المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب « عصمة الأنبياء والرسل » « تأليف السيد مرتضى العسكري »


زكي الياسري
13-01-2010, 02:28 AM
كتــــاب

عصمة الانبياء و الرسل
تاليف العلاّمه : السيد مرتضى العسكري

( و اذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال و من ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ) (1) الوحدة حول مائدة الكتاب و السنة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين ، و الصلاة على محمد و آله الطاهرين ، والسلام على اصحابه البرره الميامين.
و بعد : تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرق اعداء الاسلام من الخارج كلمتنامن حيث لانشعر ، وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا ، و سيطر الاعداء علينا ، وقد قال سبحانه و تعالى : ( واطيعوا الله و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) (2) .
و ينبغي لنا اليوم و في كل يوم ان نرجع الى الكتاب و السنة في ما اختلفنا فيه و نوحد كلمتنا حولهما ، كماقال تعالى : ( فان تنازعتم في شي ء فردوه الى الله و الرسول ) (3) .
و في هذه السلسلة من البحوث نرجع الى الكتاب والسنة ونستنبط منهما ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف ، فتكون باذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء ان يشاركونا في هذا المجال ، ويبعثوا الينا بوجهات نظرهم على عنوان : بيروت ـ ص.
ب 124/24 ـ العسكري

ابليس لا سلطان له على خلفاء الله في الارض (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
خبر الله سبحانه في سورة الحجر ان ابليس لا سلطان له على عباده المخلصين ، في ذكره ما داربينه و بين ابليس من محاورة ، وذلك في قوله تعالى : قال ... ( رب بما اغويتني لا زينن لهم في الا رض و لا غوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين ) (4) .
و اخبر تعالى عما جرى بين يوسف و زليخا ، و كيف يعصم الله المخلصين من اغواء الشيطان ، حيث قال تعالى في سورة يوسف : ( و لقد همت به و هم بها لولا ان راءى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء انه من عبادنا المخلصين ) (5) و عرفنا ان الوصف المذكور من شروط الامامة في ما اخبر الله عما دار بينه و بين خليله ابراهيم (ع) في سورة البقرة ، و قال : ( و اذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال و من ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ) (6) و ذكر في سورة الانبياء ان الذين جعلهم ائمة ، يهدون بامره ، و قال تعالى : ( و جعلناهم ائمة يهدون بامرنا ... ) (7) و ذكر منهم في تلك السورة نوحا و ابراهيم و لوطا و اسماعيل و ايوب و ذا الكفل و يونس وموسى و هارون و داود و سليمان وزكريا و يحيى و عيسى (ع) .
و كان في من وصفهم بالامامة في هذه السورة : النبي والرسول و الوزير و الوصي.
اذا فقد بان لنا ان الله تبارك و تعالى اشترط لمن جعله اماما ان يكون غير ظالم.
و قد وصف الله الامام بانه خليفته في الارض ، كما ورد في خطابه لداود (ع) في سورة ص : ( يا داود انا جعلناك خليفة في الا رض ) (8) و ورد في وصفه لادم (ع) في خطابه للملائكة في سورة البقرة : ( واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الا رض خليفة ... ) (9) كما سنشرحه بعد تفسير كلمات الايات ان شاء الله تعالى.
شرح الكلمات :
ا ـ اغويتني ، و لاغوينهم ، و الغاوين : غوى فهو غاو : انهمك في الغي.
و اغواه : اضله و اغراه ، و قصد اللعين بقوله اغويتني : انه تعالى بلعنه و قوله له قبل هذه الاية : ( وان عليك اللعنة الى يوم الدين ) ، ابعده عن رحمته جزاء تمرده و امتناعه عن السجود لادم ، كماقال تعالى في سورة البقرة : ( يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا و ما يضل به الا الفاسقين ) (10)
ب ـ لازينن لهم : اي : اءحسن لهم سوء اءعمالهم ، كما قال سبحانه و تعالى : ( زين لهم الشيطان اعمالهم ) (11) و ( زين لهم سوء اعمالهم ) (12)
ج ـ المخلصين : المخلصون : هم الذين اخلصهم الله لنفسه بعدما اخلصوا انفسهم للّه ، فليس في قلوبهم محل لغيره.
د ـ ابتلى : بلاه بلاء و ابتلاه ابتلاء : امتحنه و اختبره بالخير و الشر والنعمة و النقمة.
ه ـ بكلمات : المقصود من الكلمات هنا قضايا امتحن الله بها ابراهيم (ع) ، مثل ابتلائه بعباد الكواكب و الاصنام ، و احراقه بالنار ، و تضحيته بابنه ، و امثالها.
و ـ فاتمهن : اي : اكمل اداءهن.
ز ـ جاعلك : وردت جعل بمعنى : خلق و اوجد و حكم و شرع و قرر وصير ، و الاخير هو المقصود هنا.
خ ـ اماما : الامام : هو المقتدى للناس في الاقوال و الافعال.
ط ـ الظالمين : الظلم : وضع الشي ء في غير موضعه ، و الظلم ـ ايضا ـ تجاوز الحق.
و الظلم ثلاثة انواع : اولا : ظلم بين الانسان و ربه ، و اعظمه الشرك و الكفر ، كما قال سبحانه في سورة لقمان : ( ان الشرك لظلم عظيم ) (13) و في سورة الانعام : ( فمن اظلم ممن كذب بيات الله ... ) (14) ثانيا : ظلم بين الانسان و غيره ، كما قال سبحانه و تعالى في سورة الشورى : ( انما السبيل على الذين يظلمون الناس ) (15) ثـالثـا : ظلم الانسان نفسه ، كما قال سبحانه و تعالى في سورة البقرة : ( ... و من يفعل ذلك فقدظلم نفسه ) (16) و في سورة الطلاق : ( و من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) (17) و كل نوع من الظلم ظلم للنفس.
يقال لمن اتصف بالظلم في اي زمان من عمره المتقدم منه او المتاخر : ظالم.
ي ـ همت به و هم بها : هم بالامر : عزم على القيام به و لم يفعله.
ك ـ راى : راى بالعين : نظر ، و بالقلب : ابصر ، و ادرك.
ل ـ برهان : البرهان : اوكد الادلة ، و الحجة البينة الفاصلة ، و ما رآه يوسف اكثر من هذا.
تاويل الايات : قال ابليس لرب العالمين : رب بما لعنتني و ابعدتني عن رحمتك لازينن للناس في دار الدنياالاعمال السيئة ، كما قال سبحانه :
ا ـ في سورة النحل : ( لقد ارسلنا الى اءمم من قبلك فزين لهم الشيطان اعمالهم ) (18)
ب ـ في سورة الانفال : ( و اذ زين لهم الشيطان اعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم ... ) (19)
ج ـ في سورة النمل : ( ... يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل ... ) (20) و قال الشيطان : لازينن للناس اعمالهم و لاغوينهم اجمعين الا عبادك الذين اصطفيتهم لنفسك.
و قال الله في جوابه : انك لا سلطة لك على من اتبعك من المنهمكين في الغي و الضلالة ، و اخبرتعالى عن شان عباده المخلصين في ما حكاه عن خبر يوسف (ع) و زليخا ، حيث قال : ( و لقدهمت به و هم بها لولا ان راءى برهان ربه ) في بيت خلا عن كل انسان ما عدا يوسف (ع) .
و زليخا عزيزة مصر و مالكة يوسف ، همت ان تنال ماربها من يوسف ، و لولا ان يوسف راى برهان ربه لهم بقتلها و هو السوء ، او هم بالفحشاء كما هو مقتضى طبيعة الحال التي كان عليهاالفتى مكتمل الرجولة غير المتزوج مع مالكته الفتاة مكتملة الانوثة المترفة في بيت خلا من كل احد ، و لكنه راى برهان ربه و استعصم ، فقد كان ممن اخلصه الله لنفسه.
فما هو البرهان الذي رآه يوسف (ع) ؟ و كيف رآه ؟ ان يوسف (ع) راى آثار العملين على نفسه كالاتي بيانه :

اثر العمل و خلوده و انتشار البركة و الشؤم من بعض الاعمال على الزمان و المكان (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
امعرفة معنى عصمة الانبياء ينبغي ان ندرس كيفية انتشار البركة و الشؤم على الزمان و المكان وآثار اعمال الانسان في الدنيا و الاخرة ، فنستعين الله و نقول : قال الله سبحانه و تعالى :
ا ـ في سورة البقرة : ( شهر رمضان الذي اءنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) (21)
ب ـ في سورة القدر : ليلة القدر خير من الف شهرو ما ادريك ما ليلة القدر ( انا انزلناه في ليلة القدر سلام هي حتى مطلع الفجر ) .
تنزل الملائكة و الروح فيها باذن ربهم من كل امر انزل الله القرآن على خاتم انبيائه في ليلة من ليالي شهر رمضان ، فاصبحت تلك الليلة ليلة القدر تنزل الملائكة و الروح فيها كل سنة بامر ربهم ابد الدهر ، و انتشرت البركة من تلك الليلة الى كل شهر رمضان كذلك ابد الدهر.
و ان الجمعة اصبحت مباركة منذ عهد آدم (ع) ، و ان عصر التاسع من ذي الحجة اصبح مباركايغفر الله ذنوب عباده فيه بمنى لنزول المغفرة على آدم (ع) فيه ، و اصبحت اراضي عرفات والمشعر و منى اراضي مباركة في التاسع و العاشر كم ذي الحجة على كل بني آدم (ع) بعد ذلك ، وبقي اثرها كذلك ابد الدهر.
و كذلك اصبح اثـر قدمي ابراهيم (ع) في البيت على تلك الكتلة من الطين التي رقى عليها ابراهيم (ع) لبناء جدار البيت مباركا ، فامرنا الله باتخاذها مصلى بعد ذلك ابد الدهر و قال : ( واتخذوامن مقام ابراهيم مصلى ) .
و كذلك الشان في انتشار الشؤم كما كان من امر بيوت عاد في الحجر بعد نزول العذاب عليهم ، كما اخبرنا رسول الله (ص) عنها عند مروره عليها في غزوة تبوك ، و جاء خبره في كتب الحديث والسيرة ، و قالوا ما موجزه : لما سار رسول الله (ص) الى غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة مر بالحجر ـ ديار ثمود بوادي القرى في طريق الشام من المدينة ـ فنزل قبل ان يمر بها ، فاستقى الجيش من بئرها ، فنادى منادي النبي ان : لا تشربوا من ماء بئرهم ، و لا تتوضاوا منه للصلاة ، فجعل الناس يهريقون ما في اسقيتهم و قالوا : يا رسول الله قد عجنا ، قال : اعلفوها الابل خوف ان يصيبكم مثل ما اصابهم.و لما ارتحل و مر بالحجر ، سجى ثوبه على وجهه واستحث (22) راحلته و فعل الجيش كذلك ، وقال رسول الله (ص) : لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا الا و انتم باكون.
و جاء رجل بخاتم وجده في الحجر في بيوت المعذبين ، فاعرض عنه و استتر بيده ان ينظر اليه ، و قال : القه (23) .
و وقع نظير ذلك للامام علي (ع) كما رواه نصر بن مزاحم وغيره ،
و اللفظ لنصر في كتابه وقعة صفين بسنده ، قال : كان مخنف بن سليم يساير عليا ببابل (24) ، فقال الامام علي (ع) : ان ببابل ارضا خسف بهافحرك دابتك لعلنا نصلي العصر خارجا منها.
قال : فحرك دابته و حرك الناس دوابهم في اثره ، فلما جاز جسر الصراة نزل فصلى بالناس العصر (25) .
و في رواية راو آخر : قطعنا مع امير المؤمنين جسر الصراة في وقت العصر ، فقال : ان هذه ارض معذبة لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي ان يصلي فيها (26) .

1 ـ البقرة : 124.
2 ـ الانفال / 46.
3 ـ النساء / 59.
4 ـ الايات 30 ـ 42.
5 ـ الاية 24.
6 ـ الاية 124.
7 ـ الاية 73.
8 ـ الاية 26.
9 ـ الاية 30.
10 ـ الاية 26.
11 ـ الانفال /48 , النحل /24 , العنكبوت /37.
12 ـ التوبة /37.
13 ـ الاية 13.
14 ـ الاية 157.
15 ـ الاية 42.
16 ـ الاية 231.
17 ـ الاية 1.
18 ـ الاية 63.
19 ـ الاية 48.
20 ـ الاية 24 .
21 ـ الاية 185.
22 ـ سجى ثوبه على وجهه : غطاه , و استحث راحلته : استعجلها.
23 ـ الخبر في مادة الحجر في معجم البلدان , و خبر غزوة تبوك في سيرة ابن هشام
24 ـ بابل في العراق بين الكوفة و بغداد, و جسر الصراة كان على نهر الصراة بالقرب من بغداد.
25 ـ صفين : 135 .
26 ـ في البحار 41 : 168 , عن علل الشرائع : 124 , و بصائر الدرجات : 58.

زكي الياسري
13-01-2010, 02:31 AM
هكذا كان للبركة انتشار من الزمان الذي بارك الله فيه لعبد من عباده المخلصين ، و للشؤم انتشارمن الزمان الذي غضب فيه على عبيده الاشقياء.

عصمة خلفاء الله عن المعصية (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
ان لاعمال الناس آثارا خالدة في الدنيا و في الاخرة تتجسد لتخلد ناراوقودها الناس والحجارة ، او نعيما في جنات عدن ، وكل ذلكم الانتشار و تلكم الاثار يراها عباد الله المخلصون ويدركونها ، فتدفعهم الى الاجتهاد في اداء الاعمال الصالحة واجتناب الاعمال السيئة من الفحشاءو السوء و المنكر.
و تلكم الرؤية هي برهان الله الذي يؤتي الله من عباده من تزكى و آثر رضى الله على هوى النفس الامارة بالسوء ، و من ثم لا تصدر من عباده المخلصين معصية موبقة ، و مثلهم في ذلك مثل انسان بصير و آخر ضرير يسيران معا في طريق واحد كثيرة العثرات و المهاوي المردية ، يتجنبهاالبصير و ينبه صاحبه الضرير ليتجنبها ، او كمثل اءناس عطاشى امامهم ماء تتوق انفسهم الى شربه ليبردوا به حرارة عطشهم ، و فيهم طبيب معه مجهر نظر من خلاله الى الماء وابصر فيه انواعا من الجراثيم المهلكة ، و اخبر صحبه بلزوم تصفية الماء قبل الاستفادة منه.
هكذا مثل عباد الله المخلصين في رؤيتهم البرهان و تبصرهم بحقائق الاعمال و آثارها السيئة اوالحسنة ، فهم مع تلك الرؤية لقبح فعل المعصية و شناعتها في الدنيا و تجسده نارا محرقة خالدة في الاخرة ، لا يمكن ان يقدموا على العمل بها مختارين و غير مجبورين على تركها ، او ممنوعين من قبل الله من اتيانها.
و ما يوردون من شبهات حول عصمة الانبياء مستشهدين بايات متشابهة ، اخطاوا في تاويل بعضها و فسروا بعضها الاخر بروايات زائفة.
و لكي لا يطول البحث نكتفي بايراد امثلة من النوعين في ماياتي :

روايات مكذوبة على نبي الله داود و على خاتم الانبياء (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
ندرس من هذا النوع من الروايات التي وردت في خبر زواج داود بارملة اوريا ، و زواج خاتم الانبياء (ص) بمطلقة زيد كالاتي : زواج داود (ع) في القرآن الكريم : قال الله سبحانه في سورة ص : انا سخرنا الجبال معه ت ( اصبر على ما يقولون و اذكر عبدنا داود ذا الا يد انه اواب و شددنا ملكه و آتيناه الحكمة والطير محشورة كل له اوابيسبحن بالعشي و الا شراق اذ دخلوا على داود ففزع منهمو هل اتاك نباء الخصم اذ تسوروا المحرابوفصل الخطاب قالوا لاتخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط و اهدنا الى سواء ان هذا اخي له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة فقال اكفلنيها و عزني في الخطابالصراط قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الاالذينت آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم و ظن داود انما فتناه فاستغفر ربه و خر راكعا واناب يا داود انا جعلناك خليفة في الا رض فاحكم بينفغفرنا له ذلك و ان له عندنا لزلفى و حسن مب الناس بالحق ... ) (1)
تاويل الايات في روايات مدرسة الخلفاء : (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
الروايات بمدرسة الخلفاء في تاويل آيات خبر حكم داود (ع) كثيرة ، و نحن نكتفي في ما ياتي بايراد ثلاثة نماذج منها باذنه تعالى : ا ـ رواية وهب بن منبه : روى الطبري في تاويل الاية عن وهب انه قال : لما اجتمعت بنو اسرائيل على داود ، انزل الله عليه الزبور ، وعلمه صنعة الحديد ، فالانه له ، و امرالجبال و الطير ان يسبحن معه اذا سبح ، و لم يعط الله ـ فيما يذكرون ـ احدا من خلقه مثـل صوته ، كان اذا قرا الزبور ـ فيما يذكرون ـ تدنو له الوحوش حتى ياخذ باعناقها ، و انها لمصيغة تسمع لصوته ، و ما صنعت الشياطين المزامير و البرابط و الصنوج الا على اصناف صوته ، و كان شديد الاجتهاد ، دائب العبادة ، فاقام في بني اسرائيل ، يحكم فيهم بامر الله نبيا مستخلفا ، و كان شديد الاجتهاد من الانبياء ، كثير البكاء ، ثم عرض من فتنة تلك المراة ما عرض له ، و كان له محراب يتوحد فيه لتلاوة الزبور و صلاته اذا صلى ، و كان اسفل منه جنينة لرجل من بني اسرائيل ، كان عند ذلك الرجل المراة التي اصاب داود فيها ما اصابه.
و انه حين دخل محرابه ذلك اليوم ، قال : لا يدخلن علي محرابي اليوم احد حتى الليل ، و لايشغلني شي ء عما خلوت له حتى اءمسي ، و دخل محرابه و نشر زبوره يقرؤه ، و في المحراب كوة تطلعه على تلك الجنينة ، فبينا هو جالس يقرا زبوره ، اذ اقبلت حمامة من ذهب حتى وقعت في الكوة ، فرفع راسه فرآها فاعجبته ، ثم ذكر ما كان قال : لا يشغله شي ء عما دخل له ، فنكس راسه ، و اقبل على زبوره ، فتصوبت الحمامة للبلاء و الاختبار من الكوة ، فوقعت بين يديه ، فتناولها بيده ، فاستاخرت غير بعيد ، فاتبعها ، فنهضت الى الكوة ، فتناولها في الكوة ، فتصوبت الى الجنينة ، فاتبعها بصره اين تقع ، فاذا المراة جالسة تغتسل ، بهيئة الله اعلم بها في الجمال و الحسن والخلق.
فيزعمون انها لما راته نقضت راسها فوارت به جسدها منه ، واختطفت قلبه ، و رجع الى زبوره ومجلسه ، و هي من شانه ، لا يفارق قلبه ذكرها ، و تمادى به البلاء ، حتى اغزى زوجها ، ثم امرصاحب جيشه ـ فيما يزعم اهل الكتاب ـ ان يقدم زوجها للمهالك ، حتى اصابه بعض ما اراد به من الهلاك ، و لداود تسع و تسعون امراة ، فلما اصيب زوجها خطبها داود ، فنكحها ، فبعث الله اليه وهو في محرابه ملكين يختصمان اليه ، مثلا يضربه له و لصاحبه ، فلم يرع داود الا بهما واقفين على راسه في محرابه ، فقال : ما ادخلكما علي ؟ قالا : لا تخف ، لم ندخل لباس و لا لريبة ( خصمان بغى بعضنا على بعض ) فجئناك لتقضي بيننا ( فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط و اهدناالى سواء الصراط ) اي : احملنا على الحق ، و لا تخالف بنا الى غيره ، قال الملك الذي يتكلم عن اوريا بن حنانيا زوج المراة : ( ان هذا اخي ) اءي : على ديني ( له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة فقال اكفلنيها ) اءي : احملني عليها ، ثم ( عزني في الخطاب ) اءي : قهرني في الخطاب ، وكان اقوى مني هو و اعز ، فحاز نعجتي الى نعاجه ، و تركني لا شي ء لي.
فغضب داود ، فنظر الى خصمه الذي لم يتكلم ، فقال : لئن كان صدقني ما يقول ، لاضربن بين عينيك بالفاس ، ثم ارعوى داود ، فعرف انه هو الذي يراد بما صنع في امراة اوريا ، فوقع ساجداتائبا منيبا باكيا ، فسجد اربعين صباحا صائما لا ياكل فيها ولا يشرب ، حتى انبت دمعه الخضرتحت وجهه و حتى اندب السجود في لحم وجهه ، فتاب الله عليه و قبل منه.
و يزعمون انه قال : اي رب غفرت ما جنيت في شان المراة ، فكيف بدم القتيل المظلوم ؟ قيل له : يا داود ـ فيما زعم اهل الكتاب ـ اما ان ربك لم يظلمه بدمه و لكنه سيساله اياك فيعطيه ، فيضعه عنك ، فلما فرج عن داود ما كان فيه رسم خطيئته في كفه اليمنى : بطن راحته ، فما رفع الى فيه طعاما و لا شرابا قط الا بكى اذا رآها ، و ما قام خطيبا في الناس قط الا نشر راحته فاستقبل بهاالناس ليروا رسم خطيئته (2) .
ب ـ رواية الحسن البصري : روى الطبري و السيوطي في تفسير الاية عن الحسن البصري انه قال : ان داود جزا الدهر اربعة اجزاء : يوما لنسائه ، و يوما لعبادته ، و يوما لقضاء بني اسرائيل ، و يومالنبي اسرائيل ، يذاكرهم ويذاكرونه ، و يبكيهم و يبكونه ، فلما كان يوم بني اسرائيل قال : ذكروا ، فقالوا : هي ياتي على الانسان يوم لا يصيب فيه ذنبا؟ فاضمر داود في نفسه انه سيطيق ذلك ، فلماكان يوم عبادته ، اغلق ابوابه ، و امر ان لا يدخل عليه احد ، و اكب على التوراة ، فبينما هو يقرؤها ، فاذا حمامة من ذهب ، فيها من كل لون حسن ، قد وقعت بين يديه ، فاهوى اليها لياخذها ، قال : فطارت ، فوقعت غير بعيد من غير ان تؤيسه من نفسها ، قال : فما زال يتبعها حتى اشرف على امراة تغتسل ، فاعجبه خلقها و حسنها ، قال : فلما رات ظله في الارض ، جللت نفسها بشعرها ، فزاده ذلك ايضا اعجابا بها ، وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه ، فكتب اليه يسير الى مكان كذا و كذا ، مكان اذا سار اليه لم يرجع ، قال : ففعل ، فاءصيب ، فخطبها فتزوجها (3) .
ج ـ رواية يزيد الرقاشي عن انس بن مالك : اخرج الطبري و السيوطي بتفسير الاية بسندهما عن يزيد الرقاشي ما موجزه : عن يزيد الرقاشي عن انس بن مالك ، سمعه يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان داود (ع)حين نظر الى المراة قطع على بني اسرائيل و اوصى صاحب الجيش ، فقال : اذا حضر العدوتضرب فلانا بين يدي التابوت ، و كان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل او ينهزم منه الجيش ، فقتل و تزوج المراة ، و نزل الملكان على داود(ع) ، فسجد فمكث اربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على راسه ، فاكلت الارض جبينه و هو يقول في سجوده : رب زل داود زلة ابعد مما بين المشرق و المغرب ، رب ان لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده.
فجاء جبرئيل (ع) من بعد.
ربعين ليلة فقال : يا داود ان الله قد غفر لك و قد عرفت ان الله عدل لايميل ، فكيف بفلان اذا جاء يوم القيامة فقال : يا رب دمي الذي عند داود؟ قال جبرئيل : ما سالت ربك عن ذلك فان شئت لافعلن ، فقال : نعم ، ففرح جبرئيل و سجد داود (ع) ، فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال : قد سالت الله يا داود عن الذي ارسلتني فيه ، فقال : قل لداود ان الله يجمعكما يوم القيامة فيقول : هب لي دمك الذي عند داود ، فيقول : هو لك يا رب ، فيقول : فان لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا ... (4) .
هكذا جاءت الروايات عن خبر نبي الله داود (ع) في التفاسير ، و في ما ياتي ندرس اسانيدها : دراسة اسانيد الروايات ا ـ وهب بن منبه : كان ابوه من ابناء الفرس الذين بعث بهم كسرى الى اليمن ، وفي ترجمته بطبقات ابن سعد ماموجزه : قال وهب : قرات اثنين و تسعين كتابا كلها اءنزلت من السماء ، اثنان و سبعون منها في الكنائس وفي ايدي الناس ، و عشرون لا يعلمها الا قليل.
و قال الدكتور جواد علي : يقال ان وهبا من اصل يهودي ، وكان يزعم انه يتقن اليونانية والسريانية و الحميرية و قراءة الكتابات القديمة.
و ذكر في كشف الظنون من تليفه قصص الانبياء (5) .
ب ـ الحسن البصري : ابو سعيد ، كان ابوه مولى زيد بن ثابت الانصاري ، ولد لسنتين بقيت من خلافة عمر ، و عاش ومات في البصرة 110 ه ، و كان غاية في الفصاحة و البلاغة ، مهابا عند الناس و سلطة الخلافة ، واماما لاتباع مدرسة الخلفاء بالبصرة (6) .
رايه : يظهر من روايات وردت بترجمته في طبقات ابن سعد انه كان يقول بالقدر و يناظر فيه ، ثم رجع عنه ، و انه كان لا يرى الخروج على السلطة الظالمة كسلطة الحجاج.
قيمة رواياته : في ترجمته بميزان العتدال (7) : كان الحسن كثير التدليس فاذا قال في حديث : عن فلان ضعف لحاجة ، و لا سيما عمن قيل انه لم يسمع منهم كابي هريرة ونحوه ، فعدوا ما كان له عن ابي هريرة في جملة المنقطع ، و الله اعلم.
اي : ان الحسن اذا قال في الحديث : عن فلان ضعفت روايته عن فلان لحاجته الى ذلك القول ، لا سيما في ما يرويه عمن لم يسمعهم ، مثل رواياته عن ابي هريرة و نحوها ممن روى عنهم في حين انه لم يشاهدهم.
و برتجمته بطبقات ابن سعد عن علي بن زيد انه قال : حدثـت الحسن بحديث فاذا هو يحدث به ، قال : قلت : يا ابا سعيد حدثتكم.
و روى ـ ايضا ـ انه قيل له : ارايت ما تفتي الناس اشياء سمعتها ام برايك ؟ فقال : لا و الله ما كل ما نفتي به سمعناه ، و لكن راينا خير لهم من رايهم لانفسهم (8) .
تخرج من مدرسته واصل بن عطاء ( : 131ه ) مؤسس مذهب الاعتزال ، و ابن ابي العوجاء احدمشاهير الزنادقة.
قيل له : تركت مذهب صاحبك و دخلت في ما لا اصل له ولا حقيقة طورا بالقدر وطورا بالجبر ، فما اعلمه اعتقد مذهبا فدام عليه.
قتله على الزندقة والي الكوفة 155 ه ، قال عند قتله : لئن قتلتموني لقد وضعت اربعة آلاف حديث اءحرم فيه ما اءحل الله ، واءحلل فيه ما حرم الله ، فطرتكم يوم صومكم و صومتكم يوم فطركم (9) .
ج ـ يزيد بن ابان الرقاشي : المحدث القاص البصري و الزاهد البكاء من غير دراية و فقه.
في ترجمته في تهذيب الكمال للمزي و تهذيب التهذيب لابن حجر ما موجزه (10) :
ا ـ عن زهده : جوع نفسه و عطشها ، ذبل جسمه و نهك بدنه و تغير لونه ، كان يبكي و يبكي جلساءه و يقول ـ مثلا ـ : تعالوا نبكي على الماء البارد يوم الظما ، و يقول : على الماء البارد السلام بالنهار ، قال : وفعل ما لم يقله رسول الله و لم يفعله ، و قال الله سبحانه : ( قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ).
ب ـ عن رايه : كان ضعيفا قدريا (11) .
ج ـ عن قيمة رواياته : رووا عن شعبة انه قال : لان اقطع الطريق احب الي من ان اروي ، و قال : لان ازني احب الي من ان اروي عنه.
و قالوا في حديثه : منكر الحديث ، متروك الحديث ، لا يكتب حديثه و قال ابو حاتم : كان واعظا بكاء كثير الرواية عن انس بما فيه نظر ، و في حديثه ضعف.
و في تهذيب التهذيب : قال ابن حبان : كان من خيار عباد الله من البكائين بالليل ، لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلا بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن انس عن النبي (ص) ، فلاتحل الرواية عنه الا على جهة التعجب.
وفاته : توفي يزيد بن ابان قبل العشرين و مائة هجرية (12) .

1 ـ الايات 26 ـ 17.
2 ـ تفسير الطبري 23 : 96 ـ 95 ط.دار المعرفة , بيروت .
3 ـ تفسير الطبري 23 : 96 ط.دار المعرفة , بيروت ,و السيوطي 5 : 148 و اللفظ للاول .
4 ـ بتفسير الاية في تفسير الطبري 23 : 96 ط.دار المعرفة , بيروت , والسيوطي
5 ـ طبقات ابن سعد 5 : 395 ط.اوربا , و كشف الظنون : 1328 , و تاريخ العرب قبل الاسلام
6 ـ ترجمته في وفيات الاعيان لابن خلكان 1 : 354 ط.الاولى , وطبقات ابن سعد 7 : 1/120
7 ـ 1 : 427 رقم الترجمة 1968.
8 ـ الحديثان بطبقات ابن سعد 8 : 120 ط.اوربا 7 : 1/120.
9 ـ ترجمة واصل بن عطاء في وفيات الاعيان لابن خلكان , و ترجمة ابن ابي العوجاء في بحث
10 ـ راجع ترجمته بتهذيب الكمال للمزي مخطوطة المكتبة الظاهرية مصورة المجمع العلمي
11 ـ طبقات ابن سعد 7 : ق2/13 ط.اوروبا.

12 ـ راجع ترجمته في تهذيب التهذيب 11 : 311 ـ 309

زكي الياسري
13-01-2010, 02:32 AM
دراسة متون الروايات اولا ـ رواية وهب : موجز الرواية : ان النبي داود (ع) خلا بنفسه يوما للعبادة واكب على التوراة يقرؤها ، اذ اقبلت حمامة من ذهب فوقعت بين يديه ، فاهوى اليها لياخذها ، فطارت غير بعيد عنه ، فما زال يتبعهاحتى اشرف على امراة جاره اوريا ، و كانت عارية تغتسل ، فاعجبه جمالها ، فلما احست به جللت نفسها بشعرها ، فازداد افتتانا بها ، فدبر امر قتل زوجها الذي كان في الغزو ، ثم تزوجها ، فتسور عليه الملكان ، و كان من امرهما ما تحدث عنه القرآن الكريم.
في هذه الرواية جاء مرة : قال وهب ، و اخرى : قال في ما يزعم اهل اكتاب ، و بذلك خرج من عهدة روايتها.
و لما رجعنا الى التوراة وجدنا في سفر صموئيل الثاني خبر رؤية داود يستتبع زوجة جاره اوريامن سطح داره ، و اعجابه بها ، وجلبه اياها الى داره ، و انه ضاجعها فحملت سفاحا ، الى آخرالقصة.
و يظهر من مقارنة رواية وهب هذه بما جاء في خبر داود في سفر صموئيل من التوراة انه اخذبعض القصة من التوراة و بعضا آخر منها من كتب اسرائيلية اءخرى كان قراءها ـ كما كان يخبرعن قراءته اياها ـ ، و هذا النوع من الروايات سمي في علم دراية الحديث ب : الروايات الاسرائيلية اوالاسرائيليات.
ثانيا ـ رواية الحسن البصري : ان موجز رواية البصري هو موجز رواية وهب نفسه ، غير ان البصري اضاف في اول القصة : ان داود كان قد جزا الدهر اربعة ايام ، و لسنا ندري هل اضافه اليها من خياله و ابتكاره ، او انه اخذه من راو آخر من رواة الاسرائيليات ؟ و على اي حال ، لم يذكر البصري سند روايته هذه ، و انما ارسلها ارسالا ، و لو انه حين رواها ذكرمصدرها و قال : انه رواها من وهب من منبه ، او غيره من رواة الروايات الاسرائيلية ، لهان الامر وتمكن الباحثـون من العثور على مصدر الرواية و ادركوا بسهولة انها من الروايات الاسرائيلية ، وبارسالها الرواية غم امر الرواية على الباحثين ، و بما انه امام الائمة في العقائد في مدرسة الخلفاء ، فقد كان لروايته اثر مضاعف على فهم العقائد الاسلامية.
و جل رواة الروايات الاسرائيلية يفعلون ما فعله البصري ويرسلون ما يروونه من الروايات الاسرائيلية دون ذكر مصدر الرواية ، و من ثم يغم امر تلك الروايات على غير اهل دراية الحديث.
ثالثا ـ رواية يزيد الرقاشي : ان يزيد بن ابان قال : انه سمعها من الصحابي انس الذي سمعها من رسول الله (ص) ، و بذلك كذب على انس و على رسول الله (ص) ، و هو الزاهد العابد البكاء ، و كم يكون اثر رواية يرويهاامثال يزيد من العبادفي وعظهم و قصصهم ؟ الرقاشي اسند ما سمعه من الحسن البصري الى الصحابي انس الى رسول الله (ص) ، و ياتي بعدهم المفسرون امثـال الطبري ( 310ه ) الى السيوطي ( 911ه ) و يوردون تلك الاساطير في تفاسيرهم.
و الامر لا يقتصر على من ذكرناهم هنا من رواة الروايات الاسرائيلية ، بل يتعداهم الى غيرهم من صحابة و تابعين ، مثل :
1 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص : الذي اصاب راحلتين من كتب اهل الكتاب في بعض الغزوات ، و كان يروي عنهما دونما ذكر لمصدر رواياته.
2 ـ تميم الداري : الذي اسلم بعد ان كان راهب النصارى ، وكان يقص في مسجد الرسول (ص) يوم الجمعة قبل خطبة عمر بن الخطاب ، و يقص يومين في الاسبوع على عهد عثمان.
3 ـ كعب الاحبار : كان قد اسلم على عهد عمر ، و اصبح من علماء المسلمين على عهد عمر وعثمان.
ثم من اخذ من هؤلاء و الف تفسير القرآن مثل :
4 ـ مقاتل بن سليمان المروزي الازدي بالولاء ( 150ه ) .
كان مشهورا بتفسير كتاب الله ، و قال الشافعي : الناس كلهم عيال على ثلاثة : على مقاتل بن سليمان في التفسير ، و على زهير بن ابي سلمى في الشعر ، و على ابي حنيفة في الكلام.
كم يا ترى دس مقاتل من الاسرائيليات في رواياته التي اعتمدوها ، و كم اختلق مما روى واسند؟ (1) .
نتيجة الدراسة : نقل وهب الرواية المفتراة على نبي الله داود (ع) من كتب اهل الكتاب و صرح بمصدرها ، ورواها الحسن و ارسلها دون الاشارة الى مصدرها ، و دلس المحدث القاص الزاهد العابد البكاءيزيد بن ابان و قال : سمعها انس من رسول الله (ص) .
و لا يقتصر هذا النوع من التدليس و اسناد الروايات الاسرائيلية الى الصحابة بهذا المورد وحده ، و الى هذا الصحابي وحده ، فقد اكثروا في اسناد امثالها الى الصحابي ابن عم النبي (ص) عبد الله بن عباس ، و نحتاج لدراستها الى بحوث مقارنة مبسوطة ، و بمراجعة الصفحة الاخيرة من تفسيرالسيوطي الدر المنثور ينكشف لنا بعض الامر.
و هكذا نجد منشا الخبر المفترى على داود (ع) قصص التوراة ، و كذلك تسربت الاخبارالاسرائيلية الى تفسير القرآن ، فكونت للمسلمين رؤية غير صحيحة عن سيرة الانبياء ، و كان ذلكم خبر زواج داود (ع) بارملة اوريا و ما افتروا عليه في ذلك ، ومنشاءه ، و الصحيح من خبره ، وفي ما ياتي الصحيح من خبر زواج زينب بنت جحش بزيد ثم برسول الله (ص) .
خبر زواج الرسول بزينب بنت جحش في الرواية : قال الخازن في تفسير آية : ( و تخفي في نفسك ... ) .
و اصح ما في هذا الباب ما روي عن سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : سالني زين العابدين علي بن الحسين قال : ما يقول الحسن ـ اي البصري ـ في قوله تعالى : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله احق ان تخشاه ) ؟ قلت : يقول : لما جاء زيدالى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله فقال علي بن الحسين : ليس كذلك ، فان الله عز و جل اعلمه انها ستكون من ازواجه ، و ان زيدا سيطلقها ، فلما جاء زيد قال : اني اريد ان اطلقها ، قال له : امسك عليك زوجك ، فعاتبه الله و قال : لم قلت امسك عليك زوجك و قد اعلمتك انها ستكون من ازواجك ؟.
قال الخازن : و هذا هو الاولى و الاليق بحال الانبياء ، و هو مطابق للتلاوة ... .
و تفصيل خبر زواج زينب بزيد اولا ثم بالنبي (ص) في الايات و الروايات كالاتي : الايات في خبر زواج الرسول (ص) بزينب بنت جحش قال الله سبحانه في سورة الاحزاب : ( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضى الله و رسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص و اذ تقول للذي انعم الله عليه و انعمت عليه امسك عليكالله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا زوجك و اتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله احق اءن تخشاه فلماقضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوامنهن ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله فيوطرا و كان امر الله مفعولا الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لاالذين خلوا من قبل و كان امر الله قدرا مقدورا ما كان محمد ابا احد من رجالكم و لكن رسول الله ويخشون احدا الا الله و كفى بالله حسيبا خاتم النبيين و كان الله بكل شي ء عليما ) (2) تاويل الايات في روايات مدرسة الخلفاء : روى الطبري في تاويل الاية عن وهب بن منبه : ان النبي (ص) كان قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته ، فخرج رسول الله (ص) يوما يريده ، و على الباب ستر من شعر ، فرفعت الريح الستر فانكشف و هي في حجرتها حاسرة ، فوقع اعجابها في قلب النبي (ص) ، فلما وقع ذلك كرهت الى الاخر ، فجاء زيد فقال : يا رسول الله (ص) اني اريد ان اءفارق صاحبتي ، قال : مالك ؟ ارابك منها شي ء؟ قال : لا و الله ما رابني منها شي ء يا رسول الله و لا رايت الا خيرا ... الحديث (3) .
و وردت ـ ايضا ـ رواية اءخرى في هذا الصدد بالمضمون نفسه عن الحسن البصري ، سوف نوردها ضمن روايات اهل البيت في تاويل الايات ان شاء الله تعالى.
دراسة الروايتين :
ا ـ سندهما : نقلوا الروايتين عن وهب بن منبه و الحسن البصري ، و نضيف الى ما اوردناه في ترجمتها : ان كليهما كانا قد ولدا بعد رسول الله (ص) باعوام ، فكيف يرويان عما حدث في عصر رسول الله (ص) ويرسلانه ارسالا دونما ذكر مصدرهما؟
ب ـ متنهما : محور الخبر ان الرسول (ص) اعجبه جمال زينب عندما رآها بغتة بلا حجاب ، و رغب في طلاق زيد اياها ، و اخفى ذلك في نفسه.
و بيان زيف ذلك : ان زينب كانت ابنة عمة النبي (ص) ، و قد نزل حكم الحجاب بعد زواج الرسول (ص) بزينب ، و كان قد رآها قبل ان يتزوجها من زيد مرارا و تكرارا ، و قد افترى على رسول الله (ص) من قال ذلك ، و الصحيح في الخبر ما ننقله عن كتب السيرة في ما ياتي باذنه تعالى : خبر زواج زينب بزيد اولا ثم النبي (ص) بعد طلاق زيد اياها : كان من خبر زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي انه اصابه سباء في الجاهلية و بيع في بعض اسواق العرب ، فاشتري لخديجة ، ثم وهبته خديجة للنبي (ص) قبل ان يبعث و هو ابن ثماني سنين ، فنشا عند النبي (ص) ، و بلغ الخبر اهله ، فقدم ابوه و عمه مكة لفدائه ، فدخلا على النبي (ص) و قالا : يا ابن عبد المطلب فدائه اءدعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكم ، و ان اختارني فو الله ما اءنا بالذي اختار على من اختارني احدا ، قالا : زدتنا على النصف و احسنت ، فدعاه رسول الله (ص) فقال : هل تعرف هؤلاء؟ قال : نعم هذا ابي ، و هذا عمي و ما انا بالذي اختار عليك احدا ، انت مني مكان الاب والعم على الحرية و على ابيك و اهل بيتك ؟ قال : نعم ، ورايت من هذا الرجل شيئا ما انا بالذي اختار عليه احدا ابدا ، فلما راى رسول الله (ص) ذلك اخرجه الى الحجر ـ في بيت الله ـ فقال : يا من حضر اشهدوا ان زيدا ابني يرثني و ارثه ، فلماراى ذلك ابوه وعمه طابت نفوسهما و انصرفا (4) .
و نسب زيد بعد ذلك الى رسول الله (ص) و قيل له : زيد ابن محمد (ص) ، و زوجه الرسول (ص) من امته و حاضنته السوداء الحبشية ، و كانت قد تزوجت قبله من عبيد الحبشي و ولدت له ايمن فكنيت باءم اءيمن ، فولدت في مكة اءسامة من زيد (5) .
كان ذلكم خبر تبني الرسول (ص) لزيد ، ثم تزوج النبي (ص) زينب كالاتي خبره : خبر زواج زيد من زينب ابنة عمة الرسول (ص) : بعد الهجرة الى المدينة خطب زينب ابنة اميمة ابنة عبد المطلب عدة من اصحاب النبي (ص) ، فارسلت اخاها الى النبي (ص) تستشيره في امرها ، فقال : فاين هي ممن يعلمهاكتاب ربها و سنة نبيها؟ فسالت : من هو؟ فقال : زيد اناخير منه حسبا ، فانزل الله تعالى : ( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا اءن يكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) (6) ، فرضيت ، فزوجها الرسول (ص) من زيد بعد ام ايمن السوداء الحبشية ، و لها اءسامة بن زيد ، فكانت تعلو على زيد و تشتد و تاخذه بلسانها ، فكان يشكوها الى الرسول (ص) و يحاول تطليقها ، و اقتضت مشيئة الله وحكمته ان يتزوجها الرسول (ص) بعد زيد ليلغي بذلك التبني بين المسلمين ، و اشعره الوحي بذلك ، فخشي الرسول (ص) ان يقول الناس : تزوج حليلة ابنه ، فكتم الوحي في نفسه و قال لزيد : اتق الله و امسك عليك زوجك ، و لما ضاق زيد ذرعا بزوجته زينب طلقها و انقضت عدتها ، فنزلت الايات على الرسول (ص) مرة واحدة تخبر عما وقع و تبين حكم المتبني في شريعة الاسلام.

1 ـ راجع ترجمة تاريخ بغداد 12 : 169 ـ 160 رقم الترجمة 7142 , وفيات الاعيان
2 ـ الايات 4036.
3 ـ تفسير الطبري 22 : 11 ـ 10 ط.دار المعرفة , بيروت .
4 ـ اءسد الغابة 2 : 224 ـ 227.
5 ـ ترجمة اءم اءيمن في اءسد الغابة 7 : 303 , و الاستيعاب : 765 رقم الترجمة 2 , والاصابة
6 ـ الاحزاب /36.

زكي الياسري
13-01-2010, 02:34 AM
... ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم ... ما كان محمد ابا احد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين ... ) ( الايات 37 ـ 40 ) .
و قال عز اسمه لسائر المؤمينن : ( و ما جعل ادعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بافواهكم و الله اءدعوهم لا بائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهميقول الحق و هو يهدي السبيل فاخوانكم في الدين و مواليكم ) (1) اوردنا في ما سبق مثالين من آيات اخطا العلماء في تاويلها بسبب ما ورد في روايات مفتراة على الانبياء ، و نورد في ما ياتي امثلة من آيات اخطا البعض في تاويلها دونما استناد الى رواية :
آيات اخطاوا في تاويلها (http://www.rafed.net/books/aqaed/esma-anbia/index.html)
ا ـ نسبة العصيان الى آدم (ع) في سورة طه حيث قال تعالى : ( و عصى آدم ربه فغوى ) (2)
ب ـ في سورة الانبياء : حيث قال ابراهيم عن تكسير الاصنام : ( بل فعله كبيرهم ) ، في حين انه هو الذي كان قد كسرها ، كما قال سبحانه : قالوا من فعل هذا بلهتنا انه لمن الظالمين ( فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون قالواقالوا فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدونقالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم فرجعواقال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا ينطقون ت اانت فعلت هذا بلهتنا يا ابراهيم ثـم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ماالى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون هؤلاءينطقون ) (3)
ج ـ اخبر الله سبحانه في سورة يوسف (ع) ان وزعته (4) قالوا لاخوته : ( انكم لسارقون ) ، في حين انهم لم يكونوا قد سرقوا صواع الملك ، حيث قال تعالى : قالوا ت ( فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل اخيه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقونقلوا نفقد صواع الملك و لمن جاء به حمل بعير و انا به زعيمو اقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبينقالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الا رض و ما كنا سارقين فبدا باوعيتهم قبل وعاءقالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالميناخيه ثم استخرجها من وعاء اخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان لياءخذ اخاه في دين الملك الاان يشاء قالوا ان يسرق فقد سرق اخ له من قبلالله نرفع درجات من نشاء و فوق كل ذي علم عليم قالوا ياايهافاسرها يوسف في نفسه و لم يبدها لهم قال انتم شر مكانا و الله اعلم بما تصفون العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين ) (5)
د ـ اخبر الله سبحانه في سورة الانبياء ان النبي ذا النون (ع) ظن ان الله لن يقدر عليه حيث قال تعالى : ( و ذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمينفاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين ) (6)
ه ـ اخبر الله تعالى في سورة الفتح انه سبحانه غفر بعد الفتح ما تقدم من ذنب خاتم الانبياء و ماتاخر ، و قال سبحانه و تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر و يتم نعمته عليك ويهديك ( انا فتحنا لك فتحا مبينا صراطا مستقيماو ينصرك الله نصرا عزيزا ) (7) هذه الى آيات اءخرى لم يفطنوا الى تاءويلها ، و سندرسها بعد تفسير الكلمات و بعض المصطلحات في ما ياتي باذنه تعالى : تفسير بعض الكلمات و المصطلحات : اولا : تعريف مصطلحات البحث : ا ـ اوامر الله و نواهيه : من اوامر الله و نواهيه ما تظهر آثـار مخالفتها في الحياة الدنيا فحسب و لا تتعداها الى الحياة الاخرة ، مثل ما ورد في قوله تعالى : ( كلوا و اشربوا و لا تسرفوا ) (8) و الاسراف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان ، مثل تجاوزه الحد في تناول الطيبات من الماكول و المشروب ، و يرى الانسان اثر مخالفته لهذا النوع من اوامر الله و نواهيه في الحياة الدنيا و لا يتعداها الى الاخرة ، و يسميان امرا ارشاديا و نهيا ارشاديا.
و منها ما يوجب فعل المامور به و يحرم تركه و يحرم فعل المنهي عنه ، و هذان تمتد آثارمخالفتهما على الانسان الى يوم القيامة و تسبب له العذاب ، و يسميان بالامر و النهي المولويين.
مثل :
ب ـ ترك الاولى : في ما يصدر من الانسان من عمل ما يكون فعل خلافه وضده افضل ، مثل الموردين الاتيين من افعال انبياء الله تعالى المذكورة في القرآن الكريم.
ج ـ المعصية : عصى امره يعصيه عصيانا و معصية : خرج من طاعته و لم ينفذ امره ، فهو عاص و عصي.
و لفظ ( الامر ) قد ياتي في الكلام بعد ذكر مشتقات المعصية ، مثل ما جاء :
1 ـ سورة الكهف في حكاية قول موسى لمن اراد ان يصحبه : ( ستجدني ان شاء صابرا و لا اعصي لك امرا ) (9)
2 ـ في وصف الملائكة الموكلين بالنار في سورة التحريم : ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ( الاية 6 ) .
و لا ياتي لفظ الامر في الكلام ـ غالبا ـ بوضوح المعنى مثل قوله تعالى في سورة طه : ( فعصى آدم ربه ) (10) و احيانا لا يذكر من عصى امره مثـل قوله تعالى في ما جاء عن خبر فرعون في سورة النازعات : ( فكذب و عصى ) (11)
د ـ الذنب : ان حقيقة الذنب هو تبعة كل عمل يصيب الانسان في المستقبل ، و قد تخص هذه التبعة بعض الاعمال في الدنيا ، و ترد على الانسان ممن يقدرون على الاضرار بالانسان ، كما جاء في حكاية قول موسى (ع) في مناجاة ربه في سورة الشعراء : قال رب اني اخافقوم فرعون الا يتقون ( و اذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الطالمين و لهم علي ذنب فاخافو يضيق صدري و لا ينطلق لساني فارسل الى هارونان يكذبون ان يقتلونقال كلا فاذهبا بياتنا انا معكم مستمعون ) (12) فان فعل موسى كان قتله القبطي الذي جاء خبره في الايات من سورة القصص : ( و دخل المدينة على حين غفلة من اهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان انه قال رب بماقال رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له انه هو الغفورالرحيمعدو مضل مبين فاصبح في المدينة خائفايترقب فاذا الذي استنصره بالاانعمت علي فلن اكون ظهيرا للمجرمين فلما ان اءراد اءن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يامس يستصرخه قال له موسى انك لغوي مبين موسى اتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالا مس ان تريد الا اءن تكون جبارا في الا رض و ما تريد ان و جاء رجل من اقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملا ياتمرون بكتكون من المصلحين فخرج منهاخائفا يترقب قال رب نجني من القومليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين الظالمين ) (13) و كان لفعله ـ قتله القبطي ـ تبعة في الدنيا ، و هي ائتمار قوم فرعون لقتله.
و تبعة عصيان اوامر الله و نواهيه المولوية تصيب الانسان في الاخرة ، و احيانا في الدنيا والاخرة ، و هي ذنوب العبد تجاه ربه جل اسمه.
ثانيا : شرح بعض الكلمات :
ا ـ ذا الا يد : آد ، يئيد ، ايدا : اشتد و قوي ، و ذا الايد : صاحب القوة.
ب ـ اواب : اوب تاويبا : رجع فهو اواب ، و الاواب كالتواب : الراجع الى الله بترك معاصيه و فعل طاعاته.
ج ـ تشطط : الشطط : الجور في الحكم و تجاوزه القدر المحدود في كل شي ء.
د ـ اكفلنيها : كفله كفلا و كفالة : عاله و رعاه ، و اكفلنيها : اعطني اياها لارعاها.
ه ـ عزني في الخطاب : عزه و عازه : غلبه ، و عزني في الخطاب : غالبني في الكلام.
و ـ الخلطاء : مفرده الخليط : الصديق و المجاور و الشريك.
ز ـ ظن : الظن ما يحصل عن امارة ، و قد يبلغ الظن درجة اليقين مثل قوله تعالى : ( و ظن داود انما فتناه ) اي ايقن انا فتناه ، و قد لا يبلغه و يكون دونه الى حد التوهم ، مثل قوله تعالى في خبريونس (ع) : ( فظن ان لن نقدر عليه ) .
ح ـ فتناه : الفتنة : الامتحان ، و يكون المعنى : ايقن داود انا امتحناه.
ط ـ خر : خر : سقط من علو ، و خر راكعا : اي هوى الى الركوع.
ي ـ اناب : ناب الى الشي ء نوبا و نوبة : رجع اليه مرة بعد اءخرى ، و اءناب العبد الى الله : رجع اليه بالتوبة من المعصية ، و كذلك اعتمد عليه في ما ينزل به ، و كان ابراهيم (ع) منيبا يرجع اليه في اءموره كلها.
ك ـ فغفرنا و ليغفر : غفره مغفرة و غفرا و غفرانا : ستره و غطاه فهو غافر و غفور ، و للمبالغة غفار ، و كل شي ء سترته فقد غفرته ، و سمي ما ينسج من الدروع على قدر الراس و يلبس تحت القلنسوة بالمغفر لانه يستر الراس و الرقبة ، و غفر الله ذنوبه : اي سترها ، و يكون ذلك بمحو آثار الذنوب في الدنيا وآثارها في الاخرة.
ل ـ لزلفى : زلف اليه زلفا ، زلفى ، و زلفة ، و ازدلف : دنا منه و تقرب ، والزلفة : القرب.
م ـ مب : آب يؤوب اوبا و ايابا و مبا : رجع ، و المب : اسم زمان ومكان للاوب.
ن ـ خليفة : ليس معنى خليفة الله في القرآن نوع الانسان على الارض كما قيل ، بل المراد : الامام المنصوب من قبل الله لهداية الناس و ليحكم بين الناس ، كما يظهر ذلك في قوله تعالى لداود (ع) : ( يا داودانا جعلناك خليفة في الا رض فاحكم بين الناس بالحق ) .
س ـ الخيرة : خار الشي ء على غيره خيرة و خيرة و خيرا : فضله على غيره.
ع ـ وطرا : الوطر : حاجة للانسان له عناية بها و اهتمام فاذا بلغها و نالها قيل : قضى وطره.
ف ـ ادعياؤهم : الادعياء : مفرده الدعي : من ينسب الى قوم و ليس منهم ، واظهر مصاديقه مصاديقه : المتبنى.
ص ـ سنة الله : النظام الذي قدره الله لخلقه ، و ( سنة الله في الذين خلوا ) اي حكم الله و شريعته التي انزلها على من سبق خاتم الانبياء من الرسل.
ق ـ قدرا مقدورا : قدر الله الامر يقدره : دبره او اراد وقوعه ، و قدر الله الرزق يقدره جعله محدودا ضيقا.
ر ـ جذاذا : جذ الشي ء جذا : قطعه ، فالشي ء مجذوذ ، و جذه كسره و فتته ، و الجذاذ المقطع او المكسر.
ش ـ فتى : الفتى : الشاب من كل شي ء ، و يقال للعبد و الامة تلطفا بهما ، و الفتى : الكامل من الرجال ، و المرادبه هنا الشاب من الرجال.
ت ـ نكسوا : نكس راسه و نكس على راسه : طاطا راءسه ذلا و انكسارا.
ض ـ السقاية : السقاية : الاناء يسقى به و قد يكال به.
ظ ـ العير : القوم معهم حملهم من الميرة ، و قد يقال للرجال و الجمال معا ، كما يقال لكل منهما وحده : العير.
غ ـ صواع : المراد بالصواع هنا : صاع الملك و هو السقاية المذكورة قبله.
خ ـ زعيم : زعم يزعم زعما و زعامة : ضمن و كفل فهو زعيم.

1 ـ الاحزاب /4 ـ 5.
2 ـ الاية 121.
3 ـ الايات 58 ـ 65.
4 ـ الوزعة : الموظفون من قبل ولاة الامر .
5 ـ الايات 78 ـ 70.
6 ـ الايات 86 ـ 88.
7 ـ الايات 1 ـ 3.
8 ـ الاعراف / 31.
9 ـ الاية 69.
10 ـ الاية 121.
11 ـ الاية 2.
12 ـ الايات 15 ـ 10.
13 ـ الايات 15 ـ 21.

زكي الياسري
13-01-2010, 02:34 AM
ثالثا : تاويل الايات : في بيان تاويل الايات نبدا اولا ببيان تاويل بعض الموارد ، حسب معناها اللغوي ، و ثانيا بايرادالروايات عن ائمة اهل البيت (ع) في ذلك.
تاويل الايات بحسب معنى الالفاظ في لغة العرب :
ا ـ خبر ابراهيم (ع) في كسر الاصنام : في قوله تعالى ( بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم ان كانوا ينطقون ) (1) تورية ، و المعنى في الكلام : فعله كبيرهم ان كانوا ينطقون ، و يعرف ذلك من قوله تعالى بعده ( لقد علمت ما هؤلاءينطقون ) (2)
ب ـ خبر يوسف مع اخوته : قصدوا من قولهم لاخوة يوسف ( ايتها العير انكم لسارقون ) انهم سرقوا يوسف (ع) من ابيه.
اما صواع الملك فقد قالوا عنه ( نفقد صواع الملك ) ، و لم يقولوا سرق صواع الملك ، و في هذاالكلام ـ ايضا ـ تورية كما اتضح مما بيناه (3) .
ج ـ خبر رسول الله بعد الفتح : قال سبحانه في سورة الفتح : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر و يتم نعمته عليك ويهديك ( انا فتحنا لك فتحا مبيناو ينصرك الله نصرا عزيزاهو الذي انزل السكينة ... ) (4) صراطا مستقيما تفسير الكلمات :
ا ـ فتحنا : المراد بالفتح هنا : صلح الحديبية ، و قد سماه الله فتحا لما اعقب من كسر شوكة قريش ، و عدم استطاعتهم مناواة الرسول (ص) و تجهيز الجيوش لمحاربته ، و فتح الرسول (ص) مكة بعدذلك.
ب ـ ليغفر : في اللغة غفر الشي ء : ستره.
ج ـ ذنبك : قال الراغب : الذنب في الاصل الاخذ بذنب الشي ء ، يقال : اذنبته ، اي : اصبت ذنبه ، و يستعمل في كل فعل يستوخم عقباه ، ولهذا يسمى الذنب : تبعة اعتبارا بذنب الشي ء ، و جمع الذنب : ذنوب.
تاويل الاية بحسب معناها اللغوي : كان من خبر صلح الحديبية ما رواه الواقدي في المغازي وقال ما موجزه : وثب عمر الى رسول الله (ص) ، و قال : السنا بالمسلمين ؟ قال (ص) : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ فقال رسول الله (ص) : انا عبد الله و رسوله و لن اءخالف اءمره و لن يضيعني ، وجعل عمر يرد على رسول الله (ص) الكلام ، و تكلم مع ابي بكر وابي عبيدة في ذلك فردا عليه ، وكان يقول بعد ذلك : لقد دخلني يومئذ من الشك و راجعت النبي (ص) مراجعة ما راجعته مثلهاقط ... الخبر (5) .
و نزلت السورة تعلم بان الصلح فتح للرسول و للمسلمين ، وان ما كان المشركون يعدونه ذنباللرسول في ما تقدم من قيامه بمكة بتسفيه احلامهم و عيب آلهتهم ، و في ما تاخر من قتله اياهم في غزوة بدر و غيرها ، قد ستر الله جميعها بذلكم الصلح الذي انتج كل تلكم الفتوح ، و ان قوله تعالى في هذه السورة : ( ما تقدم من ذنبك و ما تاخر ) كقوله تعالى في حكاية قول الكليم موسى بن عمران (ع) في سورة الشعراء : ( و لهم علي ذنب فاخاف ان يقتلون ) (6) و بناء على ما ذكرناه يكون ذنب الرسول في مقابل قومه كذنب موسى (ع) في مقابل الاقباطبمصر.
نكتفي بهذا المقدار من بيان تاويل الايات بحسب معناها اللغوي ، ونورد في ما ياتي بحوله تعالى تاويل الايات من الروايات : تاويل الايات في روايات ائمة اهل البيت (ع) روى الصدوق ان المامون العباسي جمع للامام علي بن موسى الرضا (ع) اهل المقالات من اهل الاسلام و الديانات من اليهود والنصارى و المجوس و الصابئين ، و كان فيهم علي بن الجهم من اهل المقالات الاسلاميين ، فسال الرضا (ع) و قال له : يا ابن رسول الله الانبياء عزوجل : ( وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه ) ؟ و قوله في يوسف : ( و لقد همت به وهم بها ) ؟ و قوله عز و جل في داود : ( و ظن داود انما فتناه ) ؟ و قوله في نبيه محمد (ص) : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس والله احق ان تخشاه ) ؟ فقال مولانا الرضا (ع) : ويحك يا علي الله برايك ، فان الله عز وجل يقول : ( و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون في العلم ) .
اما قوله عز و جل في آدم (ع) : ( و عصى آدم ربه فغوى ) ، فان الله عز و جل خلق آدم حجة في ارضه ، و خليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، و كانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض ، لتتم مقادير امر الله عز و جل ، فلما اءهبط الى الارض و جعل حجة و خليفة عصم بقوله عز وجل : ( ان الله اصطفى آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران على العالمين ) .
و اما قوله عز و جل : ( و ذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه ) ، انما ظن اءن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ، الا تسمع قول الله عز و جل : ( و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) ؟ اي ضيق عليه ، و لو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.
و اما قوله عز و جل في يوسف : ( و لقد همت به و هم بها ) ، فانها همت بالمعصية ، و هم يوسف بقتلها ان اجبرته لعظم ما داخله ، فصرف الله عنه قتلها و الفاحشة ، و هو قوله : ( كذلك لنصرف عنه السوء ) ، يعني القتل ، ( و الفحشاء ) ، يعني الزنا.
و اما داود فما يقول من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن الجهم : يقولون : ان داود كان في محرابه يصلي اذ تصور له ابليس على صورة طيراحسن ما يكون من الطيور ، فقطع صلاته و قام لياخذ الطير ، فخرج الى الدار ، فخرج في اثـره ، فطار الطير الى السطح ، فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار اءوريا بن حنان فاطبلع داود في اءثـرالطير فاذا بامراة تغتسل ، فلما نظر اليها هواها ، و كان اءوريا قد اءخرجه في بعض غزواته ، فكتب الى صاحبه ان قدم اءوريا اءمام الحرب ، فقدم ، فظفر اءوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود فكتب الثانية ان قدمه امام التابوت ، فقتل اءوريا رحمه الله ، و تزوج داود بامراءته.
فضرب الرضا (ع) بيده على جبهته و قال : انا للّه و انا اليه راجعون ، لقد نسبتم نبيا من انبياء الله الى التهاون بصلاته حتى خرج في اثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل فقال : يا ابن رسول الله فقال : ويحك ، ان داود انما ظن ان ما خلق الله عز و جل خلقا هو اعلم منه ، فبعث الله عز و جل اليه الملكين فتسورا المحراب فقالا : ( خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لاتشطط و ان هذا اخي له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة فقال اكفلنيها و اهدنا الى سواء الصراط عزني في الخطاب ) ، فعجل داود (ع) على المدعى عليه فقال : ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ) ، فلم يسال المدعي البينة على ذلك ، و لم يقبل على المدعى عليه فيقول : ماتقول ، فكان خطيئته حكمه ، لا ما ذهبتم اليه ، الا تسمع قول الله عز و جل يقول : ( يا داود اناجعلناك خليفة في الا رض فاحكم بين الناس بالحق ) الى آخر الاية ؟.
فقلت : يا ابن رسول الله فما قصته مع اوريا؟ فقال الرضا (ع) : ان المراة في ايام داود كانت اذا مات بعلها او قتل لا تتزوج بعده ابدا ، و اول من اباح الله عز و جل له ان يتزوج بامراة قتل بعلها داود ، فذلك الذي شق على اوريا ... الحديث (7) .
و في خبر داود خاصة عن امير المؤمنين الامام علي (ع) انه قال : ما اوتي برجل يزعم ان داود (ع) تزوج بامراة اوريا الا جلدته حدين ، حدا للنبوة ، و حداللاسلام (8) .
و المعنى : من قال ان داود تزوج بامراة اوريا ، اي : قبل استشهاده.
و في رواية : من حدث بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة و ستين.
و في رواية : و هو حد الفرية على الانبياء (9) .
و روى الصدوق ـ ايضا ـ عن الامام الصادق (ع) مثل الوراية الاولى ، و في رواية قال : ان المراة في ايام داود (ع) كانت اذا مات بعلها او قتل لا تتزوج بعده ابدا ، و اول من اباح الله عز و جل له ان يتزوج بامراة قتل بعلها داود (ع) ، فتزوج بامراة اوريا لما قتل و انقضت عدتها ، فذلك الذي شق على الناس من قتل اوريا (10) .
و لو قيل : ان ما اوردتموه معارض بما رواه القمي في تفسيره انه قال ما موجزه : ان داود (ع) كان في محرابه يصلي ، فاذا بطائر قد وقع بين يديه ، فاعجبه جدا و نسي ما كان فيه ، فقام لياخذه ، فطار فوقع على حائط بين داود و اوريا ـ كان داود قد بعثه في بعث ـ فصعد داودالحائط لياخذه ، فراى امراة جالسة تغتسل ، فلما رات ظله نشرت شعرها و غطت به بدنها ، فافتتن بها داود و رجع الى محرابه ، و كتب الى صاحبه في ذلك البعث ان يسيروا الى موضع كيت و كيت و يوضع التابوت بينهم و بين عدوهم و يقدم اوريا بين يدي التابوت ، فقدمه فقتل ... الحديث بطوله (11) .
قلنا : ان هذه الرواية قد جمع فيها راويها الروايات المتعددة الواردة في تفسير الايات بتفاسيرمدرسة الخلفاء ، و اضاف اليها من خياله بعض القول ، ثم رواها عن الامام الصادق (ع) .
و نحن ندرس متن الرواية دون التعرض لسندها و نقول : ورد بخصوص خبر اوريا عن الامام الصادق (ع) انه عندما سئل عنه و قال له الراوي : ما تقول في ما يقول الناس في داود و امراة اوريا؟ فقال : ذلك شي ء تقوله العامة (12) .
في هذا الحديث صرح الامام الصادق (ع) بان منشا قول اناس في داود و ارملة اوريا هم العامة ، اي اتباع مدرسة الخلفاء.
اذا من الروايات بالروايات المنتقلة ، اي المنتقلة من مدرسة الخلفاء الى مدرسة اهل البيت (13) .
و اذا بحثـنا عن مصدر هذه الرواية بكتب التاريخ و التفسير بمدرسة الخلفاء (14) وجدنا ان رواة هذه الرواية لم يرووها عن رسول الللّه (ص) و لم يقولوا ان رسول الله (ص) قال ذلك ، ما عدارواية واحدة رواها السيوطي في تفسير الاية عن يزيد الرقاشي عن انس ، و قد بينا في هذاالبحث زيفها في ما سبق.
في قصة زيد و زينب : كسر الرسول (ص) بتزويجه زينب من زيد قانون التكافؤ في النسب من اعراف الجاهلية و استبدله بقانون التكافؤ في الاسلام ، و بعد هذا الانجاز العظيم امره الله تعالى ان يكسر ـ بزواجه من مطلقة زيد ـ قانون التبني من اعراف الجاهلية ، و في عمله هذا شابه عمل النبي داود (ع) في زواجه بارملة اوريا وتبديله بذلك قانونا جاهليا بقانون اسلامي ، و كذلك يفعل الانبياء في اجراء الاحكام الاسلامية ، و هكذا فعل الرسول (ص) ـ ايضا ـ في ابطاله قانون الرباو قانون اخذ الثـار الجاهليين في حرجة الوداع بابطال ربا عمه العباس و اهدار دم ابن عمه (15) .
هذه هي الحقيقة في امر زواج النبي داود (ع) بارملة اءوريا وزواج خاتم الانبياء (ص) بمطلقة ابنه المتبنى زيد ، غير ان انتشار الروايات الاسرائيلية في تاويل قصص الانبياء السابقين ، و الروايات المختلقة في تاويل ما عداها في بعض كتب التفسير و بعض مصادر الدراسات الاسلامية الاخرى حجبت رؤية الحق عن الباحثين ، وجعلت من الباطل حقا و من الحق باطلا ، و اشتهرت تلك الروايات و راجت في الاوساط الاسلامية لما كان فيها من تبرير لتورط بعض افراد السلطان الحاكمة في قضايا شهوة الجنس ، كما ان صدور المعاصي من امثال يزيد بن معاوية و اشباهه من خلفاء بني مروان بعده و نظائرهم هو الداعي لعامة ما نسب الى الانبياء والرسل ـ صلوات الله عليهم ـ من المعاصي و نفي العصمة عنهم ، وتاويلهم الايات في حقهم بما يدفع النقد عن بعض الخلفاء.

1 ـ الانبياء / 63.
2 ـ الاية 65.
3 ـ مجمع البيانت في تفسير القرآن 3 : 252.
4 ـ الايات 1 ـ 4.
5 ـ نقلته بايجاز من مغازي الواقدي 1 : 606 ـ 607.
6 ـ الاية 14.
7 ـ البحار 11 : 73 ـ 74 , عن امالي الصدوق 55 ـ 57 و طبعة اءخرى : 92 ـ 90 , و عيون
8 ـ تفسير الاية بتفسير مجمع البيان , و نور الثقلين , و تنزيه الانبياء للشريف المرتضى : 92.
9 ـ تفسير الاية بتفسير الخازن 4 : 35 , و الفخر الرازي 25 : 192 , و نور الثقلين 4 : 446.
10 ـ البحار 14 : 24 , و راجع تفسير نور الثقلين 4 : 446 نقلا عن عيون الاخبار.
11 ـ البحار 14 : 23 ـ 20 , عن تفسير القمي : 562 ـ 565 , و التتمة في كتاب الاسرائيليات و
12 ـ البحار 14 : 200.
13 ـ راجع بحث الروايات المنتقلة في : القرآن الكريم و روايات المدرستين ج2 .
14 ـ راجع تفسير الاية في تفسير الطبري , و القرطبي و ابن كثير و السيوطي .
15 ـ في سيرة ابن هشام 4 : 275 ط.مصر عام 1356

المصدر : المكتبه الاسلاميه في شبكة رافد