضادّ نداء القرآن الكريم ؟! أو يخالف سُـنّة الله وسُـنّة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟!
وأيّهما يُستنكَر ويعدّ بدعة ؟!
1 ـ اللُمْعة ـ وجمعها : لُـمَع ـ : القطعة من النبت تأخذ في اليُبس انظر : الصحاح 3 / 1281 ، لسان العرب 12 / 329 ، المصباح المنير : 213 ، مادّة « لَمَعَ ».
واستعارها هنا الشـيخ ( قدس سره ) للدلالة على أنّ تربة كربلاء المتّخذة للسـجود هي قطع من التراب الجافّ الطاهر ليس إلاّ.
(85)
وأيّهما خروج عن حكم العقل والمنطق والاعتبار ؟!
وليس اتّخاذ تربة كربلاء مسـجداً لدى الشـيعة من الفرض المحتّم ، ولا من واجب الشـرع والدين ، ولا ممّا ألزمه المذهب ، ولا يفرّق أيّ أحد منهم ـ منذ أوّل يومها ـ بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السـجود عليها ، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم.
وإنْ هو عندهم إلاّ استحسان عقلي ليس إلاّ ، واختيار لِما هو الأَوْلى بالسـجود لدى العقل والمنطق والاعتبار فحسـب ، كما سـمعت.
وكثير من رجال المذهب يتّخذون معهم في أسـفارهم غير تربة كربلاء ، ممّا يصحّ السـجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته ، أو خُمرة مثله ، ويسـجدون عليه في صلواتهم.
ونحن نرى أنّ الأخذ بهذين الأصلين القويمين ، والنظر إلى رعاية أمرَي الحيطة والحرمة ومراقبتهما ، يحتّم على أهالي الحرمين الشـريفين : مكّة والمدينة ، واللائذين بجنابهما ، والقاطنين في ساحتهما ، أن يتّخذوا من تربتهما أقراصاً وألواحاً مسـجداً لهم ، أخذاً بالأصلين ، وتخلّصاً من حرارة حصاة المسـجد الشـريف اللاهبة (1) أيّام الظهائر وشـدّة الرمضاء ،
1 ـ كان في الأصل : « القارصة » ، وهو سهو ، إذ تقال هذه للبرودة وأثبتـنا في المتن ما يناسب السياق.
(86)
ويسـجدون عليها في حضرهم ، ويحملونها معهم مسـجداً طاهراً مباركاً في أسـفارهم (1) ، سيرة السلف الصالح ، نظراء
1 ـ إنّ كثيراً من العلماء والمفسّرين أعطوا مكّة والمدينة ، بل وحرميهما ، أحكام المسجدين ، فألحقوا مكّة المشرّفة والمدينة المنوّرة بجواز التخيير بين القصر والتمام للمسافر كما هو حكم المسجدين ..
قال السيّد الخوئي ( قدس سره ) : « وذكر جماعة اختصاص التخيير في مكّة والمدينة بالمسجدين ، ولكنّه لا يبعد ثبوت التخيير في البلدين مطلقاً » [ المسائل المنتخبة : 183 ] أي يتخيّر المسافر بين القصر والتمام.
وقال العلاّمة الحلّي في أحكام المسافر من كتابه « تبصرة المتعلّمين » : « ويجب التقصير إلاّ في حرم الله وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومسجد الكوفة ، والحائر الحسيني فإنّه يتخيّر » [ انظر : تذكرة الفقهاء 4 / 365 مسألة 614 ].
وذلك استناداً إلى نصوص في ذلك ـ وإن لم يعمل بها بعضهم ـ كصحيح ابن الحجّاج عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) حين سأله عن التمام في مكّة والمدينة ، فقال ( عليه السلام ) : « أتمّ وإن لم تصلّ فيهما إلاّ صلاة واحدة ». [ وسائل الشيعة 8 / 525 ح 11347 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر حديث 2 ـ ].
وصحيح علي بن يقطين ، عن الإمام أبي إبراهيم ( عليه السلام ) ، حين سأله عن التقصير بمكّة ، فقال ( عليه السلام ) : أُتمّ وليس بواجب ، إلاّ أنّي أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي. [ وسائل الشيعة 8 / 529 ح 11361 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 19 ـ ].
من هذا ـ وممّا سيأتي ـ نستفيد أنّهم يتعاملون مع أرض الحرم إمّا على أنّها مسجد ، أو أنّ لأرض الحرم أحكاماً خاصّة ، ومنها عدم جواز إخراج أحجارها ..
(87)
الفقيه مسـروق بن الأجدع ـ كما سـمعت حديثه ـ ..
قال ابن حزم تحـت عنـوان « ولا يُخـرج شـيء من تـراب الحرم ولا حجارته إلى الحلّ » .. قال : « روينا عن طريق سعيد بن منصور ، حدّثنا هشيم ، أخبرنا حجّاج ، عن عطاء ، قال : يُكره أن يُخرج من تراب الحرم إلى الحلّ ، أو يُدخل ترابٌ الحلّ إلى الحرم وهو قول ابن أبي ليلى وغيره ولا بأس بإخراج ماء زمزم لأنّ حرمة الحرم إنّما هي للأرض وترابها وحجارتها ، فلا يجوز له إزالة حرمتها ، ولم يأت في الماء تحريم ». [ المحلّى 7 / 262 ـ 263 مسألة 899 ].
وقال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) : « عن ابن عبّاس : الحرم كلّه مسجد ، وهذا قول الأكثرين » [ تفسير الفخـر الـرازي 20 / 148 ] لأنّـه أُسـري بـه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بيت أُمّ هاني بنت أبي طالب ، ومن المجمع عليه أنّه لا يجوز إخراج حصى المسـجد ولا ترابه.
وقال الطبري في تفسير نفس الآية : « وأمّا قوله : ( من المسجد الحرام ) فإنّه اختُلف فيه وفي معناه ، فقال بعضهم : يعني من الحرم ، وقال : الحرم كلّه مسجد وقد بيّـنّا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا ». [ تفسير الطبري 8 / 4 ].
وسُئل السيّد محسن الحكيم ( قدس سره ) عن الأحجار من المزدلفة يحتفظ بها الحاجّ إلى العام القادم ؟ قال : « الأحوط أن يرميها في منى ». [دليل الحاجّ : 171 ].
وقال السيّد محمّـد رضا الگلبايگاني ( قدس سره ) في حرمة الحرم : « ويحرم قلع شجره وحشيشه وقطعهما ، ويمنع نقل ترابه وأحجاره على الأحوط ». [ آراء المراجع في الحجّ : 434 ].
تلخّص ممّا سبق أنّ هذا هو المانع للصدر الأوّل من المسلمين من أن يحملوا تراب الحرمين على شكل ألواح أو أقراص كما هو عندنا اليوم والذي نطلق عليه التربة الحسينية ، غير أنّ الشيخ الأميني يرى جواز ذلك كما عليه بعضهم ، وهو كما ترى.
(88)
ويجعلونهـا في تنـاول يد الزائرين والحجّاج والوافدين إلى تلكم الديار المقـدّسـة من الحواضر الإسلامية ، تقتنيها الأُمّـة المسلمة مسـجداً لهـا ، في الحضر والسـفر ، وتتّخذها تذكـرة وذكرى لله ولرسوله ولمهابـط وحيه ، تذكّـرها ربّها ونبيّهـا متى ما ينظـر إليها ، وتشـمّهـا وتستـشـمّ منها عَـرف التوحيـد والنبـوّة.
وتكون نبراساً في بيوت المسلمين تتنوّر منها القلوب ، وتستـضيء بنورها أفـئدة أُولي الألباب ، ويتقرّب المسلمون إلى الله تعـالى في كلّ صقـع وناحية في أرجاء العـالم بالسـجود على تربة أفضل بقعـة اختـارها الله لنفسـه ، بيـت أمن ودار حرمة وعظمة وكرامة ، ولنبيّـه حرماً ومضجعـاً مبـاركاً.
وفيها وراء هذا كلّه دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسلام ، وإلى كعبة عبادته ، وعاصمة سُـنّته ، وصاحب رسالته.
( ذلك ومن يعظّم حرمات الله فهو خير له عنـد ربّـه ) (1).
عبـد الحسين الأميني
1 ـ سورة الحجّ 22 : 30.
(89)
مصـادر التوثيق والتعضيد (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ آراء المراجع في الحجّ ، لعلي افتخاري ، مطبعة النجف.
3 ـ الإتحاف بحبّ الأشراف.
4 ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعلي بن بلبان الفارسي ( ت 739 ) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، نشر دار الفكر ، بيروت 1407.
5 ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، لأحمد بن محمّـد القسطلاني ( ت 923 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1401.
6 ـ أسباب النزول ، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري ( ت 468 ) ، تحقيق ونشر دار الفكر ، بيروت 1414.
7 ـ الاستبصار ، للشـيخ الطوسي محمّـد بن الحسن ( ت 460 ) ، تحقيق حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.
8 ـ الاستيعاب ، لابن عبـد البرّ القرطبي ( ت 463 ) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.
9 ـ أُسد الغابة ، لابن الأثير الجزري ( ت 630 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1409.
10 ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني ( ت 852 ) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.
11 ـ الأُصول العامة للفقه المقارن ، للسيّد محمّـد تقي الحكيم.
(90)
12 ـ تاج العروس ، لمحمّـد بن محمّـد مرتضى الزبيدي الحسيني ( ت 1205 ) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
13 ـ تاريخ الأُمم والملوك ، لمحمّـد بن جرير الطبري ( ت 310 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
14 ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي أحمد بن علي ( ت 463 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
15 ـ تاريخ دمشق ، لابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ( ت 571 ) ، تحقيق محبّ الدين أبي سعيد ، نشر دار الفكر ، بيروت 1417.
16 ـ التاريخ الكبير ، لمحمّـد بن إسماعيل البخاري ( ت 256 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
17 ـ تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ( ت 726 ) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت ( عليهم السلام ) لإحياء التراث ، قم 1414.
18 ـ التذكرة في أحوال الموتى وأُمور الآخرة ، لمحمّـد بن أحمد الخزرجي القرطبي ( ت 671 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1410.
19 ـ الترغيب والترهيب ، لعبـد العظيم بن عبـد المنذري ( ت 656 ) ، نشر دار مكتبة الحياة ، بيروت 1411.
20 ـ تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين السيوطي ( ت911 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
21 ـ تفسير ابن كثير ، لإسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي
زكي الياسري
07-01-2010, 03:27 AM
وعلى ضوئه تتحزّب الشـعوب والقبائل ، وتتكثّر الأحزاب والجمعيات.
وبالنظر إليه تؤسّـس المؤسّـسات في أُمور الدين والدنيا ، وتتمركز المجتمعات الدينية ، والعلمية ، والاجتماعية ، والشـعوبية ، والقومية ، والطائفية ، والحزبية ، والسياسية.
.. إلى كلّ قبض وبسـط ، وحركة وسـكون ، ووحدة وتفكّك ، واقتران وافتراق.
فالحكومة العالمية القوية ، القهّارة الجبّارة ، الحاكمة على الجامعة البشـرية بأسـرها ، من أوّل يومها وهلمّ جرّاً إلى آخر الأبـد ، من دون شـذوذ لأيّ أحد وخروج فرد عن سلطتها ، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم ، إنّما هي حكومة « ياء النسـبة »!
بها قوام الدين والدنيا ، وإليها تنتهي سلسلة النظم الإنسانية ، وقانون الاجتماع العامّ ، وشـؤون الأفراد البشـري.
والبشـر ـ مع تكثّر أفراده ـ على بكرة أبيهم مُسيّر بها ، مقهور تحت نير سلطتها ، مصفّد بحبالهـا ، مقيّـد في شـراكها ، لا مهرب له منها.
هي التي تُحْكِم وتفتق ، وتنقض وتبرم ، وترفع وتخفض ، وتصل وتقطع ، وتقرّب وتبعّد ، وتأخذ وتعطي ، وتعزّ وتذلّ ،
(77)
وتثيب وتعاقب ، وتحقّر وتعظّم.
هي التي تجعل الجندي المجهول مكرّماً ، معظّماً ، محترماً ، وتراه أهلا لكلّ إكبار وتجليل وتبجيل ، لدى الشـعب وحكومته ، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبرته ، وتدعه يُذكر مع الأبد ، خالداً ذِكره في صفحة التاريخ.
هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل ، وبمقاييسـها يقاسي الإنسان الشـدائد والقوارع والمصائب الهائلة ، ويبذل النفس والنفيس دونها.
هي التي جعلت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يُقَبّل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميّت ، ودموعه تسيل على خدّيه كما جاء عن السيّدة عائشـة (1).
هي التي دعت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن يبكي على ولده الحسين السـبط ، ويقيم كلّ تلكم المآتم ، ويأخذ تربة كربلاء ويشـمّها ويقبّلها .. إلى آخر ما سـمعت من حديثه (2).
1 ـ أخرجه أبو القاسم عبـد الملك بن بشران في أماليه ، وأبو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده ، والحاكم النيسابوري في المجلّد الثالث من المستدرك ، وحفّاظ وأعلام آخرون.
انظر : سنن أبي داود 3 / 198 ح 3163 ، الجعديات 2 / 94 ح 2105 ، الغيلانيات 2 / 728 ـ 729 ح 1005 ـ 1007 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 209 ـ 210 ح 4868.
2 ـ انظر : الفتوح ـ لابن أعثم ـ 4 / 327 ، تاريخ دمشق 14 / 188 ـ 189 ، كفاية الطالب : 426 ـ 427.
(78)
هي التي جعلت السيّدة أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين تصرّ تربة كربلاء على ثيابها (1).
هي التىّ سوّغت للصدّيقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشـمّها (2).
هي التي حكمت على بني ضبّة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عائشـة أُمّ المؤمنين وتفتّها وتشـمّها كما ذكره الطبري (3).
هي التي جعلت عليّاً أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لمّا حلّ بها ، فشـمّها وبكى حتّى بلّ الأرض بدموعه ، وهو يقول : يحشـر من هذا الظهر سـبعون ألفاً ، يدخلون الجنّة بغير حساب.
أخرجه الطبراني ، وقال الهيثمي في المجمع : رجاله ثقات (4).
1 ـ تاريخ دمشق 14 / 190 ح 3522 و 3523 و ص 192 ـ 193 ح 3528.
2 ـ ورد أنّ سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) سارت إلى قبر أبيها النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد وفاته ووقفت عليه وبكت ، ثمّ أخذت قبضة تراب من القبر فجعلتها على عينيها ووجهها ، ثمّ أنشأت تقول :
ماذا على من شمّ تربة أحمد أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا
انظر : الفصول المهمّة : 148 ، نور الأبصار : 53.
3 ـ تاريخ الطبري 3 / 48 ـ 49 حوادث سنة 36.
4 ـ المعجم الكبير 3 / 111 ح 2825 ، مجمع الزوائد 9 / 191 ، وانظر : تاريخ دمشق 13 / 222 ، كفاية الطالب : 428.
(79)
هي التي جعلت رجل بني أسـد يشـمّ تربة الحسين ويبكي.
قال هشـام بن محمّـد : لمّا أُجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوماً وامْـتَـحَى (1) أثرُ القبر ، فجاء أعرابي من بني أسـد فجعل يأخذ قبضة قبضـة من التراب ويشـمّه حتّى وقع على [ قبـر ] الحسين ، فبـكى وقال : بأبي وأُمّي ما كان أطيبك حيّاً ، وأطيب تربتك ميتاً! ثمّ بكى وأنشـأ يقول :
أرادوا لِيُخْفُوا قبرَه عن عَداوة وطِيبُ ترابِ القبرِ دَلّ على القبرِ (2)
فالفرد البشـري كائناً من كان ، أينما كان وحيثما كان ، من أيّ عنصر وشـاكلة ، على تكثّر شـواكله ، واختلاف عناصره ، في جميع أدوار الحياة ، هو أسير تلك الحكومة ، ورهين لفظة :
روحي ، بدني ، مالي ، أهلي ، ولدي ، أقاربي ، رحمي ، أُسـرتي ، تجارتي ، نحلتي ، ملّتي ، طائفتي ، مبدئي ، داري ،
1 ـ امْـتَـحى ـ بصيغة « انْـفَـعَـلَ » من الفعل « محا » ، وهي لغة فيه قليلة أو ضعيفة ـ : أي ذَهَـبَ أثـرُه والأجود لغةً : امَّـحَـى ـ كادّعى ـ.
انظر مادّة « محا / محو » في : الصحاح 6 / 2490 ، لسان العرب 13 / 43 ، تاج العروس 20 / 176.
2 ـ تاريخ دمشق 14 / 244 ـ 245 ، كفاية الطالب : 440 ـ 441.
(80)
ملكي ، حكومتي ، قادتي ، سادتي .. إلى ما لا يحصى من المضاف المنسوب إليه.
وهذه هي حرفياً بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شـدقي الحـكومات والـدول ، والجمعيات ، والهيئـات ، والأحياء ، والشـعوب ، والقبائل ، والأحزاب ، والملل ، والنحل ، والملوك ، والطوائف ، والسلطات الحاكمة .. إلى كلّيات لا تتناهى.
وبمجرّد تمامية النسـبة وتحقّق الإضافة في شـيء جزئي أو كلّي ، أو أمر فردي أو اجتماعي ، لدى أُولئك المذكورين تترتّب آثار ، وتتسـجّل أحكام لا منتدح لأيّ أحد من الخضوع لها والإخبات إليها ، والقيام دونها ، والتقيّد بها.
وهذا بحث جدّ ناجع ، تنحل به مشـكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات ، وعقود الضغينة والمحبّة ، وعويصات المذاهب ، ومقرّرات الشـرع الأقدس ، وفلسـفة مقرّبات الدين الحنيف ، ومقدّسات الإسلام وشـعائره ، والحرمات والمقامات والكرامات.
فبعد هذا البيان الضافي يتّضح لدى الباحث النابه الحرّ سـرّ فضيلة تربة كربلاء المقدّسـة ، ومبلغ انتسابها إلى الله سـبحانه وتعالى ، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوّاً واقتراباً من العليّ الأعلى ، فما ظنّك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله ، وقائد جنده الأكبر ، المتفاني دونه ؟!
(81)
هي مثوى حبيبه وابن حبيبه ، والداعي إليه ، والدالّ عليه ، والناهض له ، والباذل دون سـبيله أهله ونفسـه ونفيسـه ، والواضع دم مهجته في كفّه تجاه إعلاء كلمته ، ونشـر توحيده ، وتحكيم معالمه ، وتوطيد طريقه وسـبيله.
فأيّ من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد ـ من لدن آدم وهلمّ جرّاً ـ عنده قائد ناهض طاهر ، كريم وفيّ ، صادق أبيّ ، شـريف عزيز ، مثل قائد شـهداء الإخلاص بالطفّ : الحسين المفـدّى ؟!
لماذا لا يباهي به الله ؟!
وكيف لا يتحفّظ على دمه لديه ، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لمّا رفعه الحسين بيديه إلى السـماء ؟! (1).
1 ـ أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده ، والحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 4 / 338 بإسناده عن الخطيب ، والحافظ الكنجي في الكفاية : 284 ، عن الحسن المثنّى ، عن مسلم بن رباح ـ مولى أمير المؤمنين ـ ، قال : كنت مع الحسين يوم قُتل فرمي في وجهه بنشّابة ، فقال لي : يا مسلم ! ادن يديك من الدم فأدنيتها ، فلمّا امتلأ قال : اسكبه في يدي فسكبته في يديه ، فنفخ بهما إلى السماء وقال : اللّهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك.
قال مسلم : فما وقع إلى الأرض منه قطرة.
وقد جاء أنّ الحسين ( عليه السلام ) رمى بدم حنكه إلى السماء لمّا أصابه السـهم.
وأخرج حديثه جمع من الحفّاظ.
انـظـر : تـاريـخ دمـشـق 14 / 223 ، كـفاية الطـالـب : 431 ـ 432 و 434.
(82)
كيف لا يديم ذِكره في أرضه وسـمائه ، وقد أخذت محبّة الله بمجاميع قلبه ؟!
وكيف لا يُسَـوِّدُ وجهَ الدنيا في عاشـورائه ، ولا يبدي بيّنات سـخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود (1) ؟!
ولماذا لا تبكي عليه الأرض والسـماء ؟! كما جاء عن ابن سيرين في ما أخرجه جمع من الحفّاظ (2).
ولماذا لا تمطر السـماء يوم قتله دماً ؟! كما جاء حديثه متواتراً (3).
ولماذا لا يبعـث الله رسله من الملائـكة المقـرّبين إلى نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتربة كربلائه (4) ؟!
ولماذا لا يشـمّها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟! ولِمَ يقبّلها ؟! ولِمَ
1 ـ انظـر : المعجم الكبير 3 / 114 ح 2836 ـ 2839 ، تاريخ دمشق 14 / 227 و 228.
2 ـ المعجم الكبير 3 / 114 ح 2840.
3 ـ الـفتـوح ـ لابن أعثـم ـ 4 / 330 ـ 331 ، تـاريـخ دمـشـق 14 / 227 و 229.
4 ـ انظر : المعجم الكبير 3 / 105 ـ 106 ح 2811 و ص 109 ـ 110 ح 2820 و 2821 ، تاريخ دمشق 14 / 191 ـ 192 ح 3526 و ص 193 ـ 194 ح 3531 و 3532.
(83)
يذكرها طيلة حياته ؟!
ولماذا لا يتّخذها بلسـماً في بيته ؟!
فهلمّ معي أيّها المسلم الصحيح ، أفليست السـجدة على تربة هذا شـأنّها لدى التقرّب إلى الله في أوقات الصلوات ، أطراف الليل والنهار ، أَوْلى وأحرى من غيرها من كلّ أرض وصعيد وقاعة وقرارة طاهرة ، أو من البسـط والفرش والسـجّاد المنسوجة على نول هويّات مجهولة ، ولم يوجد في السُـنّة أيّ مسوّغ للسـجود عليها ؟!
أليس أجدر بالتقرّب إلى الله ، وأقرب بالزلفى لديه ، وأنسـب بالخضوع والخشـوع والعبودية له تعالى أمام حضرته ، وَضْعَ صَفْحِ الوجه (1) والجباه على تربة في طيّها دروس الدفاع عن الله ومظاهر قدسـه ، ومجلى التحامي عن ناموسـه ناموس الإسلام المقدّس ؟!
أليس أليق بأسـرار السـجدة على الأرض ، السـجود على تربة فيها سـرّ المنعـة والعظمة والكبرياء والجلال لله جلّ وعلا ، ورموز العبودية والتصـاغر دون الله بأجلى مظاهرها وسـماتها ؟!
1 ـ صَفْح الوجه وصُفْح الوجه : عُرضُـه انظر : الصحاح 1 / 383 مادّة « صَفَحَ ».
(84)
أليس أحقّ بالسـجود ، تربة فيها بيّنات التوحيد والتفاني دونه ؟! تدعو إلى رقّة القلب ، ورحمة الضمير ، والشـفقة والتعطّف.
أليس الأمثل والأفضل اتّخاذ المسـجد من تربة تفجّرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حبّ الله ، وصيغت على سُـنّة الله وولائه المحض الخالص ؟!
فعلى هذين الأصلين نتّخذ نحن من تربة كربلاء قطعاً لُمَعاً (1) وأقراصاً نسـجد عليها كما كان فقيه السلف مسـروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنوّرة يسـجد عليها.
والرجل تلميذ الخلافة الراشـدة ، فقيه المدينة ، ومعلّم السُـنّة بها ، وحاشـاه من البدعة ، ففي أيّ من الأصلين حزازة وتعسّـف ؟!
وأيّ منهما يضادّ نداء القرآن الكريم ؟! أو يخالف سُـنّة الله وسُـنّة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟!
وأيّهما يُستنكَر ويعدّ بدعة ؟!
1 ـ اللُمْعة ـ وجمعها : لُـمَع ـ : القطعة من النبت تأخذ في اليُبس انظر : الصحاح 3 / 1281 ، لسان العرب 12 / 329 ، المصباح المنير : 213 ، مادّة « لَمَعَ ».
واستعارها هنا الشـيخ ( قدس سره ) للدلالة على أنّ تربة كربلاء المتّخذة للسـجود هي قطع من التراب الجافّ الطاهر ليس إلاّ.
(85)
وأيّهما خروج عن حكم العقل والمنطق والاعتبار ؟!
وليس اتّخاذ تربة كربلاء مسـجداً لدى الشـيعة من الفرض المحتّم ، ولا من واجب الشـرع والدين ، ولا ممّا ألزمه المذهب ، ولا يفرّق أيّ أحد منهم ـ منذ أوّل يومها ـ بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السـجود عليها ، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم.
وإنْ هو عندهم إلاّ استحسان عقلي ليس إلاّ ، واختيار لِما هو الأَوْلى بالسـجود لدى العقل والمنطق والاعتبار فحسـب ، كما سـمعت.
وكثير من رجال المذهب يتّخذون معهم في أسـفارهم غير تربة كربلاء ، ممّا يصحّ السـجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته ، أو خُمرة مثله ، ويسـجدون عليه في صلواتهم.
ونحن نرى أنّ الأخذ بهذين الأصلين القويمين ، والنظر إلى رعاية أمرَي الحيطة والحرمة ومراقبتهما ، يحتّم على أهالي الحرمين الشـريفين : مكّة والمدينة ، واللائذين بجنابهما ، والقاطنين في ساحتهما ، أن يتّخذوا من تربتهما أقراصاً وألواحاً مسـجداً لهم ، أخذاً بالأصلين ، وتخلّصاً من حرارة حصاة المسـجد الشـريف اللاهبة (1) أيّام الظهائر وشـدّة الرمضاء ،
1 ـ كان في الأصل : « القارصة » ، وهو سهو ، إذ تقال هذه للبرودة وأثبتـنا في المتن ما يناسب السياق.
(86)
ويسـجدون عليها في حضرهم ، ويحملونها معهم مسـجداً طاهراً مباركاً في أسـفارهم (1) ، سيرة السلف الصالح ، نظراء
1 ـ إنّ كثيراً من العلماء والمفسّرين أعطوا مكّة والمدينة ، بل وحرميهما ، أحكام المسجدين ، فألحقوا مكّة المشرّفة والمدينة المنوّرة بجواز التخيير بين القصر والتمام للمسافر كما هو حكم المسجدين ..
قال السيّد الخوئي ( قدس سره ) : « وذكر جماعة اختصاص التخيير في مكّة والمدينة بالمسجدين ، ولكنّه لا يبعد ثبوت التخيير في البلدين مطلقاً » [ المسائل المنتخبة : 183 ] أي يتخيّر المسافر بين القصر والتمام.
وقال العلاّمة الحلّي في أحكام المسافر من كتابه « تبصرة المتعلّمين » : « ويجب التقصير إلاّ في حرم الله وحرم رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ومسجد الكوفة ، والحائر الحسيني فإنّه يتخيّر » [ انظر : تذكرة الفقهاء 4 / 365 مسألة 614 ].
وذلك استناداً إلى نصوص في ذلك ـ وإن لم يعمل بها بعضهم ـ كصحيح ابن الحجّاج عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) حين سأله عن التمام في مكّة والمدينة ، فقال ( عليه السلام ) : « أتمّ وإن لم تصلّ فيهما إلاّ صلاة واحدة ». [ وسائل الشيعة 8 / 525 ح 11347 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر حديث 2 ـ ].
وصحيح علي بن يقطين ، عن الإمام أبي إبراهيم ( عليه السلام ) ، حين سأله عن التقصير بمكّة ، فقال ( عليه السلام ) : أُتمّ وليس بواجب ، إلاّ أنّي أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي. [ وسائل الشيعة 8 / 529 ح 11361 ـ باب 25 من أبواب صلاة المسافر ح 19 ـ ].
من هذا ـ وممّا سيأتي ـ نستفيد أنّهم يتعاملون مع أرض الحرم إمّا على أنّها مسجد ، أو أنّ لأرض الحرم أحكاماً خاصّة ، ومنها عدم جواز إخراج أحجارها ..
(87)
الفقيه مسـروق بن الأجدع ـ كما سـمعت حديثه ـ ..
قال ابن حزم تحـت عنـوان « ولا يُخـرج شـيء من تـراب الحرم ولا حجارته إلى الحلّ » .. قال : « روينا عن طريق سعيد بن منصور ، حدّثنا هشيم ، أخبرنا حجّاج ، عن عطاء ، قال : يُكره أن يُخرج من تراب الحرم إلى الحلّ ، أو يُدخل ترابٌ الحلّ إلى الحرم وهو قول ابن أبي ليلى وغيره ولا بأس بإخراج ماء زمزم لأنّ حرمة الحرم إنّما هي للأرض وترابها وحجارتها ، فلا يجوز له إزالة حرمتها ، ولم يأت في الماء تحريم ». [ المحلّى 7 / 262 ـ 263 مسألة 899 ].
وقال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) : « عن ابن عبّاس : الحرم كلّه مسجد ، وهذا قول الأكثرين » [ تفسير الفخـر الـرازي 20 / 148 ] لأنّـه أُسـري بـه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بيت أُمّ هاني بنت أبي طالب ، ومن المجمع عليه أنّه لا يجوز إخراج حصى المسـجد ولا ترابه.
وقال الطبري في تفسير نفس الآية : « وأمّا قوله : ( من المسجد الحرام ) فإنّه اختُلف فيه وفي معناه ، فقال بعضهم : يعني من الحرم ، وقال : الحرم كلّه مسجد وقد بيّـنّا ذلك في غير موضع من كتابنا هذا ». [ تفسير الطبري 8 / 4 ].
وسُئل السيّد محسن الحكيم ( قدس سره ) عن الأحجار من المزدلفة يحتفظ بها الحاجّ إلى العام القادم ؟ قال : « الأحوط أن يرميها في منى ». [دليل الحاجّ : 171 ].
وقال السيّد محمّـد رضا الگلبايگاني ( قدس سره ) في حرمة الحرم : « ويحرم قلع شجره وحشيشه وقطعهما ، ويمنع نقل ترابه وأحجاره على الأحوط ». [ آراء المراجع في الحجّ : 434 ].
تلخّص ممّا سبق أنّ هذا هو المانع للصدر الأوّل من المسلمين من أن يحملوا تراب الحرمين على شكل ألواح أو أقراص كما هو عندنا اليوم والذي نطلق عليه التربة الحسينية ، غير أنّ الشيخ الأميني يرى جواز ذلك كما عليه بعضهم ، وهو كما ترى.
(88)
ويجعلونهـا في تنـاول يد الزائرين والحجّاج والوافدين إلى تلكم الديار المقـدّسـة من الحواضر الإسلامية ، تقتنيها الأُمّـة المسلمة مسـجداً لهـا ، في الحضر والسـفر ، وتتّخذها تذكـرة وذكرى لله ولرسوله ولمهابـط وحيه ، تذكّـرها ربّها ونبيّهـا متى ما ينظـر إليها ، وتشـمّهـا وتستـشـمّ منها عَـرف التوحيـد والنبـوّة.
وتكون نبراساً في بيوت المسلمين تتنوّر منها القلوب ، وتستـضيء بنورها أفـئدة أُولي الألباب ، ويتقرّب المسلمون إلى الله تعـالى في كلّ صقـع وناحية في أرجاء العـالم بالسـجود على تربة أفضل بقعـة اختـارها الله لنفسـه ، بيـت أمن ودار حرمة وعظمة وكرامة ، ولنبيّـه حرماً ومضجعـاً مبـاركاً.
وفيها وراء هذا كلّه دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسلام ، وإلى كعبة عبادته ، وعاصمة سُـنّته ، وصاحب رسالته.
( ذلك ومن يعظّم حرمات الله فهو خير له عنـد ربّـه ) (1).
عبـد الحسين الأميني
1 ـ سورة الحجّ 22 : 30.
(89)
مصـادر التوثيق والتعضيد (http://www.rafed.net/books/aqaed/alsojoud-ala-altorbah-alhosain/index.html)
1 ـ القرآن الكريم.
2 ـ آراء المراجع في الحجّ ، لعلي افتخاري ، مطبعة النجف.
3 ـ الإتحاف بحبّ الأشراف.
4 ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ، لعلي بن بلبان الفارسي ( ت 739 ) ، تحقيق كمال يوسف الحوت ، نشر دار الفكر ، بيروت 1407.
5 ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، لأحمد بن محمّـد القسطلاني ( ت 923 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1401.
6 ـ أسباب النزول ، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري ( ت 468 ) ، تحقيق ونشر دار الفكر ، بيروت 1414.
7 ـ الاستبصار ، للشـيخ الطوسي محمّـد بن الحسن ( ت 460 ) ، تحقيق حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية ، طهران 1390.
8 ـ الاستيعاب ، لابن عبـد البرّ القرطبي ( ت 463 ) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.
9 ـ أُسد الغابة ، لابن الأثير الجزري ( ت 630 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1409.
10 ـ الإصابة في تمييز الصحابة ، لابن حجر العسقلاني ( ت 852 ) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، نشر دار الجيل ، بيروت 1412.
11 ـ الأُصول العامة للفقه المقارن ، للسيّد محمّـد تقي الحكيم.
(90)
12 ـ تاج العروس ، لمحمّـد بن محمّـد مرتضى الزبيدي الحسيني ( ت 1205 ) ، تحقيق علي شيري ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
13 ـ تاريخ الأُمم والملوك ، لمحمّـد بن جرير الطبري ( ت 310 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
14 ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي أحمد بن علي ( ت 463 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
15 ـ تاريخ دمشق ، لابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ( ت 571 ) ، تحقيق محبّ الدين أبي سعيد ، نشر دار الفكر ، بيروت 1417.
16 ـ التاريخ الكبير ، لمحمّـد بن إسماعيل البخاري ( ت 256 ) ، نشر دار الكتب العلمية ، بيروت.
17 ـ تذكرة الفقهاء ، للعلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر ( ت 726 ) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت ( عليهم السلام ) لإحياء التراث ، قم 1414.
18 ـ التذكرة في أحوال الموتى وأُمور الآخرة ، لمحمّـد بن أحمد الخزرجي القرطبي ( ت 671 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1410.
19 ـ الترغيب والترهيب ، لعبـد العظيم بن عبـد المنذري ( ت 656 ) ، نشر دار مكتبة الحياة ، بيروت 1411.
20 ـ تفسير الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين السيوطي ( ت911 ) ، نشر دار الفكر ، بيروت 1414.
21 ـ تفسير ابن كثير ، لإسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي
زكي الياسري
07-01-2010, 03:37 AM
تم بحمد الله .... المصدر ... المكتبه الاسلاميه في شبكة رافــد
سيدي محمد
10-01-2010, 01:19 PM
شكرا لك على الكتاب
نووورا انا
23-01-2010, 10:31 PM
الكتاب قيم جدا احسنتم اخي زكي الياسري
لاحرمنا جهودكم
murtadha2009
28-01-2010, 02:19 PM
الكتاب قيم جدا
شكرا لك
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024