المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العفة


عاشق القائم
19-01-2010, 06:53 AM
العفة
وهي: الامتناع والترفع عمّا لا يحل أو لا يجمل، من شهوات البطن والجنس، والتحرر من استرقاقها المُذِل.
وهي من أنبل السجايا، وأرفع الخصائص. الدالة على سمو الايمان، وشرف النفس، وعزّ الكرامة، وقد أشادت بفضلها الآثار:
قال الباقر عليه السلام: «ما من عبادة أفضل عند اللّه من عفة بطن وفرج»(1).
وقال رجل للباقر عليه السلام: «إني ضعيف العمل، قليل الصلاة قليل الصيام، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالاً، ولا أنكح إلا حلالاً. فقال له: وأيّ جهاد أفضل من عفة بطن وفرج»(2).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «أكثر ما تلج به أمتي النار، الأجوفان البطن والفرج»(3)
(1) الوافي ج 3 ص 65 عن الكافي.
(2) البحار م 15 ج 2 ص 184 عن محاسن البرقي وقريب منه في الكافي.
(3) البحار م 15 ج 2 ص 183 عن الكافي.
حقيقة العفة
ليس المراد بالعفة، حرمان النفس من أشواقها، ورغائبها المشروعة، في المطعم والجنس. وإنما الغرض منها، هو القصد والاعتدال في تعاطيها وممارستها، إذ كل إفراط أو تفريط مضر بالانسان، وداع الى شقائه وبؤسه:
فالافراط في شهوات البطن والجنس، يفضيان به الى المخاطر الجسيمة، والأضرار الماحقة، التي سنذكرها في بحث (الشره).
والتفريط فيها كذلك، باعث على الحرمان من متع الحياة، ولذائذها المشروعة، وموجب لهزال الجسد، وضعف طاقاته ومعنوياته.
الاعتدال المطلوب:
من الصعب تحديد الاعتدال في غريزتي الطعام والجنس، لاختلاف حاجات الأفراد وطاقاتهم، فالاعتدال في شخص قد يعتبر إفراطاً أو تفريطاً في آخر.
والاعتدال النِّسبِي في المأكل هو: أن ينال كل فرد ما يقيم اوَدَهُ ويسدّ حاجته من الطعام، متوقياً الجشع المقيت، والامتلاء المرهق.
وخير مقياس لذلك هو ما حدّده أمير المؤمنين، وهو يحدث إبنه
الحسن عليه السلام: «يا بني الا اُعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين. قال: لاتجلس على الطعام إلا وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام الا وأنت تشتهيه، وجوّد المضغ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء، فاذا استعملت هذا استغنيت عن الطب».
وقال: إنّ في القرآن لآية تجمع الطب كله: «كلوا واشربوا ولا تسرفوا»
(الأعراف: 31)(1)
والاعتدال التقريبي في الجنس هو تلبية نداء الغريزة، كلما اقتضتها الرغبة الصادقة، والحاجة المحفزة عليه.
محاسن العفة:
لا ريب أنّ العفة، هي من أنبل السجايا، وأرفع الفضائل، المعربة عن سمو الايمان، وشرف النفس، والباعثة على سعادة المجتمع والفرد.
وهي الخلّة المشرفة التي تزين الانسان، وتسمو به عن مزريات الشره والجشع، وتصونه عن التملق للئام، استدراراً لعطفهم ونوالهم، وتحفّزه على كسب وسائل العيش ورغائب الحياة، بطرقها المشروعة، وأساليبها العفيفة.
(1) سفينة البحار م 2 ص 79 عن دعوات الراوندي.