بنت الهدى/النجف
13-01-2010, 11:20 PM
لا شك ان المسار السياسي الذي انتهجه شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم كان مساراً صعباً ومعقداً وكان لا يخلو من المزالق والمآزق كما كان يؤكد باستمرار(قدس).
وكان هذا المسار ينحو باصحابه مسالك المهالك لو لم يترشد بفقيه مدرك بامور زمانه وملم بحيثيات المكان والحدث وقادر على التمييز بين المصالح والمفاسد وبين اقل المفسدتين او الضررين واهم المنفعتين وهو ما توفر عند شهيد المحراب باعتباره فقيهاً من رؤية اجتهادية في المسائل السياسية والتي لا تتحقق إلا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتقليل المفاسد ودرئها وتعطيلها.
وقد يتصور بعض السياسيين بانه لا داعي او مبرر لوجود فقيه يشرف على المسار السياسي وان العاملين في هذا المسار يدركون المصالح والمفاسد وقد يمكنهم الرجوع الى الفقهاء في القضايا التي يتعذر او يتعسر فهمها.
هذه مغالطة يراد منها تبرير الاخطاء وابعاد المراقبة والمحاسبة عن اداء السياسيين خصوصاً ان هذا الاداء يتعلق بتعقيدات ومستجدات يجعل من الفقه السياسي حاكماً على رؤاها لمساسها بارواح الناس ومصائرهم فليس جميع السياسيين بقادرين على تمييز المصالح والمفاسد فان من المصالح والمفاسد ما هو مدرَك بالاجتهاد لا سيما أن منها ما هو متجدد بتجدد الأزمان ويختلف باختلاف ظروف المكان. والمصالح والمفاسد المدرَكة بالاجتهاد يدخل الخطأ في إدراكها وتصويرها وتحققها في آحاد وأفراد الصور الواقعة كثيراً؛ فقد يُظن ما ليس بمصلحة (حقيقية) مصلحة ينبغي تحصيلها، وقد يظن في الجانب المقابل ما ليس بمفسدةٍ (حقيقية) مفسدةً ينبغي دفعها وإزالتها، ويعظُم هذا الخلط والاضطراب عندما لا تتميز المصالح من المفاسد، فتكون المصلحة المطلوب تحصيلها تكتنفها مفسدة أو عدة مفاسد، وكذلك قد تكون المفسدة المطلوب دفعها مختلطة بمصلحة أو عدة مصالح، ولا يمكن دفعها على الانفراد، فيكون في دفعها دفعاً لتلك المصالح؛ لذلك فإن الفقه في هذا الباب لا يصلح أن يُقْدِم عليه المبتدئون أو السطحيون من السياسيين، وإنما هو في حاجة إلى فقهاء متضلعين تضلعاً كاملاً في فقه الشريعة بمعناه الشامل، إضافة إلى الخبرة الواسعة بالواقع، والالمام بالقواعد الفقهية التي يتحدد من خلالها الاستنباط للمسائل السياسية.
والعمل السياسي ومبرراته الشرعية يتوقف على فهم للقواعد الفقهية كقاعدة) لا ضرر ولا ضرار(و)الضرر يُدفع بقدر الإمكان( و)احتمال أخف الضررين( و(إذا اجتمعت المصلحة والمفسدة فالعمل على أرجحهما) (وتقديم الأهم أو الأوْلى) وهو ما يصطلح عليه في اصول الفقه بفقه التزاحم او فقه الاولويات وكذلك هناك قواعد اعتمدتها الشريعه كمنطقة الفراغ وحفظ النظام العام وغيرها من القواعد تمكن الفقيه من الخوض في الاجتهاد في القضايا السياسية.
وقد تميز شهيد المحراب عن أقرانه من الفقهاء في هذا المجال ( القدرة على استنباط الاحكام السياسية) بل كان الفقيه محصوراً في مجال الاستنباط في المجال العبادي والنأي بنفسها عن الخوض في المسائل السياسية،لاسباب لا مجال لسردها هنا ولكن بشكل اجمالي نشير الى اهمها وهي حالة العداء المستحكم التي صبغت علاقة الشيعة بالأعم الاغلب من السلطات السياسية التي قامت على مر التاريخ الاسلامي، وترجمت من قبلهم بمزيد من الايغال في الانغلاق والتقية فيما خص المحور السياسي من جهة وغياب التجربة السياسية في الحكم وانشغال الفقهاء بمواجهة تحديات موضوعية عديدة، أملت عليهم التنظير لقواعد عامة تلبي كل احتياجات مذهبهم على المستويين العقائدي والفقهي من جهة اخرى.
ومن هنا يتبين المنهج السياسي لشهيد المحراب الذي وضع اسسه وشكل اركانه في ظرف غاية في التعقيد والتحدي وقد تمظهر هذا الجهد بالمنهج السياسي للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم وتأسيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي.
المتتبع لمنهج شهيد المحراب السياسي بتأن وبقراءة واعية يجد عمق هذا المنهج واستحكامه ووضوحه واعتداله وتميزه بالوسطية والتوازن وفق فهم واع للنصوص الشرعية واعمال القواعد الفقهية في تطبيقاتها الواقعية دون افراط او تفريط.
وكان ما يميز هذا المنهج هو استبعاده لكل الاساليب الملتوية والوسائل غير النزيهة كالميكافيلية، والازدواجية في المعايير واستخدام الالاعيب السياسية وفقدان المصداقية.
وما يعزز هذه القناعة هو اصرار شهيد المحراب على منهجه السياسي والجهادي في عهد المعارضة العراقية واستمراره على هذا المنهج برغم اعتراضات واتهامات المغرضين الذين لا يفقهون سوى لغة التشويه والتشويش وذر الرماد بالعيون.
والمسار السياسي الذي انتهجه شهيد المحراب وسار عليه السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كان يتسم بالوضوح والمصداقية والنظرة المعمقة برغم تعقيد المواقف وصعوبة الخيارات وغموض الواقع.
فالمجلس الاعلى الاسلامي العراقي لم تفاجئه المتغيرات في العراق بشكلها العام الاجمالي الا في بعض التفاصيل الجزئية والتي لا يصعب وضع الحلول المناسبة لها.
بل ان شهيد المحراب بحكم بصيرته النافدة ورؤيته المتبصرة ووعيه الاستشرافي لسياقات الحدث السياسي في العراق كان يضع تصورات وافكاراً قد يصعب على غيره هضمها والتعاطي معها بسبب تراكمات الماضي والعزلة الشديدة للفقهاء ولجوئهم للتبتل والتعفف والخوف من الخوض في مسائل فيها افخاخ وشبهات مع ان تفويتها قد فوت علينا في الماضي ويفوت علينا في الحاضر والمستقبل المزيد من المكاسب والانجازات في ادارة الدولة والحكم بعد طيلة ابتعاد قسري عنهما واسئتثار قوى طائفية ومناطقية بالحكم واحتكارهم لمقاليد السلطة طيلة العقود الماضية من الزمن.
وكان هذا المسار ينحو باصحابه مسالك المهالك لو لم يترشد بفقيه مدرك بامور زمانه وملم بحيثيات المكان والحدث وقادر على التمييز بين المصالح والمفاسد وبين اقل المفسدتين او الضررين واهم المنفعتين وهو ما توفر عند شهيد المحراب باعتباره فقيهاً من رؤية اجتهادية في المسائل السياسية والتي لا تتحقق إلا بتحصيل المصالح وتكميلها، وتقليل المفاسد ودرئها وتعطيلها.
وقد يتصور بعض السياسيين بانه لا داعي او مبرر لوجود فقيه يشرف على المسار السياسي وان العاملين في هذا المسار يدركون المصالح والمفاسد وقد يمكنهم الرجوع الى الفقهاء في القضايا التي يتعذر او يتعسر فهمها.
هذه مغالطة يراد منها تبرير الاخطاء وابعاد المراقبة والمحاسبة عن اداء السياسيين خصوصاً ان هذا الاداء يتعلق بتعقيدات ومستجدات يجعل من الفقه السياسي حاكماً على رؤاها لمساسها بارواح الناس ومصائرهم فليس جميع السياسيين بقادرين على تمييز المصالح والمفاسد فان من المصالح والمفاسد ما هو مدرَك بالاجتهاد لا سيما أن منها ما هو متجدد بتجدد الأزمان ويختلف باختلاف ظروف المكان. والمصالح والمفاسد المدرَكة بالاجتهاد يدخل الخطأ في إدراكها وتصويرها وتحققها في آحاد وأفراد الصور الواقعة كثيراً؛ فقد يُظن ما ليس بمصلحة (حقيقية) مصلحة ينبغي تحصيلها، وقد يظن في الجانب المقابل ما ليس بمفسدةٍ (حقيقية) مفسدةً ينبغي دفعها وإزالتها، ويعظُم هذا الخلط والاضطراب عندما لا تتميز المصالح من المفاسد، فتكون المصلحة المطلوب تحصيلها تكتنفها مفسدة أو عدة مفاسد، وكذلك قد تكون المفسدة المطلوب دفعها مختلطة بمصلحة أو عدة مصالح، ولا يمكن دفعها على الانفراد، فيكون في دفعها دفعاً لتلك المصالح؛ لذلك فإن الفقه في هذا الباب لا يصلح أن يُقْدِم عليه المبتدئون أو السطحيون من السياسيين، وإنما هو في حاجة إلى فقهاء متضلعين تضلعاً كاملاً في فقه الشريعة بمعناه الشامل، إضافة إلى الخبرة الواسعة بالواقع، والالمام بالقواعد الفقهية التي يتحدد من خلالها الاستنباط للمسائل السياسية.
والعمل السياسي ومبرراته الشرعية يتوقف على فهم للقواعد الفقهية كقاعدة) لا ضرر ولا ضرار(و)الضرر يُدفع بقدر الإمكان( و)احتمال أخف الضررين( و(إذا اجتمعت المصلحة والمفسدة فالعمل على أرجحهما) (وتقديم الأهم أو الأوْلى) وهو ما يصطلح عليه في اصول الفقه بفقه التزاحم او فقه الاولويات وكذلك هناك قواعد اعتمدتها الشريعه كمنطقة الفراغ وحفظ النظام العام وغيرها من القواعد تمكن الفقيه من الخوض في الاجتهاد في القضايا السياسية.
وقد تميز شهيد المحراب عن أقرانه من الفقهاء في هذا المجال ( القدرة على استنباط الاحكام السياسية) بل كان الفقيه محصوراً في مجال الاستنباط في المجال العبادي والنأي بنفسها عن الخوض في المسائل السياسية،لاسباب لا مجال لسردها هنا ولكن بشكل اجمالي نشير الى اهمها وهي حالة العداء المستحكم التي صبغت علاقة الشيعة بالأعم الاغلب من السلطات السياسية التي قامت على مر التاريخ الاسلامي، وترجمت من قبلهم بمزيد من الايغال في الانغلاق والتقية فيما خص المحور السياسي من جهة وغياب التجربة السياسية في الحكم وانشغال الفقهاء بمواجهة تحديات موضوعية عديدة، أملت عليهم التنظير لقواعد عامة تلبي كل احتياجات مذهبهم على المستويين العقائدي والفقهي من جهة اخرى.
ومن هنا يتبين المنهج السياسي لشهيد المحراب الذي وضع اسسه وشكل اركانه في ظرف غاية في التعقيد والتحدي وقد تمظهر هذا الجهد بالمنهج السياسي للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم وتأسيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي.
المتتبع لمنهج شهيد المحراب السياسي بتأن وبقراءة واعية يجد عمق هذا المنهج واستحكامه ووضوحه واعتداله وتميزه بالوسطية والتوازن وفق فهم واع للنصوص الشرعية واعمال القواعد الفقهية في تطبيقاتها الواقعية دون افراط او تفريط.
وكان ما يميز هذا المنهج هو استبعاده لكل الاساليب الملتوية والوسائل غير النزيهة كالميكافيلية، والازدواجية في المعايير واستخدام الالاعيب السياسية وفقدان المصداقية.
وما يعزز هذه القناعة هو اصرار شهيد المحراب على منهجه السياسي والجهادي في عهد المعارضة العراقية واستمراره على هذا المنهج برغم اعتراضات واتهامات المغرضين الذين لا يفقهون سوى لغة التشويه والتشويش وذر الرماد بالعيون.
والمسار السياسي الذي انتهجه شهيد المحراب وسار عليه السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي كان يتسم بالوضوح والمصداقية والنظرة المعمقة برغم تعقيد المواقف وصعوبة الخيارات وغموض الواقع.
فالمجلس الاعلى الاسلامي العراقي لم تفاجئه المتغيرات في العراق بشكلها العام الاجمالي الا في بعض التفاصيل الجزئية والتي لا يصعب وضع الحلول المناسبة لها.
بل ان شهيد المحراب بحكم بصيرته النافدة ورؤيته المتبصرة ووعيه الاستشرافي لسياقات الحدث السياسي في العراق كان يضع تصورات وافكاراً قد يصعب على غيره هضمها والتعاطي معها بسبب تراكمات الماضي والعزلة الشديدة للفقهاء ولجوئهم للتبتل والتعفف والخوف من الخوض في مسائل فيها افخاخ وشبهات مع ان تفويتها قد فوت علينا في الماضي ويفوت علينا في الحاضر والمستقبل المزيد من المكاسب والانجازات في ادارة الدولة والحكم بعد طيلة ابتعاد قسري عنهما واسئتثار قوى طائفية ومناطقية بالحكم واحتكارهم لمقاليد السلطة طيلة العقود الماضية من الزمن.