نجف الخير
08-08-2006, 02:50 PM
ما الدليل على إيـمان أبـي طالب عليه الصلاة والسلام؟
كتبته: إيمان حياتـي
- كيف يطلق رسول الله (صلى الله وعليه وآله) على السنة التـي توفي فيـهـا أبو طالب (عليه السلام) عام الحـزن إن لم يكن مؤمنا؟!
غريب جدا أن نقرأ في مصادر المسلمين وصحاحهم أن آباء النبي (صلى الله وعليه وآله) وأجداده كانوا مشركين تارة، أو أنهم كانوا في فترة انقطاع الرسل وأن الله تعالى سيختبرهم يوم القيامة تارة أخرى، ليس هذا فحسب بل وصل الأمر بهم إلى تكفير حامي الرسول وناصره الأول ألا وهو عمه أبو طالب (عليه السلام)، وللأسف الشديد أن يكون ذلك مادة ومقررا يتدارسه الطلاب في المدارس التعليمية!
لاشك أن لهذه الأفكار سوقاً رائجةُ كانت في عهد التدليس والوضع والتزوير أيام الأمويين الذين ما فتئوا يحاربون الإسلام والقرآن إلى درجة بلغت بمعاوية (كاتب الوحي على حدّ زعمهم!) الحقد على رسول الله (صلى الله وعليه وآله) وعلى الرسالة، كما ينقل صاحب شرح النهج وهو ابن أبي الحديد وهو من أكابر علماء السنة إذ يقول: عن مطرف بن المغيرة قال لي أبي: خلوت بمعاوية فقلت له: إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى أخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، فثار معاوية... واندفع يقول: هيهات.. هيهات.. إلى أن قال: (...أن أخا هاشم - يعني رسول الله - يصرخ به في كل يوم خمس مرات (أشهد أن محمدا رسول الله) فأي عمل يبقى بعد هذا - لا أم لك - ألا دفنا دفنا) شرح النهج ج2 ص297 ومروج الذهب للمسعودي ص342 ج2، فمعاوية يأمل أن يدفن اسم النبي (صلى الله وعليه وآله).
ولا غرو أن في عهد معاوية كان يلعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على آلاف المنابر وفي خطب الجمعة، واستمر الأمر على هذا النحو ثمانين عاماً، كما يذكر أرباب التواريخ، فإذا كان الحال هذه بالنسبة للرسول (صلى الله وعليه وآله) والإمام علي (عليه السلام)، فكيف إذا سيكون حال آبائهما؟ خصوصا أن الآيات والروايات قد تواترت وتضافرت على كفر بني أمية ولعنهم، إلا أن السياسة الأموية الماكرة عملت على تحريف ذلك باتجاه بني هاشم الذين انبثق منهم نور النبوة والإمامة.
وقبل أن نلج البحث حول إيمان أبي طالب (عليه السلام) لابد من الإشارة إلى إيمان آباء النبي (صلى الله وعليه وآله)، فقد ذكر صاحب مجمع البيان في تفسير الآية: (وتقلبك في الساجدين) أن جميع أجداد النبي (صلى الله وعليه وآله) من زمان آدم (عليه السلام) إلى زمان نبينا (صلى الله وعليه وآله) كانوا موحدين، وفي التفسير المشهور لعلي بن إبراهيم القمي للآية ذاتها (وتقلبك في الساجدين) قال: أي في أصلاب النبيين (عليه السلام).
ومما يؤكد على هذه الحقيقة ما ذكره الإمام شمس الدين (المتوفي سنة 630هــ) في كتابه (حجة الذاهب) في تعليقه على هذه الآية الكريمة: (وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا منا سكننا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) البقرة آية 127.
إذا يقول شمس الدين: «فغير جائز أن تنقطع هذه الأمة المسلمة من أمة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) إلى يوم القيامة، ومن زعم ذلك فقد زعم أن دعوة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) لم تستجب». وإضافة إلى هذا فهناك جملة من الأحاديث الدالة على ذلك، منها: (يبعث الله تعالى عبدالمطلب يوم القيامة وعليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك) شرح النهج ص311 ج3، وعن النبي (صلى الله وعليه وآله): (لم يزل الله تعالى ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني إلى عالمكم هذا) نقلا عن حجة الذاهب، والأحاديث في هذا السياق كثيرة ونكتفي بذلك منها للاستطراد.
أما بالنسبة لأبي طالب (عليه السلام) حامي الرسول (صلى الله وعليه وآله) وناصره وكافله، فلقد ناله حظ وافر من الطعن بإيمانه والتشكيك بإسلامه، وما ذلك إلا لأنه حِجرُ الإسلام ووعاؤه، ففي كنفه ترعرع الرسول ووصيه أمير المؤمنين (عليهما وآلهما السلام)، وقد آزر أبو طالب الرسول (صلى الله وعليه وآله) حتى توفي، وعلى إثره اضطر للهجرة إلى المدينة، وحتى لا نستبق الأحداث لنستدل بالمعطيات التي تؤكد حقيقة إيمانه (عليه السلام).
يؤكد الشيخ الطبسي في كتابه (منية الراغب): (أن أبا طالب كان من أهل التوحيد والإيمان وناصر الرسول وحاميه بشهادة الباري - عز وجل - في كتابه الكريم بقوله: (والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) الأنفال آية 74، وفي رواية الكافي أنه لما مات أبا طالب هبط جرئيل على رسول الله (صلى الله وعليه وآله) وقال: (يا محمد أخرج من مكة فليس لك فيها ناصر)، وفي رواية أخرى (...فقد مات ناصرك).
وما دامت الحرب على أبي طالب حربا إعلامية أموية حاقدة من خلال مرويات الوضاعين، فلنا أن نتخندق بروايات محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم) في إثباتهم عظمة إسلام أبي طالب وقمة رسوخ إيمانه، إضافة إلى شواهد أخرى من التاريخ التي وصلتنا وبلغنا النزر اليسير منها.
وقد روي عن الأئمة من آل محمد (صلوت الله عليهم) عن الحسن العسكري (عليه السلام) في حديث طويل: (أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله (صلى الله وعليه وآله) إني قد أيدتك بشيعتين: شيعة تنصرك سرا، وشيعة تنصرك علانية، فأما التي تنصرك سرا فسيدهم وأفضلهم عمك أبو طالب، وأما التي تنصرك علانية فسيدهم وأفضلهم ابنه علي، ثم قال: وإن أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه) حجة الذاهب ص407، ولا بأس هنا الإشارة إلى الآيات الواردة في مؤمن آل فرعون التي كان أحد مصاديقها أبو طالب طبقا للروايات، والآيات من سورة غافر وهي قوله تعالى: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه: أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم.... يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار. من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة، يرزقون فيها بغير حساب. ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ أتدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم، وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار، لا جرم إنما تدعونن! ي إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وإن مردنا إلى الله... فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد....)، ولاشك أن أبا طالب كان يقول ذلك لقومه، ومواقفه وأشعاره صريحة في هذا الشأن. فإذا كان الرجل الذي خصته هذه الآيات هو مؤمن آل فرعون، فلا نغالي بقولنا أن أبا طالب هو مؤمن قريش! وإن مثل أبي طالب كمثل أصحاب الكف أيضا حيث كتموا إيمانهم، وهناك روايات صريحة في هذا المعنى، راجع الغدير ص391، ج7.
وقد نقل العلامة الطبسي في كتابه (منية الراغب) ص13، وص22 أحاديث لرسول الله (صلى الله وعليه وآله) منها قوله: (إن عبدالمطلب كان على دين إبراهيم (عليه السلام)، وأن أبا طالب قال عند الوفاة أنا على ملة عبدالمطلب)، وأيضا (أن أبا طالب كان وصيا من أوصياء إبراهيم)، وأيضا (أن أبا طالب كان آخر أوصياء عيسى). ولا توجد مانعة الجمع فتدبر. وفي رواية الكافي عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) (أن أبا طالب كان مستودعا للوصايا فدفعها للنبي محمد (صلى الله وعليه وآله) ).
وأشار أرباب التاريخ إلى أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) أعلن عام الحزن في العام الذي توفي فيه أبا طالب والسيدة خديجة، فهل كان النبي يحزن لموت الكافر والمشرك والعياذ بالله؟!
ونقل الذهبي في تاريخه بإسناده عن العباس بن عبدالمطلب أنه سأل رسول الله (صلى الله وعليه وآله) فقال: ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: كل خير أرجو من ربي عز وجل) ص138 ج1.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان جالسا في الرحبة والناس حوله فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله، وأبوك معذب بالنار. فقال (عليه السلام): (مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي يعذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار! والذي بعث محمدا بالحق إن نور أبي طالب ليطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار: نور محمد ونور فاطمة ونور الحسن ونور الحسين ونور ولده من الأئمة، إلا أن نوره من نورنا خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام) والمصادر لهذا الحديث: المناقب لابن شاذان وكنز الفوائد للكراجكي ص80 وتفسير أبي الفتوح ص211 ج4 والدرجات الرفيعة ص50 وضياء العالمين للفتوني كما أخرجه الأميني في الغدير.
كتبته: إيمان حياتـي
- كيف يطلق رسول الله (صلى الله وعليه وآله) على السنة التـي توفي فيـهـا أبو طالب (عليه السلام) عام الحـزن إن لم يكن مؤمنا؟!
غريب جدا أن نقرأ في مصادر المسلمين وصحاحهم أن آباء النبي (صلى الله وعليه وآله) وأجداده كانوا مشركين تارة، أو أنهم كانوا في فترة انقطاع الرسل وأن الله تعالى سيختبرهم يوم القيامة تارة أخرى، ليس هذا فحسب بل وصل الأمر بهم إلى تكفير حامي الرسول وناصره الأول ألا وهو عمه أبو طالب (عليه السلام)، وللأسف الشديد أن يكون ذلك مادة ومقررا يتدارسه الطلاب في المدارس التعليمية!
لاشك أن لهذه الأفكار سوقاً رائجةُ كانت في عهد التدليس والوضع والتزوير أيام الأمويين الذين ما فتئوا يحاربون الإسلام والقرآن إلى درجة بلغت بمعاوية (كاتب الوحي على حدّ زعمهم!) الحقد على رسول الله (صلى الله وعليه وآله) وعلى الرسالة، كما ينقل صاحب شرح النهج وهو ابن أبي الحديد وهو من أكابر علماء السنة إذ يقول: عن مطرف بن المغيرة قال لي أبي: خلوت بمعاوية فقلت له: إنك قد بلغت مناك يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا، فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى أخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، فثار معاوية... واندفع يقول: هيهات.. هيهات.. إلى أن قال: (...أن أخا هاشم - يعني رسول الله - يصرخ به في كل يوم خمس مرات (أشهد أن محمدا رسول الله) فأي عمل يبقى بعد هذا - لا أم لك - ألا دفنا دفنا) شرح النهج ج2 ص297 ومروج الذهب للمسعودي ص342 ج2، فمعاوية يأمل أن يدفن اسم النبي (صلى الله وعليه وآله).
ولا غرو أن في عهد معاوية كان يلعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على آلاف المنابر وفي خطب الجمعة، واستمر الأمر على هذا النحو ثمانين عاماً، كما يذكر أرباب التواريخ، فإذا كان الحال هذه بالنسبة للرسول (صلى الله وعليه وآله) والإمام علي (عليه السلام)، فكيف إذا سيكون حال آبائهما؟ خصوصا أن الآيات والروايات قد تواترت وتضافرت على كفر بني أمية ولعنهم، إلا أن السياسة الأموية الماكرة عملت على تحريف ذلك باتجاه بني هاشم الذين انبثق منهم نور النبوة والإمامة.
وقبل أن نلج البحث حول إيمان أبي طالب (عليه السلام) لابد من الإشارة إلى إيمان آباء النبي (صلى الله وعليه وآله)، فقد ذكر صاحب مجمع البيان في تفسير الآية: (وتقلبك في الساجدين) أن جميع أجداد النبي (صلى الله وعليه وآله) من زمان آدم (عليه السلام) إلى زمان نبينا (صلى الله وعليه وآله) كانوا موحدين، وفي التفسير المشهور لعلي بن إبراهيم القمي للآية ذاتها (وتقلبك في الساجدين) قال: أي في أصلاب النبيين (عليه السلام).
ومما يؤكد على هذه الحقيقة ما ذكره الإمام شمس الدين (المتوفي سنة 630هــ) في كتابه (حجة الذاهب) في تعليقه على هذه الآية الكريمة: (وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا منا سكننا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم) البقرة آية 127.
إذا يقول شمس الدين: «فغير جائز أن تنقطع هذه الأمة المسلمة من أمة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) إلى يوم القيامة، ومن زعم ذلك فقد زعم أن دعوة إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) لم تستجب». وإضافة إلى هذا فهناك جملة من الأحاديث الدالة على ذلك، منها: (يبعث الله تعالى عبدالمطلب يوم القيامة وعليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك) شرح النهج ص311 ج3، وعن النبي (صلى الله وعليه وآله): (لم يزل الله تعالى ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني إلى عالمكم هذا) نقلا عن حجة الذاهب، والأحاديث في هذا السياق كثيرة ونكتفي بذلك منها للاستطراد.
أما بالنسبة لأبي طالب (عليه السلام) حامي الرسول (صلى الله وعليه وآله) وناصره وكافله، فلقد ناله حظ وافر من الطعن بإيمانه والتشكيك بإسلامه، وما ذلك إلا لأنه حِجرُ الإسلام ووعاؤه، ففي كنفه ترعرع الرسول ووصيه أمير المؤمنين (عليهما وآلهما السلام)، وقد آزر أبو طالب الرسول (صلى الله وعليه وآله) حتى توفي، وعلى إثره اضطر للهجرة إلى المدينة، وحتى لا نستبق الأحداث لنستدل بالمعطيات التي تؤكد حقيقة إيمانه (عليه السلام).
يؤكد الشيخ الطبسي في كتابه (منية الراغب): (أن أبا طالب كان من أهل التوحيد والإيمان وناصر الرسول وحاميه بشهادة الباري - عز وجل - في كتابه الكريم بقوله: (والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم) الأنفال آية 74، وفي رواية الكافي أنه لما مات أبا طالب هبط جرئيل على رسول الله (صلى الله وعليه وآله) وقال: (يا محمد أخرج من مكة فليس لك فيها ناصر)، وفي رواية أخرى (...فقد مات ناصرك).
وما دامت الحرب على أبي طالب حربا إعلامية أموية حاقدة من خلال مرويات الوضاعين، فلنا أن نتخندق بروايات محمد وأهل بيته (صلوات الله عليهم) في إثباتهم عظمة إسلام أبي طالب وقمة رسوخ إيمانه، إضافة إلى شواهد أخرى من التاريخ التي وصلتنا وبلغنا النزر اليسير منها.
وقد روي عن الأئمة من آل محمد (صلوت الله عليهم) عن الحسن العسكري (عليه السلام) في حديث طويل: (أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله (صلى الله وعليه وآله) إني قد أيدتك بشيعتين: شيعة تنصرك سرا، وشيعة تنصرك علانية، فأما التي تنصرك سرا فسيدهم وأفضلهم عمك أبو طالب، وأما التي تنصرك علانية فسيدهم وأفضلهم ابنه علي، ثم قال: وإن أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه) حجة الذاهب ص407، ولا بأس هنا الإشارة إلى الآيات الواردة في مؤمن آل فرعون التي كان أحد مصاديقها أبو طالب طبقا للروايات، والآيات من سورة غافر وهي قوله تعالى: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه: أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم.... يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار. من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة، يرزقون فيها بغير حساب. ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ أتدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم، وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار، لا جرم إنما تدعونن! ي إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وإن مردنا إلى الله... فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد....)، ولاشك أن أبا طالب كان يقول ذلك لقومه، ومواقفه وأشعاره صريحة في هذا الشأن. فإذا كان الرجل الذي خصته هذه الآيات هو مؤمن آل فرعون، فلا نغالي بقولنا أن أبا طالب هو مؤمن قريش! وإن مثل أبي طالب كمثل أصحاب الكف أيضا حيث كتموا إيمانهم، وهناك روايات صريحة في هذا المعنى، راجع الغدير ص391، ج7.
وقد نقل العلامة الطبسي في كتابه (منية الراغب) ص13، وص22 أحاديث لرسول الله (صلى الله وعليه وآله) منها قوله: (إن عبدالمطلب كان على دين إبراهيم (عليه السلام)، وأن أبا طالب قال عند الوفاة أنا على ملة عبدالمطلب)، وأيضا (أن أبا طالب كان وصيا من أوصياء إبراهيم)، وأيضا (أن أبا طالب كان آخر أوصياء عيسى). ولا توجد مانعة الجمع فتدبر. وفي رواية الكافي عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) (أن أبا طالب كان مستودعا للوصايا فدفعها للنبي محمد (صلى الله وعليه وآله) ).
وأشار أرباب التاريخ إلى أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) أعلن عام الحزن في العام الذي توفي فيه أبا طالب والسيدة خديجة، فهل كان النبي يحزن لموت الكافر والمشرك والعياذ بالله؟!
ونقل الذهبي في تاريخه بإسناده عن العباس بن عبدالمطلب أنه سأل رسول الله (صلى الله وعليه وآله) فقال: ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: كل خير أرجو من ربي عز وجل) ص138 ج1.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان جالسا في الرحبة والناس حوله فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله، وأبوك معذب بالنار. فقال (عليه السلام): (مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي يعذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار! والذي بعث محمدا بالحق إن نور أبي طالب ليطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار: نور محمد ونور فاطمة ونور الحسن ونور الحسين ونور ولده من الأئمة، إلا أن نوره من نورنا خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام) والمصادر لهذا الحديث: المناقب لابن شاذان وكنز الفوائد للكراجكي ص80 وتفسير أبي الفتوح ص211 ج4 والدرجات الرفيعة ص50 وضياء العالمين للفتوني كما أخرجه الأميني في الغدير.