المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب « تزويج أم كلثوم من عمر » « تأليف السيّد علي الحسيني الميلاني »


زكي الياسري
13-01-2010, 01:55 AM
مركز الأبحاث العقائدية ـ سلسلة الندوات العقائدية
تزويج أم كلثوم من عمر
تأليف
السيّد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب العقائدية
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية




مقدّمة المركز (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد




والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون



(7)
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين.
بحثنا في هذه الليلة حول مسألة تزويج أُمّ كلثوم من عمر بن الخطّاب ، وهذه المسألة أيضاً قضيّة تاريخيّة ، ولكنّها ليست قضيّة تاريخيّة محضة ، بل إنّ لها مداليلها ، ولها آثارها في العقائد ، لانّ القضايا يجب أن تنظر وتلحظ بدقّة ، ويستفاد منها أُمور أُخرى ما وراء هذه القضايا.
لقد ثبت عند الفريقين أنّ عمر بن الخطّاب في سبيل خلافة أبي بكر اعتدى على الزهراء ( عليها السلام ) وعلى بيتها ، هذا موجود في المصادر عند الفريقين.
ثمّ إنّه خطب بنت أمير المؤمنين أُمّ كلثوم ، هذه الخطبة لماذا كانت ؟ وما الغرض منها ؟



(8)
وهل تحقّق هذا التزويج والتزوّج أو لم يتحقق ؟
إن لم يتحقق ، فلماذا ردّه علي ( عليه السلام ) ، ولم يزوّجه ابنته ؟
وإن كان قد تحقّق هذا التزويج ، فهل تحقق عن طوع ورغبة أو تحقق في ظروف خاصة وملابسات معيّنة ؟
إن كان عن طوع ورغبة وميل ورضا من أهل البيت ، فأين صارت تلك القضايا والاعتداءات على البيت ؟
وإن لم يكن هناك طوع ورغبة فإذن كيف كان هذا التزويج ؟
فالقضيّه تاريخيّة ، لكنّها عندما تحلل تنتهي هذه القضيّة التاريخيّة إلى قضايا أُخرى ، ويستكشف منها أُمور أُخرى.
ولذا نرى أنّ علماء الفريقين يهتمّون بهذه القضيّة ، ولو كانت قضيّة تاريخيّة محضة ، فأيّ تأثير لهذا التزويج أو عدم وقوع هذا التزويج ، إن كان الخبر صادقاً أو لم يكن ، إن كان الامر واقعاً أو لم يكن ، فلماذا تؤلف هذه الكتب ؟ ولماذا هذه المقالات ، وهذه البحوث ؟ وهذه الاسئلة والاجوبة منذ قبل زمان الشيخ المفيد وإلى يومنا هذا ؟ ولماذا اشتهار هذا الخبر في كتب أهل السنّة ، من حديث وتاريخ وكتب تراجم الصحابة ، وإلى غير ذلك ؟
إذن ، ليست القضيّة قضيّة تاريخيّة محضة ينظر إليها كخبر يحتمل الصدق والكذب ، ولا يهمّنا ما إذا كان صادقاً أو كان كاذباً.



(9)
البحث حول سند الخبر (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
رواة الخبر (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
هذه القضيّة موجودة في كتب أصحابنا وفي كتب السنّة ، من أشهر رواة الخبر من أهل السنّة :
1 ـ ابن سعد ، في الطبقات (1).
2 ـ أبو بشر الدولابي ، في كتاب الذريّة الطاهرة (2).
3 ـ الحاكم النيسابوري ، في المستدرك (3).
4 ـ البيهقي ، في السنن الكبرى (4).
5 ـ الخطيب البغدادي ، في تاريخ بغداد (5).

1 ـ الطبقات الكبرى 8 / 462.
2 ـ الذرية الطاهرة : 157 ـ 165.
3 ـ المستدرك 3 / 142.
4 ـ السنن الكبرى 7 / 63 و 114.
5 ـ تاريخ بغداد 6 / 182.


(10)
6 ـ ابن عبدالبر ، في الاستيعاب (1).
7 ـ ابن الاثير ، في أُسد الغابة (2).
8 ـ ابن حجر العسقلاني ، في الاصابة (3).
فتلاحظون وجود الخبر في كتب الحديث ، وفي كتب تراجم الصحابة ، وفي كتب أُخرى.
فلابدّ من البحث عن هذا الخبر بحثاً علميّاً تحقيقيّاً ، لا يكون فيه أيّ إفراط أو تفريط بأيّ نقطة أساسيّة موجودة في هذه الاخبار.
قبل كلّ شيء ، نلاحظ :
أوّلاً : هذا الخبر غير موجود في الصحيحين ، وكم من خبر كذّبوه لعدم كونه في الصحيحين.
ثانياً : هذا الخبر غير موجود في شيء من الصحاح الستّة ، فقد اتفق أربابها على عدم رواية هذا الخبر.
ثالثاً : هذا الخبر ليس في شيء من المسانيد والمعاجم الحديثيّة المعتبرة المشهورة ، كمسند أبي يعلى ومسند أحمد

1 ـ الاستيعاب 4 / 1954.
2 ـ أسد الغابة 5 / 614.
3 ـ الاصابة 4 / 492.


(11)
ومسند البزّار ، وكذا معاجم الطبراني ، وغير هذه الكتب ، هذا الخبر غير موجود فيها.
رابعاً : إنّ كثيراً من أسانيد هذا الخبر تنتهي إلى أهل البيت أنفسهم ، وهذا ممّا يجلب الانتباه ، ولابدّ من التأمّل في هذه الجهة.
وأنا أذكر أوّلاً روايات القوم عن أهل البيت ، ثمّ أذكر رواياتهم عن غير أهل البيت.

رواية القوم هذا الخبر عن أهل البيت (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
أمّا رواية القوم عن أهل البيت :
عن الصادق ( عليه السلام ) ، رواه الحاكم النيسابوري ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه : وإنّ عمر خطب أُمّ كلثوم ابنة علي بن أبي طالب وتزوّج بها.
يقول الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. أي البخاري ومسلم.
لكن الذهبي يتعقّب هذا الخبر فيقول : هذا منقطع.
والبيهقي يقول : هذا مرسل.
حينئذ لا يتمّ سنده.
رواه البيهقي عن أبي عبدالله الحاكم صاحب المستدرك ـ وهو



(12)
شيخه ـ بسنده عن الصادق ( عليه السلام ) ، وفي السند أحمد بن عبدالجبّار ، وهذا الرجل قال ابن أبي حاتم : كتبت عنه وأمسكت عن الرواية عنه ، لكثرة كلام الناس فيه ، قال مطيّن : كان يكذب ، قال أبو أحمد الحاكم : ليس بقوي عندهم ، تركه ابن عقدة ، قال ابن عدي : رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه (1).
الراوي الاخر في هذا السند عند البيهقي يونس بن بكير ، عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، قال النسائي : ليس هو بقوي ، وقال مرّةً : ضعيف ، الجوزجاني يقول : ينبغي أن يتثبّت في أمره ، قال الساجي : كان ابن المديني لا يحدّث عنه ، قال أحمد : ما كان أزهد الناس وأنفرهم عنه ، قال ابن أبي شيبة : كان فيه لين. قال الساجي : كان يتّبع السلطان وكان مرجئاً (2).
عن الامام الباقر ( عليه السلام ) ، رواه ابن عبدالبر في الاستيعاب وابن حجر في الاصابة.
لكن في سنده : عمرو بن دينار ، لاحظوا ، الميموني يقول عن أحمد : ضعيف منكر الحديث ، عن ابن معين : لا شيء ذاهب الحديث ، ابن عدي يقول : ضعيف الحديث ، أبو حاتم يقول : ضعيف

1 ـ تهذيب التهذيب 1/44.
2 ـ تهذيب التهذيب 11/382.


(13)
وعامّة حديثه منكر ، أبو زرعة يقول : واهي الحديث ، البخاري : فيه نظر ، أبو داود يقول : ليس بشيء ، الترمذي يقول : ليس بالقوي ، النسائي يقول : ليس بثقة ، النسائي أيضاً : ضعيف ، الدارقطني : ضعيف ، الجوزجاني : ضعيف ، ابن حبّان : لا يحلّ كتب حديثه إلاّ على جهة التعجّب كان يتفرّد بالموضوعات عن الاثبات ، البخاري في الاوسط : لا يتابع على حديثه ، ابن عمّار الموصلي : ضعيف ، الساجي : ضعيف (1).
ويروون هذا الخبر عن الحسن بن الحسن المجتبى ، يرويه عنه البيهقي بسنده في السنن الكبرى.
لكن في السند :
سفيان بن عيينة ، وفيه كلام (2).
ووكيع بن جرّاح ، وفيه كلام لاسباب منها شرب المسكر والفتوى بالباطل وغير ذلك (3).
وابن جريج ، وفيه كلام كثير (4).

1 ـ تهذيب التهذيب 8/27.
2 ـ تهذيب التهذيب 4/106.
3 ـ ميزان الاعتدال 4/336 ، تاريخ بغداد 13/472 ، تهذيب التهذيب 11/110.
4 ـ تهذيب التهذيب 6/359 ، ميزان الاعتدال 2/656 ، تقريب التهذيب 1/520.


(14)
وابن أبي مليكه ، كان من الخوارج ، وكان مؤذّناً لابن الزبير بمكة وقاضياً له. هذا بتهذيب التهذيب (1).
فهذه رواياتهم عن أهل البيت ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، وعن الباقر ( عليه السلام ) ، وعن الحسن بن الحسن المجتبى ( عليه السلام ).

رواية القوم هذا الخبر عن غير أهل البيت (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
وأمّا عن غير أهل البيت ، ننظر في أسانيد ما رووا عن غير أهل البيت :
في إخبار ابن سعد في الطبقات ، وعنه ابن حجر في الاصابة ، فيه وكيع بن الجرّاح ، وقد ذكرناه. وفيه أيضاً هشام بن سعد قال أحمد : لم يكن بالحافظ ، وكان يحيى القطّان لا يحدّث عنه ، وقال ابن معين : ليس بذاك القوي ، قال النسائي : ضعيف ، قال ابن عدي : مع ضعفه يكتب حديثه ، الدوري عن ابن معين : ضعيف ، أبو حاتم : لا يحتجّ به ، ذكره ابن عبد البر فيمن ينسب إلى الضعف ويكتب حديثه ، ذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء ، قال ابن سعد : كان يستضعف وكان متشيّعاً (2).

1 ـ تهذيب التهذيب 5 / 268.
2 ـ ميزان الاعتدال 4/298 ، تهذيب التهذيب 11/37.


(15)
في خبر رواه ابن عبدالبر وابن حجر عن أسلم مولى عمر ، في سنده : عبدالله بن وهب ، تكلّم فيه ابن معين ، قال ابن سعد : كان يدلّس ، قال أحمد في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء ، وقال أبو عوانة : صدق لانّه يأتي بأشياء لا يأتي بها غيره ، ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء (1).
في رواية الخطيب في تاريخ بغداد عن عقبة بن عامر الجهني ، في هذا السند : موسى بن علي اللخمي ، هذا الرجل كان والي مصر من سنة 155 حتّى سنة 161 ، قال ابن معين : ليس بالقوي ، وكذا قال ابن عبدالبر فيما انفرد به ، هذا الراوي الاول.
والراوي الثاني أبوه علي بن رباح اللخمي ، فهو أوّلاً : وفد على معاوية وكان من أصحابه ، وثانياً : قال : لا أجعل في حلّ من سمّاني علي فإنّ اسمي عُلي ، كان من المقرّبين عند عمر بن عبدالعزيز ثمّ عتب عليه ، فأغزاه أفريقيا ، فلم يزل بها إلى أنْ مات (2).
والراوي الاخير عقبة بن عامر الجهني ، أوّلاً : هذا من ولاة معاوية ، وهذا الشخص قاتل عمّار بن ياسر في صفّين ، وهذا الشخص هو الذي ضرب عمّار بأمر عثمان بن عفّان ـ باشر ضرب

1 ـ ميزان الاعتدال 2/521 ، الكامل 4/124 ، تهذيب التهذيب 6/66.
2 ـ تهذيب التهذيب 7/280.

زكي الياسري
13-01-2010, 01:56 AM
(16)
عمّار ـ لاحظوا كتاب الانساب في لقب الجهني ، تهذيب التهذيب (1) ، حسن المحاضرة (2) ، طبقات ابن سعد (3).
رواية ابن سعد في الطبقات ، عن عطاء الخراساني ، وقد أورد البخاري عطاء الخراساني في الضعفاء ، وذكره ابن حبّان في المجروحين (4) ، والعقيلي في الضعفاء الكبير (5) ، والذهبي أورده في الميزان ، وأيضاً أورده في كتاب المغني في الضعفاء ، قال السمعاني : بطل الاحتجاج به.
وروى ابن سعد وغيره هذا الخبر عن الواقدي محمّد بن عمر الواقدي ، والواقدي قال أحمد عنه : كذّاب ، البخاري : متروك. أبو حاتم : متروك ، النسائي : يضع الحديث ، ابن راهويه : هو عندي ممّن يضع الحديث ، ابن معين : ليس بثقة ، الدارقطني : فيه ضعف ، السمعاني : تكلّموا فيه ، ابن خلّكان : ضعّفوه في الحديث وتكلّموا فيه ، اليافعي : أئمّة الحديث ضعّفوه ، والذهبي : مجمع على

1 ـ تهذيب التهذيب 7 / 216.
2 ـ حسن المحاضرة 1 / 558.
3 ـ طبقات ابن سعد 3 / 259.
4 ـ المجروحين 2 / 130.
5 ـ الضعفاء الكبير : ترجمة رقم 1444.


(17)
تركه (1).
في رواية يروونها في كتاب الاصابة وفي الاستيعاب بسندهم عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب.
في هذا السند : عبدالرحمن بن زيد ، قال أحمد : ضعيف ، ابن معين : ليس بشيء ، البخاري وأبو حاتم : ضعّفه علي بن المديني جدّاً ، أبو داود : أولاد زيد بن أسلم كلّهم ضعيف ، النسائي : ضعيف ، أبو زرعة : ضعيف ، ابن سعد : ضعيف جدّاً ، ابن خزيمة : ليس ممّن يحتجّ أهل العلم بحديثه ، الساجي : منكر الحديث ، الطحاوي : حديثه في النهاية من الضعف عند أهل العلم ، أبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة وهذا الحديث عن أبيه ابن الجوزي أجمعوا على ضعفه. لاحظوا هذه الكلمات في تهذيب التهذيب (2).
وقد حقّقت أسانيد هذا الخبر في جميع هذه الكتب التي ذكرتها ، ولم أجد حديثاً سالماً عن طعن كبير ، لربّما تكون في بعض الاخبار طعون طفيفة أو تجريحات في بعض الرجال يمكن

1 ـ راجع : ميزان الاعتدال 3 / 662 ، المغني في الضعفاء 2 / 619 ، مرآة الجنان حوادث 207 ، تقريب التهذيب 2 / 194 ، طبقات السيوطي : 144 ، الانساب : في لقب الواقدي.
2 ـ تهذيب التهذيب 6 / 161.


(18)
الاغماض عنها ، لكن أسانيد هذا الخبر في جميع هذه الكتب التي ذكرتها كلّها ساقطة ، وقد ذكرت لكم القسم الاوفر من الاسانيد.



(19)

(20)
البحث حول متن الخبر (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
حينئذ ننظر في متون الخبر ، ولم أقرأ لكم بعدُ شيئاً من المتون ، وهنا نقاط :
النقطة الاُولى :
يظهر من الاخبار أنّ الناس تعجّبوا من خطبة عمر بنت علي ، وإلحاح عمر الشديد على أن يتزوّج ابنة علي ، وتعجّبهم واضح وسيتّضح أكثر ، حتّى صعد عمر المنبر وقال : أيها الناس والله ما حملني على الالحاح على علي بن أبي طالب ابنته ، إلاّ أنّي سمعت رسول الله يقول : « كلّ سبب ونسب منقطع » فأردت أن يكون لي منه نسب وصهر.
في رواية الخطيب البغدادي : أكثر تردّده إليه ـ أي إلى علي ـ وفي بعض الالفاظ : عاوده.



(21)
في رواية طبقات ابن سعد ، ورواية الدولابي في الذريّة الطاهرة : إنّه هدّد علياً.
والخطبة لا تحتاج إلى تهديد ، إمّا تكون وإمّا أنْ لا تكون ، ولا تحتاج إلى تهديد !!
وفي رواية في مجمع الزوائد : لمّا بلغه ـ بلغ عمر ـ منع عقيل عن ذلك قال : ويح عقيل ، سفيه أحمق (1).
وفي رواية الذريّة الطاهرة ، وفي مجمع الزوائد : التهديد بالدرّة ، هذه درّة عمر المعروفة.
لكنْ أبو نعيم ، لمّا ينقل الخبر في حلية الاولياء ، يسقط من الخبر ـ بنفس السند ـ التهديد ومنع عقيل من هذا التزويج.
راجعوا حلية الاولياء (2) وقارنوا بينه وبين رواية أبي بشر الدولابي في كتابه الذريّة الطاهرة.
النقطة الثانية :
عندما خطب عمر ابنة علي ، اعتذر علي بأشياء :
أوّلاً :
إنّها صغيرة أو إنّها صبيّة.

1 ـ مجمع الزوائد 4/272.
2 ـ حلية الاولياء 2 / 34.


(22)
لاحظوا طبقات ابن سعد والبيهقي.
العذر الاخر :
إنّي لارصدها لابن أخي ، أو إنّي حبست بناتي على أولاد جعفر.
هذا في الطبقات وفي المستدرك.
العذر الثالث :
إنّ لي أميرين معي ـ يعني الحسن والحسين ـ ، أميرين أي مشاورين ( فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ) أي تشيرون.
الامر الاخر شاور عقيلاً والعباس أيضاً ، هذه المشورات.
فالاعتذارات هذه لماذا ؟ والتهديدات من عمر لماذا ؟
النقطة الثالثة :
ذكر الواقدي كما في كتاب الطبقات وغيره : إنّ عليّاً أعطاها ـ أي البنت ـ بردة أو حلّة ، وقال لها : انطلقي بهذا إلى عمر ، وكان قصده أن ينظر إليها ، فلمّا رجعت البنت قالت لابيها : ما نشر البردة ولا نظر الاّ إليّ.
هكذا يصوّرون ، أنّ عليّاً أراد أن ينظر إليها عمر بن الخطاب ، فبهذا العنوان أرسلها إليه ، وهذا ما استقبحه بعض علمائهم ، ولذا لم يتعرّض لنقله كثير منهم ، إنّ عليّاً يرسل بنته وهي صبيّة صغيرة إلى عمر بهذا العنوان !! بعنوان أن ينظر إلى البردة ـ القطعة من القماش ـ



(23)
لكن في الاصل وفي الواقع ، يريد علي أن ينظر الرجل إلى ابنته أمام الناس ! لاحظوا بقيّة الاقوال.
النقطة الرابعة :
في رواية الطبقات : أمر علي بأُم كلثوم فصنعت ، وفي رواية الخطيب عن عقبة بن عامر : فزُيّنت ، زُيّنت البنت ، فأعطاها القماش ، بأن تحمل القماش إلى المسجد فينظر عمر إليها ليرى هل تعجبه البنت أو لا ؟
وفي رواية ابن عبد البر وغيره عن الباقر ( عليه السلام ) ! كشف عن ساقها ، فلمّا أخذت القماش إلى المسجد أمام الناس ، فبدل أن ينظر الرجل إلى القماش نظر إليها ، وكشف عن ساقها.
فجاء بعضهم ، وهذّب هذه العبارة : كشف عن ساقها ، بنت علي في المسجد وعمر يفعل هذا ! قال ابن الاثير : وضع يده عليها ، وقال الدولابي : أخذ بذراعها ، وفي رواية اخرى : ضمّها إليه.
أمّا الحاكم والبيهقي فلم يرويا شيئاً من هذه الاشياء.
وهنا يقول السبط ابن الجوزي : قلت : هذا قبيح والله ، لو كانت أمة لما فعل بها هذا ، ثمّ بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الاجنبيّة ، فكيف ينسب عمر إلى هذا.



(24)
وهل كان لمساً فقط كما يروون ؟!
النقطة الخامسة :
قال عمر للناس في المسجد بعد أن وقع هذا التزويج ، قال وهو فرح مستبشر : رفّئوني رفّئوني ـ أي قولوا لي بالرفاء والبنين.
هذا في الطبقات وفي الاستيعاب وفي الاصابة وغيرها من الكتب.
ثمّ إنّ هذا أي قول الناس للمتزوّج بالرفاء والبنين ، هذا من رسوم الجاهلية ، وقد منع عنه رسول الله ، والحديث في مسند أحمد (1) ، وهو أيضاً في رواياتنا ، لاحظوا كتاب وسائل الشيعة (2).
ولذا نرى أنّ بعضهم يحوّر هذه الكلمة أو ينقلها بالمعنى ، لاحظوا الحاكم يقول : قال لهم ألا تهنّئوني ، وفي البيهقي : فدعوا له بالبركة.
النقطة السادسة :

1 ـ مسند أحمد 3 / 451.
2 ـ وسائل الشيعة 14 / 183.


(25)
على فرض وقوع التزويج ، فهل له منها ولد أو أولاد ؟
في بعض الروايات : ولدت له زيداً ، أي ذكراً اسمه زيد.
وفي رواية الطبقات : زيد ورقية.
وفي رواية النووي في كتاب تهذيب الاسماء واللغات : زيد وفاطمة.
وفي رواية ابن قتيبة في المعارف : ولدت له وُلداً قد ذكرناهم.
إذن ، أصبحوا أكثر من اثنين.
النقطة السابعة :
في موت هذه العلوية الجليلة مع ولدها في يوم واحد ، هكذا يروون ، إنّها ماتت مع ولدها في يوم واحد ، وشيّعا معاً ، وصلّي عليهما معاً.
ابن سعد يقول عن الشعبي : صلّى عليهما عبدالله بن عمر ، ويروي عن غير الشعبي : صلّى عليهما سعيد بن العاص.
وفي تاريخ الخميس للدياربكري : صلّى عليهما سعد بن أبي وقّاص.
وهي قضيّة واحدة.
قالوا : ماتت في زمن معاوية ، وكان الحسن والحسين قد



(26)
اقتديا بالامام الذي صلّى عليهما ، أي صلّيا خلفه.
لكنّ المروي حضور أُمّ كلثوم في واقعة الطفّ وأنّها خطبت ، وخطبتها موجودة في كتاب بلاغات النساء لابن طيفور وغيره.
ولذا نرى أنّهم عندما ينقلون هذا الخبر في الكتب المعتبرة ـ كصحيح النسائي مثلاً ، أو صحيح أبي داود مثلاً ـ يقول أبو داود : إنّ الجنازة كانت جنازة أُمّ كلثوم وولدها شيّعا معاً.
لكنْ أي أم كلثوم ؟ غير معلوم ، وابنها مَن ؟ غير معلوم ، لا يذكر شيئاً.
وإذا راجعتم النسائي فبنفس السند ينقل عن الراوي : حضرت جنازة صبي وامرأة فقدّم الصبي ممّا يلي الامام إلى آخره.
فمن المرأة ؟ غير معلوم ، ومن الصبي ؟ غير معلوم ، وهل بينهما نسبة ؟ غير معلوم.
النقطة الثامنة :
إنّهم يذكرون تزوّجها بعد عمر بن الخطّاب بأبناء عمّها جعفر ابن أبي طالب ، ولم أتعرّض لما ذكروا في تزوّجها بعد عمر ، لكثرة الاضطرابات الموجودة فيما ذكروا ، ولانّه إلى حدٍّ ما خارج عن البحث.



(27)
وبما ذكرنا ظهر أنّ جميع أسانيد الخبر ساقطة ، متون الخبر متعارضة متكاذبة ، لا يمكن الجمع بينها بنحو من الانحاء ، وأمّا : أرسلها علي إلى عمر في المسجد ، أخذ عمر بساقها ، ضمّها إلى نفسه ، وأمثال ذلك ، فكلّ هذه الاُمور لا يمكن أن يصدّق بها عاقل.
هذا فيما يتعلّق بروايات السنّة باختصار.



(28)
روايات الشيعة حول هذا الموضوع (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
وأمّا رواياتنا حول هذا الموضوع ، روايات أصحابنا حول هذا الموضوع تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الاول :
يشتمل على ما لا نصدّق به ، أو لا يصدّق به كثير من الناس ، وذلك أنّ المرأة التي تزوّج بها عمر كانت من الجنّ ، أي : ولمّا خطب عمر أُمّ كلثوم ، الله سبحانه وتعالى أرسل جنّيّة وسلّمت إلى عمر ، وكذا ، هذه الاشياء لا يصدّق بها كثير من الناس على الاقل ، إذن لا نتعرض لهذه الاخبار.
القسم الثاني :
ما روي في هذا الباب من طرقنا ، إلاّ أنّه ضعيف سنداً ولا نعتبره.
القسم الثالث :
ما هو صحيح سنداً ، وأنقل لكم ما عثرت عليه وهو صحيح



(29)
سنداً ، فقط من كتب أصحابنا.
الرواية الاُولى :
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : لمّا خطب عمر قال له أمير المؤمنين : إنّها صبيّة ، قال : فلقي العباس فقال له : مالي ؟ أبي بأس ؟ قال : ما ذاك ؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ، أما والله لاعورنّ زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلاّ هدمتها ، ولاُقيمنَّ عليه شاهدين بأنّه سرق ولاقطعنّ يمينه ، فأتاه العباس فأخبره ، وسأله أن يجعل الامر إليه فجعله إليه ، فزوّجها العباس.
زوّجها العباس بعد هذه المقدّمات ، أمّا في كتب القوم ، فالتهديد كان موجوداً ، الالحاح والمعاودة والتردد على علي ، كلّ هذا كان موجوداً ، إلاّ أنّ هذه القطعة نجدها في روايتنا عن الصادق ( عليه السلام ).
هذه الرواية في كتاب الكافي ، كتاب النكاح (1).
رواية أُخرى :
عن سليمان بن خالد ، سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن امرأة توفي

1 ـ الكافي 5/346.


(30)
زوجها أين تعتد ؟
مسألة شرعية ، المرأة زوجها يتوفّى ، يموت ، فزوجته أين تعتد عدّة الوفاة ، في بيت زوجها تعتد ، أو حيث شاءت ؟
قال ( عليه السلام ) : بلى حيث شاءت ، ثمّ قال : إنّ عليّاً ( عليه السلام ) لمّا مات عمر أتى أُمّ كلثوم فأخذ بيدها ، فانطلق بها إلى بيته.
لمّا مات عمر جاء علي إلى باب داره ، وأخذ بيد ابنته وانطلق بها إلى بيته.
هذا في كتاب الطلاق من الكافي (1).
رواية أُخرى :
وهي الصحيحة الثالثة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) : في تزويج أُمّ كلثوم فقال : إنّ ذلك فرج غصب منّا ، إنّ ذلك فرج غصبناه.
هذا أيضاً في كتاب النكاح (2).
وتلخّص : إنّه كان هناك تهديد من الرجل ، بأيّ شكل من الاشكال ، في روايتنا التهديد بالسرقة ، في رواياتهم ما كان تهديد بالسرقة لكن التهديد كان موجوداً ، وأعطيتكم المصادر فراجعوا.

1 ـ الكافي 6/115.
2 ـ الكافي 5 / 346.

زكي الياسري
13-01-2010, 01:58 AM
(31)
إذن التهديد كان ، وأمير المؤمنين فوّض الامر إلى العباس ، ولم يوافق أوّلاً ، إعتذر بأنّها صغيرة ، إعتذر بأنّها صبيّة ، إعتذر بأشياء أُخرى ، ولم يفد اعتذاره ، وإلى أنْ هدّد ، وفوّض علي ( عليه السلام ) الامر إلى العباس ، فزوّجها العباس ، وذلك فرج غصب منّا ، إلاّ أن الرواية تقول بأنّه لمّا مات جاء علي وأخذ بيدها وانطلق بها إلى بيته ، يظهر أنّها قد انتقلت إلى دار عمر ، لكنّها بعد وفاته أخذ عليّ بيدها ، أي شيء يستفاد منه ، أخذ بيدها وانطلق بها إلى بيته ، هذا ما تدلّ عليه رواياتنا المعتبرة ، لا أكثر.
أمّا أنّه دخل بها ، كان له منها ولد أو أولاد ، لا يوجد عندنا في الادلّة المعتبرة.
وأيضاً : اشتركت رواياتنا ورواياتهم في التهديد ، وفي اعتذار علي ، وفي أنّ عليّاً أوكل الامر إلى العباس ، وأنّ علياً كان مكرهاً في هذا الامر ، وإذا كان علي ( عليه السلام ) يُهدّد ويسكت في مثل هذه القضية ، فلاحظوا كيف كان التهديد فيما يتعلّق بأمر الخلافة حتّى سكت علي ؟!
أمّا أنّها زيّنت ، أُرسلت إلى عمر ، أرسلت إلى كذا وكذا ، هذا غير موجود في رواياتنا أبداً ، ومعاذ الله أن يتفوّه أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) بمثل هذه الاُمور بالنسبة إلى ابنة أمير المؤمنين سلام الله عليه.



(32)
خلاصة البحث (http://www.rafed.net/books/aqaed/tazwig-om-kolthoum/index.html)
وتلخّص : أنّي لو سئلت عن هذه القضية أقول : إنّ هذه القضية تتلخّص في خطوط : خطب عمر أُمّ كلثوم من علي ، هدّده واعتذر علي ، هدّده مرّة أُخرى ، وجعل يعاود ويكرّر ، إلى أن أوكل علي الامر إلى العباس ، وكان فرج غصب من أهل البيت ، فالعقد وقع ، والبنت انتقلت إلى دار عمر ، وبعد موته أخذها علي ، أخذ بيدها وأخذها إلى داره.
ليس في هذه الروايات أكثر من هذا ، وهذا هو القدر المشترك بين رواياتنا وروايات غيرنا.
أمّا مسألة الدخول ، مسألة الولد والاولاد ، وغير ذلك ، فهذا كلّه لا دليل عليه أبداً.
وقد التفت علماء الفريقين إلى هذا الاستنتاج ، وأذكر لكم كلمة من عالم شيعي ، وكلمة من عالم من أهل السنة.



(33)
يقول النوبختي في كتاب له في الامامة ، النوبختي من قدماء أصحابنا له كتاب في الامامة يقول هناك : إنّ أُمّ كلثوم كانت صغيرة ، ومات عمر قبل أن يدخل بها.
وهذا ما نقله المجلسي في كتاب البحار عن كتاب الامامة للنوبختي (1).
ويقول الزرقاني المالكي المتوفى سنة 1122 يقول : وأُمّ كلثوم زوجة عمر بن الخطّاب مات عنها قبل بلوغها.
هذا في شرح المواهب اللدنيّة (2).
فلاحظوا كم كذبوا وكم افتروا وكم وضعوا في هذا الخبر ؟ وكم زادوا في القضية ؟ وليست القضية إلاّ خطبة وتهديداً واعتذاراً من علي ، ثمّ إلحاحاً وتهديداً من عمر ، ثمّ إيكال الامر إلى العباس ، ووقوع العقد ، وانتقال البنت إلى دار عمر ، ولا أكثر من هذا.
ولو أردت أن أذكر لكم نصوص ما جاء في كتبهم ، وخاصة في كتاب الذرية الطاهرة ، وفي كتاب الاصابة ، والاستيعاب ، وأُسد الغابة ، لو ذكرت لكم كلّ نصوص رواياتهم في هذه المسألة لطال بنا المجلس وانتهى إلى ليلة أُخرى أيضاً ، لكنّي لم أقرأ كلّ النصوص ،

1 ـ بحار الانوار 42/91.
2 ـ شرح المواهب اللدنيّة 7/9.


(34)
وإنّما ذكرت لكم النقاط المهمّة في تلك المتون بعد النظر في أسانيد تلك الاخبار.
وهنا فائدة ، هذه الفائدة توضّح لنا جانباً من الامر كما أشرت من قبل :
كان عمر يقصد من هذا أنْ يغطّي على القضايا السابقة ، وهذا ما دعاه إلى الخطبة وإلى التهديد وإلى الارعاب وإلى وإلى ، وحتّى وفّق على أثر التهديدات ، وحتّى أنّه في بعض كلماته كما في روايات أهل السنة يصرّح : والله إنّي لا أُريد الباه ، وإنّما أُريد أن يكون لي نسب بفاطمة.
هذا موجود في مصادرهم.
كلّ ذلك إسكاتا للناس ، تغطيةً للقضية ، ولئلاّ تنقل القضايا الاُخرى ، ولهذا المعنى الذي نستنتجه من هذا الخبر شاهد تاريخي أقرؤه لكم :
يقول الشافعي محمّد بن إدريس ـ الامام الشافعي المعروف ـ يقول : لمّا تزوّج الحجّاج بن يوسف ـ هذا الثقفي ـ ابنة عبدالله بن جعفر ، قال خالد بن يزيد بن معاوية لعبدالملك بن مروان قال : أتركت الحجاج يتزوج ابنة عبدالله بن جعفر ؟ قال : نعم ، وما بأس في ذلك ؟ قال : أشدّ البأس والله ، قال : وكيف ؟ قال : والله يا أمير



(35)
المؤمنين ، لقد ذهب ما في صدري على الزبير منذ تزوّجت رملة بنت الزبير ، قال : فكأنّه كان نائماً فأيقظته ، قال : فكتب إليه يعزم عليه في طلاقها ، فطلّقها (1).
فماذا تستفيدون من هذا الخبر ؟ إنّ هكذا مصاهرات لها تأثيراتها ، فالبنت مثلاً تمرض في بيت زوجها ، ولابدّ وأن يأتي أبوها ، لابدّ وأن يمرّ عليها إخوتها ، ولابد وأن يكون هناك ارتباطات واتّصالات ، المصاهرات دائماً لها هذه التأثيرات الاجتماعيّة ، وهم ملتفتون إلى هذا.
يقول : لمّا تزوّجت ابنة الزبير ذهب ما في صدري على الزبير ، ولو تزوّج الحجاج ابنة عبدالله بن جعفر ذهب ما بقلب الحجاج من البغض بالنسبة إلى بني هاشم وآل أبي طالب.
فلابدّ وأن يكتب عبدالملك بن مروان إلى الحجاج بسرعة ليطلّقها ، وأن ينقطع هذا الارتباط والاتصال ، ولا ينفتح باب للمراودة بين العشيرتين.
وهذا ما كان يقصده عمر بن الخطاب من خطبته بنت أمير المؤمنين ، بعد أنْ فعل ما فعل ، وعلي امتنع من أن يزوّجه ، إلى أن

1 ـ مختصر تاريخ دمشق 6 / 205.


(36)
هدّده واضطرّ الامام إلى السكوت ، وإيكال الامر إلى العباس ، وحصل الامر بهذا المقدار ، وهو وقوع العقد فقط ، ولم يكن أكثر من ذلك ، ولذلك بمجرّد أنْ مات عمر جاء علي ( عليه السلام ) وأخذ بيدها وأرجعها إلى بيته.
فلا يستفيدنّ أحد من هذه القضيّة شيئاً من أجل أنْ يغطّي على ما كان ، وأن يجعل هذه القضيّة وسيلة للتشكيك أو لتضعيف ما كان ، وإنّما هذه القضيّة كانت بهذا المقدار ، وعلى أثر التهديد واضطرار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ومن هنا نفهم كيف اضطرّ الامام إلى السكوت عن أمر الخلافة والولاية بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وذلك ممّا كان.
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.


المصدر ... المكتبه الاسلاميه في شبكة رافد