تشرين ربيعة
25-02-2010, 05:37 PM
القانون والدستور والإجراءات هو الحكم وليس السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني
قاسم ديلوفان *
صحيفة هاولاتي
بعد أن أقصت هيئة المساءلة والعدالة عدد من الشخصيات والكيانات العراقية من المشاركة في الإنتخابات النيابية الجديدة، بدافع إرتباطها بالنظام العراقي السابق، صرح السيد رئيس الجمهورية والأمين العام للإتحاد الوطني الكوردستاني جلال الطالباني وفي مقابلة صحفية بتأريخ 21 كانون الثاني بمايلي ”أنا لاأعارض مشاركة حزب البعث العربي الأشتراكي- القيادة القطرية في الإنتخابات - أنا لاأعارض مشاركة البعثيين الغير صداميين في الإنتخابات”.
في المسائل ذات العلاقة بالقضايا الوطنية والتي تتطلب الإجماع الوطني نتفهم، وكثير من العراقيين، محاولات السيد رئيس الجمهورية في كثير من الأحيان لإحتواء الأزمة عن طريق تقارب وجهات النظر وإيجاد الحلول التوافقية والتوازن بين جميع مكونات الشعوب العراقية، مبادرةً منه شخصياً إنطلاقاً من حرصه الوطني أو لإرضاء بعض الدول المجاورة أو تحت الضغوط الأمريكية.
لكن إذا أصبح من ضمن مهمات السيد الرئيس تجميل صورة البعث وإعطاء ذلك الحزب، صاحب المجازر والمقابر الجماعية والجرائم ضد البشرية ، الشرعية للدخول في العملية السياسية في العراق، فهذا خطأ سياسي إستراتيجي كبير، ويحاول سيادته إرجاع العراق الى الوراء.
حزب البعث العربي الأشتراكي، الحزب القائد والحزب الواحد في العراق، يتحمل بالكامل مسؤولية إرتكاب تلك الجرائم ضد الشعوب العراقية، وليس صدام حسين وحده. ليس صدام حسين وحده من أرتكب كل تلك الجرائم والمجازر والمقابر الجماعية من زاخو وحتى الفاو. إنما حزب البعث، قائد الدولة في العراق في تلك الفترة مسؤول عن كل تلك الجرائم.
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، تم حظر الأحزاب النازية في أوربا وفي كثير من بلدان العالم، باعتبار أن ذلك الحزب النازي (حزب العمال الألماني الأشتراكي الوطني) وليس هتلر وحده، المسؤول عن ارتكاب حملات الإبادة الجماعية والجرائم ضد البشرية. وبالتالي نجد هناك ملاحقة دولية وحتى اليوم (بعد 65 عاماً) ضد كل قيادات الجيش النازية الذين شاركوا في تلك الجرائم وحملات الإبادة الجماعية.
إنه حقاً مؤسف للغاية ومثير للجدل أن يأتي هذا التصريح من أحد قادة الكورد الذي هو شخصياً كان شاهداً على المأسي والويلات وسياسة حرب الإبادة الجماعية وحملات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيمياوية الذي مارسه البعث وقيادات البعث الصدامية والغير صدامية ضد الشعب الكوردي في العراق بشكل خاص، وضد الشعوب العراقية بشكل عام، حيث القتل والتعذيب والمقابر الجماعية خير شاهد على ذلك.
هذا التصريح غير دقيق، غير مسؤول ومغالط فيه. هذا الإبداع في ابتكار لمصطلح تصنيف البعثيين الى ”البعثيين صداميين” و”البعثيين الغير صداميين”،لكل شخص كان في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي في عهد حكم البعث في العراق، موجود فقط في القاموس السياسي للسيد رئيس الجمهورية.
نحن لانتكلم عن مئات الآلآف من المواطنيين العراقيين الذين لسبب أو لآخر أضطروا الى الإنضمام الى حزب البعث ، ربما من أجل لقمة العيش، من أجل الدراسة، أو من أجل مزاولة حياتهم اليومية بعيداً عن السين والجيم لرجال الأمن، أو لعدم التعرض للملاحقة من قبل البعث ورجال البعث، أو لأي سبب مقنع آخر، شريطة أن لاتكون أياديهم ملطخة بدماء الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى.
المشكلة ليست في هؤلاء الآلآف والآلآف من المواطنيين العراقيين الذين لاحول كان لهم ولا قوة، لكن المشكلة والمصيبة تكمن في حزب البعث وفي تأريخ حزب البعث لحكم العراق في تلك الفترة، وفي جرائم حزب البعث بحق الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى خلال 35 عاماً.
عندما أصبح أدولف هتلر زعيماً للحزب العمال الألماني الأشتراكي الوطني عام 1921 ومستشاراً لألمانيا عام 1933 ، عمل على ترسيخ المفاهيم الفومية وإرساء دعائم نظام تحكمه نزعة شمولية، ديكتاتورية وفاشية. وبالتالي كان يعتبر ذلك الحزب النازي المسؤول المباشر والوحيد عن ارتكاب تلك الجرائم بحق البشرية خلال فترة حكم النازية في المانيا (1933 – 1945). لذلك تم حظر الحزب بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية.
كذلك لانتكلم عن قيادات البعث الذين تركوا العراق بعد الإنقلاب العسكري لحزب البعث عام 1968 ولجأو الى بلدان أخرى خوفاً على حياتهم، باعتبار أن هؤلاء السادة لم يكونوا في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي خلال 35 عاماً من حكم حزب البعث، وبالتالي أياديهم ليست ملطخة بدماء الشعوب العراقية.
من حق كل هؤلاء المواطنيين الذين لايتحملون مسؤولية جرائم البعث بحق الشعوب العراقية، المشاركة في العملية السياسية، من حقهم توحيد صفوفهم والعمل داخل حزب سياسي جديد يؤمن بالنضال السياسي البرلماني السلمي في العراق الجديد، أو الأنخراط في داخل الأحزاب السياسية السلمية الموجودة على الساحة العراقية لمواصلة نضالهم السياسي من أجل الوصول الى أهدافهم الوطنية لخدمة الشعوب العراقية. لكن ليس تحت قيادة حزب البعث العربي الأشتراكي، الذي جلب الدمار والويلات للشعوب العراقية، قائد المقابر الجماعية والأنفال ومرتكب الجرائم بحق البشرية.
فالوصول الى المواقع القيادية والمسؤولية في الدولة والجيش والحزب في عهد صدام حسين كان مرهوناً فقط بالولاء الى صدام حسين.
لنفرض أن السيد الرئيس قد يتمكن في تشخيص البعثي الصدامي عن البعثي الغير الصدامي على مستوى قيادات البعث الذين كانوا في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي، لكن هل يتمكن سيادته تشخيص البعثييين في المستويات الأدنى داخل الدولة والحزب والجيش؟ من لايتذكر الآلآف والآلآف من البعثيين والجيش الشعبي الصدامي من كانوا في مستوى القاعدة وفي الدرجات الدنيا في الحزب الذين كانوا مستعدين، ومن دون أوامر، لقتل أي مواطن إذا كان يسيئ فقط الى إسم قائدهم البطل صدام حسين!
قد يكون بعض أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث كانوا في فترة من الفترات موالين لدولة من الدول المجاورة للعراق. لكن هذا لايغير من ذلك الواقع بأن هؤلاء السادة أيضاً يتحملون المسؤولية التأريخية والإنسانية والأخلاقية والسياسية لتلك المجازر والإبادة الجماعية التي نفذها البعث ضد الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى. ومن غير المنطق السياسي تصنيف هؤلاء السادة في المواقع القيادية في حزب البعث ب ”البعثيين الغير صداميين”.
جنون صدام حسين للسلطة والقيادة أوصله الى الدمار وانهيار للدولة العراقية، وكان مستعداً لقتل أقرب الناس اليه، إذا كان يشك في ولائه لشخصه في قيادة الحزب والدولة. كل العراقيين يعرفون ويتذكرون بأن هذا الشخص كان يختار مساعديه والمسؤولين في الدولة والحزب والجيش في منتهى الدقة والحذر، وبالتالي كل من وصل الى مواقع المسؤولية السيادية داخل الدولة والحزب في عهد صدام، قد تجاوز كل الإختبارات الإستخباراتية الصدامية لمعرفة مدى ولاء ذلك الشخص لصدام حسين، وعليه من نجح في تلك الإختبارات يعتبر ولاءه مطلق لقائدهم البطل صدام حسين! وبالتالي يعتبر ضرب من السخرية، وكلام غير مسؤول، التكلم عن البعثي الصدامي والبعثي الغير الصدامي عند المسؤولين في المواقع القيادية أصلاً. إذا كانت هناك، بين حين وآخر، خلافات بين المسؤولين وقيادات البعث في مواقع المسؤولية في العراق في عهد صدام حسين، فإنها لم تكن قطعاً خلافات فكرية، وإنما كانت خلافات من أجل المصالح الشخصية ومحاولات لتوسيع نطاق الصلاحياتهم السياسية.
صدام كامل وحسين كامل (طلاب صدام حسين) كانا أيضاً في صراع مع نظام صدام في تسعينيات القرن الماضي. هل يعقل بأنهما ليسا بعثيين صداميين؟ وفيق السامرائي، مدير المخابرات العامة في سبعبنيات القرن الماضي، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً؟ سلطان هاشم أحد قيادات الجيش العراقي السابق، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً؟ نزار الخزرجي أحد قيادات الجيش العراقي السابق أيضاً وأصبح لاجيء سياسي في الدانيمارك في تسعينيات القرن الماضي، وهو موجود اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة على ما أظن، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً، رغم أنه خرج من العراق. وهكذا هلم وجرا.
إذا كان بإمكان سيادة الرئيس أن يقدم عدد الأصابع من الأمثلة ليسند إبتكاره السياسي حول مصطلح ”البعثيين صداميين” و”البعثيين الغير صداميين”، فهناك الآلآف من الحقائق على أرض الواقع يدحض يقيناً هذا التصنيف. إن المجازر والإعتقالات والقتل إنما قامت بها القوميون/البعثيون في بداية ستينيات القرن الماضي ضد الشعوب العراقية، وصدام حسين لم يكن آنذاك الشخص الأول في قيادة الحزب! قتل أطفال الكورد وحرق القرى الكوردية بأسلحة النابالم المحرمة دولياً أثناء الحرب الظالمة التي قادها البعثيون، قادة الدولة العراقية، ضد الشعب الكوردي عام 1974 وصدام حسين لم يكن آنذاك الشخص الأول في قيادة الحزب!
وأخيراً نذكر السيد رئيس الجمهورية والأمين العام للإتحاد الوطني الكوردستاني جلال الطالباني بأن القانون والدستور والإجراءات هو الحكم والفاصل فيما إذا يسمح لحزب البعث المشاركة في الإنتخابات أم لا. هكذا هي أساليب اللعبة الديمقراطية والممارسة الديمقراطية.
______________________________
* قاسم محمد علي ديلوفان: كاتب ومحلل كردي عراقي
قاسم ديلوفان *
صحيفة هاولاتي
بعد أن أقصت هيئة المساءلة والعدالة عدد من الشخصيات والكيانات العراقية من المشاركة في الإنتخابات النيابية الجديدة، بدافع إرتباطها بالنظام العراقي السابق، صرح السيد رئيس الجمهورية والأمين العام للإتحاد الوطني الكوردستاني جلال الطالباني وفي مقابلة صحفية بتأريخ 21 كانون الثاني بمايلي ”أنا لاأعارض مشاركة حزب البعث العربي الأشتراكي- القيادة القطرية في الإنتخابات - أنا لاأعارض مشاركة البعثيين الغير صداميين في الإنتخابات”.
في المسائل ذات العلاقة بالقضايا الوطنية والتي تتطلب الإجماع الوطني نتفهم، وكثير من العراقيين، محاولات السيد رئيس الجمهورية في كثير من الأحيان لإحتواء الأزمة عن طريق تقارب وجهات النظر وإيجاد الحلول التوافقية والتوازن بين جميع مكونات الشعوب العراقية، مبادرةً منه شخصياً إنطلاقاً من حرصه الوطني أو لإرضاء بعض الدول المجاورة أو تحت الضغوط الأمريكية.
لكن إذا أصبح من ضمن مهمات السيد الرئيس تجميل صورة البعث وإعطاء ذلك الحزب، صاحب المجازر والمقابر الجماعية والجرائم ضد البشرية ، الشرعية للدخول في العملية السياسية في العراق، فهذا خطأ سياسي إستراتيجي كبير، ويحاول سيادته إرجاع العراق الى الوراء.
حزب البعث العربي الأشتراكي، الحزب القائد والحزب الواحد في العراق، يتحمل بالكامل مسؤولية إرتكاب تلك الجرائم ضد الشعوب العراقية، وليس صدام حسين وحده. ليس صدام حسين وحده من أرتكب كل تلك الجرائم والمجازر والمقابر الجماعية من زاخو وحتى الفاو. إنما حزب البعث، قائد الدولة في العراق في تلك الفترة مسؤول عن كل تلك الجرائم.
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، تم حظر الأحزاب النازية في أوربا وفي كثير من بلدان العالم، باعتبار أن ذلك الحزب النازي (حزب العمال الألماني الأشتراكي الوطني) وليس هتلر وحده، المسؤول عن ارتكاب حملات الإبادة الجماعية والجرائم ضد البشرية. وبالتالي نجد هناك ملاحقة دولية وحتى اليوم (بعد 65 عاماً) ضد كل قيادات الجيش النازية الذين شاركوا في تلك الجرائم وحملات الإبادة الجماعية.
إنه حقاً مؤسف للغاية ومثير للجدل أن يأتي هذا التصريح من أحد قادة الكورد الذي هو شخصياً كان شاهداً على المأسي والويلات وسياسة حرب الإبادة الجماعية وحملات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيمياوية الذي مارسه البعث وقيادات البعث الصدامية والغير صدامية ضد الشعب الكوردي في العراق بشكل خاص، وضد الشعوب العراقية بشكل عام، حيث القتل والتعذيب والمقابر الجماعية خير شاهد على ذلك.
هذا التصريح غير دقيق، غير مسؤول ومغالط فيه. هذا الإبداع في ابتكار لمصطلح تصنيف البعثيين الى ”البعثيين صداميين” و”البعثيين الغير صداميين”،لكل شخص كان في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي في عهد حكم البعث في العراق، موجود فقط في القاموس السياسي للسيد رئيس الجمهورية.
نحن لانتكلم عن مئات الآلآف من المواطنيين العراقيين الذين لسبب أو لآخر أضطروا الى الإنضمام الى حزب البعث ، ربما من أجل لقمة العيش، من أجل الدراسة، أو من أجل مزاولة حياتهم اليومية بعيداً عن السين والجيم لرجال الأمن، أو لعدم التعرض للملاحقة من قبل البعث ورجال البعث، أو لأي سبب مقنع آخر، شريطة أن لاتكون أياديهم ملطخة بدماء الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى.
المشكلة ليست في هؤلاء الآلآف والآلآف من المواطنيين العراقيين الذين لاحول كان لهم ولا قوة، لكن المشكلة والمصيبة تكمن في حزب البعث وفي تأريخ حزب البعث لحكم العراق في تلك الفترة، وفي جرائم حزب البعث بحق الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى خلال 35 عاماً.
عندما أصبح أدولف هتلر زعيماً للحزب العمال الألماني الأشتراكي الوطني عام 1921 ومستشاراً لألمانيا عام 1933 ، عمل على ترسيخ المفاهيم الفومية وإرساء دعائم نظام تحكمه نزعة شمولية، ديكتاتورية وفاشية. وبالتالي كان يعتبر ذلك الحزب النازي المسؤول المباشر والوحيد عن ارتكاب تلك الجرائم بحق البشرية خلال فترة حكم النازية في المانيا (1933 – 1945). لذلك تم حظر الحزب بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية.
كذلك لانتكلم عن قيادات البعث الذين تركوا العراق بعد الإنقلاب العسكري لحزب البعث عام 1968 ولجأو الى بلدان أخرى خوفاً على حياتهم، باعتبار أن هؤلاء السادة لم يكونوا في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي خلال 35 عاماً من حكم حزب البعث، وبالتالي أياديهم ليست ملطخة بدماء الشعوب العراقية.
من حق كل هؤلاء المواطنيين الذين لايتحملون مسؤولية جرائم البعث بحق الشعوب العراقية، المشاركة في العملية السياسية، من حقهم توحيد صفوفهم والعمل داخل حزب سياسي جديد يؤمن بالنضال السياسي البرلماني السلمي في العراق الجديد، أو الأنخراط في داخل الأحزاب السياسية السلمية الموجودة على الساحة العراقية لمواصلة نضالهم السياسي من أجل الوصول الى أهدافهم الوطنية لخدمة الشعوب العراقية. لكن ليس تحت قيادة حزب البعث العربي الأشتراكي، الذي جلب الدمار والويلات للشعوب العراقية، قائد المقابر الجماعية والأنفال ومرتكب الجرائم بحق البشرية.
فالوصول الى المواقع القيادية والمسؤولية في الدولة والجيش والحزب في عهد صدام حسين كان مرهوناً فقط بالولاء الى صدام حسين.
لنفرض أن السيد الرئيس قد يتمكن في تشخيص البعثي الصدامي عن البعثي الغير الصدامي على مستوى قيادات البعث الذين كانوا في المواقع السيادية والمسؤولية داخل حزب البعث والدولة العراقية وداخل الجيش العراقي، لكن هل يتمكن سيادته تشخيص البعثييين في المستويات الأدنى داخل الدولة والحزب والجيش؟ من لايتذكر الآلآف والآلآف من البعثيين والجيش الشعبي الصدامي من كانوا في مستوى القاعدة وفي الدرجات الدنيا في الحزب الذين كانوا مستعدين، ومن دون أوامر، لقتل أي مواطن إذا كان يسيئ فقط الى إسم قائدهم البطل صدام حسين!
قد يكون بعض أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث كانوا في فترة من الفترات موالين لدولة من الدول المجاورة للعراق. لكن هذا لايغير من ذلك الواقع بأن هؤلاء السادة أيضاً يتحملون المسؤولية التأريخية والإنسانية والأخلاقية والسياسية لتلك المجازر والإبادة الجماعية التي نفذها البعث ضد الشعب الكوردي والشعوب العراقية الأخرى. ومن غير المنطق السياسي تصنيف هؤلاء السادة في المواقع القيادية في حزب البعث ب ”البعثيين الغير صداميين”.
جنون صدام حسين للسلطة والقيادة أوصله الى الدمار وانهيار للدولة العراقية، وكان مستعداً لقتل أقرب الناس اليه، إذا كان يشك في ولائه لشخصه في قيادة الحزب والدولة. كل العراقيين يعرفون ويتذكرون بأن هذا الشخص كان يختار مساعديه والمسؤولين في الدولة والحزب والجيش في منتهى الدقة والحذر، وبالتالي كل من وصل الى مواقع المسؤولية السيادية داخل الدولة والحزب في عهد صدام، قد تجاوز كل الإختبارات الإستخباراتية الصدامية لمعرفة مدى ولاء ذلك الشخص لصدام حسين، وعليه من نجح في تلك الإختبارات يعتبر ولاءه مطلق لقائدهم البطل صدام حسين! وبالتالي يعتبر ضرب من السخرية، وكلام غير مسؤول، التكلم عن البعثي الصدامي والبعثي الغير الصدامي عند المسؤولين في المواقع القيادية أصلاً. إذا كانت هناك، بين حين وآخر، خلافات بين المسؤولين وقيادات البعث في مواقع المسؤولية في العراق في عهد صدام حسين، فإنها لم تكن قطعاً خلافات فكرية، وإنما كانت خلافات من أجل المصالح الشخصية ومحاولات لتوسيع نطاق الصلاحياتهم السياسية.
صدام كامل وحسين كامل (طلاب صدام حسين) كانا أيضاً في صراع مع نظام صدام في تسعينيات القرن الماضي. هل يعقل بأنهما ليسا بعثيين صداميين؟ وفيق السامرائي، مدير المخابرات العامة في سبعبنيات القرن الماضي، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً؟ سلطان هاشم أحد قيادات الجيش العراقي السابق، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً؟ نزار الخزرجي أحد قيادات الجيش العراقي السابق أيضاً وأصبح لاجيء سياسي في الدانيمارك في تسعينيات القرن الماضي، وهو موجود اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة على ما أظن، هل يعقل أنه لم يكن بعثياً صدامياً، رغم أنه خرج من العراق. وهكذا هلم وجرا.
إذا كان بإمكان سيادة الرئيس أن يقدم عدد الأصابع من الأمثلة ليسند إبتكاره السياسي حول مصطلح ”البعثيين صداميين” و”البعثيين الغير صداميين”، فهناك الآلآف من الحقائق على أرض الواقع يدحض يقيناً هذا التصنيف. إن المجازر والإعتقالات والقتل إنما قامت بها القوميون/البعثيون في بداية ستينيات القرن الماضي ضد الشعوب العراقية، وصدام حسين لم يكن آنذاك الشخص الأول في قيادة الحزب! قتل أطفال الكورد وحرق القرى الكوردية بأسلحة النابالم المحرمة دولياً أثناء الحرب الظالمة التي قادها البعثيون، قادة الدولة العراقية، ضد الشعب الكوردي عام 1974 وصدام حسين لم يكن آنذاك الشخص الأول في قيادة الحزب!
وأخيراً نذكر السيد رئيس الجمهورية والأمين العام للإتحاد الوطني الكوردستاني جلال الطالباني بأن القانون والدستور والإجراءات هو الحكم والفاصل فيما إذا يسمح لحزب البعث المشاركة في الإنتخابات أم لا. هكذا هي أساليب اللعبة الديمقراطية والممارسة الديمقراطية.
______________________________
* قاسم محمد علي ديلوفان: كاتب ومحلل كردي عراقي