مشاهدة النسخة كاملة : بسند إماميّ صحيح: الإمام جعفر الصّادق (ع) يذكر فيه حال الأئمة وصفاتهم (مع الشرح)
بو هاشم الموسوي
21-01-2010, 06:30 PM
بسند إماميّ صحيح، الإمام جعفر بن محمّد الصّادق سلام الله تعالى عليه يذكر فيه حال الأئمّة عليهم السلام وصفاتهم،
ونضيف له
شرح
آية الله العظمى الشيخ وحيد الخرّاساني (دام ظلّه الشّريف)
لهذا الحديث الشّريف
وشرح
بو هاشم الموسوي (غفر الله تعالى له)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
المصدر :
الكليني، أصول الكافي، ج 1 / ص 203 - 205 كتاب الحجة باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته، حديث رقم 2
- الكليني : محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة عليهم السلام و صفاتهم :
أن الله عز وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه، وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه، لان الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه، وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء، ولا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم، ويرضي بهم لخلقه ويرتضيهم، كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما، علما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما، وحجة عالما، أئمة من الله، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد ، جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها.
فالامام هو المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى، والقائم المترجى، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقيّة من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه ، وآتاه علمه، وأنبأه فصل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستخبأه حكمته واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل، بالنور الساطع، والشفاء النافع ، بالحق الأبلج، والبيان اللائح من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السلام، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي، ولا يجحده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا.
السند إلى المعصوم عليه السّلام:
- الكليني : محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرّازي، ثقة الإسلام وفخره.
- محمّد بن يحيى : أبو جعفر العطّار القمي، شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث [ شيخ الكليني ]. (رجال النجاشي : ص 354 ترجمة رقم 946)
- أحمد بن محمد بن عيسى : الأشعري، شيخ القميين، ووجههم، وفقيههم، غير مدافع. (رجال النجاشي : ص 81 ترجمة رقم 198)
- الحسن بن محبوب : السراد ويقال له الزراد، ثقة جليل القدر، من أصحاب الكاظم والرضا (ع)، [ من أصحاب الإجماع ] ( المفيد من معجم رجال الحديث : ص 152 ترجمة رقم 3071)
- إسحاق بن غالب : الأسدي والبي عربي صليب، ثقة، وأخوه عبد الله كذلك، وكانا شاعرين، رويا عن أبي عبد الله عليه السلام. (رجال النجاشي : ص 72 ترجمة رقم 173)
بو هاشم الموسوي
21-01-2010, 06:37 PM
شرح
آية الله العظمى الشيخ وحيد الخرّاساني
(دام ظلّه الشّريف)
قال : الشيخ وحيد الخراساني، منهاج الصالحين، ج 1 / ص 206 - 214
إن كل جملة في هذه الخطبة الشريفة تحتاج إلى شرح مفصل، ونكتفي في هذا الموجز ببيان بعض النقاط منها :
(أ) جعل الإمام (عليه السلام) موضوع خطبته أئمة الهدى، لوضوح ضرورة وجود الإمام للأمة { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } (1). وإمام الأمة لابد أن يكون إمام الهداية ، كما قال الله تعالى : {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} (2) . {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} (3).
ومعرفة إمام الهداية يتوقف على معرفة الهداية، ومعرفة الهداية تحتاج إلى التدبر في آيات الكتاب الواردة في هذا الموضوع ، التي تزيد على المأتين وتسعين آية، ولا يتسع هذا الموجز لشرحها. وذلك أن الهداية كمال الخلقة { قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى } (4) { سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى } (5)، وهداية كل مخلوق تناسب خلقته، ولما كان الانسان مخلوقا في أحسن تقويم فهدايته أعلى مراتب كمال الخلق. وقد بين الإمام (عليه السلام) عظمة مقام الإمامة حيث وصف الأئمة بأنهم (أئمة الهدى)، بل أوضح لأهل النظر والتعمق ما للإمام من الخصائص، وما لهذا الملزوم من لوازم. ثم شرع الإمام بعد الاجمال بالتفصيل، فبين موقع الإمام من الدين الإلهي، وأن الإمام هو المبين لأصول الدين وفروعه، لأن الله تعالى لم يوكل تفسير دينه إلى آراء الخلق المعرضة للخطأ والاختلاف، لأن الخطأ والاختلاف في الدين آفتان تنقضان الغرض من تشريعه، وتدخلان الأمة في ظلمات الضلال. بل لم يترك الله تعالى نقطة غموض ولا إبهام، حول أصول دينه وفروعه، إلا أوضحها بأئمة الهدى، كما قال الإمام (عليه السلام) : ( إن الله عز وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ).
(ب) الانسان بمقتضى فطرته يبحث عن خالقه تعالى ، وهذه الفطرة لا تنال مقصودها إلا بأن تجد الطريق إلى الله، الذي هو الدين القويم والاستقامة عليه {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} (6).
وبما أن عوامل الانحراف عن دين الله تعالى موجودة في كل عصر، من خطأ الانسان وهواه، وقطاع طريق الله من الجن والإنس { ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } (7)، { اشتروا بأيت الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون } (8) فكان من اللازم وجود إمام ليتحقق به الغرض من تكوين هذه الفطرة - وهو الوصول إلى الله - ومن تشريع الصراط المستقيم - وهو الدين والسبيل إلى الله -
قال (عليه السلام ) : " وأبلج عن سبيل منهاجه ".
(ج) الغرض من خلق عقل الانسان الوصول إلى حقيقة العلم والمعرفة، والإنسان يستدعي بلسان جبلته وخلقته من واهب العقل والإدراك ويناجيه : إلهي أرني الأشياء كما هي، وعرفني نفسي، وأنها من أين، وفي أين، وإلى أين.
وتعطش الإدراك الإنساني لا يرتفع إلا بالوصول إلى عين الحياة من العلم الإلهي، وإلا فإن عاقبة الفلسفة البشرية أيضا حيرة الكمل، بأن يعلموا أنهم لا يعلمون. لهذا كان من الضروري وجود انسان له الطريق إلى عين الحياة وينابيع العلم والحكمة، ليروي بيده العطاشى إلى الحقيقة، فيتحقق بذلك الغرض من خلق العقل والإدراك ، كما قال الإمام (عليه السلام) في النص المعتبر (من زعم أن الله يحتج بعبد في بلاده، ثم يستر عنه جميع ما يحتاج إليه، فقد افترى على الله ) (9).
نعم إن الظن بأن الله جعل إنسانا حجة على العباد، ثم يحجب عن حجته ما يحتاج إليه العباد ولا يعلمه، افتراء على الله تعالى نشأ من عدم المعرفة بالعلم والقدرة والحكمة غير المتناهية، ومن هنا قال : " وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ".
( د ) ( وألبسه تاج الوقار ) تاج الوقار الذي على رأس الإمام (عليه السلام) هو العلم والقدرة، فعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في جواب من سأله عن علامة الإمام فيما هي؟ قال :
" في العلم، واستجابة الدعوة " (10)، وذلك أن منشأ الاضطراب والخفة في الانسان هو الجهل والعجز، وبما أن الإمام معلم لكتاب الله - وهو لا يفارقه بنص حديث الثقلين - والكتاب تبيان لكل شئ - بمقتضى قوله تعالى : { ونزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ } (11) - فلا يعزب عنه علم من العلوم التي في الكتاب الإلهي.
وتستفاد هذه النكتة من الحديث المعتبر : عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) ، قال : " كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطي من العلم ، وما أوتي من الملك ، فقال لي : وما أعطي سليمان بن داود؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم، وصاحبكم الذي قال الله : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب وكان والله عند علي علم الكتاب فقلت : صدقت والله ، جعلت فداك " (12).
والإمام - بارتباطه بأمر الله - صاحب الدعوة المستجابة ، وبهذا العلم والقدرة تلبس بتاج الوقار .
(ه) ( وغشاه من نور الجبار ) أضيف النور إلى الاسم المقدس : " الجبار " والمضاف إلى كل اسم من الأسماء الإلهية يكتسب خصوصية ذلك الاسم بمقتضى الإضافة. والله جبار يجبر كل انكسار " يا جابر العظم الكسير " (13). وقد غشي الإمام من نور الجبار لكي يجبر كل كسر ونقص يلحق بالإسلام والمسلمين .
( و) ( أئمة من الله ، يهدون بالحق ، وبه يعدلون ). الإمام هو الانسان المختار من الله تعالى، والمصطفى باصطفائه، والمجتبى باجتبائه للإمامة والقيادة، ولذا عندما يتوفى إمام ينصب الله مكانه إماما آخر ليكون علما للخلق، ومصباحا لهدايتهم، وهاديا نيرا، وقائدا قيما، وحجة عالما، لكي يتحقق الغرض من خلقة الانسان وبعثة الأنبياء (عليهم السلام)، ذلك الغرض الذي يتلخص في كلمتين هما : الهداية بالحق، والعدالة بالحق، وهما عصارة الحكمة النظرية والعملية، ومنتهى كمال العقل والإرادة الانسانية.
وتحقق هذين الأمرين إنما يكون بواسطة العقل الذي يعرف الأشياء كما هي، والإرادة التي تقوم بكل عمل كما ينبغي. وهذا هو مقام العصمة العلمية والعملية ، ولهذا قال (عليه السلام) : (أئمة من الله ، يهدون بالحق، وبه يعدلون).
(ز) ( اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه ). الإمام هو الذي صنع الله جوهرة وجوده على يمين عرشه، ورباه على عينه، ووهبه الحكمة في علم الغيب المكنون عنده، الذي لا سبيل لأحد إليه
{ إلا من ارتضى من رسول } (14).
وفي هذه النشأة كان من حيث النسب من الخيرة من ذرية نوح، والمصطفين من ذرية إبراهيم، والمنتخبين من سلالة إسماعيل، والصفوة من ذرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). جسمه مبرأ من العيوب، وروحه معصومة من كل زلل، مصونة من كل ذنب. وقد طرد إبليس الذي قال : { فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين } (15) عن ذاته المقدسة بالعزة التي حصلت له في ظل عبودية الله { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } (16).
وقد دل بقوله (عليه السلام) : ( وصار أمر الله إليه من بعد ) على أن أمر الله ينتقل من الإمام السابق إلى اللاحق، وذاك الأمر هو الذي جاء في الحديث الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال : (إن الله واحد متوحد بالوحدانية، متفرد بأمره، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر، فنحن هم يا ابن أبي يعفور، فنحن حجج الله في عباده، وخزانه على علمه، والقائمون بذلك ) (17) .
(ح) ( وأيده بروحه ) الروح التي أيد الله بها الإمام فسرها الحديث الصحيح عن أبي بصير قال : " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ، قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممن مضى ، غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة يسددهم ، وليس كل ما طلب وجد " (18) .
(ط) ( وآتاه علمه ) في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن لله علما لا يعلمه غيره، وعلما قد أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه، ثم أشار بيده إلى صدره (19).
(ي) ( واستودعه سره ) في صحيحة معمر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : (لا يقدر العالم أن يخبر بما يعلم، فإن سر الله، أسره إلى جبرئيل (عليه السلام) ، وأسره جبرئيل (عليه السلام) إلى محمد
(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأسره محمد صلى الله عليه وآله وسلم) إلى من شاء الله ) (20).
(ك) ( رضي الله به إماما لهم ) لا شك أن الأمة تحتاج إلى إمام، وأن الإمام يجب أن يكون مرضيا من الله تعالى، لكن من هو الإمام المرضي من الله؟ إذا كان الله، من العلم والجهل، يرضى العلم { قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون } (21)، ومن السلامة والآفة، يرضى السلامة { يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام } (22)، ومن الحكمة والسفاهة، يرضى الحكمة { يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا } (23)، ومن العدل والفسق، يرضى العدل { إن الله يأمر بالعدل والأحسن } (24)، ومن الحق والباطل، يرضى الحق { و قل جاء الحق وزهق البطل إن البطل كان زهوقا } (25)، ومن الصواب والخطأ، يرضى الصواب { لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوبا } (26)، فالذي يرضاه الله إماما للأمة، لابد أن يتصف بالصفات المرضية عنده سبحانه، ومنها العلم، والعدل، والسلامة، والحكمة، والصواب، والحق والهداية.
ومن جهة ثانية ، نرى أن اختيار الأحسن محبوب لله تعالى {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} (27)، وأنه تعالى يأمر بالأخذ بالأحسن { وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } (28)، ويأمر بقول الأحسن
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} (29)، ويأمر بالمجادلة - في موضعها - بالأحسن { وجدلهم بالتي هي أحسن } (30). وعند لزوم الدفع والرد، يأمر بالرد بالأحسن {ادفع بالتي هي أحسن} (31)، وأنه تعالى يجازي بالأحسن { ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (32)، وأنه ينزل أحسن الحديث {الله نزل أحسن الحديث} (33).
فهل يعقل أن يختار للإمامة غير الأحسن، والأكمل، والأفضل، والأعلم، والأعدل . . وغير من هو جامع الصفات الحميدة المذكورة في الحديث ثم، مع أن الأمر باتباع الأحسن يستلزم كون الأحسن متبوعا لغيره، فكيف يعقل أن يرضى بإمامة غير الأحسن ومتبوعيته {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} (34) .
ولهذا قال (عليه السلام) : ( وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم ).
-------------
(1) سورة الإسراء : 71
(2) سورة السجدة : 24
(3) سورة الرعد : 7
(4) سورة طه : 50
(5) سورة الأعلى : 1 ، 2 ، 3
(6) سورة يوسف : 108
(7) سورة الأنعام : 153
(8) سورة التوبة : 9
(9) بصائر الدرجات ص 123 الجزء الثالث نادر من الباب ح 4
(10) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 200 باب 46 ح 1
(11) سورة النحل : 89
(12) بصائر الدرجات ص 212، الجزء الخامس، باب ما عند الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم.
(13) تفسير العياشي ج 2 ص 198 ح 88 ( سورة يوسف )، مصباح المتهجد ص 228
(14) سورة الجن : 27
(15) سورة ص : 82 - 83
(16) سورة الحجر : 42
(17) الكافي ج 1 ص 193
(18) الكافي ج 1 ص 193
(19) بصائر الدرجات : الجزء الثاني ص 110 ، باب 21 في الأئمة أنه صار إليهم . . . ح 5
(20) بصائر الدرجات : الجزء الثامن ص 377 باب 3 في الأئمة أن عندهم أسرار الله ح 3 .
(21) سورة الزمر : 9
(22) سورة المائدة : 16
(23) سورة البقرة : 269
(24) سورة النحل : 90
(25) سورة الإسراء : 81
(26) سورة النبأ : 38
(27) سورة الزمر : 18
(28) سورة الأعراف : 145
(29) سورة الإسراء : 53
(30) سورة النحل : 125
(31) سورة المؤمنون : 96
(32) سورة النحل : 79
(33) سورة الزمر : 23
(34) سورة المائدة : 50
بو هاشم الموسوي
21-01-2010, 06:42 PM
شرح
بو هاشم الموسوي
هذه بعض النكات والالتفاتات في النّص الشّريف :
- قول الإمام (... فمن عرف من أمة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه، وجد طعم حلاوة إيمانه)
# الشّرح :
الإمام المعصوم (ع) واجب الطّاعة على جميع الخلائق، فطاعته في إتّباع أوامره ونواهيه في كلّ شيء فالتّلازم بين طاعة المعصوم (ع) والانقياد له، هي نفسها طاعة الله تعالى المفروضة على العباد، فمن لم يأتم بإمام معصوم (ع) يكشف له الأحكام الشّرعية ومداركها فمصيره الزيّغ والَضلال لقصور العقل البشري عن التّوصل بنفسه إلى الأحكام ومداركها، فالعبادات والمعاملات لها أسرار وآثار تكوينيّة لا نعرفها نحن البشر غير المعصومين فنحتاج إمام معصوم (ع) ليبّن لنا الأحكام الشّرعيّة من ناحية و ليحفظ لنا هذا التّشريع والجعل الإلهي من ناحية أخرى.
فالإمام (ع) يؤدّي دورين مهمّين هما : دور البيانيّة ودور الحافظيّة.
- دور البيانيّة، قول الله تعالى: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ "(النحل: 44)
- دور الحافظيّة، قول الله تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "(الحجر: 9) (1)، فهذين الدّورين من الأدوار المهمّة في وجود المعصوم (ع)، فإن لم يكن الإمام المؤتمّ به معصوماً فكيف باستطاعته القيام بهذين الدّورين؟
ونكتفي من السّنة الشّريفة بحديث يبيّن لنا أهميّة الإقتداء بالإمام المعصوم، فإتّباعه طاعة ونجاة ومخالفته ضلال وهلاك، فقد روى الشيخ الكليني بسند صحيح عن الفضيل بن يسار" قال : إبتدأنا أبو عبد الله (ع) يوماً وقال : قال رسول الله (ص) : من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية، فقلت : قال ذلك رسول الله (ص) ؟ ، فقال : إي والله : قد قال : قلت : فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ؟ قال :
نعم". (2)
- قول الإمام (ع) : (ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته)
# الشّرح :
الإمامة من أصول الدّين الّتي من خلالها يتقوّم دين الله عزّ وجلّ، فأعمال العباد مردودة لا تُقبل إلاّ بطاعة المعصوم (ع) وإتباعه، فالإتيان بالعبادات لها كيفيّة وباب لا تُقبل أعمال العباد إلاّ من خلاله وهذا الباب هو معرفة المعصوم (ع) الّذي يحدّد لنا كيفيّة عبادة الله تعالى.
فقد روى الشيخ الكليني (أعلى الله مقامه) بسند معتبرعن معاوية بن عمار "عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " قال : نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا." (3)
- قول الإمام (ع): (. . . فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم).
# الشّرح :
إنّ الأحكام الشّرعيّة من قبل الله تعالى لكونه جلّ وعلا مرتبطة بـ (مصلحة أو مفسدة) وإرادة (حب أو بغض)، وحيث أنّ الإمام المعصوم عالم بحدود المصلحة (بما يرد عليه من ملتبسات الدجى) فإنّه (ع) يجعل الأحكام إمّا وجوبيّة أو استحبابيّة طبقا لحدود المصلحة، وهكذا في المفسدة،(4) وهذه ولاية المعصوم (ع) التّشريعيّة.
ومنها ما ورد في القرآن الكريم : "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا" (النساء: 105)
فقوله تعالى : "بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ..." هي علم المعصوم (ع) الفعلي بمناطات الأحكام.
وهذا ما نراه صريحاً في بعض الرّوايات، منها :
مارواه الشيخ الكليني (أعلى الله مقامه) بسنده الصحيح عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر : إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال : "إنك لعلى خلق عظيم"، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده، فقال عز وجل : "ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ..." (5)
- قول الإمام (ع): " . . . وانتجبه لطهره، بقيّة من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها"
# الشّرح :
اختيار المعصوم (ع) يتمّ من قبل الله تعالى الكريم:
" وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة: 124)
وهذا المعصوم (ع) المنصّب من قبل الله تعالى (مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كله) فهو (ع) مسدّد ومؤيّد من قبل الله تعالى، فقد روى الشيخ الكليني (أعلى الله مقامه) بسند صحيح عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر :
إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال : " إنك لعلى خلق عظيم "، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده ، فقال عز وجل : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس، لا يزل ولا يخطئ في شئ مما يسوس به الخلق . . . " (6)
هذه بعض النّكات المهمّة في هذا الحديث الشّريف، وكما قال آية الله العظمى الشّيخ وحيد الخرّاساني (دام ظلّه الوارف):
"إن كل جملة في هذه الخطبة الشريفة تحتاج إلى شرح مفصل ".
ونختم بحديث صحيح رواه شيخ القمّيين الثّقة الجليل الشيخ الصفّار (أعلى الله مقامه) بسنده الصّحيح عن خيثمة عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول :
" نحن جنب الله ونحن صفوته ونحن خيرته ونحن مستودع مواريث الأنبياء ونحن أمناء الله ونحن حجة الله ونحن أركان الايمان ونحن دعائم الاسلام ونحن من رحمة الله على خلقه ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم ونحن أئمة الهدى ونحن مصابيح الدجى ونحن منار الهدى ونحن السابقون ونحن الآخرون ونحن العلم المرفوع للخلق من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق ونحن قادة الغر المحجلين ونحن خيرة الله ونحن الطريق وصراط الله المستقيم إلى الله ونحن من نعمة الله على خلقه ونحن المنهاج ونحن معدن النبوة ونحن موضع الرسالة ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة ونحن السراج لمن استضاء بنا ونحن السبيل لمن اقتدى بنا ونحن الهداة إلى الجنة ونحن عز الاسلام ونحن الجسور القناطر من مضى عليها سبق و من تخلف عنها محق ونحن السنام الأعظم ونحن الذين بنا نزل الرحمة وبنا تسقون الغيث ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب فمن عرفنا ونصرنا وعرف حقنا و اخذ بأمرنا فهو منا والينا." (7)
-----------------------
(1) كمال الحيدري، الرّاسخون في العلم: مدخل لدراسة ماهيّة علم المعصوم وحدوده ومنابع إلهامه، ط 1، بيروت: دار الهادي، 1430 / 2009، ص 98
(2) محمّد بن يعقوب الكليني، الأصول من الكافي، ج1، ص 376، حديث رقم 1 (كتاب الحجّة: باب من مات وليس له إمام من أئمّة الهدى)
(3) الشيخ الكليني، المصدر نفسه، ج 1، ص 143 - 144 حديث رقم 4 (كتاب التوحيد: باب النوادر)
(4) كمال الحيدري، المصدر السّابق، ص 103 - 104
(5) الشيخ الكليني، المصدر السّابق، ج 1 / ص 266 - 267 حديث رقم 4 ( كتاب الحجّة: باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين)
(6) الشيخ الكليني، المصدر نفسه، ج 1 / ص 266 - 267 حديث رقم 4 ( كتاب الحجّة: باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين)
(7) الشيخ الصفار، بصائر الدرجات، ص 82 - 83 حديث رقم 10(باب في أنّ الأئمة أنهم حجة الله وباب الله وولاة أمر الله ووجه الله الذي يؤتى منه وجنب الله وعين الله وخزنة علمه جلّ جلاله)
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وألعن أعداءهم ،،،
نسألكم الدعاء ،،،
النجف الاشرف
22-01-2010, 05:29 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أحسنتم كثيرا مولاي ....... وحفظ الله الشيخ وحيد الخرساني ....
لكن اين عقول المخالفين لتقرا مثل هذه الدرر وليؤمنون بمن نزل القران في بيوتهم
والسلام عليكم
الفداغي
22-01-2010, 05:53 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
مولانا بوهاشم الموسوي بارك الله فيك مواضيعك مميزة جداً استمر مولاي
الفداغي
بو هاشم الموسوي
22-01-2010, 07:54 PM
حفظكم الله تعالى إخواني الأفاضل ووفقنا الله وإيّاكم لمعرفة مقامات محمّد وآل محمّد ،،،
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024