عاشق القائم
19-01-2010, 07:08 AM
الاخلاص: ضد الرياء، وهو صفاء الأعمال من شوائب الرياء، وجعلها خالصة للّه تعالى.
وهو قوام الفضائل، وملاك الطاعة، وجوهر العبادة، ومناط صحة الأعمال، وقبولها لدى المولى عز وجل.
وقد مجّدته الشريعة الاسلامية، ونوّهت عن فضله، وشوقت اليه، وباركت جهود المتحلين به في طائفة من الآيات والأخبار:
قال تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً»(1).
وقال سبحانه: «فاعبد اللّه مخلصاً له الدين، ألا للّه الدين الخالص»(2).
وقال عز وجل: «وما أمروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين» (3).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «من أخلص للّه أربعين يو
(1) الكهف: 110.
(2) الزمر (2 - 3).
(3) البينة:
فجر اللّه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»(1).
وقال الامام الجواد عليه السلام: «أفضل العبادة الإخلاص»(2).
وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: «الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم، والعلم كله جهل الا ما عمل به، والعمل كله رياء الا ما كان مخلصاً، والاخلاص على خطر، حتى ينظر العبد بما يُختم له»(3).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «يا أبا ذر لايفقه الرجل كل الفقه، حتى يرى الناس في جنب اللّه أمثال الأباعر، ثم يرجع الى نفسه فيكون هو أحقر حاقرٍ لها»(4).
فضيلة الاخلاص:
تتفاوت قيم الأعمال، بتفاوت غاياتها والبواعث المحفزة عليها، وكلما سمت الغاية، وطهرت البواعث من شوائب الغش والتدليس والنفاق، كان ذلك أزكى لها، وأدعى الى قبولها لدى المولى عز وجل.
وليس الباعث في عرف الشريعة الاسلامية الا (النيّة) المحفّزة على الأعمال، فمتى استهدفت الاخلاص للّه تعالى، وصفت من كدر
(1) ، (2) البحار م 15 ص 87 عن عدة الداعي لابن فهد.
(3) البحار م 15 ص 85 عن الأمالي والتوحيد للصدوق.
(4) الوافي ج 14 ص 54 في وصية النبي (ص) لأبي ذر.
الرياء نبلت وسعدت بشرف رضوان اللّه وقبوله، ومتى شابها الخداع والرياء، باءت بسخطه ورفضه.
لذلك كان الاخلاص حجراً اساسياً في كيان العقائد والشرائع، وشرطاً واقعياً لصحة الأعمال، إذ هو نظام عقدها، ورائدها نحو طاعة اللّه تعالى ورضاه.
وناهيك في فضل الاخلاص أنه يحرر المرء من اغواء الشيطان وأضاليله (فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين).
عوائق الاخلاص:
وحيث كان الاخلاص هو المنار الساطع، الذي ينير للناس مناهج الطاعة الحقة، والعبودية الصادقة، كان الشيطان ولوعاً دؤوباً على إغوائهم وتضليلهم بصنوف الأماني والآمال الخادعة: كحب السمعة والجاه، وكسب المحامد والأمجاد، وتحري الأطماع المادية التي تمسخ الضمائر وتمحق الأعمال، وتذرها قفراً يباباً من مفاهيم الجمال والكمال وحلاوة العطاء.
وقد يكون إيحاء الشيطان بالرياء هامساً خفيفاً ماكراً، فيمارس الانسان الطاعة والعبادة بدافع الاخلاص، ولو محصها وأمعن فيها وجدها مشوبةً بالرياء. وهذا من أخطر المزالق، وأشدها خفاءاً وخداعاً. ولا يتجنبها الا الأولياء الأفذاذ.
كما حُكي عن بعضهم أنه قال: «قضيت صلاة ثلاثين سنة كنت
صليتها في المسجد جماعة في الصف الأول، لأني تأخرت يوماً لعذر، وصليت في الصف الثاني، فاعترتني خجلة من الناس، حيث رأوني في الصف الثاني، فعرفت أنّ نظر الناس اليّ في الصف الأول كان يسرني، وكان سبب استراحة قلبي.
نعوذ باللّه من سبات الغفلة، وُخدع الرياء والغرور. من أجل ذلك يحرص العارفون على كتمان طاعاتهم وعباداتهم، خشية من تلك الشوائب الخفية.
فقد نُقل: ان بعض العباد صام أربعين سنة لم يعلم به أحد من الأباعد والأقارب، كان يأخذ غذاءه فيتصدق به في الطريق، فيظن أهله أنه أكل في السوق، ويظن أهل السوق، أنه أكل في البيت.
كيف نكسب الاخلاص:
بواعث الاخلاص ومحفزاته عديدة تلخصها النقاط التالية:
1 - استجلاء فضائل الاخلاص السالفة، وعظيم آثاره في دنيا العقيدة والايمان.
2 - ان أهم بواعث الرياء وأهدافه استثارة إعجاب الناس، وكسب رضاهم، وبديهي أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأنهم عاجزون عن إسعاد أنفسهم، فضلاً عن غيرهم، وأن المسعد الحق هو اللّه تعالى الذي بيده أزمة الأمور، وهو على كل شيء قدير، فحري بالعاقل أن يت
اليه ويخلص الطاعة والعبادة له.
3 - إن الرياء والخداع سرعان ما ينكشفان للناس، ويسفران عن واقع الانسان، مما يفضح المرائي ويعرضه للمقت والازدراء.
ثوب الرياء يشف عما تحته*** فإذا التحفتَ به فإنك عاري
فعلى المرء أن يتسم بصدق الاخلاص، وجمال الطوية، ليكون مثلاً رفيعاً للاستقامة والصلاح.
فقد جاء في الآثار السالفة: «إن رجلاً من بني اسرائيل قال: لأعبدن اللّه عبارة أذكر بها، فمكث مدةً مبالغاً في الطاعات، وجعل لا يمر بملأ من الناس الا قالوا: متصنع مراء، فأقبل على نفسه وقال: قد أتعبت نفسك، وضيعت عمرك في لا شيء، فينبغي أن تعمل للّه سبحانه، وأخلص عمله للّه، فجعل لا يمر بملأ من الناس الا قالوا ورع تقي
وهو قوام الفضائل، وملاك الطاعة، وجوهر العبادة، ومناط صحة الأعمال، وقبولها لدى المولى عز وجل.
وقد مجّدته الشريعة الاسلامية، ونوّهت عن فضله، وشوقت اليه، وباركت جهود المتحلين به في طائفة من الآيات والأخبار:
قال تعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً»(1).
وقال سبحانه: «فاعبد اللّه مخلصاً له الدين، ألا للّه الدين الخالص»(2).
وقال عز وجل: «وما أمروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين» (3).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «من أخلص للّه أربعين يو
(1) الكهف: 110.
(2) الزمر (2 - 3).
(3) البينة:
فجر اللّه ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»(1).
وقال الامام الجواد عليه السلام: «أفضل العبادة الإخلاص»(2).
وعن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: «الدنيا كلها جهل الا مواضع العلم، والعلم كله جهل الا ما عمل به، والعمل كله رياء الا ما كان مخلصاً، والاخلاص على خطر، حتى ينظر العبد بما يُختم له»(3).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «يا أبا ذر لايفقه الرجل كل الفقه، حتى يرى الناس في جنب اللّه أمثال الأباعر، ثم يرجع الى نفسه فيكون هو أحقر حاقرٍ لها»(4).
فضيلة الاخلاص:
تتفاوت قيم الأعمال، بتفاوت غاياتها والبواعث المحفزة عليها، وكلما سمت الغاية، وطهرت البواعث من شوائب الغش والتدليس والنفاق، كان ذلك أزكى لها، وأدعى الى قبولها لدى المولى عز وجل.
وليس الباعث في عرف الشريعة الاسلامية الا (النيّة) المحفّزة على الأعمال، فمتى استهدفت الاخلاص للّه تعالى، وصفت من كدر
(1) ، (2) البحار م 15 ص 87 عن عدة الداعي لابن فهد.
(3) البحار م 15 ص 85 عن الأمالي والتوحيد للصدوق.
(4) الوافي ج 14 ص 54 في وصية النبي (ص) لأبي ذر.
الرياء نبلت وسعدت بشرف رضوان اللّه وقبوله، ومتى شابها الخداع والرياء، باءت بسخطه ورفضه.
لذلك كان الاخلاص حجراً اساسياً في كيان العقائد والشرائع، وشرطاً واقعياً لصحة الأعمال، إذ هو نظام عقدها، ورائدها نحو طاعة اللّه تعالى ورضاه.
وناهيك في فضل الاخلاص أنه يحرر المرء من اغواء الشيطان وأضاليله (فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين).
عوائق الاخلاص:
وحيث كان الاخلاص هو المنار الساطع، الذي ينير للناس مناهج الطاعة الحقة، والعبودية الصادقة، كان الشيطان ولوعاً دؤوباً على إغوائهم وتضليلهم بصنوف الأماني والآمال الخادعة: كحب السمعة والجاه، وكسب المحامد والأمجاد، وتحري الأطماع المادية التي تمسخ الضمائر وتمحق الأعمال، وتذرها قفراً يباباً من مفاهيم الجمال والكمال وحلاوة العطاء.
وقد يكون إيحاء الشيطان بالرياء هامساً خفيفاً ماكراً، فيمارس الانسان الطاعة والعبادة بدافع الاخلاص، ولو محصها وأمعن فيها وجدها مشوبةً بالرياء. وهذا من أخطر المزالق، وأشدها خفاءاً وخداعاً. ولا يتجنبها الا الأولياء الأفذاذ.
كما حُكي عن بعضهم أنه قال: «قضيت صلاة ثلاثين سنة كنت
صليتها في المسجد جماعة في الصف الأول، لأني تأخرت يوماً لعذر، وصليت في الصف الثاني، فاعترتني خجلة من الناس، حيث رأوني في الصف الثاني، فعرفت أنّ نظر الناس اليّ في الصف الأول كان يسرني، وكان سبب استراحة قلبي.
نعوذ باللّه من سبات الغفلة، وُخدع الرياء والغرور. من أجل ذلك يحرص العارفون على كتمان طاعاتهم وعباداتهم، خشية من تلك الشوائب الخفية.
فقد نُقل: ان بعض العباد صام أربعين سنة لم يعلم به أحد من الأباعد والأقارب، كان يأخذ غذاءه فيتصدق به في الطريق، فيظن أهله أنه أكل في السوق، ويظن أهل السوق، أنه أكل في البيت.
كيف نكسب الاخلاص:
بواعث الاخلاص ومحفزاته عديدة تلخصها النقاط التالية:
1 - استجلاء فضائل الاخلاص السالفة، وعظيم آثاره في دنيا العقيدة والايمان.
2 - ان أهم بواعث الرياء وأهدافه استثارة إعجاب الناس، وكسب رضاهم، وبديهي أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأنهم عاجزون عن إسعاد أنفسهم، فضلاً عن غيرهم، وأن المسعد الحق هو اللّه تعالى الذي بيده أزمة الأمور، وهو على كل شيء قدير، فحري بالعاقل أن يت
اليه ويخلص الطاعة والعبادة له.
3 - إن الرياء والخداع سرعان ما ينكشفان للناس، ويسفران عن واقع الانسان، مما يفضح المرائي ويعرضه للمقت والازدراء.
ثوب الرياء يشف عما تحته*** فإذا التحفتَ به فإنك عاري
فعلى المرء أن يتسم بصدق الاخلاص، وجمال الطوية، ليكون مثلاً رفيعاً للاستقامة والصلاح.
فقد جاء في الآثار السالفة: «إن رجلاً من بني اسرائيل قال: لأعبدن اللّه عبارة أذكر بها، فمكث مدةً مبالغاً في الطاعات، وجعل لا يمر بملأ من الناس الا قالوا: متصنع مراء، فأقبل على نفسه وقال: قد أتعبت نفسك، وضيعت عمرك في لا شيء، فينبغي أن تعمل للّه سبحانه، وأخلص عمله للّه، فجعل لا يمر بملأ من الناس الا قالوا ورع تقي