نسايم
25-01-2010, 12:17 AM
مرت أمامي...
ثوبها أبيض...
حجابها أبيض...
على حجابها فراشات ملونة تغطي شعرها الأسود...
خصلة من شعرها... كشفت شعرها الليلي المستسلم لحكم الحجاب!
لحظتها تمنيت ان أكون فراشة...
بياض السكر هذا أسكرني... أرجعني سنوات...
كنت حينها أحمل دفاتري الجامعية, وأسكن في بيتنا العربي...
كان الحوش (ساحة البيت) واسعاً...
في بيتنا... دوناً عن كل بيوت البلدة كان الثلج ينهمر كل صباح!
نشتم رائحتها ... ونبني أحلامنا تحتها!
نعم في هذه الصحراء... كان الثلج ينهمر... كنا نلتقط أزهار الياسمين وهي تتساقط كل صباح في حديقة بيتنا...
أمي... تمسك مجرفة, تحفر حفرة صغيرة, تضع نبتتها, تدفنها بحنان, وتثبت التربة من حولها...
أمي... زرعت بيديها ورد الياسمين في البيت... وزرعت بيديها عشقنا لهذه الوردة...
رغم شجرتي اللوز التي كنا نتسابق في قطف ثمارها!
ورغم شجرة التوت التي كنا نأكل ثمارها قبل أن تنضج!
بقيت وردة الياسمين تلك سيدة (الحوش) بلا منازع...
رائحتها كانت تسحرني... (فلا يعرف الشوق إلا من يكابده)... ولا يعرف رائحة الياسمين إلا من يشمها كل صباح وكل مساء... قبل النوم وبعد النوم !
في المساء... كنت أطل من نافذتي لأشاهد كيف يتغزل القمر بورد الياسمين!
وفي الصباح... أقوم من النوم على عجل أغسل وجهي على عجل, البس (أي شيء)... ورغم عجلتي ونسياني لأوراقي وأقلامي ودفاتري, لم أنس يوماً أن أقطف بعضاً من الياسمين, وأخبئها في جيبي العلوي أشمها كلما مسني الشوق إليها...
******
لم أكن وحدي من أصابه (مس) من الياسمين!
أختي عشقت هذه الوردة!
وعشقت اسمها أيضاَ..
وأعلنت على الملأ في يوم ما: ياسمين اجمل اسم في الوجود...
كلما (تشرفت) العائلة بأنثى جميلة - كعادة عائلتنا وأضيفت إلى لائحة الشرف – اقترحت: سموها ياسمين... لماذا لا تسمون بنتكم ياسمين؟, إنه اسم رائع..
أختي تزوجت وحملت وأنجبت طفلة جميلة... لم تسمها ياسمين أسمتها سارة!!!
آه... نسيت أن أحدثكم عن شريكتي في العشق... ومعشوقتي!
إنها سميرة...
سميرة شاركتني العشق...
كنت ألمحها تسير ببطء في (الحوش)...
اسلم عليها كل صباح... لم أقبلها... ولكني أحببتها... وكانت تحبني بصمت!
تخجل أن تكشف عن حبها لي, لكني كنت أكشفها من نظرات عيونها!
كلما خرجت إلى (الحوش) وجدتها تمشي بين ورد الياسمين, كانت لفرط حبها... لا تشمها فقط... بل تأكلها!!!
الأطفال في البيت أيضاً عشقوا سميرة...
زينب, حوراء, فاطمة, زهراء, بتول... هذه عادة أسماء بناتنا... فهذه ماركات مسجلة غير قابلة للتعديل والتغيير, بنت أخي... أحبت سميرة أيضاَ...
في درس العلوم أخرجت المدرسة صورة أمام التلميذات وسألتهن... ما هذا؟
زينب... رفعت يديها بكل حماس وصرخت... إنها سميرة...
لم تكن تعرف اسماً آخر للسلحفاة سوى سميرة...
الأطفال نسوا أنها سلحفاة وكانوا ينادونها سميرة...
وأنا أيضاً كنت في كثير من الأحيان أنسى أنها سلحفاة, فكنت أحملها وأتمشى معها في (الحوش) وأتغزل في قوامها, ورشاقتها... الحب أعمى كما يقال, وقد أعمتني رائحة الياسمين!
أعمتني عن كل الألوان وعشقت الأبيض!
كلما شاهدت فتاة بثوب أبيض...
طفلاً يحمل قلباً أبيض...
تقياً يحرم بقماش أبيض...
أمي كلما لبست ثوب صلاتها الأبيض...
لا أتذكر سوى الياسمين!
******
في بيتي الجديد...
قررت أن أزرع الياسمين...
زرعته في (الحوش) في الصالة, في الممرات والغرف, والمطبخ وتحت السلالم وفوق السطح, وأمام مدخل البيت, وعلى شرفات النوافذ...
وخاب أملي...
أرى الياسمين بكل مكان في البيت... ولا أشتم رائحتها!
أثقلني هم سر وردة بلا رائحة...!
فذهبت إلى عرافة تفتح كتب البخت... وتكت الفال... وتقرأ في الفنجان... وتكشف أسرار خطوط الكف...
عجزت تلك العرافة عن كشف السر, وقالت لي: انتظر... فنجمك ما زال تائهاً في السماء!
ذات مساء...
وقد كان الأرق يهجم علي متسلحاً بهواجسه...
جلست في حوش بيتي الجديد...
تحيط بي أزهار ياسمين بلا رائحة...
نظرت للسماء أبحث عن نجمي...
كانت النجوم تنظر لي أيضاًَ...
وتقص لي عن قصص الأمير الشجاع, والحسناء الفقيرة... وكيف أهداها في ليلة عرسها سلة ياسمين!
تغلب علي سلطان النوم وجنوده على أرقي, فمر بي طيف والدي...!
كان يلبس دشداشته البيضاء!
بشعره الأبيض!
وقلبه الأبيض!
وقال لي: يا ولدي... في حوشنا القديم... لم يكن ما شممته رائحة ياسمين...
بل رائحة يد أمك!
منقول ...
ثوبها أبيض...
حجابها أبيض...
على حجابها فراشات ملونة تغطي شعرها الأسود...
خصلة من شعرها... كشفت شعرها الليلي المستسلم لحكم الحجاب!
لحظتها تمنيت ان أكون فراشة...
بياض السكر هذا أسكرني... أرجعني سنوات...
كنت حينها أحمل دفاتري الجامعية, وأسكن في بيتنا العربي...
كان الحوش (ساحة البيت) واسعاً...
في بيتنا... دوناً عن كل بيوت البلدة كان الثلج ينهمر كل صباح!
نشتم رائحتها ... ونبني أحلامنا تحتها!
نعم في هذه الصحراء... كان الثلج ينهمر... كنا نلتقط أزهار الياسمين وهي تتساقط كل صباح في حديقة بيتنا...
أمي... تمسك مجرفة, تحفر حفرة صغيرة, تضع نبتتها, تدفنها بحنان, وتثبت التربة من حولها...
أمي... زرعت بيديها ورد الياسمين في البيت... وزرعت بيديها عشقنا لهذه الوردة...
رغم شجرتي اللوز التي كنا نتسابق في قطف ثمارها!
ورغم شجرة التوت التي كنا نأكل ثمارها قبل أن تنضج!
بقيت وردة الياسمين تلك سيدة (الحوش) بلا منازع...
رائحتها كانت تسحرني... (فلا يعرف الشوق إلا من يكابده)... ولا يعرف رائحة الياسمين إلا من يشمها كل صباح وكل مساء... قبل النوم وبعد النوم !
في المساء... كنت أطل من نافذتي لأشاهد كيف يتغزل القمر بورد الياسمين!
وفي الصباح... أقوم من النوم على عجل أغسل وجهي على عجل, البس (أي شيء)... ورغم عجلتي ونسياني لأوراقي وأقلامي ودفاتري, لم أنس يوماً أن أقطف بعضاً من الياسمين, وأخبئها في جيبي العلوي أشمها كلما مسني الشوق إليها...
******
لم أكن وحدي من أصابه (مس) من الياسمين!
أختي عشقت هذه الوردة!
وعشقت اسمها أيضاَ..
وأعلنت على الملأ في يوم ما: ياسمين اجمل اسم في الوجود...
كلما (تشرفت) العائلة بأنثى جميلة - كعادة عائلتنا وأضيفت إلى لائحة الشرف – اقترحت: سموها ياسمين... لماذا لا تسمون بنتكم ياسمين؟, إنه اسم رائع..
أختي تزوجت وحملت وأنجبت طفلة جميلة... لم تسمها ياسمين أسمتها سارة!!!
آه... نسيت أن أحدثكم عن شريكتي في العشق... ومعشوقتي!
إنها سميرة...
سميرة شاركتني العشق...
كنت ألمحها تسير ببطء في (الحوش)...
اسلم عليها كل صباح... لم أقبلها... ولكني أحببتها... وكانت تحبني بصمت!
تخجل أن تكشف عن حبها لي, لكني كنت أكشفها من نظرات عيونها!
كلما خرجت إلى (الحوش) وجدتها تمشي بين ورد الياسمين, كانت لفرط حبها... لا تشمها فقط... بل تأكلها!!!
الأطفال في البيت أيضاً عشقوا سميرة...
زينب, حوراء, فاطمة, زهراء, بتول... هذه عادة أسماء بناتنا... فهذه ماركات مسجلة غير قابلة للتعديل والتغيير, بنت أخي... أحبت سميرة أيضاَ...
في درس العلوم أخرجت المدرسة صورة أمام التلميذات وسألتهن... ما هذا؟
زينب... رفعت يديها بكل حماس وصرخت... إنها سميرة...
لم تكن تعرف اسماً آخر للسلحفاة سوى سميرة...
الأطفال نسوا أنها سلحفاة وكانوا ينادونها سميرة...
وأنا أيضاً كنت في كثير من الأحيان أنسى أنها سلحفاة, فكنت أحملها وأتمشى معها في (الحوش) وأتغزل في قوامها, ورشاقتها... الحب أعمى كما يقال, وقد أعمتني رائحة الياسمين!
أعمتني عن كل الألوان وعشقت الأبيض!
كلما شاهدت فتاة بثوب أبيض...
طفلاً يحمل قلباً أبيض...
تقياً يحرم بقماش أبيض...
أمي كلما لبست ثوب صلاتها الأبيض...
لا أتذكر سوى الياسمين!
******
في بيتي الجديد...
قررت أن أزرع الياسمين...
زرعته في (الحوش) في الصالة, في الممرات والغرف, والمطبخ وتحت السلالم وفوق السطح, وأمام مدخل البيت, وعلى شرفات النوافذ...
وخاب أملي...
أرى الياسمين بكل مكان في البيت... ولا أشتم رائحتها!
أثقلني هم سر وردة بلا رائحة...!
فذهبت إلى عرافة تفتح كتب البخت... وتكت الفال... وتقرأ في الفنجان... وتكشف أسرار خطوط الكف...
عجزت تلك العرافة عن كشف السر, وقالت لي: انتظر... فنجمك ما زال تائهاً في السماء!
ذات مساء...
وقد كان الأرق يهجم علي متسلحاً بهواجسه...
جلست في حوش بيتي الجديد...
تحيط بي أزهار ياسمين بلا رائحة...
نظرت للسماء أبحث عن نجمي...
كانت النجوم تنظر لي أيضاًَ...
وتقص لي عن قصص الأمير الشجاع, والحسناء الفقيرة... وكيف أهداها في ليلة عرسها سلة ياسمين!
تغلب علي سلطان النوم وجنوده على أرقي, فمر بي طيف والدي...!
كان يلبس دشداشته البيضاء!
بشعره الأبيض!
وقلبه الأبيض!
وقال لي: يا ولدي... في حوشنا القديم... لم يكن ما شممته رائحة ياسمين...
بل رائحة يد أمك!
منقول ...