المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باب البطن والمنقوع


صرخة جبرائيل
30-01-2010, 07:41 PM
http://www.aklamkom.com/thumbnail.php?file=___________537637468.jpg&size=article_medium


باب البطن والمنقوع



وها نحن على أول عزمنا بعد ان توكلنا عليه هو العالي المعين الرحيم القادر على احيائها وهي موات ورميم ، فخيمنا على الباب العشرين من كتابنا المقترح اسمه حتى اللحظة " بخلاء علي السوداني " وجلّهم من الكتّاب الأدباء ومن عاشرهم من مريدين وغاوين تيمناً وتماهياً وحباً بما جاء به ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ جعل الرب مقعده برداً وسلاماً في عليين ثواباً وجزاء على كدّه وكدحه في البيان والتبيين والحيوان والرسائل ولطائف ولمعات التنكيت والتظريف والتطريب على موائد بخلائه ودنان من كؤوسهم مشيولة الى اعناقهم . وفي هذا الباب خفنا من التقليد فشردنا وخشينا من الحاسد فدققنا بوجه الدار خضرمة ام سبع عيون وزدنا لصقها نعالاً عتيقاً فأنفقست العيون وذهب الكلم المبين الى مهواه ومقصده . ووقع ان جليسنا ونديمنا وخلنا وخليلنا وسميرنا في حانة الشرق من اطيان وأعمال الربة عمّون ، الراوية المجيد عبد الستار ناصر بن جدوع الزوبعي البغدادي ، ان تجلّط فص في دماغه - شافاه الكريم وعافاه وحيّاه وبيّاه - فثقلت يمينه والتات لسانه فنشفت المائدة وشح الكلام ونام النبأ اليقين حتى قيض الرحمن الرحيم لنا واحداً من شعراء ونقدة بغداد العباسية نزله في رصافتها وكنيته الأخرس وتلك الخرسة كانت العامة قالت فيها في مجلس المقهى ما لم تقله النخبة في بطن الحان حتى طش الولد في حضننا مطرة حلوة من أخبار الشعراء البخلاء ثم اتمّ نعمته علينا فزاد وأطنب وشرح وفسّر وخلق ارجوزة عن بياننا وبخلائنا فطابت النفس وطربت وارتاح الفؤاد وانفتح الباب الحادي والعشرون على واحد اديب بخيل يأتيه الصحب فينظر في أيمانهم فأن كانت فارغة شحيحة ، عبس وقطّب وزمّ وخنزر وجعل مجلسهم فوق حصير قصب يابس ليطاته تشج المؤخرة وتدمي الكعوب وان كان حاملها من لبسة الدروع المدرعة الدارعة . ان جاء بالخمرة جعلها ملك يمينه فأن كرع كأسين كرعت الضيوف واحدة وان تمزمز بحبة فستق فارسية مفدوعة من عظم حملها ، كسّر الضيف حبة بطيخ خاوية ضامرة حتى سكر المجلس فجيء لهم بصينية ثريد وخبز كفار منقوع بماء حار وملون بصم كركم فأن سأله سائل عن لحمة تسند المعدة وتملّح القلب قال : العافية مشروطة بقولة ان لا تجعلوا بطونكم قبورا للحيوانات ، واذ يأتونه في ليلة تالية وبيمينهم تتلولح سلة من هبر لحم وشحم وعظم دهين ، ثرد واكل وتمطّق وتبسّم وتريع ونبش سنّه من مداحيس اللحم وبلعها وقال : فأما قليله فلا خشية منه واذ ارجعوه الى قياس البطن والمقبرة ، قال : لا تفسدوا القعدة بشرالجدل ومرالمناكدة ، وان واصلوه بالنقر والنقار ، طوى ذراعه مخدة تحت رأسه الثقيل فشخر واخرج من جوفه ريحاً جائفة حتى فرت السكارى من مجلسه الى يوم الدين . هذا هو مجلس سعدان بن الزاير عبد الهادي الواسطي المولود في رصافة بغداد العباسية ، المعروف بكثير نقد وقليل شعر وعظيم دهاء وقد نعود اليه ان جاءنا واحد منكم بما يفيد ويسمن في هذا الباب البديع .
انجاكم الرب من دفتر البخل والبخلاء وجعل اياديكم مبسوطة وان ذهبكم وفضتكم لا تذهب معكم وسادة في بطن قبر والله المستعان على جميل ومليح الصفات والأسماء .